القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 33
قد طَلعت في خيلعِ
قد طَلعت في خيلعِ / فَيا لحسن المطلعِ
قد طلعت من غير در / عٍ ساتر أَو مقنع
قد طلعت ككوكبٍ / بالغ في التلمُّع
القَلب ماذا قَد أَصا / بَ القَلب بين أَضلعي
تلك لعمري غادة / حمدت فيها وَلَعي
قَد صرعتني عينها / فَما ذممت مصرعي
جَمالها في بَصري / كصونها في مَسمَعي
أَبدعها بارئها / أَكبر به من مبدع
دعني بحسن وجهها / لِناظِري أَمتع
فإنَّ عَيني بَعدُ مِن / رؤيتها لَم تَشبَع
وَدَدت لَو أني أَرا / ها بعيون أَربَع
ما أَنا بعد ذلتي / بذلك السميذع
هَذا جزاء شاعِر / مَع الهَوى مندفع
شَكوت بعض ما أقا / سيه فَلَم تَستَمِع
وَقَد ذرفت أَدمعاً / فاِستهزأت بأَدمعي
يا لعيون هجعت / لأعين لم تَهجَع
من لأَديب ذي فؤا / د في الهَوى منخلع
ذهبت في حبي لِلَم / ياء وَلمّا أَرجع
ما كنت لَولا حبها / للبّ بالمضيّع
إن أَقبلت فَلا أَرى / أَو حدثت فَلا أَعي
ما الأرض بَين الكائنا
ما الأرض بَين الكائنا / تِ في الفَضاء الأوسعِ
إلا كمثل ذرة / حَقيرة في بلقع
قَليلة في جرمها / كَثيرة في السرع
كأَنَّها قنبلة / قَد خرجت من مدفع
تَدور حول أمها / ذكاء كالمتبع
عش رغداً عش رغدا
عش رغداً عش رغدا / غير مقاسٍ كمدا
عش فارِغاً من الهمو / م كلها مبتعدا
عش في سرور بالِغاً / بسرعة منه المدى
عش طالِباً للذة / فَذاكَ وحده الهدى
وَكن لَها مخترعاً / وَلا تكن مقلدا
عش لاهياً قَد راحَ في / أَهوائه كَما غَدا
وَلا تَكُن بعادة / ورثتها مقيدا
واعتقدنَّ ماتشا / ءُ النَفس أن تعتقدا
ولا تبال ما تُسَم / مى مؤمناً أَو ملحدا
وادخرنَّ في الحَيا / ة للرَزايا جلدا
وَلا تَكُن اذا دَهَت / داهيةٌ مرتعدا
وارحل الى أخرى إذا / أَنكَرت يوما بلدا
وَكُن عَلى نفسك دو / ن غيرها معتمدا
واجهد فَما فازَ سِوى / ذاكَ الَّذي قد جهدا
وَلا تَكُن كَمن على / أوهامه قد جمدا
وَلا تكدَّ النفس في / إصلاح ما قد فسدا
فإنما تذهب أَت / عابك كلها سدى
واِجتنب الناس فان / نَ أَكثر الناس عدى
وَلا تشاور في أُمو / ر لك منهم أحدا
فإنهم لا يَملكو / ن في الحَياة الرشدا
وإنهم ليحسدو / ن كل من قد سعدا
وإنهم لينكرو / ن الحق حَتّى إن بدا
واِغتنم اللذات ما / أعطتك دنياك يدا
فأنت لا تعيش في / دنياك هذي أَبَدا
وأَنتَ لا تَعلَم أَي / نَ سوف يأتيك الردى
بَل أَنتَ لا تَدري أَتر / دى بعد عام أَم غدا
لا ريب في الموت وَهَل / من أَحد قد خلدا
يا أَرض ماءك ابلَعي
يا أَرض ماءك ابلَعي / وَيا سماء أَقلعي
وَيا قوارع اهدَئي / وَيا زوابع اهجَعي
وَيا بروق امسكي / وَيا غيوم أقشَعي
قد بلغ السيل الزُبى / ولم يدع من موضع
بمثل هَذا السيل في / أعمارنا لم نسمع
كَم غمرت مياهه / من مربع فمربع
يهطل ماء من سحا / ب بالبخار مشبع
كأَنَّه بحر هوى / من المحل الأرفع
حيث الظَلام دامس / يفزع قلب الأروع
لَقَد مددت أَصبعي / فَلَم أُشاهد أصبعي
يا لَك مِن لَيل بَهي / مٍ للرجال مفزع
حتى إذا البرق بدا / عرفت منه موقعي
إذ سقطت صاعقة / في بَيت جاري الأشفع
فَكادَ من دويِّها / ينشق طبل مَسمعي
وظلّ لبى ذاهِلاً / كأنه لَيسَ مَعي
أَرى سيوفاً أَرهفت / من البروق اللُّمَّع
ابيضَّ منها اللَيل من / بعد سوادٍ أَسفع
كأنها أَنياب غو / ل للورى مبتلع
وظل يَرغو الرعد بع / د البرق فوق الأربُع
كَأَنَّما يَثور في ال / سماء ألف مدفع
أَرَدت أَن أكلم ال / بعض فَلَم أستطع
زوبعة شَديدة / تأَتي وَراء زوبع
تخال أن البيت طا / ئر بريح زعزع
وأنه منقلع / وَلَيسَ بالمنقلع
تلم في هبوبها / من الجهات الأَربَع
من هولها لَم يَبقَ في ال / حَياة لي من مطمع
يَكاد يخطف العيو / ن البرق بالتَلمُّع
الأرض من سخط السما / ءِ بالغت في الجزع
يا لنفوس غاب عن / ها الرشد فَهي لا تَعي
يا لقلوب خفقت / بالخوف بين الأضلع
وَللنساء معولا / تٍ من عَظيم الهلع
روض وَبستانُ
روض وَبستانُ / ورد وَريحانُ
بلابل تَشجو / منهنَّ أَلحانُ
تَمشي زرافات / حور وولدانُ
الكل مرتاح / الكل جذلانُ
الناس في رغد / إِلّا أَنا وَحدي
تَزداد آلامي / عاماً عَلى عامِ
أَهَكَذا أَشقى / في كُلِّ أَيامي
فأَينَ آمالي / وأَينَ أَحلامي
إِذا دَنا حَتفي / تَزول أَسقامي
فَلَيسَ لي شيء / سوى الردى يجدى
لِلقَوم أَحقادُ / عليّ تَزدادُ
كَم كال لي سباً / في الصحف أَضداد
كأَنَّ قومي عَن / نَهج الهدى حادوا
إني وإن جارَت / عليَّ بَغداد
أهدي لها حبي / هَذا الَّذي عندي
بِنايَتي اِنهارَت / تِجارَتي بارَت
سَعادتي وَلَّت / تَعاسَتي زارَت
جسارتي قلت / جلادتي خارَت
عصفورَتي أَودت / حَمامَتي طارَت
لَقَد أَتى نحسي / وَقَد مَضى سعدي
ما كنت في الماضي / أَشقى بأمراض
أَبلى بإخفاق / أَمنى بإنفاض
بل كنت في عهد / لِلعَيش فضفاض
أَفديه من عهد / عنه أَنا راضي
يا حبذا الذكرى / لذلك العهد
لَقَد أَضاعَت عنده
لَقَد أَضاعَت عنده / من الحياة حقَّها
فَهَل تزوجت به / أَم ملَّكته رقَّها
يسومها الخسف فإن / تذمرت طلَّقها
ذلك ما أَخشنه / وَتلك ما أَرقها
وإنها الروح الَّتي / بعسفه أزهقها
يجبرها أن تأَتي ال / كذب متى أَنطقها
إن صدقت كذبها / أَو كذبت صدقها
قد اِستَطاب فوق صد
قد اِستَطاب فوق صد / رها الهوى رقاده
متخذاً لنفسه / من ثديها وساده
بين الهيولى وحدةٌ
بين الهيولى وحدةٌ / على اِختلاف الصورِ
وإنها عناصر / تولَّدت من عنصرِ
ما الشعر إلا نغمُ
ما الشعر إلا نغمُ / يجيد فيه الملهمُ
يشدو به المحزون وال / مفتون والمتيمُ
لقد بكى سامعه / فدمعه منسجمُ
كما بكى قائله / إبَّان كان ينظمُ
لا يعرف المؤلم في ال / حياة إلا المؤلمُ
ابك فإن عبرة ال / باكين سلوى لهمُ
أليس ثغر الدمع في / وجه الحزين يبسمُ
ألفٌ يعيش بائساً / وواحدٌ مُنَعَّمُ
الشعر لا وزن ولا / قافيةٌ تلتزمُ
بل هو معنى ثائر / قد قيدته الكلمُ
تكاد من ثورته / قيوده تنجذمُ
والشعر موسيقى يهز / زُ النفس منها النغمُ
فتارة يبسطها / وتارة يلملمُ
وتارة يبني المنى / وتارة يهدّمُ
وهو لقوم عضهم / صرف الزمان مأتمُ
وهو لرهط أعرسوا / قيثارة ترنمُ
وهو لمن قد عوجت / أخلاقهم مقومُ
الأولون ابتدؤوا / والآخرون تمَّموا
وهو سماء قد علت / تضيء فيها الأنجمُ
وهو شعور لشعو / ر السامعيه يضرمُ
وهو بألوان الخيا / ل في الحياة مفعمُ
وهو إذا خطب عرا / بصدقه يُعتصمُ
إن ذكر الآداب فه / و وحدَهُ المقدَّمُ
والشاعر الفحل له / من نفسه معلمُ
همومه له ترو / ض والحياة تلهمُ
حتى إذا جاش الشعو / ر مثَّلته الكلمُ
يعجبني من الهزا / ر الشدو والترنمُ
وهو على غصن من ال / دوح وريقٍ يجثمُ
إني بشدوك الشجي / يِ يا هزار مغرمُ
فأنت عما في فؤا / دي من أسىً تترجمُ
الشعر في أوطانه / قد غيظ وهو يكظِمُ
هناك ثُلّةٌ تقو / ل فيه ما لا تعلمُ
والنقد بالأغراض في / أكثره متّهمُ
ورب ناقد يمج / جُ السم فهو أرقمُ
وما بمطفئ أوا / رَ حقده إلا الدمُ
لو حكم النقد بعد / لٍ فهو نعم الحكمُ
لكنه يجور في / أحكامهِ ويظلمُ
وإنما النقد النّزي / هُ نفعهُ مسلّمُ
ورب شعر حسن / له بقبحٍ وصموا
قد جحدوا جماله / كأنهم عنه عموا
والشعر قد يثور غض / بانَ وقد ينتقمُ
ويل لمن يصيبه / شواظه المضطرمُ
إذا رمى الشعر فلا / تطيش منه الأسهمُ
يومئذ يود كل / لُ ناقد لو يسلمُ
ويعقبُ العرسَ الذي / أفرح قوماً مأتمُ
إن الذي ينقده / بصخرة يصطدمُ
خيرٌ له أن يؤثر ال / فرارَ فهو أسلمُ
الشّعر لا يرهبُ نق / داً سيفُه مُنثلِمُ
لا ناره نار ولا / خميسه عرمرمُ
لا خير في نقد امرئ / حديثه مُرَجَّمُ
لا يستوي الباطل وال / حقّ لدى من يفهمُ
هذا نهار مشرق / وذاك ليل مظلمُ
الصدق يلقى حرمة / والكذب لا يحترمُ
قالوا لقد مات القري / ض بعد من تقدموا
قد كذبوا فالشعر حي / يٌ بالنشاط مفعمُ
عش أيها الشعر فإن / نك الزعيم الأعظمُ
تحت لوائك القلو / بُ اجتمعت تزدحمُ
فهي إذا مشيت تَم / شي أو جثمتَ تجثمُ
وأنت في الحياة لي / يا شعر دين قيمُ
جميلةٌ في صفحا
جميلةٌ في صفحا / ت الليل هذي الأنجمُ
كأنها في وجه من / يبصرها تبتسمُ
انظر إلى الكواكبِ
انظر إلى الكواكبِ / يسبحن في الغياهبِ
من ذاهب في شوطهِ / ولا حقٍ بالذاهبِ
إلى الطوالع الوضا / ء الزهرِ والغواربِ
إلى الجمال آخذاً / إلى الشعاع السائبِ
والليل ساجٍ قد خلا / من العصوف الصاخبِ
يعبرن عرض بحره / من جانبٍ لجانبِ
غرقى إلى الجيدِ إلى ال / ثدي إلى الترائبِ
أرسلن شعراً من أشع / عَة على المناكب
وقد حللن ما على ال / رؤوس من عصائب
ما إن رأت عين امرئٍ / أبهى من الكواكبِ
يلمعن مثل الماس أو / كومضةِ الحباحبِ
يمشين أسراباً كأت / راب من الكواعب
يذهبن من مشارق ال / أرض إلى المغارب
والليلُ ضاربٌ روا / قهُ على الجوانبِ
كل الجمال في النجو / م اللمَّعِ الثواقبِ
العاريات للخلا / عات من الجلاببِ
الغامزات بالعيو / نِ النجل والحواجب
ما إن لهن غيرُ نَي / لِ الحبِّ من مآربِ
يضحكن من شيبي ومن / آمالي الكواذبِ
أشدو بما لهن من / حسن ومن مناقبِ
كأنهن الحورُ يَط / للنَ من المراقبِ
أمن بناتِ الليل هُن / نَ أم من الربائبِ
أو من طيور الخلد ير / فُفن على المشارب
عصائبٌ يقعن أس / راباً على عصائبِ
والماءُ في المجرة ال / بيضاء غيرُ ناضب
وربما اختلفن في ال / أميالِ والمذاهب
خاطبتهن لو سمع / ن القول من مخاطب
يا لهفتي على ضيا / عِ للشهاب الثاقبِ
قد خرَّ من عين الدجى / ليلاً كدمعٍ ساكبِ
وخيَّم الليل ونا / م القطبُ في المضاربِ
ماذا الذي قد خلَّف ال / قطب عن الصواحبِ
ما أجهل الليلَ وقد / خيَّمَ بالعواقبِ
فليس يدري ما يلا / قيهِ من المصائبِ
لقد رماه الفجر في ال / صدر بسهمٍ صائبِ
وكان لما ناله / بالسهم غير كاذبِ
وكشَّر الليلُ عن ال / أنيابِ كالمغاضبِ
وجَرَّدَ الصبحُ علي / ه السيف كالمحاربِ
وظلَّ يفري جلده / فري حنيقٍ غاضبِ
جرَّ الغرورُ الليلَ مَخ / ذولاً إلى المعاطبِ
ملاقياً جزاءَهُ / من ثائرٍ معاقبِ
والليلُ لا يقوى على / ردِّ الصباح الواثبِ
يفرّ كالمغلوب من / وجه القويِّ الغالبِ
وهو جريحٌ دمُهُ / يجري على الجوانبِ
ما انتصر الليلُ بما / جمَّع من كتائبِ
بل إنه اختفى عن ال / عينِ كملح ذائبِ
إن عبسَ الليلُ فلي / س الذنب للكواكبِ
فهن يبتسمن حت / تى للعدوّ النّاصب
هو الذي جنى فكن / ن عُرضةَ النوائبِ
وظلتِ الشعرى تنا / جي الصبح كالمعاتبِ
بين الصباح مسفراً / والليل ذي الغياهب
ثأرٌ سيبقى فتقه / دهراً بغير رائبِ
غمّ النجوم ما تقا / سيه من المصائبِ
والصبح لما راعها / ما كان بالمداعب
كأنه بازٍ جرى / يسطو على أرانبِ
أو قسورٌ حمارسٌ / سطا على ثعالبِ
يريد أن يفترس ال / أنجم بالمخالبِ
إني لأقرأ الأسى / في الأوجه الشواحبِ
تؤذي العذارى في الحيا / ة قلةُ التجاربِ
تالله ما هذي الوجو / ه الغرُّ للنوائبِ
والعندليب هَبّ يش / دو بانتصار الغالب
والديكُ صاح يعلن ال / سرور للصواحب
كأنما قد فرحا / بنكبة الكواكب
يا كوكب الصبح لك ال / صبحُ من الأقارب
ما كان ينبغي له / صفعك كالمعاقبِ
لا تيأسنَّ وانتظر / ليل الغد المقارب
تكن كما قد كنت في ال / عين من الزغائب
يا أيها الصبح الجَمي / لُ يا ملاذَ الراعبِ
لقد قسوت حين أخ / نيت على الكواكب
رميت شملهنَّ بال / تشتيت والمصاعبِ
ما ضرَّ لو حميتهن / ن مثل أمٍّ حادبِ
كنَّ ينبنَ عنك في ال / ليلِ الطويل اللازب
وكنّ زينة السما / ء في عيون الراقبِ
ما أجملَ الشمس بدت / مرخيةَ الذوائبِ
قد طلعت في موكبٍ / من أفخم المواكبِ
تنثر من ضيائها / تبراً على الجوانبِ
على البحار والجبا / ل الشُّمِّ والسباسبِ
يا شمسُ أنت للورى / من أكبر المواهب
حبيبةٌ أنتِ إلى ال / شبان والأشايبِ
أكبر بما تهدين من / نورٍ ومن كهاربِ
جاء ولم يدر السبب
جاء ولم يدر السبب / وهو كما جاء ذهب
لعله أضطر فما / عليه في ذاك عتب
لا تعجبن من موته / بل من حياته العجب
جيء به إلى الوجود / وهو قط ما طلب
وقيدوه بالحلال / والحرام والأدب
ونازعوه ما قنا / وقاسموه ما كسب
وهبه الدهر قوى / ثم استرد ما وهب
حتى بدا الضعف به / وارتجفت منه الركب
وبات يشكو دهره / مما استرد وسلب
والدهر لا يسمعه / وإن بكى وإن نحب
يأسى ويطرب امرؤ / عاش إذا كان السبب
أما إذا مات الفتى / فلا أسى ولا طرب
إن الفتى مسير / إذا نأى أو اقترب
وأنه بعد الردى / ليس يحس بالوصب
وليس من جهنم / لميت قد انشعب
حتى يقول قائل / تبت يدا ابي لهب
هل أنت إلا واحد / من القرود في النسب
ألم تكن وانت في / طور الجنين ذا ذنب
مشابهاجنين حيو / ان لو إسطاع وثب
ألم يغط جسمك الشعر / وبعده الزغب
إني من إنكارك الأصل / بقيت في عجب
ما غالب الطبع امرؤ / إلا وطبعه غلب
انقلب الألى قد اغتروا / فساء المنقلب
قالوا هناك واجب / فاعلمه تعل في الرتب
أما أنا فلا أرى / شيئاً على قد وجب
غير اتباع سنة / أورثها أم وأب
لا يأمن الناس امرأ / خاتلهم أو قد كذب
ولا فتى قد قتل / النفس البراء أو غصب
ليس الحياة غير آلا / م وسعى وتعب
لا تدن من حياضها / فإنما الماء نضب
إذا الحياة أصبحت / مريرة حلا العطب
اعتقدن ما تشاء
اعتقدن ما تشاء / النفس أن تعتقدا
ولا تبال ما تسمى / مؤمناً أم ملحدا
ما قلت شيئاً بفمي
ما قلت شيئاً بفمي / إلا وعقلي ملهمي
أنا ابن عقلي وحده / تنبئ عني كلمي
به اهتديت في شب / ابي مثلما في هرمي
وربما كانت أمور / أنا عنهن عمى
أو قد رميت أسهما / فما أصابت أسهمي
ليس اليقين في حديث / البعث كالتوهم
ما صح في عقلى وقد / فكرت للتفهم
إني أحيا بعدما / تبلى بقبري أعظمى
وأن أقوم من تراب / ي نابتاً كالعنم
وأن أفوز بالوجود / راجعاً من عدمي
وأن يعود الجسم مني / جارياً فيه دمي
وأن أخف ماشياً / تحمل رأسي قدمي
وأن أرى النور بعيني / بعد طول الظلم
وأسمع القول بأذنى / بعد ذاك الصمم
وأن أساق صاغراً / بين يد المتقم
وأحضر الحساب عن / كبائري واللمم
وأن يكون موقفي / موقف عاص مجرم
شاهدة بحر أتى / يدي ورجلي وفمي
وأن أمر بالصرا / ط فوق كبش شيظم
أكاد لولا مسكي / القرنين منه أرتمي
يمشي حثيثاً فوقه / فيا إلهي سلم
وهو أدق من مثا / ل شعرة في اللحم
وهو أحد من غرا / ر صارم مخذم
قد نصبوه فوق وا / د موحش محتدم
يغلى كبركان هنا / ثائر مضطرم
يقذف من فوهته / قذائفاً من حمم
والناس تحتي فيه / بين كافر ومسلم
عاص فلم يصل في / حياته أو يصم
وأن أراني هاوياً / منه إلى جهنم
وأن أذم عندها / بعد الهوى مجثمي
وأن أصيح مستغيثاً / من مضيض الألم
وأن أكون نادماً / ولات حين مندم
حتى أعض إصبعي / وساعدي ومعصمي
قد قلت في وفاتها مؤرخاً
قد قلت في وفاتها مؤرخاً / عابدة سارت إلى معبودها
وغادة زارت بلا
وغادة زارت بلا / وعد ولا مُرتَقَبِ
ثم مضت ولم أكن / قضيت منها أرَبي
ليس البليد الجاهل
ليس البليد الجاهل / كمن له فضائلُ
ولا الذي يجبن في ال / حرب كمن يقاتل
إن تزِنوا محمدا / بالطود فهو فاضل
اليوم ربي أظهر ال / عدل وربي عادل
اليوم ربع المجد قد / أصبح وهو آهل
اليوم للبدر المني / رِ طابت المنازل
سار فأدرك الذي / يَخِيبُ عنه الآمل
ما كل من سار على / قصدِ الطريق واصل
من رتبة قد حازها / ليس لها معادل
قد حازها ولم يحز / ما حازه محاول
ولم يكن له سوى اس / تحقاقه وسائل
لا يدركنّه وإن / طاوله مطاول
فبينه وبين من / طاوله مراحل
شهم له عليه من / فعاله دلائل
ارتفعت عن العرا / قين به نوازل
نوازلٌ تَصفرُّ من / شدتها الأنامل
فُحُلَّ من مشكلها / بفضله مسائل
لولاه ما حلَّت من ال / مسائل المشاكل
أتى بما قد عجزت / عن مثله الأوائل
قد حسنت في العين من / جنابه الشمائل
إن حل في أرض فإنّ / الجور عنها زائل
فما بها مشاغب / ولا بها غوائل
كالحق فهو إن أتى / يزهق منه الباطل
العدل ثمّ آمن / والظلم ثَمَّ واجل
العدل والظلم به / مخيم وراحل
تخاف بأسه وتر / جو جوده القبائل
عن رتبة قد نالها / ساءلني مسائل
فقلت في جوابه / وقد يجيد القائل
إلى القلوب أرِّخن / أهوى فريق فاضل
إذا نظرت صورتي
إذا نظرت صورتي / تقرأ فيها سيرتي
حتى كأن سيرتي / مكتوبة في صورتي
يا روح هذه الدنى
يا روح هذه الدنى / شرارة منك أنا
قد استطارت تبتغي / لنفسها أن تعلنا
إن بصيصي كله / من بعض ذلك السنى
إنك أنت الكون ورا / لذي له قد كونا
وإنك العقل الذي / قد بث فيه السننا
يا لك من مهندس / بنى الدنى وما ونى
بنى بحكمة لهذ / بالغة فأتقنا
ما أنا إلا أنت محسو / سا فهل أنت أنا
منك انبثقت بعدما / فيك كمنت ازمنا
فكنت طوراً خافياً / وكنت طوراً بينا
وسوف ابقى بك من / بعد الردى مرتهنا
وليس موتي غير تغيير / ي فيك السكنا
وليس فيه انتقالتي / منك اليك من عنا
فلا انفصال عنك لي / هناك كنت ام هنا
ان المكان بعض ما / وسعته والزمنا
ان الحياة ومضة / منك ابت ان تكمنا
كل الذي فيك ارا / ه بعيوني حسنا
لا غرو امّا عبد الا / نسان فيك الوثنا
الكون قد بنيته / وانت خير من بنى
بك الوجود واجب / فليس يقبل الفنا
وليس كون ماله / من اول مكونا
هو الذي اراد ان / نسيء اوان نحسنا
وهو الذي صير منا / ملحداً ومؤمنا
اذا جنيت مكرهاً / فهل انا الذي جنى
ألم نكن لما قضى / به مثالا حسنا
اللَه لا يجزي على / اتيان ما شاء لنا
ليس الخلود في غيا / بة الجحيم هينا
مخافتي من ناره / تثير فيّ الشجنا
والشك في رحمته / يجرح قلبي مثخنا
الشعر ديوان العرب
الشعر ديوان العرب / والشعر عنوان الادب
هو الذي قامت به / في الشرق نهضة العرب
وهو الذي كان يخف / ذائداً عن الحسب
ويكشف الحق ان / الحق عن العين احتجب
ويشعل النار التي / في اول الحرب تشب
ويحفظ الاخلاق ان / تمسها يد العطب
يصور الاحساس منهم في / الرضى وفي الغضب
يروع من يسمعه / اذا اهاب او عتب
يذم من بماله / ضن ويطرى من وهب
اذا سمت قبيلة / فانما هو السبب
قد شب يغذوه الشعو / ر فاستوى منه القصب
ثم رنا ثم دنا / ثم جثا ثم وثب
الشعر زهر عطر / انبته أرض العرب
والزهر في اشواكه / كالعين حولها الهدب
ما انقلبوا انقلابهم / من قبل ان يرقى الادب
وهو الذي اذكى الشعو / ر بالظهور والغلب
وهو الى الوحي يمت / من قديم بالنسب
لقد روى وما افترى / ولا غلا ولا كذب
طوبى لمن ما رسه / ومن رواه او كتب
الشعر اما سله / حر فسيف ذو شطب
وانه لكاشف / الغمات فراج الكرب
جوابة الآفاق يطوي الارض / من غير تعب
اذا مشى يمشي العرضنى / او مضى يمضي الحبب
وسابق اذا عدا / ولا حق اذا طلب
وهو سرور للذي / فيه السرور قد نضب
ريحان من يرتشف الرضاب / من بنت العنب
وانه لرحمة / للناس ان امر حزب
ونقمة لمن عن الحق المبين / قد نكب
كم خاض في حرب وكم / غالب جمعا فغلب
كم مرة افضى الى / انقلاب شعب فانقلب
فياله من بطجل / لم ينتكص على العقب
السيف في يمينه / ما ان نبا لما ضرب
والشمس في جبينه / يرسل عقيان اللهب
وهو حديث في نهو / ضه قديم في النسب
كأنه لم يك بالمولود / من ام وأب
لا يعرف الانسان كم / مرت عليه من حقب
ان يكن النثر من الفضة / فالشعر ذهب
قال الذي قال فهل / قضى جميع ما وجب
كلا فان الشعر يرجى منه / فوق ما وهب
ولا يزال الشعر يأ / تي كل يوم بالعجب
يا ناقدي القريض بالباطل / ما هذا الصخب
ثوبوا إلى أنفسكم / فقد أسأتم للادب
لا يحسن النقد جهو / ل باساليب العرب
ما ان يضير بلبلا / شدا غراب قد نعب
لا يعرف الشعر سوى / من راضه حتى تعب
ليس الذي يرى من / البعد كراء من كثب
ما انت نبع منه يا / ناقده ولا غرب
يا حبذا النقد النزيه / من اساليب الكذب
نعوذ باللَه معاً / من غاسق اذا وقب
ما الحقد في النقد السفيه / غير نار في حطب
محرقة من شبها / كأنه لها حصب
قل ايها الشعر معي / تبت يدا ابي لهب
لم يغن عنه ماله / في هلكه وما كسب
يا ايها الشعر ودا / عا فرحيلي اقترب
ان فراقي لك يا / شعر فراق من احب
يا شعر انت خالد / اليك لا يرقى العطب
اما انا فذاهب / عنك كما غيري ذهب
الموت خير من حيا / ة كل ما فيها نصب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025