المجموع : 33
قد طَلعت في خيلعِ
قد طَلعت في خيلعِ / فَيا لحسن المطلعِ
قد طلعت من غير در / عٍ ساتر أَو مقنع
قد طلعت ككوكبٍ / بالغ في التلمُّع
القَلب ماذا قَد أَصا / بَ القَلب بين أَضلعي
تلك لعمري غادة / حمدت فيها وَلَعي
قَد صرعتني عينها / فَما ذممت مصرعي
جَمالها في بَصري / كصونها في مَسمَعي
أَبدعها بارئها / أَكبر به من مبدع
دعني بحسن وجهها / لِناظِري أَمتع
فإنَّ عَيني بَعدُ مِن / رؤيتها لَم تَشبَع
وَدَدت لَو أني أَرا / ها بعيون أَربَع
ما أَنا بعد ذلتي / بذلك السميذع
هَذا جزاء شاعِر / مَع الهَوى مندفع
شَكوت بعض ما أقا / سيه فَلَم تَستَمِع
وَقَد ذرفت أَدمعاً / فاِستهزأت بأَدمعي
يا لعيون هجعت / لأعين لم تَهجَع
من لأَديب ذي فؤا / د في الهَوى منخلع
ذهبت في حبي لِلَم / ياء وَلمّا أَرجع
ما كنت لَولا حبها / للبّ بالمضيّع
إن أَقبلت فَلا أَرى / أَو حدثت فَلا أَعي
ما الأرض بَين الكائنا
ما الأرض بَين الكائنا / تِ في الفَضاء الأوسعِ
إلا كمثل ذرة / حَقيرة في بلقع
قَليلة في جرمها / كَثيرة في السرع
كأَنَّها قنبلة / قَد خرجت من مدفع
تَدور حول أمها / ذكاء كالمتبع
عش رغداً عش رغدا
عش رغداً عش رغدا / غير مقاسٍ كمدا
عش فارِغاً من الهمو / م كلها مبتعدا
عش في سرور بالِغاً / بسرعة منه المدى
عش طالِباً للذة / فَذاكَ وحده الهدى
وَكن لَها مخترعاً / وَلا تكن مقلدا
عش لاهياً قَد راحَ في / أَهوائه كَما غَدا
وَلا تَكُن بعادة / ورثتها مقيدا
واعتقدنَّ ماتشا / ءُ النَفس أن تعتقدا
ولا تبال ما تُسَم / مى مؤمناً أَو ملحدا
وادخرنَّ في الحَيا / ة للرَزايا جلدا
وَلا تَكُن اذا دَهَت / داهيةٌ مرتعدا
وارحل الى أخرى إذا / أَنكَرت يوما بلدا
وَكُن عَلى نفسك دو / ن غيرها معتمدا
واجهد فَما فازَ سِوى / ذاكَ الَّذي قد جهدا
وَلا تَكُن كَمن على / أوهامه قد جمدا
وَلا تكدَّ النفس في / إصلاح ما قد فسدا
فإنما تذهب أَت / عابك كلها سدى
واِجتنب الناس فان / نَ أَكثر الناس عدى
وَلا تشاور في أُمو / ر لك منهم أحدا
فإنهم لا يَملكو / ن في الحَياة الرشدا
وإنهم ليحسدو / ن كل من قد سعدا
وإنهم لينكرو / ن الحق حَتّى إن بدا
واِغتنم اللذات ما / أعطتك دنياك يدا
فأنت لا تعيش في / دنياك هذي أَبَدا
وأَنتَ لا تَعلَم أَي / نَ سوف يأتيك الردى
بَل أَنتَ لا تَدري أَتر / دى بعد عام أَم غدا
لا ريب في الموت وَهَل / من أَحد قد خلدا
يا أَرض ماءك ابلَعي
يا أَرض ماءك ابلَعي / وَيا سماء أَقلعي
وَيا قوارع اهدَئي / وَيا زوابع اهجَعي
وَيا بروق امسكي / وَيا غيوم أقشَعي
قد بلغ السيل الزُبى / ولم يدع من موضع
بمثل هَذا السيل في / أعمارنا لم نسمع
كَم غمرت مياهه / من مربع فمربع
يهطل ماء من سحا / ب بالبخار مشبع
كأَنَّه بحر هوى / من المحل الأرفع
حيث الظَلام دامس / يفزع قلب الأروع
لَقَد مددت أَصبعي / فَلَم أُشاهد أصبعي
يا لَك مِن لَيل بَهي / مٍ للرجال مفزع
حتى إذا البرق بدا / عرفت منه موقعي
إذ سقطت صاعقة / في بَيت جاري الأشفع
فَكادَ من دويِّها / ينشق طبل مَسمعي
وظلّ لبى ذاهِلاً / كأنه لَيسَ مَعي
أَرى سيوفاً أَرهفت / من البروق اللُّمَّع
ابيضَّ منها اللَيل من / بعد سوادٍ أَسفع
كأنها أَنياب غو / ل للورى مبتلع
وظل يَرغو الرعد بع / د البرق فوق الأربُع
كَأَنَّما يَثور في ال / سماء ألف مدفع
أَرَدت أَن أكلم ال / بعض فَلَم أستطع
زوبعة شَديدة / تأَتي وَراء زوبع
تخال أن البيت طا / ئر بريح زعزع
وأنه منقلع / وَلَيسَ بالمنقلع
تلم في هبوبها / من الجهات الأَربَع
من هولها لَم يَبقَ في ال / حَياة لي من مطمع
يَكاد يخطف العيو / ن البرق بالتَلمُّع
الأرض من سخط السما / ءِ بالغت في الجزع
يا لنفوس غاب عن / ها الرشد فَهي لا تَعي
يا لقلوب خفقت / بالخوف بين الأضلع
وَللنساء معولا / تٍ من عَظيم الهلع
روض وَبستانُ
روض وَبستانُ / ورد وَريحانُ
بلابل تَشجو / منهنَّ أَلحانُ
تَمشي زرافات / حور وولدانُ
الكل مرتاح / الكل جذلانُ
الناس في رغد / إِلّا أَنا وَحدي
تَزداد آلامي / عاماً عَلى عامِ
أَهَكَذا أَشقى / في كُلِّ أَيامي
فأَينَ آمالي / وأَينَ أَحلامي
إِذا دَنا حَتفي / تَزول أَسقامي
فَلَيسَ لي شيء / سوى الردى يجدى
لِلقَوم أَحقادُ / عليّ تَزدادُ
كَم كال لي سباً / في الصحف أَضداد
كأَنَّ قومي عَن / نَهج الهدى حادوا
إني وإن جارَت / عليَّ بَغداد
أهدي لها حبي / هَذا الَّذي عندي
بِنايَتي اِنهارَت / تِجارَتي بارَت
سَعادتي وَلَّت / تَعاسَتي زارَت
جسارتي قلت / جلادتي خارَت
عصفورَتي أَودت / حَمامَتي طارَت
لَقَد أَتى نحسي / وَقَد مَضى سعدي
ما كنت في الماضي / أَشقى بأمراض
أَبلى بإخفاق / أَمنى بإنفاض
بل كنت في عهد / لِلعَيش فضفاض
أَفديه من عهد / عنه أَنا راضي
يا حبذا الذكرى / لذلك العهد
لَقَد أَضاعَت عنده
لَقَد أَضاعَت عنده / من الحياة حقَّها
فَهَل تزوجت به / أَم ملَّكته رقَّها
يسومها الخسف فإن / تذمرت طلَّقها
ذلك ما أَخشنه / وَتلك ما أَرقها
وإنها الروح الَّتي / بعسفه أزهقها
يجبرها أن تأَتي ال / كذب متى أَنطقها
إن صدقت كذبها / أَو كذبت صدقها
قد اِستَطاب فوق صد
قد اِستَطاب فوق صد / رها الهوى رقاده
متخذاً لنفسه / من ثديها وساده
بين الهيولى وحدةٌ
بين الهيولى وحدةٌ / على اِختلاف الصورِ
وإنها عناصر / تولَّدت من عنصرِ
ما الشعر إلا نغمُ
ما الشعر إلا نغمُ / يجيد فيه الملهمُ
يشدو به المحزون وال / مفتون والمتيمُ
لقد بكى سامعه / فدمعه منسجمُ
كما بكى قائله / إبَّان كان ينظمُ
لا يعرف المؤلم في ال / حياة إلا المؤلمُ
ابك فإن عبرة ال / باكين سلوى لهمُ
أليس ثغر الدمع في / وجه الحزين يبسمُ
ألفٌ يعيش بائساً / وواحدٌ مُنَعَّمُ
الشعر لا وزن ولا / قافيةٌ تلتزمُ
بل هو معنى ثائر / قد قيدته الكلمُ
تكاد من ثورته / قيوده تنجذمُ
والشعر موسيقى يهز / زُ النفس منها النغمُ
فتارة يبسطها / وتارة يلملمُ
وتارة يبني المنى / وتارة يهدّمُ
وهو لقوم عضهم / صرف الزمان مأتمُ
وهو لرهط أعرسوا / قيثارة ترنمُ
وهو لمن قد عوجت / أخلاقهم مقومُ
الأولون ابتدؤوا / والآخرون تمَّموا
وهو سماء قد علت / تضيء فيها الأنجمُ
وهو شعور لشعو / ر السامعيه يضرمُ
وهو بألوان الخيا / ل في الحياة مفعمُ
وهو إذا خطب عرا / بصدقه يُعتصمُ
إن ذكر الآداب فه / و وحدَهُ المقدَّمُ
والشاعر الفحل له / من نفسه معلمُ
همومه له ترو / ض والحياة تلهمُ
حتى إذا جاش الشعو / ر مثَّلته الكلمُ
يعجبني من الهزا / ر الشدو والترنمُ
وهو على غصن من ال / دوح وريقٍ يجثمُ
إني بشدوك الشجي / يِ يا هزار مغرمُ
فأنت عما في فؤا / دي من أسىً تترجمُ
الشعر في أوطانه / قد غيظ وهو يكظِمُ
هناك ثُلّةٌ تقو / ل فيه ما لا تعلمُ
والنقد بالأغراض في / أكثره متّهمُ
ورب ناقد يمج / جُ السم فهو أرقمُ
وما بمطفئ أوا / رَ حقده إلا الدمُ
لو حكم النقد بعد / لٍ فهو نعم الحكمُ
لكنه يجور في / أحكامهِ ويظلمُ
وإنما النقد النّزي / هُ نفعهُ مسلّمُ
ورب شعر حسن / له بقبحٍ وصموا
قد جحدوا جماله / كأنهم عنه عموا
والشعر قد يثور غض / بانَ وقد ينتقمُ
ويل لمن يصيبه / شواظه المضطرمُ
إذا رمى الشعر فلا / تطيش منه الأسهمُ
يومئذ يود كل / لُ ناقد لو يسلمُ
ويعقبُ العرسَ الذي / أفرح قوماً مأتمُ
إن الذي ينقده / بصخرة يصطدمُ
خيرٌ له أن يؤثر ال / فرارَ فهو أسلمُ
الشّعر لا يرهبُ نق / داً سيفُه مُنثلِمُ
لا ناره نار ولا / خميسه عرمرمُ
لا خير في نقد امرئ / حديثه مُرَجَّمُ
لا يستوي الباطل وال / حقّ لدى من يفهمُ
هذا نهار مشرق / وذاك ليل مظلمُ
الصدق يلقى حرمة / والكذب لا يحترمُ
قالوا لقد مات القري / ض بعد من تقدموا
قد كذبوا فالشعر حي / يٌ بالنشاط مفعمُ
عش أيها الشعر فإن / نك الزعيم الأعظمُ
تحت لوائك القلو / بُ اجتمعت تزدحمُ
فهي إذا مشيت تَم / شي أو جثمتَ تجثمُ
وأنت في الحياة لي / يا شعر دين قيمُ
جميلةٌ في صفحا
جميلةٌ في صفحا / ت الليل هذي الأنجمُ
كأنها في وجه من / يبصرها تبتسمُ
انظر إلى الكواكبِ
انظر إلى الكواكبِ / يسبحن في الغياهبِ
من ذاهب في شوطهِ / ولا حقٍ بالذاهبِ
إلى الطوالع الوضا / ء الزهرِ والغواربِ
إلى الجمال آخذاً / إلى الشعاع السائبِ
والليل ساجٍ قد خلا / من العصوف الصاخبِ
يعبرن عرض بحره / من جانبٍ لجانبِ
غرقى إلى الجيدِ إلى ال / ثدي إلى الترائبِ
أرسلن شعراً من أشع / عَة على المناكب
وقد حللن ما على ال / رؤوس من عصائب
ما إن رأت عين امرئٍ / أبهى من الكواكبِ
يلمعن مثل الماس أو / كومضةِ الحباحبِ
يمشين أسراباً كأت / راب من الكواعب
يذهبن من مشارق ال / أرض إلى المغارب
والليلُ ضاربٌ روا / قهُ على الجوانبِ
كل الجمال في النجو / م اللمَّعِ الثواقبِ
العاريات للخلا / عات من الجلاببِ
الغامزات بالعيو / نِ النجل والحواجب
ما إن لهن غيرُ نَي / لِ الحبِّ من مآربِ
يضحكن من شيبي ومن / آمالي الكواذبِ
أشدو بما لهن من / حسن ومن مناقبِ
كأنهن الحورُ يَط / للنَ من المراقبِ
أمن بناتِ الليل هُن / نَ أم من الربائبِ
أو من طيور الخلد ير / فُفن على المشارب
عصائبٌ يقعن أس / راباً على عصائبِ
والماءُ في المجرة ال / بيضاء غيرُ ناضب
وربما اختلفن في ال / أميالِ والمذاهب
خاطبتهن لو سمع / ن القول من مخاطب
يا لهفتي على ضيا / عِ للشهاب الثاقبِ
قد خرَّ من عين الدجى / ليلاً كدمعٍ ساكبِ
وخيَّم الليل ونا / م القطبُ في المضاربِ
ماذا الذي قد خلَّف ال / قطب عن الصواحبِ
ما أجهل الليلَ وقد / خيَّمَ بالعواقبِ
فليس يدري ما يلا / قيهِ من المصائبِ
لقد رماه الفجر في ال / صدر بسهمٍ صائبِ
وكان لما ناله / بالسهم غير كاذبِ
وكشَّر الليلُ عن ال / أنيابِ كالمغاضبِ
وجَرَّدَ الصبحُ علي / ه السيف كالمحاربِ
وظلَّ يفري جلده / فري حنيقٍ غاضبِ
جرَّ الغرورُ الليلَ مَخ / ذولاً إلى المعاطبِ
ملاقياً جزاءَهُ / من ثائرٍ معاقبِ
والليلُ لا يقوى على / ردِّ الصباح الواثبِ
يفرّ كالمغلوب من / وجه القويِّ الغالبِ
وهو جريحٌ دمُهُ / يجري على الجوانبِ
ما انتصر الليلُ بما / جمَّع من كتائبِ
بل إنه اختفى عن ال / عينِ كملح ذائبِ
إن عبسَ الليلُ فلي / س الذنب للكواكبِ
فهن يبتسمن حت / تى للعدوّ النّاصب
هو الذي جنى فكن / ن عُرضةَ النوائبِ
وظلتِ الشعرى تنا / جي الصبح كالمعاتبِ
بين الصباح مسفراً / والليل ذي الغياهب
ثأرٌ سيبقى فتقه / دهراً بغير رائبِ
غمّ النجوم ما تقا / سيه من المصائبِ
والصبح لما راعها / ما كان بالمداعب
كأنه بازٍ جرى / يسطو على أرانبِ
أو قسورٌ حمارسٌ / سطا على ثعالبِ
يريد أن يفترس ال / أنجم بالمخالبِ
إني لأقرأ الأسى / في الأوجه الشواحبِ
تؤذي العذارى في الحيا / ة قلةُ التجاربِ
تالله ما هذي الوجو / ه الغرُّ للنوائبِ
والعندليب هَبّ يش / دو بانتصار الغالب
والديكُ صاح يعلن ال / سرور للصواحب
كأنما قد فرحا / بنكبة الكواكب
يا كوكب الصبح لك ال / صبحُ من الأقارب
ما كان ينبغي له / صفعك كالمعاقبِ
لا تيأسنَّ وانتظر / ليل الغد المقارب
تكن كما قد كنت في ال / عين من الزغائب
يا أيها الصبح الجَمي / لُ يا ملاذَ الراعبِ
لقد قسوت حين أخ / نيت على الكواكب
رميت شملهنَّ بال / تشتيت والمصاعبِ
ما ضرَّ لو حميتهن / ن مثل أمٍّ حادبِ
كنَّ ينبنَ عنك في ال / ليلِ الطويل اللازب
وكنّ زينة السما / ء في عيون الراقبِ
ما أجملَ الشمس بدت / مرخيةَ الذوائبِ
قد طلعت في موكبٍ / من أفخم المواكبِ
تنثر من ضيائها / تبراً على الجوانبِ
على البحار والجبا / ل الشُّمِّ والسباسبِ
يا شمسُ أنت للورى / من أكبر المواهب
حبيبةٌ أنتِ إلى ال / شبان والأشايبِ
أكبر بما تهدين من / نورٍ ومن كهاربِ
جاء ولم يدر السبب
جاء ولم يدر السبب / وهو كما جاء ذهب
لعله أضطر فما / عليه في ذاك عتب
لا تعجبن من موته / بل من حياته العجب
جيء به إلى الوجود / وهو قط ما طلب
وقيدوه بالحلال / والحرام والأدب
ونازعوه ما قنا / وقاسموه ما كسب
وهبه الدهر قوى / ثم استرد ما وهب
حتى بدا الضعف به / وارتجفت منه الركب
وبات يشكو دهره / مما استرد وسلب
والدهر لا يسمعه / وإن بكى وإن نحب
يأسى ويطرب امرؤ / عاش إذا كان السبب
أما إذا مات الفتى / فلا أسى ولا طرب
إن الفتى مسير / إذا نأى أو اقترب
وأنه بعد الردى / ليس يحس بالوصب
وليس من جهنم / لميت قد انشعب
حتى يقول قائل / تبت يدا ابي لهب
هل أنت إلا واحد / من القرود في النسب
ألم تكن وانت في / طور الجنين ذا ذنب
مشابهاجنين حيو / ان لو إسطاع وثب
ألم يغط جسمك الشعر / وبعده الزغب
إني من إنكارك الأصل / بقيت في عجب
ما غالب الطبع امرؤ / إلا وطبعه غلب
انقلب الألى قد اغتروا / فساء المنقلب
قالوا هناك واجب / فاعلمه تعل في الرتب
أما أنا فلا أرى / شيئاً على قد وجب
غير اتباع سنة / أورثها أم وأب
لا يأمن الناس امرأ / خاتلهم أو قد كذب
ولا فتى قد قتل / النفس البراء أو غصب
ليس الحياة غير آلا / م وسعى وتعب
لا تدن من حياضها / فإنما الماء نضب
إذا الحياة أصبحت / مريرة حلا العطب
اعتقدن ما تشاء
اعتقدن ما تشاء / النفس أن تعتقدا
ولا تبال ما تسمى / مؤمناً أم ملحدا
ما قلت شيئاً بفمي
ما قلت شيئاً بفمي / إلا وعقلي ملهمي
أنا ابن عقلي وحده / تنبئ عني كلمي
به اهتديت في شب / ابي مثلما في هرمي
وربما كانت أمور / أنا عنهن عمى
أو قد رميت أسهما / فما أصابت أسهمي
ليس اليقين في حديث / البعث كالتوهم
ما صح في عقلى وقد / فكرت للتفهم
إني أحيا بعدما / تبلى بقبري أعظمى
وأن أقوم من تراب / ي نابتاً كالعنم
وأن أفوز بالوجود / راجعاً من عدمي
وأن يعود الجسم مني / جارياً فيه دمي
وأن أخف ماشياً / تحمل رأسي قدمي
وأن أرى النور بعيني / بعد طول الظلم
وأسمع القول بأذنى / بعد ذاك الصمم
وأن أساق صاغراً / بين يد المتقم
وأحضر الحساب عن / كبائري واللمم
وأن يكون موقفي / موقف عاص مجرم
شاهدة بحر أتى / يدي ورجلي وفمي
وأن أمر بالصرا / ط فوق كبش شيظم
أكاد لولا مسكي / القرنين منه أرتمي
يمشي حثيثاً فوقه / فيا إلهي سلم
وهو أدق من مثا / ل شعرة في اللحم
وهو أحد من غرا / ر صارم مخذم
قد نصبوه فوق وا / د موحش محتدم
يغلى كبركان هنا / ثائر مضطرم
يقذف من فوهته / قذائفاً من حمم
والناس تحتي فيه / بين كافر ومسلم
عاص فلم يصل في / حياته أو يصم
وأن أراني هاوياً / منه إلى جهنم
وأن أذم عندها / بعد الهوى مجثمي
وأن أصيح مستغيثاً / من مضيض الألم
وأن أكون نادماً / ولات حين مندم
حتى أعض إصبعي / وساعدي ومعصمي
قد قلت في وفاتها مؤرخاً
قد قلت في وفاتها مؤرخاً / عابدة سارت إلى معبودها
وغادة زارت بلا
وغادة زارت بلا / وعد ولا مُرتَقَبِ
ثم مضت ولم أكن / قضيت منها أرَبي
ليس البليد الجاهل
ليس البليد الجاهل / كمن له فضائلُ
ولا الذي يجبن في ال / حرب كمن يقاتل
إن تزِنوا محمدا / بالطود فهو فاضل
اليوم ربي أظهر ال / عدل وربي عادل
اليوم ربع المجد قد / أصبح وهو آهل
اليوم للبدر المني / رِ طابت المنازل
سار فأدرك الذي / يَخِيبُ عنه الآمل
ما كل من سار على / قصدِ الطريق واصل
من رتبة قد حازها / ليس لها معادل
قد حازها ولم يحز / ما حازه محاول
ولم يكن له سوى اس / تحقاقه وسائل
لا يدركنّه وإن / طاوله مطاول
فبينه وبين من / طاوله مراحل
شهم له عليه من / فعاله دلائل
ارتفعت عن العرا / قين به نوازل
نوازلٌ تَصفرُّ من / شدتها الأنامل
فُحُلَّ من مشكلها / بفضله مسائل
لولاه ما حلَّت من ال / مسائل المشاكل
أتى بما قد عجزت / عن مثله الأوائل
قد حسنت في العين من / جنابه الشمائل
إن حل في أرض فإنّ / الجور عنها زائل
فما بها مشاغب / ولا بها غوائل
كالحق فهو إن أتى / يزهق منه الباطل
العدل ثمّ آمن / والظلم ثَمَّ واجل
العدل والظلم به / مخيم وراحل
تخاف بأسه وتر / جو جوده القبائل
عن رتبة قد نالها / ساءلني مسائل
فقلت في جوابه / وقد يجيد القائل
إلى القلوب أرِّخن / أهوى فريق فاضل
إذا نظرت صورتي
إذا نظرت صورتي / تقرأ فيها سيرتي
حتى كأن سيرتي / مكتوبة في صورتي
يا روح هذه الدنى
يا روح هذه الدنى / شرارة منك أنا
قد استطارت تبتغي / لنفسها أن تعلنا
إن بصيصي كله / من بعض ذلك السنى
إنك أنت الكون ورا / لذي له قد كونا
وإنك العقل الذي / قد بث فيه السننا
يا لك من مهندس / بنى الدنى وما ونى
بنى بحكمة لهذ / بالغة فأتقنا
ما أنا إلا أنت محسو / سا فهل أنت أنا
منك انبثقت بعدما / فيك كمنت ازمنا
فكنت طوراً خافياً / وكنت طوراً بينا
وسوف ابقى بك من / بعد الردى مرتهنا
وليس موتي غير تغيير / ي فيك السكنا
وليس فيه انتقالتي / منك اليك من عنا
فلا انفصال عنك لي / هناك كنت ام هنا
ان المكان بعض ما / وسعته والزمنا
ان الحياة ومضة / منك ابت ان تكمنا
كل الذي فيك ارا / ه بعيوني حسنا
لا غرو امّا عبد الا / نسان فيك الوثنا
الكون قد بنيته / وانت خير من بنى
بك الوجود واجب / فليس يقبل الفنا
وليس كون ماله / من اول مكونا
هو الذي اراد ان / نسيء اوان نحسنا
وهو الذي صير منا / ملحداً ومؤمنا
اذا جنيت مكرهاً / فهل انا الذي جنى
ألم نكن لما قضى / به مثالا حسنا
اللَه لا يجزي على / اتيان ما شاء لنا
ليس الخلود في غيا / بة الجحيم هينا
مخافتي من ناره / تثير فيّ الشجنا
والشك في رحمته / يجرح قلبي مثخنا
الشعر ديوان العرب
الشعر ديوان العرب / والشعر عنوان الادب
هو الذي قامت به / في الشرق نهضة العرب
وهو الذي كان يخف / ذائداً عن الحسب
ويكشف الحق ان / الحق عن العين احتجب
ويشعل النار التي / في اول الحرب تشب
ويحفظ الاخلاق ان / تمسها يد العطب
يصور الاحساس منهم في / الرضى وفي الغضب
يروع من يسمعه / اذا اهاب او عتب
يذم من بماله / ضن ويطرى من وهب
اذا سمت قبيلة / فانما هو السبب
قد شب يغذوه الشعو / ر فاستوى منه القصب
ثم رنا ثم دنا / ثم جثا ثم وثب
الشعر زهر عطر / انبته أرض العرب
والزهر في اشواكه / كالعين حولها الهدب
ما انقلبوا انقلابهم / من قبل ان يرقى الادب
وهو الذي اذكى الشعو / ر بالظهور والغلب
وهو الى الوحي يمت / من قديم بالنسب
لقد روى وما افترى / ولا غلا ولا كذب
طوبى لمن ما رسه / ومن رواه او كتب
الشعر اما سله / حر فسيف ذو شطب
وانه لكاشف / الغمات فراج الكرب
جوابة الآفاق يطوي الارض / من غير تعب
اذا مشى يمشي العرضنى / او مضى يمضي الحبب
وسابق اذا عدا / ولا حق اذا طلب
وهو سرور للذي / فيه السرور قد نضب
ريحان من يرتشف الرضاب / من بنت العنب
وانه لرحمة / للناس ان امر حزب
ونقمة لمن عن الحق المبين / قد نكب
كم خاض في حرب وكم / غالب جمعا فغلب
كم مرة افضى الى / انقلاب شعب فانقلب
فياله من بطجل / لم ينتكص على العقب
السيف في يمينه / ما ان نبا لما ضرب
والشمس في جبينه / يرسل عقيان اللهب
وهو حديث في نهو / ضه قديم في النسب
كأنه لم يك بالمولود / من ام وأب
لا يعرف الانسان كم / مرت عليه من حقب
ان يكن النثر من الفضة / فالشعر ذهب
قال الذي قال فهل / قضى جميع ما وجب
كلا فان الشعر يرجى منه / فوق ما وهب
ولا يزال الشعر يأ / تي كل يوم بالعجب
يا ناقدي القريض بالباطل / ما هذا الصخب
ثوبوا إلى أنفسكم / فقد أسأتم للادب
لا يحسن النقد جهو / ل باساليب العرب
ما ان يضير بلبلا / شدا غراب قد نعب
لا يعرف الشعر سوى / من راضه حتى تعب
ليس الذي يرى من / البعد كراء من كثب
ما انت نبع منه يا / ناقده ولا غرب
يا حبذا النقد النزيه / من اساليب الكذب
نعوذ باللَه معاً / من غاسق اذا وقب
ما الحقد في النقد السفيه / غير نار في حطب
محرقة من شبها / كأنه لها حصب
قل ايها الشعر معي / تبت يدا ابي لهب
لم يغن عنه ماله / في هلكه وما كسب
يا ايها الشعر ودا / عا فرحيلي اقترب
ان فراقي لك يا / شعر فراق من احب
يا شعر انت خالد / اليك لا يرقى العطب
اما انا فذاهب / عنك كما غيري ذهب
الموت خير من حيا / ة كل ما فيها نصب