المجموع : 96
مَملَكَةٌ مُدَبَّرَه
مَملَكَةٌ مُدَبَّرَه / بِاِمرَأَةٍ مُؤَمَّرَه
تَحمِلُ في العُمّالِ وَالص / صُنّاعِ عِبءَ السَيطَرَه
فَاِعجَب لِعُمّالٍ يُوَل / لونَ عَلَيهِم قَيصَرَه
تَحكُمُهُم راهِبَةً / ذَكّارَةٌ مُغَبِّرَه
عاقِدَةٌ زُنّارَها / عَن ساقِها مُشَمِّرَه
تَلَثَّمَت بِالأُرجُوا / نِ وَاِرتَدَتهُ مِئزَرَه
وَاِرتَفَعَت كَأَنَّها / شَرارَةٌ مُطَيَّرَه
وَوَقَعَت لَم تَختَلِج / كَأَنَّها مُسَمَّرَه
مَخلوقَةٌ ضَعيفَةٌ / مِن خُلُقٍ مُصَوَّرَه
يا ما أَقَلَّ مُلكَها / وَما أَجَلَّ خَطَرَه
قِف سائِلِ النَحلَ بِهِ / بِأَيِّ عَقلٍ دَبَّرَه
يُجِبكَ بِالأَخلاقِ وَه / يَ كَالعُقولِ جَوهَرَه
تُغني قُوى الأَخلاقِ ما / تُغني القُوى المُفَكِّرَه
وَيَرفَعُ اللَهُ بِها / مَن شاءَ حَتّى الحَشَرَه
أَلَيسَ في مَملَكَةِ الن / نَحلِ لِقَومٍ تَبصِرَه
مُلكٌ بَناهُ أَهلُهُ / بِهِمَّةٍ وَمَجدَرَه
لَوِ اِلتَمَستَ فيهِ بَط / طالَ اليَدَينِ لَم تَرَه
تُقتَلُ أَو تُنفى الكُسا / لى فيهِ غَيرَ مُنذَرَه
تَحكُمُ فيهِ قَيصَرَه / في قَومِها مُوَقَّرَه
مِنَ الرِجالِ وَقُيو / دِ حُكمِهِم مُحَرَّرَه
لا تورِثُ القَومَ وَلَو / كانوا البَنينَ البَرَرَه
المُلكُ لِلإِناثِ في الد / دُستورِ لا لِلذُكَرَه
نَيِّرَةٌ تَنزِلُ عَن / هالَتِها لِنَيِّرَه
فَهَل تُرى تَخشى الطَما / عَ في الرِجالِ وَالشَرَه
فَطالَما تَلاعَبوا / بِالهَمَجِ المُصَيَّرَه
وَعَبَروا غَفلَتَها / إِلى الظُهورِ قَنطَرَه
وَفي الرِجالِ كَرَمُ الض / ضَعفِ وَلُؤمُ المَقدِرَه
وَفِتنَةُ الرَأيِ وَما / وَراءَها مِن أَثَرَه
أُنثى وَلَكِن في جَنا / حَيها لَباةٌ مُخدِرَه
ذائِدَةٌ عَن حَوضِها / طارِدَةٌ مَن كَدَّرَه
تَقَلَّدَت إِبرَتَها / وَاِدَّرَعَت بِالحَبَرَه
كَأَنَّها تُركِيَّةٌ / قَد رابَطَت بِأَنقَرَه
كَأَنَّها جاندَركُ في / كَتيبَةٍ مُعَسكِرَه
تَلقى المُغيرَ بِالجُنو / دِ الخُشُنِ المُنَمِّرَه
السابِغينَ شِكَّةً / البالِغينَ جَسَرَه
قَد نَثَرَتهُم جُعبَةٌ / وَنَفَضَتهُم مِئبَرَه
مَن يَبنِ مُلكاً أَو يَذُد / فَبِالقَنا المُجَرَّرَه
إِنَّ الأُمورَ هِمَّةٌ / لَيسَ الأُمورُ ثَرثَرَه
ما المُلكُ إِلّا في ذُرى ال / أَلوِيَةِ المُنَشَّرَه
عَرينُهُ مُذ كانَ لا / يَحميهِ إِلّا قَسوَرَه
رَبُّ النُيوبِ الزُرقِ وَال / مَخالِبِ المُذَكَّرَه
مالِكَةٌ عامِلَةٌ / مُصلِحَةٌ مُعَمِّرَه
المالُ في أَتباعِها / لا تَستَبينُ أَثَرَه
لا يَعرِفونَ بَينَهُم / أَصلاً لَهُ مِن ثَمَرَه
لَو عَرَفوهُ عَرَفوا / مِنَ البَلاءِ أَكثَرَه
وَاِتَّخَذوا نَقابَةً / لِأَمرِهِم مُسَيَّرَه
سُبحانَ مَن نَزَّهَ عَن / هُ مُلكُهُم وَطَهَّرَه
وَساسَهُ بِحُرَّةٍ / عامِلَةٍ مُسَخَّرَه
صاعِدَةٍ في مَعمَلٍ / مِن مَعمَلٍ مُنحَدِرَه
وارِدَةٍ دَسكَرَةً / صادِرَةٍ عَن دَسكَرَه
باكِرَةٍ تَستَنهِضُ ال / عَصائِبَ المُبَكِّرَه
السامِعينَ الطائِعي / نَ المُحسِنينَ المَهَرَه
مِن كُلِّ مَن خَطَّ البِنا / ءَ أَو أَقامَ أَسطُرَه
أَو شَدَّ أَصلَ عَقدِهِ / أَو سَدَّهُ أَو قَوَّرَه
أَو طافَ بِالماءِ عَلى / جُدرانِهِ المُجَدَّرَه
وَتَذهَبُ النَحلُ خِفا / فاً وَتَجيءُ مُوقَرَه
جَوالِبَ الشَمعِ مِنَ ال / خَمائِلِ المُنَوَّرَه
حَوالِبُ الماذِيِّ مِن / زَهرِ الرِياضِ الشَيِّرَه
مَشدودَةٌ جُيوبُها / عَلى الجَنى مُزَرَّرَه
وَكُلُّ خُرطومٍ أَدا / ةُ العَسَلِ المُقَطِّرَه
وَكُلُّ أَنفٍ قانِئٍ / فيهِ مِنَ الشُهدِ بُرَه
حَتّى إِذا جاءَت بِهِ / جاسَت خِلالَ الأَدوِرَه
وَغَيَّبَتهُ كَالسُلا / فِ في الدِنانِ المُحضَرَه
فَهَل رَأَيتَ النَحلَ عَن / أَمانَةٍ مُقَصِّرَه
ما اِقتَرَضَت مِن بَقلَةٍ / أَوِ اِستَعارَت زَهَرَه
أَدَّت إِلى الناسِ بِهِ / سُكَّرَةً بِسُكَّرَه
يا مَلَكاً تَعَبَّدا
يا مَلَكاً تَعَبَّدا / مُصَلِّياً مُوَحِّدا
مُبارَكاً في يَومِهِ / وَالأَمسِ مَيموناً غَدا
مُسَخَّراً لِأُمَّةٍ / مِن حَقِّها أَن تَسعَدا
قَد جَعَلَتهُ تاجَها / وَعِزَّها وَالسُؤدُدا
وَأَعرَضَت حَيثُ مَشى / وَأَطرَقَت حَيثَ بَدا
تُجِلُّهُ في حُسنِهِ / كَما تُجِلُّ الفَرقَدا
أَنتَ شُعاعٌ مِن عَلٍ / أَنزَلَهُ اللَهُ هُدى
كَم قَد أَضاءَ مَنزِلاً / وَكَم أَنارَ مَسجِدا
وَكَم كَسا الأَسواقَ مِن / حُسنٍ وَزانَ البَلَدا
لَولا التُقى لَقُلتُ لَم / يَخلُق سِواكَ الوَلَدا
إِن شِئتَ كانَ العَيرَ أَو / إِن شِئتَ كانَ الأَسَدا
وَإِن تُرِد غَيّاً غَوى / أَو تَبغِ رُشداً رَشَدا
وَالبَيتُ أَنتَ الصَوتُ في / هِ وَهوَ لِلصَوتِ صَدى
كَالبَبَّغا في قَفَصٍ / قيلَ لَهُ فَقَلَّدا
وَكَالقَضيبِ اللَدنِ قَد / طاوَعَ في الشَكلِ اليَدا
يَأخُذُ ما عَوَّدتَهُ / وَالمَرءُ ما تَعَوَّدا
مِمّا اِنفَرَدتَ في الوَرى / بِفَضلِهِ وَاِنفَرَدا
وَكُلُّ لَيثٍ قَد رَمى / بِهِ الإِمامُ في العِدا
أَنتَ الَّذي جَنَّدتَهُ / وَسُقتَهُ إِلى الرَدى
وَقُلتَ كُن لِلَّهِ وَالس / سُلطانِ وَالتُركِ فِدى
إِلى حُسَينٍ حاكِمِ القَنالِ
إِلى حُسَينٍ حاكِمِ القَنالِ / مِثالِ حُسنِ الخُلقِ في الرِجالِ
أُهدي سَلاماً طَيِّباً كَخُلقِهِ / مَع اِحتِرامٍ هُوَ بَعضُ حَقِّهِ
وَأَحفَظُ العَهدَ لَهُ عَلى النَوى / وَالصِدقَ في الوُدِّ لَهُ وَفي الهَوى
وَبَعدُ فَالمَعروفُ بَينَ الصَحبِ / أَنَّ التَهادي مِن دَواعي الحُبِّ
وَعِندَكَ الزَهرُ وَعِندي الشِعرُ / كِلاهُما فيما يُقالُ نَدرُ
وَقَد سَمِعتُ عَنكَ مِن ثِقاتِ / أَنَّكَ أَنتَ مَلِكُ النَباتِ
زَهرُكَ لَيسَ لِلزُهورِ رَونَقُهُ / تَكادُ مِن فَرطِ اِعتِناءٍ تَخلُقُهُ
ما نَظَرَت مِثلَكَ عَينُ النَرجِسِ / بَعدَ مُلوكِ الظُرفِ في الأَندَلُسِ
وَلي مِنَ الحَدائِقِ الغَنّاءِ / رَوضٌ عَلى المَطَرِيَّةِ الفَيحاءِ
أَتَيتُ أَستَهدي لَها وَأَسأَلُ / وَأَرتَضي النَزرُ وَلا أُثَقِّلُ
عَشرَ شُجَيراتٍ مِنَ الغَوالي / تَندُرُ إِلّا في رِياضِ الوالي
تَزكو وَتَزهو في الشِتا وَالصَيفِ / وَتَجمَعُ الأَلوانَ مِثلَ الطَيفِ
تُرسِلُها مُؤَمِّناً عَلَيها / إِن هَلَكَت لِيَ الحَقُّ في مِثلَيها
وَالحَقُّ في الخُرطومِ أَيضاً حَقّي / وَالدَرسُ لِلخادِمِ كَيفَ يَسقي
وَبَعدَ هَذا لي عَلَيكَ زَورَه / لِكَي تَدورَ حَولَ رَوضِيَ دَورَه
فَإِن فَعَلتَ فَالقَوافي تَفعَلُ / ما هُوَ مِن فِعلِ الزُهورِ أَجمَلُ
فَما رَأَيتُ في حَياتي أَزيَنا / لِلمَرءِ بَينَ الناسِ مِن حُسنِ الثَنا
قُم سابِقِ الساعَةَ وَاِسبِق وَعدَها
قُم سابِقِ الساعَةَ وَاِسبِق وَعدَها / الأَرضُ ضاقَت عَنكَ فَاِصدَع غِمدَها
وَاِملَأ رِماحاً غَورَها وَنَجدَها / وَاِفتَح أُصولَ النيلِ وَاِستَرِدَّها
شَلّالَها وَعَذبَها وَعِدَّها / وَاِصرِف إِلَينا جَزرَها وَمَدَّها
تِلكَ الوُجوهُ لا شَكَونا فَقدَها / بَيَّضَتِ القُربى لَنا مُسوَدَّها
سُلِلَت مِن وادي المُلوكِ فَاِزدَهى / وَأَلقَتِ الشَمسُ عَلَيهِ رَأدَها
وَاِستَرجَعَت دَولَتُهُ إِفرِندَها / أَبيَضَ رَيّانَ المُتونِ وَردَها
أَبلى ظُبى الدَهرِ وَفَلَّ حَدَّها / وَأَخلَقَ العُصورَ وَاِستَجَدَّها
سافَرَ أَربَعينَ قَرناً عَدَّها / حَتّى أَتى الدارَ فَأَلفى عِندَها
إِنجِلتِرا وَجَيشَها وَلوردَها / مَسلولَةَ الهِندِيِّ تَحمي هِندَها
قامَت عَلى السودانِ تَبني سَدَّها / وَرَكَزَت دونَ القَناةِ بَندَها
فَقالَ وَالحَسرَةُ ما أَشَدَّها / لَيتَ جِدارَ القَبرِ ما تَدَهدَها
وَلَيتَ عَيني لَم تُفارِق رَقدَها / قُم نَبِّني يا بَنتَؤورُ ما دَها
مِصرُ فَتاتي لَم تُوَقِّر جَدَّها / دَقَّت وَراءَ مَضجَعي جازَبَندَها
وَخَلَطَت ظِباءَها وَأُسدَها / وَسَكَبَ الساقي الطِلا وَبَدَّها
قَد سَحَبَت عَلى جَلالي بُردَها / لَيتَ جَلالَ المَوتِ كانَ صَدَّها
فَقُلتُ يا ماجِدَها وَجَعدَها / لَو لَم تَكُ اِبنَ الشَمسِ كُنتَ رِئدَها
لَحدُكَ وَدَّتهُ النُجومُ لَحدَها / أَرَيتَنا الدُنيا بِهِ وَجِدَّها
سُلطانَها وَعِزَّها وَرَغدَها / وَكَيفَ يُعطى المُتَّقونَ خُلدَها
آثارُكُم يُخطي الحِسابُ عَدَّها / اِنهَدَمَ الدَهرُ وَلَم يَهُدَّها
أَبوابُكَ اللاتي قَصَدنا قَصدَها / كارتِرُ في وَجهِ الوُفودِ رَدَّها
لَولا جُهودٌ لا نُريدُ جَحدَها / وَحُرمَةٌ مِن قُربِكَ اِستَمَدَّها
قُلتُ لَكَ اِضرِب يَدَهُ وَقُدَّها / وَاِبعَث لَهُ مِنَ البَعوضِ نُكدَها
مِصرُ الفَتاةُ بَلَغَت أَشُدَّها / وَأَثبَتَ الدَمُ الزَكِيُّ رُشدَها
وَلَعِبَت عَلى الحِبالِ وَحدَها / وَجَرَّبَت إِرخائَها وَشَدَّها
فَأَرسَلَت دُهاتَها وَلُدَّها / في الغَربِ سَدّوا عِندَهُ مَسَدَّها
وَبَعَثَت لِلبَرلَمانِ جُندَها / وَحَشَدَت لِلمِهرَجانِ حَشدَها
حَدَت إِلَيهِ شيبَها وَمُردَها / وَأَبرَزَت كِعابَها وَخَودَها
وَنَثَرَت فَوقَ الطَريقِ وَردَها / وَاِستَقبَلَت فُؤادَها وَوَفدَها
مَوئِلَها وَكَهفَها وَرِدَّها / وَاِبنَ الَّذينَ قَوَّموا مَقَدَّها
وَأَلَّفوا بَعدَ اِنفِراطٍ عِقدَها / وَجَعَلوا صَحراءَ ليبيا حَدَّها
وَبَسَطوا عَلى الحِجازِ أَيدَها / وَصَيَّروا العاتِيَ فيهِ عَبدَها
حَتّى أَتى الدارَ الَّتي أَعَدَّها / لِمِصرَ تَبني في ذَراها مَجدَها
فَثَبَّتَ الشورى وَشَدَّ عَقدَها / وَقَلَّدَ الجيلَ السَعيدَ عَهدَها
سُلطَتُهُ إِلى بَنينا رَدَّها /
يا رَبِّ قَوِّ يَدَها وَشُدَّها / وَاِفتَح لَها السُبلُ وَلا تَسُدَّها
وَقِس لِكُلِّ خُطوَةٍ ما بَعدَها / وَعَن صَغيراتِ الأُمورِ حُدَّها
وَاِصرِف إِلى جِدِّ الشُؤونِ جَدَّها / وَلا تُضِع عَلى الضَحايا جُهدَها
وَاِكبَح هَوى الأَنفُسِ وَاِكسِر حِقدَها / وَاِجمَع عَلى الأُمِّ الرَؤومِ وِلدَها
وَاِملَأ بِأَلبانِ النُبوغِ نَهدَها / وَلا تَدَعها تُحيِ مُستَبِدَها
وَتَنتَحِت بِراحَتَيها فَردَها /
حَلَفتُ بِالمُسَتَّرَه
حَلَفتُ بِالمُسَتَّرَه / وَالرَوضَةِ المُعَطَّرَه
وَمَجلِسِ الزَهراءِ في ال / حَظائِرِ المُنَوَّرَه
مَراقِدِ السُلالَةِ ال / طَيِّبَةِ المُطَهَّرَه
ما أَنزَلوا إِلى الثَرى / بِالأَمسِ إِلّا نَيِّرَه
سيروا بِها نَقِيَّةً / تَقِيَّةً مُبَرَّرَه
نُجِلُّ سِترَ نَعشِها / كَالكُسوَةِ المُسَيَّرَه
وَنَنشُقُ الجَنَّةَ مِن / أَعوادِهِ المُنَضَّرَه
في مَوكِبٍ تَمَثَّلَ ال / حَقُّ فَكانَ مَظهَرَه
دَعِ الجُنودَ وَالبُنو / دَ وَالوُفودَ المُحضَرَه
وَكُلَّ دَمعٍ كَذِبٍ / وَلَوعَةٍ مُزَوَّرَه
لا يَنفَعُ المَيتَ سِوى / صالِحَةٍ مُدَّخَرَه
قَد تُرفَعُ السوقَةُ عِن / دَ اللَهِ فَوقَ القَيصَرَه
يا جَزَعَ العِلمِ عَلى / سُكَينَةِ المُوَقَّرَه
أَمسى بِرَبعٍ موحِشٍ / مِنها وَدارٍ مُقفِرَه
مَن ذا يُؤَسّي هَذِهِ ال / جامِعَةَ المُستَعبَرَه
لَو عِشتِ شِدتِ مِثلَها / لِلمَرأَةِ المُحَرَّرَه
بَنَيتِ رُكنَيها كَما / يَبني أَبوكِ المَأثُرَه
قَرَنتِ كُلَّ حِجرِ / في أُسِّها بِجَوهَرَه
مَفخَرَةٌ لِبَيتِكُم / كَم قَبلَها مِن مَفخَرَه
يا بِنتَ إِسماعيلِ في ال / مَيتِ لِحَيٍّ تَبصِرَه
أَكانَ عِندَ بَيتِكُم / لِهَذِهِ الدُنيا تِرَه
هَلّا وَصَفتِها لَنا / مُقبِلَةً وَمُدبِرَه
وَلَونَها صافِيَةً / وَطَعمَها مُكَدَّرَه
كَالحِلمِ أَو كَالوَهمِ أَو / كَالظِلِّ أَو كَالزَهَرَه
فاطِمُ مَن يولَدُ يَمُت / المَهدُ جِسرُ المَقبَرَه
وَكُلُّ نَفسٍ في غَدٍ / مَيِّتَةٌ فَمُنشَرَه
وَإِنَّهُ مَن يَعمَلِ ال / خَيرَ أَوِ الشَرَّ يَرَه
وَإِنَّما يُنَبَّهُ ال / غافِلُ عِندَ الغَرغَرَه
يَلفِظُها حَنظَلَةً / كانَت بِفيهِ سُكَّرَه
وَلَن تَزالَ مِن يَدٍ / إِلى يَدٍ هَذي الكُرَه
أَينَ أَبوكِ مالُهُ / وَجاهُهُ وَالمَقدِرَه
وادي النَدى وَغَيثُهُ / وَعَينُهُ المُفَجَّرَه
أَينَ الأُمورُ وَالقُصو / رُ وَالبُدورُ المُخدَرَه
أَينَ اللَيالي البيضُ وَال / أَصائِلُ المُزَعفَرَه
وَأَينَ في رُكنِ البِلا / دِ يَدَهُ المُعَمِّرَه
وَأَينَ تِلكَ الهِمَّةُ ال / ماضِيَةُ المُشَمِّرَه
تَبغي لِمِصرَ الشَرقُ أَو / أَكثَرَهُ مُستَعمَرَه
جَرى الزَمانُ دونَها / فَرَدَّهُ وَأَعثَرَه
فَإِن هَمَمتَ فَاِذكُرِ ال / مَقادِرَ المُقَدَّرَه
مَن لا يُصِب فَالناسُ لا / يَلتَمِسونَ المَعذِرَه
سَما يُناغي الشُهُبا
سَما يُناغي الشُهُبا / هَل مَسَّها فَاِلتَهَبا
كَالدَيدَبانِ أَلزَمو / هُ في البِحارِ مَرقَبا
شَيَّعَ مِنهُ مَركَباً / وَقامَ يَلقى مَركَبا
بَشَّرَ بِالدارِ وَبِال / أَهلِ السُراةَ الغُيَّبا
وَخَطَّ بِالنورِ عَلى / لَوحِ الظَلامِ مَرحَبا
كَالبارِقِ المُلِحِّ لَم / يُوَلَّ إِلّا عَقَّبا
يا رُبَّ لَيلٍ لَم تَذُق / فيهِ الرُقادَ طَرَبا
بِتنا نُراعيهِ كَما / يَرعى السُراةُ الكَوكَبا
سَعادَةٌ يَعرِفُها / في الناسِ مَن كانَ أَبا
مَشى عَلى الماءِ وَجا / بَ كَالمَسيحِ العَبَبا
وَقامَ في مَوضِعِهِ / مُستَشرِفاً مُنَقِّبا
يَرمي إِلى الظَلامِ طَر / فاً حائِراً مُذَبذَبا
كَمُبصِرٍ أَدارَ عَي / ناً في الدُجى وَقَلَّبا
كَبَصَرِ الأَعشى أَصا / بَ في الظَلامِ وَنَبا
وَكالسِراجِ في يَدِ الري / حِ أَضاءَ وَخَبا
كَلَمحَةٍ مِن خاطِرٍ / ما جاءَ حَتّى ذَهَبا
مُجتَنِبُ العالَمِ في / عُزلَتِهِ مُجتَنَبا
إِلّا شِراعاً ضَلَّ أَو / فُلكاً يُقاسي العَطَبا
وَكانَ حارِسُ الفَنا / رِ رَجُلاً مُهَذَّبا
يَهوى الحَياةَ وَيُحِبُّ / العَيشَ سَهلاً طَيِّبا
أَتَت عَلَيهِ سَنَوا / تٌ مُبعَداً مُغتَرِبا
لَم يَرَ فيها زَوجَهُ / وَلا اِبنَهُ المُحَبَّبا
وَكانَ قَد رَعى الخَطي / بَ وَوَعى ما خَطَبا
فَقالَ يا حارِسُ خَل / لِ السُخطَ وَالتَعَتُّبا
مَن يُسعِفُ الناسَ إِذا / نودِيَ كُلٌّ فَأَبى
ما الناسُ إِخوَتي وَلا / آدَمُ كانَ لي أَبا
أُنظُر إِلَيَّ كَيفَ أَق / ضي لَهُمُ ما وَجَبا
قَد عِشتُ في خِدمَتِهِم / وَلا تَراني تَعِبا
كَم مِن غَريقٍ قُمتُ عِن / دَ رَأسِهِ مُطَبِّبا
وَكانَ جِسماً هامِداً / حَرَّكتُهُ فَاِضطَرَبا
وَكُنتُ وَطَّأتُ لَهُ / مَناكِبي فَرَكِبا
حَتّى أَتى الشَطَّ فَبَش / شَ مَن بِهِ وَرَحَّبا
وَطارَدوني فَاِنقَلَب / تُ خاسِراً مُخَيِّبا
ما نلتُ مِنهُم فِضَّةً / وَلا مُنِحتُ ذَهَبا
وَما الجَزاءُ لا تَسَل / كانَ الجَزاءُ عَجَبا
أَلقَوا عَلَيَّ شَبَكاً / وَقَطَّعوني إِرَبا
وَاِتَّخَذَ الصُنّاعُ مِن / شَحمِيَ زَيتاً طَيِّبا
وَلَم يَزَل إِسعافُهُم / لِيَ الحَياةَ مَذهَبا
وَلَم يَزَل سَجِيَّتي / وَعَمَلي المُحَبَّبا
إِذا سَمِعتُ صَرخَةً / طِرتُ إِلَيها طَرَبا
لا أَجِدُ المُسعِفَ / إِلّا مَلَكاً مُقَرَّبا
وَالمُسعِفونَ في غَدٍ / يُؤَلِّفونَ مَوكِبا
يَقولُ رِضوانُ لَهُم / هَيّا أَدخلوها مَرحَبا
مُذنِبُكُم قَد غَفَرَ / اللَهُ لَهُ ما أَذنَبا
أَمينَتي في عامِها
أَمينَتي في عامِها / الأَوَّلِ مِثلُ المَلَكِ
صالِحَةٌ لِلحُبِّ مِن / كُلٍّ وَلِلتَبَرُّكِ
كَم خَفَقَ القَلبُ لَها / عِندَ البُكا وَالضَحِكِ
وَكَم رَعَتها العَينُ في / السُكونِ وَالتَحَرُّكِ
فَإِن مَشَت فَخاطِري / يَسبِقُها كَالمُمسِكِ
أَلحَظُها كَأَنَّها / مِن بَصَري في شَرَكِ
فَيا جَبينَ السَعدِ لي / وَيا عُيونَ الفَلَكِ
وَيا بَياضَ العَيشِ في ال / أَيّامِ ذاتِ الحَلَكِ
إِنَّ اللَيالي وَهيَ لا / تَنفَكُّ حَربَ أَهلِكِ
لَو أَنصَفَتكِ طِفلَةً / لَكُنتِ بِنتَ المَلِكِ
يا حَبَّذا أَمينَةٌ وَكَلبُها
يا حَبَّذا أَمينَةٌ وَكَلبُها / تُحِبُّهُ جِدّاً كَما يُحِبُّها
أَمينَتي تَحبو إِلى الحَولَينِ / وَكَلبُها يُناهِزُ الشَهرَينِ
لَكِنَّها بَيضاءُ مِثلُ العاجِ / وَعَبدُها أَسوَدُ كَالدَياجي
يَلزَمُها نَهارَها وَتَلزَمُه / وَمِثلَما يُكرِمُها لا تُكرِمُهُ
فَعِندَها مِن شِدَّةِ الإِشفاقِ / أَن تَأخُذَ الصَغيرَ بِالخِناقِ
في كُلِّ ساعَةٍ لَهُ صِياحُ / وَقَلَّما يَنعَمُ أَو يَرتاحُ
وَهَذِهِ حادِثَةٌ لَها مَعَه / تُنبيكَ كَيفَ اِستَأثَرَت بِالمَنفَعَه
جاءَت بِهِ إِلَيَّ ذاتَ مَرَّه / تَحمِلُهُ وَهيَ بِهِ كَالبَرَّه
فَقُلتُ أَهلا بِالعَروسِ وَاِبنِها / ماذا يَكونُ يا تُرى مِن شَأنِها
قالَت غُلامي يا أَبي جَوعانُ / وَما لَهُ كَما لَنا لِسانُ
فَمُرهُموا يَأتوا بِخُبزٍ وَلَبَن / وَيُحضِروا آنِيَةً ذاتَ ثَمَن
فَقُمتُ كَالعادَةِ بِالمَطلوبِ / وَجِئتُها أَنظُرُ مِن قَريبِ
فَعَجَنَت في اللَبَنِ اللُبابا / كَما تَرانا نُطعِمُ الكِلابا
ثُمَّ أَرادَت أَن تَذوقَ قَبلَهُ / فَاِستَطعَمَت بِنتُ الكِرامِ أَكلَهُ
هُناكَ أَلقَت بِالصَغيرِ لِلوَرا / وَاِندَفَعَت تَبكي بُكاءً مُفتَرى
تَقولُ بابا أَنا دَحّا وَهوَ كُخّ / مَعناهُ بابا لِيَ وَحدي ما طُبِخ
فَقُل لِمَن يَجهَل خَطبَ الآنِيَه / قَد فُطِرَ الطِفلُ عَلى الأَنانِيَه
مَجموعَةٌ لِأَحمَدٍ
مَجموعَةٌ لِأَحمَدٍ / مُعجِزُه فيها بَهَر
تُعَدُّ في تاريخِها / أَليَقَ ديوانٍ ظَهَر
يَحكونَ أَنَّ رَجُلاً كُردِيّا
يَحكونَ أَنَّ رَجُلاً كُردِيّا / كانَ عَظيمَ الجِسمِ هَمشَرِيّا
وَكانَ يُلقي الرُعبَ في القُلوبِ / بِكَثرَةِ السِلاحِ في الجُيوبِ
وَيُفزِعُ اليَهودَ وَالنَصارى / وَيُرعِبُ الكِبارَ وَالصِغارا
وَكُلَّما مَرَّ هُناكَ وَهُنا / يَصيحُ بِالناسِ أَنا أَنا أَنا
نَمى حَديثُهُ إِلى صَبِيٍّ / صَغيرِ جِسمٍ بَطَلٍ قَوِيِّ
لا يَعرِفُ الناسُ لَهُ الفُتُوَّه / وَلَيسَ مِمَّن يَدَّعونَ القُوَّه
فَقالَ لِلقَومِ سَأُدريكُم بِهِ / فَتَعلَمونَ صِدقَهُ مِن كِذبِه
وَسارَ نَحوَ الهَمشَرِيِّ في عَجَل / وَالناسُ مِمّا سَيَكونُ في وَجَل
وَمَدَّ نَحوَهُ يَميناً قاسِيَه / بِضَربَةٍ كادَت تَكونُ القاضِيَه
فَلَم يُحَرِّك ساكِناً وَلا اِرتَبَك / وَلا اِنتَهى عَن زَعمِهِ وَلا تَرَك
بَل قالَ لِلغالِبِ قَولاً لَيِّنا / الآنَ صِرنا اِثنَين أَنتَ وَأَنا
كانَ لِسُلطانٍ نَديمٌ وافِ
كانَ لِسُلطانٍ نَديمٌ وافِ / يُعيدُ ما قالَ بِلا اِختِلافِ
وَقَد يَزيدُ في الثَنا عَلَيهِ / إِذا رَأى شَيئاً حَلا لَدَيهِ
وَكانَ مَولاهُ يَرى وَيَعلَمُ / وَيَسمَعُ التَمليقَ لَكِن يَكتُمُ
فَجَلسا يَوماً عَلى الخِوانِ / وَجيءَ في الأَكلِ بِباذِنجانِ
فَأَكَلَ السُلطانُ مِنهُ ما أَكَل / وَقالَ هَذا في المَذاقِ كَالعَسَل
قالَ النَديمُ صَدقَ السُلطانُ / لا يَستَوي شَهدٌ وَباذِنجانُ
هَذا الَّذي غَنى بِهِ الرَئيسُ / وَقالَ فيهِ الشِعرَ جالينوسُ
يُذهِبُ أَلفَ عِلَّةٍ وَعِلَّه / وَيُبرِدُ الصَدرَ وَيَشفي الغُلَّه
قالَ وَلَكِن عِندَهُ مَرارَه / وَما حَمَدتُ مَرَّةً آثارَه
قالَ نَعَم مُرٌّ وَهَذا عَيبُه / مُذ كُنتُ يا مَولايَ لا أُحِبُّه
هَذا الَّذي ماتَ بِهِ بُقراطُ / وَسُمَّ في الكَأسِ بِهِ سُقراطُ
فَاِلتَفَتَ السُلطانُ فيمَن حَولَهُ / وَقالَ كَيفَ تَجِدونَ قَولَه
قالَ النَديمُ يا مَليكَ الناسِ / عُذراً فَما في فِعلَتي مِن باسِ
جُعِلتُ كَي أُنادِمَ السُلطانا / وَلَم أُنادِم قَطُّ باذِنجانا
لَستُ بِناسٍ لَيلَةً
لَستُ بِناسٍ لَيلَةً / مِن رَمَضانَ مَرَّتِ
تَطاوَلَت مِثلَ لَيا / لي القُطبِ وَاِكفَهَرَّتِ
إِذِ اِنفَلَتُّ مِن سُحو / ري فَدَخَلتُ حُجرَتي
أَنظُرُ في ديوانِ شِع / رٍ أَو كِتابِ سيرَةِ
فَلَم يَرُعني غَيرَ صَو / تٍ كَمُواءِ الهِرَّةِ
فَقُمتُ أَلقي السَمعَ في / السُتورِ وَالأَسِرَّةِ
حَتّى ظَفِرتُ بِالَّتي / عَلَيَّ قَد تَجَرَّتِ
فَمُذ بَدَت لي وَاِلتَقَت / نَظرَتُها وَنَظرَتي
عادَ رَمادُ لَحظِها / مِثلَ بَصيصِ الجَمرَةِ
وَرَدَّدَت فَحيحَها / كَحَنَشٍ بِقَفرَةِ
وَلَبِسَت لي مِن وَرا / ءِ السِترِ جِلدَ النَمرَةِ
كَرَّت وَلَكِن كَالجَبا / نِ قاعِداً وَفَرَّتِ
وَاِنتَفَضَت شَوارِباً / عَن مِثلِ بَيتِ الإِبرَةِ
وَرَفَعت كَفّاً وَشا / لَت ذَنَباً كَالمِذرَةِ
ثُمَّ اِرتَقَت عَنِ المُوا / ءِ فَعَوَت وَهَرَّتِ
لَم أَجزِها بِشِرَّةٍ / عَن غَضَبٍ وَشِرَّةِ
وَلا غَبيتُ ضَعفَها / وَلا نَسيتُ قُدرَتي
وَلا رَأَيتُ غَيرَ أُمٍّ / بِالبَنينَ بَرَّةِ
رَأَيتُ ما يَعطِفُ نَف / سَ شاعِرٍ مِن صورَةِ
رَأَيتُ جِدَّ الأُمَّها / تِ في بِناءِ الأُسرَةِ
فَلَم أَزَل حَتّى اِطمَأَنَّ / جَأشُها وَقَرَّتِ
أَتَيتُها بِشَربَةٍ / وَجِئتُها بِكِسرَةِ
وَصُنتُها مِن جانِبَي / مَرقَدِها بِسُترَتي
وَزِدتُها الدِفءَ فَقَر / رَبتُ لَها مِجمَرَتي
وَلَو وَجَدتُ مِصيَداً / لَجِئتُها بِفَأرَةِ
فَاِضطَجَعَت تَحتَ ظِلا / لِ الأَمنِ وَاِسبَطَرَّتِ
وَقَرَأَت أَورادَها / وَما دَرَت ما قَرَّتِ
وَسَرَحَ الصِغارُ في / ثُدِيِّها فَدَرَّتِ
غُرُّ نُجومٍ سُبَّحٌ / في جَنَباتِ السُرَّةِ
اِختَلَطوا وَعَيَّثوا / كَالعُميِ حَولَ سُفرَةِ
تَحسَبُهُم ضَفادِعاً / أَرسَلتَها في جَرَّةِ
وَقُلتُ لا بَأسَ عَلى / طِفلِكِ يا جُوَيرَتي
تَمَخَّضي عَن خَمسَةٍ / إِن شِئتِ أَو عَن عَشرَةِ
أَنتِ وَأَولادُكِ حَت / تى يَكبُروا في خُفرَتي
حِكايَةُ الصَيّادِ وَالعُصفورَه
حِكايَةُ الصَيّادِ وَالعُصفورَه / صارَت لِبَعضِ الزاهِدينَ صورَه
ما هَزَأوا فيها بِمُستَحِقِّ / وَلا أَرادوا أَولِياءَ الحَقِّ
ما كُلُّ أَهلِ الزُهدِ أَهلُ اللَهِ / كَم لاعِبٍ في الزاهِدينَ لاهِ
جَعَلتُها شِعراً لِتَلفِتَ الفِطَن / وَالشِعرُ لِلحِكمَةِ مُذ كانَ وَطَن
وَخَيرُ ما يُنظَمُ لِلأَديبِ / ما نَطَقَتهُ أَلسُنُ التَجريبِ
أَلقى غُلامٌ شَرَكاً يَصطادُ / وَكُلُّ مَن فَوقَ الثَرى صَيّادُ
فَاِنحَدَرَت عُصفورَةٌ مِنَ الشَجَر / لَم يَنهَها النَهيُ وَلا الحَزمُ زَجَر
قالَت سَلامٌ أَيُّها الغُلامُ / قالَ عَلى العُصفورَةِ السَلامُ
قالَت صَبِيُّ مُنحَني القَناةِ / قالَ حَنَتها كَثرَةُ الصَلاةِ
قالَت أَراكَ بادِيَ العِظامِ / قالَ بَرَتها كَثرَةُ الصِيامِ
قالَت فَما يَكونُ هَذا الصوفُ / قالَ لِباسُ الزاهِدِ المَوصوفُ
سَلي إِذا جَهِلتِ عارِفيهِ / فَاِبنُ عُبَيدٍ وَالفُضَيلُ فيهِ
قالَت فَما هَذي العَصا الطَويلَه / قالَ لِهاتيكِ العَصا سَليلَه
أَهُشُّ في المَرعى بِها وَأَتَّكي / وَلا أَرُدُّ الناسَ عَن تَبَرُّكِ
قالَت أَرى فَوقَ التُرابِ حَبّا / مِما اِشتَهى الطَيرُ وَما أَحَبّا
قالَ تَشَبهتُ بِأَهلِ الخَيرِ / وَقُلتُ أَقري بائِساتِ الطَيرِ
فَإِن هَدى اللَهُ إِلَيهِ جائِعاً / لَم يَكُ قُرباني القَليلُ ضائِعا
قالَت فَجُد لي يا أَخا التَنَسُّكِ / قالَ اِلقُطيهِ بارَكَ اللَهُ لَكِ
فَصَلِيَت في الفَخِّ نارَ القاري / وَمَصرَعُ العُصفورِ في المِنقارِ
وَهَتَفَت تَقولُ لِلأَغرارِ / مَقالَةَ العارِفِ بِالأَسرارِ
إِيّاكَ أَن تَغتَرَّ بِالزُهّادِ / كَم تَحتَ ثَوبِ الزُهدِ مِن صَيادِ
بَينا ضِعافٌ مِن دَجاجِ الريفِ
بَينا ضِعافٌ مِن دَجاجِ الريفِ / تَخطِرُ في بَيتٍ لَها طَريفِ
إِذا جاءَها هِندي كَبيرُ العُرفِ / فَقامَ في البابِ قِيامَ الضَيفِ
يَقولُ حَيّا اللَهُ ذي الوُجوها / وَلا أَراها أَبَداً مَكروها
أَتَيتُكُم أَنشُرُ فيكُم فَضلي / يَوماً وَأَقضي بَينَكُم بِالعَدلِ
وَكُلُّ ما عِندَكُمُ حَرامُ / عَلَيَّ إِلّا الماءُ وَالمَنامُ
فَعاوَدَ الدَجاجَ داءُ الطَيشِ / وَفَتَحَت لِلعِلجِ بابَ العُشِّ
فَجالَ فيهِ جَولَةَ المَليكِ / يَدعو لِكُلِّ فَرخَةٍ وَديكِ
وَباتَ تِلكَ اللَيلَةَ السَعيدَه / مُمَتَّعاً بِدارِهِ الجَديدَه
وَباتَتِ الدَجاجُ في أَمانِ / تَحلُمُ بِالذِلَّةِ وَالهَوانِ
حَتّى إِذا تَهَلَّلَ الصَباحُ / وَاِقتَبَسَت مِن نورِهِ الأَشباحُ
صاحَ بِها صاحِبُها الفَصيحُ / يَقولُ دامَ مَنزِلي المَليحُ
فَاِنتَبَهَت مِن نَومِها المَشؤومِ / مَذعورَةً مِن صَيحَةِ الغَشومِ
تَقولُ ما تِلكَ الشُروط بَينَنا / غَدَرتَنا وَاللَهِ غَدراً بَيِّنا
فَضَحِكَ الهِندِيُّ حَتّى اِستَلقى / وَقالَ ما هَذا العَمى يا حَمقى
مَتى مَلَكتُم أَلسُنَ الأَربابِ / قَد كانَ هَذا قَبلَ فَتحِ البابِ
أَلَمَّ عُصفورٌ بِمَجرىً صافِ
أَلَمَّ عُصفورٌ بِمَجرىً صافِ / قَد غابَ تَحتَ الغابِ في الأَلفافِ
يَسقي الثَرى مِن حَيثُ لا يَدري الثَرى / خَشيَةَ أَن يُسمَعَ عَنهُ أَو يُرى
فَاِغتَرَفَ العُصفورُ مِن إِحسانِهِ / وَحَرَّكَ الصَنيعُ مِن لِسانِهِ
فَقالَ يا نورَ عُيونِ الأَرضِ / وَمُخجِلَ الكَوثَرِ يَومَ العَرضِ
هَل لَكَ في أَن أَرشِدَ الإِنسانا / لِيَعرِفَ المَكانَ وَالإِمكانا
فَيَنظُرَ الخَيرَ الَّذي نَظَرتُ / وَيَشكُرَ الفَضلَ كَما شَكَرتُ
لَعَلَّ أَن تُشهَرَ بِالجِميلِ / وَتُنسِيَ الناسَ حَديثَ النيلِ
فَاِلتَفَتَ الغَديرُ لِلعُصفورِ / وَقالَ يُهدي مُهجَةَ المَغرورِ
يا أَيُّها الشاكِرُ دونَ العالَمِ / أَمَّنَكَ اللَهُ يَدَ اِبنِ آدَمِ
النيلُ فَاِسمَع وَاِفهَمِ الحَديثا / يُعطي وَلَكِن يَأخُذُ الخَبيثا
مِن طولِ ما أَبصَرَهُ الناسُ نُسي / وَصارَ كُلُّ الذِكرِ لِلمُهَندِسِ
وَهَكَذا العَهدُ بِوُدِّ الناسي / وَقيمَةُ المُحسِنِ عِندَ الناسِ
وَقَد عَرَفتَ حالَتي وَضِدَّها / فَقُل لِمَن يَسأَلُ عَنّي بَعدَها
إِن خَفِيَ النافِعُ فَالنَفعُ ظَهَر / يا سَعدَ مَن صافى وَصوفي وَاِستَتَر
وَهَذِهِ واقِعَةٌ مُستَغرَبَه
وَهَذِهِ واقِعَةٌ مُستَغرَبَه / في هَوَسِ الأَفعى وَخُبثِ العَقرَبَه
رَأَيتُ أَفعى من بَناتِ النيلِ / مُعجَبَةً بِقَدِّها الجَميلِ
تَحتَقِرُ النُصحَ وَتَجفو الناصِحا / وَتَدَّعي العَقلَ الكَبيرَ الراجِحا
عَنَت لَها رَبيبَةُ السَباخِ / تَحمِلُ وَزنَيها مِنَ الأَوساخِ
فَحَسِبَتها وَالحِسابُ يُجدي / ساحِرَةً مِن ساحِراتِ الهِندِ
فَاِنخَرَطَت مِثلَ الحُسامِ الوالِجِ / وَاِندَفَعَت تِلكَ كَسَهمٍ زالِجِ
حَتّى إِذا ما أَبلَغَتها جُحرَها / دارَت عَلَيهِ كَالسِوارِ دَورَها
تَقولُ يا أُمَّ العَمى وَالطَيشِ / أَينَ الفِرارُ يا عَدُوَّ العَيشِ
إِن تِلجي فَالمَوتُ في الوُلوجِ / أَو تَخرُجي فَالهُلكُ في الخُروجِ
فَسَكَتَت طَريدَةُ البُيوتِ / وَاِغتَرَّتِ الأَفعى بِذا السُكوتِ
وَهَجَعَت عَلى الطَريقِ هَجعَه / فَخَرَجَت ضَرَّتُها بِسُرعَه
وَنَهَضَت في ذِروَةِ الدِماغِ / وَاِستَرسَلَت في مُؤلِمِ التَلداغِ
فَاِنتَبَهَت كَالحالِمِ المَذعورِ / تُصيحُ بِالوَيلِ وَبِالثُبورِ
حَتّى وَهَت مِنَ الفَتاةِ القُوَّه / فَنَزَلت عَن رَأسِها العُدُوَّه
تَقولُ صَبراً لِلبَلاءِ صَبرا / وَإِن وَجَدتِ قَسوَةً فَعُذرا
فَرَأسُكِ الداءُ وَذا الدَواءُ / وَهَكَذا فَلتُركَبُ الأَعداءُ
مَن مَلَكَ الخَصمَ وَنامَ عَنهُ / يُصبِحُ يَلقى ما لَقيت مِنهُ
لَولا الَّذي أَبصَرَ أَهلُ التَجرِبَه / مِنّي لَما سَمّوا الخَبيثَ عَقرَبَه
يُقالُ كانَت فَأرَةُ الغيطانِ
يُقالُ كانَت فَأرَةُ الغيطانِ / تَتيهُ بِاِبنَيها عَلى الفيرانِ
قَد سَمَّتِ الأَكبَرَ نورَ الغَيطِ / وَعَلَّمَتهُ المَشيَ فَوقَ الخَيطِ
فَعَرَفَ الغِياضَ وَالمُروجا / وَأَتقَنَ الدُخولَ وَالخُروجا
وَصارَ في الحِرفَةِ كَالآباءِ / وَعاشَ كَالفَلّاحِ في هَناءِ
وَأَتعَبَ الصَغيرُ قَلبَ الأُمِّ / بِالكِبرِ فَاِحتارَت بِما تُسَمّي
فَقالَ سَمّيني بِنورِ القَصرِ / لِأَنَّني يا أُمُّ فَأرُ العَصرِ
إِنّي أَرى ما لَم يَرَ الشَقيقُ / فَلي طَريقٌ وَلَهُ طَريقُ
لَأَدخُلَنَّ الدارَ بَعدَ الدارِ / وَثباً مِنَ الرَفِّ إِلى الكَرارِ
لَعَلَّني إِن ثَبَتَت أَقدامي / وَنُلتُ يا كُلَّ المُنى مَرامي
آتيكُما بِما أَرى في البَيتِ / مِن عَسَلٍ أَو جُبنَةٍ أَو زَيتِ
فَعَطَفَت عَلى الصَغيرِ أُمُّه / وَأَقبَلَت مِن وَجدِها تَضُمُّه
تَقولُ إِنّي يا قَتيلَ القوتِ / أَخشى عَلَيكَ ظُلمَةَ البُيوتِ
كانَ أَبوكَ قَد رَأى الفَلاحا / في أَن تَكونَ مِثلَهُ فَلّاحا
فَاِعمَل بِما أَوصى تُرِح جَناني / أَو لا فَسِر في ذِمَّةِ الرَحمَنِ
فَاِستَضحَكَ الفَأرُ وَهَزَّ الكَتِفا / وَقالَ مَن قالَ بِذا قَد خَرِفا
ثُمَّ مَضى لِما عَلَيهِ صَمَّما / وَعاهَدَ الأُمَّ عَلى أَن تَكتُما
فَكانَ يَأتي كُلَّ يَومِ جُمعَه / وَجُبنَةٌ في فَمِهِ أَو شَمعَه
حَتّى مَضى الشَهرُ وَجاءَ الشَهرُ / وَعُرِفَ اللِصُّ وَشاعَ الأَمرُ
فَجاءَ يَوماً أُمَّهُ مُضطَرِباً / فَسَأَلتُهُ أَينَ خَلّى الذَنَبا
فَقالَ لَيسَ بِالفَقيدِ مِن عَجَب / في الشَهدِ قَد غاصَ وَفي الشَهدِ ذَهَب
وَجاءَها ثانِيَةً في خَجَلِ / مِنها يُداري فَقدَ إِحدى الأَرجُلِ
فَقالَ رَفٌّ لَم أصِبهُ عالي / صَيَّرَني أَعرج في المَعالي
وَكانَ في الثالِثَةِ اِبنُ الفارَه / قَد أَخلَفَ العادَةَ في الزِيارَه
فَاِشتَغَلَ القَلبُ عَلَيهِ وَاِشتَعَل / وَسارَتِ الأُمُّ لَهُ عَلى عَجَل
فَصادَفتهُ في الطَريقِ مُلقى / قَد سُحِقَت مِنهُ العِظامُ سَحقا
فَناحَتِ الأُمُّ وَصاحَت واها / إِنَّ المَعالي قَتَلَت فَتاها
ظَبيٌ رَأى صورَتَهُ في الماءِ
ظَبيٌ رَأى صورَتَهُ في الماءِ / فَرَفَعَ الرَأسَ إِلى السَماءِ
وَقالَ يا خالِقَ هَذا الجيدِ / زِنهُ بِعِقدِ اللُؤلُؤِ النَضيدِ
فَسَمِعَ الماءَ يَقولُ مُفصِحا / طَلَبتَ يا ذا الظَبيُ ما لَن تُمنَحا
إِنَّ الَّذي أَعطاكَ هَذا الجيدا / لَم يُبقِ في الحُسنِ لَهُ مَزيدا
لَو أَنَّ حُسنَهُ عَلى النُحورِ / لَم يُخرِجِ الدُرَّ مِنَ البُحور
فَاِفتَتَنَ الظَبيُ بِذي المَقالِ / وَزادَهُ شَوقاً إِلى اللآلي
وَلَم يَنَلهُ فَمُهُ السَقيمُ / فَعاشَ دَهراً في الفَلا يَهيمُ
حَتّى تَقَضّى العُمرُ في الهُيامِ / وَهَجرِ طيبِ النَومِ وَالطَعامِ
فَسارَ نَحوَ الماءِ ذاتَ مَرَّه / يَشكو إِلَيهِ نَفعَهُ وَضَرَّه
وَبَينَما الجارانِ في الكَلام / أَقبَلَ راعي الدَيرِ في الظَلام
يَتبَعُهُ حَيثُ مَشى خِنزيرُ / في جيدِهِ قِلادَةٌ تُنيرُ
فَاِندَفَعَ الظَبيُ لِذاكَ يَبكي / وَقالَ مِن بَعدِ اِنجِلاءِ الشَك
ما آفَةُ السَعيِ سِوى الضَلالِ / ما آفَةُ العُمرِ سِوى الآمالِ
لَولا قَضاءُ الملِكِ القَدير / لَما سَعى العِقدُ إِلى الخِنزير
فَاِلتَفَتَ الماءُ إِلى الغَزالِ / وَقالَ حالُ الشَيخِ شَرُّ حالِ
لا عَجَبٌ إِنَّ السِنينَ موقِظَه / حَفِظتَ عُمراً لَو حَفِظتَ مَوعِظَه
لَمّا دَعا داعي أَبي الأَشبالِ
لَمّا دَعا داعي أَبي الأَشبالِ / مُبَشِّراً بِأَوَّلِ الأَنجالِ
سَعَت سِباعُ الأَرضِ وَالسَماءِ / وَاِنعَقَدَ المَجلِسُ لِلهَناءِ
وَصَدَرَ المَرسومُ بِالأَمانِ / في الأَرضِ لِلقاصي بِها وَالداني
فَضاقَ بِالذُيولِ صَحنُ الدار / مِن كُلِّ ذي صوفٍ وَذي مِنقارِ
حَتّى إِذا اِستَكمَلت الجَمعِيَّه / نادى مُنادي اللَيثِ في المَعِيَّه
هَل مِن خَطيبٍ مُحسِنٍ خَبير / يَدعو بِطولِ العُمرِ لِلأَمير
فَنَهَضَ الفيلُ المُشيرُ السامي / وَقالَ ما يَليقُ بِالمَقام
ثُمَّ تَلاهُ الثَعلَبُ السَفيرُ / يُنشِدُ حَتّى قيلَ ذا جَرير
وَاِندَفَعَ القِردُ مُديرُ الكاسِ / فَقيلَ أَحسَنتَ أَبا نُواسِ
وَأَومَأَ الحِمارُ بِالعَقيرَة / يُريدُ أَن يُشَرِّفَ العَشيرَه
فَقالَ بِاِسمِ خالِقِ الشَعير / وَباعِثِ العَصا إِلى الحَمير
فَأَزعَجَ الصَوتُ وَلِيَّ العَهدِ / فَماتَ مِن رَعدَتِهِ في المَهدِ
فَحَمَلَ القَومُ عَلى الحِمارِ / بِجُملَةِ الأَنيابِ وَالأَظفارِ
وَاِنتُدِبَ الثَعلَبُ لِلتَأبين / فَقالَ في التَعريضِ بِالمِسكين
لا جَعَلَ اللَهُ لَهُ قَراراً / عاشَ حِماراً وَمَضى حِمارا
قِردٌ رَأى الفيلَ عَلى الطَريقِ
قِردٌ رَأى الفيلَ عَلى الطَريقِ / مُهَروِلاً خَوفاً مِنَ التَعويقِ
وَكانَ ذاكَ القِردُ نِصفَ أَعمى / يُريدُ يُحصي كُلَّ شَيءٍ عِلما
فَقالَ أَهلاً بِأَبي الأَهوالِ / وَمَرحَباً بِمُخجِلِ الجِبالِ
تَفدي الرُؤوسُ رَأسَكَ العَظيما / فَقِف أُشاهِد حُسنَكَ الوَسيما
لِلَّهِ ما أَظرَفَ هَذا القَدّا / وَأَلطَفَ العَظمَ وَأَبهى الجِلدا
وَأَملَحَ الأُذنَ في الاِستِرسالِ / كَأَنَّها دائِرَةُ الغِربالِ
وَأَحسَنَ الخُرطومَ حينَ تاها / كَأَنَّهُ النَخلَةُ في صِباها
وَظَهرُكَ العالي هُوَ البِساطُ / لِلنَفسِ في رُكوبِهِ اِنبِساطُ
فَعَدَّها الفيلُ مِنَ السُعود / وَأَمَرَ الشاعِرَ بِالصُعود
فَجالَ في الظَهرِ بِلا تَوانِ / حَتّى إِذا لَم يَبقَ مِن مَكان
أَوفى عَلى الشَيءِ الَّذي لا يُذكَرُ / وَأَدخَلَ الأصبُعَ فيهِ يَخبُرُ
فَاِتَّهَمَ الفيلُ البَعوضَ وَاِضطَرَب / وَضَيَّقَ الثَقبَ وَصالَ بِالذَنَب
فَوَقَعَ الضَربُ عَلى السَليمَه / فَلَحِقَت بِأُختِها الكَريمَه
وَنَزَلَ البَصيرُ ذا اِكتِئابِ / يَشكو إِلى الفيلِ مِنَ المُصابِ
فَقالَ لا موجِبَ لِلنَدامَه / الحَمدُ لِلَّهِ عَلى السَلامَه
مَن كانَ في عَينَيهِ هَذا الداءُ / فَفي العَمى لِنَفسِهِ وَقاءُ