المجموع : 5
ومسمع غناؤه
ومسمع غناؤه / يبدل بالفقر الغنى
شهدته في عصبةٍ / رضيتهم لي قرنا
أبصرته فلم تخب / فراستي لما دنا
وقلت من ذا وجهه / كيف يكون محسنا
ورمت أن أروح لل / ظن به ممتحنا
فقلت من بينهم / هات أخي غن لنا
ويوم سلعٍ لم يكن / يومي بسلعٍ هينا
فانشال منه حاجب / وحلجب منه انحنى
وامتلأ المجلس من / فيه نسيماً منتنا
أوقع إذ وقع في الأن / فس أسباب العنا
وقال لما قال من / يسمع في ظل الفنا
وما اكتفى باللحن وال / تخليط حتى لحنا
هذا وكم تكشخن ال / وغد وكم تقرنننا
يوهم زمراً أنه / قطعه ودندنا
وصاح صوتاً نافراً / يخرج عن حد البنا
وما درى محضره / ماذا على القوم جنى
فذا يسد أنفه / وذا يسد الأذنا
ومنهم جماعة / تستر عنه الأعينا
فاغتظت حتى كدت من / غيظٍ أبث الشجنا
وقلت يا قوم اسمعوا / إما المغني أو أنا
أقسمت لا أجلس أو / يخرج هذا من هنا
جروا برجل الكلب إن / السقم هذا والضنا
قالوا لقد رحمتنا / وذدت عنا المحنا
فحزت في إخراجه / راحة نفسي والثنا
وحين ولى شخصه / قرأت فيهم معلنا
الحمد لله الذي / أذهب عنا الحزنا
أَقْوَتْ مَغانيهم فأقوى الجسَدُ
أَقْوَتْ مَغانيهم فأقوى الجسَدُ / رَبْعَانِ كلٌّ بعد سُكْنى فَدْفَدُ
أسألُ عن قلبي وعن أحبابِه / ومنهمُ كلُّ مُقِرٍّ يَجْحَدُ
وهل تُجيبُ أَعْظُمٌ بالِيةٌ / أو أَرْسُمٌ دارِسةٌ مَن يَنْشُدُ
ليس بها إلاّ بقايا مُهجَتي / وذاك إلاّ حجَرٌ أو وَتِدُ
كأنني بين الطُّلول واقِفاً / أَنْدُبُهُنَّ الأشعثُ المُقَلّدُ
كأنّما أنواؤها خَلاخِلٌ / والمُثَّلُ السُّفْعُ حَمامٌ رُكَّدُ
صاحَ الغُرابُ فكما تحمَّلوا / مَشى بها كأنه مُقَيَّدُ
يَحْجِلُ في آثارهمْ بَعْدَهُمُ / بادي السِّمات أَبْقَعٌ وأسْوَدُ
لبِئْسَ ما اعْتاضَتْ وكانتْ قبلَ ذا / تَرْتَعُ فيها ظَبَيَاتٌ خُرَّدُ
لَيْتَ المطايا للنَّوى ما خُلِقَتْ / ولا حَدا من الحُداةِ أحَدُ
رُغاؤُها وَحَدْوهم ما اجتمعا / للصَّبِّ إلاّ وَشَجَاه الكمَدُ
تقاسَموا يومَ الوداع كَبِدي / فليس لي منذ توَلَّوْا كَبِدُ
عن الجُفونِ رحلوا وفي الحَشا / تقَيَّلوا وماءَ عَيْنِي ورَدوا
فَأَدْمُعي مَسْفُوحةٌ وكَبِدي / مَقْرُوحةٌ وغُلَّتي لا تَبْرُدُ
وَصَبْوَتي دائمة ومُقلتي / دامِية وَنَوْمُها مُشَرَّدُ
أَرْعَى السُّها والفَرْقَدَيْنِ قائِلاً / ليتَ السُّها عَنَّ عليه الفَرْقَدُ
تلك بدورٌ في خُدورٍ غَرَبَتْ / لا بل شُموسٌ فالظلام سَرْمَدُ
تيَمَّني منهم غزالٌ أَغْيَدُ / يا حبّذا ذاك الغزال الأغْيَدُ
حُسامه مُجَرَّدٌ وَصَرْحُهُ / مُمَرَّدٌ وخَدُّه مُوَرَّدُ
وصُدْغه فوق احمرار خَدِّه / مُعَقْرَب مُبَلْبلٌ مُجَعَّد
كأنّما نَكْهَتُه وَريقُه / مِسكٌ وخَمرٌ والثنايا بَرَدُ
له قَوامٌ كقَضيبِ بانَةٍ / يهتزُّ نَضْرَاً ليس فيه أَوَدُ
يُقعِده عند القيام رِدفُه / وفي الحَشا منه المُقيمُ المُقعِدُ
أَيْقَنْتُ لمّا أنْ حَدا الحادي بهم / ولم أمُتْ أنَّ فؤادي جَلْمَدُ
كنتُ على القُرْبِ كئيباً مُغْرَماً / صَبّاً فما ظنُّكَ بي إنْ بَعُدوا
لولا الضَّنا جَحَدْتُ وَجْدِي بهِمُ / لكنْ نُحولي بالغَرام يَشْهَدُ
همُ توَلَّوْا بالفؤادِ والحَشا / فأين صَبْرِي بَعْدَهمْ والجلَدُ
همُ الحياة أَعْرَقوا أم أَشْأَموا / أم أَتْهَموا أم أَيْمَنوا أم أَنْجَدوا
ليَهْنِهِمْ طِيبُ الكَرى فإنّه / حظُّهمُ وحظُّ عَيْنِي السَّهَدُ
للهِ ما أَجْوَرَ حُكّامَ الهوى / ليس لمن يُظلَمُ فيهم مُسْعِدُ
ولا على المُتلِفِ غُرْماً بينهم / ولا على القاتل عَمْدَاً قَوَدُ
حَنَّتْ فَأَذْكتْ لَوْعَتي حَنينا
حَنَّتْ فَأَذْكتْ لَوْعَتي حَنينا / أَشْكُو من البَيْن وتشكو البِينا
قد عاثَ في أشخاصِها طُولُ السُّرى / بقَدرِ ما عاثَ الفِراقُ فِينا
فخَلِّها تَمْشِي الهُوَيْنا طالما / أَضْحَتْ تُباري الريح في البُرِينا
فكيف لا نَأْوِي لها وهي التي / بها قَطَعْنا السَّهْل والحُزونا
ها قد وَجَدْنا البَرّ بَحْرَاً زاخِراً / فهل وجدتُم غيرَها سَفِينا
إنْ كُنّ لا يُفصِحْنَ بالشَّكوى لنا / فهُنَّ بالإرزامِ يَشْتَكينا
قد أَقْرَحَتْ بما تَئِنُّ كَبِدي / إنّ الحزين يَرْحَمُ الحزينا
لو عَذُبَتْ لها دموعي لم تَبِتْ / هِيماً عِطاشاً وترى المَعينا
وقد تياسرتَ بهِنّ جائراً / عن الحِمى فاعْدِل بها يَمينا
نُحَيِّ أطلالاً عفا آياتِها / تَعاقُبُ الأيام والسِّنينا
يقولُ صَحْبِي أَتَرَى آثارَهم / نعم ولكن لا أرى القَطينا
لو لم تَجِدْ رُبوعُهم كَوَجْدِنا / للبَيْنِ لم تَبْلَ كما بَلينا
ومن رأى قَبْلَ اللِّحاظِ أَنْصُلاً / أَرْدَتْ وما فارقَتِ الجُفونا
أكُلَّما لاحَ لعَيْني بارِقٌ / بَكَتْ فَأَبْدتْ سِرِّيَ المَصونا
لا تأخذوا قلبي بذَنبِ مُقلَتي / وعاقِبوا الخائنَ لا الأمينا
ما اسْتَتَرتْ بالورَقِ الوَرْقاءُ كي / تَصْدُقَ لمّا علَتِ الغُصونا
كم وَكَلَتْ بكلّ باكٍ شَجْوَهُ / يُعينُه إنْ عَدِمَ المُعينا
هذا بُكاها والقَرينُ حاضرٌ / فكيف مَن قد فارَق القَرينا
أقسمتُ ما الرَّوض إذا ما بَعَثَتْ / أرجاؤُه الخِيرِيَّ والنِّسْرينا
وعَذُبَتْ أنهارُه وأدركتْ / ثِمارُه وأبدَتِ المَكْنونا
أَشْهَى ولا أَبْهَى ولا أَوْفَى ولا / أَحْلَى بعَيْني لينا
مِن قَدِّها ووجهها وثَغرِها / وشَعرِها فاستمِع اليَقينا
يا خائفاً عليَّ أسبابَ الرَّدى
يا خائفاً عليَّ أسبابَ الرَّدى / أما عَرَفْتَ حِصنيَ الحَصينا
إنّي جعلتُ في الخطوبِ مَوْئِلي / محمداً والأنْزَع البَطينا
سُبْل النجاة والمُناجاةِ ومَن / آوى إلى الفُلك وطورِ سِينا
سِجنُكمُ سِجِّين إنْ لم تحفظوا / عَلِيَّنا دَليلَ عِلِّيّينا
مُرَوَّغٌ طالبُها مُعَذَّبٌ
مُرَوَّغٌ طالبُها مُعَذَّبٌ / خاطبُها مُنَكَّصٌ آمِلُها
مُمَنَّعٌ مَعْرُوفها مُسبَّبٌ / مَخوفها مُنغَّصٌ آكِلُها
مُضَعْضعٌ جَنابُها مُشَوَّبٌ / شرابها مُغَصَّصٌ ناهلُها
مُنْقَطعٌ مَتاعُها مُخَيَّبٌ / مُبْتاعها مُخْتَرَصٌ نائلُها