لله طرف يوم شرقيِّ الحمى
لله طرف يوم شرقيِّ الحمى / شام بنجد بارقاً شَآمِيَا
أرّقه برق بدا مبتسماً / فبات مسلوب الفؤاد باكيا
أضاء كالثغر فخِلْت أنَّه / أضرم في الأفق زناداً وَارِيَا
قبَّلَ من مراشف الليل لَمىً / لما استطار منجداً تهاميا
ثم استكنّ معرضاً من بعد ما / ضاعف وجدي ونَفَى رُقاديا
أسهر طرفي وانثنى مُهَوّماً / فشفَّني عمداً وما شفانيا
يا صاحبي من حِلَّة بن مَزْيَدٍ / أراجعٌ ببابلٍ زمانيا
لست على سرّ الهوى متَّهَماً / وإن عدمت الصاحب المصافيا
عَرِّج على الحلة غير صاغر / هناك ثم يغتدي فؤاديا
فاطلب دماً لي بين هاتيك الدُّمى / من ظبيات كم صَرَعْنَ راميا
رَنَون غزلاناً وفُحْنَ عنبراً / فكم بهنَّ عاطر وعاطيا
ومِسْنَ أغصاناً ولُحْنَ أنجماً / فلا حرمت عاطفاً وهاديا
وَاكَبِدِي من كَمَدٍ أُجِنُّه / وشادن يصمي القلوب راميا
بز اصطباري وكساني سقماً / بناظر أمسى عليَّ واليا
من لي بعَطف مائل بعطفه / أطال في صدوده التماديا
بتّ به في الحبّ مغرىً مغرماً / وبات من شغل المحبّ خاليا
لما رنا وهزه تيه الصِّبا / أمال عسَّالاً وسلَّ ماضيا
ركَّب في رمح القوام لَهْذَماً / فَبِتُّ من شاكي السلاح شاكيا
لام عذاريه وصاد صُدغه / لولاهما لم يمس بالي باليا
حاز فؤادي باختلاس منهما / فلا عدمت المستبيح الجانيا
وكم أذابت مهجتي ذؤابة / من شعره تسبل ليلاً داجيا
ذبت إلى أن خلتها عكسهما / فليتني كنت لذاك حاويا
وكيف أخشى في هواه كبوة / وقد عددت الله منها واقيا
تخذت منها الله لي معتصماً / والظاهر الملك الغياث غازيا
ولذت بالسلطان فاستنصر لي / أجل من الدين بات راعيا
أروع عزّ الملك منه واحتمى / وشاد من أركانه المبانيا
يفدي ويفني حاشداً ووافداً / إذا تلظّى ساخطاً وراضيا
في حالتين فاتكاً أو منعم / اً أجدى وأردى عافياً وعاتيا
في السلم يثني كل أرض كاسياً / ذي أنعم بَخّلَتِ الغواديا
ألبسها يوم وغاه عَنْدَماً / وأصعقت هيبته الأعاديا
تفديك أملاك نسخت ذكرهم / يا ملكاً للدين أمسى حاميا
لما علوت سؤدداً ومنتمى / فقت إلى مرامك المجاريا
أدركت غايات الفخار وادعاً / فالبرق لو جاراك بات كابيا
مقدّماً في مجد قَدَمَا / حتى تخرقت السماء راقيا
سموت عن صِيدِ الملوك رتبةً / وحزت مجداً أعجز المضاهيا
فمن يساميك علاً وكرماً / يا خير ملك أحرز المعاليا
يا حبذا العزم الغياثيّ الذي / أذلّ منك الشانيَ المداجيا
يزيد في إيقاظه تضرماً / بأس يهد الشمخ الرواسيا
هيهات أن أشكو الزمان بعدها / يا من غدا الدهر به لي وافيا
واليوم قد أصبح لي مستسلماً / وكان منه الجور رسماً جاريا
يا خير من ساس الأنام عدله / خاب امرؤ يبغي سواك كافيا
من يرتجي غيرك ملكاً منعماً / ويجتدي من يخجل الأمانيا
أغنيت بالجود يدي أن أجتدي / رَبَّ يد لا يعرف الأياديا
كفا حمادى ويدا محرما / يكف أو يمنع منها الراجيا
يا فوز آمالي التي بسوقها / إليك جبت البيد والمواميا
إليك هاجرت بها مُيَمِّماً / أحثُّ ركب الحمد والقوافيا
نادى نداك اسمي بحذف حائه / فحبذا منك الندا مناديا
فزدت تفخيماً به مرخماً / لما دعاني لا عدمت الداعيا
فدمت والشهباء طِرف أشهب / يستوقف الطَّرف سناه ساميا
بالسعد أضحى مسرجاً وملجماً / فلا غدا تحتك يوماً كابيا
فدام هذا الملك في اقتباله / يا آمراً على الزمان ناهيا
معظم السطوة ممنوع الحمى / لا زلت ما دام الزمان باقيا