المجموع : 5
هَذا الحِمى وَرَندُهُ وَبانُهُ
هَذا الحِمى وَرَندُهُ وَبانُهُ / وَشِيحُهُ فاوَحَهُ حَوذانُهُ
وَالرَوضُ وَالنَسيمُ قَد جَمَّشَهُ / فَهَبَّ مِن نَورٍ عُبَيثَرانُهُ
وَالنَّرجِسُ الغَضُّ رَنَت أَحداقُهُ / وَاِفتَرَّ بِالعُذَيبِ أُقحُوانُهُ
يا صاحِ جُز سَلعاً وَسَل عَن عَيشِنا ال / ماضي بِها يا حَبَّذا زَمانُهُ
لِلَّهِ نَعمانُ الأَراكِ مَنزِلاً / ضَمَّ بِنُعمٍ شَملَنا نُعمانُهُ
وَالشَمسُ في رَأدِ الضُحى وَعِندَها / يُفَيِّئُ الأَصيلَ زَعفَرانُهُ
وَالدَوحُ مَنظومٌ عَلى أَوراقِهِ / غِبَّ الحَيا مِن طَلِّهِ جُمانُهُ
مَه لا يَلُمني لائِمٌ عَلى البُكا / عِندِيَ كُلَّ ساعَةٍ إِبّانُهُ
وَهاتِ يا مُطرِبَنا غَنِّ لَنا / فَأَنتَ مَن تُطرِبُنا أَلحانُهُ
بِكُلِّ بَيتٍ عَرَبِيٍّ كُلُّ حُر / رٍ فارسيٍّ فاضِلٍ سَلمانُهُ
خَيرُ القَريضِ مَدحُ خَيرِ مَن مَشى / وَخَيرِ مَن عَدا بِهِ حِصانُهُ
مُحَمَّدِ النَبِيِّ ذي الإِحسانِ وَال / لَذي أَجادَ مَدحَهُ حَسّانُهُ
خاطَبَهُ رَبُّ السَماواتِ العُلا / إِذ جَبرَئيلُ الوَحيِ تَرجُمانُهُ
سَفينَةُ النَجاةِ أَهلُ بَيتِهِ / في مَوقِفٍ يَغشى الوَرى طوفانُهُ
لا فارَقَت صِحابَهُ وَآلَهُ / صَلاتُهُ يَوماً وَلا رِضوانُهُ
يا راكِباً شِمِلَّةً تَطوي الفَلا / مَزؤودَةً مِن طَيِّها ظِلمانُهُ
أَبلِغ وَبُلِّغتَ المُنى مَألُكَةً / مَلكاً عَلا بَينَ المُلوكِ شانُهُ
المَلِكُ الأَشرَفُ شاه اَرمَنَ لا / زالَ قَوِيّاً ثابِتاً سُلطانُهُ
يا مَن بِهِ فَخرُ المُلوكِ إِذ كَذا / كَ بِالنَبِيِّ اِفتَخَرَت عَدنانُهُ
يَنتَجِعُ العُفاةُ حِصناً مِنكَ يا / ماءَ السَماءِ أُفعِمَت غُدرانُهُ
تَأوي إِلَيكَ العُلَماءُ مِثلَ ما / تَأوي إِلى بَحرٍ طَما حيتانُهُ
يُمناكَ بَحرٌ وَالعِدا القَصباءُ وَال / سَيفُ بِها مُضرَمَةٌ نيرانُهُ
ثَعلَبُ عسّالِكَ في يَومِ الوَغى / يولِغُهُ دَمَ العِدا سِنانُهُ
وَصفُكَ ما يُدرِكُ يَوماً كُنهَهُ / قُسُّ المَقالِ لا وَلا سَحبانُهُ
عِندي حَديثٌ مِن عُلاكَ سائِرٌ / سَيرَ نَسيمٍ عَبِقٍ رَيحانُهُ
يا مَن جِيادُ الخَيلِ وَالرِماحُ وَال / صِفاحُ في يَومِ الوَغى بُستانُهُ
ما أَسَدٌ يَحمي الخَميسَ باسُهُ / فَتَنثَني ناكِصَةً فُرسانُهُ
يَوماً بِأَقوى مِنكَ بَأساً في الوَغى / فَلَيثُهُ لَدَيكَ ثُعلُبانُهُ
ولا الغَمامُ رائِعاً بِرَعدِهِ / وبَرقِهِ مُنبَجِساً تَهتانُهُ
يَوماً بِأَندى مِن يَدَيكَ فائِضاً / يا مَن يَفيضُ بِالمُنى بَنانُهُ
ما ماءُ وَردٍ مِن نَصيبينَ وَلا / نَشرُ اليَلَنجوجِ سَما دُخانُهُ
يَوماً كَذِكراكَ وَلا المِسكُ الريا / حِيُّ غَلَت فَأَوغَلَت أَثمانُهُ
عِش ما سَرى في الفَلَكِ المُحييط بَه / رامُ وَما عَلا بِهِ كيوانُهُ
أَحبابُنا مُذ بانوا
أَحبابُنا مُذ بانوا / لِنَومِنا أَبانوا
فَلَم تَجِفَّ بَعدَهُم / مِن دَمعِها الأَجفانُ
بانوا وَقَلبي حَيثُما / كانوا لَهُ مَكانُ
ما سَكَنَت أَشواقُهُ / وَهُم بِهِ سُكانُ
أَكتُمُ حُبّيهِم وَهَل / مَعَ البُكا كِتمانُ
كَم غادَةٍ ظاعِنَةٍ / سارَت بِها الأَظعانُ
أَعطافُها مَهزوزَةٌ / يَحارُ مِنها البانُ
أَردافُها مُرتَجَّةٌ / تَحسُدُها الكُثبانُ
ما لِلظِباءِ جيدُها / وَطَرفُها الوَسنانُ
هَيهاتَ أَينَ الزُّجُّ مم / ما حازَهُ السِنانُ
وَخَدُّها أَعارَهُ / تُفّاحَهُ لُبنانُ
وَالوَجنَتانِ أَودَعَت / ها وَردَها الجِنانُ
بِصَدرِها نَهدانِ غا / رَ مِنهُما الرُمّانُ
فَقَد زَهَت بِخَيرِ ما / يَزهو بِهِ بُستانُ
لا حَبَّذا بَعدهُمُ / ذاكَ الحِمى والبانُ
وَبَعدَ نُعمٍ لَم تَكُن / تَشوقُني نَعمانُ
كَلّا وَلا وَجرَةَ إِذ / لَيسَت بِها الغِزلانُ
مُدامَةٌ كَأَنَّما / ذابَ بِها العِقيانُ
فَالغارِمُ الصّاحي إِذَن / وَالغانِمُ النَّشوانُ
فَاِملأ لِيَ الكاسَ فَقَل / بي بِالأَسى مَلآنُ
كانَت مَعَ النَبِيِّ نو / حٍ إِذ أَتى الطّوفانُ
حَبابُها لي مالِكٌ / وَحُبُّها رِضوانُ
وَهَذهِ الدُنيا لَنا / مَعشوقَةٌ تُزانُ
وَإِنَّما ريقَتُها / ما مَجَّتِ الدِّنانُ
مِن شُربِها يُهدى إِلَي / نا الرَّوحُ وَالرَّيحانُ
مِمَّن يُسَمّى بِالغَفو / رِ يُرتَجى الغُفرانُ
مَولايَ بَدرَ الدينِ لا / عانَدَكَ الزَّمانُ
وَدُمتَ ما أَقامَ في / مَقامِهِ ثَهلانُ
يَكلَؤُكَ القُرآنُ مِم / ما يُحدِثُ القِرانُ
إِذا رَأَينا المُشتَري / قارَنَهُ كيوانُ
في دَولَةٍ سُلطانُها / ما مِثلَهُ سُلطانُ
أَنتَ الفَتى الَّذي يُجي / دُ مَدحَهُ فِتيانُ
بانُوا وَقَد أَبانُوا
بانُوا وَقَد أَبانُوا / أَنَّ الهَوى الهَوانُ
فَها أَنا الحَرّانُ مِن / بَعدِهُمُ الحَيرانُ
سَلَوتُ عَن صَبري وَما / لي عَنهُمُ سُلوانُ
يا واعِظي واضَيعَتي / إِذ سارَتِ الأَظعانُ
كادَ يَلينُ الصَّخرُ لي ال / آنَ وَهُم ما لانُوا
ما هاجَني إِلّا حَما / ماتٌ لَها أَلحانُ
غَنَّينَ في الباناتِ فَاِه / تَزَّت بِهِنَّ البانُ
كَأَنَّما العيدانُ إِذ / غَنَّينَنا عِيدانُ
ذَكَّرنَني بِغادَةٍ / عادَتُها الهِجرانُ
حورِيَّةٌ جاءَت وَلَم / يَشعُر بِها رِضوانُ
مَتى تَثَنَّت غارَتِ ال / كُثبانُ وَالأَغصانُ
أَودَعَ صَحنَ خَدِّها / تُفّاحَهُ لُبنانُ
وَقَبلَها لَم يُرَ با / نٌ حَملُهُ الرُمّانُ
مِنها اِستَعارَتِ اللِّحا / ظَ بِالنَّقا الغِزلانُ
هاتِ اِسقِني ما أَودَعَت / صُدورَها الدِّنانُ
حَمراءُ لَم تَعبَث وحا / شاها بِها النيرانُ
حَبابُها اللُؤلُؤُ إِذ / تُجِنُّهُ العِقيانُ
في الشربِ ما النَّدمانُ إِذ / يَشرَبُها نَدمانُ
كَخُلقِ بَدرِ الدينِ فَه / يَ الرَوحُ وَالرَيحانُ
أَضحى لِبَدرِ الدينِ في / كَسبِ المَعالي شانُ
فَصارَ بَدراً كامِلاً / ما شانَهُ نُقصانُ
فَمِنهُ يَبدو العمل ال / صالِحُ وَالإيمانُ
مِن أَجلِ ذا سُمِّيَ مَو / دودَ فَذا بُرهانُ
وافى إِلَيهِ رَجَبٌ / وَهوَ بِهِ جَذلانُ
شَهرٌ شَهيرٌ فَضلُهُ / لَيسَ لَهُ كِتمانُ
فَفيهِ قِدماً نُصِلَت / عَنِ القَنا الخِرصانُ
صِينَ فَلَم يَلمَع بِهِ / سَيفٌ وَلا سِنانُ
هَنَّأَكَ اللَهُ بِهِ / ما بَقِيَ الزَّمانُ
كَم لي عَلى كاظِمَةٍ مِن أَنَّه
كَم لي عَلى كاظِمَةٍ مِن أَنَّه / شَوقاً إِلى شادِنِها ذي الغُنَّه
إِن هَزَّ مُعتَلُّ الصَبا غُصونَ با / ناتٍ دَنَت بِالوُرقِ مرجَحِنَّه
إِذا شَدَت أَجَبتُها بِزَفرَةٍ / مِن حَرِّها أَخشى حَريقَهُنَّه
وا كَبدي مِن حَرِّ أَنفاسِ الهَوى / يَومَ حَدا الحادي بِعيسِهنَّه
قِف أَيُّها الحادي تُقَوِّ مُنَّةً / مِنّي وَتَعتَدَّ لَدَيَّ مِنَّه
فَلَو تَراني وَالحَمامُ الورقُ وَال / نِياقُ وَالحُداةُ تزجيهِنَّه
لي أَنَّةٌ وَلِلحَمامِ رَنَّه / وَلِلنِياقِ الواخِداتِ حَنَّه
فَعَكسُ عَذلٍ مِنكَ لَذعٌ في الحَشا / أَحَرُّ مِن لَوعاتِ صَدِّهِنَّه
تَهيجُني الذِّكرى فَأَبكي فَعَلَي / يَ الذِّكرُ فَرضٌ وَالبُكاءُ سُنَّه
أَنا الَّذي رَأى بِعَينَيهِ عَلى ال / نِياقِ في الحُدوجِ حورَ الجَنَّه
وَالآلُ بَحرٌ وَالمَطايا سُفُنٌ / وَهُنَّ دُرٌّ في مَحارِهِنَّه
جَرَّدَتِ الظِباءُ مِن أَجفانِها / بيضَ الظُبا تَقتُلُنا بِهِنَّه
إِذا اِبتَسَمنَ في الدُجى فَغَمنَ بِال / مِسكِ الفَلا وَاِنجابَتِ الدُجُنَّه
حَدَّثتني يا صاحِ عَنهُنَّ فَقَد / أَطرَبتَني أَعِد حَديثَهُنَّه
تَرَنُّمُ الوُرقِ على غُصونِها
تَرَنُّمُ الوُرقِ على غُصونِها / دَلَّ أَخا العِشقِ عَلى شُجونِها
أَطاعَ بِالدَمعِ مَعينُ جَفنِهِ / وَدَمعُها عَصى عَلى جُفونِها
دَع عَنكَ لَومَ عاشِقٍ تُطرِبُهُ / حَمائِمُ الباناتِ في غُصونِها
قَد زاحَمَ الوُرقَ عَلى رَنينِها / وَشارَكَ النِياقَ في حَنينِها
وَقَد بَكى شَوقاً إِلى قَرينِهِ / كَما بَكَت شَوقاً إِلى قَرينِها
وَلَيسَ يَبكي فَقدَ لَيلى أَحَدٌ / في عَرصَةِ الدارِ سِوى مَجنونِها
أَفدي الَّذي تَفعَلُ بي لِحاظُهُ / فِعلَ الظُبى تُسَلُّ مِن جُفونِها
كَأَنَّما هاروتُ فيها كامِنٌ / وا حَرَب العُشّاق مِن كَمينِها
ما ضَرَّهُ لَو أَصبَحَت أَعطافُهُ / كَقَدِّهِ تُسعِفُني بِلِينِها
تَنفُذُ في قُلوبِنا لِحاظُهُ / فَتَيأَسُ القُلوبُ مِن مُعينِها