المجموع : 3
يا نَاقُ شطّتْ دَارُهُمْ فَحِنِّي
يا نَاقُ شطّتْ دَارُهُمْ فَحِنِّي / وأعْلنِي الوجْدَ الّذي تُجِنّي
ما أرزَمَتْ وَهْناً لفقد إلْفِها / إلاّ رَمتْ جَوارِحي بِوَهْنِ
تذكّرتْ ألاّفَها فَهَيَّجَتْ / لاَعِجَ شَوقي وذَكَرْتُ خِدْني
أبكِي اشتياقاً وتَحِنُّ وحْشةً / فَقد شَجانِي حُزنُها وحُزني
حَسْبُكِ قَد طالَ الحنينُ والأسَى / وما أرى طُولَ الحنينِ يُغْنِي
ولا تَمَلّي مِنْ مَسِيرٍ وَسُرىً / في مَهْمَهٍ سَهلٍ وَوَعْرٍ حَزِنِ
حتّى تُناخِي تحتَ بَاناتِ الحِمَى / سَقَى الحِمَى والبانَ صوبُ المُزنِ
أهْوَى الحِمى وأهلَه وبانَه / وإنْ نأيتُ وتنَاءَوْا عَنّي
شَطّوا وشطّتْ بيَ دَارِي عنهُمُ / وهُمْ إلى قَلبيَ أدنَى مِنّي
لم يُذكَروا لي قَطّ إلا امتلأتْ / بالدّمعِ أجفانِي وقَالتْ قَطْني
وهُم أعزُّ إن نأوْا وإنْ دَنَوْا / مما حَوى خِلْبي وضَمّ جَفْنِي
نَفسي فِداءُ من أُوَرِّي بالحِمَى / والبَانِ عن أسْمَائِهمْ وأَكْنِي
هُمُ إذا قُلتُ سقَى أرضَ الحِمَى / وبَانَه صوبُ الحيَا مَن أعْنِي
ضَنّا بِهم عن أَنْ يطورَ ذكْرُهُم / بمَسْمَعٍ وَهُمْ مكانُ الضّنّ
أحبَبْتُهُم من قَبلِ يَنْجابُ دُجَى / فَودِي عن الصّبحِ ويَذوِي غُصْنِي
حُبّاً جَرَى مَجرى الحياةِ من دَمِي / أصَمَّ عن كلِّ نصيحٍ أُذنِي
فلو تَعوّضتُ بهم عَصْرَ الصِّبَا / لَبانَ في صَفقَةِ بَيْعِي غَبْنِي
فَارقتُهم أشْغَفَ ما كنتُ بِهِم / وعُدتُ قد أدمَتْ بَنَانِي سِنّي
أُلْزِمُ كفَّيَّ فُؤاداً مَالَهُ / من بَعدهم رَوْحٌ سِوَى التّمنِّي
لكنّني أدعُو لجمعِ شَمْلِنا / مُسيِّرَ الشُّهْبِ ومُجري السّفْنِ
لا تُودَعنْ سَمع أخٍ شكيّةً
لا تُودَعنْ سَمع أخٍ شكيّةً / فالقلبُ أولى بالذي أَجَنَّا
وكلُّ ما نشكوهُ من زمانِنا / نزولُ عَنهُ أو يَزولُ عَنَّا
واوحشتي في الدار لما أصبحت
واوحشتي في الدار لما أصبحت / موحشة من الظباء العين
كانت عرينا وكناسا فاغتدت / مقفرة الكناس والعرين
تقارن الأسد بها عين المها / والدهر قطاع قوى القرين
فأصبحت كما ترى ليس بها / إلا دواعي الوجد والحنين