يا أيُّها الرَّكب قفوا بي ساعةً
يا أيُّها الرَّكب قفوا بي ساعةً / أَقْضي لِرَبْعٍ في الحمى دِيونا
ولم أشِمْ وامض برقٍ لامعاً / إلاَّ ذكرت الثغر والجبينا
وحين لاحَ الشَّيب في مفارقي / وكانَ ما لم أرضَ أن يكونا
وما خَلَفْتُ للغرام طاعةً / وما نَكَثْتُ حبلها المتينا
أَئِنُّ مَّما أضْمَرَت أضالعي / وكنتُ ممَّن أعْلَن الأَنينا
وما وَجَدْتُ في الهوى على الهوى / غير بكائي للأَسى مُعينا
يا صاحبيَّ والخليلُ مُسْعِدٌ / إنْ لم تعينا كلفاً فبينا
وأرَّقتني الوُرْقُ في أفنانها / تردِّد التغريد واللُّحونا
كم أجَّجتْ من الفؤاد لوعةً / وأهْرَقَتْ من عَبرة شؤونا
كم أرْغَمَتْ أَنْفَ الحسود سطوةً / وغَمرتْ بالبرّ معتفينا
يا شدَّ ما كابد من صبابةٍ / في صَبْوةٍ عذابها المُهينا
وفارقَ المَوْصلَ في قدومه / ليثٌ هزبرٌ فارقَ العرينا
من أشرف النَّاس وأَعلى نسباً / وكانَ من أَندى الورى يمينا
وكلَّما أَمْلَتْ تباريح الجوى / تفَنَّنَتْ بنَوْحِها فنونا
عوَّدَهُ على الجميل شيمةٌ / وأوْرَثَتْه شدَّةً ولينا
وحلَّ في الزَّوراء شَهمٌ ماجدٌ / نُقرُّ في طلعته العيونا
أُولئك القوم الذين أنْجَبَتْ / أَصلابها الآباء والبنينا
وطوَّقَتْه في العُلى أطواقها / وقَلَّدَتْهُ دُرَّها الثَّمينا
وأَظهروا ما أَضمروا من كيدِهم / وكانَ في صدورهم كمينا
يحفظُك الحافظُ من كيد العدى / وكانَ حصناً حفظه حصينا
وخيَّب الله به ظنونَهم / وطالما ظنُّوا به الظّنونا
وعُذْتُ بالرَّحم وهي عَوْذَةٌ / أخزَتْ به شيطانها اللَّعينا
لو كانَ للأيَّام وجهٌ حسنٌ / كانَ له الوجنة والعيونا
قد طبعوا على الجميل كلّه / وإنْ أساءَ الدَّهر محسنينا