المجموع : 14
يُقالُ كانَت فَأرَةُ الغيطانِ
يُقالُ كانَت فَأرَةُ الغيطانِ / تَتيهُ بِاِبنَيها عَلى الفيرانِ
قَد سَمَّتِ الأَكبَرَ نورَ الغَيطِ / وَعَلَّمَتهُ المَشيَ فَوقَ الخَيطِ
فَعَرَفَ الغِياضَ وَالمُروجا / وَأَتقَنَ الدُخولَ وَالخُروجا
وَصارَ في الحِرفَةِ كَالآباءِ / وَعاشَ كَالفَلّاحِ في هَناءِ
وَأَتعَبَ الصَغيرُ قَلبَ الأُمِّ / بِالكِبرِ فَاِحتارَت بِما تُسَمّي
فَقالَ سَمّيني بِنورِ القَصرِ / لِأَنَّني يا أُمُّ فَأرُ العَصرِ
إِنّي أَرى ما لَم يَرَ الشَقيقُ / فَلي طَريقٌ وَلَهُ طَريقُ
لَأَدخُلَنَّ الدارَ بَعدَ الدارِ / وَثباً مِنَ الرَفِّ إِلى الكَرارِ
لَعَلَّني إِن ثَبَتَت أَقدامي / وَنُلتُ يا كُلَّ المُنى مَرامي
آتيكُما بِما أَرى في البَيتِ / مِن عَسَلٍ أَو جُبنَةٍ أَو زَيتِ
فَعَطَفَت عَلى الصَغيرِ أُمُّه / وَأَقبَلَت مِن وَجدِها تَضُمُّه
تَقولُ إِنّي يا قَتيلَ القوتِ / أَخشى عَلَيكَ ظُلمَةَ البُيوتِ
كانَ أَبوكَ قَد رَأى الفَلاحا / في أَن تَكونَ مِثلَهُ فَلّاحا
فَاِعمَل بِما أَوصى تُرِح جَناني / أَو لا فَسِر في ذِمَّةِ الرَحمَنِ
فَاِستَضحَكَ الفَأرُ وَهَزَّ الكَتِفا / وَقالَ مَن قالَ بِذا قَد خَرِفا
ثُمَّ مَضى لِما عَلَيهِ صَمَّما / وَعاهَدَ الأُمَّ عَلى أَن تَكتُما
فَكانَ يَأتي كُلَّ يَومِ جُمعَه / وَجُبنَةٌ في فَمِهِ أَو شَمعَه
حَتّى مَضى الشَهرُ وَجاءَ الشَهرُ / وَعُرِفَ اللِصُّ وَشاعَ الأَمرُ
فَجاءَ يَوماً أُمَّهُ مُضطَرِباً / فَسَأَلتُهُ أَينَ خَلّى الذَنَبا
فَقالَ لَيسَ بِالفَقيدِ مِن عَجَب / في الشَهدِ قَد غاصَ وَفي الشَهدِ ذَهَب
وَجاءَها ثانِيَةً في خَجَلِ / مِنها يُداري فَقدَ إِحدى الأَرجُلِ
فَقالَ رَفٌّ لَم أصِبهُ عالي / صَيَّرَني أَعرج في المَعالي
وَكانَ في الثالِثَةِ اِبنُ الفارَه / قَد أَخلَفَ العادَةَ في الزِيارَه
فَاِشتَغَلَ القَلبُ عَلَيهِ وَاِشتَعَل / وَسارَتِ الأُمُّ لَهُ عَلى عَجَل
فَصادَفتهُ في الطَريقِ مُلقى / قَد سُحِقَت مِنهُ العِظامُ سَحقا
فَناحَتِ الأُمُّ وَصاحَت واها / إِنَّ المَعالي قَتَلَت فَتاها
كانَ لِبَعضِ الناسِ نَعجَتان
كانَ لِبَعضِ الناسِ نَعجَتان / وَكانَتا في الغَيطِ تَرعَيانِ
إِحداهُما سَمينَةٌ وَالثانِيَه / عِظامُها مِنَ الهُزالِ بادِيَه
فَكانَتِ الأولى تُباهي بِالسِمَن / وَقَولِهِم بِأَنَّها ذاتُ الثَمَن
وَتَدَّعي أَنَّ لَها مِقدارا / وَأَنَّها تَستَوقِفُ الأَبصارا
فَتَصبِرُ الأُختُ عَلى الإِذلالِ / حامِلَةً مَرارَةَ الإِدلالِ
حَتّى أَتى الجَزّارُ ذاتَ يَومِ / وَقَلبَ النَعجَةَ دونَ القَومِ
فَقالَ لِلمالِكِ أَشتَريها / وَنَقَدَ الكيسَ النَفيسَ فيها
فَاِنطَلَقَت مِن فَورِها لِأُختِها / وَهيَ تَشُكُّ في صَلاحِ بَختِها
تَقولُ يا أُختاهُ خَبِّريني / هَل تَعرِفينَ حامِلَ السِكّينِ
قالَت دَعيني وَهُزالي وَالزَمَن / وَكَلِّمي الجَزّارَ يا ذاتَ الثَمَن
لِكُلِّ حالٍ حُلوُها وَمُرُّها / ما أَدَبُ النَعجَةِ إِلّا صَبرُها
لَمّا أَتَمَّ نوحٌ السَفينَه
لَمّا أَتَمَّ نوحٌ السَفينَه / وَحَرَّكَتها القُدرَةُ المُعينَه
جَرى بِها ما لا جَرى بِبالِ / فَما تَعالى المَوجُ كَالجِبالِ
حَتّى مَشى اللَيثُ مَعَ الحِمارِ / وَأَخَذَ القِطُّ بِأَيدي الفارِ
وَاِستَمَعَ الفيلُ إِلى الخِنزيرِ / مُوتَنِساً بِصَوتِهِ النَكيرِ
وَجَلَسَ الهِرُّ بِجَنبِ الكَلبِ / وَقَبَّلَ الخَروفُ نابَ الذِئبِ
وَعَطَفَ البازُ عَلى الغَزالِ / وَاِجتَمَعَ النَملُ عَلى الأَكّالِ
وَفَلَتِ الفَرخَةُ صوفَ الثَعلَبِ / وَتَيَّمَ اِبنَ عِرسَ حُبُّ الأَرنَبِ
فَذَهَبَت سَوابِقُ الأَحقادِ / وَظَهَرَ الأَحبابُ في الأَعادي
حَتّى إِذا حَطّوا بِسَفحِ الجودي / وَأَيقَنوا بِعَودَةِ الوُجودِ
عادوا إِلى ما تَقتَضيهِ الشيمَه / وَرَجَعوا لِلحالَةِ القَديمَه
فَقِس عَلى ذَلِكَ أَحوالَ البَشَر / إِن شَمِلَ المَحذورُ أَو عَمَّ الخَطَر
بَينا تَرى العالَمَ في جِهادِ / إِذ كُلُّهُم عَلى الزَمانِ العادي
الدُبُّ مَعروفٌ بِسوءِ الظَنِّ
الدُبُّ مَعروفٌ بِسوءِ الظَنِّ / فَاِسمَع حَديثَهُ العَجيبَ عَنّي
لَمّا اِستَطالَ المُكثَ في السَفينَه / مَلَّ دَوامَ العيشَةِ الظَنينَه
وَقالَ إِنَّ المَوتَ في اِنتِظاري / وَالماءُ لا شَكَّ بِهِ قَراري
ثُمَّ رَأى مَوجاً عَلى بُعدٍ عَلا / فَظَنَّ أَنَّ في الفَضاءِ جَبَلا
فَقالَ لا بُدَّ مِنَ النُزولِ / وَصَلتُ أَو لَم أَحظَ بِالوُصولِ
قَد قالَ مَن أَدَّبَهُ اِختِبارُه / السَعيُ لِلمَوتِ وَلا اِنتِظارُه
فَأَسلَمَ النَفسَ إِلى الأَمواجِ / وَهيَ مَعَ الرِياحِ في هياجِ
فَشَرِبَ التَعيسُ مِنها فَاِنتَفَخ / ثُمَّ رَسا عَلى القَرارِ وَرَسَخ
وَبَعدَ ساعَتَينِ غيضَ الماءُ / وَأَقلَعَت بِأَمرِهِ السَماءُ
وَكانَ في صاحِبِنا بَعضُ الرَمَق / إِذ جاءَهُ المَوتُ بَطيئاً في الغَرَق
فَلَمَحَ المَركَبَ فَوقَ الجودي / وَالرَكبُ في خَيرٍ وَفي سُعودِ
فَقالَ يا لَجَدّيَ التَعيسِ / أَسَأتَ ظَنّي بِالنَبي الرَئيسِ
ما كانَ ضَرَّني لَو اِمتَثَلتُ / وَمِثلَما قَد فَعَلوا فَعَلتُ
أَبو الحُصَينِ جالَ في السَفينَه
أَبو الحُصَينِ جالَ في السَفينَه / فَعَرَفَ السَمينَ وَالسَمينَه
يَقولُ إِنَّ حالَهُ اِستَحالا / وَإِنَّ ما كانَ قَديماً زالا
لِكَونِ ما حَلَّ مِنَ المَصائِبِ / مِن غَضَبِ اللَهِ عَلى الثَعالِبِ
وَيُغلِظُ الأَيمانَ لِلدُيوكِ / لِما عَسى يَبقى مِنَ الشُكوكِ
بِأَنَّهُم إِن نَزَلوا في الأَرضِ / يَرَونَ مِنهُ كُلَّ شَيءٍ يُرضي
قيلَ فَلَمّا تَرَكوا السَفينَه / مَشى مَعَ السَمينِ وَالسَمينَه
حَتّى إِذا ما نَصَفوا الطَريقا / لَم يُبقِ مِنهُم حَولَهُ رَفيقا
وَقالَ إِذ قالوا عَديمُ الدينِ / لا عَجَبٌ إِن حَنَثَت يَميني
فَإِنَّما نَحنُ بَني الدَهاءِ / نَعمَلُ في الشِدَّةِ لِلرَخاءِ
وَمَن تَخافُ أَن يَبيعَ دينَه / تَكفيكَ مِنهُ صُحبَةُ السَفينَه
غَزالَةٌ مَرَّت عَلى أَتانِ
غَزالَةٌ مَرَّت عَلى أَتانِ / تُقَبِّلُ الفَطيمَ في الأَسنانِ
وَكانَ خَلفَ الظَبيَةِ اِبنُها الرَشا / بِوُدِّها لَو حَمَلتهُ في الحَشا
فَفَعَلَت بِسَيِّدِ الصِغارِ / فِعلَ الأَتانِ بِاِبنِها الحِمارِ
فَأَسرَعَ الحِمارُ نَحوَ أُمِّهِ / وَجاءَها وَالضِحكُ مِلءُ فَمِهِ
يَصيحُ يا أُمّاهُ ماذا قَد دَها / حَتّى الغَزالَةُ اِستَخَفَّتِ اِبنَها
عُصفورَتانِ في الحِجا
عُصفورَتانِ في الحِجا / زِ حَلَّتا عَلى فَنَن
في خامِلٍ مِنَ الرِيا / ضِ لا نَدٍ وَلا حَسَن
بَيناهُما تَنتَجِيا / نِ سَحَراً عَلى الغُصُن
مَرَّ عَلى أَيكِهِما / ريحٌ سَرى مِنَ اليَمَن
حَيّا وَقالَ دُرَّتا / نِ في وِعاءٍ مُمتَهَن
لَقَد رَأَيتُ حَولَ صَن / عاءَ وَفي ظِلِّ عَدَن
خَمائِلاً كَأَنَّها / بَقِيَّةٌ مِن ذي يَزَن
الحَبُّ فيها سُكَّرٌ / وَالماءُ شُهدٌ وَلَبَن
لَم يَرَها الطَيرُ وَلَم / يَسمَع بِها إِلّا اِفتَتَن
هَيّا اِركَباني نَأتِها / في ساعَةٍ مِنَ الزَمَن
قالَت لَهُ إِحداهُما / وَالطَيرُ مِنهُنَّ الفَطِن
يا ريحُ أَنتَ اِبنُ السَبي / لِ ما عَرَفتَ ما السَكَن
هَب جَنَّةَ الخُلدِ اليَمَن / لا شَيءَ يَعدِلُ الوَطَن
يا سادة واسوا الفقير
يا سادة واسوا الفقير / طوّقتمونا بالمنن
وكل من ربىّ الصغير / مستوجب شكر الوطن
نحن صغار الأمة / هيا اغرسوا فينا الفطن
نحن لكم كصبية / إن لم تربونا فمن
لا يذهب الخير سدى / ومن يُعِن يوما يُعَن
والمرء لا بد غدا / يُجزَى عن الفعل الحسن
لي ساعة من معدن
لي ساعة من معدن / لا يقتنيها مقتن
تعجل دقا وتنى / مثل فؤاد المدمن
وعقرباها والزما / ن في اختلاف بين
إذا مشت لم أحتفل / أو وقفت لم أحزن
أو أخرت لم يُجدني / أو قدَمت لم أُغبن
أحملها لأنها / تغشّى في الزمن
تعزيني لذى الوزارتين
تعزيني لذى الوزارتين / تعزية الشيعة في الحسين
قد كان يعطى الختم باليدين / فصار يعطيه لحارسين
مطبعة قد تطبع الألفين / صغيرة في مثل حجم العين
يديرها الكاتب دورتين / فيظفر الرىّ بمليونين
زين الوزارات وأىّ زين / قد استرحتَ بعد طول الأين
وكنت متعبا بالاثنتين / كتعب الزوج بضرتين
فراق دنلوب كسد الدين / فلا تعد تلقاه بعد بين
لا يلدغ المؤمن مرتين /
احفظ لنا يا ربنا
احفظ لنا يا ربنا / وحيدنا خصم الوطن
وأدم عليه شوامه / متملقين مدى الزمن
وأطل له طربوشة / وامطط له أنفوشه
واحفظ له جاويشه / سامى العزيز المؤتمن
أنزل عليه الشيخ رشيد / بالوحى من عند العميد
يبرد بإذنك كالجليد / الصيف ضيعت اللبن
انظر إلى السمسار يسحر الفتى
انظر إلى السمسار يسحر الفتى / وانظر إلى الغلام كيف استحسنه
عندي ألف ما ملكت غيرها / من لي بها ألفين إن فاتت سنه
أنتم عزيز يا أخي في أزمة
أنتم عزيز يا أخي في أزمة / ولا يفك ضيقكم إلا الغِنى
في المال فيه وحده خلاصكم / لا بدّ منه اليوم أو لا فغدا
أجل بغير المال لا عيش لنا / وكيف من أين يجئ أَفِتنَا
مما نخوض فيه منذ ساعة / من الفتى من موت جدّة الفتى
وما الذي نصنع كي نصيده / لا بدّ من مصيدةٍ
اسمع أخي عزيز أنتم أسرة / لم يبق من وجودها إلا شفا
قصركم من قدم مهدّم / قد خاط فيه العنكبوت وبنى
سكنتموه ههنا وههنا / كالبوم كل بومتين في فضا
ملأتموه خدما أشداقهم / دائرة على الرغيف كالرحا
انظر إلى القصور كيف أصبحت / لم يبق من مقدَّم ولا أغا
احتجب القوم وراء ظلها / لا يُسأل البوّاب إلا قال لا
من ذلك المطلّ من لحيته
من ذلك المطلّ من لحيته / كالبغل من وراء مخلاة رنا
نسأل عن ذاك الذي انحنى على / صحيفة يقرا وولانا القفا
أجل أجل هذا القفا / هذا هو الدكتور