هَمِّي أتى من هِمَمِي
هَمِّي أتى من هِمَمِي / وصحتي من سَقَمِي
من عِلَّة البدءِ أنا / فِي علةٍ من هَرَمي
أفضِي حياتي تَعِساً / مذ كنتُ طَيَّ الرَّحِم
مُنغَّصاً فِي عيشةٍ / وإِن تكن كالدِّيَم
أسعَى ضَئيلاً مثلَما / يسعى بكفِّي قلمي
أودُّ أني لَمْ أكن / لكنّ سهمي قَدْ رُمي
فها وجودي عدمٌ / ليت وجودي عدمي
فإن أَعِشْ دهراً فطو / لُ العيشِ أدنَى الحُلُم
مَا ذقتُ أشهى مَطْعماً / إِلاَّ كصابٍ عَلْقم
إن أشْتهيها نِعَماً / من مَلْبَس أَوْ مَطعم
تَكدَّرت لداتُها / من السؤال الأعظم
رَبَّاه مَا أغناك عن / وجدان عبدٍ مجرِم
كم نعمةٍ أَوْليتَه / فذو الحِجَا لَوْ يَنْعَم
يرمي بطرفٍ دونَه / مَرْمَى شهابِ الأَنجُم
فلم يزل مُنغَّصاً / بعقلهِ المحتدِم
رُحماك ربي إنني / فِي بحر فكرٍ مُفْعَم
تحيط بي أمواجُه / فلك أكد أن أَسْلَم
ربَّاه إني بالحِمى / أرعى مَراعيَ الغَنم
أَهيم لا أدري بما / يضمّ كفي أَوْ فمي
يغيبُ عن فكريَ مَا / يَنطِق عنه كَلِمي
عجائبُ الكونِ لَهَا / تجري دموعي بدمِي
في كل آنٍ كم لَهَا / تطورٌ لَمْ يُحْسَم
صار خيالي غَرضاً / ترميه كلُّ الأَسهُمِ
إذَا أتيت حَرَماً / أتى الأسى من حَرَم
كَأَنَّ قلبي فِي فضا ال / أفكارِ سيراً يرتمي
يَطير فِي أفكاره / طَيْرانَ أُم قَشْعَمِ
ربَّاه إني لَمْ أزل / عن كل مَا يأتي عَمِي
تطير نفسي شَرراً / إذَا ذكرتُ مَأْثَمِي
ونادبُ البينِ يصي / ح نادِباً فِي مَأْتمي
رُحماك ربي إن أكن / فِي حالِ موتٍ مؤلم
يبكون حولي وأنا / فِي حالةٍ لَمْ تُعلَم
تنزِع نفسي مُكرَهاً / وقبلَ ذا لَمْ تُسَم
فيا لَهَا من جُرعةٍ / يَغَذُّ منها غَلْصَمي
هناك يبدو مَا خَفِي / من حَسَن أَوْ جُرُم
هناك يبدو ندمي / من حَيْثُ لاتَ مَنْدَم
حَتَّى أُدَسَّ صاغِراً / فِي جَدثٍ مُلتئمِ
يضمُّني ملتزِماً / ضماً يدق أعظُمي
يا وحشتي فِي مسكنٍ / يطول فِيهِ مَجْثمي
مَاذَا يكون بعد ذا / رَبَّاه من تيمُّمي
يطوف بي مُطهَّمٌ / يمرق مثل الزَّلم
يقوده مَلائِكٌ / يَسْعَون مثلَ الخدم
حَتَّى أُوافِي جنة / محفوفة بالنِّعم
أبقَى بِهَا مخلَّداً / عَلَى صفوفِ الكَرم
أو للشفا يَدُعُّني / موكَّلٌ بالحَطَم
يجرني قَهْراً إِلَى / دارِ الشقا جهنم
رباه جسمي لَمْ يُطِق / عَلَى مَسيس الضَّرم
هناك ربي لَمْ يكن / غيرَ الرجا مُعتصَمي
فارحمْ إلهي شَيْبَتي / فالويلُ إن لَمْ تَرْحم
بلَوْتَني مختبِراً / فلم أكن أن أَحتمي
فاصفحْ إلهي عن فتى / من الأسى لَمْ يَنَم
يطوِي الدَّياجي عِبَراً / تسيل مثلَ العَنْدم
رباه إن تغفرْ فما / أحلاهُ من مُقدَّم
وإِن تعاقبْني فوي / لي دائماً وانَدَمي
فاجعلْ رجائي شافعاً / عن زَلّةٍ بالقَدَمِ