يا باعِثاً لِدَعوَتي غُلامَهُ
يا باعِثاً لِدَعوَتي غُلامَهُ / وَعاتِباً مِن تَركِنا إِلمامَهُ
إِذا أَرَدتَ أَن تُزارَ في غَدِ / فَلا تُغالِ في الطَعامِ وَاِقصِدِ
وَاِعمِد إِلى ما أَنا مِنهُ واصِفُ / فَإِنَّني بِالطَيِّباتِ عارِفُ
اِبعَث فَخُذ عَشراً مِنَ الرُقاقِ / تَلَذُّها نَواظِرُ الأَحداقِ
تَكادُ مِمّا رَقَّ مِن خِرشائِها / تَشِفُ لِلأَعيُنِ مِن صَفائِها
أَرَقَّها الصانِعُ حَتّى خَفَّتِ / وَلَطُفَت أَجسامُها وَمُدَّتِ
تَكادُ لَولا حِذقُهُ في صَنعَتِهْ / تُطيرُها أَنفاسُهُ مِن راحَتِهْ
حَتّى أَتَت في صورَةِ البُدورِ / اَو مِثلَ جاماتِ مِن البَلّورِ
حَتّى إِذا فَرَغتَ مِنها مُتقِنا / وَلَم يَرَ العائِبُ فيها مَطعَنا
فَاِعمِد إِلى مُدَوَّرٍ مِنَ البَصَلْ / فَإِنَّهُ أَكبَرُ أَعوانِ العَمَلْ
يَحكي لِعَينَيكَ اِخضِرارُ قِشرِهِ / إِذا رَماهُ ناظِرٌ بِفِكرِهِ
غَلائِلاً خُضراً عَلى جَسومِ / بيضٍ رِطابٍ مِن بَناتِ الرومِ
حَتّى إِذا أَحكَمتَهُ تَقطيعا / وَقُلتَ قَد جَوَّدَتُهَ صَنيعا
خَلَطتَهُ بِاللَحمِ خَلطاً جَيِّداً / وَلَم تَزَل تَخلِطُهُ مُرَدِّدا
حَتّى إِذا أَنتَ أَجَدتَ فِعلَهُ / ثُمَّ جَمَعتَ في الرُقاقِ شَملُهُ
صَيَّرتَهُ يا ذا العُلا السَنِيَّهْ / شابورَةً لَيسَت لَها سَمِيَّهْ
ثُمَّتَ أَغلِ الشَبرِقَ المُقَشَّرا / مِن فَوقِهِ حَتّى تَراهُ أَحمَرا
مُكتَسِياً حُلَّتَهُ الخَمرِيَّهْ / مِن بَعدِ ما عَهِدتَها فِضِّيَهْ
ثُمَّ أَدِر كَأسَ الشَمولِ مُنعِما / أَكرِم بِهذا مَشرَباً وَمَطعَما
فَلَستَ في فِعلِكَ ذا مُبَذِّرا / كَلّا وَلا في حَقِّنا مُقَصِّرا