ما فَتَكاتُ البيضِ وَالسُّمرِ الأَسَل
ما فَتَكاتُ البيضِ وَالسُّمرِ الأَسَل / يَسطو بِها يَومَ الوَغى كُلُّ بَطَل
أَفتَكُ مِن لَواحِظٍ غازَلنَنا / بِهِنَّ غُزلانٌ تَهادى في الكِلَل
مَرَّت بِنا يَومَ النَّقا جَآذِرٌ / بيضُ الطُلى حُمرُ الحُلى سودُ الحُلَل
كُلُّ فَتاةٍ كَالقَناةِ لَدنَةٌ / يقعدُها ناهِضَةً ثِقلُ الكَفَل
قُلوبُنا تُخزَمُ لا أُنوفُنا / وَكُلُّ خَطبٍ أَخطَأَ الأَنفَ جَلَل
عَن حَبَبٍ وَحُبِّ مُزنٍ وَلآ / لٍ وَأَقاحٍ يَبتَسِمنَ في الجَذَل
تِلكَ ثُغورٌ لَيسَ فيها كَسَسٌ / وَلا بِها مِن رَوَقٍ وَلا يَلَل
سارَت بِهِم حداتُهُم لَكِنَّني / أَوسَعتُهُم سَبّاً وَراحوا بِالإِبِل
مَهلاً بِقَلبي في الهَوى يا عاذِلي / مَه لا تَلُمني سَبقَ السَيفُ العَذَل
أَوقَعني طَرفِيَ في حَتفي فَلا / تَلُم فَمُكرَهٌ أَخوكَ لا بَطَل
لا ذُقتَ مِن ذاكَ اللَّمى يا عاذِلي / فَإِنَّ لِلَهِ لَجُنداً مِن عَسَل
ما كانَ لي في الصَبرِ مُذ بانوا وَلا ال / سُلُوِّ عَنهُم ناقَةٌ وَلا جَمَل
آلَيتُ لا أَسمَعُ فيهِم واشِياً / يُزَخرِفُ القَولَ وَمَن يَسمَع يَخَل
إِنّي لَمَيتٌ بَعدَ تَوديعِهِمُ / لَبِّث قَليلاً يَلحَقِ الهَيجا حَمَل
سُحّي جُفوني لا تَشِحّي وَاِهتِفي / بِأَدمُعي حَيّ عَلى خَيرِ العَمَل
بِحُبِّ مَن أَراهُ لا مثلَ لَهُ / في الحُسنِ يَوماً أَنا في الحُزنِ مَثَل
أَلحاظُهُ أَرمى إِذا غازَلَنا / بِهِنَّ في الأَحشاءِ مِن بَني ثُعَل
بَل لَفظُ مُحيي الدينِ أَمضى أَسهُماً / في صَدرِ مَن ناضَلَهُ إِذا استَدَل
حَبرٌ لَدَيهِ مَن وَراء النَّهرِ في ال / جِدالِ يَلقى البَحرَ بِالماءِ الوَشَل
خُصومُهُ مِثلُ البُغاثِ ذِلَّةً / وَهوَ يُرى الأَجدَلَ في عِلمِ الجَدَل
يَضرِبُ في كُلِّ العُلومِ بِاليَدِ ال / بَيضاءِ لا سوءَ بِها وَلا شَلَل
وَكُتبُهُ الكَتائِبُ الشُّهبُ إِذا / أَنشَأَها مُبتَدِهاً أَو مُحتَفِل
عِبارَةُ الفاضِلِ في كِتابِهِ / تَرمي سُطورَ اِبنِ هِلالٍ بِالخَجَل
أَبى المَعالِيَ اِمرُؤٌ لَم يَمتَدِح / أَبا المَعالي وَلَبِئسَ ما فَعَل
يَهتَزُّ لِلجَدوى اِهتِزازَ صارِمٍ / يَهتَزُّ يَومَ الرَوعِ في كَفِّ البَطَل
شاوِرهُ أَو حاوِرهُ أَو جاوِر تَجِد / قَيساً وَقُساً وَالسَمَوأَلَ الأَجَل
استَغفِر اللَهَ وَأَينَ مِنهُ في ال / سُؤدَدِ أَربابُ المَكارِمِ الأُوَل
يا اِبنَ عَلِيِّ القُرَشِيِّ يا مُحَم / مَدُ اِستَمِع ما قُلتُ غَيرَ مُنتَحَل
جاءَ كَرَوضِ الحَزنِ مَمطوراً بِصَو / بِ المُزنِ إِذ جادَ عَلَيهِ وَوَبَل
قَدمتَ خَيرَ مَقدَمٍ فَكُنتَ كَال / غَيثِ أَتى مِن بَعدِ جَدبٍ فَهَطَل
وَعايَنَ الظاهِرُ مِنكَ عالماً / في عالمٍ أدركَ بِالعِلمِ الأَمَل
أَغزَرُ مِن بَحرٍ خِضَمٍّ عِلمُهُ / وَحِلمُهُ أَرزَنُ مِن كُلِّ جَبَل
فَعِرضُهُ في حَرَمٍ وَمالُهُ / في حَرَبٍ مِمَّن عَراهُ فَسَأَل
يَفعَلُ خَيراً وَيَقولُ مِثلَهُ / وَكَم رَأَينا قائِلاً وَما فَعَل
قُدومُهُ سَرَّ دِمَشقَ بَعدَما / ساءَ وُجوه أَهلِها حينَ رَحَل
لَم يُرَ مِنهُم غَيرُ ما مُستَوحِشٍ / أَو مُنطَوٍ فُؤادُهُ عَلى وَجَل
فَالخَيرُ ساعٍ مَعهُ حَيثُ سَعى / مُصاحِباً وَنازِلٌ أَينَ نَزَل
يا حَلَبَ البَيضاءَ قَد وافاكِ مِن / مُحَمّدٍ في دَهرِنا خَيرُ الرُسُل
ذاكَ هُوَ القاضي الَّذي أَقلامُهُ / بِها الأَقاليمُ تُساسُ وَالدُوَل
كَم مُشكِلاتٍ حَلَّها بِبابِهِ / فَكانَ مِفتاحاً لما مِنها اِنقَفَل
ذو مُحتدٍ زاكٍ وَمَجدٍ بازِخٍ / وَمَنصِبٍ يَعلو كَما تَعلو القُلَل
نادَت أَياديهِ بِطُلّابِ النَدى / هَلُمَّ تَلقَوا عَلَلاً بَعدَ نَهَل
لِعَزمِهِ أَصحَبَ كُلُّ شامِسٍ / وَكُلُّ ما عَزَّ بِغَيرِ اللَهِ ذَل
يا مُحيي الدينِ اِبقَ في سَعادَةٍ / ما سارَ في البِلادِ رَكبٌ وَقَفَل
وَلا تَزَل في عاجِلِ النَصرِ مَدى ال / دَهرِ وَفي مُستَأخِرٍ مِنَ الأَجَل
في اِبنِكَ نِلتَ كُلَّ ما أَمَّلَهُ / أَبوكَ فيكَ مِن رَجاءٍ وَأَمَل
فَأَنتَ بَينَ العُلَماءِ كُلِّهِم / كَمِلَّةِ الإِسلامِ حسناً في المِلَل
كَأَنَّ أَهلَ الشامِ فيهِ مُقلٌ / ناظِرَةٌ وَأَنتَ نورٌ في المُقَل