أن بليلاً من نسيم السحر
أن بليلاً من نسيم السحر / لمّا جرى في المربع المخمل
أخبر ريّاه أصحّ الخبر / عمّا جرى في الروض للبلبل
إذ هو مذ ألقى به ناظره / من بعد ما ثغر الصباح ابتسم
صادف فيه وردة زاهرة / والطلّ كاللؤلؤ فيها انتظم
مضمومة أوراقها الناضرة / مثل فم يطلب تقبيل فم
فظلّ يرنو مستديم النظر / رنوّ ظمآنٍ إلى منهل
وهي غدت ممّا بها من خفر / محمرّةً من نظر مخجل
ثم تمادى غرداً صادحا / يعلن للوردة أشواقه
ينطق بالحب لها بائحا / وهي التي تفعل أنطاقه
وتنشر الطيب له نافحا / كأنها تقصد انشاقه
حتى غدا البلبل منذ الصغر / في حبّها منطلق المقول
ينشد فيها شعره المبتكر / ولا يني فيه ولا يأتلي
أما ترى الأزهار كيف اغتدت / فراشة الروض عليها تطير
لها جناح هي منه ارتدت / ملاءةً مَوشيّةً من حرير
فهي إلى الروضة مذ ورّدت / أرسلها البلبل نحو الأمير
تحمل للورد أمير الزهر / رسائل الشوق من البلبل
فشاع في الأزهار هذا الخبر / واستَوجب العطف على المرسل
حتى إذا الورد مضى والنقضى / وعادت الروضة كالبلقعه
مسّت حشا البلبل نار الغضا / من حرقة البين الذي أوجعه
لا تسأل البلبل عمّا مضى / في زمن الورد له من دعه
ولكن اسأل في السماء القمر / عن خبر الورد مع البلبل
إذ كان يصغي منهما للسمر / وهو مطلٌّ ناظر من عل
فراشة الروضة ظلّت لذا / تحوم والأزهار من تحتها
تقبّل الزهرة ذات الشذا / طائرة منها إلى أختها
وتسأل الأزهار عمّا إذا / مرّ فقيد الورد من سمتها
لتخبر البلبل بعض الخبر / لعلّه غمتّه تنجلي
فإنه بات حليف السهر / مذ نزح الورد عن المنزل