المجموع : 5
لمن على الأجادل
لمن على الأجادل / كل هزبر باسل
تغدو بغاب أشِبٍ / من الوشيج الذابل
الألمعيُّ اللوذعِي / الأبلج الحلاحل
المستقل بالعلا / من دون كل خامل
شاهر من السلطان مو / سى الأشرف بن العادل
حلف الندى حتف العدا / حَلْيُ الزمان العاطل
طود به الشهباء في / أمن من الزلازل
أغاثها بعد الغي / اث خير كاف كافل
دعت فما لبى بغي / ر الضُّمَّرِ الصواهل
دامية أنسرها / لاحقة الأباطل
أزعجها الداعي فما / قرَّت على الطوائل
وبالظُّبا قد عودت / شرب النجيع السائل
حتى ثنى زرق العدا / مصفرة الأنامل
فيالها من دعوة / لم تنتصر بخاذل
يا ليث كل ماقط / يا غيث كل ساحل
يا من به الملك غدا / وهو شديد الكاهل
يا نعمة الله / على الأيتام والأرامل
يا موسوي اليد / والنعماء والفواضل
طل فقد عاد الندى / كان بغير طائل
ثنيته ظمآن لا / يلوي على المناهل
بِنَشْرِه الخوف بما / تطوى من المراحل
يظن جنح الليل ما / أثرن من قساطل
ويحسب الصبح الذي / جردت من مناصل
ويح الأولى تغلغلوا / في الكيد والغوائل
جاؤوا كما تدافعت / أعناق سيل حافل
والليث لا يذعره / مَرُّ النعام الجافل
فأوضح السَّعْيُ لهم / نَهْجَ الحِمام السائل
وَرُعْتَهم بعزمة / مثل القضاء النازل
فكنت كالطود وهم / ممتد ظل زائل
يا صدمة خرُّوا لها / صرعى على الكلاكل
تعوضوا من الدر / وع محكم السلاسل
قِيدُوا إلى الأغلال في / مصفد الغلائل
كم تركت بيض الظبا / عليهم من ثاكل
ها حلب دونهم / فليرجعوا في قابل
فدونك السيف الصقي / ل في يمين القاتل
فأي عقل لامرئ / يغتر بالمعاقل
أم كيف ينجو هارب / من هذه الجحافل
يا من به قد أسفرت / لي أوجه الوسائل
وأصبح الإقبال مذ / يممته مقابلي
وأنجز الدهر الذي / كان به مماطلي
صنت ندىً لآملٍ / صلت رداً لمائل
فالنيل منك للمنى / والويل للمُنازل
يا من به شمت ندى / بروق كل آمل
حيث يروق بشره / هادية المخايل
دونكها حلِّيّةً / من بعض سحر بابل
مثل الشمول رقة / معشوقة الشمائل
لا بات دهري في حم / اك عن مرامي شاغلي
فأين عن أبوابكم / تحدو المنى رواحلي
أم كيف عن أبوابكم / أرتاد نيل باخل
فصن عن الأملاك / يا أشرفهم عِقائلي
لا تترك الدهر / بناب النائبات آكلي
واضيعتي إن أنت لم / تعطف على فضائلي
أتقطع الأيام بي / وأنت خير واصل
يا طيب ما أنشد من / حمدك في المحافل
فدم لملك شِدْتَه / بالبيض والعوامل
وابن لما يرجوه من / سعدك كل آمل
بشير ما آجله / عنوان هذا العاجل
جلا صباح الحقّ ليل الباطل
جلا صباح الحقّ ليل الباطل / وحَلَّت النعماء كل عاطل
وقرّ قلب الملك من خفوقه / وأصبح الدين شديد الكاهل
فخراً بني أيوب فخراً فلقد / أنسيتم مناقب الأوائل
ذدتم عن الدين الحنيف إذ وَنَى / عن نصرة الإسلام كل خاذل
كنتم جبال الأرض لما عصفت / هُوجُ رياح هذه الزلازل
حتى جلت جذوتها وانكشفت / جمرتها عن كل ليث باسل
بذلتم لله من نفوسكم / ما لم يكن غيركم بباذل
وقمتم إذ قعد الأملاك عن / نصر الهدى كلَّ مقام هائل
صدمتم صِيدَ الفرنج صدمة / خَرُّوا لها صرعى على الكَلاكِل
ما سُلبوا حتى غدت جُسومهم / من الدم المحمرِّ في غلائل
دنت ثمار الوصل فاجتنيتم / يانعها من شوك كلّ ذابل
تولت السمر عليهم فاغتدى / يستخرج الأرواح كلّ عامل
أي جبال ما رست مذ مارست / عَصْفة ريح بطشكم في ساحل
جاؤوا وللبيد بوقع خيلهم / دويُّ رَعْد السحُب الجوافل
ترادفوا كالليل لكن دُهموا / بطلعة الصبح من المناصل
جالت خيول الله فيهم جولة / أبقت عليهم رنة الثواكل
سعادة أطلعت يا موسى لها / بدراً بأفق المجد غير آفل
ثبت والعز له توثب / إلى العدا بِالرَّيِّ في المقاتل
كففت كفّ الشر بالبأس وقد / قام لنصر الشرك كل مائل
قمعت أملاكاً أبان كيدهم / دفائن الأحقاد بعد العادل
تعوضوا عن رشدهم غواية / وعن فروض الحزم بالنوافل
نامت عيون الزعف عن زورهم / وقرت الجرد على الطوائل
فأين هم عنها إذا أَمَتْهُمُ / كالشهب في ليل من القساطل
دامية الأنسر من تردادها / إليهم لاحقة الأياطل
هلا وفت كما وفيتم وانتضوا / في نصركم نهج أبي الفضائل
نهج الذي متى نشر يوماً يسر / إليه فيما شاء من جحافل
كفّ سطا رزق أعاديكم بكم / والكفّ لا تسطو بلا أنامل
يا ابن الأولى كم كابدوا دون العلا / ضرب طُلَى الأسد على الأجادل
ما حلّقوا في الحرب إلا خلقوا / منها الوجوه بالنجيع السائل
أنشأت لي يا بحر سحباً حُفَّلاً / لم تخل أرض من غيوث نائل
فاستجلها يا من إليه كم طوت / أيدي المطيِّ شقة المراحل
وابق مديد العمر في سعادة / عاجلها اليوم بشير الآجل
موئل مطرود وظلّ لاجئ / وأمن مزؤود وكفّ آمل
إنَّ نفوساً بلغت آمالَها
إنَّ نفوساً بلغت آمالَها / تعلم من إلى المنى أمالها
أنقذها من أسرها منفرد / بالمجد فك برؤه أغلالها
شاهي فخر شاذوي نسبة / ما صح إسناد العلا إلا لها
فتى المعالي ما شكا إلا شكت / فإن أبل عاودت إبلالها
فقد غدت صحته صحتها / وأصبح اعتلاله اعتلالها
أُعِيذُ شمس المكرمات والندى / من أن تَرَى عينُ الهدى زوالها
وحبذا اليوم الذي سعوده / كل غدا مقابلاً إقبالها
يوم به الدنيا حلت بما جلت / من حليها لا سلبت جمالها
لولاه أعيا منكب الأرض بما / تحملت وزلزلت زلزالها
فاليوم قر المصطفى في لحده / ووقيت ملته اختلالها
واستبشرت جردُ المذاكي بِفَتىً / كم في مقرّ الحرب قد أجالها
بمقدم نحو العدا صدورها / محرم على القنا أكفالها
بدا بدو الشهب في سعودها / أو البدور وفيت كمالها
يا ابن المَطاعينِ المُطاعينَ إذا / قالوا ولاقوا في الوغى أَقْيَالَها
هب لليالي ذنبها فقد أتت / من خجل ساحبة أذيالها
فإن أساءت فلكم قد أحسنت / حين تلاقى بالقنا أبطالها
حين تُرى في معرك الحرب ولا / أسد الشرى مانعة أشبالها
بحيث أنبوب القناة قاذف / موارداً من ثُغَرٍ آسالها
يا نعمة الله التي أسبغها / منه على الخلق فلا أذالها
كم غدوات لك في بذل الندى / والجود وَاصَلَتْ به آصالها
حففت من هم الصدور مغرباً / في مِنَنٍ حمَّلتَه أثقالها
أنت الذي أصفيت من مياهها / عذباً وأضفيت لنا ظلالها
يا مدعي آيات موسى عَدِّ عَنْ / منى غدوت تابعاً ظلالها
واعذر إذا قصر عن إدراكها / باع مساعيك فلن ينالها
خيم لذي سفح هضاب مجده / فقد غدا مفترعاً قلالها
هيهات من سعيك مسعى ملك / لو طاول الشهب علاً لطالها
ذي رحمة ترجو العفاة وبلها / ونعمة يخشى العدا وبالها
إذا أتى موهبة أطابها / وإن بنى منقبة أطالها
ربّ يمين في الندى تجل أن / تحكي يمين حاتم شمالها
كم نِعَمٍ من نَعَمٍ أولى ولا / في غير توحيداته ما قالها
أعظم فخر للملوك إن هم / عدوا نجوماً أن يرى هلالها
أين ملوك الأرض عن مواقف / لم يرض لما أغفلوا إغفالها
ناموا ولكن أسهرتهم عزمة / تحملت نَخْوَتُه أثقالها
رأته في وقت السرى حاملة / آجامها فاستغربت آجالها
أهوى لها الحتف الذي ما عظمت / مرآه حتى صغرت أهوالها
فأغمدت سيوفها مذ شاهدت / حُتُوفَها وجردت سؤالها
مناقب حزن المدى إذْ للهدى / ألسنة قد ضربت أمثالها
فاسأل مناحي الدين من أقامها / وعثرة الإسلام من أقالها
من عوض الفرنج عن شدتها / لِيناً وعن إدلالها إذلالها
كادت تدكّ المشعرين والصفا / بالجرد لولا أنه سما لها
لولاه لاعتاضت منى عن أمنها / خوفاً وأَجْلى آلها إلا لها
وبات للبيت الحرام بعدها / حنين نِيبٍ فقدت آبالَها
يا من له خزائن ما برحت / آمالها تسلبها أموالها
بقيت يا موسى لصون مكة / لولاك كان الشرك قد أذالها
لا فجعتنا بكم الدنيا فكم / قد رجفت فكنتم جبالها
فلست أخشى حين تبقى سالماً / أن تصنع الأيام ما بدا لها
أين السيوف والأسل
أين السيوف والأسل / من القدود والمقل
أفدي غزالاً لم أكن / لولاه مُغْرىً بالغزل
بنرجس اللحظ حمى / في خدّه ورد الخجل
أسمر من أعطافه / تكتسب السمر المَيَل
ومن فتور طرفه / تستوهب العين الكَحَل
أَذَّنْتُ في حيٍّ له / حيَّ على خير العمل
بعطفه وطرفه / إن طعن القلب نهل
فهو خفاجي القوام / واللحاظ من ثُعل
جبان قلب طرفه / يفتك بي فتك البطل
يقسو إذا لنت وإن / وفيتُ بالعهد مَطَل
أسرف في الجور فهل / عار عليه إن عدل
ولج في الخلف ولو / أضمر هجري لوصل
علمت من نمل الع / ذار أن في فيه عسل
وسنان طَرْفٍ أمرُه / في كل قلب ممتثل
أيّ قضيب في نقا / عليه بدر لا أفل
مالي من وصاله / حظّ سوى ليت وعل
ولوعة يَهِيجُها / ذكر اللييلات الأول
ولى على قلبي الجوى / ظلماً وللصبر عزل
شكوت حالي فأبى / عطفاً وما اخترت بدل
فبين طرفي والكرى / ما بين سمعي والعذل
وَلي فؤاد ناره / تزداد بالدمع الشُعّل
حَيُّ الغرام والأسى / مَيْت الرجاء والأمل
يا خصره الظمآن ما / لقيت من ذاك الكفل
وذا النشاط ما الذي / عراه من ذاك الكسل
ويلاه من قد يمي / ل كلما قلت اعتدل
ومن لحاظ لن يوف / ق سهمها إلا قتل
فهي كسيف الملك / الظاهر في سلب الأجل
معطي البلاد واللهى / والخيل مرداً والخول
ومانع الإسلام إذ / يدجو عجاج كالشُّعل
والمشتري رقّ العلا / بكل ما دقّ وجل
والكافل الملك فلا / روع يوماً ما كفل
والمعمل الرأي غدا / في عصمة من الزلل
والثابت الجأش إذا / ما طار بالناس الفضل
حيث السيوف والقنا / ما بين عَلٍّ ونَهَل
والنقع ليل ماله / غير ظُبا الهند شُعل
إن أظلم الدهر أضا / أو جمد الغيث هطل
تلقاه في يوم الوغى / أبلج والخطب جلل
هامي حيا الجود إذا / ضنّ الملوك بالبذل
سل حلمه يوم الندى / يَعْصِمْك من بحر جبل
أفنى ثرى أبوابه / لثم الملوك والقبل
ونال باستحقاقه / ما نال قوم بالحيل
ملك به الدنيا غدت / تبدي سروراً وجذل
أي فتاة في حُلىً / كانت عجوزاً في سمل
يقضي على أعدائه / بحكم بيض وأسل
لا سأمٌ يدركه / دون العلا ولا ملل
منزه عن خطأ / من المقال وخطل
كالبحر مذ لذت به / غَنِيتُ عن كلِّ وشل
فارجُ الغنى منه إذا / ما غيثُ جدواه استهل
واخش سطاه ساخطاً / إن شنَّ درعاً أو نثل
أقسمت ما الروض اكتسى / من فاخر النَّوْرِ حلل
أرضع طفل نبته / درُّ الحيا حتى اكتهل
والورق في أفنانها / تتلو خفيفاً ورمل
أحسن منه بهجة / إن صال يوماً أو بذل
يا ناصري في زمن / كان لفضلي قد خذل
لك السيوف لم تزل / عارية من الحلل
صوارم ليس بها / لحادث الدهر قِبَل
قرَّ بها قلب الهدى / بعد خفوق ووجل
فمن رأى من قبلها / ناراً بها نقع الغلل
لا يرتضي سوامها / غير طُلَى الصيد نفل
يا ملكاً بعدله / يضرب في الأرض المثل
أنت لذا الملك الذي / ليس له عنك بدل
شهابه فلا خبا / وحليه فلا عطل
فإن ينل غيرك من / مقسومه ما لم تنل
فهو كمثل النقع ما / قيل علا إلا نزل
فسوف تنقاد إلى / أمرك أعناق الدول
فالحق لا يبطله / طول التمادي بالعلل
والملك أولى بفتى / ما جدَّ يوماً فهزل
والناس إلا في ع / لاك بين خُلْف وجدل
فيا فتى ما فاتني / ببابه نيل أمل
يفديك من بكفه / كف عن الجود شلل
كأنما آمله / مستخبر وهو طلل
فاهنأ بشهر الله / يا أشرف قدراً وأجل
وابق غياث الدين ذا / سعد وملك يقتبل
مؤبد تختال في / حَلْي الثناء والحلل
سل عن دمي غير السيوف والأسل
سل عن دمي غير السيوف والأسل / ولا تحد عن القدود والمقل
ففي الخدود لمحة منه متى / قابلتها بالثار ورت بالخجل
ويلاه ما أضيع مطلول دم / لم تُحتكم فيه دُمىً ولا طَلَل
أردت به لواحظ ما برحت / أجفانها تستلّ أسياف الكَحَل
فيالها لواحظ كليلة / أحكامها أنفذ شيء في الأجل
وبي غزال كلما غازلني / يَلَذًّ قلبي فيه تأليف الغزل
أغنّ أغنى طرفه عما ارتدى / لقتلتي وقده عما اعتقل
أعربت عن حالي وواو صُدغه / لا تعرف العطف وما عنه بدل
ذو حاجب ينسيك قوس حاجب / يبيت يرمي عنه طرف من ثعل
ظل يذبّ قده عن ثغره / فصدني العسال عن ورد العسل
فلا ترج عطفة من عطفه / أميل ما كان إذا قيل اعتدل
فليت ما بين فؤادي والأسى / في حبه ما بين سمعي والعذل
أغرب في الخُلْف فلو أضمر لي / غدراً وَفَى أو رام هجراً لوصل
يظهر ضعفاً خصره عن صده / وهو لإثقال دمي قد احتمل
قلب جبان باينته أعين / تفتك في عشاقه فتك البطل
فأيها الآمر لي بسلوة / كم سار في منهجها قلبي فضل
دعني فقد أذَّنْتُ في حَيٍّ له / مجاهراً حيَّ على خير العمل
يا لِدَمٍ طاحَ ولم ألقَ له / من ناصر يدفع عني ما نزل
أما عجيب أنه يفتك بي / والخيل نحوي ملجمات والخَوَل
حيث لواء الملك الظاهر لا / يضام من لاذ به أو استظلّ
أصيد لو لاذت به العصم غدت / غنية عن مشمخرات القلل
أبلج طلق الوجه للخلق كفى / نوائب الدهر وللخطب كفل
ذِمْرٌ إذا ما أحجم الليث مَضَى / غَمْر إذا ما أحجم الغيث هطل
سل حلمه إن لججت راحته / في كرم يعصمك من بحر جبل
ما برحت تغرب في إبداعها / بديهة من جوده تعطي الجُمَل
سماحة تكسى شباباً كلَّما / شاب سماح من أناس واكتهل
يعطي الجزيل قبل أن تسأله / وغيره يعطي القليل بالحيل
مواهب تجمع أشتات المنى / وأنعم تضحك في وجه الأمل
قد أجمع الخلق على تفضيله / من بعدما أفنوا الزمان في الجدل
ليث غدت أمواله ينهبها / صغاره ما بين سهل وجبل
يا سامي الفضل ولولاه ذَوَى / وَرَاعِيَ العدل ولولاه اضمحل
كيف تساميك إلى نيل العلا / أيد بها عن كل معروف شلل
وأين من مسعاك قوم قصروا / عن غاية جاوزتها على مهل
يا محرز العلياء من جحاجح / هم أطفؤوا ما شبَّ من نار الدول
كم غلة نقعت من نفس الهدى / بمرهفات تترامى بالشُّعَل
فهل أرى اليوم الذي آمله / والصبح بالنقع المثار كالطفل
حيث ترى سمر الرماح شُرَّعا / والبيض قد أخليت منهن الحلل
وينجلي النقع وراياتك قد / قضى لها النصر بفرض ونفل
هناك مهما عشته من بعدها / زيادة أحسبها فوق الأجل
يا خافض الشرك بعزم ناصب / ورافع الإيمان في أعلى محل
اهنأ بشهر الصوم وابقَ هكذا / في الملك ذا نهي وأمر ممتثل