أًحسنتُم إِن تُحسنوا في الفِعْلِ
أًحسنتُم إِن تُحسنوا في الفِعْلِ / بقطعِ قَطْعِي وبَوَصْلِ وَصْلي
أَنعمتمُ من قبلِ أَنْ أَسأَلكم / ما نالَ هذا عاشقٌ مِنْ قَبْلي
أَسرتُمُ سرِّي بإِنعامِكم / كما عقَلْتم بالنَّعيم عقلي
للناس أَشغالٌ ولكنكم / وحقِّكم دونَ الأَنامِ شُغْلي
قد كنتُ أَخشَى القتلَ من صدِّكم / فكان منكُم بالوصالِ قَتْلي
فوصلُكم ولا عدمتُ وصلَكم / إِن شئتَ يغْري أَو أَردت يسلي
في كُلِّ حال أَنا مقتولُ الهوى / ما أَنتَ مِنِّي يا هوىً في حِلِّ
وكُلَّ يومٍ لفُؤادِي فتنةٌ / بفاتِن الحسنِ نحيفٍ عبْلِ
فخِصْرُه أَنحفُ من عاشِقِه / وردفُه مثلُ كثيبِ الرَّمْل
بل رِدْفُه كالجدِّ تحت خِصْرِه / وخِصْرُه من فوقِه كالهزل
يقول للأَنجمِ في سمائِها / أَهلاً وسهلاً بكُمُ يا أَهْلي
كالبدر في سَنَائِه وسِنِّه / بل هو أَبهى منه للمُسْتَجْلي
فيا طفيليَّ عِذَارِ خدِّه / لقد تطفلتَ على ذا الطِّفل
يريكَ قدَّ الرُّمحِ من قامَتِه / وطرفُه يريكَ قدَّ النَّصل
فطرفُه كُوِّنَ من مضائه / والخدُّ من فِرِنْدِهِ والصَّقْل
كم قال لي من تِيهه وعجْبِه / مثلُك لا يَعْشَقُ إِلاَّ مِثْلي
فمَنْ إِلى سُوقِكَ ساقَ فِتْنَتي / ومَن عَلى قتلِك دلَّ دَلِّي
وحسنُه المقبل في شَبَابه / يعجب من شبابِي المولِّي
يا غُلةً لي في الحَشا على الصِّبا / ما أَنت إِلاَّ للحشا كالغلِّ
ولايةُ الشباب كانت عزَّتي / فذقت طعمَ الذُّلِّ يوم عزلي
وسوف أَسلوهُ ويَبْلَى ذِكْرُه / فالدَّهر يُسْلِي والزمانُ يُبْلي
وربما أَشكره مُوَلِّياً / كراحتِي من استماعِ العَذْل
فقل لعذَّالي عني إِنَّني / أَنَخْتُ إِبْلِي وحَطَطْتُ رَحْلي
ومذ رماني الشَّيْبُ عن قوسِ النهى / رميتُ قَوْسِي وكَسَرْت نَبْلِي
وإِن يكن بالحبِّ حقّاً للورَى / نَقْصِي فبالأَفضل بان فَضْلِي
وسار ذكْرى وارتقت منزلتي / وطال فَرْعي واسْتقَرَّ أَصلي
وجلَّ قدري بكتابٍ جاءَني / منهُ دَعانِي فيه بالأَجَلِّ
عَلَتْ به مَرْتَبتي ولم يَزَلْ / يعلو عَليٌّ في الورى ويُعلي
أَيُّ كتابٍ قد حوت سطُوره / جوداً جزيلاً بكلام جزل
فكل طول قد أتى في طيه / وكل فَضْلٍ قد أَتى في فَصْلِ
كأَنه من عند ربِّي جاءَني / بأَنَّ في جنَّةِ عَدْنٍ نُزْلي
فكان في رفْعي له كملْكِي / وكان من لثمي له كخِلِّي
أَقلُّ هذا البر حازَ أَكثري / وبعضُ هذا الفضْلِ حَاز كُلِّي
للهِ ما أَعجزَنِي عن شُكْرِه / والعَجْزُ لا أَعهدُه من فِعْلي
وكيف لي بشكر من أَذْهلَنِي / حتى غَدا علمِيَ مثل جَهلي
وكم لنورِ الدِّين عِنْدي مِنْ يَدٍ / قد نَوَّرَتْ إِلى العَلاءِ سُبْلِي
متى أَراني قاصِداً جنابَهُ / أَحثُّ خيلي وأَحُثُّ رجلي
متى أَراني ساكناً في ظله / يا حرَّ أَشواقي لذاك الظِّل
متى أَرَاني داخلاً من بابه / وقد وَضَعْتُ خَلْفَ ظَهْرِي ثِقْلي
متى أَراني وَاطِئاً بِساطَه / أَسْعى برأْسِي فوقَه لاَ رِجْلِي
متى أَراني كاتِباً لدَسْتِه / أَكتبُ فيه مُعْجِزِي وأُمْلِي
أَكتب عنه ما يُحلِّي ملكَه / ومِثْلُ ما أَكتبُه يُحلِّي
أَكتب ما يُدْني له مَرامَه / ويجعلُ الصَّعْبَ له كالسَّهل
أَكتب ما يُغْنِيه عن كتائبٍ / مراجلُ الحروبِ فيها تغلي
والأَمر في أَمري إِليه راجعٌ / إِليه عَقْدِي وإِليه حَلِّي
وإِنَّما عيبي زماني عاجزٌ / إِني الحُسام في يَدِ الأَشل
لابدَّ أَن يرفعَ شَأْنِي مَلِكٌ / يَعرفُ لي نَباهَتي ونُبْلي
ملِكٌ ملوكُ الأَرضِ تَروِي فضلَه / حُبّاً ومن أَفْعالِه تَسْتَملي
مُحيي الهُدى ببأْسه على العدى / وقاتلُ الجَوْرِ بسيفِ العدل
فعدلُه ودام فينا عدْلُهُ / طهَّر أَخلاقَ الزمانِ الرَّذْل
يفخرُ من يقتلُه بسيفِه / إِذ كَان يحيا ذِكْرُهُ بالقَتْل
هذا عَليٌّ كعليٍّ في الوغى / هذا الأَميرُ كأَميرِ النحل
جمعتُ شملَ الشِّعرِ فيك مادحاً / لمَّا جمعتَ بالنَوال شَمْلي
ولم أَزل على نداك والجاً / إِنِّي على نَدَاك كالمُدْلِ
وقلَّ قَوْليَ في كثيرٍ نِلْتُه / يا رحمةَ المكثِر لِلْمُقِلِّ