المجموع : 3
يا طُرَّةَ الشّيحِ بسفْحِ عاقِلِ
يا طُرَّةَ الشّيحِ بسفْحِ عاقِلِ / كيفَ تُناجيكِ صَبا الأصائِلِ
لا خَطَرَ النَّعامُ فيكِ مَوْهِناً / يَريغُ تَوشيمَ الخِضابِ النّاصِلِ
وصافَحَتْكِ الرّيحُ حَسْرى والثّرى / مُرْتَضِعٌ دَرَّ الغَمامِ الهاطِلِ
فرُبَّ أعْرابيّةٍ نَشْوى الخُطا / تُقْلِقُ أثناءَ الوِشاحِ الجائِلِ
تَرمي حَواليكِ بأحْداقِ المَها / إذا ارْتَقَبْنَ غِرَّةَ الحَبائِلِ
وَيْحَ الهَوى كيفَ أصابَ لحْظُها / وقد أطاشَ أسْهُمي مَقاتِلي
أما كَفاها القَدُّ وهْوَ رامِحٌ / ألا تُراميني بطَرْفٍ نابِلِ
أصْغَتْ إِلى الواشينَ بعْدَ صَبْوَةٍ / أرُدُّ فيها لَغَطَ العَواذِلِ
فلَيْتَها أوْصَتْ بِنا خَيالَها / غَداةَ أبْدتْ صَفحةَ المُزايلِ
تَضحكُ منْ ذي ولَهٍ يَبكي الصِّبا / شَوْقاً إِلى أيّامِهِ القَلائِلِ
أيا أخا حَنظَلَةَ بنِ مالِكٍ / ناضِلْ عنِ الفِهْرِيِّ أُخْتَ وائِلِ
فالنَّثْرَةُ الحَصْداءُ لمْ تَسُنَّها / إلا على عَبْلِ الذِّراعِ باسِلِ
والثّأْرُ لا تَغْفُلُ عنهُ خِنْدِفٌ / فكيْفَ أغْضَيْتَ على الطّوائِلِ
إنْ لمْ أرَوِّعْ قَوْمَها بفِتْيَةٍ / يَمْشونَ مَشيَ الأُسْدِ بالمَناصِلِ
تَشُلُّهُمْ بأذْرُعٍ مَفْتولَةٍ / على الرِّقابِ في عُرا السّلاسِلِ
فما انْتَضَتْ أفْرى حُسامٍ للطُّلى / منْ خَيرِ جَفْنٍ ضمَّهُ قَوابِلي
وقد أرابَ والرّقيبُ هاجِعٌ / طُروقُها تَرفُلُ في الغَلائِلِ
مرّتْ بجَرْعاءِ الحِمى فعَطّرَتْ / أشباحَ أطْلالٍ بها نَواحِلِ
تَبغي كأنْضاءِ السّيوفِ فِتْيَةً / مُوَسَّدينَ أذْرُعَ الرّواحِلِ
فأرَّقَتْ أسْوانَ خاطَ جَفْنَهُ / كَرىً هوَ الصّهْباءُ في المَفاصِلِ
عَدِّ عنِ الطّيفِ فما أتى بهِ / حُلْمٌ جَنَتْهُ سَوْرَةُ البَلابِلِ
والشِّعْرُ في غَيرِ الإمامِ صادِرٌ / عنْ فِكَرٍ تعلّلَتْ بالباطِلِ
منْ مَعْشَرٍ شُمِّ الأنوفِ ذادَةٍ / بَيضِ الوجوهِ سادَةٍ أماثِلِ
دلّتْ على أعراقِهِمْ أفعالُهُمْ / والمَكْرُماتُ جمّةُ المَخائلِ
فطرّفوا عنِ العُلا بأذْرُعٍ / شابَتْ أسابيَّ دَمٍ بِنائِلِ
شنّوا على الأعْداءِ غاراتِهمْ / تَتْرى كوَلْغِ الأذْؤُبِ العَواسِلِ
وكم أناخُوا الحَربَ وهْيَ تَلْتَظي / على مُسِرِّ الضِّغْنِ بالكَلاكِلِ
وقد وفَوْا إذا ضمنوا يومَ الوَغى / رِيَّ القَنا للأَسْل النَّواهلِ
فهاشمٌ خيرُ بَني فِهْرٍ وهُمْ / خَيْرُ الوَرى وأشْرَفُ القَبائِلِ
لِلّهِ بَيْتٌ شَدَّ مِنْ أطْنابِهِ / رَكْزُ القَنا في ثُغَرِ القَنابِلِ
عَبدُ مَنافٍ ضُرِبَتْ أوْتادُهُ / على طُلى الأعْداءِ والكَواهِلِ
هلْ يَخفِضُ السّادِرُ منْ هَديرِهِ / فالمَجْدُ لا يَعْبَقُ بالأراذِلِ
كمْ يُلْقِحُ الآمالَ وهْيَ تَرْعَوي / إليهِ في أعقابِ جَدٍّ حائِلِ
يُمْسي إذا الليلُ ارْجَحَنَّ ظِلُّهُ / في شُغُلٍ عنِ الرُّقادِ شاغِلِ
وإنْ أضاءَ الصُّبْحُ زَرَّ صَدْرُهُ / على الجَوى مُرْتَعِدَ الخَصائِلِ
سيَخْطِرُ الآبي على شَكيمِهِ / منْ زُبَرِ الحَديدِ في الخَلاخِلِ
ودونَ ما يُعْلي إليهِ طَرْفَهُ / عَيْطاءُ تُدمي قَدَمَ المُساجِلِ
يا خَيْرَ مَنْ تَفترُّ كلَّ شارِقٍ / عَنْ ذِكْرِهِ ضَمائِرُ المَحافِلِ
جاءَكَ شَهْرُ اللهِ طَلْقَ المُجْتَلى / مُبارَكَ الأيّامِ واللّيائِلِ
يُهْدي لكَ الأجْرَ وتَقْريهِ الندىً / مِنْ نِعَمٍ مُتْرَعَةِ المَناهِلِ
فلْيَرْعَ حَوْذانَ الغُمَيْرِ هَجْمَةٌ / لِعامِرٍ طائِرَةُ النّسائِلِ
فَلي بأكْنافِ العِراقِ مَسْرَحٌ / رَحْبُ المندىً أرِجُ الخَمائِلِ
ومِنْحَةٌ ضافيَةٌ أرْمي بِها / طَرْفِيَ في إثْرِ الغَمامِ الوابِلِ
وأستَدِرُّ صَوْبَها بمِدْحَةٍ / تَغْرَى لَها الأسْنانُ بالأنامِلِ
غَرّاءُ لو ذابَتْ لَصاغَتِ الدُّمى / منها حُلى أجْبادِها العَواطِلِ
ولَوْ رَضِيتُ حَبَّرَتْ رُواتُها / بِها كَلامَ العَرَبِ الأوائِلِ
إيهاً فكمْ تُهْصَرُ أغْصانُ الضّالْ
إيهاً فكمْ تُهْصَرُ أغْصانُ الضّالْ / والعِيسُ يمْرَحْنَ بمُسْتَنِّ الآلْ
منْ كُلِّ فَتْلاءِ الذِّراعِ مِرْقالْ / يَفحَصْنَ أُدْحِيَّ الظّليمِ المِجْفالْ
مِيلِ الهَوادي ناحِلاتِ الأوْصالْ / كأنّها مَزمومَةٌ بالأصْلالْ
فهُنَّ أمْثالُ الحَنايا الأعْطالْ / بِها اهْتِزازاتُ الوَشيجِ العسّالْ
للحَدْوِ بالأهْزاجِ قبلَ الأرْمالْ / قدْ وشّجَتْ بالغَدَواتِ الآصالْ
بمَسْرَحِ العُفْرِ ومَرْعى الأوْعالْ / ارْمِ بِها والليلُ ضافي الأذْيالْ
منْ لَهواتِ الوادِ مَغْنىً مِحْلالْ / تَرْشُفُ دَرّاتِ الغَمامِ الهَطّالْ
حيثُ تَرودُ السّرَواتُ الأزْوالْ / ويَملأُ السّمْعَ زَئيرُ الرِّئبالْ
ويَسْحبُ الفارِسُ ذَيْلَ القَسْطالْ / صامَتْ حَوالَيهِ بَناتُ العَقّالْ
منْ كُلِّ وَضّاحِ المُحَيّا صَهّالْ / بَضيعُهُ خاظٍ وهادِيهِ عالْ
صافي الأديمِ مُسْتَنيرِ السِّرْبالْ / كأنّما رُشّ عليهِ الجرْيالْ
يُديرُ إمَّا هَزَّ عِطْفَيْ مُخْتالْ / مَكْحولَتَيْ ظَبْيٍ يُراعي أطْفالْ
أغْدو علَيهِ في فُتُوٍّ أقْيالْ / كالإبِلِ الجُرْبِ هَناهُنّ الطّالْ
والبِيضُ تَمشي راجِحاتِ الأكْفالْ / منْ كُلِّ بَلْهاءِ التّثَنّي مِكْسالْ
تُبْدي لأطْرافِ القَنا عنْ خَلْخالْ / والسَّمْهَريّاتُ بأيْدي أبْطالْ
تَميسُ في أطْرافِهِنَّ الآجالْ / يا حَبذا رَعْيُ المَطيِّ الأهْمالْ
إذا تَجاذَبْنَ فروعَ الأهْدالْ / تَكْرَعُ منْ رَشْحِ الحَيا في أوْشالْ
عُوجاً إِلى رَجْعِ الحُداءِ الجَلْجالْ / لا عِزَّ إلا لرُوَيْعِي أشْوالْ
لم يتطَرَّقْ عَرَصاتِ البُخّالْ / يَخْطِرُ في أثناءِ بُرْدٍ أسْمالْ
ولا يُناجي خَطَراتِ الآمالْ / فإنّ أطْواقَ الأيادي أغْلالْ
يا حاديَ الشَّدَنِيّاتِ المَطاريبِ
يا حاديَ الشَّدَنِيّاتِ المَطاريبِ / أناقِلٌ أنتَ أخْبارَ الأعاريبِ
ترفّعَتْ بكَ أو بي همّةٌ تَرَكَتْ / هذا الرُّدَيْنيَّ مَهْزوزَ الأنابيبِ
فعُجْ على خِيَمٍ لَفّتْ ولائِدُها / أطْنابَهُنَّ بأعْرافِ السّراحيبِ
واهاً للَيْلَتِنا بالجِزْعِ إذ طَرَقَتْ / عُفْرَ الأجارِعِ منْ بَطْحاءِ ملْحوبِ
والوائِليّونَ يَسْري في عُيونِهِمُ / كَرًى هوَ الغُنْجُ في لَحْظِ الرّعابيبِ
ولاحَ في الكِلّةِ الصّفْراءِ لي رَشأٌ / يَرْمي دُجَى الليلِ عنْ أجْفانِ مَرْعوبِ
طَرَقْتُهُ والنّجومُ الزُّهْرُ حائِرَةٌ / على مُطَهّمَةٍ جَرْداءَ يَعْبوبِ
وقد دنَتْ منهُ حتّى أوْدَعَتْ أرَجاً / أحْناءَ سَرْجي أفاوِيهٌ منَ الطّيبِ
وكادَ يَفْتِلُ إكْراماً لزائِرِهِ / عِذارَها منْ أثيثِ النّبْتِ غِرْبيبِ
لكنهُ سَتَرَ البَدْرَ المُنيرَ بهِ / حتى أجارَ مُحِبّاً صُدْغُ مَحْبوبِ
وقد أخَذْنا بأطرافِ الحَديثِ فكَمْ / دَمْعٍ على مَلْعَبِ الأطْواقِ مَسْكوبِ
واسْتُعْجِلَتْ قُبَلٌ مَرّتْ على شَبِمٍ / صافي القَرارَةِ بالصّهْباءِ مَقْطوبِ
إني لأدَّرِعُ اللّيلَ البَهيمَ ولا / أُليحُ منْ قَدَرٍ يأتيكَ مَجْلوبِ
وفيَّ منْ شِيَمِ الضِّرْغامِ جُرأَتُهُ / إذا أرابَتْكَ أخْلاقٌ منَ الذّيبِ
أُواصِلُ الخِشْفَ والغَيْرانُ مُرْتَقِبٌ / لا خَيْرَ في الوَصْلِ عِندي غَيْرَ مَرْقوبِ
ولا أُحالِفُ إلا كلَّ مُشْتَمِلٍ / على حُسامٍ منَ الأعْداءِ مَخْضوبِ
يَسْتَنْزِلُ المَوْتَ في إقدامِهِ طَرِباً / إِلى مَدىً يَدَعُ الشُّبّانَ كالشّيبِ
ويَستَجيشُ إذا ما خُطّةٌ عَرَضَتْ / رأياً يَشيعُ بأسْرارِ التّجاريبِ
منْ مَعْشَرٍ يَحْمَدُ العافي لِقاحَهُمُ / إذا امْتُدِرَّتْ أفاويقُ الأحاليبِ
أعداؤُهُمْ ومَطاياهُمْ على وَجَلٍ / فهُمْ أعادي رؤوسٍ أو عَراقيبِ
مَدَّ المُعاويُّ منْ أضْباعِهِمْ فلَهُمْ / عِزٌّ تَرَدَّوْا بهِ ضافي الجَلابيبِ
أبو عَليٍّ لهُ في خِندِفٍ شَرَفٌ / لَفَّ العُلا منهُ مَوْروثاً بمَكْسوبِ
على نُحورِ المُلوكِ الصِّيدِ مَنْشَؤُهُ / وفي الحُجورِ من البِيضِ المَناحيبِ
ذو هِمّةٍ تَرَكَتْ كَعْباً وأُسْرَتَهُ / بِغارِبٍ في مَراقي الفَخْرِ مَجْبوبِ
وشيمَةٍ فاحَ رَيّاها كما أَرِجَتْ / خَميلَةٌ وهْيَ نَشْوى منْ شآبيبِ
فأسْفَرَتْ عُقَبُ الأيّامِ عنْ مَثَلٍ / بهِ وإنْ رَغِمَ الطّائيُّ مَضْروبِ
لهُ أساليبُ منْ مَجْدٍ أبَرَّ بِها / على الوَرى والعُلا شتّى الأساليبِ
يهتَزُّ مِنْبَرُهُ عُجْباً بمَنْطِقِهِ / ترَنُّحَ الشَّرْبِ منْ سُكْرٍ وتَطْريبِ
وليسَ إنْ ثارَ في أثناءِ خُطْبَتِهِ / كالمُهْرِ يَخْلِطُ أُلْهوباً بأُلْهوبِ
لكنهُ يَمْلأ الأسْماعَ منْ كَلِمٍ / ضاحٍ على صَفَحاتِ الدّهْرِ مَكْتوبِ
والقارِحُ المُتَمَطّي في عُلالَتِهِ / يَشوبُ في الحُضْرِ تَصْعيداً بتَصْويبِ
يا بنَ الذينَ إذا ما أفْضَلُوا غَمَروا / عُفاتَهُمْ بعَطاءٍ غَيْرِ مَحْسوبِ
إنّي بمَدْحِكَ مُغْرًى غيْرُ مُلْتَفِتٍ / إِلى ندىً خَضِلِ الأنْواءِ مَطْلوبِ
وكَمْ يَدٍ لكَ لا تَخْفى أمائِرُها / ما هَيَّجَتْ عَرَبيّاً حَنّةُ النِّيبِ
وكيفَ أشْكُرُ نُعماكَ التي هَطلَتْ / بها يَمينُكَ وَطْفاءَ الأهاضيبِ
لا زِلْتَ تُلْقِحُ آمالاً وتُنْتِجُها / مَواهِبٌ يَمْتَريها كُلُّ مَحْروبِ
وتودِعُ الدّهْرَ منْ شِعْرٍ أحَبِّرُهُ / مَدائِحاً لم تُوَشَّحْ بالأكاذيبِ