ما طابَ فَرعٌ لا يَطيبُ أَصلُهُ
ما طابَ فَرعٌ لا يَطيبُ أَصلُهُ / حمى مُؤاخاةِ اللَئيمِ فِعلُهُ
وَكُلُّ مَن واخى لَئيماً مِثلهُ /
مَن أَمِنَ الدَهرَ أُتي مِن مَأمَنِه / لا تَستَثِر ذا لِبَدٍ مِن مَكمَنِه
وَكُلُّ شَيءٍ يُبتَغى في مَعدَنِه /
لَكُلِّ ناعٍ ذاتَ يَومٍ ناعي / وَإِنَّما السَعيُ بِقَدرِ الساعي
قَد يهلكُ المَرعِيَّ عَتبُ الراعي /
مَن تَرَكَ القَصدَ تَضق مَذاهِبَه / دَلَّ عَلى فِعلِ اِمرِئٍ مُصاحِبُه
لا تَركَبِ الأَمرَ وَأَنتَ عائِبُه /
ما لَكَ إِلّا ما عَلَيكَ مِثلهُ / لا تَحمَدَنَّ المَرءَ ما لَم تَبلُهُ
وَالمَرءُ كَالصورَةِ لَولا فِعلُهُ /
يا رُبَّما أَورَثَتِ اللجَاجَه / ما لَيسَ لِلمَرءِ إِلَيهِ حاجَه
وَضيقُ أَمرٍ يَتبَعُ اِنفِراجَه /
كَم مِن وَعيدٍ يَخرِقُ الآذانا / كَأَنَّما يُنبَأ بِهِ سِوانا
أَصَمَّنا الإِهمالُ أَم أَعمانا /
يَجِلُّ ما يُؤذي وَإِن قَلَّ الأَلَم / ما أَطوَلَ اللَيلَ عَلى مَن لَم يَنَم
وَسقمُ عَقلِ المَرءِ مِن شَرِّ السَقَم /
ما مِنكَ مَن لَم يَقبَلِ المُعاتَبَه / وَشَرُّ أَخلاقِ الفَتى المُوارَبَه
يَكفيكَ مِمّا تَكرَهُ المُجانَبَه /
مَتى تُصيبُ الصاحِبَ المُهَذَّبا / هَيهاتَ ما أَعسَرَ هذا مَطلَبا
وَشَرُّ ما طَلَبتَهُ ما اِستصعَبا /
لا يَسلُكُ الخَيرُ سَبيلَ الشَرِّ / وَاللَهُ يَقضي لَيسَ زَجرُ الطَيرِ
كَم قَمَرٍ عادَ إِلى قُمَيرِ /
لَم يَجتَمِع جَمعٌ لِغَيرِ بَينِ / لِفُرقَةٍ كُلُّ اِجتِماع اِثنَينِ
يَعمى الفَتى وَهوَ بَصيرُ العَينِ /
الصَمتُ إِن ضاقَ الكَلامُ أَوسَعُ / لِكُلِّ جَنبٍ ذاتَ يَومٍ مَصرَعُ
كَم جامِعٍ لِغَيرِهِ ما يَجمَعُ /
ما لَكَ إِلّا ما بَذَلتَ مالُ / في طَرفةِ العَينِ تَحولُ الحالُ
وَدونَ آمالِ الوَرى الآجالُ /
كَم قَد بَكَت عَينٌ وَأُخرى تَضحَكُ / وَضاقَ مِن بَعدِ اِتِّساعٍ مَسلَكُ
لا تُبرِمَن أَمراً عَلَيكَ يُملَكُ /
خَيرُ الأُمورِ ما حَمَدتَ غِبَّهُ / لا يَرهَبُ المُذنِبُ إِلّا ذَنبَهُ
وَالمَرءُ مَغرورٌ بِمَن أَحَبَّهُ /
كُلُّ مَقامٍ فَلَهُ مَقالُ / كُلُّ زَمانٍ فَلَهُ رِجالُ
وَلِلعُقولِ تُضرَبُ الأَمثالُ /
دَع كُلَّ أَمرٍ مِنهُ يَوماً يُعتَذَر / خَف كُلَّ وِردٍ غَيرَ مَحمودِ الصَدَر
لا تَنفَعُ الحيلَةُ في ماضي القَدَر /
نَومُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن يَقَظه / لَم تُرضِهِ فيها الكِرامُ الحَفَظَه
وَفي صُروفِ الدَهرِ للناسِ عِظَه /
مَسأَلَةُ الناسِ لِباسُ ذُلِّ / مَن عَفَّ لَم يُسأَم وَلَم يُمَلِّ
فَاِرضَ مِن الأَكثَرِ بِالأَقَلِّ /
جَوابُ سوءِ المَنطقِ السُكوتُ / قَد أَفلَحَ المُتَّئِدُ الصَموتُ
ما حُمَّ مِن رِزقِكَ لا يَفوتُ /
في كُلِّ شَيءٍ عِبرَةٌ لِمَن عَقَل / قَد يَسعَدُ المَرءُ إِذا المَرءُ اِعتَدَل
يَرجو غَداً وَدونَ ما يَرجو الأَجَل /
كَم زادَ في ذَنبِ جَهول عُذرُهُ / دَع أَمرَ مَن أَعيى عَلَيكَ أَمرُهُ
يَخشى اِمرُؤٌ شَيئاً وَلا يَضُرُّهُ /
رَأَيتُ غِبَّ الصَبرِ مِمّا يُحمَدُ / وَإِنَّما النَفسُ كَما تعَوَّدُ
وَشَرُّ ما يُطلَبُ ما لا يوجَدُ /
لا يَأكُلُ الإِنسانُ إِلّا ما رُزِق / ما كُلُّ أَخلاقِ الرِجالِ تَتَّفِق
هانَ عَلى النائِمِ ما يَلقى الأَرِق /
مَن يَلدَغِ الناسَ يَجِد مَن يَلدَغُه / لا يعدمُ الباطِلُ حَقّاً يَدمَغُه
لِسانُ ذي الجَهلِ وَشيكاً يوثِقُه /
كُلُّ زَمانٍ فَلَهُ نَوابِغُ / وَالحَقُّ لِلباطِلِ ضِدٌّ دامِغُ
يَغُصُّكَ المَشرَبُ وَهوَ سائِغُ /
لا خَيرَ في صُحبَةِ مَن لا يُنصِفُ / وَالدَهرُ يَجفو مَرَّةً وَيَلطفُ
كَأَنَّ صَرفَ الدَهرِ بَرقٌ يَخطفُ /
رُبَّ صَباحٍ لِاِمرِئٍ لَم يُمسِهِ / حَتفُ الفَتى مُوَكَّلٌ بِنَفسِهِ
حَتّى يَحِلَّ في ضَريحِ رمسِهِ /
إِنّي أَرى كُلَّ جَديدٍ بالِ / وَكُلَّ شَيءٍ فَإِلى زَوالِ
فَاِستَشفِ مِن جَهلِكَ بِالسُؤالِ /
إِنَّكَ مَربوبٌ مَدينٌ تُسأَلُ / وَالدَهرُ عَن ذي غَفلَةٍ لا يَغفَلُ
حَتّى يَجيءَ يَومُهُ المُؤَجَّلُ /