أهاجها حادي المطي فمالَها
أهاجها حادي المطي فمالَها / ولم يَهجْ لمَّا حدا أمثالَها
فهل عرفت يا هذيمُ ما بها / وما الَّذي أورثها بلبالها
غنَّى لها برامةٍ والمنحنى / وبالديار ذاكراً أطلالها
وما درى أيَّ جوىً أثاره / وعبرة بذكره أسالها
ذكّرها مناخها برامة / فكان ذكر رامة خيالها
ذكرها مراعياً من شيحها / ووردها من مائها زلالها
ذاقت نميراً في العُذَيب ماءه / وقد أُذيقَتْ بعده وبالَها
لو كانَ غير وجدها عقالها / بدار ميٍّ أطلقت عقالها
تسأل عن أحبابها دوارساً / من الرسوم لم تجب سؤالها
وكلَّما عاد لها عيد الهوى / هيَّج منها عيده بلبالها
تالله تنفك وقد تظنّها / لما بها من الضَّنى خيالها
حريصة على لقاء أوجُهٍ / غالى بها صرف النوى واغتالها
هي الظعون قوَّضت خيامها / وأزعجت يوم النوى جمالها
وأوقدت في قلب كل مغرمٍ / نيران وجد تضرم اشتعالها
وقاطعتنا بالنوى مواصلاً / لو أنصفت ما قطعت وصالها
وعن يمين الجزع شرقيّ الحمى / متى أراني ناشقاً شمالها
بيوت حيّ أحكموا ضيوفها / وحذَّروا عدوها نزالها
وللمغزال دونها ملاعب / لو اقتنصت مرة غزالها
وقد رمتني عينها نبالها / فما وقتني أدرُعي نبالها
إنِّي لأهوى مجتنى معسولها / وأختشي من قدّها عسّالها
تلك ربوع كنت في رباعها / طوع هواها عاصياً عذالها
فيا سَقت تلك الربوع ديمةٌ / تصبُّ من صوب الحيا سجالها
ساحبة على الحمى سحابها / تجر في دياره أذيالها
قد قطبت طلقها وبشّرت / من شام بالغيث العميم خالها
من مثقلات المزن ما إن جلجلت / بالرعد إلاَّ وضعت أثقالها
شاكرة آثارها منها لها / إدبارها بالريّ أو إقبالها
وربّ ليلٍ أطبقت ظلماؤه / بحيث لا يهدى امرؤ خلالها
قلقلت في الموقرات في السرى / حتَّى لقد كدت أرى كلالها
ولست أنفكّ ولي مآرب / أرجو إذا أرفعت أن أنالها
تحملني لابن النبيّ ناقة / إنْ بلغته بَلغت آمالها
فإنَّ إبراهيم حيث يَمَّمتْ / كانَ مناها إن يكن مآلها
تكاد من وفر نوال فضله / تطمع أن يبلغها محالها
نفسٌ له زكيّةٌ عارفة / بالغة بدركها كمالها
وتستمدّ العارفون فيضها / وترتجيها جاهها ومالها
لو لم في الأرض من أمثاله / زلزلت الأرض إذاً زلزالها
إذا دعا الله لكشف حادث / أهالها أمَّنها أحوالها
هو الشفاء لعضال أمَّة / يبرئ من أدوائها عضالها
واتخذته المسلمون إنْ دَعت / ضراعها لله وابتهالها
من النجوم المشرقات بالهدى / المدحضات بالهدى ضلالها
ما برحوا في الأرض بين خلقه / أقطابها الأنجاب أو إبدالها
إذا دعوا إلى الجميل أسرعوا / ولن ترى لغيره استعجالها
واقتحموها عقبات أزمة / إلى علىً توقَّلوا حبالها
هم الغيوث ابتدروا نوالها / هم الليوث ابتدروا نزالها
قائلة فاعلة بقولها / سابقة أفعالُها أقوالَها
إن قربت من الأعادي قرَّبت / إلى الهدى همتهم آجالها
هم الذين ذلّلوا صعابها / هم الذين دوَّخوا أقيالها
وحرَّموا من ربهم حرامَها / وحَلَّلوا بأمره جلالها
بحر من العلم طمى خضمه / وارد كل وارد نوالها
سل ما تشاء عن عويص مشكل / فإنَّه لموضح إشكالها
أين الأعادي من علوِّ قدره / إنّ طاولته في المعالي طالها
لو رام أعلى بُغيةٍ يرومها / ولو غدت مثل النجوم نالها
تسكرنا عذوبة من لفظه / إذا أدار لفظه جريالها
له التصانيف التي كأنَّها / تروي بحسن صبّها جمالها
رقّت حواشيها فلو قرأتها / على الغصون مرةً آمالها
مثل السماء بالسناء والسنا / قد طلعت خلاله خلالها
كم حجة أوردها قاطعة / وحكمة في كلمات قالها
خذها إليك سيّدي مقطوعة / واجعل رضاك سيّدي إيصالها