القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : شَرف الدّين الحِلّي الكل
المجموع : 4
بات لها ذكر العُذَيْب شائقا
بات لها ذكر العُذَيْب شائقا / فلم تُرِدْ مع الحنين سائقا
تذكرت نجداً من الغور فهل / شامت بأعلى الشام منه بارقا
ففتحت أحداقها كأنما / قد شارفت بجوه حدائقا
وأين من نيسان أو نابلس / نجداً ألا بعداً لها أيانقا
وما الذي يشاق من محلة / خرساء لا ترحم دمعاً ناطقا
فدع هواها جانباً واسلك بها / هواك إن كنت محبّاً وامقا
وخذ بها في حيث لا أجارعاً / تطوى من الرمل ولا أَبَارِقا
وانض السرى حيث ترى بجلّق / تلك القصور البيض والجواشقا
فالشرفين فالمصلى فذرى / فالوتها لا المنحنى وبارقا
في حيث لا تبصر إلا روضة / مسكية النشر وماء دافقا
وجدولاً متصلاً بجدول / وغُصُناً لغُصُنٍ معانقا
والدجن يمسي للرياض صابحاً / سلافة العبق ويمسي غابقا
والنرجس الغضّ يغض أعيناً / عن ثغره ولاثم شقائقا
وللرياض في الغياض عبقة / لا يعبق المسك الذكيّ ناشقا
والوُرْق في المورق من أفنانها / تَجني غراماً وتَهيج عاشقا
كأن في تلك الغصون معبداً / يرجع الألحان أو مُخارقا
كأنها لبرء موسى أصبحت / تسمعنا من شدوها طرائقا
أو ترجمت بالسجع عن قدومه / فسكَّنت للدهر قلباً خافقا
نعماء أحيت بحيا رحمتها / مغارب البلاد والمشارقا
سعت بنا في منهج النجح فكم / قد وسعت من المنى مضائقا
فالدين بالنصر المبين بات من / شاهر من السلطان موسى واثقا
ملك إذا كبا المباري سعيه / في حلبة جَلَّى وجاء سابقا
تسكرني أوصافه كأنني / عوطيت منهن السلاف الرائقا
أيّ قدوم ثبتت أقدامها / به وبرء قد برى منافقا
طاب نِجاراً وسما أرومة / وعزَّ جاراً وزكا خلائقا
يا متعب الأملاك بالسعي وقد / سار إلى العلياء سيراً رافقا
كم بلدة حمى سطاك سربها / فكانت الأسوار والخنادقا
لك الجياد الجرد كم طارت إلى / مدى وباراها القضاء لاحقا
إذا الحصون شمخت آنافُها / وغرها كون الذرا سوامقا
دارت على أعناقها قلائد / وأُلْبِسَت خصورها مناطقا
والقُضْب بالبيض التي كم مأزق / كم أججت وكم أبادت مارقا
كم هجرت أجفانها ووصلت / من اغتدى لروحه مفارقا
مفاتح الدنيا فمذ ملكتها / باتت على أبوابها مغالقا
فالمدعي مثلك في الخلق كمن / يدعو مع الله إلهاً خالقا
وأنت من قوم إذا ما شهروا / بيض سيوف وامتطوا سوابقا
عجبت منه أُسْد على أجادل / حاملة في سحب بوارقا
تلك بروق لم تزل خطفتها / مرسلة إلى العدا صواعقا
يا كافل الناصر داود سطا / يوم يُشيب هوله المفارقا
دعا فما عرجت عن نصرته / إلا وقد فرجت خطباً طارقا
لم يكن الملك الذي غادرته / لشوكة الأعداء عنه عائقا
فالدهر لا يَحْرِمُ من رَزَقْتَه / ولا يُرى لمن حَرَمت رازقا
شددت أزر ملكه فلم تدع / لغيره ملك أبيه لائقا
نصيحة أخلصتها جهدي وما / قمت بها يوماً لغيري حاذقا
فاعطف على البيت الذي كل غذا / له بسهم الكيد منه راشقا
لا تعس الدهر بكم ولا غدا / آنسُ هذا الملك عنكم آبقا
يا منقذي من جور دهر غاشم / كان لعظمي بالخطوب عارقا
ما أحسن الدنيا بنور طلعة / عنها الحجاب رفع السرادقا
ملأتها عزماً وحزماً وندىً / ورأفة منك وسعداً خارقا
فوالذي أعطاك غايات علا / أعجز عن إدراكها الخلائقا
لو لم أفز منك بما أملته / كفى بمدحي لك كوني صادقا
كففت خيل اللهو عن سباق
كففت خيل اللهو عن سباق / لما كُفِيتَ حَلْبَةَ الفراق
وطالما أجريت في ميدانها / خوف النوى سوائح الآماق
يا سائق الأظعان مهلاً لاَ تَرُحْ / بالله بالأرواح في سباق
فليس للعيس إلى قطع الفلا / من حاجة فاحْلُلْ عن النياق
لا روعت عن الحمى برحلة / فهي به أسيرة الأشواق
فخلها راتعة في روضة / بين مديد الظلّ والأوراق
أما تراها كلما زجرتها / إلى الحمى لافِتَةَ الأَعْنَاق
فحبذا حيّ بجرعاء اللِّوَى / فيه الجوى بعض قِرَى الطُّرَّاق
ليس يَريم الريم بين أسده / يرتع في غاب القَنَا الرشَّاق
تلك الدُّمى خضر اللمى حمر الحلى / بيض الطُّلى سود ظبا الأَحْدَاق
تنفر عن وصلي نفور الذم عن / خلائق الصاحب عبد الباقي
ذُو هِمَّةٍ ما يخفق السعي على / من هزّ من لوائها الخفاق
أَصْحَرَ كالضيغم من غايته / وهو مهيب سطوة الإطراق
ما كان إلا الشمس في الدُّجى سرت / ثُمَّ انبرت محمودة الإشراق
فحبذا وزارة ما نشزت / ولا نَزَتْ يوماً على الاباق
كيف وقد قيدها تدبير من / سماحه وَقْفٌ على الإطلاق
فَلْيَهْنِهَا ما قرّ من قلب العلا / بعود صدر الشام والعراق
يا ابن أبي يعلى وأي ماجد / زاكي فروع المجد والأعراق
كم منهج لمرتج فتحت إذ / منحت من مستصعب الأرزاق
وأنعم زان الرقاب حملها / فهنَّ في الأجياد كالأطواق
أي جواد أنت مَرْجُوُّ النَّدَى / نائي المدى مهذب الأخلاق
أنفقت من صبرٍ جميل لم يخل / برؤية تزكو على الإنفاق
لا روع النجم الذي سيرته / في درج العلياء باختراق
فربما نال المعالي غلطة / قوم إذا ما نلت باستحقاق
فمن يباريك إلى المجد ولو / سار على البرق أو البُرَاق
يا أيها الصدر الذي كم قد رقى / إلى ذرا العلياء من مراق
لا عدمت عرائس الأفكار ما / تمهر من نفائس الأعلاق
فاستجلها كروضة دبَّجها / ملث صوب الوابل الغيداق
جاءت بها أشواقها ولم تكن / أسواقنا نافقة النِّفاق
راجعت منها نُهَّداً رُوِّعْنَ من / بعد غياث الدين بالطلاق
مدائحاً ما عدمت منائحاً / منك على اليسار والإملاق
فدم لآمال العفاة دِيمة / غيوثها رائقة الإراق
ما هَمَعَتْ غمامة وسجعت / حمامة ورقاء في الأوراق
لو كنت مثلي بالديار وَامِقا
لو كنت مثلي بالديار وَامِقا / لشمت من نحو الغُوَيْرِ بارقا
وهزك الشوق إلى محلة / من أجلها قلت سقى الأبارقا
خرساء بالرملة من كاظمة / تستحلب العينين دمعاً ناطقا
بكت جفوني في مآقيها دماً / فأنبتت أطلالها شقائقا
يا وطني بذي النقا وسكني / لو حمل الشوق إليك عاشقا
السائل الركب سرى من رامة / ليلاً وأمسى للنسيم ناشقا
تعللا وما أرى رسولهم / إلا خيالاً في الظلام طارقا
حفظتهم فلا أضاعوا ذمة / ولا نسوا عهداً ولا مواثقا
قبل الهوى كنت بصبري أثق
قبل الهوى كنت بصبري أثق / فأَخْجَلَتْنِي مذ هويت الحَدَق
آلم إذ تُخْطِئُني سهامها / وأستلذُّ وقعها إذ تَرْشُق
والتَّرك يُصْمِي إن رمت وإن رنت / فما لحيّ رَمَقٌ إن رَمَقُوا
أَقَلُّ وجدي في هواهم أسف / وبعض ما ألقى الأسى والحُرَق
قد عذبوا طرفي بأن تَحَجَّبُوا / وكان يكفيه البكا والأرق
بحر دموعي إن سرى طيفهم / أو زارني كَلِيمُه يَنْفَرِق
وحبهم نَجِيُّ فكري فإذا / جاء لسمع عاذلي يسترق
شاطت صباباتي على شيطانه / فهو بِشُهْب أَدْمُعِي يحترق
وقال عذَّالي سَلا عن حبهم / وراحتي في قولهم لو صدقوا
واستمطروا غيث دموعي فهمت / من طول ما قد أرْعَدُوا وأبرقوا
وكان شملي بهمُ مجتمعاً / حتى سعى وشاتنا ففرَّقوا
فلو دعوت بالرَّدَى عليهمُ / قلت ألا ليت الوشاة عشقوا
وَبِي هَوَى مُهَفْهَفٍ إذا بدا / جماله للعاشقين صُعِقُوا
فللقضيب والمهاة والظُّبا / قوامه وطرفه والعنق
يغمد في قلبي فتور لحظه / مهنداً من جفنه يُمْتَشَق
فيالها لواحظاً كليلة / لها سهام في القلوب تَمْرُق
مثل ظُبا المَلْك المعزّ إنه / يصلي الأعادي نارها فتحرق
يُفَلِّق الهامات في يوم الوغى / بحدها حتى يَكَرَّ الفيلق
وكم لفتح الدين إسحاق سَطَا / تَغْشَى شياطين العدا فَتَصْعَقُ
مسبَّل الرفد لكل وافد / ليس على باب نداه غَلَق
وغيره من دون نيل كفه / سور لمن يَأْمُلُه وخندق
رام العلا قوم وما لاقت بِهِمْ / وهي له دون الأنام أَلْيَقُ
يروي بني الآمال فيض جوده / فللندى من كفه تدفق
يجمع شمل المكرمات عنده / جود لشمل ماله يفرق
يحنو على الآمال عطفاً وعل / ى الأموال في ذاك الحُنُوِّ يَحْنِق
فات الكرام في مدى الجود فَلَوْ / كانوا بروقاً خلفه ما لحقوا
أقسمت لو أن السحاب مجتد / لكان من نواله يَرْتَزِقُ
ولو أتى البحر إليه سائلاً / لكان في لهيبها يحترق
والجمر لو يصلى بنار عزمه / لكان في جود يديه يغرق
يسبق بالحلم الوعيد مثلما / منه النوال للوعود يسبق
فكر في مديحه فَقَلَمِي / وخاطري كلاهما يستبق
علقت جود راحتيه ولقد / فاز امرؤ بحبله يعتلق
أهدت سروراً إلى كؤوس بره / أتى بها مصطبح مغتبق
كم ضجَّت الأرض إلى خالقها / من طول ما دُكَّتْ إليه الطرق
يا أيها الملك الذي آمالنا / ما برحت في جوده تصدق
تهن عشر الصوم واسعد بَعْدَهُ / بالعيد ما أطلع نجماً أُفُق

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025