أرّقَ عيني طارقٌ
أرّقَ عيني طارقٌ / يا ليتَه ما طرقا
فبتُّ ليلِي ساهراً / أرقُبُ ذاك الفَلَقا
ملآنَ همّاً وشجاً / ولوعةً وحُرَقا
كأنّ ليلي موقَداً / بغير نارٍ مُحرقا
ليلُ لديغٍ مُوجَعٍ / ما نجعتْ فيه الرُّقى
أُغضِي وَكَم أغضَى الفتى / على قذىً وأطْرَقا
وأكتُمُ الدّمعَ وكمْ / جرى دماً واِستَبقا
لا صبرَ لِي وكلَّما / أمسكتُ صبراً مَرَقا
في ليلةٍ مرهوبةٍ / نادمتُ فيها الأَرَقا
أُنفِقُ من دمعٍ ومَنْ / أصابَ دمعاً أنفقا
وَطالَ همّي وَهوَ ما / طال عليَّ الغَسَقا
مِن نبأٍ أُنبِئْتُهُ / وددتُ أنْ لا يصدُقا
شككت فيه خدعةً / لمهجتي أو شفقا
وطالما شكّ اِمرؤٌ / في خُبْرِ ما تحقّقا
نَعَوْا إليَّ صاحباً / موافقاً موفّقا
يُخلصُ لِي حيث ترى / في كلّ صَفوٍ رَنَقا
فإنْ عرى خطبُ ردىً / فدي بنفسي ووقى
أو سلّ قومٌ في وغىً / عنِّيَ عَضْباً ذَلِقا
وإنْ يخُنْ قومٌ وفى / أو كذّبوني صدّقا
ما كنتُ فيه باِمرئٍ / أخجل لمّا وثقا
وفارجٌ بالقول إِذ / رأى مقاماً ضيّقا
كيف التّلاقي واللّقا / ءُ بيننا مُشفٍ لَقَى
ودوننا حِقْفُ لوىً / يُفضي إلى دِعْصِ نَقا
فإنْ قطعتُ أبرَقاً / وجدتُ دوني أَبْرَقا
قد كنتَ فينا جَدِلاً / محقّقاً مدقّقا
ما فاتك العلمُ ولا / ضَلَلْتَ فيه الطُّرقا
لحقتَ ما طلبتَه / كم طالبٍ ما لحقا
ما أطيبَ العيشَ وإنْ / كان لنا مرنَّقا
له نسيمٌ أرِجٌ / يُمسك منّا الرَّمَقا
لا تحرِمَنْ محرومَه / واِرحمْ به مَن رزقا
وَلا يَغرّنْك اِمرُؤٌ / في قُلَّةٍ تحَلَّقا
فَإنّه يَهبط مِنْ / عليائها كما رقى
يهوَى الفتى طولَ البقا / وللفنا قد خُلقا
اِنظر إلى الدّهر فكم / فرّق منّا فِرَقا
أخلَقَ كلَّ جِدَّةٍ / وهوَ الّذي ما أخلَقا
مُنتضلاً سهامه / تُصيب منّا الحَدَقا
أفنى اليمانين وقد / كانوا الجبال الشُّهَّقا
ومضرٌ جهّزها / إلى المنايا حِزَقا
أسْمَنَهمْ ثمّ اِنتقى / عظامَهمْ واِعتَرَقا
وَاِجتثّ مِن إعطائهمْ / مَن كان أعطى الوَرِقا
مِن بعد أن كانوا على ال / عافي بحوراً فُهَّقا
وقوَّدوا نحو طِلا / بِ العزّ جُرْداً سُبَّقا
واِستَمطَروا يوم الوغا / من العوالِي العلَقَا
واِستَفرَشوا ولبسوا الد / دِيباجَ والإستبرَقا
فما نلاقِي منهُمُ / إِلّا رَميماً مُخْلَقا
أيُّ نعيمٍ لم يزلْ / مُجَمَّعاً ما اِفترقا
وأيُّ ماشٍ بين أث / ناءِ الورى ما زلقا
سقاك ربّي رحمةً / ورأفةً إِذا سقى
ولا يزلْ قبرٌ به / أنتَ مضيئاً مشرقا
وإِنْ يُصِبْه صَيِّبٌ / لاطَفَهُ ورقَّقا
فاِذهبْ إِلى القوم الأُلى / كنتَ بهمْ مستوثِقا
وردْ ندى حوضهمُ / في الحشر يوم المُستَقَى
فلستُ مَعْ جاههمُ / عليك يوماً مُشفقا