فِيمَ لها على وجاها تَعْسِف
فِيمَ لها على وجاها تَعْسِف / داجٍ بَراها فدُجاها مُغدف
طال السرى على المطايا وشكت / جَذبَ البَرَى فهي رذايا نحف
أما تراها لِلنَّفيِّ تشتكي / أخفافها وقد براها النَّفْنَفُ
أنضيت من قطع الأكام كُومها / عُنْفاً فلا يَرْدَعُك المُعَنِّف
أتبتغي بكدّها الغنى / وللمنى بوارق لا تخلف
أما النجاح فالصباح دونه / حيث الصفاح والرماح الرُّعَّف
حيث المنى تضحك بالثغر الذي / أَمَّنَهُ اللَّه فما يُخَوَّف
فانزل بخير رازق في حارم / له أياد بالعفاة تهتف
بالظاهر الملك الذي زاد على / ما شاد أيوب وأعلى يوسف
ذي الكف ما أندى ورب الج / ود ما أدنى وأنواء الحيا لا تَكِف
قف بين هاتيك الخيام وارتشف / رِيّ الأُوام فالغمام أَوْطَف
شِم بارق الغيث الغياثيِّ وقد / روت أمانيك الغوادي الوُكَّف
يَمِّمْ عباب اليَمِّ من مواهب / بحورها طامية لا تُنْزَف
وانشق شذا النعماء شادويّة / فعرفها كل به معترف
فحارم كعبة كل آمل / موفق السعي بها يطوف
لا يعدم الوفد إذا ما حلها / أَمْناً أَلاَ لِلَّهِ ذاك الموقف
ففي مُنى ذاك المقام أنعم / لغيرها ما عَرفوا مذ عَرفوا
فالنصر ممدود الرواق حولها / وطرفه عن رعيها لا يطرف
حلّ بها من دوخت سطوته / كل مهيب باسمه يخوف
ذو نقمة تُضعف أقوى ظالم / ورحمة يقوى بها المستَضْعَف
الظاهر الغازي الذي صِيد العدا / تصدُّ عن عصيانه وتصدف
فكل جَفْنٍ لهمُ من خوفه / يَجْفُو الكرى وكل قلب يرجف
سيف أمير المؤمنين المنتضى / لنصره إن عزَّ خطبٌ مُجْحِف
يا قبلة الإقبال والسعي الذي / بملكه هذا الزمان يشرف
كأن أرض الشرك لما اجتمعت / ملوكها قاع لديك صفصف
للَّه أنت إذ تشق واحداً / إلى عدا فيها العديد يتلف
ريعوا لبرق منك بات ومضه / لكل قلب منهم يختطف
هذا وكم قد أكدوا أيمانهم / ما بينهم وشملهم مؤتلف
فكيف لو سومتها ضوامراً / تضطرب الأرض لها وترجف
وأقبلت بالأسد في غاب القنا / عقبانها الفُتْخُ عليهم تشرف
زانت بك الدنيا أسانيد علاً / يصدق في تدوينها المصنف
عزماً يفل السيف وهو منتضى / وسطوة للراسيات تنسف
كم لك من مكرمة أفياؤها / تُكِنُّنا في ظلها وتكنف
فاستجلها كروضة الحَزْن غدت / لها شآبيب الحيا تزخرف
فكم قلوب لأعاديك بها / من مِدَحي فيك أسى وأسف
كأنها كتائب مبثوثة / تُغِذ نحو أرضهم وتُوجف
فهم يعانون العناد كلما / شرفني بين يديك موقف
فكيف يخلو من حسود شاعر / شرفه هذا المقام الأشرف
وما ظننت والأسود خيفتي / تصعق أن تطمع فِيَّ الجيف
هذا كتاب الله قد بدله / قوم على أهوائهم وحَرّفُوا
فما عسى يطعن في ذي مقول / يمضي إذا كَلَّ الحسام المرهف
ربّ علوم جوهرتها فكره / أمامها غُرُّ القوافي تقف
تدنو ثمار القول من خاطره / فهو على اختياره يقتطف
ينحت من صخر القوافي تارة / وتارة من بحرها يقطف
ولست ممن تعتريه روعة / للدهر إن مال وأنت تعطف
بئس لعمر الله ما توهموا / أنك عن لطفك بي تنحرف
وحبذا طود أناة منك لا ته / ز عاصيه الرياح العُصَّف
فلا خلت في حلبٍ منارة / منك لأبصار الورى تستوقف
حيث سما معتلياً إيوانها / وحبّذا الإيوان والمشترف
والورد محمود الورود مُقْسِمٌ / حتى يراك أنه لا يُقْطَف
قد احتمى بشوقه لا شوكه / عن قوة تجنيه وهو مضعف
والقصر لو أمكنه السعي انبرى / يقتاده إلى علاك الكلف
وقبة الورد قدود دوحها / شوقاً إليك دائماً تنعطف
ما احمرّ فيها خدّ ورد أحمر / إلا تثنى للقضيب معطف
والورق في المورق من أغصانها / تشدو فيهتزُّ القضيب الأهيف
تلك جنان كالجنان بهجة / لا أوحشت ممن له تُزَخرَف
آنسها الله بنور طلعة / ينضو خضاب الليل وهو مُسدف