لو شاء سارٍ ليلةَ النعف وقفْ
لو شاء سارٍ ليلةَ النعف وقفْ / وعارفٌ يُنكر حقيِّ لاعترفْ
عهد تفرَّقْنا وحلّقتْ به / فتخاء طاح هَدَراً ما تختطِفْ
بمزلق من العيون ما لمن / يطلبها فائتة إلا الأسفْ
أسهرني ونام من عاهدني / بنجوةٍ من رغبة ومنحرِفْ
أكلّما استأنف ذنباً ظالمي / عفوتُ من ذنوبه عما سلفْ
لو قيل سكانُ الحمى وفعلُهم / بي فعلُهم نزا فؤادي ورجَفْ
سل بارقاً أذكى الغضا على الغضا / محدِّثاً عن الحيا كيف يكِفْ
أمن جفون العامريين انتضى / أم من ثنايا العامريّات خطَفْ
واسأل بغصن منهُمُ أشكو الجوى / وثقلَه إذا مشى يشكو الهيَفْ
شككني فيما استقام وانثنى / ألامُهُ أقتلُ لي أم الألِفْ
عنّ به التيهُ فلو كلَّمه / جمالهُ أعرضَ عنه وصدَفْ
كأنه لم يرَ حِقْفاً عَمَماً / هِيلَ ولا بدراً مع التمِّ انكسفْ
لكلّ شيء آفة تَنقُصُه / إذا انتهى وآفة الحسن الصلَفْ
خبَّرني أنِّيَ شاكٍ بعده / لواعجَ الشوق فقال وحلَفْ
إن باح بالسرّ لأهجرنَّهُ / عاقبْ بغير الهجر فالهجرُ سَرَفْ
ما لحسودٍ في هواكم عابني / لا رام رفعَ طرفه إلا طُرِفْ
وناقلٍ إليكُمُ ما لم أقل / أصابه اللّه بذنبِ ما اقترفْ
يا للغواني يتجنّبن ولي / متى سمحتُ بقيادي للعَنَفْ
قد علمتْ إذا الغرام ضامني / أنِّيَ منه بالسلوّ أنتصِفْ
وأنني على اللجاج صخرةٌ / إذا لويتُ عُنُقي لم أنعطِفْ
لا تنتهي نفسي انصرافاً عن هوى / دام ولا ترجعُ حين تنصرفْ
سمحتُ للدنيا بجُلِّ أهلها / سماحَ غيرِ نادمٍ ولا أسِفْ
رأيتهم ببخلهم وعفّتي / دوني وفيهم ذو الغنى وذو الشرفْ
لم أخشهم من حيث لم أرجُهُمُ / إنك ما لم ترجُ شيئاً لم تخَفْ
كفتنيَ الرزقَ يدٌ واحدةٌ / والناس طرّاً واحدٌ منهم خَلَفْ
ما رعَتِ الصاحبَ عينُ اللّه لي / فشملُ آمالي جميعٌ مؤتلِفْ
سيّان ما استخلصتُه من سيّدٍ / وما صفا منهم ومن عقَّ وعفّْ
وجدتُ فيه ما طلبتُ عنده / فلم أجدْهُ وهو ما عزَّ وكفّْ
لا عِدَةٌ تُلوَى ولا خُلْقٌ على اخ / تلاف ألوانِ الزمانِ يختلفْ
وراحةٌ على مقابض الظبا / تثقل أو في بسطة الجود تخِفّْ
يومَ الردى جندلة وفي الندى / جندلة كلتاهما ملء الأكفّْ
اُنظرْ إليه تختبرْ ما عنده / إن الظهاراتِ الرقيقاتِ تشِفّْ
وجهٌ لبيقٌ بالنعيم ماؤه / وبَشرٌ لم يغتربْ فيه التَّرَفْ
ألومُ إلا حاسداً كمالَه / وحسدُ الشمسِ علوٌّ وشرفْ
قل لمُعارِ المجد معنى حائلاً / واسماً على إعرابه لا ينصرفْ
جارِ أبا القاسم أُولَى خطوةٍ / تعلُّماً ودعه يجري ثم قِفْ
لم يتقلّدها قصيراً أوقصا / إن العلا حمائلٌ لذي الكتِفْ
سمعاً بني عبد الرحيم إنها / بناتُ طبع لم يدنّسها الكَلَفْ
تبعثها في مدحكم محبةٌ / مدحُ الرجاءِ غيرهُ مدحُ الشغفْ
مقيمة بذكركم لم تسترح / لوطنٍ سائرة لم تعتسفْ
تبيضُّ أو تخضرُّ من سطورها / بنورِ أوصافكُمُ سودُ الصُّحُفْ
ينشرُ منها المنشدون بُردةً / أو من رياض الحَزنِ عيناءَ أُنُفْ
يعجبني تسلُّطٌ فيها إذا / قامت تعاطي من علاكم ما تصِفْ
تُهدي لكم في كلّ يومِ فرحةٍ / عيونُها المستغرباتِ والطُّرَفْ
تجول رعياً حول أعراضكُمُ / تحمي من العار حماها وترفّْ
إن فاتهاعيد فعيد بعده / لكم صفايا سَلْفها والمؤتنَفْ
لا يقدحُ الحسادُ فيَّ عندكم / وفيتُكم رسومها أو لم أوفّْ
قلبيَ مأمونٌ على ودادكم / ما دام مأموناً على الدرّ الصَّدفْ