المجموع : 9
كانَ لِسُلطانٍ نَديمٌ وافِ
كانَ لِسُلطانٍ نَديمٌ وافِ / يُعيدُ ما قالَ بِلا اِختِلافِ
وَقَد يَزيدُ في الثَنا عَلَيهِ / إِذا رَأى شَيئاً حَلا لَدَيهِ
وَكانَ مَولاهُ يَرى وَيَعلَمُ / وَيَسمَعُ التَمليقَ لَكِن يَكتُمُ
فَجَلسا يَوماً عَلى الخِوانِ / وَجيءَ في الأَكلِ بِباذِنجانِ
فَأَكَلَ السُلطانُ مِنهُ ما أَكَل / وَقالَ هَذا في المَذاقِ كَالعَسَل
قالَ النَديمُ صَدقَ السُلطانُ / لا يَستَوي شَهدٌ وَباذِنجانُ
هَذا الَّذي غَنى بِهِ الرَئيسُ / وَقالَ فيهِ الشِعرَ جالينوسُ
يُذهِبُ أَلفَ عِلَّةٍ وَعِلَّه / وَيُبرِدُ الصَدرَ وَيَشفي الغُلَّه
قالَ وَلَكِن عِندَهُ مَرارَه / وَما حَمَدتُ مَرَّةً آثارَه
قالَ نَعَم مُرٌّ وَهَذا عَيبُه / مُذ كُنتُ يا مَولايَ لا أُحِبُّه
هَذا الَّذي ماتَ بِهِ بُقراطُ / وَسُمَّ في الكَأسِ بِهِ سُقراطُ
فَاِلتَفَتَ السُلطانُ فيمَن حَولَهُ / وَقالَ كَيفَ تَجِدونَ قَولَه
قالَ النَديمُ يا مَليكَ الناسِ / عُذراً فَما في فِعلَتي مِن باسِ
جُعِلتُ كَي أُنادِمَ السُلطانا / وَلَم أُنادِم قَطُّ باذِنجانا
بَينا ضِعافٌ مِن دَجاجِ الريفِ
بَينا ضِعافٌ مِن دَجاجِ الريفِ / تَخطِرُ في بَيتٍ لَها طَريفِ
إِذا جاءَها هِندي كَبيرُ العُرفِ / فَقامَ في البابِ قِيامَ الضَيفِ
يَقولُ حَيّا اللَهُ ذي الوُجوها / وَلا أَراها أَبَداً مَكروها
أَتَيتُكُم أَنشُرُ فيكُم فَضلي / يَوماً وَأَقضي بَينَكُم بِالعَدلِ
وَكُلُّ ما عِندَكُمُ حَرامُ / عَلَيَّ إِلّا الماءُ وَالمَنامُ
فَعاوَدَ الدَجاجَ داءُ الطَيشِ / وَفَتَحَت لِلعِلجِ بابَ العُشِّ
فَجالَ فيهِ جَولَةَ المَليكِ / يَدعو لِكُلِّ فَرخَةٍ وَديكِ
وَباتَ تِلكَ اللَيلَةَ السَعيدَه / مُمَتَّعاً بِدارِهِ الجَديدَه
وَباتَتِ الدَجاجُ في أَمانِ / تَحلُمُ بِالذِلَّةِ وَالهَوانِ
حَتّى إِذا تَهَلَّلَ الصَباحُ / وَاِقتَبَسَت مِن نورِهِ الأَشباحُ
صاحَ بِها صاحِبُها الفَصيحُ / يَقولُ دامَ مَنزِلي المَليحُ
فَاِنتَبَهَت مِن نَومِها المَشؤومِ / مَذعورَةً مِن صَيحَةِ الغَشومِ
تَقولُ ما تِلكَ الشُروط بَينَنا / غَدَرتَنا وَاللَهِ غَدراً بَيِّنا
فَضَحِكَ الهِندِيُّ حَتّى اِستَلقى / وَقالَ ما هَذا العَمى يا حَمقى
مَتى مَلَكتُم أَلسُنَ الأَربابِ / قَد كانَ هَذا قَبلَ فَتحِ البابِ
أَلَمَّ عُصفورٌ بِمَجرىً صافِ
أَلَمَّ عُصفورٌ بِمَجرىً صافِ / قَد غابَ تَحتَ الغابِ في الأَلفافِ
يَسقي الثَرى مِن حَيثُ لا يَدري الثَرى / خَشيَةَ أَن يُسمَعَ عَنهُ أَو يُرى
فَاِغتَرَفَ العُصفورُ مِن إِحسانِهِ / وَحَرَّكَ الصَنيعُ مِن لِسانِهِ
فَقالَ يا نورَ عُيونِ الأَرضِ / وَمُخجِلَ الكَوثَرِ يَومَ العَرضِ
هَل لَكَ في أَن أَرشِدَ الإِنسانا / لِيَعرِفَ المَكانَ وَالإِمكانا
فَيَنظُرَ الخَيرَ الَّذي نَظَرتُ / وَيَشكُرَ الفَضلَ كَما شَكَرتُ
لَعَلَّ أَن تُشهَرَ بِالجِميلِ / وَتُنسِيَ الناسَ حَديثَ النيلِ
فَاِلتَفَتَ الغَديرُ لِلعُصفورِ / وَقالَ يُهدي مُهجَةَ المَغرورِ
يا أَيُّها الشاكِرُ دونَ العالَمِ / أَمَّنَكَ اللَهُ يَدَ اِبنِ آدَمِ
النيلُ فَاِسمَع وَاِفهَمِ الحَديثا / يُعطي وَلَكِن يَأخُذُ الخَبيثا
مِن طولِ ما أَبصَرَهُ الناسُ نُسي / وَصارَ كُلُّ الذِكرِ لِلمُهَندِسِ
وَهَكَذا العَهدُ بِوُدِّ الناسي / وَقيمَةُ المُحسِنِ عِندَ الناسِ
وَقَد عَرَفتَ حالَتي وَضِدَّها / فَقُل لِمَن يَسأَلُ عَنّي بَعدَها
إِن خَفِيَ النافِعُ فَالنَفعُ ظَهَر / يا سَعدَ مَن صافى وَصوفي وَاِستَتَر
تَنازَعَ الغَزالُ وَالخَروفُ
تَنازَعَ الغَزالُ وَالخَروفُ / وَقالَ كُلٌّ إِنَّهُ الظَريفُ
فَرَأَيا التَيسَ فَظَنّا أَنَّهُ / أَعطاهُ عَقلاً مَن أَطالَ ذَقنَه
فَكَلَّفاهُ أَن يُفَتِّشَ الفَلا / عَن حَكَمٍ لَهُ اِعتِبارٌ في المَلا
يَنظُرُ في دَعواهُما بِالدِقَّه / عَساهُ يُعطي الحَقَّ مُستَحِقَّه
فَسارَ لِلبَحثِ بِلا تَواني / مُفتَخِراً بِثِقَةِ الإِخوانِ
يَقول عِندي نَظرَةٌ كَبيرَه / تَرفَعُ شَأنَ التَيسِ في العَشيرَه
وَذاكَ أَن أَجدَرَ الثَناءِ / بِالصِدقِ ما جاءَ مِنَ الأَعداءِ
وَإِنَّني إِذا دَعَوتُ الذيبا / لا يَستَطيعانِ لَهُ تَكذيبا
لِكَونِهِ لا يَعرِفُ الغَزالا / وَلَيسَ يُلقي لِلخَروفِ بالا
ثُمَّ أَتى الذيبَ فَقالَ طِلبَتي / أَنتَ فَسِر مَعي وَخُذ بِلِحيَتي
وَقادَهُ لِلمَوضِعِ المَعروفِ / فَقامَ بَينَ الظَبيِ وَالخَروفِ
وَقالَ لا أَحكُمُ حَسبَ الظاهِرِ / فَمَزَّقَ الظَبيَينِ بِالأَظافِرِ
وَقالَ لِلتَيسِ اِنطَلِق لِشَأنِكا / ما قَتَلَ الخَصمَينِ غَيرُ ذَقنكا
أروى لكم خرافة
أروى لكم خرافة / في غاية اللطافة
أتت من الهند لنا / وترجموها قبلنا
إلى لغات جمه / لأن فيها حكمه
طوشترى معبو / الَّهه الهنود
قالوا هو الذي برا / هذا الوجود والورى
ومثله فلكان / فيما رأى اليونان
كلاهما حداد / عَبَده العباد
فحين صاغ العالما / كما يصوغ الخاتما
أنفق ما كان ادّخر / ولم يدع ولم يذر
وكلَّ شئ بذلا / حتى أتم الرجلا
وضاق بالنساء / في الخلق والإنشاء
فحار ماذا يجمع / ومنه أنثى يضع
وبعد فكر أعمله / حتى بدا الصواب له
كوّنها تكوينا / مختلفا تلوينا
من استدارة القمر / إلى لطافة الزهر
إلى تراوح العشب / إلى رشاقة القضب
فلحظات الريم / فقلق النسيم
فبهجة الشعاع / فقسوة السباع
فقوة الألماس / وماله من باس
فزهوة الطاووس / تأخذ بالنفوس
ومن دموع السحب / إلى انكماش الأرنب
إلى التواء الأرقم / فالزغب المقسَّم
فالحر من وقود / فالبرد من جليد
فالشهد في المذاق / فخفة الأوراق
إلى التفاف النبت / زاحفه والثبت
فنغم الهدير / فهذر العصفور
وكل هذا هيأه / مكونا منه امرأة
وبعد ما أتمها / لعبده قدمها
وقال خذها يا رجل / وعن هواها لا تحل
فبعد أسبوع مضى / أتى له معترضا
يقول يا أللَّهُمّا / خذها كفاني هما
لا صبر لي معها ولا / أرى بيها لي قِبَلا
تظل تشكو الداء / وتخلق الشحناء
محتالة على الغضب / شاكية ولا سبب
قد ضيّعت أوقاتي / وأذهبت لذاتي
فأخذ الإله / ما كان قد أعطاه
فلم يكن بعض زمن / حتى تولاه الحزَن
فقال يا رب ردّها / فما نعمتُ بعدها
بانت فلا أنساها / كأنني أراها
ماثلة أمامي / مالئة أيامي
لطيفة في لعبها / خفيفة في وثبها
قال الإله للرجل / حيرت مولاك فقل
ماذا الذي تريد / أحفظ أم أعيد
فأخذ الرفيقة / وقال ذى الحقيقة
لا عيش لي معها ولا / بغيرها العيش حلا
تم لبعض الناس فيما قد سلف
تم لبعض الناس فيما قد سلف / كلب وقرد وحمار فاحترف
وصار يغتدى بها ويسرح / كجوقة لها الطريق مرسح
علمها بالجهد كيف تفهم / وكل شئ بالمراس يعلم
جاءته ليلا وهو في المنام / تقول قم يا سيد الكرام
ها قد تجلت ليلة القدر لنا / وقبل مولانا سألنا سؤلنا
فقام يستعدّ للضراعه / وقال ماذا طلب الجماعة
قال له القرد طلبت المملكة / تكون لي وحدى بغير شركة
قال الحمار وأنا الوزير / والصدر في الدولة والمشير
والكلب قال قد سألت الباريا / يجعلني في ملك هذا قاضيا
فراعَ رب الجوق ما قد سمعا / ثم جثا لربه وضرعا
وقال يا صاحب هذه الليلة / سألتك الموت ولا ذى الدوله
آمن معي بمصطفى
آمن معي بمصطفى / كفى تعنتا كفى
كفى رشاد صفة
كفى رشاد صفة / لبؤسنا كفى كفى
ولا تعذب مهجتي / ولا تهج ليَ البكا
وامض اجتهد رشا / د في تزويج أختي بالفتى
إذا كان لها أهلا / ولِم لا يا أخي لِم لا
فتى لم يحكه الشبا / ن هنداما ولا شكلا
ولم ينكر له الإِخوا / ن لاظفرا ولا عقلا
ومن بيت يرى النا / س عليه الخير والنبلا
ليس لها في الحياة إلا
ليس لها في الحياة إلا / عبادة المال من وظيفه
حتى لقد صارت حديث الحارة / وضحَك الجار وسخر الجاره
كلهمو يُحسدها بمالها / ويتمنى حاله كحالها
وهكذا الأنفس في ظلالها /