همتُ غراماً بالبروقِ اللمَّعِ
همتُ غراماً بالبروقِ اللمَّعِ / لاحتْ على روضِ الحمى ولَعْلَعِ
أومضَ لمعُ برقِها لمقلةٍ / بعدَ النوى ساهرةٍ لم تَهْجَعِ
وجرَّدَتْ سيوفَها على حشاً / بعدَ أحبابيَ الأولى مقطَّعِ
بانوا فأيُّ ناظرٍ مِن بعدِما / بانوا على عصرِهمُ لم يَدْمَعِ
وأيُّ قلبٍ والحدوجُ قد سَرَتْ / عنِ الحِمى مُزمِعةً لم يَجزَعِ
فيا أمانيَّ النفوسِ بعدَما / بانوا إذا لم يَرجِعوا لا تَرجعي
ويا سروري بعدَ جيرانِ النقا / اِنْ شئتَ بالظعنِ اللحاقَ فاتبَعِ
فلستُ آسي وهمُ قد رحلوا / على فراقٍ ظاعنٍ أو مُزمِعِ
ودَّعْتُ طيبَ العيشِ يومَ ارقلَتْ / نُجبُهمُ بالظاعنِ المودَّعِ
للهِ كم قد خلَّفوا مِن مهجةٍ / حرّى وقلبٍ للغرامِ موجَعِ
وكم على أطلالِهم مِن مدمعٍ / اجراهُ تغريدُ الحمامِ السُّجَّعِ
ومغرمٍ لمّا نأى أحبابُه / عنِ الحِمى بالعيشِ لم يَنتفِعِ
يُقلِقُه نوحُ الحمامِ كلَّما / شدا على غصنِ النقا المزعزَعِ
غرَّدَ لمّا اينعتْ غصونُه / رغبَّ شآبيبِ الغيوثِ الهُمَّعِ
ونحتُ مِن فرطِ الغرامِ والهوى / فيها كنوحِ الهائمِ المُفَجَّعِ
في كلَّ يومٍ لي على آثارِهم / دمعٌ يسحُّ في عِراصِ الباقعِ
وزفرةٍ مِن بعدِ أهلِ حاجرٍ / تكادُ أن تنقدَّ منها أضلُعي
وحنةٍ تَعقُبُها مِن بعدِها / أنَّةُ محزونٍ بهمْ مفجَّعِ
يا لوعتي مِن بعدِ سكّانِ الحِمى / زيدي ويا راحةِ سِرّي ودَّعي
ويا عذولي كفَّ عن لومي فقد / آليتُ لا أُعطي العذولَ مسمعي
هل يُرجِعُ العذلُ محبّاً كلَّما / رَدَدْتَهُ عنِ الهوى لم يرجِعِ
هامَ بهمْ فكلَّما عذلْتَهُ / في حبَّهمْ من الغرامِ لا يَعي
مغرًى بتسآلِ الربوعِ والهوى / يضطرُّه إلى سؤالِ الأربعِ
يا ويحَهُ ماذا الذي يُفيدُه / سؤالُ دارٍ بالعراءِ بلقعِ
تبدَّلتْ مِن بعدِ أُنسِ أهلِها / منهمْ بِتَنعابِ الغرابِ الأبقعِ
واستبدلتْ عينايَ عن هجوعِها / طوالَ السُّهادِ في الظلامِ الأسفعِ
أبعدَما بانَ الخليطُ وانبرى / يؤمُّ باناتِ اللَّوى فالأجرَعِ
أرجو الكرى يَطرُقُ طرفي في الدُّجى / كما عَهِدْتُ أو يزورُ مضجعي
علالةٌ ارجوه أن يزورَني / ولا ارى في الدارِ أحبابي معي
كففتُ بعدَ جيرتي وبعدَهم / عنهمْ وعن لذَّةِ عيشي مطمعي