لمّا تَراءتْ رايةُ الرّبيعِ
لمّا تَراءتْ رايةُ الرّبيعِ / وانهزَمَتْ عساكرُ الصَّقيعِ
فالماءُ في مُضاعَفِ الدُّروعِ / والنُّورُ كالأسِنّةِ الشُّروع
قد هَزَّ من أغصانه ذَوابلا / وسَلَّ من غُدرانهِ مَناصلا
وبَلّغتْ ريحُ الصَّبا رَسائلاً / حينَ ثنَى العِطْفَ الشّتاءُ راحلا
ونُصِبَتْ منابرُ الأشجارِ / وخَطبَتْ سَواجعُ الأطيارِ
واستَفْصحَتْ عِبارةُ الهِزارِ / فهْو لمنشورِ الرَّبيعِ قاري
وأقبلَ النَّيروزُ مثْلَ الوالي / فارتَجَعَ الفضْلَ منَ اللَّيالي
وبَشّر النّاقصَ بالكمالِ / فعادتِ الدُّنيا إلى اعْتِدال
والدِّينُ والشّمسُ لسَعْدٍ مُؤْتنَفْ / كُلٌّ به اللهُ انتهَى إلى شَرَفْ
فأصبحَ العَدْلُ مُقيماً واعتكَفْ / وودَّعَ الجَورُ ذَميماً وانْصَرْف
بالشّرَفَيْنِ استَسعدَ الشّمْسانِ / شَمسُ الضُّحى وغُرّةُ السُّلطانِ
في أسعَدِ الأيامِ والأزمانِ / مُبشِّراً بالأمْنِ والأمانِ
فاعتدَلَ الأنامُ والأيّامُ / وأَمِنَ الميسمُ والمُسامُ
مُذْ طلَعا ونظَر الأنامُ / لم يَبقَ لا ظُلْمٌ ولا ظَلامُ
قد أصبحَتْ قَوسُ الزّمانِ سهْما / وقد رمَى الأرضَ به فأصْمَى
فالكتْفُ منها بالشَّقيقِ تَدْمَى / والرُّعْبُ أضحَى للشِّتاءِ هَزْما
ابيضَّ قبلَ الإخضرارِ الفَنَنُ / فشابَ من قَبلِ الشَّبابِ الغُصُنُ
واسوَدَّ من بَعْدِ البياضِ القُنَنُ / فشَبَّ من بَعدِ المَشيبِ الزَّمَنُ
قد غَنِيَ الوعدُ عنِ التّقاضي / وأعرضَ الغِيدُ عنِ الإعْراضِ
وخرجَتْ بالحَدَقِ المِراضِ / تُواجِهُ الرّياضَ بالرّياضِ
قد سَئمَتْ بُيوتَها النُّفوسُ / وأصبَحَتْ كأنّها حُبوسُ
وأسلمَ المُنَمِّسَ التَّنْميسُ / وصاحَ في جُنودِهِ إبليسُ
أَبَحْتُ للنّاسِ دمَ الزِّقاقِ / في حيثُ لاقَوها منَ الآفاقِ
وجَرَّها كجُثثِ المُرّاقِ / وشُربَها بكأسِها الدِّهاقِ
إلى الجنانِ عجَباً دَعاكمُ / مَن كان منها مُخرِجاً أَباكمُ
يَجعلُها كَفّارةَ لِذاكمُ / فأصْحِروا لتُبصروا مأْواكمُ
فالأرضُ من كفِّ الزَّمانِ حاليهْ / كجنّةٍ للنّاظرينَ عاليهْ
من كلِّ ساقٍ عند كلِّ ساقيهْ / يَجعلُ من صافٍ مِزاجَ صافيهْ
والشّمسُ في البُرجِ الّذي يَشْوونَهُ / إذا غدَوْا شَرباً ويأكلونَهُ
وفيهمُ قومٌ يُشاكِلونَهُ / طُولَ الزّمانِ ويُناطِحونهُ
بحَمَلٍ قد باعَتِ الشّمسُ الأسدْ / وكان هذا عندنا الرأيَ الأسَدْ
فاعتاضَ طَبْعاً في الزّمانِ واستجَد / من غضَبٍ بشَهْوةٍ كُلُّ أَحَدْ
حتّى غدا بعضُ بني الأشْكالِ / يَقولُ قولاً ظاهرَ الإشْكالِ
لكنّه من كثرةِ البَلْبالِ / قد قال ما قالَ ولم يُبالِ
كم أُوكِفُ الظَّهْرَ بطَيْلَسانِ / ويُشبِهُ العِدْلَيْنِ لي كُمّانِ
مُستَبْضِعاً عند بني الزَّمانِ / وِقْرَ نِفاقٍ ثِقْلُهُ أَعيْاني
هل لك في حَمراءَ مثلِ الحُصِّ / ياقوتةٍ قد شُربَتْ برُخْصِ
مَجلوبةٍ من مَعْدِنٍ في القُفْصِ / تلَوحُ في الإصبعِ مثْلَ الفَصِّ
يَسْعَى بها عليكَ يافِشِيُّ / وطَرفُه السّاحِرُ بابليُّ
وثَغرُه ككأْسهِ رَويُّ / ووَرْدُه كخدِّه جَنيُّ
أَغْيَدُ يومُ وَصْلِه تأريخُ / لصُدْغِه من نِقْسِه تَضْميخُ
والجَمرُ في خدَّيه لا يَبوخُ / كما يَحِلُّ العَقْربَ المَرِّيخُ
يَضْحَكُ من تَشْبيبِ عاشِقيهِ / عن لُؤلُؤٍ لِنَظِمهم شَبيهِ
فلا يزالُ مُظهِراً للتّيهِ / بِدُرِّ فيهِ أَو بِدُرِّ فيهِ
لفُرَصِ اللَّذّاتِ كن مُنتهزاً / ولا تَبتْ من عاذل مُحتَرِزا
فالدَّهرُ مِخلافٌ فخُذْ ما أنْجَزا / فَرُبّما طلبْتَه فأعْوَزا
فقد تَغنَّى الطَّيرُ في الشُّروقِ / والرّيحُ دارتْ دورةَ الرَّحيقِ
فظَلَّ كلُّ غُصُنٍ وَريقِ / للسُّكْرِ في رَقْصٍ وفي تَصْفيقِ
والزَّهْرُ للرَّوضةِ عَيْنٌ تُلْمَحُ / يَضُمُّها طَوراً وطَوراً يَفْتَحُ
تُمسي بها قَريرةً وتُصِبحُ / لكنّها منَ الدُّموعِ تَطفَحُ
والرَّوضُ في شَمْسٍ سَناها يُعْشى / والسُّحْبُ بالقُرْبِ لها تَمَشِّ
فكلّما أَدارَ عَيْنَ المَغْشى / عليه جادَتْ وَجْهَه برَشِّ
صَحْوٌ وغَيمٌ في الرّياضِ اشْتَركا / يُقَطِّعانِ اليومَ ضَحْكاً وبُكا
إذا الجَنوبُ أقبلتْ فيه بكَى / حتّى إذا عادَتْ شَمالاً ضَحِكا
صار الأضا في حَلَقٍ وخُوَذِ / ورَمتِ الأرضُ لها بالفِلَذِ
فالغُصنُ خَوفَ جُندِها المُستَحوذِ / كإصبَعٍ تُشيرُ بالتَّعَوُّذ
ساعِدْ على الرّاحِ ولا تُبالِ / والنّاسَ لا تُخْطِرهُمُ بِبالِ
أوِ اسْتِراقاً في مكانٍ خالٍ / لا تَعلمُ اليَمينُ بالشَّمالِ
وإنّما يَعلَمُه مَن يَغْفِرُهْ / إذا رجَعْتَ نادماً تَستغفِرُهُ
ولو بَقِيتَ عُمُراً تُكَرِّرُهْ / ما عندَ عفْوِ اللهِ ذَنْبٌ يُكْبِرُهْ
لستُ أرَى مُحَلَّلاً في مَذْهَبِ / إهْلاكيَ النَّفْسَ بغَيْرِ مُوجِبِ
أنا امْرؤٌ عَجِبتَ أو لم تَعْجَبِ / يَأكلُني الهَمُّ إذا لم أَشْرَبِ
ما كان من دُرّي ومِن عَقيقي / نزَفْتُه في فُرقْةِ الفَريقِ
فمِن دمِ الكَرْمِ أعِضْ عُروقي / تُحْيِ بهِ نَفْسَ امرئٍ صَديقِ
فقلتُ خَلِّ عنكَ يا خليلي / تَجاوُزَ الفَضْلِ إلى الفُضولِ
فليس لي مَيلٌ إلى الشَّمولِ / إلاّ الَّتي تَزيدُ في العُقولِ
حَظّي منَ الآدابِ أسنَى حَظِّ / والرّاح ما رَوَّقتُه من لَفْظي
وما ابنةُ الكَرْمِ بمَرْمَى لَحْظِي / ولا لها اللهُ بِحبّي مُحْظ
لذاك أصبحتُ مَنيعَ الجانبِ / نَديمَ مولانا الأجلِّ الصّاحبِ
العادلِ الكاملِ في المناقبِ / والنّاسكِ التّاركِ للمثالبِ
أَسقي كؤوسَ المَدحِ وهْو يَشربُ / وأُسِمعُ الثّناءَ وهْو يَطْرَبُ
وأسألُ الإمساكَ وهْو يَهَبُ / مَواهباً تَعدادُها لي مُتْعِبُ
دَأْبُ الوزيرِ هكذا ودابي / ألشُّربُ من سُلافةِ الآدابِ
ومُعجِبٌ نهايةَ الإعجابِ / تَناسُبُ المَصْحوبِ والأصحاب
مُدامُنا الحَلالُ لا الحَرامُ / ما خلَّص اللّسانُ لا الفِدامُ
تَغْدو بها عُقولَها الأنامُ / وتَنْتَشي بكَأْسِها الكِرامُ
قد عادَ وجهُ الدِّينِ وهْو أَزْهَرُ / وعاد للمُلْكِ النِّظامُ الأكْبَرُ
نِعمةُ رَبٍّ للعقولِ تَبْهَرُ / تَجِلُّ عن شُكرِ الورَىَ وتُشْكَرُ
فَردٌ وفيه جُمِعَ المَحامدُ / فلم يَجِدْ لَه نَظيراً واجِدُ
كم في الورَى من واحدٍ تُشاهِدُ / أَمَّا الورَى في واحدٍ فواحِدُ
أَرْوعُ لا يُحسِنُ ألاّ يُحْسِنا / ومُقْدِمٌ يَجُبنُ عن أنْ يَجْبُنا
ومُنعِمٌ يُنيلُ غاياتِ المُنَى / فَقْرُ الفتَى إليه مِيعادُ الغِنَى
إذا رأى إعدامَ مُعتَفيه / حَسِبْتَه للمالِ إذ يُقْنيهِ
من مُعْتَفيهِ الُعدمَ يَشَتْريهِ / يَأخذُه منه بما يُعطيهِ
سائلُه شَريكُه في نعْمَتِهْ / يَقولُ قاضي عَجَبٍ من شِيمَتِهْ
أعانَه اللهُ على مَكْرُمتِهْ / بزمنٍ يَسَعُ عُظْمَ هِمَّتِهْ
ذو كَرمٍ أخلاقُهُ حَديقَهْ / حَقيقةٌ بالحَمْدِ في الحَقيقَهْ
يَجْري من الجودِ على طَريقَهْ / خَليقةٍ بَمْدح ذي الخَليقَهْ
مَن يَكْنِزُ الأموالَ في الرِّقاب / ويَذْخَرُ الثّناءَ للأعْقابِ
أيادياً مُعييَةَ الحُسّابِ / تَبقَى ومُوليها على الأحقاب
قُلْ لمُغيثِ الدّينِ ذي المَعالي / والصِّدْقُ أبهَى حلْيةِ المَقالِ
اليومَ أوثَقتَ عُرا الآمالِ / أجدْتَ يا مُنتقِدَ الرِّجالِ
يا ملكاً من رأفة يَحكى مَلَكْ / مُلّكَ غاياتِ العَلاء فَملَكْ
ليس الثُّريّا من نجومٍ تَشْتَبكْ / بل وَطأةٌ منكَ على ظَهْرِ الفَلَك
بَلَّتْ بسيفٍ صارمٍ يَداكا / ما لملوكِ الأرضِ مثْلُ ذاكا
وهْو أدام اللهُ ما آتاكا / أنْفَسُ ما وَرِثْتَه أباكا
اُنظُرْ إلى الشّاهدِ من رُوائهِ / وقِسْ به الغائبَ من آرائهِ
فهْو وزيرٌ ليس فوقَ رائهِ / رَأْىٌ سوى رأيكِ في ارْتضائهِ
إنْ سمّىَ اثْنانِ بِنُوشَروانِ / ووُصِفا بالعَدْلِ والإحسانِ
فاللّيلُ مازال له فَجْرانِ / وإنّما الصّادِقُ فيه الثّاني
أعْدَلُ مَولىً وهْو فيما نَعْلَمُ / لِمالهِ دونَ العبادِ يظْلِمُ
وراحِمٌ إذا اسْتقالَ المُجْرِمُ / لنَفْسِه من جودهِ لا يَرحَمُ
أعيَتْ رُكامُ جودهِ الغَماما / وفاق ماضي رأيهِ الحُساما
وتابعَ الصَّنائعَ الجِساما / فأرضَتِ الأُمّةَ والإماما
له زَمانٌ كُلُّه ربيعُ / وهِمّةٌ جَنابُها مَريعُ
فالنّاسُ في رياضِها رُتوعُ / والدَّهرُ عَبدٌ سامعٌ مُطيعُ
تُمطِرُ شَمسُ وَجههِ وتُشرِقُ / ولا يَغيمُ وَجهُه ويَبرُقُ
وبَحرُ جَدواه الّذي يُدَفَّقُ / يَستغرِقُ الوَصفَ وليس يُغْرِقُ
سَيفٌ به المُلكُ حمى أطرافَهْ / والدِّينُ هَزَّ طَرَباً أعطافَهْ
تَهُزُّهُ اليَمينُ للخِلافَهْ / حتّى يُبيدَ مَن نَوى خِلافَهْ
ماضٍ وما تَنفكّ دِرْعٌ غِمْدَهْ / للنّصْرِ سلطانُ الوَرى أعَدَّهْ
وهْو غَنِيٌّ أن يَشيمَ حَدَّهْ / فيَهزِمُ الجيشَ له اسْمٌ وَحْدَهْ
له يدٌ منها الأيادي تَسْجَمُ / يَصغَرُ عنها البَحْرُ وهْيَ تعظُمُ
ما سَبعةٌ من واحدٍ تَنتظِمُ / إلاّ الأقاليمُ له والقَلَمُ
رُمحٌ غدا من نِقْسِهِ سِنانُهُ / وفَرَسٌ في طِرْسِه مَيْدانُهُ
ما إنْ يُرَدُّ عن مَدىً عِنانُهُ / فإنّما عِنانُه بَنانُهُ
لخيلهِ في الصّخْرِ نوناتٌ تُخَطْ / لَهنَّ آثارُ المَساميرِ نُقَطْ
والرُّقْشُ من أقلامهِ بلا شَطَطْ / تَقتَصُّ من هامِ العدا بما تُقَطْ
عِزُّ على مَرِّ اللّيالي زائدٌ / يُربي على البادئ منه العائِدُ
مُتّصلٌ فلْيرتَقِبْهُ الحاسِدُ / فإنّما مَبدَأُ أَلْفٍ واحِدُ
مِن قَبْلِ أنْ مَلّكَهُ بِلادَهُ / مَلّكهُ مَولَى الوَرى فُؤادَهُ
كما كَساهُ قَلْبُه سَوادهَُ / من قَبل أن يَكْسُوَهُ أبْرادَهُ
تَشْريفُه أبطأُ مِن تَأَدُّبِهْ / وإنْ ضَجِرْنا نحنُ مِنْ تَرَقُّبِهْ
مُخَبِّر أنّ عَظيمَ مَنْصِبِهْ / يَجِلُّ عنه فَوقَ ما يَجِلُّ بهْ
بل لم يكن من عَجَلِ المُشَرِّفِ / إلاّ منَ الخَجْلةِ في تَوقُّفِ
كيف يكونُ عندَ فَقْدِ المُنْصِفِ / تَشريفُ مَولىً هو نَفْسُ الشّرَفِ
لو بلَغ التّشريفُ في التّضعيفِ / مَعدودَ قَولِ قائلٍ تَشْريفي
كُلٌّ على أقصَى الأماني يُوفي / لكان دونَ قدْرِه المُنيفِ
كَفاهُ ما خالِقُه كَساهُ / من ثَوبِ مَجْدٍ وعُلاً كفَّاه
لو لم يكنْ ضمَّنَه رِضاهُ / سُلطانُ أَرضِ اللهِ شاهَنْشاهُ
يا فارعَ السّماء بالسُّمُوِّ / مُنْتعِلَ الهلالِ في العُلُوِّ
فما مَحلُّ مَفْرقِ العَدُوِّ / أمنْتَ مُدّاحَك من غُلُوِّ
عليكَ مِمّا صاغتِ العقولُ / ما دونه السِّوارُ والإكليلُ
فأينَ يا شِعْرُ لكَ الفُحولُ / هذا أَوانُ القَولِ فَلْيَقولوا
كم أَحبِسُ العُقودَ في الحقاقِ / دونَ تَراقيها إلى التَّراقي
ما قُلتُه وما فَعلْتَ باق / كلاهما قلائدُ الأعناقِ
دونكَها خَوالعاً للعُقْل / أَعَرْتُها وهنّ ذَوْبُ العَقْلِ
تَهازُلاً منّي بغَيْرِ هَزْلِ / فَضْلَ اتّساعٍ في مَجالِ فَضْلي
حاش لطَبْعي أَن يُرَى فيه طَبَعْ / لا سِيّما من بعدِ شَيْبٍ وصَلَعْ
لكنَّ ما يأتي به الجِدُّ لُمَعْ / وليس في خالٍ على خَدٍّ بِدَعْ
لا عيبَ فيما قاله مُشَبِّبُ / تَشبيبُ مُدّاح الملوكِ أَضْرُبُ
أَليس حَسّانُ ولا يُؤَنَّب / من قَوله فهْو حَرامٌ طَيِّبُ
مَولايَ إكرامُك لي ابْتداءَ / أَوجبَ من كلٍّ بكَ اقْتِداءَ
ومَن أَبَى ذاك فقد أَساءَ / فالظِّلُّ يَحكي عُودَه اسْتِواءَ
للمَوعِدِ المَضْروبِ جئْتُ أَرقُبُ / فحالَ دوني حاجِبٌ مُقطِّبُ
ومَن يكن مكانُه المُقَرَّبُ / خلْفَ حجابِ القلبِ كيف يُحْجَبُ
دَولتُك الغَرّاءُ في ارتفاعِها / كالشّمسِ أَو أَشملَ باصطِناعها
والشّمسُ تُحظي النّاسَ من شُعاعها / بحاجبٍ قد صيغَ من طِباعها
يا شرفَ الدّينِ كرُمْتَ سَمْعا / وللنّدى واليأسِ دُمتَ تُدْعَى
أَدامَ حِفْظُ اللهِ عنك الدَّفْعا / مُظاهراً منه عليكَ دِرْعا
من دَوْحِ مَجْدٍ باسقٍ أَغصانُهُ / بَيتُ عُلاً ثابتةٌ أَركانُهُ
داموا ودام عالياً مَكانُهُ / مُضاعِفاً إقبالَهمْ سُلطانُهُ
نَورِزْ بسَعْدٍ دائماً ومَهْرِج / وابْقَ لنا في ظِلِّ عَيْشٍ سَجْسَج
مُقوِّماً بالرّأيِ كلَّ أَعْوَج / وفاتحاً بالجَدِّ كُلَّ مُرْتَجِ
قد ضَمِنَ اللهُ وليس يَنكُثُ / أنّك ما امتدَّ الزّمانُ تَلبَثُ
أَليس في كتابهِ فَلْيبْحَثوا / أَنَّ الّذي يَنفَعُ فهْوَ يَمْكُثُ
يا مَنْ يَظَلُّ خلَفاً عمّنْ مضَى / وليس عنه خَلَفٌ فلا انْقَضى
دُمتَ على الأيّامِ سَيفاً مُنتضَى / يُفْني ويُغْني السُّخْطُ منكَ والرِّضا
ذا دولةٍ على الوَليِّ تُسبَغُ / ظِلالُها وللعدوِّ تَدْمَغُ
دائمةٍ آخِرُها لا يُبلَغُ / كأنّما عُمرُكَ طَوْقٌ مُفْرَغُ