حتَّى متى بَينَ اللوى فالأجْرَعِ
حتَّى متى بَينَ اللوى فالأجْرَعِ / لَوْماً فما أَمَرَّهُ في مَسمَعي
وَيحَكَ لو كنتَ وفيّاً لم تَقلْ / ويحكَ لا تبكِ برَسْمٍ بلقعِ
وهوَ الحمى سَقياً لأيّامِ الحِمى / فإنّها ولَّتْ ولمّا تَرْجعِ
ما لك لا تَبكي بُكاءً بالأسى / بين رسومٍ وَبَوَالي أربُعِ
بأدمعٍ بين الجفونِ حُوَّمٍ / وأدمعٍ على الخدود وُقّعِ
وزفرةٍ موصولةٍ بزفرةٍ / تَصْعَدُ عن نارِ حشىً مُلَذَّعِ
وقفتَ في الدار بعينٍ لا ترى / تَغَيُّرَ الرّبْعِ وأذنٍ لا تعي
ولَوعةٍ بالشوقِ غيرِ لوعتي / وأضلعٍ في الوجد غير أضلُعي
وإنّما يبكي بكائي شجناً / وَوَجِعٌ يعرف فيه وجَعي
لو أنطَقَ المربَعَ وهو أخرسٌ / تَضَرُّعٌ أنْطَقَهُ تضرُّعي
ووقعةٍ رَدّتْ قيانَ وُرْقِهِ / نَوائِحاً بِالحزنِ يَبكينَ مَعي
كَأَنَّها وما لها من أدمُعٍ / أعارها القطر سجالَ أَدمُعي
يا منزلاً تَنْشُرُه يدُ البلى / نَشْرَ يمان خَلَقٍ لم يُرْقعِ
بِاللَّه خَبِّرني أَأَنتَ رَبْعُهُمْ / أم أنْتَ مَرْعىً لِلظباءِ الرتَّعِ
فَقالَ بَل ربعُهُمُ وَإِنَّما / تَحَمّلَتْ عَنّي شموسُ مَطلَعي
أَدرئِةَ الغَوْطِ سَتَرنَ ظَبيَةً / تدير عَيْنَيْ فتنةٍ في البُرقعِ
سَيفٌ وسَهمٌ لَحظُها وَلَهذَمٌ / يا عجباً لفتكها المُنَوَّع
كَأنّما تبسمُ إن مازحتها / عن بَرَدٍ بين بروقٍ لُمّعِ
كَأُقحُوانِ روضَةٍ يَصْقُلهُ / مِدْوَسُ شمسٍ في النّدى المميَّعِ
كأنّ في فيها سلافَ قهوةٍ / صرفٍ بماءِ ظَلْمها مُشَعْشَعِ
إذا رضيعُ الكاس أصغى سَحَراً / إلى صفيرِ الطّائرِ المُرجِّعِ
خُصَّتْ مِنَ الصوتِ بمعنى مؤيسٍ / من لغة الوصل ولفظٍ مُطْمِعِ
وَمَهمَهٍ مُتَّصِلٍ بِمَهمَهٍ / مَرْتٍ بِموَّاجِ السراب مُتْرعِ
كَأَنَّ مَنشورَ المُلاءِ فَوقَهُ / متى تَمِلْ ذكاءُ عنها تُرْفَعِ
كأنّما جُنْدُبهُ مُرَجِّعٌ / نغمةَ شادٍ ذي لحون مُسْمعِ
يذيب صمَّ الصخر حرٌّ لاذعٌ / يقبضُ فيه روحَ كلِّ زعزعِ
لكلّ غارٍ فيه ماء وشَوَى / فيه أُوَارُ الشمس كلّ ضفدعِ
لا نار تُذْكَى في الدجى لسَفْرِهِ / إلا بريقُ مُقلَةِ السمعمعِ
تَعْسِلُ منه جانباه إنْ عَدا / مثلَ اضطِرابِ السمهَرِيِّ المشرَعِ
يَقْفُو رَذايا جُنَّحاً في السير لا / تُوضَعُ عَنهُنَّ سِياطُ المُزْمعِ
يَصُكّ مِنها دأياتٍ دُمِلَت / فهيَ بِشمّ الأَنفِ فيها تَرتَعي
وذاتِ أَخفافٍ سَرَت أَربُعها / مُنتَعِلاتٍ بِالرياحِ الأربعِ
كَأنَّها وللنجاةِ ما نَجَت / منهوشةٌ بين أفاعٍ لُسَّعِ
تُحْدَى بسحرِ ساهرٍ في نِغْضَةٍ / شهمِ الجنَانِ لَوذَعِيٍّ أَلمَعي
والشهبُ كالشهبِ لسبْقٍ أُرسلتْ / لمغربٍ فيه أفُولُ المطلَعِ
كَأَنَّها واضِعةٌ خُدُودَها / لهجعةٍ فيه وإن لم تَهْجَعِ