يا مصرُ أنتِ أرضُ كل مُعجزه
يا مصرُ أنتِ أرضُ كل مُعجزه / كم فيكِ من آثار فخرٍ مُنجزه
قد عُدتِ كالعصر القديم مُنتزه / لله إسماعيلُ فيما أبرزه
في حيِّز الوجودِ فوقَ الحدِّ / يدومُ فخره كما الأهرامْ
ولم يزل يَقرنُ بالتحدِّي / بدايعاً صحيحة المرامْ
يعيشُ إسماعيلُ ربُّ المجدِ / على مَدى الأجيالِ والأعوامْ
ما أنتِ إلا روضةٌ بَهيَّة / شمسُ عُلاك بالسَّنا زَهيَّهْ
بالنيل خصبُ أرضك الزكيه / قد سطعتْ أخبارُك السنيهْ
شعاعُها انبثت بأرضِ الهندِ / والصينِ والرومِ وأرضِ الشامْ
لما انطفا النورُ بدهرٍ مُردِي / قد سَخر المولى له محام
يعيش إسماعيل رب المجدِ / على مدى الأجيال والأعوام
عقلٌ وحيدٌ لا تُجاريه الرجالْ / يحولُ في سَبق العُلا أعلى مجالْ
محمدُّ الاسمِ عليٌّ في الفِعالْ / أنار أفقَ مصرَ شبهَ الهلالْ
مذ قام بالحفيد سرُّ الجدِّ / فبدرُه جَلى دُجَى الظلامْ
فكرٌ منيرٌ من أميرِ جُندِ / صيَّر جيشَ الجهل في انهزامْ
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ / على مدى الأجيال والأعوام
لما اصطفى الجليلُ إسماعيلا / لملك مصر سيِّداً كَفيلا
وأشبهتْ طفلا غدا عَليلا / عدَّلها بطبِّه تَعديلا
بعدلِ قانونٍ وعَقْدِ بَنْدِ / أزال جَورَ الحكم والحُكّامْ
ونسخَ الرخصةَ والتعدي / وانقادَ للأصول والأحكام
يعيش إسماعيل رب المجدِ / على مدى الأجيال والأعوام
بنى على العدل أساسَ مُلكهْ / ونظمَ الفنونَ ضِمنَ سِلكه
وعظَّمَ العلمَ وأهلَ نُسْكهِ / ذُو العقل إن يفحْ عبيرَ مِسكه
بطيب في التشويق كل جهد / نعز لدى الأمير بالإكرام
يبذل في التشويق كلَّ جهدِ / بقدرِ حظِ الفضل في السهام
يعيش إسماعيل ربُّ المجد / على مدى الأجيال والأعوام
حَلَّى جبينَ مجمعِ البحرينِ / بتاج عزّ رائقٍ للعَينِ
وقبله كان كلا الشطين / يَلطمُ خدَّ الماءِ بالكفين
فذلك التاجُ قرينُ سَعد / يلمعُ فوقَ الماء كالحسام
يدعُو لإسماعيل ربُّ الرشدِ / بنصرةِ البنود والأعْلام
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ / على مدى الأجيال والأعوام
لما رَقى ذُر العلا وصَعدا / لم يترك الأهواءْ في الناس سُدى
عطفهم رفقاً بهم صوبَ الهدى / كلفهم بأن يحوزوا السؤددا
فالعقلُ في عهد العزيز مُهدَى / نحوَ العلوم لا إلى الأوهامْ
وإنما تمامُ هذا القصد / توسيعُهُ دوائرَ الأفهام
يعيش إسماعيل رب المجدِ / على مدى الأجيال والأعوام
لم يفتخرْ بزهرة الإماره / بل رامَ بالرعية افتخاره
وَضَعَ بنيه بينهم إشاره / لفكِّ قيد الذل والحقاره
فحسبُهم فكاكُ هذا القيدِ / وعتقهم مِن زِلة الأقدام
فأعلنوا بشكره والحمد / ما أحسنَ الشكر على الإنعام
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ / على مدى الأجيال والأعوام
قد لهجتْ بمدحه اللغاتُ / ورددت نشيدَه الأصواتُ
لم يَروِ مثلَ فخرِه الرواةُ / عن ملكٍ شهمٍ له هِباتُ
تجعل هنداً في النُّهى كزيدِ / والدرسُ للأُنثى كما الغُلامْ
من بعد أسرها بقيدِ وَغدِ / بالعلم حازتْ صفةَ احترام
يعيش إسماعيل رب المجد / على مدى الأجيال والأعوام
وبالحنان الأبويِّ رتَّبا / تربيةَ البناتِ من عهد الصِّبا
يقضين من حقِّ النهى ما وجبا / يحرزنَ عِلماً نافعاً وأدبا
تشملهن منه عينُ الرشد / ونجدةُ العزمِ والاهتمام
حتى يصلنَ بعقول النقدِ / لقوة التفهم والإفهام
يعيش إسماعيل رب المجد / على مدى الأجيال والأعوام
في عهده كلُّ الرعايا فرِحتْ / لأنه وَافى على ما اقترحتْ
وروح جده بها انشرحتْ / كأنها من الضريحِ سَرحتْ
مُضيئةَ الجبينِ فوقَ طودٍ / سامى الذرا عن سائر الأعلام
تنظرُ من أعلى بغير عدِّ / عجائباً لم تُحصَ بالأقلام
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ / على مدى الأجيال والأعوام
نادتْ بالاستعجاب أيها الحفيدْ / ما أنت في كَسْب العلا إلا فريدْ
ما أعجز الملوكَ في الدهر المديدِ / وافاك بالتدبير والفكر السديد
أحييتَ مجداً من قَرارِ لِحد / وعِظَماً كان مع العِظامْ
وهكذا النجلُ النجيبُ يُبدي / عظائمَ الأسلافِ باقتحام
يعيش إسماعيل رب المجد / على مدى الأجيال والأعوام
بمدحِك اهتزتْ ضروبُ النغمِ / انعشتْ الملوكُ بعدَ العدمِ
لما رأوْا عجائبَ التقدمِ / إعجابهم ما كان بالمكتتمِ
فاجتمعوا بالعودِ قبل العودَ / لينشدوا مدحاً على الأنغام
وأجمعوا على مليكٍ فردِ / مؤيدٍ بالسلم والسلام
يعيش إسماعيل رب المجد / على مدى الأجيالِ والأعوام
عشْ في أمانِ الله يا أبهى أميرْ / مشرفاً تاج المعالي والسرير
تاريخُ هذا الجيل والعصرِ الأخير / يدعُوك مع أعلى الملوك بالنظير
أنت الوحيدُ في العلاَ والجد / وفي المساعي ثابتُ الأقدامِ
عش في أمان اللهِ دون ضِدِّ / أعدْت عصرَ الذهب الإسلامي
يعيش إسماعيل رب المجد / على مَدى الأجيال والأعوام
عشْ في أمان الله يا من أعلى / لأهل مِصره مقاماً أعلى
مذ كنتَ للرأفة فيهم أهلا / صرتَ من الأب الشفيق أولى
فأنت للكل أبٌ في الودِّ / أنتَ الولي والنصيرُ الحامي
بالرفق قد فقتَ وصدقِ الوعد / فصرتَ محبوباً لدى الأنام
يعيش إسماعيل رب المجد / على مَدى الأجيال والأعوام
تدعوكَ أوربا مع الرعايا / بنعمةِ الله على البرايا
عطيةٌ من أجزالِ العطايا / إيطاليا قد حازتِ المزايا
بِدرُ مَدحٍ للجناب تُهدى / لمحض إجلالٍ مع احتشامْ
قد رام جمعَ أهلها يُؤدي / فرائضَ الحب بشعرٍ سامْ
بعيش إسماعيل رب المجد / على مدى الأجيال والأعوام
أهدوا إليك هذه الطرائِفا / فريدُ دُرٍّ في حِماك طائفا
في ضمنه قد أودعوا لطائفا / تُحيرُ الألبابَ والمعارفا
تجل عن تسويمها بنقدٍ / جواهراً بديعةَ النظام
يسمو شعاعُ نورها الممتد / يَزْهو بنور وَجهك البسام
يعيش إسماعيل رب المجد / على مدى الأجيال والأعوام
لما عهدتَ الودَّ مني صَافيا / وصِدقَ حُبي في الجناب وافيا
نظمتُ في المدح له قوافيا / إن تحظ بالقبولِ كان كافيا
يُرضى المحبَّ في ارتباطِ الود / بشاهدٍ على الوداد النامي
فشاهدُ الود كطعم الشهد / أو وَصْلِ حَبل العهدِ والذمام
يعيش إسماعيل رب المجد / على مدى الأجيال والأعوام