سَقى مَحَلاً قَد دَثر
سَقى مَحَلاً قَد دَثر / بَينَ زَرُودٍ وَهَجَر
أَو طَفُ وَسْمِيّ البُكر / كَأَنَّهُ إِذا اِنعَصَر
مِنَ الحَبِيِّ أَو قَطَر / ما دَقَّ مِن روسِ الإِبَر
هَبَّت لَهُ مَعَ السَمَر / صِرُّ شِمالٌ فَاِنتَشَر
ثُمَّ تَلالا وَهَدَر / هَدرَ خَطاطيفِ البكَر
بِكُلِّ مَشزُورٍ مُمَر / في كَفِّ أَلوى ذي أَشَر
حَزَوّرٍ حينَ جَفَر / يَنثِرُهُ إِذا اِنتَثَر
فَيَقدَحُ القَفوُ الشَرَر / قَدحَكَ بِالمرخِ العُشُر
لَدى القَليبِ المُحتَفَر / نَوَّخَ حَولَيهِ العَكَر
غِبَّ رَبيعٍ وَصَفَر / يَنفِضُ أَهدابَ الوَبَر
عَنِ الهَوادي وَالسُرُر / فَهُنَّ أَمثالُ الزُبُر
هِيمٌ يُقَلِّبنَ النَظَر / إِلى حِياضٍ وَجُرَر
يَسنى لَها عَذبٌ خَصِر / حَتّى إِذا الماءُ اِحتُكِر
أَورَدَها ثُمَّ صَدَر / يُرى عَلى وَجهِ العفَر
مِن وَبلِهِ إِذا اِنحَدَر / إِمّا غَديرٌ أَو نَهَر
أَوِ الثَمادُ في النُقَر / أَمثالُ أَحداقِ البَقَر
كَأَنَّما ذاكَ المَطَر / لَمّا اِستَهَلَّ وَاِنهَمَر
يَدُ المُعزِّ المُشتَهر / رَبيعِ قَيسٍ وَمُضَر
بَل هُوَ أَندى وَأَدَرّ / وَمَهمَهٍ جَمِّ الخَطَر
ما فيهِ لِلأَنسِ أَثَر / ظَليمُهُ تَحتَ الخَمَر
يَحضُنُ دُرماً كَالأُكَر / كَأَنَّهُ إِذا وَكَر
شَيخٌ حَبا مِنَ الكِبَر / أَو قَسُّ دَيرٍ قَد نَشَر
مَسابِجاً مِنَ الشَعر / حَتّى إِذا جاعَ اِبتَكَر
إِلى هَبيدٍ في عُجَر / مُفَوَّفاتِ كَالحَبَر
يَقتاتُ مِنها ما اِنتَثَر / بَينَ السَفيرِ وَالشَجَر
قَفرٌ تَعَدَّيتُ الغَرَر / فيهِ بِحُدبٍ كَالمِرَر
أَشباهُ ما فَوقَ النُخُر / قَد ذُبنَ مِن فَرطِ السَفَر
إِلى فَتىً سادَ البَشَر / وَساءَ مُذ شَبَّ وَسَرّ
إِمّا بِنَفعٍ أَو بِضُرّ / كَالسَيفِ لانَ وَبَتَر
أَفَخرِ مَخلوقٍ فَخَر / مِن نَفَرٍ خَيرِ نَفَر
جَمالِ بَدوٍ وَحَضَر / أَهلِ عُمودٍ وَمَدَر
زُرهُ تَزُر نِعمَ الوَزَر / وَعُذ بِهِ مِنَ الغِيَر
تَعُذ بِخَرقٍ لَو نَظَر / إِلى فَقيرٍ ما اِفتَقَر
يُعطى اللُهى بِلا ضَجَر / كَأَنَّما عادى البِدَر
فَلَم يَدَع وَلَم يَذَر / وَلا اِقتَنى وَلا ادَّخَر
شَيئاً سِوى حُسنِ الخَبَر / ذاكَ وَشُكرِ مَن شَكَر
يا اِبنَ الطَراخينِ الغُرَر / وَالطاعِنينَ لِلثُغُر
وَالتارِكينَ في الحُفَر / مَنافِباً مِلءَ السِيَر
وَصلُكَ فَضلٌ قَد بَهَر / شِعري وَشِعرَ مَن شَعَر
فَلَو سَكَتنا لَم تُضَر / وَالصُبحَ يُغنيهِ النَظَر
عَن شاهِدٍ إِذا اِنفَجَر / يا مَن بِهِ شِعري اِفتَخَر
عِش أَبَدَاً حِلفَ الظَفَر / وَاسعَد بِأَعيادٍ أُخَر
وَاعذُر وَلِيّاً ما حَضَر / فَلَو مَشى عَلى البَصَر
نَحوَكَ لَم يَشكُ الضَرَر / وَأَنتَ أَولى مَن عَذَر
وَاصبِغ لَها بِيضاً غُرَر / مَنحوتَةً تَحتَ الحَجَر
بِناتِ لَيلٍ وَسَهَر / قَوَّمتُهُنَّ مِن صَعَر
وَمِن سِنادٍ يُعتَبَر / فَهُنَّ أَمثالُ الدُرَر
غاصَت عَلَيهِنَّ الفِكَر / في لُجِّ بَحرٍ قَد زَخَر
مَدائِحاً لَم تُستَعَر / وَلَم يَقَع فيها الحَصَر
صافِيَةً مِن الكَدَر / تُنسيكَ في دَهرٍ غَبَر
مَدحَ القُطاميّ زُفَر / وَبَلدَةً فيها زَوَر