المجموع : 4
رَبْعٌ لأسماء بربع دارِ
رَبْعٌ لأسماء بربع دارِ / بين نَقَا الصَّمَّان فالضِمارِ
تأبَّدتْ إلاّ من الإقفار / ومن شجيج في الثرى مَوَّار
وشطْر نُؤْيٍ دارِس الآثار / كأنه مقسَّم السِّوارِ
أخنَى عليها كلُّ غادٍ سارِ / داني الربَاب شاسِع الأقطار
واهِي الكُلَى منفتِق الأزرار / كأنّ لَمْع بَرْقه المُثَار
يفترّ عن مثل أُوار النار / أو منتضٍ سيفاً من النُضَار
أو لاعِب في الأُفقْ بالشَرَار / يكاد أن يذهب بالأبصار
حتى إذا أرخى على النهار / هَيْدبهَ ليلاً بلا انفجارِ
وكحَّل الجوَّ بمثل القارِ / وقام فيه الرعد كالمِزمار
غنَّت له الريح بلا أوتارِ / ما ظلّ في رفع وفي انحدار
يختلِط الإقبال بالإدبار / ثم حدَتْه الريحُ باقتدارِ
حتى تبدّى يَقَقَ الإزار / واختال بالمشي بلا استدار
كمشية السَكْرى من العُقَار / منبِجساً بالدِيمَ الغِزار
وكلّ سَجْلٍ واكفٍ مِدرارِ / فغنَّتِ الأطيارُ في الأشجار
ونمَّتِ الأرضُ على الأمطار / بما اكتستْ من بِدَع النُوَّار
من أحمرٍ قانٍ على اخضرارِ / وأبيضٍ قد لاح في اصفرار
كدِرهم رُكّب في دينار / وقد بدا السوسنُ في البَهَار
كلازَوَرْدٍ ذُرَّ في جُلْنَار / كأنّ غُدْران الحبَابَ الجاري
لاعبة بالنَرْد في الأنهار / فانظر لحسن الروض في آذار
وما أتى فيه من الأنوار / وداوِ بالخمر أذى الخُمَار
إن الصِبَا أحرى من الوقار / فاغدُ عليه خالعَ العَذَار
وصاحبٍ مهذَّبٍ مختارِ / ليس بفضَّاح ولا غدّار
ولا على نَدمانه بزار / ناديتُه في ليلة مقمارِ
قبل اتّضاح الصبح والإسفار / والطيرُ ما هبَّت من الأوكار
والنجمُ وَسْط الفَلَك الدوّار / يأمُر جيش الليل بالفرار
فهاتِها من كفّ ذي احورارِ / ساجي الجفونِ قانئ الأظفار
فقال لي لَبَّيك باستبشارِ / ثم تمطَّى كالهِزَبْر الضاري
ينقِّض النوم عن الأشفار / وقام محتثّاً إلى الخَمَّار
وابتاع منه الراح باختصارِ / بلا مماراةٍ ولا إكثار
بمثلها وزنا من النُضار / محتسِباً بُعْدَ مَدَى التِجَار
وسَاله هل طُبِخت بنار / فقال لا والطُرَح الكبار
أَوْلاً فإني قاطِع الزُنَّارِ / ما عُذِّبت بالنار والأُوارِ
ولا علتها قَدَما عصَّار / ثم أتانا طيّب الإخبار
كظافرٍ فيما اقتنى بثارِ / جذلانَ يستعبد باب الدار
فلم يَزلْ بالقَدَح المِدرار / يُعمِلها دأْباً وبالكِبار
حتى تضجَّعت بلا اختيار / ونلت مما أَشتهي أوطاري
فهذه وقائع الأخبارِ / لا وقعةُ الحَشَّاك والثرثار
وطامِسِ الأعلام في ازورارِ / مَرْت الرُبَا والسهل والأوعار
كأنما المُصْبِح فيه سارِ / من هَبَواتِ النَقْع والغبار
قطعته خِلْواً من الحِذار / مشتبِه الإعلان بالإسرار
بعيسجورٍ حُرّةٍ مِسيارِ / خطَّارة قَرْواء من خُطَّار
قوداء لم تعطِف على حُوَارِ / يعدو بها منّي أخو أسفارِ
نِضْو جَفَتْهُ لذَّةُ القَرَار / والنومُ حتى سِنَةُ الغِرَار
نحوَ الإمامِ المصطفى نِزارِ / مَنْ فَضَل الأملاك في النِجَارِ
فضلَ ضياءِ الشمس للأقمار / وقام للمُلْك بكل ثار
ولم يزل قَرْماً منيع الجار / عَذْب السجايا حامِيَ الذمَار
دانت له الشُوس من الأعصار / كأنما يَضِرب بالمِقدار
يا بن الهُدَاةِ السادِة الأبرارِ / الأوصياءِ القادة الأطْهار
أربيتَ في الجود على الأمطار / وزِدْتَ في الجَدْوَى على البِحار
حتى حللت عُقْدة الإعسار / وذُدْتَ عنا نَكَد الإقتار
تسري أياديك لكلِ سارِ / أمسى بك الناس ذوي إيسار
قلْ للعزيز الملِك المِغوار / يا خِيرة الله من الأخيار
ووارثَ الآيات والآثار / وصاحبَ الكنز من الجِدَار
ويا مُقِيل زَلَّة العِثار / أضحى بك المُلْكُ منيع الجار
والدينُ فينا واضح المَنَار / وكان لولاك بلا أنصارِ
فالليلُ من عدلك كالنهارِ / والجوَرْ في حَطّ وفي انحدار
والدهر في مُلْكك في وقارِ / ومن أبي القاسم في استبشار
يختال في حِجْلٍ وفي سِوَار / وليّ عهد المسلمين الشاري
للحمد بالدرهم والدينار / ومالك السهل مع الأَوعار
وفاتح البلد والأمصار / لا زال ما عاش بسعد جارِ
مؤيَّد الإيرادِ والإصدار / عفَّ معاني الجهر والإسرار
فكن له اللهمَّ خير جارِ / وهَبْ له أقصى مَدَى الأعمار
وارمِ عَداه عنه بالصَّغَار / واجعلهم أشأم من قُدَار
وصَلّ ما غرَّدتِ القَمارى / على العزيز المصطفى المختار
وهاكَها نتيجةَ الأفكارِ / معشوقةَ الإسهاب والإكثار
تُعدّ في الجوهر لا الأشعار / كالروض غِبَّ المُزْن والقِطار
طيبُ جَنَى أبياتها القَصارِ / من رجزٍ كالشَدْو بالأوتار
والوصِل وافي أَثَر اهتِجار / أحرّ لفظاً من لهيب النار
تبقى بقاء الوسم في الأَبشار /
يا من حوى الفضل وحاز الفخرا
يا من حوى الفضل وحاز الفخرا / وكسف الشمسَ وفاق البدرا
إني وإن أتعبتُ فيك الفكرا / حتى أَجَدْتُ وزنه والنثرا
لمستقِلّ لعُلاك الشعرا / يا من إذا ما جاد فاق القَطْرا
ويتبِع المعروفَ منه العُذْرا / ويبذل المال ويَشْري الشُكْرا
قصَّرتُ إن خِلْتُ نداك البحرا / وكيف يحكي المستطابُ المُرَّا
إن المعِزَّ الملِك الأغرّا / لم يُبْق من بذل نداه حُرّا
قد ملك الناسَ معاً والدهرا / وإن غدا أسنى وأعلى قَدْرا
إن يملِك العالمَ أوْ ذا العصرا / كم طال بالمجد النجومَ الزُهْرا
وفلّ بالرأي العوالي السُمْرا / وصيَّر الجود عطايا تَتْرَى
حتى نَفَى العُدْم وجَلَّى الفقرا / لو صافح الصخَر ألان الصخرا
لولاه لم نلق الندى والبِرّا / ولا رأينا الجود فينا جهرا
يُكسبه بذلُ نداه بِشرا / ولا يَرَى المعروف شيئاً وَعْرا
سَمْح السجايا مستهِلاًّ عَمْرا / أرحب مَن يمشي عليها صدرا
يدَّرِع التقوى ويوفِي النَذْرا / لاهمَّ قد قصَّرت فيه غَفْرا
قد أغتدي قبل طلوعِ الفجر
قد أغتدي قبل طلوعِ الفجر / والليل في مثل خِضاب الشَعْرِ
كالجَور أو كالظُلْم أو كالغَدْر / وأنجمُ الجوزاء فيه تسري
كأنما تقِيسه لتدري / كم فيه من باع لها وفِتر
وللثريّا طمع في البدر / فهي له حيث مضى في الإثْر
كأنما تطلبه بوِتر / بأكلبٍ تطِير حين تجري
من كل قباءِ الحَشَا والخَصْر / تكاد من تلويحها والضُمْر
تلمِس بالبطن فَقارَ الظهر / وافِرة الزَوْر رحيب الصدر
ذواتِ أشداق كفتح الشبر / شُقِقن للآذان أو للشطر
من الخدود السائلاتِ الصفر / عن مثل أطراف الرماح السُمْر
فهنّ أمضى من خُطُوب الدهر / حتى إذا ما أوغلت في القَفْر
وهنّ في فَرْط القُوَى والكِبر / يمرَحْن في العَدْو مَرَاح السُكْر
كأنّ فيهن حُمَيَّا الخمر / ينظرن عن تقطيع لحظٍ شَزْر
أهوى بها الكَلاَّبُ نحو عشر / من بقر الوحش بدت في سَطْر
ومثلِها من الظِباء العُفْر / فطِرْن كالبرق خِلاَل القَطْر
يهوِين مَهْوَى النجم حين يسري / أمضى من الماء جرى في حَفْر
حتى إذا مَلَكْن مِلْك القَهْر / وحشَ الفلا تحت غبار النسر
غادرنها في النَّقع مثل الجُزْر / فهنّ صرعى دمُهنّ يجري
ثم نزلت مسرِعاً عن مُهْري / أقطعُ من أوصالها وأفري
حتى غلت فوق الأثافي قِدْرِي / يالكَ من طَرْد كحرّ الجمر
نحرت فيه الوحش أيَّ نحر / نحر الوصيّ جيشَ آل صخر
قد أغتدِي قبل الصباح المسفِر
قد أغتدِي قبل الصباح المسفِر / والليلُ في ديجوجه المعسكِرِ
وأنْجُم الجوزاء لم تغوِّر / كأنها تحت الرواق الأخضرِ
تَسْبَح في باطِنيةٍ من عنبر / والأُفْق قد غرَّب فيه المشترِي
كدرّة في أذْن أحوى أحور / وافترقت بيضُ النجوم السُّمَّرِ
كما زهت قِلادةٌ من جوهر / سبقتُ أوُلي فجرها المنوِّر
بأكْلُبٍ مخرنطِمات ضُمَّر / مهروتة أشداقُها للحنجرِ
من كل مفتول الذراع قَسْرِ / ليس بمسبوقٍ ولا مقصّر
مستأسِد مؤيّد مظفّر / يلاحِظ الوحش بعين المثأرِ
كأنه من لونه المشهَّر / ملتحِف بحُلَّة من عَبْقَر
لو مرَّ يخطو في الكثيب الأعفرِ / وهْو شديد العَدْو لم يؤثّر
يكاد من سرعته في العِثْيَر / يسبِق ألي زَوره بالمُؤْخِر
لو سار يجري سَنَةً لم يفتُر / فصاد عشرا في الفضاء المقفرِ
لا يضع الناب بغير منخر / فأيّ جأْب عانةٍ لم يَجزُر
وأيّ ثور للمَهَا لم يَنْحَرِ / ضرَّجها من دمها المثعنجِرِ
حبائل للوحش قَيدُ الجؤذر / أنا ابن من شُفِّع يوم المحشر
وابن الذي خُصَّ بنهر الكوثر / وابن المعالي والفخار الأشهر
مباركُ الفرعِ زكيّ العُنْصُر / سُدْنا الورى سيادة لم تنكَرِ
ولم يزل فيها عذاب المُجْتَرِي / فسل بنا آيَ الكِتاب تُخْبَرِ