الحمد لله العلي القادر
الحمد لله العلي القادر / ذي النعيم البواطن الظواهرِ
والصلوات عدد القطارِ / على النبي المصطفى المختارِ
وبعد فالتركيب سر غامض / بحر عميق لم يخضه خائضُ
وهو الذي قد حار فيه الناسُ / وحاد عن طريقه القياسُ
تحالف القوم على كتمانِه / وأضربوا في الكتب عن بيانهِ
فكرت عشر حجج كواملِ / في سره فلم أفز بطائلِ
حتى إذا استولى عليّ الياسُ / وطار عن مقلتي النعاسُ
فزعت في ذاك إلى التضرعِ / وهو لمن وفق خير مصرعِ
نذرت أن أتركه مكتوما / سراً بختم ربه مختوما
أصوم إظهاره لا أفطرُ / وإن علمت إنّ روحي تهدرُ
إلا بسر غامض مماطلِ / يلوح للعاقل دون الجاهلِ
فاعمل بما قلت ولا تخالف / وإنه من أفضل المعارفِ
بيّض نحاساً محرقا فهو جسد / قد زالت الظلمة عنه والحسد
ثم اعقد الدهن بماء البحرِ / فإنه صابون هذا الأمرِ
وبعده فاعمد لأسريقونِ / مستخرج من عنصر الصابونِ
جزأين مجموعين في التدبيرِ / قد قدرا بأعدل التقديرِ
لونين صارا واحداً فازدوجا / بالسقي والسحق معاً فامتزجا
يطبخ في أداتنا المكتومة / مدته الموقوتة المعلومة
حتى يصيرا زعفراناً عرقا / وقبل ذاك قد عقدت زئبقا
فاجمعهما ثم بوزن واحدِ / ينعقدا انعقاد زيت جامدِ
وبرّهما في السحق بالعمياء / فإنها تعكس قطر الماءِ
والشبّ قيد الآبق الفرّارِ / قَيّد به فهو من الأسرارِ
وعد إلى الناهك من أجسادِ / مغسولة مبيضّة شدادِ
ثم أطل عذابها في النارِ / مطروحة في جاحم الأوارِ
حتى تصير تربة عطشانه / عزيزة في عزها ريانة
كالحوت لا يرويه شيء يلهمه / يصبح عطشانا وفي البحر فمه
ضمّ إليها نفسها المبيّضة / نفسا غدت مذهبة منضَّضة
واسحقهما بمائنا المصفى / واسقهما حقهما موفّى
وخذ من الزيت العتيق الأولِ / مثلهما في وزنه المعدّلِ
واطبخهما في الاله المستورة / فهي التي تعطي كمال الصورة
قيامة الأرواح في الأجسادِ / لأربع صرن إلى اتحاد
والرفق ثم الرفق بالنيرانِ / فإنها من أكبر الأعوانِ
إلا إذا عقدتها بالرفقِ / وفزت من تدبيرها بالحقِ
وهي عطاء الله للأبرارِ / تنجيهمُ من فقر هذي الدار
فالله في كتمانه إن فزتا / فالملك لا يعدل ما قد حزتا
فاسعَ لعقباك فقد كفيتا / مؤونة الدنيا بما أوتيتا