المجموع : 5
وَبارِدِ الظَلمِ شَتيتِ الثَغرِ
وَبارِدِ الظَلمِ شَتيتِ الثَغرِ / واهي المَواثيقِ مَعاً وَالخَصرِ
يَغضَبُ إِن شَبَّهتُهُ بِالبَدرِ / عِذارُهُ إِلى العُذولِ عُذري
يَمطُلُني وَهوَ المَلِيُّ المُثري / قَد كُحِلَت جُفونُهُ بِسِحرِ
قاسٍ كَأَنَّ قَلبَهُ مِن صَخرٍ / في خَدِّهِ ماءُ الشَبابِ يَجري
سِيّانِ إِعلاني بِهِ وَسِرّي / مَتى أُفيقُ في الهَوى مِن سُكري
وَمِن ثَناياهُ العِذابِ خَمري / ضِياءُ وَجهٍ وَظَلامُ شَعرِ
قَد أَخَذا مِن جَلَدي وَصَبري / أَخذَ الصَباحِ وَالمَسا مِن عُمري
إِذا شَكَوتُ في هَواهُ ضُرّي / عادَ إِلى عادَتِهِ في الغَدرِ
كَأَنَّني أَغرَيتُهُ بِهَجري / ما لي وَأَحداثَ اللَيالي الغُبرِ
قَد عَرَفتَني وَهيَ تُبدي نُكري / تَريشُ لي سِهامَها وَتَبري
كَأَنَّها تَطلُبُني بِوِترِ / إِلامَ تَلقى ضُحُكي وَبِشري
بِوَجهِ جَهمِ الوَجهِ مُكفَهِرِّ / أَما عَلِمتِ ياصُروفَ دَهري
عِلمَ يَقينٍ صادِقٍ وَخِبرِ / أَنَّ جَلالَ الدينِ والي نَصري
وَأَنَّهُ مِنَ الأَنامِ ذُخري / أَرتَعُ في جِنانِهِ المُخضَرِّ
يَضعَفُ عَن حَملِ نَداهُ شُكري / إِبنُ البُخاريِّ الكَريمُ النَجرِ
نَجلُ البَهاليلِ الكِرامِ الغُرِّ / القائِدُ الجَيشِ اللُهامِ المَجرِ
الوافِرُ العِرضِ المُباحُ الوَفرِ / الضَيِّقُ العُذرِ الرَحيبُ الصَدرِ
مُحيِي السَماحِ وَمُميتُ الفَقرِ / غَمرُ الرِداءِ وَالعَطاءِ الغَمرِ
باعَ الثَراءَ بِجَميلِ الذِكرِ / يَسحَبُ ذَيلي سودَدٍ وَفَخرِ
مَناقِبٌ مِثلُ النُجومِ اّلزُهرِ / تَفوتُ كُلَّ عَدَدٍ وَحَصرِ
وَخُلُقٌ مِثلُ نَسيمِ الزَهرِ / وَراحَةٌ تُخجِلُ فَيضَ البَحرِ
يَروي الوَرى بِجودِ كَفٍّ ثَرِّ / يَقومُ في الجَدبِ مَقامَ القَطرِ
في مُخلِفِ الأَنواءِ مُقشَعِرِّ / أَقلامُهُ عَلى الرِماحِ تَزري
في حَلَباتِ المَكرُماتِ تَجري / تَمضى مُضاءَ المُرهَفاتِ البُترِ
تَقطَعُ في هامِ العِدى وَتَفري / إِلَيكَ يا سَيِّدَ أَهلِ العَصرِ
رَفَعتُ بِالمَدحِ بَناتِ فِكري / كَرائِماً تُهدى لِغَيرِ صِهرِ
نَزَّهتُها عَن خَطَلٍ وَهُجرِ / تَبرا إِلَيكَ مِن عُيوبِ الشِعرِ
عَروضُها سالِمَةٌ مِن كَسرِ / تَمَلَّ مِنها بِالحَصانِ البِكرِ
مِثلِ العَروسِ أُبرِزَت مِن خِدرِ / نَظَمتُها نَظمَ عُقودِ الدُرِّ
أُشرِقُ في سالِفَةٍ وَنَحرِ / يُضحي بِها عِرضُ الكَريمِ الحُرِّ
ذا أَرَجٍ مِن طيبِها وَنَشرِ / كَأَنَّهُ مُضَمَّخٌ بِعِطرِ
بِالشَفعِ يا رَبَّ العُلى وَالوِترِ / وَبِالحَجيجِ وَاللَيالي العَشرِ
وَبِالصَفا وَزَمزَمٍ وَالحُجرِ / هَب لِجَلالِ الدينِ طولَ العُمرِ
وَاِشدُد بِهِ في الحادِثاتِ إِزري / يا مَن يُجيبُ دَعوَةَ المُضطَرِّ
أَجِب دُعائي وَتَقَبَّل نَذري / أَسعِدهُ يا رَبِّ بِهَذا الَشَهرِ
سَعادَةً تَبقَى بَقاءَ الدَهرِ / في خَفضِ عَيشٍ وَاِرتِفاعِ قَدرِ
ما اِفتَرَّ لَيلٌ عَن بَياضِ فَجرِ / وَما دَعَت هاتِفَةٌ في وَكرِ
بِشاهِقِ الذُروَةِ مُشمَخِرِّ /
هَل أَنتِ يا أُختَ القَضيبِ الناضِرِ
هَل أَنتِ يا أُختَ القَضيبِ الناضِرِ / مَعدِيَّةٌ عَلى سُهادٍ ناظِرِ
أَم عادَةٌ عِندَكِ في دينِ الهَوى / أَن لا يُبالي راقِدٌ بِساهِرِ
لا وَوُجوهٍ بِالغَضا نَواظِرٍ / فَواتِنِ الأَلحاظِ وَالنَواظِرِ
وَلَيلَةٍ قَضَيتُها بِحاجِرٍ / سَقى الغَمامُ لَيلَتي بِحاجِرِ
وَكُلِّ طَرفٍ فاتِنٍ لِحاظُهُ / يُذكي غَرامَ كُلِّ وَجدٍ فاتِرِ
أَلِيَّةً أَنَّ جُفوني لَم تَنَم / إِلّا اِنتِظاراً لِلخَيالِ الزائِرِ
أَرسَلتُها بَينَ خَيالاتِ الكَرى / مُقتَضِياً طَيفَ الغَزالِ الناظِرِ
يا نابِذاً بَينَ الظِباءِ قَلبَهُ / دَرِيَّةً لِكُلِّ سَهمٍ عائِرِ
يَرقُبُ مِنهُنَّ قَضاءَ ماطِلٍ / يَلوي الدِيونَ وَوَفاءَ غادِرِ
كَيفَ تَعَرَّضتَ وَأَنتَ حازِمٌ / يَومَ اللِوى لِأَعيُنِ الجَآذِرِ
أَما عَلِمتَ أَنَّ أَحداقَ الظِبا / ءِ النُجلِ لا يوجَدنَ بِالحَرائِرِ
يا مُغمِداً في القَلبِ سَيفَ لَحظِهِ / أَلِلَّهُ في دَمٍ بِغَيرِ ثائِرِ
وَفي سَقامٍ ما لَهُ مِن عائِدٍ / فيكَ وَلَيلٍ ما لَهُ مِن آخِرِ
طالَ فَما أَدري أَمِن غَدرِكُمُ / صيغَ دُجاهُ أَم مِنَ الغَدائِرِ
وَمِن عَناءِ الحُبِّ أَنَّكَ تَطلُبُ اِن / صافاً وَوَصلاً مِن حَبيبٍ غادِرِ
مَن لي بِخِلٍّ اِصطَفى إِخاؤُهُ / مُهَذَّبِ الأَفعالِ وَالسَرائِرِ
أَقنَعُ مِن وَفائِهِ وَوُدِّهِ / أَن يَتَلَقّاني بِثَغرٍ كاشِرِ
فَتَّشتُ أَبناءَ الزَمانِ بَعدَما / بَلَوتُهُم طُرّاً بِعَينِ خابِرِ
فَما اِمتَرَت كَفِّيَ غَيرَ باخِلٍ / مِنهُم وَلا جاوَرتُ غَيرَ جائِرِ
وَلا عَقَدتُ بِيَميني ذِمَّةً / مَعَ غَيرِ خَوّانِ العُهودِ غادِرِ
يَسومُني الباخِلُ جَدواهُ وَقَد / رَغِبتُ عَن جَدوى الغَمامِ الماطِرِ
كَفَفتُ أَطماعِ عَنِ الناسِ فَما / كَفُّهُمُ نَوالَهُم بِضائِري
لا خَطَرَ الجودُ عَلى بالِ فَتىً / مَرَّ لَهُ رَجاؤُهُم بِخاطِرِ
كَم أَحمِلُ الضَيمَ وَكَم أُنفِقُ مِن / صَبري وَلا آنالُ أَجرَ الصابِرِ
وَكَم أُجَلّي سابِقاً في حَلبَةِ ال / فَضلِ وَلا أُحرِزُ عُشرَ الحاصِرِ
تُكَسِّرُ الأَيّامُ حاجاتي في / صَدرٍ بِأَدواءِ الخُطوبِ واغِرِ
وَكَيفَ يَقضي وَطَراً إِلى العُلى / ساعٍ إِلى اللَحظِ بِجِدٍّ عاثِرِ
هَذَّبتُ نَفسي جاهِداً وَلَم أَكُن / عَلى اِجتِلابِ حَظِّها بِقادِرِ
فَيا لَها يَومَ شَريتُ الفَضلَ مِن / صَفقَةِ مَغبونِ الشَراءِ خاسِرِ
قَد جَعَلَتني الحادِثاتُ أَكلَةً / يُسَدُّ بي فَمُ الزَمانِ الفاغِرِ
كَأَنَّني لَم تَعتَلِق كَفِّيَ مِن / جودِ أَبي نَصرٍ بِخَيرِ ناصِرِ
وَلا شَكَرتُ مُعلِناً حِباءَهُ / شُكرَ الرِياضِ لِلحَبِيِّ الماطِرِ
وَلا مَلَأتُ الأَرضَ وَالسَماءَ مِن / أَدعِيَتي فيهِ وَمَدحي السائِرِ
وَلا نَظَمتُ في عُلاهُ مِدَحاً / تُخرِسُ كُلَّ ناظِمٍ وَناثِرِ
غَرائِباً أَخَّرَها عَصري وَقَد / فُتُّ بِها أَهلَ الزَمانِ الغابِرِ
عَلى مَجيدٍ ناطِقٍ بِمِثلِها / يَحسُنُ أَن يُطلَقَ إِسمُ الشاعِرِ
يَقطَعُ ما كَرَّرَها الراوي بِها / مَفازَةَ الساري وَليلَ السامِرِ
فَهيَ بِما ضَمَّنتُهُ مِن مَدحِهِ / إِنسُ المُقيمِ راحَةُ المُسافِرِ
أَحيا عِمادُ الدينِ كُلَّ دارِسٍ / مِن مَنهَجِ الجودِ وَكُلَّ داثِرِ
يَعُدُّ ظُلماً أَن يَرُدَّ آمِلاً / وَلَو بَغى عُلاهُ غَيرُ ظافِرِ
يُضيءُ مِن غُرَّتِهِ وَعَزمِهِ / وَسَيفِهِ لَيلُ العَجاجِ الثائِرِ
عِتادُهُ في الرَوعِ كُلُّ ذابِلٍ / لَدنٍ وَعَضبِ الشَفرَتَينِ باتِرِ
وَنَثرَةٍ تِخالُها مِن رَأيِهِ / مُحكَمَةَ السَردِ وَطَرفٍ ضامِرِ
كَأَنَّهُ إِذا اِمتَطاهُ عائِراً / لَيثُ شَرى عَلى عُقابٍ كاسِرِ
يَنتَظِمونَ في الوَلاءِ سَيِّداً / مِن سَيِّدٍ وَكابِراً مِن كابِرِ
مُمتَشِقي الأَقلامِ وَالبيضِ مَعاً / وَلابِسي التيجانِ وَالمَغافِرِ
مِن مَلِكٍ يَومَ النَدى مُتَوَّجٍ / وَبَطَلٍ يَومَ الوَغى مُغامِرِ
جاوَرتُهُم فَما شَكَكتُ أَنَّني / جارٌ لِتَيّارِ الفُراتِ الزاخِرِ
وَاِعتَصَمَت كَفِّيَ مِن وَلائِهِم / بِذِمَّةٍ مُحصَدَةِ المَرائِرِ
أَحكَمَها جودُهُم فَتَلاً فَما / في نَقضِها طَماعَةٌ لِناشِرِ
لَولا عَلِيٌّ ذو النَدى ما نَهَضَت / أُمُّ العَلاءِ عَن سَليلٍ طاهِرِ
يَلقى العُفاةَ بِمُحَيّا باسِمٍ / جَذلانَ مِن ماءِ الحَياءِ قاطِرِ
فِداؤُهُ إِذا اِستَهَلَّ بِشرُهُ / لِوَفدِهِ كُلُّ عَبوسٍ باسِرِ
مُقَصِّرٍ طالَت أَمانيهِ وَقَد / جارى مَساعيهِ بِعَزمٍ قاصِرِ
يَشيمُ مِن يَرجوهُ مِن نَوالِهِ / خُلَّبَ بَرقٍ مِن سَحابٍ عابِرِ
عَدَّ رَباحاً ما اِقتَنَتهُ كَفُّهُ / مِنَ الشَراءِ وَهوَ عَينُ الخاسِرِ
يا مُنهِضي وَالدَهرُ قَد حَضَّ بِما / أَولاهُ مِن أَحداثِهِ عَواشِري
وَحافِظي في أُمَّةٍ لا يَشتَكي / بَينَهُمُ الضَيعَةَ غَيرُ الشاعِرِ
إِن قَعَدوا عَن نُصرَتي قُمتَ بِها / وَإِن تَناسَونِيَ كُنتَ ذاكِري
لا عَدِمَت وَطأَتَكَ الأَيّامُ مِن / ناهٍ عَلى أَبنائِها وَآمِرِ
وَزادَكَ العيدُ بِخَيرِ طالِعٍ / أَمَّت بِهِ رَبعاً رِكابُ زائِرِ
وَلا خَلَوتَ مِن فُؤادٍ صادِقٍ / وَلاؤُهُ وَمِن لِسانٍ شاكِرِ
إِن شِئتَ أَن تَلثِمَ ثَغراً كَالدُرَرِ
إِن شِئتَ أَن تَلثِمَ ثَغراً كَالدُرَرِ / أَطيَبَ مِن نَشرِ الرِياضِ في السَحَر
وَتَجتَلي غُرَّةَ وَجهٍ كَالقَمَر / لَو أَنصَفَ العاذِلُ فيهِ لَعَذَر
فَاِصبِر عَلى طولِ البُكاءِ وَالسَهَر / مِثلَ اِصطِباري وَاِحتِمالي لِلإِبَر
فَقَلَّ مَن يَظفَرُ إِلّا مَن صَبَر / أَما سَمِعتَ الصَبرُ عُقباهُ الظَفَر
حُيِيتِ يا دارَ الهَوى مِن دارِ
حُيِيتِ يا دارَ الهَوى مِن دارِ / وَلا عَدَتكِ السُحُبُ السَواري
مُثقَلَةً كَالإِبِلِ العِشارِ / باكِيَةً بِأَدمُعٍ غِزارِ
عَلى ثَرى رُسومِكِ القِفارِ / فَرُبَّ لَيلاتِ هَوىً قِصارِ
تَصَرَّمَت فيكَ عَلى إيثاري / نِلتُ بِها ما شِئتُ مِن أَوطاري
أَعقُرُ فيها الهَمَّ بِالعُقارِ / أَشرَبُها بِجَذوَةٍ مِن نارِ
تَرمي مِنَ الحَبابِ بِالشَرارِ / حَمراءَ أَو صَفرَاءَ كَالدينارِ
كَأَنَّها ذَوبُ النُضارِ الجاري / رَقَّت فَما تُدرَكُ بِالأَبصارِ
تَخالُها في كَأسِها المُدارِ / إيماضَ بَرقٍ في الظَلامِ ساري
باتَ بِها الأَسمَرُ مِن سُمّاري / مُطَرَّزَ الخَدَّينِ بِالعِذارِ
يُديرُ لَحظاً مُرهَفَ الغِرارِ / ذا كُحلٍ في الطَرفِ وَاِحمِرارِ
وَهَيَفٍ في الخَضرِ وَاِختِصارِ / وَقامَةٍ قامَت بِها أَعذاري
ريقَتُهُ كَالعَسَلِ المُشارِ / وَرِدفُهُ أَثقَلُ مِن أَوزاري
يَقِلُّ مِن حِمالِهِ اِصطِباري / وَدُميَةٍ قَصيرَةِ الزُنّارِ
مُشبَعَةِ الخَلخالِ وَالسِوارِ / كَأَنَّها بَدرُ السَماءِ الساري
جَلَّت عَنِ المُحاقِ وَالسِرارِ / تُشرَقُ مِن مَطالِعِ الأَزرارِ
عَلِقتُها في حانَةِ الخَمّارِ / خَلَعتُ في الحُبِّ بِها عِذاري
ما لِأَخي الصَبوَةِ وَالوَقارِ / وَلَم أَزَل مُنهَتِكَ الأَستارِ
أَقولُ بِاللِثامِ وَالخِمارِ / وَالشُربِ في الحاناتِ وَالقِمارِ
وَأَعشَقُ الغِلمانَ وَالجَواري / أَعيشُ في الدُنيا عَلى اِختِياري
مِن قَبلِ أَن يُرتَجَعَ العَواري / وَقَلَّما فَكَّرتُ في الإِعسارِ
أَو خِفتُ مِن غَوائِلِ الخُمارِ / أَجودُ في عُسرِ وَفي يَسارِ
وَكانَ عَينُ الرِبحِ في الخَسارِ / وَرَوضَةٍ مُؤنَقَةَ الأَزهارِ
مِسكِيَّةٍ أَنفاسُها مِعطارِ / وَريقَةِ الأَغصانِ وَالأَشجارِ
مِنَ الرِياضِ الأُنُفِ الأَبكارِ / تُثني عَلى صَوبِ الحَيا المِدرارِ
بِأَلسُنِ الحَوذانِ وَالعَرارِ / نَضحَكُ عَن مَباسِمِ النَوّارِ
مِن نِرجِسٍ غَضٍّ وَجُلِّنارِ / باتَ بِها جَودٌ مِنَ الأَمطارِ
فَأَصبَحَت مَوشيَّةَ الأَقطارِ / في حُلَلِ الشَقيقِ وَالبَهارِ
كَأَنَّها لَطيمَةُ العَطّارِ / تَنَفَّسَت مِن مَندَلٍ وَغارِ
يَسبُقُها جَدوَلُ ماءٍ جارِ / عَذبٌ قَريبُ العَهدِ بِالقُطارِ
صافٍ مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ / أَرَقُّ مِن دَمعي وَمِن أَشعارِ
يَبوحُ لِلوارِدِ بِالأَسرارِ / حَتّى يَرى ما ساخَ في القَرارِ
باكَرتُها وَلِلعُلى اِبتِكاري / وَلَّيلُ قَد وَلّى عَلى الأَدبار
وَجَيشُهُ قَد هَمَّ بِالفِرارِ / فَغَرَّنا بِالكَوكَبِ الغَرّارِ
وَالطَيرُ ما بانَت عَنِ الأَوكارِ / وَالصُبحُ قَد آذَنَ بِالإِنفارِ
بِفِتيَةٍ غُرٍّ ذَوي أَخطارِ / أَماجِدٍ أَكارِمٍ أَحرارِ
قَد عُرِفوا بِالصِدقِ في الأَخبارِ / وَكُلِّ رامٍ بَطَلٍ كَرّارِ
أَغلَبَ مَشّاءٍ عَلى الأَخطارِ / كَأَنَّهُ لَيثُ عَرينٍ ضارٍ
أَروَعَ لا يَرهَبُ غَيرَ العارِ / زاكي الفُروعِ طاهِرَ النُجارِ
مُهَذَّبٍ مِن كُلِّ عارٍ عارِ / حَتّى وَرى زَندُ النَهارِ الواري
فَجَلَّلَ الأَفاقَ بِالأَنوارِ / وَأَقبَلَت عَصائِبُ الأَطيارِ
في جَحفَلٍ مِن جَيشِها جَرّارِ / مُختَلِفاتِ السَمتِ وَالمَطارِ
مُلَوَّناتِ القُمصِ وَالأَطمارِ / مِن أَبيَضٍ كَرِزَمِ القَصّارِ
مُشتَهِرٍ كَالفارِسِ المِغوارِ / تِخالُهُ مِن وَضَحَ النَهارِ
مِنِ اِبيَضاضٍ مِنهُ وَاِحمِرارِ / مُؤَلَّفاً مِن بَرَدٍ وَنارِ
وَأَبلَقٍ مُشَمَّرِ الإِزارِ / مِزَرُّهُ الأَحمَرُ كَالعُقارِ
في يَلمَقٍ مُحَلَّلِ الأَزرارِ / أُلِفَ مِن لَيلٍ وَمِن نَهارِ
وَناجِحِ الأَهلِ بَعيدِ الدارِ / جَبهَتُهُ صَفراءُ كَالدينارِ
كَأَنَّهُ الذِمِّيُّ في الغِيارِ / صَلتِ الجَبينِ أَسوَدِ العِذارِ
كَأَنَّهُ شِفارُهُ مِن قارِ / فَساقَهُ الحَينُ إِلى المِقدارِ
فَخَرَجَت لِلرَعيِ وَالإِصحارِ / موقِنَةً بِقِصَرِ الأَعمارِ
عَلى شَفا مِن جُرُفٍ مُنهارِ / وَهاجَنا شَوقٌ إِلى البِدارِ
مِلنا إِلى سُحمٍ كَلَونِ القارِ / قَد ظَهَرَت بِالذَهَبِ النُضارِ
تُحَلُّ عَنها عُقُدُ الأَستارِ / يُطلِقُها مِن رِبقَةِ الإِسارِ
كَأَنَّها الأَساوِدُ الضَواري / مَنسوبَةً إِلى القَنا الخَطّارِ
تُغزى إِلى نارٍ وَأَيِّ نارِ / لَيسَ لَهُ في الحِذقِ مِن مُبارِ
نَبيضُها في ظُلَمِ الأَسحارِ / أَلَذُّ لي مِن نَغَمِ الأَوتارِ
نِعمَ اِختِيارُ الحاذِقِ المُختارِ / يَروقُ حُسناً أَعيُنَ النُظّارِ
لَكِنَّها قَبيحَةُ الآثارِ / حَذارِ مِن أَسهُمِها حَذارِ
فَإِنَّها أَمضى مِنَ الشِفارِ / وَمِن صُدورِ الأَسَلِ الحِرارِ
مُشتَبِهاتِ القَدِّ وَالمِقدارِ / كَأَنَّها قُذفٌ مِنَ الأَحجارِ
صِغارُها أَدهى مِنَ الكِبارِ / صاعِدَةً في الرَهَجِ المُثارِ
أَسرَعُ مِن نَوازِلِ الأَقدارِ / بِمِثلِها مِن أَسهُمٍ عَواري
هيضَ جَناحُ الناظِرِ الطَيّارِ / تُصميهِ قَبلَ النَزعِ وَالأَبدارِ
تَغورُ مِن جُؤجوئِهِ في غارِ / تَوَلُّجَ الثَعلَبِ في الوِجارِ
بَرحاً لِكُلِّ مُحصَدٍ مُغارِ / أُحكِمَ بِالإِحصافِ وَالإِمرارِ
أَصفَرَ لا يُعابُ بِاِصفِرارِ / في كَفِّ نَفّاعٍ بِهِ ضَرّارِ
قَد عُضِدَت يُمناهُ بِاليَسارِ / فَلَم يَزَل في لُجَجِ الغَمارِ
يُعجِلُها رَمياً عَنِ الغِرارِ / رَمياً دِراكاً كَلَهيبِ النارِ
أَخفى مِنَ الإيماءِ بِالأَسرارِ / فَاِنتَشَرَت بِقُدرَةِ الجَبّارِ
حَولَ الرِماةِ أَيَّما اِنتِشارِ / كَوَقعَةِ الكِلابِ أَو ذي قارِ
فَلَو تَراها في الدَمِ المُماري / خَواضِعَ الأَعناقِ وَالأَبصارِ
تَفحَصُ في الوَعثِ وَفي الخَبارِ / دَوامِيَ الأَطرافِ وَالأَعشارِ
قَد رُمِيَت بِالذُلِّ وَالصَغارِ / قَليلَةَ الأَعوانِ وَالأَنصارِ
حَسِبتَها نَحائِرَ الجَزارِ / فَكَم أَرَقنا مِن دَمٍ جُبارِ
لَيسَ لَهُ مِن طالِبٍ بِثارِ / يا سَفرَةً وافَت عَنِ الأَسفارِ
وَبَرزَةً تَمَّ بِها فِخاري / مُبارَكَ الإيرادِ وَالإِصدارِ
قَضَيتُ في الرَمي بِها أَوطاري / وَفُقتُ بِالحِذقِ عَلى النُظّارِ
خَفَرتُ في الطَيرِ بِها ذِماري / وَدارُها قَريبَةٌ مِن داري
وَكُنتُ لا أُخفِرُ حَقَّ الجارِ / قَرَّرتِها بِالحَتفِ وَالبَوارِ
عَلى خِلافِ عادَةِ الزُوّارِ / فَما بَكَتها أَعيُنُ الأَوتارِ
وَلا رَعَتها حُرمَةُ الجَوارِ / وَعُدتُ عالي الجَدِّ وَالمَنارِ
بِزَندِ إِقبالِ وَسَعدٍ واري /
يالَكَ مِن لَيلِ حِجا
يالَكَ مِن لَيلِ حِجا / بٍ جُنحُهُ مُعتَكِرُ
ظَلامُهُ لا يَنجَلي / وَصُبحُهُ لا يَسفِرُ
لَيسَ لَهُ إِلى المَما / تِ آخِرٌ يُنتَظَرُ
مافي حَياةٍ مَعَهُ / لِذي حَصاةٍ وَطَرُ
غادَرَني كَأَنَّني / في كَسرِ بَيتٍ حَجَرُ
لا أَهتَدي لِحاجَتي / وَفي اللَيالي عِبَرُ
أَينَ الشَبابُ وَالمِرا / حُ وَالهَوى وَالأَشَرُ
أَخنَت عَلى أَيّامِها / أَيّامُ دَهرٍ غُدُرُ
لَم يَبقَ لي إِلّا الأَسى / مِنهُنَّ وَالتَذَكُّرُ