المجموع : 3
ما هَاجَ هذا الشوقَ غيرُ الذكْرِ
ما هَاجَ هذا الشوقَ غيرُ الذكْرِ / وزَوْرةُ الطيفِ سَرَى من مصْرِ
من بعد طُولِ جفوةٍ وهَجرِ / كم خاضَ بحراً وفَلاً كبحرِ
يَجوبُه الليلَ حليفَ ذُعرِ / حتى أتى طَلائِحاً في قَفرِ
قد انْطوَيْنَ من سُرىً وضُمرِ / حتى اغتدينَ كهلالِ الشهرِ
يَحمِلنَ كلَّ ماجدٍ كالصّقْرِ / كأَنّه مُهنّدٌ ذُو أَثرِ
بعيدُ مَهوَى همّةٍ وذِكرِ / للمجدِ يَسعى لا لكسبِ الوَفرِ
فأمَّ رَحلِي دُونَ رَحلِ السّفْرِ / يُذكِرُني طيبَ الزَّمان النَّضرِ
واهاً لَهُ مِن زَمنٍ وعُمرِ / ما كانَ إلاّ غُرّةً في الدَّهرِ
إذ الصِّبا عند التّصابي عُذري / وغايةُ المُنيَةُ أمُّ عَمرِو
غَرّاءُ أبهى من ليالِي البدرِ / بعيدةُ القُرط هضيمُ الخَصرِ
أحسنُ من شَمسٍ بِغبِّ قَطرِ / تفعلُ بالألبابِ فعلَ الخَمرِ
تبسِمُ عن مثلِ نظيمِ الدُّرِ / كأنّهُ لآليءٌ في نَحْرِ
إذا انْثَنَت قبلَ نَمُوم الفجرِ / تَنَفَّست عن مثلِ رَيّا الزّهرِ
كأنّ فَاهَا جُونَةٌ لِعطرِ / وإن مَشَت مثقلةً بِالبُهرِ
مَشْيَ النسيم بمِياهِ الغُدْر / رأيتَ سِحراً أو شَبيهَ سحْرِ
رَاكِدَ ليلٍ تحتَ شمسٍ تَسري / ضِدّان فيها اتّفقا لأمرِ
يا لائِمي إنّ الملامَ يُغري / هيّجتَ أشواقِي ولستَ تَدرِي
لا بكَ ما بِي من جَوىً وفكرِ / إذا أراحَ الليلُ همَّ صدرِي
أَبيتُ أرعَى كل نجمٍ يَسرِي / كأنَّما حَشِيَّتي من جَمْرِ
كيفَ العزاءُ وصروفُ الدّهرِ / تقرِفُ قَرحِي وتَهيضُ كَسرِي
كأنّها تطلُبُني بِوَترِ / والصّبرُ لو خبِرتَهُ كالصّبرِ
يا أوحد العصر علا وعنصرا
يا أوحد العصر علا وعنصرا / وبحر فضل بالعلوم زخرا
أفحمني شكرك عن أن أشكرا / نثرت من ذكري علي جوهرا
طوقتني درا وفاح عنبرا / وطاب من فيك فصار سكرا
حناني الدهر وأف
حناني الدهر وأف / نتني الليالي والغير
فصرت كالقوس ومن / عصاي للقوس وتر
أهدج في مشيي وفي / خطوي فتور وقصر
كأنني مقيّد / وإنما القيد الكبر
والعمر مثل الماء في / آخره يأتي الكدر