قَدِمْتَ بالبِشرِ وبالبَشائِر
قَدِمْتَ بالبِشرِ وبالبَشائِر / وزُرتَنا فحبَّذا من زائرِ
وجئت بالخير عليناً مقبلاً / لكلِّ بادٍ ولكلِّ حاضر
فكنتَ كالمزن همت بماطر / وكنتَ كالرَّوض زها لناظر
لو نَظَرَ الناظرُ ما صنَعْتَه / نمَّقه بدفتر المفاخر
أنضيتَ للعمران فُلْكَ همَّةٍ / فَعَمَّرت كلَّ مكانٍ داثر
وهذه العمارةُ اليوم لكم / معمورةُ الأَكتاف بالعشائر
نَظَّمت بالتدبير منط شملها / بناظمٍ للعدلِ غير ناثر
وإنَّما دانتْ لحكم عادلٍ / ولم يدن ممتنع لجائر
أمَّنْتَها من شرِّ ما ينوبها / بالنَّاس في أمنٍ وخيرٍ وافر
ولم تَخُنْ عهدَ امرئٍ عاهدته / حوشيتَ من عهد الخؤون الغادر
جَبَرْتَ بالإِنصاف كسراً ما له / غيرك فيما بينهم من جابر
عَفَوْتَ عن كبارهم تكرُّماً / وهذه من شِيَمَ الأَكابر
وقمت في الحكم مقام نامقٍ / وأنت أهدى لذوي البصائر
فتارةً تزجر في مواعظٍ / وتارةً تطعن بالزواجر
إذا هَزَزْتَ بالبنان قلماً / أغناك عن هزِّ الحسام الباتر
هذا وأنت واحدٌ منفردٌ / تغني عن الأَلْفِ من العساكر
يريك رأيٌ بشهاب فطنة / بواطن الأَشياء كالظواهر
مَلَكْتَ باللُّطفِ رقابَ عُصْبَةٍ / أمْنَع من لَيثٍ هصُور خادر
فكم لكُمْ حينئذٍ من حامدٍ / وكم لكم يومئذٍ من شاكر
عَمَّرتُموها فغدتْ عِمارةً / كما أرَدْتُم لمرادِ الخاطر
فقلْ لمنْ يسأَلُ عن تاريخها / قَدْ عُمِّرت أيَّامَ عبد القادر