المجموع : 5
كن عارفا بوحدة الوجود
كن عارفا بوحدة الوجود / وقامعاً بكثرة الموجود
وميز الحادث من قديم / وخلص الثابت من مفقود
واحذر من التباس من تجلَّى / بغيره في حالة الشهود
فوحدة الوجود في اصطلاحنا / كناية عن رؤية الودود
بالحس والذوق الصحيح الطاهر ال / طهور من شك ومن حجود
لا بخيال العقل والفكر وما / تأتي به طبائع الجلود
منزهاً مقدساً مسبحاً / عن كل والد وعن مولود
وعن دخول وخروج في سوى / وعن جميع مقتضى الحدود
وعن كمال نحن ندريه وعن / نقص وعن زوال أو نفود
وإنما كماله بمقتضى / ما قاله عن نفسه بالجود
نعلمه نحن بما علمنا / به من الوفاء بالعهود
والصدق والقيام بالحق له / على سبيل الركع السجود
من زاد عجزاً عنه زاد علمه / به مدى الصدور والورود
يا أيها الناظر بالعقل احترز / أن تفهم المطلق بالقيود
واصبر إلى أن يفتح الله ولا / تهجم على مرابض الأسود
ودع علوم الله عند أهلها / واردع حجا جاهلك المكنود
وإن أردت فاترك الدنيا وغب / عن علمك المزخرف المرصود
وعدِّ عن جاهٍ ومنصب وعن / أهل وعن أصل وعن جدود
واقنع بمن تطلبه دون الورى / واخرج عن القيام والقعود
واخلص له النية واصبر واصطبر / على مراده بك المقصود
ولا تظن وحدة الوجود ما / تفهم من وحدة ذا الوجود
تفهم معنى وتقول أنه / هو مراد الأكملين القود
وليس ذا مرادهم لأنهم / فاتوك في منابر الصعود
وأنت في الحضيض مأسور الهوى / بشهوة كالنار في الوقود
أسلك سبيلهم وقل بقولهم / تدري الذي دروا بلا صدود
فإن تقوى الله من يخلص بها / حلت عقال عقله المعقود
هيهات هيات لفرد واحد / يدخل في مراتب المعدود
ومطلق حتى عن الإطلاق لا / يفهم في عقد من العقود
وأين نور الحق ممن عقله / في ظلمات من سواه سود
إن المعاني كلها حوادث / منفية عن ربنا المشهود
لأنه مسبح عنها بها / في سيلان هي أو جمود
وإنما الأمر الذي نريده / بوحدة الوجود في المعهود
أمر عظيم خارج عن كل ما / تدري ذوو الشقوة والسعود
حقيقة تفنى الجميع إن بدت / للعقل عنها العقل في رقود
ومن أتى بها عليه في الورى / بُغِي بسوءٍ وَاِفْتِرَا وَعُودي
لأنها السر الذي جاء به / نبينا رغماً عن الحسود
وهو الذي في آدم لما بدا / خرت له الأملاك بالسجود
وقد أبى إبليس عن سجوده / له فلا يزال بالمطرود
فيه النصارى بالحلول كفرهم / والكفر بالتجسيم في اليهود
وعنه زاغت عصبة وألحدوا / حتى بهم آل إلى اللحود
وقد مضت نبوة به وقد / أتت خلافة بلا جنود
في كل عصر واحد فواحد / إلى قيام الساعة الموعود
هذا المراد عندنا بوحدة ال / وجود نتلوه على الشهود
ليشهدوا لنا به في موقف / يفي به الكريم في الوعود
وتظهر الحجة بالشاهد أن / قد بَلَّغَ الغائبَ ذا الهجود
نحن بهذا قائلون دائماً / ونوره فينا بلا خمود
لا أننا نقول بالمعنى الذي / تقول أهل المذهب المردود
فالله من ضلالهم يعصمنا / بفتح باب دونهم مسدود
ومن علينا يفتري بغير ما / قلنا رهين يومه المشهود
كلام أهل الله في
كلام أهل الله في / دين الهدى نفع العبادْ
حقائق لها إلى / شريعة الحق استنادْ
علم إشارة فلا / لفظ ولا معنى يرادْ
سر خفي خارج / من الفؤاد للفؤادْ
وظاهر لذي اعتقا / د باطن عن ذي انتقادْ
فآمنوا به وسل / لموه يا أهل العنادْ
فهو المجرد اللطي / ف عن كثائف الموادْ
خيطان خيط أبيض وهو الوجودْ
خيطان خيط أبيض وهو الوجودْ / والعدم الأسود يبدو ويعودْ
كلاهما كلمع برق ظاهر / لعارف محقق له الشهود
حياكة الحق لثوب خلقه / يقذف أمره لأنواع الحدود
ثوب طويل وعريض واسع / يلبسه الحق بنا شكل البرود
وليس غير الأبيض الخيط الذي / هو الوجود الحق من فجر العمود
وقد أبيح الأكل والشرب لنا / حتى نرى البياض من خيط الوجود
فإن رأيناه فلا أكل ولا / شرب ولكن صفة الرب الصمود
إلى غروب نوره عنا وعن / جميع ما نراه من بيض وسود
قولوا معي تبارك الله الذي / له الصيام وبه يجزي الوفود
كما أتانا في حديث المصطفى / بالخبر القدسي عن رب ودود
لا رؤية ولا شهودْ
لا رؤية ولا شهودْ / في غير مرآة الوجودْ
بل ليس شيئاً ظاهراً / إلا بها بخل وجود
فيها السموات العلا / والأرض تبدو وتعود
وكل إدراك الورى / وفهمهم فيها يرود
والروح والعقل الذي / له اعتراف أو جحود
وجملة الأجسام لل / أبناء جمعاً والجدود
يبدون في المرآة مع / فنائهم بعد النفود
مع غيبة المرآة عن / كل المعاني والعقود
وليس يدري أحد / بها علت عن القيود
والكل ظاهر بها / لأنها الرب الودود
وهو الوجود الحق لا / سواه والكل حدود
تقذفهم من غيبها / على عماء أو شهود
هذا هو الدين الذي / من ارتقى به يسود
وهو اعتقاد أمة / مضوا من القوم الأسود
أهل الشريعة الأُلَى / هم في الركوع والسجود
على الصلاة دائمو / ن في القيام والقعود
عليهم الرضوان من / ربي مدى تحريك عود
كن عارفاً بنعمة الله وكن
كن عارفاً بنعمة الله وكن / محققاً لها بفرط رفده
فالشيء لا يعرف في وجدانه / وإنما يعرف وقت فقده
والعطر لا ينشقه عطاره / والغير يدريه لبعد وجده