المجموع : 3
سَيْفُ القريضِ كامِنٌ في غِمْدِهِ
سَيْفُ القريضِ كامِنٌ في غِمْدِهِ /
أَبلاه فَقْدُ سلَّه ورَدِّهِ /
والجُودُ أَولَى صاقلٍ لِحَدِّه /
والشعرُ مثلُ الروضِ حَوْكُ بُرْدِه /
أَبيضُه يضحكُ عن مُسْوَدِّه /
تختالُ بين آسِه وَوَرْدِه /
وإِنما ضامِنُ رِيِّ ورْدِه /
وهَزَّ أَعطافِ قدودِ مُلْدِه /
ما فاضَ من غيثِ الندى وجوْده /
والحافظُ المطلِعُ نَجْمَ سَعْدِه /
يحدو له ببَرْقِه ورَعْدِه /
غيثاً يَضيعُ الغيثُ دون ثَمْدِه /
فكلُّ خير عندَهُ من عِنْدِه /
حَبْرٌ جلا الظلماءَ وَرْيُ زَنْده /
والويلُ والويلُ لِمَنْ لَمْ يَهْدِهِ /
بدرُ علاهُ في سماءِ مَجْده /
ذو نسبٍ يُريكَ عند عَدِّه /
دُرًّا أَجادَ المجدُ نَظْمَ عِقْدِه /
ورونقاً كالعَضْبِ بل فِرِنْدِهِ /
كِسْرَى به مفتخِرٌ من مَهْدِهِ /
يرويهِ عن والِدِه وجَدِّه /
وعبدُهُ الخادِمُ وابْنُ عَبْدِه /
قد أَنطقَ الجودُ لِسانَ حَمْدِهِ /
يطلبُ منه اليومَ فَرْضَ بَعْدِهِ /
وَهْوَ يُحاشِي فَضْلَهُ من رَدِّه /
تيّم قلبي أغيدُ
تيّم قلبي أغيدُ / وخانَ فيه الجلَدُ
وليس لي من يُسْعِدُ / عليه مُذ فارقني
الله في قتل فتى / ذي كبدٍ قد فتّتا
فكم وحتّى ومتى / بعدَ الرِّضا تسخطني
يا قمراً قد قمَرا / قَلبي لما غَدرا
ألِفْتُ منك السّهرا / والقلبُ خِدْنُ الحزَنِ
لقد جفا جَفْني الكَرى / منذُ سرى مع السُّرى
فها أنا بينَ الورى / متيّمٌ ذو شجَنِ
أكثر فيه العُذّلُ / جاروا ولمّا يَعدِلوا
والعدلُ ليس يُجهَل / في حُبِّ من تيّمني
ويلاهُ من مهفهَفِ / أحورَ أحوى صلِفِ
أفي له ولا يفي / بالعهدِ طولَ الزمنِ
يا ويح صبٍّ عشِقا / مثلي ظبياً مؤنِقا
لم يُبْقِ مني رمَقا / مذْ للجفا أسلمني
أورثَ جسمي سقَما / وجار لما حكَما
فالشوق مني كلما / ذكرْتُه يقلقني
أودَع لما ودّعا / نارَ الغرامِ الأضلُعا
فالقلبُ أضحى موجَعا / عليه مذْ ودّعني
أقولُ لما ظعَنا / وزادَ قلبي حزَنا
هيّجْتَ ناراً سكَنا / بين الحشايا سكَني
يا قلبُ دعْ ذِكرَ الهوى / ومن نَوى لك النّوى
وعدِّ عن ذكر اللِّوى / وكلّ ظبيٍ مُفتِنِ
وانْحُ الإمامَ أحمدا / أنْدى الورِ طُرّاً يَدا
ومن يَعُدُّ الفرْقَدا / هجرَ النّدى والمِنَنِ
هو الإمامُ الحافظُ / فأينَ منه الجاحظُ
والألمعيُّ الواعظُ / في كلِّ فنٍّ حسَنِ
لقد حوى المفاخِرا / وجمّل المحابِرا
وحاز فضلاً باهِرا / وفاقَ أهلَ الزمنِ
أكرِمْ به من عالِمِ / فاقَ جميعَ العالَم
بالجودِ والمكارِم / فمثلُه لم يكُنِ
من مثلُه في نخوتِهْ / وفي علوّ همّتِهْ
يجلو ضياءَ طلعَتِهْ / عنّا دياجي الفِتَنِ
علاّمةٌ حبْرٌ علَمْ / العُرْبُ فاقَ والعجمْ
ما مثلُهُ بين الأمَمْ / وحقِّ آلِ الحسَنِ
طلعتُه كالقمرِ / وجودُه في البشرِ
يفيضُ فيضَ المطرِ / في السّرِ ثم العلنِ
في الحِلْمِ فاقَ أحنفا / وفي الجمالِ يوسُفا
فكم كتابٍ ألّفا / ناهيكَه من فطِنِ
أسعدَنا بسعْدِه / وخصّنا برفدِه
كأنّه في زُهدِه / مثلُ أوَيسَ القُرَني
يجود وهو مبتسِمْ / من قاصديه محتشِمْ
وجوده مثل الدِّيَمْ / وكالغمامِ الهَتِنِ
لم ترَ عيني قبلَه / في كل فن مثلَهُ
حوى الفخارَ كلَّهُ / وحازه في قرَنِ
همّتهُ فوق السُّها / بذا قضى أهلُ النُهى
وطبعُه بذلُ اللُهى / بذلَ الجوادِ المحسِنِ
زُرْهُ تزُرْ مهذّبا / أزكى الأنامِ منصبا
في النطق فاق العَرَبا / وفي العلوّ المُزَني
له الحِجى والسّؤدُدُ / والفضلُ والتودّدُ
فمَنْ سواهُ يُقصَدُ / عند حلولِ المحَنِ
أكرِمْ به من بارع / مثل الهلال الطّالعِ
كمالكٍ والشافعي / ومَعمرٍ باليَمنِ
إذا سألناه النِّعَمْ / جوابه لنا نعَمْ
وبذْلُه حُمرُ النِّعَمْ / ما بُخلُه بمُمكِنِ
يا سيّداً حاز العلا / على السِّماكين عَلا
أربَيْتَ في الفقه على / ابنِ ثابتٍ والحسَنِ
يا ذا العلا والحسبِ / والفضل والتأدّبِ
يا عُدّتي في النّوبِ / ومنقِذي من زمني
تهنّ يا سيّدنا / فالعيدُ وافي ودَنا
وأنت أنتَ عيدُنا / فابْقَ ممرَّ الزمن
وعِشْ سعيداً مُسْعَدا / ألفا على رغم العدى
ودُم لنا مدى المدى / في أطيب العيش الهَني
مالكُ قلبي عن يدِ
مالكُ قلبي عن يدِ / يقتلُني ولا يدي
فأنثني ومهجتي / نهْبَ جيوشِ الكمَدِ
وإنما تخدعُني / بمُلق التودد
ينعَمُ بالطيفِ على / ناظريَ المسهَّدِ
وأين من إلمامِه / مُقلةُ مَن لم يرقدِ
وربما واصلني / لكن بخُلْفِ الموعد
وجاء بالحب بما / لم يعترض في خلدي
ولم يجُدْ بربّةٍ / لغُلّةِ القلبِ الصدي
وإنما يُبردُها / برشفِ ذاك البرَدِ
ودونه صَمصامةٌ / من لحظِه المعربدِ
قد أصبحتْ في جفنِها / كالصارمِ المهنّدِ
منكمْ أحومُ والهوى / يصدِفُني عن موردي
وقد أذاب طولَ ه / ذا المَطْلِ روحُ الجلدِ
الله في حُشاشةٍ / أنبَتُها عن جسدي
طرفي جنى فما الذي / أوجب ظُلْمَ الكبِدِ
وإنما حكمُ القِصا / صِ واقعٌ بالمُعتَدي
دهيتَني فصِرْتُ لا / أعرف أمسي من غَدي
ورّدْتَ دمْعَ مقلتي / بخدّك المورَّدِ
وأشبه الحالُ به / إنسانَ عينِ الأرْمَدِ
كعبةُ حُسنٍ كمُلَتْ / بالحجر المسوّد
لكنْ براحاتِ المُنى / تلمُسُ لا راحِ اليد
معطلُ اللبةِ إل / ا من حُليّ الغيَد
تجمّع الحُسنُ به / من مزوَجٍ ومفردِ
كأنما استعارَ من / بعضِ صِفاتِ أحمدِ
وأين منه حُسنُها / والصُّفرُ غيرُ المَسجَدِ
السيدُ بنُ السيد ب / نُ السيد بنُ السيدِ
جلالةٌ من آدمٍ / باقيةٌ للأبدِ
ورفعةٌ قضتْ له / بها نُجومُ المَولدِ
ذو راحةٍ قد ضمنَتْ / بالبَذْلِ برّ المُجتَدي
يقظانُ إلا أنه / نائمُ طرفِ الحسَدِ
تواضعٌ أنزلهُ / بين عِراضِ الفرقَدِ
وقد لوى اللهُ له / أخدعَ كلّ أصيدِ
فكلهمْ أجابَه / ولم يُنادِ أسعدِ
هذا وكم مدرسةٍ / تدرسُ إفكَ المُلحِدِ
تُضحِك عن لألائها ال / مُشرقِ ثغرَ البلَدِ
كأنما خريدةٌ / حاليةُ المقلَّدِ
حلّ سليمانُ بها / في صرْحِه المُمَرَّدِ
ورامَها الغيثُ فنا / دَتْهُ على البعدِ اجْهَدِ
وأتعبتْهُ فابْتَنى / عنها رسوخَ النجَدِ
لا تكذبنّ إنها / لولاهُ لم تُشيّدِ
قد أوضحَ اللهُ به / لنا طريقَ الرَّشَدِ
وزهّرَتْ نجومُه / فويلَ من لم يهتدِ
وإن روى الأخبارَ منْ / مُرسِلِها والمسنَّدِ
فاصغِ إليه والتقِطْ / من دُرِّه المنضَّدِ
وقلْ لقد سمعتُها / من فلقٍ محْمَدِ
يا ضامناً يُسْرَ النّدى / ببشْرِ وجهه النّدي
ومن إذا مدحتَه / قال لي العُلا زدِ
مثلُك من قوّم ما / في كلِمي منْ أوَدِ
فاهنأ بعشرٍ لم يزلْ / منه أخيرُ العددِ
هذا على أنك في / أولِ كلِّ سؤدَدِ
واسلمْ ودُمْ في نعمةٍ / باقيةٍ للأبدِ