أَمَورِدٌ يَا نَاظرِي أَم وريدْ
أَمَورِدٌ يَا نَاظرِي أَم وريدْ / فكن شهيداً إِن نَوْمِي شهيد
قد قُتِلَ النَّومُ وعاشَ الأَسى / وزَلَّ بل عِمادُ العميدْ
وبي وإِنْ بَان الصِّبا صبوةٌ / شبَّ بها الشَّيخُ وشَابَ الوَلِيدْ
خليعُ قَلْبي لَمْ يزل هَائِماً / في كُلِّ يومٍ بحبِيب جَدِيدْ
وأَغْيَد صُورتُه عُوذةٌ / لأَنَّ شَيْطانَ غرامي مَرِيد
مُذْ كَسَر الجفْنَ أَصَاب الحشَا / والقوسُ مكسورٌ بسهمٍ سدِيد
وجْنَتُه الحمراءُ مع قلبِه ال / معرِضِ ذَا خزُّ وهَذا حَدِيدْ
وثغرُه درٌّ نظيمٌ فكَمْ / يَظْلِمُه من قال طَلْعٌ نَضِيدْ
فالعاذِلُ العَاذِرُ والجاهِل ال / عَاقِلُ فيه والغَوِيُّ الرَّشِيد
عَهْدِي بِغزْلانِ الفَلا مِنْ الفَلاَ / تُصادُ لكن ذَا غَزالٌ يَصيدْ
جليدُ قَلبي ذَابَ مِنْ وَجْهه / والشَّمْسُ ما زالَتْ تُذيبُ الجَليدْ
يُرى ولكن من بعيدٍ نَعم / كذلِكَ الشَّمْسُ تُرى مِنْ بَعيدْ
يا ذهبيَّ اللَّونِ أَذْهَبْتَني / ويا فريدَ الحسنِ دَمْعِي فَرِيدْ
بِذكْرِكُم بِتْنَا كَما نَشْتَهِي / عَينٌ لعينٍ ثُمَّ جِيدٌ لجِيدْ
ما كان فيها شَاهِدي غائِباً / عَنِّي وَلاَ كَان رَقيبي عَتِيدْ
بات رَقيبي حَارِسي بَعْد أَنْ / مدَّ ذِراعيه لَنا بِالوَصَيدْ
ذاك زمانٌ قَدْ مَضَى وانْقَضَى / وبادَ سُبحانَ الَّذي لاَ يَبيدْ
وشابَ رَأْسِي قبلَ أَن يَلْتَحِي / مَنْ حُسنُه في كُلِّ يوم يَزيدْ
وكان يَوْمَ العيد لي وجهه / فصار يوم العيد يوم الوعيد
وأصبح الجوهر عِندي حصىً / وصارَت الأَغْصَانُ عِنْدي جَريدْ
شَيَّبني بُعديَ عَنْ مجلس / أُسِّس لكِنْ بالعَلاءِ المَشِيدْ
مجلِس عبدِ اللهِ ذَاك الَّذي / تُرى مُلوكُ الأَرضِ فيه عَبِيدْ
غبتَ فيا شَوْقِي إِلى وَقْفَةٍ / فيه أُوَالي بالمديحِ النَّشِيدْ
وأَنْقَعُ الغُلَّةَ مِنْ طَلْعَةٍ / تُفيدُ رِيَّ القلبِ لِلْمُستَفِيدْ
وأَجْمَعُ الشَّملَ ونيلَ العُلاَ / وبعده صِرْتُ الفَقِيرَ الفَقِيدْ
وأَبلغُ القصدَ بِقَصْدِي لَه / وإِنَّه للقصدِ بيتُ القصيدْ
هذا مُرادي مِنْ إِلهي وَمَا / يكذِبُ في الله مُرادُ المُريدْ
لو أَسعدَ الدَّهرُ بما أَرْتَجي / من قُربِه كُنْتُ كَنَعْتي السَّعِيدْ
لابدَّ أَنْ أَطْوِي الفَيافِي إِلى / جَامعِ شملِ المكْرُماتِ البَدِيدْ
الصَّاحِب السَّاحبِ أَذْيالَه / تِيهاً على الصَّاحِب وابْنِ العَميد
ذلَّ به الجبَّارُ حتَّى لكَمْ / مِنْ أَسدٍ أَضْحى له وهْو سِيدْ
واستعبدَ الخلقَ له أَنَّه / ذُو خلقٍ ليِّنٍ وبأْسٍ شَديدْ
والدَّهرُ قد قسم أعداءه / قسمين إما هلك أو شريد
وكانوا جِبالاً ثم عادُوا حصىً / بل أَصْبَحوا منْه كَحَبِّ الحَصِيدْ
يكْفِيه أَنَّ اللهَ سُبحانه / أَجْرى المقادِير عَلَى مَا يُريد
يَسير وَالسَّادةُ منْ حولِه / لكنْ تَرَاهُ في عُلاه وَحِيدْ
ففي عُلاَه مَالَه مُشْبهٌ / وفي نَداهُ مَالَه مِنْ نَدِيدْ
يُعيدُ ما يُبدِي نَدَاه فَما / تَقولُ قَدْ أَبْدأَ حتَّى يُعيدْ
يُعْطِي الَّذِي يَطْلُبُ منه الَّذِي / يُطلَبُ مِنه وَلَديهِ مَزِيدْ
يُجيد ما يُعطيه مِنْ جُوده / لِوَفْدِه فَهْو الْجَوادُ المُجيدْ
يسأَلُه الإِمساكَ من يَجْتدِي / مِنْه ويَستَعْفِيه مَنْ يَسْتَزِيدْ
يا مُعْطِيَ الدُّنيَا لِمَنْ أَمَّه / ثُمَّ يراهَا كالعَطاءِ الزَّهِيدْ
أَنْتَ الَّذي السؤدُدُ مما تُني / ل الخلقَ والعلياءُ مِمَّا تُفِيدْ
أَشْكُو إِليكَ الشَّوقَ فَهْو الَّذِي / لِنَارهِ بَيْن ضُلوعِي وَقِيدْ
وإنَّني الصَّادِي الَّذِي قَدْ رَأَى ال / مَوْرِدَ لكِنْ كُلَّمَا رَامَ ذِيدْ
قد ذقْتُ طعمَ الموتِ من بعده / ذلك مَا قَدْ كُنتُ مِنه أَحِيدْ
وصِرْتُ مدفوناً فما مَسْكَني / في مَصرَ لكن مَسْكني في الصَّعِيد
لو لم أَكُنْ أَشْعَرَهَا لم أُطِقْ / نظماً لبيت ولو أَنِّي لَبِيدْ
لأَنَّ هَمِّي مُقعِدٌ خاطِري / وعن يَميني وشِمَالي قَعيدْ
لكنْ لُهَى الصَّاحِب يستنطِق ال / معجَم عِيّاً ويُذْكي البَلِيدْ
فقلتُها طنانةً جودةً / لأَنه جاد فَلِمْ لا أُجيد
وكُلُّ شِعْرٍ قلته في مَجْدِه / شَدَا بِه الشَّادِي وسَارَ البَريدْ
أَسكنتُه منه قصورَ العُلا / فكُلُّ بيتٍ منه قصرٌ مَشِيدْ