قُل للّذي راحَ بِعزٍّ وَاِغتَدى
قُل للّذي راحَ بِعزٍّ وَاِغتَدى / يسحبُ منه مِطْرَفاً مورّدا
صنيعَ مَنْ يطمعُ أنْ يُخلَّدا / جمعتَ ما لا بدّ أنْ يُبدّدا
إنْ لم يزُلْ في يومِهِ زال غدا / يا جامعاً لغيره مُحتشِدا
نَضَدتَ مالاً هل نَضَدتَ أمَدا / سيّانِ مَنْ سار يجرّ العَدَدا
ومن يَظِلّ واحداً مُنفردا / كلاهما مفارقٌ ما وَجدا
وَصائِرٌ ما يَقتَنيهِ قِددا / وإنْ أتاه حَتفُه لا يُفتَدى
هيهاتَ ما أغفلنا عن الهُدى / وأوضحَ الحقَّ لنا لو قُصدا
كم نركبُ الوَعْرَ ونفرِي الجدَدَا / ونأخذُ الغيَّ ونُلْقِي الرَّشَدا
وَكَم يَرى الراؤُون فينا الأَوَدا / قد آن في زهيدنا أنْ نزهدا
وبعد جورٍ قد مضى أنْ نقصِدا / وأنْ نُرى عن الدّنايا حُيَّدا
صَبراً عن الوِرْدِ وإنْ طال الصّدى / إنْ فاتنِي العِدُّ أبيتُ الثَّمَدَا
ولستُ أرضى بالهِجانِ النَّقَدا / أما ترى زمانَنا ما أنكدا
كأنّنا إذا سألناه الجِدا / نُرْحِلُ منه بازلاً مُقيّدا
أو نجتلِي الشّمسَ بعينَيْ أرْمَدا / أو نمترِي النّارَ بزندٍ أصلَدا
وصاحبٍ أيقظنِي ورَقَدا / ورام أنْ يصلحنِي فأفسدا
يحسُدنِي ولا أرى أن أُحسدا / بات يُلاحينِي على بذلِ النّدا
فقلتُ لمّا لامنِي وفنّدا / مصوِّباً وتارةً مُصعّدا
أليس عدلاً بالغنى أنْ أُحَمدا / بِتْنا بذاتِ العَلَمين سُهَّدا
نرقُبُ في ليلٍ طويلٍ أسودا / كأنّما ذرَّ علينا الإِثْمِدا
أو كان بالطّولِ لِزاماً سَرْمدا / فجراً كمصقولِ الغِرارِ جُرِّدا
كأنّما الأُفقُ به إذا بدا / حالَ لُجيناً لونُهُ وعَسجدا
وإنّما ننشد أوْتارَ العِدى / بكلِّ عُريانِ العِذارِ أَمْرَدا
ذِي هِمّةٍ لم تَرمِ إلّا صُعُدا / إِذا اِحتذى بالحمدِ يوماً وَاِرتَدى
وَمَدَّ بِالبيضِ أوِ السُّمرِ يدا / لَم يَدنُ من حَيزومِهِ خوفُ الرّدى
أَسؤدداً ولا أرومُ سؤدُدا / وما قضيتُ في الأعادِي موعِدا
ولَم أرِمْ طولَ الحياةِ البلَدا / مُجتمعاً أَحسَبُ هِمّاً صَرِدا
مُزَمَّلاً بكلِّ وتْرٍ مُكْمَدا / موطِّئاً للمُثقِلاتِ الكَتَدا
مَنْ شاء أنْ يعدُوَ في ما لِي عدا / نَهْضاً فقد أَمكن ألّا تقعُدا
وَاِستلَّ للفرصةِ نَصْلاً مُغمَدا / ورِدْ حياضَ العزِّ فيمن وردا
فَمن بغى المجدَ بجِدٍّ أُيِّدا /