المجموع : 4
قد مَرِنت قلوبُنَا على النّوى
قد مَرِنت قلوبُنَا على النّوى / فما تَشكّى من أليمِ الوَجْدِ
كأنّ حُسنَ صَبْرِهَا على لَظَى / أشواقِها حُسنُ اصطبارِ الزّندِ
أتْهَم فيكُم لائمي وأنْجَدا
أتْهَم فيكُم لائمي وأنْجَدا / وما أفادَ سلوةً إذْ فنّدَا
أرشدَنِي بزعمه وما أرَى / سُلُوَّ قلبي عن هَواكمُ رَشَدَا
يَا لائمِي فيهِمْ أعدْ ذكْرَهُمُ / واللومَ فيهم واتّخِذْ عندي يَدَا
روِّح بذكْرَاهُم فؤاداً مضرَماً / لو مَاتَ حولاً كاملاً ما بَرَدَا
لو كان ما يشكُوهُ من حَرّ الأسَى / ناراً لَباخَتْ أو زِنَاداً أصْلَدا
لا تحسبَنّ اليأسَ أسْلاَني ولا / أنْسانَي النّأيُ هَوَى من بَعُدَا
شرطُ الهَوَى لهُمْ عَليّ أنّنِي / بهم مُعَنّى القلب صبٌّ أبدَا
لا أستَفِيقُ من هوىً إلاّ إلى / هَوىً ولا أسلُو وإن طالَ المَدَى
أفْدِي خيالاً زارَ رحْلي موهناً / على تَنَائي دَارِه كيفَ اهْتَدى
عهدتُه مُوسَّناً رَأْدَ الضّحى / فكيفَ جابَ في الظلامِ الفَدْفَدَا
عُلالةٌ عَلّلنِي الشّوقُ بها / والماءُ في الأحلامِ لا يُروى الصّدَى
ثُمّ هَبَبْتُ لاَ بكَ الوجدُ الذي / حرّكهُ طيفهُمُ وجدّدَا
مُدلّهاً أمسحُ عَيْنَيّ عسَى / تراهُ يَقظى وأجُسّ المَرْقَدا
كَقانِصٍ فاتَ القنيصُ يَده / أو واجدٍ أضَلّ ما قَد وَجَدَا
أحبَابَنَا وحبّذَا نداؤُكُمْ / لو كُنُتمُ لدعوةِ الدّاعِي صَدَى
غالَت يدُ الأيام من بَعدِكُم / ذَخائِري حتّى الإسَى والجَلَدا
ما لاصْطِبَاري مَددٌ بَعد النّوى / فويحَ دَمْعي مَن حَباهُ المَدَدَا
لكنّنِي ما رُمت إطفاءَ الجوَى / بفيضِه إلا الْتَظَى واتّقَدَا
يا رَوعَتَا لطائرٍ نَاحَ على / غُصْنٍ فأغْرى بالأسَى من فَقَدَا
أظنّه فارق أُلاّفاً كَما / فارقتُ أو كَما وجدتُ وجَدَا
أدمى جراحاتٍ بقلبي للنّوى / وما علمتُ ناحَ حُزناً أم شَدَا
لكن يَهيجُ للحزِين بثُّه / إذا رأى على الحَنين مُسعدَا
فَقُل لمن أشْمَتَه فِراقُنا / وسرَّه أن جَار دهرٌ واعْتَدى
إن سرّك الدهرُ بنا اليومَ فهَل / أمِنْتَ أن يَسّرنا فيك غَدا
يا عجباً من وشْكِ بَينٍ ما رَغَتْ
يا عجباً من وشْكِ بَينٍ ما رَغَتْ / فيه مطايَانَا ولا الحادي حَدَا
نرَى الجِمَالَ المصحِباتِ بينَنا / مُهمَّلاتٍ والرجالَ بَدَدَا
مَوقفُ تَوديعٍ ترى البيضَ به / شُهباً وهَابي النّقعِ ليلاً أسودَا
وللطِّعانِ في الكُماةِ أعيُناً / تَهمِي على السّردِ نجيعاً مُزبِدَا
فيا له من مَوقِفٍ رقيبُه / كتَائِبُ الأعداءِ والواشي الرّدَى
لو لم تكُن عادَتِيَ الإقدامَ في / أمثاله قضيتُ فيه كَمَدَا
لا تَحسبَنَّ الرّزءَ أوهَى جَلَدِي / إنّ النّسِيم لا يَفُضُّ الجَلْمَدَا
وهل يَروعُ الخطْبُ قلبَ أروعٍ / إن كَلِبَ الدَّهرُ عليهِ أَسِدَا
متَى رآني الشّامتُون ضَرِعاً / لنكبةٍ تَعرُقُنِي عَرق المُدَى
هُم يَعلمونَ أنّني أصلَبُ مِن / صُمِّ الصَّفَا فما عَدا مِمَّا بَدا
هل بِزّنِي الخطبُ سِوى وفْرِي الذي / كان مُباحاً للنَّوالِ والنَّدَى
إنْ جمَعوا المالَ فأوعَوْا أتلفَتْ / يَدي طريفَ ما حوتْ والتَّلِدَا
هُمُ يَروْن المالَ ذُخراً باقياً / وإنّما ذُخُر الفَتى أن يُحمَدَا
أمَا رأوْا تقلُّبَ الدنيا بِنَا
أمَا رأوْا تقلُّبَ الدنيا بِنَا / وفتكهَا بِمَنْ إليهَا أخْلَدَا
كم نَسَفَتْ أيدِي الخطوب جَبَلاً / وصيَّرَتْ لُجّةَ بَحْرٍ ثَمَدَا
وكم أعَادَتْ ذَا ثَرَاءٍ مُعْدَماً / وذا قَبِيلٍ وعَدِيدٍ مُفْرَدَا
عَلِمْتُ مَا لم يَعْلَمُوا ونَظَرتْ / عَيْنَاي دَهْرِي مَصْدَراً ومَوْرِدَا
فما رأيتُ غيرَ ظلٍّ زائلٍ / كلٌّ يَمُدُّ نَحْوَهُ جَهْلاً يَدَا