مل وقد ملت إلى وداده
مل وقد ملت إلى وداده / وسلط الخلف على ميعاده
أهيف يرتج النقا من تحته / إذا تثنى الغصن في أبراده
مازال حلو الوصل في اقترابه / يعقب مر الهجر في ابتعاده
أقسم بالسحر الذي في طرفه / لا عاد من شيمته وعاده
من لي بأن ينقل ما في وجهه / من رقة الخد إلى فؤاده
مكنه الحب قياد خاطري / ومكن الواشين من قياده
أصبو إلى ريح الصبا إذا جرت / أنفاسها وهناً على بلاده
لا تستقل بعدو واحد / فالألف مبني على آحاده
ولا تثق بكل من صحبته / مالم تحل عقدة اعتقاده
ولا تبت من دون جمات الغنى / ترضى بما تمتص من ثماده
أفلح من هم فنال ما ابتغى / وجاهد الأيام باجتهاده
مقسماً بين الهجير والسرى / تأويبه يعجب من إسآده
يا حادي العيس التي أعجازها / قد أنفضت من مائه وزاده
خل العراق والشآم لامرئ / يحكم الغي على إرشاده
ورد بها مشرعة النيل التي / نيل الغنى وقف على وراده
وأقصد أبا النجم الذي تمنت ال / أنجم لو أصبحن من قصاده
هنالك الجود فلا تعده / وجمرة الناس فلا تعاده
أبلج من غسان أحيا ذكره / ذكر بني جفنة من أجداده
بدر بن رزيك أغر من سعت / عزائم الأقدار في مراده
قد وقف الدهر على إصداره / في كل خطب وعلى إيراده
وعول المجد على تدبيره / واعتمد الملك على سداده
فنافر سكن من نفاره / وفاسد أصلح من فساده
ووجد الإسلام من غنائه / ما لم يكن يطمح في إيجاده
تدارك الأمر وقد تمايلت / قواعد الأركان من عماده
وأمسك الأطناب إذ تقوضت / وانفلتت منه عرى أوتاده
قد كنت للصالح في حياته / عضباً به يسطو على أضداده
وقمت بالدولة بعد موته / حتى استقر الملك في أولاده
مددت يمناك على رواقه / حتى كشفت الناس عن مرصاده
وابتسم الدست لنا عن عادل / يقدح نور العقل من زناده
أبو شجاع ملك العصر الذي / يضيق ذراع الدهر عن عناده
المستبد بالعلى وحبذا / قرة عين لك باستبداده
منفرد كالبدر فوق دسته / والمجد راض عنك بانفراده
لو كان في نقص الحياة رخصة / نقصتها حرصاً على ازدياد
ولو تمكنت إذاً أحله / طرفك في النقطة من سواده
كم فت في أعضاد قوم أضمروا / غدراً به أنك من أعضاده
من كل من قالت له علاكم / هذا زمان لست من جياده
لما غدت صعدته منآدة / ثقفتم المائل من صعاده
لما جذبتم بخزام أنفه / أذعن بالرغم إلى انقياد
وا عجباً من حمله لصارم / عاتقه يقصر عن نجاده
نادى به الحين أتيت منكراً / يا داخل الغيل على آساده
إن بني رزيك حلوا ذروة ال / عز وحل الناس في وهاده
وأسند الدهر إليهم ظهره / فعز ظهر الدهر باستناده
يا فارس الإسلام قول على خادم / على نداك جملة اعتماده
يعتد بالشكر لمولى نعمة / لا يتبع النعمة باعتداده
قد خصه وجهك بابتسامه / وعمه فضلك بافتقاده
ولم يقف جودك عن غاية / حتى شفعت الجود باستشهاده
فصل وانحر ألف عام واستمع / مدحاً يقل الند عن أنداده
يلبس عيد النحر من جواهري / قلائداً تنظم في أجياده
نوهت بالمدح وكان خاملاً / لنائل نفق من كساده
فاسلم لعصر لا يزال مدحنا / تحية القادم من أعياده
قد كثر الشعر وقل ناقد / وأنت أولى الناس بانتقاده
لو لم تبين فضل ما أقوله / مابان فضل الجمر عن رماده