القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : السّيد حَيْدَر الحِلّي الكل
المجموع : 9
بشراكَ باليمن عليك وَفدا
بشراكَ باليمن عليك وَفدا / من هذه الأفراح ما تجدَّدا
مسرّةٌ قد خصّك الله بها / تملأُ قلبَ الكاشحينَ كمدا
وفرحةٌ أقبل يدعو بِشرُها / يا معشر الحسَّادِ موتوا حسدا
صفت لآل المصطفى برغمكم / نطافُ هذا البِشر تحلو موردا
بها اجتلوا وجهَ السرور أبيضاً / فاستقبلوا وجه النحوس أسودا
يا سَعد ما أبهجها مسرَّةً / أُمُّ السرور مثلها لن تلدا
سرَّ بها الدهرُ بني العليا لم / يدع لهم قلباً عليه موجِدا
إذ بختان فرقدي سمائِها / لعترة المجد السرورَ خَلّدا
عبد الكريم وسليمانهم ال / ذين طابا في العلاءِ مولدا
وغير بدعٍ أن يطيب مولداً / مَن جدّه أزكى الأنام مَحتِدا
ذلك أعلا الماجدين همَّةً / مولًى ببرد الشرف المحض ارتدى
ما خلّةٌ صالحةٌ إلاَّ بها / رأى الأنامُ صالحاً محمّدا
فيه لجبَّار السما عنايةٌ / أضحى بها بين الورى مؤيّدا
تَسمى خُطوط راحه أسرَّةً / لأنَّها نقوشُ أسرار الندى
من دوحةٍ مثمرةٍ قدماً على / أُولى الزمان كرماً وسؤددا
دوحةُ مجدٍ بسقت فروعها / بحيثُ لا تلقى النجومُ مصعدا
نَمت غصونَ كرمٍ ما برحت / بظلّها تقيل طلابُ الجِدا
حسبك منها شاهداً بمجدها / أن نمت الهادي فرعاً أمجدا
ذاك الذي أبت سماءُ جودِهِ / أن تُمطر الوفادَ إلاَّ عَسجدا
ذاك الذي أبت صفايا خلقه / إلاَّ بأن تَعذُبَ حتَّى للعدى
ذاك الذي أبت مزايا فخرهِ / إلاَّ بأن تفوق حتَّى الفرقدا
مهذَّبٌ يبصر في أعطافهِ / شمائلَ المهديِّ مصباحِ الهدى
شمائلاً بين الورى أطيبَ من / أنفاس روضٍ بلَّه طلّ الندى
أورثه كمالَه وهديَه / وفخرَه ومجدَه الموطَّدا
وعنه قد ناب بمكرُماته / يعمرُ فيها بيته المشيَّدا
كالشمس إن تغرب بدا البدر ابنُها / بنورها بأُفقها متَّقدا
فهو لعمري والحسين بعده / أسمح أبناء ذوي الجودِ يدا
هما هلالا الجود مصباحا النهى / كلاّ عليه يجد الساري هُدى
فريدتا مجدٍ على جيد العُلى / زانا بهاءاً عِقدَها المنضَّدا
يا آل بيت المصطفى من قد غدوا / مأوى الضيوف مُتهماً ومنجدا
ومَن على معروفهم تعاقبت / بنو الرجاءِ مصدراً وموردا
لتهنكم فرحةُ هادي عزّكم / بما له من ذا الهنا قد جدَّدا
وليهنَ ما غنَّى الحَمامُ هو في / ختان بدريه ويبهج أبدا
فطائر الأفراح يا سعد به / أرِّخ أجدّ زاهياً مغرّدا
سقتكَ يا ربعَ العُلى عهادَها
سقتكَ يا ربعَ العُلى عهادَها / وطفاءُ بشرٍ أطلقت مزادَها
تلمع للزهو بها بوارقٌ / تقدحُ في قلب العِدى زنادَها
لاطفها فيك نسيمٌ أَرِجٌ / إلى حماكَ ساقها وقادَها
فألبستك زهرها وأنبتت / ما بين أجفان العدى قتادَها
وأبرزت منك لأحداق الورى / حديقةً نوءُ السرور جادَها
يا رائد الأفراح في دار العُلى / قد صدقتك نفسُك ارتيادَها
باكر مُناك وارتشف رياضها / كما اشتهيت واقتطف أورادَها
وحيّ في الدست زعيمَ هاشمٍ / وخيرَ من سادت به وسادَها
القائمَ المهديّ أقضى من ثنت / رياسةُ الدين له وِسادَها
وقُل ولا تحفل بغيظ أنفسٍ / قد تركت لغيِّها رشادَها
ما علماءُ الأرض إلاَّ رجلٌ / قد جمع الله به آحادَها
لجّة علمٍ عذُبت موارداً / كلّ ذوي الفضل غدت ورَّادَها
وروضةٌ لو كشف الله الغطا / رأيت أملاك السما روَّادَها
أعلمهم بالله بل أدلّهم / على التي من خلقه أَرادَها
حامى عن الدين فسدَّ ثغرةً / ما ضمنوا عنه له انسدادَها
فاستلَّها صوارماً فواعلاً / فعل السيوف ثكلت أَغمادَها
الموقدُ النارَ عشيًّا للقرى / وبِشره يتقد اتقادَها
والمرخصُ الزادَ وكان جدّه / لراكبي ظهرَ الفلاة زادَها
قد فاخرت جفانهُ شهبَ السما / بضوئها وكاثرت عِدادَها
بُشراك وضَّاحَ الدجى بفرحةٍ / قد بلغت فيها العُلى مرادَها
حلَّت نطاق الليل عن صبيحةٍ / قد نسجت أيدي الهنا أبرادَها
لو عربُ الإِسلامِ باهت فرسه / بحسنها لاستحقرت أَعيادَها
أنت الذي قد عقد الله به / عُرى الهدى وأحكم انعقادَها
منك أعدَّت هاشمٌ لمجدها / مَن نشر الله به أَمجادَها
فقلّلت فيك مريدي فخرها / وفي بنيك كثَّرت حسَّادَها
أَبناء مجدٍ نشأوا سحائباً / سقى الإِلهُ خلقه عهادَها
أَنملُها العشرُ جميعاً حُلَمٌ / أَرضعت الدنيا بها أَولادَها
بيض المساعي ومساعي غيرهم / بيضٌ وصفرٌ أَحسنوا انتقادَها
لم تبتدئ بين الورى أكرومةٌ / إلاَّ وكلٌّ منهم أعادَها
عقدت أطناب العُلى وابتدروا / يرفع كلٌّ منهم عمادَها
وغيرهم يهدم علياه التي / سعى أَبوه قبله فشادَها
قومٌ إذا شبَّ ابنُ مجدٍ منهم / أَلقت لكفّيه العلى قيادَها
أَو زوَّجوه فبأخت شرفٍ / يحكي طريفُ مجدِها تِلادَها
لو لم تجد منه المعالي كفوَها / لم ترضَ إلاَّ في الخِبا انفرادَها
يا من يرومُ بأبيه هضبهم / ونفسه قد سكنت وهادَها
خلفك والفخر بنار ذهبت / بضوئها وخلَّفت رمادَها
بني العُلى دونكموها غادةً / عذراءَ قد أَصفتكم ودادَها
جلَّت بكم قدراً فما أَنشدتُها / إلاَّ ازدهت جبريل فاستعادَها
يا خيرَ مَن أعطى الجميلَ في الورى
يا خيرَ مَن أعطى الجميلَ في الورى / تبرُّعاً فيه وأوفى مَن وَعد
لي عدةٌ عندَك ماذا صنعت / كأَنَّ عنها طرفُ ذِكراكَ رقد
يا أصدقَ الناس وأوفى مَن وعَد
يا أصدقَ الناس وأوفى مَن وعَد / ما أنتَ من أعطى الجميلَ واسترد
أبعِد بها طارِيةً بذكرها / يُخزى أخو المجدِ إذا النادي انعقد
وخطّةً شنعاءَ لا يَركبُها / إلاَّ الذي في عود علياهُ أود
وسُبَّةً تَثلِم مِن مجدِ الفتى / ثلمةَ نقص ضلَّ من قال تُسَد
لم يرضَها إلاَّ الوضيعُ همَّةً / أو مَن على أخلاقِه الذمُّ حشد
لا مَن سما لمَّا سما مفرداً / بل هو والحمدُ على النجمِ صَعد
يا جامعاً بالمنعِ شملَ وفرِه / لا ترمِ شملَ المكرُماتِ بالبَدد
مجدٌ أبوكَ بالسماحِ شادَه / حاشاكَ أن تهدِمَ منه ما وطَد
ذاكَ الذي كانت سمات فخره / في جبهةِ الدهرِ سناها يتَّقد
يمدُّ كفًّا نشأت من رحمةٍ / في الله تُعطي ولها منه المَدد
لوَ انَّ فيها كان رملُ عالج / يُنفِقُ ما أنفقَ منه لَنَفد
حتَّى مضى تلفُّه مطارفٌ / من الثنا تَبقى على الدهر جُدد
فقمتَ أنت بعدَه مقامَه / فقيل هذا الشبلُ من ذاك الأسد
لا مثلَ مَن مجدُ أبيه بعده / أضاعهُ فقيل بئس ما وَلَد
كنتَ لعمري ديمةً وإنَّما / ذاب زماناً عُرفُها ثم جمد
ولجةً بالأمس عادت وَشَلاً / واردُها اليومَ تمنَّى لا ورَد
كم قلتَ لستُ حالفاً مُوريّاً / بأنَّ هذا جهدُ ما عندي وجد
ثمَّ شفعتَ الوعدَ في إيصاله / مُكرِّراً لم لا عليَّ تَعتمد
ولم أخل أنَّ السرابَ صادقٌ / حتَّى غدا وعدُك منه يَستمِد
نعم صَددتَ إذ بَخِلتَ مُوهِماً / فابخل أبا الهادي وسمِّ البخل صَد
فيا فداءً لك مَن كان له / وجهٌ من الصخر وعِرضٌ من سرد
تذكر كم فيك القوافي فاخَرت / مَن سجد الناسُ له حتَّى سَجد
فكيف تُقذي عينَها بجفوةٍ / مِن أجلها طرفُ المعالي قد رَمد
إن يغرِك الحاسدُ فيها فلقد / أغراك في مجدِك من فرط الحسد
أبعدَ ما مدَّ الثنا طِرافَه / عليك حتَّى قيل بالحمدِ انفرد
عنك كما الحاسدُ فيك يشتهي / يصبحُ في كفيك منزوعَ العَمد
فقُل لمن يرغبُ عن كسبِ الثنا / مَن فَقدَ المدحَ ترى ماذا وجد
أَهوِن بمنشورٍ دفينٍ ذكرُه / فذاك مفقودٌ وإن لم يُفتَقد
صابتكَ مِن بَوارقي مُرِشَّةٌ / من عَتبٍ شُؤبُوبُها لا من بَرد
في عدةٍ نومُك عن إنجازِها / غيظاً له قامَ القريضُ وقَعد
ترقدُ عنها والقريضُ حالفٌ / بمجدِك الشامخِ عنها ما رَقد
ما الخُلفُ في الوعدِ اكتساب شَرفٍ / وليس في منع الندى فخرُ الأبد
تلك اليدُ البيضاءُ بعد بسطها / عن السماحِ كفُّها كيف انعقد
وذلك الوجهُ الكريمُ مالَهُ / مِن بعد ما ماءُ الحيا فيه اطرد
أسفرَ بين الناسِ لا يخجلُه / خلفُ المواعيدِ ولا منعُ الصفَد
فعُد كما كنت وإلاّ انبعثَت / تَترى إليك النافثاتُ في العقد
مِن اللواتي إن أصاب سهمُها / عِرضَ لئيمٍ طُلَّ من غير قَود
وهي على عِرضِ الكريمِ نثرةٌ / ما النثرةُ الحصداءُ منها بأرّد
تبدو فإمَّا هي في جيدِ الفتى / طوقٌ وإمَّا هيَ حبلٌ من مَسد
فعِش كما تهوى العُلى مُمدَّحاً / لا خيرَ في ميتِ العُلى حيِّ الجسد
عيشُك غَضٌّ والزمانُ أغيدُ
عيشُك غَضٌّ والزمانُ أغيدُ / وطرفُ حُسّادِك فيه أرمدُ
يا لابسَ النعماءِ هُنّيتَ بها / ملابساً كساكَهُنَّ أمجد
أقبحُ شيءٍ أن تذُمَّ زمناً / حسبُك فيه حسناً محمد
يا أعينَ الوُفّادِ قُرّي بفتىً / في مطلعِ العلياءِ منه فَرقد
ذاك الذي كِلتا يديهِ لجّةٌ / يطيبُ للعافينَ منها المورد
مباركُ الطلعةِ مرهوبُ الحِمى / في بُردَتيهِ قمرٌ وأسد
موقَّرُ المجلسِ ذو ركانةٍ / حبوتُه على شمامٍ تُعقَد
بالفصل في صدرِ النديِّ ناطقٌ / كأنَّما لسانُه مُهنَّد
سقيطُ طَلٍّ لك من بيانه / أو لؤلؤٌ في سلكِه مُنضَّدِ
روضةُ فضلٍ يجتني رائدُها / زَهراً بطيبِ النشرِ عنه يَشهد
يُنمى لقومٍ في الزمانِ خُلِقوا / جواهراً يُزانُ فيها الأبد
هم خيرُ من رشَّحه لسؤددٍ / مجدٌ وأزكى من نماهُ مَحتِد
أطلع شمسَ الراح ليلاً أغيدُ
أطلع شمسَ الراح ليلاً أغيدُ / كأنه من نورها مجسَّدُ
وزفَّها تحت الدجى فاشتبهتْ / مدامهُ وخدّه المورَّد
فلستُ أدري أجلاً لامعةً / بكفه بها المدامُ عسجد
أم يده البيضاء في رقتها / بها شعاعُ خده يتقد
ساقٌ من الجوزاء وهو المشتري / نطاقهُ وعقده المنضَّد
شمس الضحى تودُّ لو كانَ ابنها / وهي لها بدرُ السماء ولد
إذا أدارتْ كفه لثامَه / خلتَ الثريا للهلال تعقد
من لي بقطف زهرةٍ من خده / وعقربُ الصدغ عليها رصد
مورَّدُ الوجنة ما استخجلته / إلاَّ وماء الورد منها بدد
مطَّردٌ في خدِّه ماء الحيا / ماء الحيا في خدِّه مطّرد
علقته نشوانَ من خمر الصبا / سبطَ القوام فرعه مجعَّد
أهيفُ كم تعطفتْ قامته / وهو لألحان الغنا يردد
تعطُّف البانة يثنيها الصَبا / وفوقها قمريَّةٌ تغرّدُ
بدرٌ ولكن في الجمال يوسفٌ / لحسنه بدرُ السماء يسجد
وشوقيَ الكامل ليس حرُّه / يطفيه إلاَّ ريقهُ المبرّد
ما الحسن إلاَّ جمرةٌ بخدِّه / وجمرة في القلب منِّي تقد
أبردُ هاتيك بلثم هذه / يا من رأى ناراً بنارٍ تبرد
نارٌ ولكن هي عندي جنَّةٌ / من لي لو فيها فمي يخلّد
كم ليلةٍ بات بها مُنادمي / إلى الصباح والوشاة رقّد
وسنان لم أجذبْ إليَّ خصره / إلاَّ ثنى أعطافه التميُّد
حتَّى يُرى وخصرُه من رقةٍ / عليَّ في انعطافه منعقد
أعدْ عليَّ صاحبي ذكر الطِلا / وعدّ عما يزعم المفنَّد
راحك يا ابن النشوات فاغتنمْ / حظك منها والعذار أسود
وعصر أطرابك في اقتباله / والعيش غضٌّ لك فيه رغد
وعاقر الراح يحيِّيك بها / شريكها في اللبِّ إذ يغرِّد
ما ولدتْ أمُّ الجمال مثله / وأقسمتْ بأنها ما تلد
ما استجمع اللذات إلاَّ مجلسٌ / على معاطاة الكؤوس يعقد
ما هو إلاَّ للندامى فلكٌ / به من الكأس يدور فرقد
أو روضةٌ فيها الخدود مجتنى / من السقاة والشفاه مورد
وشادنٌ وفرته ريحانة / بطيب ريّاها النسيمُ يشهد
يا طالب العدل هلمَّ ظافراً / فالعدلُ شخصٌ قد حواه بلد
أما ترى الفيحاء كيف أصبحت / والجور من ورائها مشرَّد
هذا حسام الدين بين أهلها / أصبح والملكُ به مقلَّد
جرت ملوكُ العصر في مضماره / لغايةٍ إلاَّ عليه تبعدُ
فجاء يجري سابقاً ما مسحتْ / غرَّة علياه سوى العز يد
فقلْ لمن يطمع في عليائه / قفْ صاغراً ليس إليها مصعد
فالمجد إرثٌ والندى سجيةٌ / والحمد كسبٌ والعلاء مولد
تبصرُ في رواقه محجّباً / منه ولا حاجبَ إلاَّ السؤدد
قد خدمت أقلامه بيض الظبا / تُصدرها عن أمره وتورد
سيفٌ بكف الملك منه قائمٌ / مقامَ خديه الطلا والعضُد
منزلتان ليس في كليهما / ينوب عنه الصارم المجرَّد
وأنتَ حيث باسمه شاركته / لا تفتخرْ يا أيها المهنَّد
فهو على هام العداة منتضىً / دأباً وأنت تنتضي وتغمد
إن أشعرتك رهبة هيبته / فمنه في صدر النديِّ أسد
أغلبُ لا يطمح في حضرته / طرفٌ ولا ينطق فيها مذود
مصورٌ في شخصه روحُ النهى / عليه أبراد الفخار جُدد
وغيره يغريك حسنُ شكله / ومنه ما في البرد إلاَّ جسد
أبلجُ عنه وإليه في الندى / تروى أحاديثُ الندى وتُسند
لهم نداهُ مشركٌ في وفره / ومدحهم حقاً له موحِّد
يا خيرَ من زارَ الثناءُ ربعَه / فزار أزكى من نماهُ محتد
أليكها سيارةً مع الصَبا / تتهم في نشر الثنا وتنجد
سحَّارة الألفاظ بابليَّةً / أمُّ الكلام مثلها لا تلد
بل كلُّ معنى جاهليٍ قد غدا / يودُّ منها أنه مولَّد
لا تحمد العودَ على قافيةٍ / ما كلُّ عودٍ في الأمور أحمد
أنتَ فدمْ سيّد أبناء العلى / ونظمها للشعر فيك سيّد
قد تبلغ الأنفسُ في ارتيادها
قد تبلغ الأنفسُ في ارتيادها / حصولَ ما تهواه من مرادها
وقد تديم السعيَ في تتمةِ / انتقاصها أو طلب ازديادها
ففاتها ما اعتقدت حصوله / وجاءها ما ليس في اعتقادها
وكلما قدّره اللهُ لها / في قربها يجري وفي بعادها
هذا ابن أمَّ المكرمات من غدا / يرفل في الفاخر من أبرادها
جوادُها وهل بمضمار العلى / أسبقُ من محمدٍ جوادها
أنكر مسَّ الدهر من خشونةٍ / لا يرقد الحرُّ على قَتادها
فانساب مثل الأيم عن بلاده / ينتجعُ العزَّة في بلادها
يطلبها بعين يقظانَ رأت / سهادَها أعذَب من رقادها
مقتعداً من الإباء صعبةٌ / لا يقدر الدهر على اقتعادها
حتَّى اصطفى من عزةٍ دارَ عُلى / ترفع كفُّ المجد من عمادها
فاحتلَّ منها في رباع شرفٍ / عادت نجوم الأُفق من حسادها
قد عقد النديَّ فيها للنهى / واصطنع العرفَ إلى قصّادها
واستحلت الفرسُ له خلائقاً / أخلاقها المرةُ من أضدادها
فكان فيها كهلال فطرِها / وكلُّ يومٍ مرَّ من أعيادها
أمّل أن يعودَ وهو رافهٌ / بناعم العيش إلى بغدادها
فعاد في نعشٍ حوى صفيّةً / أعزَّ في عينيه من سوادها
خلتُ أهنّيه على قدومه / لا أن أعزّيه على افتقادها
وفيه في النادي لآل المصطفى / أقول قرَّت مقلتا أمجادها
لا أنني أقول في مأتمها / صبراً وأين الصبرُ من فؤادها
يا خجلة الأيام من محمدٍ / صالِحها الزاجر عن فسادها
قد صبغ العارُ لها وجوهَها / فلتستتر بفاضح اسودادها
يا قصرتْ يدُ الليالي ما جنت / على أبي المهديّ في امتدادها
أليس دأباً كفَّها مملوَّةً / من كفِّه البيضاء في إرفادها
مولىً على الأرض تراه رحمة / عمَّت جميعَ الأرض بانفرادها
أحيا ثراها وأمات جدبَها / بجوده وكان من أوتادها
مقتصدٌ يسرف في بذل الندى / حيث الورى تسرف باقتصادها
كأنَّ من وقاره حبوتُه / تضمنُ منه الطودَ في انعقادها
سدَّت لأهل الأرض فيه ثلمة / ما ظفرتْ لولاه بانسدادها
خافتْ ولما التجأتْ لعزِّه / أقرّها والأرض في مهادها
يُنمى إلى قبيلة المجد التي / طريفها يعربُ عن تلادها
إن عدّدت لمفخرٍ ودَّت بأن / تدخلُ زهر الشهب في عدادها
تواترت عنها رواياتُ الندى / من ولدها تنقل في آحادها
في كل ذي نفسٍ تزكَّت بالتقى / لا تعلق الآثامُ في أبرادها
تديم ذكرَ الله بل كاد لها / يقوم ما عاشت مقامَ زادها
هذا أبو المهدي فانظر في الورى / هل كأبي المهديّ في عبادها
كأنَّ في جنبيه نفسَ ملكٍ / تستنفد الأوقات في أورادها
أتعبها في طاعة الله لكي / تفوزَ بالراحة في معادها
حسبُك ما ترويه عن آبائها / أن التقى والبرّ في زهّادها
بل كيف لا تثبت دعوى شرفٍ / أبو الأمين كانَ من أشهادها
ندبٌ حياض الجود منه نعمةٌ / تروى بها الوفدَ على احتشادها
يزداد ورياً زندُ مكرماته / إن زادت الجدوب في أصلادها
صلّى إلى العلياء خلفَ سابقٍ / كانَ هو النخبة من أمجادها
ذاك أخوه وأبو النجب التي / قد أخذ الفخارَ في أعضادها
منها الرضى للوفد حيث سخطت / من بخل أهل الأرض في ارتيادها
محببُ الأخلاق محسود العُلى / دامت له العلياء مع حسّادها
قد خلط البشرى لذي ودادها / بهائل السخط لذي أحقادها
مثلَ البحار الفعم يروي عذبُها / ويغرق الجائشُ في إزبادها
أو كالقطار السجم يُرجى برقُها / ويُرهب القاصفُ من إرعادها
له الندى المورودُ عبًّا وندى / سواه مثلُ المصّ من ثمادها
أزهرُ بسّام العشيِّ إن دجت / أوجهُ أقوام على قصّادها
يلتمع السرورُ في جبينه / عند قِرى الأضياف وازديادها
قد طاول الأنجمَ هادي مجده / حتَّى سما الكاهل من أفرادها
واتقدت من فوقها أنوارها / حتَّى شكت إليه من إخمادها
قد خلّف المهديُّ خير من مشى / في هذه الأرض على مهادها
وقام في دار علاهُ حافظاً / له ذمامَ الجود في وفّادها
وبعضهم كالنار لا يخلفها / منها سوى ما كانَ من رمادها
أبلج لا يشبهه البدرُ لأن / تشينه الكلفةُ في سوادها
من فئة فيها الوقارُ والنهى / ساعة تستهلُّ في ميلادها
كمصطفى الفخر وناهيك به / في شرف النفس وفي إرفادها
جلَّ فلولا صغرُ النفس إذن / لقيل هذا مصطفى أجدادها
مَن مثله وأين تلقى مثله / يا رائد المعروف في أجوادها
هذا الذي قد وجدت عفاتُه / برد الندى منه على أكبادها
وعن حسينٍ جودُه تحدَّثت / تحدّثَ الروضة عن عهادها
كالغيث في دنوه والبدر في / علوِّه والشمس في اتقادها
بل في أمين الحلم نفسُ كاظمٍ / للغيظ مما ساء من حسّادها
جعفرُ فضلٍ والجواد جعفرُ ال / فضل وذا حسبُك من تعدادها
قد ولدتْ أمُّ المعالي غيرَها / لكن هي الصفوةُ من أولادها
تهوى سما أن تغتدي فراشها / والشهبُ أن تكون من وسادها
حيث أبو المهديّ قد رشَّحها / للفخر والسؤدد من ميلادها
يا فئةً أحلامها ما زحزحت / راجفة الخطوب من أطوادها
إليكموها غرراً وإن تكن / بدت من الأحزان في سوادها
وسمتها بمدحكم فأقبلت / سماتها تنيرُ في أجيادها
بلطفها من القوافي نزلت / منزلة الأرواح من أجسادها
جاءتك ثكلى غير مستأجرةٍ / تستقصر الخنساء في إنشادها
لو رددت نوحاً لصخرٍ لأرت / كيف انفطارُ الصخر في تردادها
ناحت فأبكت شجناً عينَ العُلى / بأدمعٍ تذوب من فؤادها
ثم دعت لا طرقت ربعَكمُ / إلاَّ المسرّات مدى آبادها
ولا وعي غيرَ التهاني سمعُكم / أو مدحاً تطرب في إنشادها
ومنكم لا برحت آهلة / عرينةُ العزَّة في آسادها
ما للعيون حاربت رقادَها
ما للعيون حاربت رقادَها / وسالمت على القذى سهادها
وما الذي أوجست الناس ضحى / فألزمت أكفّها أكبادها
نعم هوت دعامةُ الفضل التي / لدينه ربُّ السماء شادها
واليومَ عزِّي جعفراً بجعفر / ناعٍ نعى إلى الورى رشادها
قد جمع الدهرَ قواه كلها / بليلة قد ضاعف اسودادها
حتَّى على رزء الهدى بقلبه / أرزاءُ كل آله أعادها
الله يا دهرُ لقد خلّدتها / سبَّة عارٍ لا ترى نفادها
للمجد كانت مقلةٌ واحدةٌ / مسحت في كفِّ الردى سوادها
وليلةٍ قد وَلدَت بصبحها
وليلةٍ قد وَلدَت بصبحها / شمسُ عُلًى تشعُّ في سعودها
سُرَّت بها أهل المعالي ولها / أهدت بمهديٍّ سرور عيدها
قد طربَ الدهرُ غداة أرَّخوا / فلتزدهي الليلة في مولودها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025