المجموع : 16
سَما يُناغي الشُهُبا
سَما يُناغي الشُهُبا / هَل مَسَّها فَاِلتَهَبا
كَالدَيدَبانِ أَلزَمو / هُ في البِحارِ مَرقَبا
شَيَّعَ مِنهُ مَركَباً / وَقامَ يَلقى مَركَبا
بَشَّرَ بِالدارِ وَبِال / أَهلِ السُراةَ الغُيَّبا
وَخَطَّ بِالنورِ عَلى / لَوحِ الظَلامِ مَرحَبا
كَالبارِقِ المُلِحِّ لَم / يُوَلَّ إِلّا عَقَّبا
يا رُبَّ لَيلٍ لَم تَذُق / فيهِ الرُقادَ طَرَبا
بِتنا نُراعيهِ كَما / يَرعى السُراةُ الكَوكَبا
سَعادَةٌ يَعرِفُها / في الناسِ مَن كانَ أَبا
مَشى عَلى الماءِ وَجا / بَ كَالمَسيحِ العَبَبا
وَقامَ في مَوضِعِهِ / مُستَشرِفاً مُنَقِّبا
يَرمي إِلى الظَلامِ طَر / فاً حائِراً مُذَبذَبا
كَمُبصِرٍ أَدارَ عَي / ناً في الدُجى وَقَلَّبا
كَبَصَرِ الأَعشى أَصا / بَ في الظَلامِ وَنَبا
وَكالسِراجِ في يَدِ الري / حِ أَضاءَ وَخَبا
كَلَمحَةٍ مِن خاطِرٍ / ما جاءَ حَتّى ذَهَبا
مُجتَنِبُ العالَمِ في / عُزلَتِهِ مُجتَنَبا
إِلّا شِراعاً ضَلَّ أَو / فُلكاً يُقاسي العَطَبا
وَكانَ حارِسُ الفَنا / رِ رَجُلاً مُهَذَّبا
يَهوى الحَياةَ وَيُحِبُّ / العَيشَ سَهلاً طَيِّبا
أَتَت عَلَيهِ سَنَوا / تٌ مُبعَداً مُغتَرِبا
لَم يَرَ فيها زَوجَهُ / وَلا اِبنَهُ المُحَبَّبا
وَكانَ قَد رَعى الخَطي / بَ وَوَعى ما خَطَبا
فَقالَ يا حارِسُ خَل / لِ السُخطَ وَالتَعَتُّبا
مَن يُسعِفُ الناسَ إِذا / نودِيَ كُلٌّ فَأَبى
ما الناسُ إِخوَتي وَلا / آدَمُ كانَ لي أَبا
أُنظُر إِلَيَّ كَيفَ أَق / ضي لَهُمُ ما وَجَبا
قَد عِشتُ في خِدمَتِهِم / وَلا تَراني تَعِبا
كَم مِن غَريقٍ قُمتُ عِن / دَ رَأسِهِ مُطَبِّبا
وَكانَ جِسماً هامِداً / حَرَّكتُهُ فَاِضطَرَبا
وَكُنتُ وَطَّأتُ لَهُ / مَناكِبي فَرَكِبا
حَتّى أَتى الشَطَّ فَبَش / شَ مَن بِهِ وَرَحَّبا
وَطارَدوني فَاِنقَلَب / تُ خاسِراً مُخَيِّبا
ما نلتُ مِنهُم فِضَّةً / وَلا مُنِحتُ ذَهَبا
وَما الجَزاءُ لا تَسَل / كانَ الجَزاءُ عَجَبا
أَلقَوا عَلَيَّ شَبَكاً / وَقَطَّعوني إِرَبا
وَاِتَّخَذَ الصُنّاعُ مِن / شَحمِيَ زَيتاً طَيِّبا
وَلَم يَزَل إِسعافُهُم / لِيَ الحَياةَ مَذهَبا
وَلَم يَزَل سَجِيَّتي / وَعَمَلي المُحَبَّبا
إِذا سَمِعتُ صَرخَةً / طِرتُ إِلَيها طَرَبا
لا أَجِدُ المُسعِفَ / إِلّا مَلَكاً مُقَرَّبا
وَالمُسعِفونَ في غَدٍ / يُؤَلِّفونَ مَوكِبا
يَقولُ رِضوانُ لَهُم / هَيّا أَدخلوها مَرحَبا
مُذنِبُكُم قَد غَفَرَ / اللَهُ لَهُ ما أَذنَبا
وَهَذِهِ واقِعَةٌ مُستَغرَبَه
وَهَذِهِ واقِعَةٌ مُستَغرَبَه / في هَوَسِ الأَفعى وَخُبثِ العَقرَبَه
رَأَيتُ أَفعى من بَناتِ النيلِ / مُعجَبَةً بِقَدِّها الجَميلِ
تَحتَقِرُ النُصحَ وَتَجفو الناصِحا / وَتَدَّعي العَقلَ الكَبيرَ الراجِحا
عَنَت لَها رَبيبَةُ السَباخِ / تَحمِلُ وَزنَيها مِنَ الأَوساخِ
فَحَسِبَتها وَالحِسابُ يُجدي / ساحِرَةً مِن ساحِراتِ الهِندِ
فَاِنخَرَطَت مِثلَ الحُسامِ الوالِجِ / وَاِندَفَعَت تِلكَ كَسَهمٍ زالِجِ
حَتّى إِذا ما أَبلَغَتها جُحرَها / دارَت عَلَيهِ كَالسِوارِ دَورَها
تَقولُ يا أُمَّ العَمى وَالطَيشِ / أَينَ الفِرارُ يا عَدُوَّ العَيشِ
إِن تِلجي فَالمَوتُ في الوُلوجِ / أَو تَخرُجي فَالهُلكُ في الخُروجِ
فَسَكَتَت طَريدَةُ البُيوتِ / وَاِغتَرَّتِ الأَفعى بِذا السُكوتِ
وَهَجَعَت عَلى الطَريقِ هَجعَه / فَخَرَجَت ضَرَّتُها بِسُرعَه
وَنَهَضَت في ذِروَةِ الدِماغِ / وَاِستَرسَلَت في مُؤلِمِ التَلداغِ
فَاِنتَبَهَت كَالحالِمِ المَذعورِ / تُصيحُ بِالوَيلِ وَبِالثُبورِ
حَتّى وَهَت مِنَ الفَتاةِ القُوَّه / فَنَزَلت عَن رَأسِها العُدُوَّه
تَقولُ صَبراً لِلبَلاءِ صَبرا / وَإِن وَجَدتِ قَسوَةً فَعُذرا
فَرَأسُكِ الداءُ وَذا الدَواءُ / وَهَكَذا فَلتُركَبُ الأَعداءُ
مَن مَلَكَ الخَصمَ وَنامَ عَنهُ / يُصبِحُ يَلقى ما لَقيت مِنهُ
لَولا الَّذي أَبصَرَ أَهلُ التَجرِبَه / مِنّي لَما سَمّوا الخَبيثَ عَقرَبَه
يَحكونَ أَنَّ أُمَّةَ الأَرانِبِ
يَحكونَ أَنَّ أُمَّةَ الأَرانِبِ / قَد أَخَذَت مِنَ الثَرى بِجانِبِ
وَاِبتَهَجَت بِالوَطَنِ الكَريمِ / وَمَوئِلِ العِيالِ وَالحَريمِ
فَاِختارَهُ الفيلُ لَهُ طَريقا / مُمَزِّقاً أَصحابَنا تَمزيقا
وَكانَ فيهِم أَرنَبٌ لَبيبُ / أَذهَبَ جُلَّ صوفِهِ التَجريبُ
نادى بِهِم يا مَعشَرَ الأَرانِبِ / مِن عالِمٍ وَشاعِرٍ وَكاتِبِ
اِتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي / فَالاتِّحادُ قُوَّةُ الضِعافِ
فَأَقبَلوا مُستَصوِبينَ رايَه / وَعَقَدوا لِلاجتِماعِ رايَه
وَاِنتَخَبوا مِن بَينِهِم ثَلاثَه / لا هَرَماً راعَوا وَلا حَداثَه
بَل نَظَروا إِلى كَمالِ العَقلِ / وَاِعتَبَروا في ذاكَ سِنَّ الفَضلِ
فَنَهَضَ الأَوَّلُ لِلخِطابِ / فَقالَ إِنَّ الرَأيَ ذا الصَوابِ
أَن تُترَكَ الأَرضُ لِذي الخُرطومِ / كَي نَستَريحَ مِن أَذى الغَشومِ
فَصاحَتِ الأَرانِبُ الغَوالي / هَذا أَضَرُّ مِن أَبي الأَهوالِ
وَوَثَبَ الثاني فَقالَ إِنّي / أَعهَدُ في الثَعلَبِ شَيخَ الفَنِّ
فَلنَدعُهُ يُمِدُّنا بِحِكمَتِهِ / وَيَأخُذُ اِثنَينِ جَزاءَ خِدمَتِهِ
فَقيلَ لا ياصاحِبَ السُمُوِّ / لا يُدفَعُ العَدُوُّ بِالعَدُوِّ
وَاِنتَدَبَ الثالِثُ لِلكَلامِ / فَقالَ يا مَعاشِرَ الأَقوامِ
اِجتَمِعوا فَالاِجتِماعُ قُوَّه / ثُمَّ احفِروا عَلى الطَريقِ هُوَّه
يَهوي إِلَيها الفيلُ في مُرورِهِ / فَنَستَريحُ الدَهرَ مِن شُرورِهِ
ثُمَّ يَقولُ الجيلُ بَعدَ الجيلِ / قَد أَكَلَ الأَرنَبُ عَقلَ الفيلِ
فَاِستَصوَبوا مَقالَهُ وَاِستَحسَنوا / وَعَمِلوا مِن فَورِهِم فَأَحسَنوا
وَهَلَكَ الفيلُ الرَفيعُ الشانِ / فَأَمسَتِ الأُمَّةُ في أَمانِ
وَأَقبَلَت لِصاحِبِ التَدبيرِ / ساعِيَةً بِالتاجِ وَالسَريرِ
فَقالَ مَهلاً يا بَني الأَوطانِ / إِنَّ مَحَلّي لَلمَحَلُّ الثاني
فَصاحِبُ الصَوتِ القَوِيِّ الغالِبِ / مَن قَد دَعا يا مَعشَرَ الأَرانِبِ
أَتى نَبِيَّ اللَهِ يَوماً ثَعلَبُ
أَتى نَبِيَّ اللَهِ يَوماً ثَعلَبُ / فَقالَ يا مَولايَ إِنّي مُذنِبُ
قَد سَوَّدَت صَحيفَتي الذُنوبُ / وَإِن وَجَدتُ شافِعاً أَتوبُ
فَاِسأَل إِلهي عَفوَهُ الجَليلا / لِتائِبٍ قَد جاءَهُ ذَليلا
وَإِنَّني وَإِن أَسَأتُ السَيرا / عَمِلتُ شَرّاً وَعَملتُ خَيرا
فَقَد أَتاني ذاتَ يَومٍ أَرنَبُ / يَرتَعُ تَحتَ مَنزِلي وَيَلعَبُ
وَلَم يَكُن مُراقِبٌ هُنالِكا / لَكِنَّني تَرَكتُهُ مَع ذَلِكا
إِذ عِفتُ في اِفتِراسِهِ الدَناءَه / فَلَم يَصِلهُ مِن يَدي مَساءَه
وَكانَ في المَجلِسِ ذاكَ الأَرنَبُ / يَسمَعُ ما يُبدي هُناكَ الثَعلَبُ
فَقالَ لَمّا اِنقَطَعَ الحَديثُ / قَد كانَ ذاكَ الزُهدُ يا خَبيثُ
وَأَنتَ بَينَ المَوتِ وَالحَياةِ / مِن تُخمَة أَلقَتكَ في الفَلاةِ
قَد حَمَلَت إِحدى نِسا الأَرانِبِ
قَد حَمَلَت إِحدى نِسا الأَرانِبِ / وَحَلَّ يَومُ وَضعِها في المَركَبِ
فَقَلقَ الرُكّابُ مِن بُكائِها / وَبَينَما الفَتاةُ في عَنائِها
جاءَت عَجوزٌ مِن بَناتِ عِرسِ / تَقولُ أَفدي جارَتي بِنَفسي
أَنا الَّتي أُرجى لِهَذي الغايَه / لِأَنَّني كُنتُ قَديماً دَأيَه
فَقالَتِ الأَرنَبُ لا يا جارَه / فَإِنَّ بَعدَ الأُلفَةِ الزِيارَه
مالي وُثوقٌ بِبَناتِ عِرسِ / إِنّي أُريدُ دايَةً مِن جِنسي
مِن أَعجَبِ الأَخبارِ أَنَّ الأَرنَبا
مِن أَعجَبِ الأَخبارِ أَنَّ الأَرنَبا / لَمّا رَأى الديكَ يَسُبُّ الثَعلَبا
وَهوَ عَلى الجِدارِ في أَمانِ / يَغلِبُ بِالمَكانِ لا الإِمكانِ
داخَلَهُ الظَنُّ بِأَنَّ الماكِرا / أَمسى مِنَ الضَعفِ يُطيقُ الساخِرا
فَجاءَهُ يَلعَنُ مِثلَ الأَوَّلِ / عِدادَ ما في الأَرضِ مِن مُغَفَّلِ
فَعَصَفَ الثَعلَبُ بِالضَعيفِ / عَصفَ أَخيهِ الذيبِ بِالخَروفِ
وَقالَ لي في دَمِكَ المَسفوكِ / تَسلِيَةٌ عَن خَيبَتي في الديكِ
فَاِلتَفَتَ الديكُ إِلى الذَبيحِ / وَقالَ قَولَ عارِفٍ فَصيحِ
ما كُلُّنا يَنفَعُهُ لِسانُه / في الناسِ مَن يُنطِقُهُ مَكانُه
لي جَدَّةٌ تَرأَفُ بي
لي جَدَّةٌ تَرأَفُ بي / أَحنى عَلَيَّ مِن أَبي
وَكُلُّ شَيءٍ سَرَّني / تَذهَبُ فيهِ مَذهَبي
إِن غَضِبَ الأَهلُ عَلَي / يَ كُلُّهُم لَم تَغضَبِ
مَشى أَبي يَوماً إِلَي / يَ مِشيَةَ المُؤَدِّبِ
غَضبانَ قَد هَدَّدَ بِالضَر / بِ وَإِن لَم يَضرِبِ
فَلَم أَجِد لِيَ مِنهُ غَي / رَ جَدَّتي مِن مَهرَبِ
فَجَعَلتني خَلفَها / أَنجو بِها وَأَختَبي
وَهيَ تَقولُ لِأَبي / بِلَهجَةِ المُؤَنِّبِ
وَيحٌ لَهُ وَيحٌ لِهَ / ذا الوَلدِ المُعَذَّبِ
أَلَم تَكُن تَصنَعُ ما / يَصنَعُ إِذا أَنتَ صَبي
خَليفَةٌ ما جاءَ حَتّى ذَهَبا
خَليفَةٌ ما جاءَ حَتّى ذَهَبا / ضاعَ عَليهِ الدَمُ وَالمال هبا
الصاحِبُ اِبنُ الصاحب الكَريمِ / الجللُ المَطلَب وَالغَريمِ
اِبنُ الزُبير وَكَفى تَعريفا / إِن الشَريفَ يَلدُ الشَريفا
أَبوهُ هَضبةُ العُلا الشَماء / وَأُمُّهُ في الشرف السماء
مُستَقبلُ الأَيام بِالصِيامِ / وَمُتعبُ الظَلام بِالقِيامِ
وَأَطهَرُ المُعاهدين ذِمَّه / وَأَكبرُ المُجاهِدين هِمه
وَثباً مِن الخَوارجِ الشِدادِ / إِلى بَني أُميَة اللدادِ
إِلى مُداراة بَني العَباس / وَالعَلويين الشِدادِ الباس
فَاِنتَظَمت أَهلَ الحِجالا بَيعتُه / وَاِحتَكَمَت في البصرتين شِيعتُه
وَدَخل العِراقُ في وَلائِهِ / وَخَرَجَت مصرُ عَلى أَعدائِهِ
فَضاقَ مَروانُ بِهِ ذِراعا / وَاِنخرعت قُدرته اِنخِراعا
بابن الزُبير لا يُقاس ابن الحَكَم / لا تَرفَعُ الأَحكامُ كُلَّ مَن حَكَم
لا يَستوي مَن عُمرَه تَحنَّفا / وَمَن رَسولُ اللَهِ أَقصى وَنَفى
مَروانُ لَيسَ لِلأُمور صاحِبا / وَإِن غَدَت لِذَيلِهِ مساحبا
جر عَلى عُثمانَ ما قَد جرا / أَرادَ أَن يَنفَعَهُ فَضَرّا
رُبَّ عَدوٍّ عاقِلٍ أَشكاكا / وَرُبَّ وَدِّ جاهِلٍ أَبكاكا
لَكنه أَبو النُجوم الزُهرِ / مَصابِحِ الأَمر مُلوكِ الدَهر
حدِّث إِذا باهى المُلوكُ بِالوَلَد / عَن حَجَر الأَرض وَبَيضَةِ البَلَد
يَدنو بَنو المَنصور مِن أَبنائِهِ / في الرفق بِالمَلكِ وَفي بِنائِهِ
ما كسليمانَ وَلا عَبدِ المَلِك / وَلا الوَليدِ عاهِلٌ وَلا مَلِك
لَما أَتى اِبنَ الحَكَمِ الحِمامُ / آل لِعبد المَلك الزِمام
فَيا شَقاءَ اِبنَ الزُبير ما لَقى / لَقَد أُصيبَ بِالدَهيِّ الفَيلَق
فَتى مِن النَوابغ المُرّادِ / إِن همّ لَم يُثنَ عَن المُراد
قَد نَضجت آراؤه غلاما / وَرُزق الهمةَ وَالكَلاما
وَكانَ في الشَرع شِراعَ الأَمّه / وَفي الحَديث مُستَقى الأَئمّه
فاقَ فَلَولا بُخلُهُ وَغَدرُهُ / فاتَ مَقاديرَ المُلوك قَدرُهُ
ما زالَ في الشام إِلى أَن راضها / ضم قِواها وَشَفى أَمراضَها
فَاِجتَمَعت لِذي دَهاءٍ حُوّلي / كَعَهدِها بِالأَمَويّ الأَوَلِ
رَمى بِها مَجموعة مُعدَّه / إِن النِظامَ عَدَدٌ وَعُدّه
فَظَفرت بفِرَق الخَوارجِ / مِن داخِلٍ في طاعَةٍ وَخارِجِ
وَلَم تَدع لابن الزُبير جَمعا / إِلّا أَراها طاعَةً وَسَمعا
بَعد حُروب وائِلِيَةِ الحرَب / لَولا سُباتُ الرُوم ضاعَت العُرب
أَحستِ المللة فيها بِالغرر / وَرُمِيَ البَيتُ العَتيقُ بِالشرر
وَطاحَ فيها مُصعَبٌ كَريماً / يَحمي كَلَيث العَتيقُ بِالشَرر
وَضاقَ عَبد اللَه عَن عَبد المَلك / وَرَأيِهِ الوَضاءَ في الخَطب الحلك
اِنصَرَف الكُرّارُ وَالكُماةُ / وَاِنحَرَف الأَنصارُ وَالحُماةُ
أَسلَمه الأَهلون حَتّى ابناه / وَخَذلت شِمالَه يمناه
فَجاءَ أُمّه وَمَن كَأُمِّه / لَعَلَها تَحمل بَعضَ هَمّه
وَالبَيت تَحتَ قَسطَلِ الحَجاجِ / وَخَيلُهُ أَواخذُ الفِجاجِ
فَقالَ ما تَرينَ فَالأَمرُ لَكِ / لِلمَوت أَمضى أَم لِعَبد المَلِكِ
قالَت بَنيّ وَلدَ القوّامِ / وَاِبنَ العَتيق القائم الصَوّامِ
أَنظُر فَإِن كُنتَ لِدينٍ ثرتَ / فَلا تُفارق ما إِلَيهِ سِرتَ
أَو كانَت الدُنيا قُصارى هِمتك / فَبئس أَنتَ كَم دَمٍ بِذمتك
إِلحَق بِأَحرارٍ مَضوا قَد أَحسَنوا / فَالمَوت مِن ذلِّ الحَياة أَحسَنُ
وَلا تَقُل هُنتُ بِوَهن مَن مَعي / فَلَيسَ ذا فعلَ الشَريف الأَلمَعي
وَمُت كَريماً أَو ذُقِ الهَوانا / وَعَبثَ الغِلمان مِن مَروانا
أَنتَ إِلى الحَقِّ دَعَوتَ صَحبَكا / فَاقضِ كَما قَضوا عَلَيهِ نَحبَكا
وَلا تَقُل إِن مُتُّ مَثَّلوا بِي / وَطافَ أَهلُ الشام بِالمَصلوب
هَيهات ما لِلسَّلخ بِالشاة أَلم / وَرُب جِذعِ فيهِ لِلحَق عَلَم
وَعانَقتهُ فَأَحسّت دِرعا / قالَت أَضِقتَ بِالمَنون ذرعا
مِثلَك في ثِيابه المُشَمّره / جاهد لا في الحَلق المسمّره
لا تَمضِ فيها وَأرح مِنها الجَسد / وَامشض بِلا درعِ كَما يَمضي الأَسَد
فَنزع النَثرةَ عَنهُ وَاِنطَلق / في قلة يَلقى العَديدَ في الحَلَق
فَماتَ تَحتَ المرهفات حرا / لَم يَألُ خَيرَ الأُمَهات بَرّا
عندي لكم منتخب
عندي لكم منتخب / فرشحوه واندبوا
هبوا له أصواتكم / وغيره لا تهبوا
في مجلس الشورى له / ألف حساب يحسب
والاحتلال يتقى / آراءه ويرهب
وتنقل التيمس ما / يقوله ويطلب
ذاك فلان ليس من / يقرا ولا من يكتب
لا عالم يملأها / علما ولا مجرّب
وليس بالخطيب إن / قام الملا فخطبوا
مبدؤه لا مبدأ / مشربه لا مشرب
عند الأمير يفترى / عند الوزير يكذب
وإن تكن وشاية / فالمستشار أقرب
عجيبة أموره / والصحف منه أعجب
قالوا له فيها الهما / م الفاضل المهذب
ولقبوه بالسرىّ / الشهم فيما لقبوا
أين النهى يا أمّة / يضحك منها الأجنب
بيتكمو أبا لهب
بيتكمو أبا لهب / أكبر بيت في العرب
تالله لو آمنتم / ما قيل في القرآن تب
أنتم وإبليس لكم / في النار أرفع النسب
والله مأمول الرضى / في الخلق مأمون الغضب
فربما عُينت في ال / نار لتحمل الحطب
أو لتطوف بالألى / هناك من أهل الطرب
كحافظ أخي النهى / أو كالنواسي ذى الأدب
أو مثل مطران الذي / أقبل يوما وانقلب
أو كأبي اللطف الذي / أمنَّه الله العطب
أو كأبي الإِشاد من / لسوء حظ قد خطب
لكن أرى مستغربا / من أهل مجد وأدب
من عِترة الصِدِّيق من / ساد وفاز وغلب
ومن به عن دينه / فرّج الله الكرب
إني لأجل جدّه / أفطرت من غير سبب
محترما معظِّما / مبجلا هذا النسب
وكنت أرجو أنني / أنال كيسا من ذهب
عاداتهم في زمن / يا للرجال قد ذهب
فمالهم قد منحو / ك منهمُ شر لقب
إذ جئتهم في جبة / تزرى بأنفس الجبب
منَّعما مهفهفا / تليس قفطانا عجب
آل أبى بكر لكم / في الناس أرفع الرتب
قمتم عن السادات مَن / حبا وأعطى ووهب
وكان في ليلته / مقرِّبا من اقترب
يمنح من شاء الكنى / مجاملا لمن طلب
فما لكم من بعده / أتيتم ما لا يجب
لقبتم أبا الضيا / ضيفكم أبا لهب
سما يناغى الشهبا
سما يناغى الشهبا / هل مسها فالتهبا
كالديدبان ألزمو / ه في البحار مرقبا
شيَّع منه مركبا / وقام يلقى مركبا
بشر بالدار وبالأ / هل السُّراة الغيبا
وخط بالنور على / لوح الظلام مرحبا
كالبارق الملِحِّ لم / يولِّ إلا عقّبا
مشى على الماء وجا / ب كالمسيح العبيا
وقام في موضعه / مستشرفا منقِّبا
يرمى إلى الظلام طر / فا حائرا مذبذبا
كنمِر أدار عين / نًا في الدجى وقلبا
كبصر الأعشى أصا / ب في الظلام ونبا
وكالسراج في يد ال / ريح أضاء وخبا
كلمحة من خاطر / ما جاء حتى ذهبا
مجتنِب العالم في / عزلته مجتنَبا
إلا شراعا ضل أو / فلكا يقاسي العطبا
وكان حارس المنا / ر رجلا مهذبا
يهوى الحياة ويح / ب العيش سهلا طيبا
أتت عليه سنوا / ت مبعدا مغرّبا
لم ير فيها زوجه / ولا ابنه المحببا
فحين عيل صبره / على القضاء عتبا
وقال ربى كم أعي / ش عانيا معذبا
ولا أرى أهلي ولا / أرى صِحابي الغيبا
ولا أرى فوقي ولا / تحتيَ إلا غيهبا
والناس فوق الأرض في / ظل القصور والربى
وكان دلفين من ال / حارس ثم اقتربا
أتى من الشط فدب / ب في الصخور وحبا
وكان قد راعى الخطي / ب ووعى ما خطبا
فقال يا حارس خل ال / سخط والتعتّبا
من يسعف الناس إذا / نودي كلٌّ فأبى
وضاق بالإسعاف من / كان لذاك أنتُدبا
ما الناس إخوتي ولا / آدم كان لي أبا
انظر إلىّ كيف أق / ضى لهمُ ما وجبا
قد عشت في خدمتهم / ولا تراني تعبا
كم من غريق قمت عن / د رأسه مطبِّبا
وكان جسما هامدا / حركته فاضطربا
وكنت وطَّأت له / مناكبي فركبا
حتى أتى الشط فبش / ش من به ورحبا
وطاردوني فانقلب / ت خاسرا مخيبا
ما نلت منهم فضة / ولا منحت ذهبا
وما الجزاء لا تسل / كان الجزاء عجبا
ألقوا علىّ شبكا / وقطعوني إربا
واتخذ الصناع من / شحمىَ زيتا طيبا
ولم يزل إسعافهم / لي في الحياة مذهبا
ولم يزل سجيتي / وعملي المحببا
إذا سمعت صرخة / طرت إليها طربا
لا أجد المسعف إ / لاَّ ملَكا مقرّبا
والمسعفون في غد / يؤلفون موكبا
يقول رضوان لهم / هيا ادخلوها مرحبا
مذنبكم قد غفر الل / ه له ما أذنبا
تأمل المكثر من إعجابه
تأمل المكثر من إعجابه / بنفسه ينظر في ثيابه
تلفت الطاووس في إهابه /
يأخذ من هذا وذاك بالربا
يأخذ من هذا وذاك بالربا / يعطى نحاسا ليرد ذهبا
إذن لقد كنت تراني يا أخي
إذن لقد كنت تراني يا أخي / ولم تكن تقواك إلا كذبا
إذن جمال صفقة رابحة
إذن جمال صفقة رابحة / لنا كلينا قد فهمت مأربي
ولست أنسى فضلكم عندي ولا / ما طوَّقَت أمك أمي وأبي
للأم والابن وللبنت
للأم والابن وللبنت / أجل وكل من متَّ لنا بالنسبِ
أصبت يا عزيز أنت فطِن / لا بل هو البؤس يفطّن الغبى