قُم ناشد الإِسلامَ عن مُصابه
قُم ناشد الإِسلامَ عن مُصابه / أُصيب بالنبيّ أم كتابه
أم أنَّ ركب الموت عنه قد سرى / بالرُّوح محمولاً على ركابه
بل قضى نفسُ النبيّ المرتضى / وأُدرج الليلة في أثوابه
مضى على اهتضامه بغُصَّة / غصَّ بها الدهرُ مدى أحقابه
عاش غريباً بينها وقد قضى / بسيف أشقاها على اعترابه
لقد أراقوا ليلة القدر دماً / دماؤُها انصببن بانصبابه
تنزَّلُ الرّوح فوافى روحَه / صاعدةً شوقاً إلى ثوابه
فضجَّ والأملاك فيها ضجَّةً / منها اقشعرَّ الكونُ في إهابه
وانقلب السلامُ للفجر بها / للحشر إعوالاً على مُصابه
الله نفسُ أحمدٍ من قد غدا / من نفس كلِّ مؤمنٍ أولى به
غادرهُ ابنُ ملجمٍ ووجههُ / مُخضَّبٌ بالدم في محرابه
وجهٌ لوجه الله كم عفَّره / في مسجدٍ كان أبا ترابِه
فاغبرَّ وجه الدين لاصفراره / وخُضِّب الإيمان لاختضابه
ويزعمُون حيثُ طلوا دمهُ / في صومهم قد زيد في ثوابه
والصومُ يدعو كلَّ عامٍ صارخاً / قد نضحوا دَمي على ثيابه
إطاعةٌ قتلُهم مَن لم يكن / تُقبلُ طاعاتُ الورى إلاَّ به
قتلتُم الصلاة في محرابها / يا قاتليه وهو في محرابه
وشقَّ رأس العدل سفُ جوركم / مُذ شقَّ منه الرأس في ذبابه
فليبك جبريلُ له ولينتحب / في الملأ الأعلى على مُصابه
نعم بكى والغيثُ من بُكائه / ينحبُ والرعدُ من انتحابه
منتدباً في صرخةٍ وإنَّما / يستصرخ المهديّ في انتدابه
يا أيها المحجوبُ عن شيعته / وكاشف الغُمّى على احتجابه
كم تغمد السيف لقد تقطَّعت / رقابُ أهلِ الحقّ في ارتقابه
فانهض لها فليس إلاَّك لها / قد سئم الصابرُ جرع صابه
واطلُب أباك المرتضى ممَّن غدا / مُنقلباً عنهُ على أَعقابه
فهو كتاب الله ضاع بينهم / فاسأل بأمر الله عن كتابه
وقل ولكن بلسان مُرهفٍ / واجعل دماء القوم في جوابه
يا عُصبة الإلحاد أين من قضى / مُحتسباً وكنتِ في احتسابه
أين أمير المؤمنين أوما / عن قتله اكتفيت في اغتصابه
لله كم جُرعة غيظٍ ساغها / بعد نبيّ الله من أَصحابه
وهي على العالمِ لو توزَّعت / أشرقت العالمَ في شرابه
فابغَ إلى أحمدَ ثقل أحمدٍ / وقُل له يا خير مَن يُدعى به
إنَّ الأُلى على النفاقِ مَرَدوا / قد كشفوا بَعدك عن نِقابِه
وصيَّروا سَرح الهُدى فريسةً / للغيِّ بين الطلسِ من ذِيابه
وغادروا حقَّ أخيك مُضغةً / يلوكها الباطلُ في أنيابِه
وظلَّ راعي إفكهم يحلبُ مِن / ضرع لبون الجور في وطابه
فالأمَّةُ اليومَ غدت في مَجهلٍ / ضلَّت طريقَ الحقِّ في شعابه
عادوا بها بَعدك جاهليَّةً / مذ قتلوا الهادي الذي تُهدى به
لم يتشعَّب في قريش نسبٌ / إلاَّ غَدا في المحضِ مِن لُبابه
حتَّى أتيت فأَتى في حسبٍ / قد دخلَ التنزيلُ في حسابه
فيا لها غَلطةُ دهرٍ بعدها / لا يَحمدُ الدهر على صوابِه
مشى إلى خُلفٍ بها فأصبحت / أَرؤُسهُ تتبع من أَذنابِه
وما كفاهُ أن أرانا ضِلَّة / وِهادهُ تعلو على هِضابه
حتَّى أرانا ذئبَه مُفترساً / بين الشبولِ لَيثه في غابِه
هذا أَميرُ المؤمنين بعدما / ألجأهم للدين في ضِرابه
وقادَ من عُتاتِهم مَصاعباً / ما أسمَحت لولا شبا قِرضابه
قد أَلفَ الهيجاءَ حتَّى ليلها / أغرابه يأنس في عُقابه
يمشي إليها وهوَ في ذِهابِه / أشدُّ شوقاً منه في إيابه
كالشبلِ في وثبتهِ والسيفُ في / هبَّته والصلُّ في انسيابه
أرادهُ مَن لو لحَظته عينهُ / في مأزقٍ لفرَّ من إرهابه
ومرَّ من بين الجموعِ هارباً / يَودُّ أن يَخرجَ من إهابِه
وهوَ لعمري لو يشاءُ لَم ينَل / ما نال أشقى القوم في آرابه
لكن غدا مُسلِّماً مُحتسِباً / والخير كلّ الخير في احتسابه
صلَّى عليه الله من مضطهدٍ / قد أغضبوا الرحمن في اغتصابِه