المجموع : 295
نَحنُ بَنَينا طائِفاً حَصينا
نَحنُ بَنَينا طائِفاً حَصينا / نُقارِعُ الأَبطالَ عَن بَنينا
حَمراءُ مِنها ضَخمَةُ المَكانِ
حَمراءُ مِنها ضَخمَةُ المَكانِ /
ساطِعَةُ اللُبَّةِ وَالجِرانِ /
كَأَنَّها وَالشَولِ كَالشِنانِ /
مِن كُلِّ حَمراءِ القَرا هِجانِ /
تَميسُ في حُلَّةِ أُرجُوانِ /
لَو جاءَ كَلبٌ مَعَهُ كَلبانِ /
أَو لاعِبٌ في كَفِّهِ دُفّانِ /
أَو زافِنانِ وَمُغَنِيانِ /
ما بَرِحَت أَعظُمُها الثَماني /
الدَهرَ أَو تَملَأَ ما تُداني /
مِنَ العِلابِ وَمِنَ الصِحانِ /
فَهُنَّ مِثلُ الأُمَّهاتِ يُلخِين
فَهُنَّ مِثلُ الأُمَّهاتِ يُلخِين /
يُطعِمنَ أَحياناً وَحيناً يَسقين /
إِمّا يَزالُ قائِلٌ إِبِن إِبِن
إِمّا يَزالُ قائِلٌ إِبِن إِبِن /
دَلوَكَ عَن حَدِّ الضُروسِ وَاللَبِنِ /
أَثقَلَ ظَهري بِالمِنَن
أَثقَلَ ظَهري بِالمِنَن / خِدنُ العُلى أَبو الحَسَن
وَصانَني عَن ذِلَّةٍ / لَولاهُ عَنها لَم أُصَن
الطاهِرُ الجَيبِ النَقِي / يُ العِرضِ مِن غَيرِ دَرَن
أَعَزُّ مَيمونٌ عَلى / سِرِّ الصَديقِ مُؤتَمَن
يَجمَعُ بَينَ الخُلُقِ المَ / حمودِ وَالخَلقِ الحَسَن
لِلَّهِ ما قَلَّدَني / هِ مِن أَيّادٍ وَمِنَنِ
راهِنَةٍ شُكري بِها / إِلى المَماتِ مُرتَهَن
يَفديكَ مَن لِقاؤُهُ / يُهدي إِلى القَلبِ الحَزَن
مُعَدَّمٌ وُجودُهُ / غَضاضَةٌ عَلى الزَمَن
جَهمُ الجَبينِ وَجهُهُ ال / كَزُّ وَلا جِلدُ السَفَن
قَد جَمَعَ الخِسَّةَ في / طولِ القُرونِ في قَرَن
يَشناكَ سِرّاً وَلَقَل / لَ أَن يُعاديكَ عَلَن
عَلَوتَ قَدراً وَهوَ في ال / ناسِ وَضيعٌ مُمتَهَن
مِن مَعشَرٍ قَد رَضِعوا / لُؤمَ الطِباعِ في اللبَنِ
أَصِخ لَها مَدائِحاً / قَد حَكَمَت لي بِاللَسَن
تَبقى عَلى المَرءِ وَيَف / نى ما اِقتَنى وَما اِختَزَن
وَهِيَ وِقايَةٌ لِأَع / راضِ الكِرامِ وَجُنَن
فَالحُرُّ لا يَبِغي سِوى ال / حَمدِ عَلى العُرفِ ثَمَن
فَاِبقَ طَويلَ العُمرِ ما / صابَ غَمامٌ وَهَتَن
وَما سَرى بَرقٌ وَما / مالَ بِغِرّيدٍ فَنَن
قُل لِكَريمِ الدينِ يا
قُل لِكَريمِ الدينِ يا / نَجمَ العُلى وَخِدنَها
قَصائِدُ المَدحِ الَّتي / تِهتَ بِها كَأَنَّها
مِن قُبحِها وَالجَهلُ في / عَينَيكَ قَد حَسَّنَها
وازِنَةٌ لا يَستَخِفُّ / السامِعونَ وَزنَها
فَما أَرى أَبرَدَ مِن / فَنِّكَ إِلّا فَنَّها
دَوَّنتَها عُجباً بِها / وَاللَهُ قَد دَوَّنَها
عَينُكَ إِن قَرَّت بِها / فَاللَهُ قَد سَخَّنَها
تَأمُلُ أَن تَفرَحَ في دارِ الحَزَن
تَأمُلُ أَن تَفرَحَ في دارِ الحَزَن / وَتوطِنُ المَنزِلَ في دارِ الظَعَن
هَيهاتَ يَأبى لَكَ جَوّالُ الرَدى / لَبثَ المُقيمينَ وَخَوّانُ الزَمَن
لا تَصحَبَنَّ دَهرَكَ إِلّا خائِفاً / فِراقَ إِلفٍ وَنَبوا عَن وَطَن
وَكُن إِلى نَبأَةِ كُلِّ حادِثٍ / كَالفَرَسِ الأَروَعِ صَرَّارِ الأُذُن
قامَ بِهِ الخَوفُ وَلَم يَرضَ بِأَن / قامَ عَلى أَربَعَةٍ حَتّى صَفَن
خَف شَرَّها آمَنَ ما كُنتَ لَها / إِنَّ الضَنينَ لَمَكانٌ لِلظِنَن
نَحنُ مَعَ الأَيّامِ في وَقائِعٍ / مِنَ المَقاديرِ وَغاراتٍ تُشَن
إِنَّ رِماحَ الدَهرِ يَلقَينَ الفَتى / بِغَيرِ عِرفانِ الدُروعِ وَالجُنَن
داخِلَةً بَينَ القَرينَينِ وَإِن / لَزّا عَلى الدَهرِ بِإِمرارِ القَرن
ما اِستَأخَرَت شِدّاتُها عَنِ مَعشَرٍ / بَعدَ قَطينِ اللَهِ أَو آلِ قَطَن
وَلا نَبَت أَطرافُها عَن حَجَرٍ / مِن مُضَرٍ ذاتِ القُوى وَلا اليَمَن
رَمَت بَني ساسانَ عَن مَربَعِهِم / رَمِيَ المَغالي آمِنَ الطَيرِ الثُكَن
وَاِستَلَبَت تاجَ بَني مُحَرِّقٍ / بَعدَ قِيادِ الصَعبِ مِن آلِ يَزَن
وَصَدَّعَت غُمدانَ عَن مَرضومَةٍ / جَوبَكَ بِالمِقراضِ أَثوابَ الرَدَن
وَآلُ مَروانَ غَطاهُم مَوجُها / لِمّا نَزَت بِآلِ مَروانَ البَطِن
ثُمَّ بَنوا القَرمِ العَتيكِيِّ وَقَد / رَدّوا يَزيدَ العارِ مَخلوعَ الرَسَن
لا قى خُبَيبٌ وَيَزيدٌ روقَها / مِن غَيبَةٍ ماطِرُها القَنا اللَدَن
أَبَوا إِباءَ البُزلِ فَاِقتادَتهُمُ / مِنَ المَقاديرِ مُطاعاتُ الشَطَن
أَلا ذَكَرتَ إِن طَلَبتَ أُسوَةً / ما يَضمَنُ الأُسوَةَ لِلقَلبِ الضَمِن
يَومَ بَني الصِمَّةِ في عَرضِ اللَوى / وَيَومَ بِساطامِ بنِ قَيسٍ بِالحَسَن
وَيَومَ خَوٍّ أَسلَمَت عُتَيبَة / خَصاصَةَ الرَرعِ الَّذي كانَ أَمِن
أَوجَرَهُ رُمحُ ذُؤابٍ طَعنَةً / تَلغَطُ لَغطَ الأَعجَميَّ لَم يُبِن
وَبِالكَديدِ مُلتَقى رَبيعَةٍ / تَحمي بُعيدَ المَوتِ آبارَ الظُعُن
كَأَنَّني لَم تَبكِ قَبلي فارِساً / عَينٌ وَلا حَنَّ فَتىً قَبلي وَأَن
هَل كانَ كُلُّ الناسِ إِلّا هَكَذا / ذو شَجَنٍ باكٍ لِباكٍ ذي شَجَن
سَائِل بِقومي لِم نَبا الدَهرُ بِهِم / عَن غَيرِ ضِغَنٍ وَرَماهُم عَن شَزَن
لِم راشَهُم رَيشَ السَهامِ لِلعِدا / ثُمَّ بَراهُم بِالرَدى بَريَ السَفَن
وَكَيفَ أَمسَوا حَفَناتٍ مِن ثَرىً / مِن بَعدِ ما كانوا رِعاناً وَقُنَن
سَومَ السَفصِ طاحَت بِهِ في مَرِّها / زَفازِفُ الريحِ وَبَوغاءُ الدِمَن
هُم أُجلِسوا عَلى الصِفاحِ وَالذُرى / إِذ رَضِيَ القَومُ بِما تَحتَ الثَفَن
لَهُم عَلى الناسِ وَما زالَ لَهُم / مَشارِفُ الرَأسِ عَلى جَمعِ البَدَن
عَماعِمٌ لَمّا تَزَل أَسيافُهُم / عَماعِمَ الصيدِ وَأَقيادَ البُدُن
بِالقَدَمِ الأولى إِلى شَأوِ العُلى / وَالأَذرُعِ الطولى إِلى عَقدِ المِنَن
كَيفَ أَماني لِلمُرامي بَعدَهُم / مِن نُوَبِ الدَهرِ وَقَد زالَ المِجن
الداخِلينَ البَيتَ باباهُ القَنا / عَلى الخَناذيذِ الطَوالِ وَالحُصُن
وَالفالِقينَ الصُبحَ عَن مَغيرَةٍ / لَها مِنَ النَقعِ ظَلامٌ مُرجَحِن
وَالضارِبينَ الهامَ في مُشعَلَةٍ / لَها بِلا نارٍ ضِرامٌ وَدَخَن
كَم فاضَ في أَبياتِهِم مُنتَجِعٌ / يَقرِنُ بِالنُعمى وَقِرنٍ في قَرَن
إِذا تَنادوا لِلِّقاءِ فَيلَقٌ / تَداوَلوا الأَعناقَ مِن أَسرٍ وَمَن
ما دَرِنَت أَعراضُهُم مِنَ الخَنا / وَلا اِنجَلَت أَسيافُهُم مِنَ الدَرَن
كُلُّ عَظيمٍ مِنهُمُ مُحَجَّبٌ / تَأذَنُ أَبوابُ الغِنى إِذا أَذِن
ذو نَسَبٍ تَستَخجِلُ الشَمسُ بِهِ / أَصفى عَلى السائِغِ مِن ماءِ المُزُن
لَهُ القُدورُ الضامِناتُ لِلقِرى / مَبارِكُ البُزلِ الجِرارِ بِالعَطَن
مِن كُلِّ دَهماءَ لَها هَماهِمٌ / تُلَقَّمُ البازِلَ جُمعاً كَالفَدَن
إِنَّ العِشارَ لاتَقي مِن سَيفِهِ / دِماءَها عامَ الجُدوبِ بِاللَبَن
أَما تَرى هَذا الصَفيحَ المُجتَلى / يُدرِجُنا دَرجَ الرُمَيلِ المُمتَهَن
كَأَنَّما الناسُ بِهِ مِن ذاهِبٍ / وَواهِبٍ يَجري عَلى ذاكَ السَنَن
مَزبورَةٌ تُطوى عَلى أَشطارِها / يُبطَنُ باديها وَيَبدو ما بَطَن
ما أَعجَبَ الناسَ الَّذي نَسكُنُهُ / يَجمَعُ ما بَينَ الوِهادِ وَالقُنَن
بَينَ عِظامي مَلِكٍ وَسوقَةٍ / لَم يُدرَ ما العِزُّ وَنامٍ وَيَفَن
لَو عَلِمَ الناظِرُ يَوماً ما هُما / أَفظَعَهُ الخَطبُ وَقالَ مَن وَمَن
أَقسَمتُ لا أَنساهُم ما طَلَعَت / حَمراءُ مِن خِدرِ ظَلامٍ وَدَجَن
إِمّا بُكاءً بِالدُموعِ ما جَرَت / أَو بِالفُؤادِ إِن أَبى الدَمعُ وَضَن
أَنكَرتُ أَفراحَ الزَمانِ بَعدَهُم / مِن طولِ بَلوايَ بِرَوعاتِ الحَزَن
زِدنَ الرَزايا فَنَقَصنَ دَفعَةً / وَوُطِّنَ القَلبُ عَليها فَاِطمَأَنّ
قُل لِلزَمانِ اِرحَل بِهِم مِن بازِلٍ / وَاِحمِل عَلى غارِبِهِ فَقَد مَرِن
أَقولُ وَالأَقداءُ تَرتَمينا
أَقولُ وَالأَقداءُ تَرتَمينا / وَالدَهرُ لا يَحفِلُ مالَقينا
ما بالُ قَلبي يَطلُبُ الحَنينا / وَجدُ القَرينِ اِفتَقَدَ القَرينا
وَما لِدَمعي يُقرِبُ الشُؤونا / قَد كادَ أَن يَطلَعَ الجُفونا
مِن خَبَرٍ لا جاءَنا يَقينا / بِأَنَّ عَينَ الكَرَمِ اليَمينا
تَقَذّى وَقَد أَقَرَّتِ العُيونا / قُلوبُنا أَسمَعتَنا الأَنينا
وَقُمنَ يا آمالَنا فَاِبكينا / هَيهاتَ يَلقى مِن زَمانٍ لينا
لا نَهَضَت عَن مِثلِهِ السِنونا / أَعيا العَقيمَ أَن تَرى البَنينا
يا مَن لَنا اليَومَ نُلاقي الهونا / يَؤُمُّنا بَعدَكَ أَو يَأبونا
أَم مَن عَلى أَيّامِنا يُعدينا / وَيَعكِسُ السَهمَ إِلى رامينا
أَم مَن يُعيدُ النَعَمَ العِزينا / جَوافِلاً تَشجُرُ بِالقُنينا
شَجَرَ المَداري القَطَطَ الدَهينا / اللَهَ يا رَيبَ الزَمانِ فينا
أَبقِ عَلى الدُنيا وَحابِ الدينا / ما لَكَ لا تُنظِرُنا الدُيونا
تَأخُذُ مِنّا كُلَّ ما تُعطينا / لا غِضتَ ذاكَ الثَغَبَ المَعينا
يا لَيتَهُ يوقى وَلا وُقينا / بَينَ يَدَيهِ نَرِدُ المَنونا
لا كانَ ما نَحذَرُ أَن يَكونا /
أَعادَ لي عيدَ الضَنى
أَعادَ لي عيدَ الضَنى / جيرانُنا عَلى مِنى
مَواقِفٌ تُبَدِّلُ ذا الشَي / بِ شِطاطاً بِحِنى
يَقولُ مَن عايَنَ ها / تيكَ الطُلى وَالأَعيُنا
هَذا غَزالٌ قَد عَطا / وَذاكَ ظَبيٌ قَد رَنا
وا لَهفَتا مِن واجِدٍ / عَلى الشَبابِ وَالغِنى
مِن أَجلِها يَرضى الغَري / بُ بِالبَوادي وَطَنا
أَنسى قَنا مُرّانِها / مَوارِنٌ ذاتُ قَنا
يُلقى بِها فَوارِسٌ / لا يَحفِلونَ الجُبَنا
مُجتَمِراتٌ رُحنَ عَن / رَميِ الجِمارِ مَوهِنا
تَرَوُّحَ السِربِ عَنِ ال / وِردِ إِذا اللَيلُ دَنا
كَم كَبِدٍ مَعقورَةٍ / لِلعاقِرينَ البُدُنا
بِأَعيُنٍ تَرَكتُها / عَلى القُلوبِ أَعيُنا
وَإِنَّما جَعَلنَها / لِرَدِّ قَولٍ أَلسُنا
يورِقُ مِنهُنَّ الحَصى / حَتّى يَكادُ يُجتَنى
لِيَهُن مَن لَم يَفتَتِن / إِنّا لَقينا الفِتَنا
يُخفي تَباريحَ الهَوى / وَقَد عَنانا ما عَنا
كَميا النُزوعُ عِندَكُم / كَذا النِزاعُ عِندَنا
يا صاحِبَي رَحلي قِفا / فَسائِلا لي الدِمَنا
بِالغَمرِ قَد غَيَّرَها / صَوبُ الغَمامِ مُدجِنا
وَأَمطِرا دَمعَيكُما / ذاكَ الكَثيبَ الأَيمَنا
الدارُ عِندي سَكَنٌ / إِذا عَدِمتُ السَكَنا
قالا وَمِن أَينَ رَما / كَ الشَوقُ قُلتُ مِن هُنا
وَصاحِبٍ نَبَّهتُهُ / بَعدَ اللَغوبِ وَالوَنى
رَمى الكَرى في سَمعِهِ / فَبَعدَ لَأيٍ أَذِنا
وَقامَ كَالمُصعَبِ ذي ال / رَوقِ يَجُرُّ الرَسَنا
فَقُلتُ مَن مُعاقِدي / عَلى الرَدى قالَ أَنا
اِتَّقِ ما بي تَتَقّي / وَلَو أَنابيبَ القَنا
كُلُّ الظُبى حَدائِدٌ / وَقَلَّ مِنها المُقتَنى
وَإِنَّما الصَونُ عَلى / قَدرِ المَضاءِ وَالغِنا
وَبارِقٍ أَشيمُهُ / كَالطَرفِ أَغضى وَرَنا
أَو رُمحِ مَحبوكِ القَرا / باتِ شَموعاً أَرِنا
أَيقَظتُ عَنُه صاحِباً / يَنجابُ عُلوِيَّ السَنا
فَقُلتُ إِيهِ نَظَراً / أَما قَضَيتَ الوَسَنا
أَينَ تَقولُ صَوبُهُ / فَقالَ لي دونَ قَنى
ذَكَّرَني الأَحبابَ وَال / ذِكرى تَهيجُ الحَزَنا
أَضامِنٌ أَن لا يَني / يَشوقُ قَلباً ضَمِنا
مِن بَطنِ مُرٍّ وَالسُرى / تَؤُمُّ عُسفانَ بِنا
وَبِالعِراقِ وَطَري / يا بُعدَ ما لاحَ لَنا
أَشتاقُهُم وَمُربِخٌ / إِلى زَرودٍ بَينَنا
يا وَيحَ لي مِن شَجَني / أَما مَلَلتُ الشَجَنا
رَحَّلَني عَن وَطَني / إِنّي ذَمَمتُ الوَطَنا
ما رابَني مِن أَبعَدي / ما رابَني مِنَ الدُنى
وَلَو وَجَدتُ مَرقَعاً / لَبِستُ ثَوبي زَمَنا
أَنّى وَمَن يَغلِبُ بِال / رَقعِ أَديماً لَخِنا
أَقسَمتُ بِالمَحجوجِ مَر / فوعِ العِمادِ وَالبُنى
مِثلِ سَنامِ العَودِ قَد / عالوا عَليهِ الظُعُنا
مَوضوعَةً صِفاحُهُ / وَضعَ المَطِيِّ الثَفِنا
وَالأَسوَدُ المَلموسُ قَد / جابوا عَليهِ الرُكُنا
يَلقى عَليهِ مُضَرٌ / بَعدَ الصَفاءِ اليَمَنا
تَحَكُّكَ الجُربِ عَلى ال / أَجذالِ مِن مَضِّ الهَنا
لَأَقبِلَنَّ مَعشَراً / تِلكَ الطَوالَ اللُدُنا
تَلَمُّظَ الأَصلالِ لَج / لَجنَ إِلَينا الأَلسُنا
يَطلُبنَ وِردي ظَمَإٍ / إِمّا الرَدى أَو المُنى
يُصبِحُ في أَطرافِها / لِلقَومِ فَقرٌ وَغِنى
لَقَد أَنى أَن أَحمِلَ ال / ضَيمَ بِها لَقَد أَنى
صَبراً غَريمَ الثَأرِ مِن عَدنانِ
صَبراً غَريمَ الثَأرِ مِن عَدنانِ / حَتّى تَقَرَّ البيضُ في الأَجفانِ
أَوَما اِتَّقَيتَ وَقَد كُفيتَ فَوارِساً / يَتَجاذَبونَ عَوالِيَ المُرانِ
مِن كُلِّ مَيّالِ العِمامَةِ كَفَّهُ / تَلوي الرِداءَ عَلى أَغَرَّ هِجانِ
في كُلِّ يَومٍ أَو بِكُلِّ مَقامَةٍ / يَتَذاكَرونَ مَقاتِلَ الفُرسانِ
إِذ لا يُضيفونَ المَعائِبَ بَينَهُم / وَبُيوتُهُم وَقفٌ عَلى الضيفانِ
الضامِنينَ لِطَيرِهِم مُهَجَ العِدا / عَن كُلِّ ضَربٍ صادِقٍ وَطِعانِ
الراكِبينَ الخَيلَ تَعرِفُها بِهِم / تَحتَ العَجاجِ إِذا التَقى الخَيلانِ
قَومٌ إِذا هَطَلَت سَحابُ أَكُفِّهِم / هَطَلَ الحَيا فَتَعانَقَ القَطرانِ
وَإِذا حَوَوا سَبقَ القَبائِلِ خَلَّقوا / غُرَرَ السَوابِقِ بِالنَجيعِ القاني
وَإِذا رَأَيتَهُمُ عَلى سَرَواتِها / أَبصَرتَ عِقباناً عَلى عِقبانِ
آسادُ حَربٍ لا يُنَهنِهُها الرَدى / تَحتَ الظُبى وَأَسِنَّةِ المُرّانِ
يَطَأُونَ خَدَّ التُربِ وَهوَ مُضَرَّجٌ / مِن طَعنِهِم بِدَمِ القُلوبِ الآني
يا آلَ عَدنانَ الَّذينَ تَبَوَّأوا / في المَجدِ كُلَّ مُمَنَّعِ الأَركانِ
أَيديكُمُ أَريُ العِبادِ وَشَريُها / وَمَفاتِحُ الأَرزاقِ وَالحِرمانِ
وَإِلَيكَ عَطَّ بِيَ الظَلامَ عُذافِرٌ / مُتَجَلبِبٌ بِالنَصِّ وَالذَمَلانِ
وَإِذا تَرَشَّفَهُ السُرى في جَريِهِ / لَفَظَت يَدَيهِ مَكامِنُ الغيطانِ
وَكَأَنَّ نوراً مِنكَ عاقَ لِحاظَهُ / فَأَتاكَ لا يَرنو إِلى الغُدرانِ
كَفّاكَ في اللَأواءِ يُنقَعُ فيهِما / ظَمَأُ المَطامِعِ أَو صَدا الخِرصانِ
في ضُمَّرٍ يَخرُجنَ مِن حُلَلِ الدُجى / كَالغُضفِ خارِجَةً مِنَ الأَرسانِ
قَدِمَ السُرورُ بِقُدمَةٍ لَكَ بَشَّرَت / غُرَرَ العُلى وَعَوالِيَ التيجانِ
فَلَقَت ظُبى الأَسيافِ مِنكَ بَعَرجَةٍ / فَيَكادُ يُنهِضُها مِنَ الأَجفانِ
وَأَتى الزَمانُ مُهَنِّئاً يَحدو بِهِ / غُلُّ المَشوقِ وَغُلَّةُ اللَهفانِ
قَد كانَ هَذا الدَهرُ يَلحَظُ جانِبي / عَن طَرفِ لَيثٍ ساغِبٍ ظَمآنِ
فَالآنَ حينَ قَدِمتَ عُدنَ صُروفُهُ / يَرمُقنَني بِنَواظِرِ الغِزلانِ
يا مُنتَهى الآمالِ بَل يا مُحتَوي ال / آجَلِ بَل يا أَشجَعَ الشُجعانِ
يا أَفضَلَ الفُضَلاءِ بَل يا أَعلَمَ ال / عُلَماءِ بَل يا أَطعَنَ الأَقرانِ
يا قائِدَ الجُردِ العِتاقِ بَهَيبَةٍ / تُغنيهِ عَن لُجُمٍ وَعَن أَرسانِ
يا ضارِبَ الهاماتِ وَهيَ نَوافِرٌ / تَشكو تَفَرُّقَها إِلى الأَبدانِ
يا طاعِناً بِالرُمحِ بَرعَفُ زُجُّهُ / عَلَقاً بِمَجَّةِ عامِلٍ وَسِنانِ
هَذي القَوافي واثِقاتٌ أَنَّها / مِن رَحبِ جودِكَ في أَعَزَّ مَكانِ
تاهَت إِلَيكَ عَلى القَريضِ فَرُدَّها / بِنَداكَ تائِهَةً عَلى الأَزمانِ
سَتَعلَمونَ ما يَكونُ مِنّي
سَتَعلَمونَ ما يَكونُ مِنّي / إِن مَدَّ مِن ضَبعَيَّ طولُ سِنّي
أَأَدَعُ الدُنيا وَلَم تَدَعني / يَلعَبُ بي عَناؤُها المُعَنّي
ناطِحَةً بِالجُمِّ هامَ القِرنِ / نِطاحَ رَوقِ الجازِىءِ الأَغَنِّ
وَسِعتُ أَيّامي وَلَم تَسعَني / أَفضَلُ عَنها وَتَضيقُ عَنّي
لَم أَنا مِثلُ الفاطِنِ المُبِنِّ / أَسحَبُ بُردَي ضَرَعٍ وَأَفنِ
وَلي مَضاءٌ قَطُّ لَم يَخُنّي / ضَميرُ قَلبي وَضَميرُ جَفني
أَحصَلُ مِن عَزمي عَلى التَمَنّي / وَلَيتَني أَفعَلُ أَو لَوَ اِنّي
راضِ بِما يُضوي الفَتى وَيُضني / غَنيتُ بِالمَجدِ وَلَم أَستَغنِ
إِنَّ الغِنى مَجلَبَةٌ لِلضَنِّ / وَلِلقُعودِ وَالرِضا بِالوَهنِ
الفَقرُ يُنئِي وَالثَراءُ يُدني / وَالحِرصُ يُشقي وَالقُنوعُ يُغني
إِن كُنتُ غَيرَ قارِحٍ فَإِنّي / أَبُذُّ جَريَ القارِحِ المُسِنِّ
جُنِنتُ بَأساً وَالشَجاعُ جِنّي / أَثارَ طَعنَ الدَهرِ في مِجَنّي
يَشهَدُ لي أَنَّ الزَمانَ قِرني / سَوفَ تَرى غُبارَها كَالدَجنِ
قَساطِلاً مِثلَ غَوادي المُزنِ / تَجري بِضَربٍ صادِقٍ وَطَعنِ
جَريَ عَزالي المَطَرِ المُستَنِّ / إِن غِبتُ يَوماً عَنكَ فَاِطَّلِبني
بَينَ المَواضي وَالقَنا تَجِدني / أَمامَ جَيشٍ كَجُنوبِ الرَعنِ
جونُ الذُرى أَقوَدُ مُرجَحَنِّ / أَنفُضُ عَنهُ نَقعَهُ بِرَدني
لِتَعرِفَنّي وَلِتَعرِفَنّي / أَيّامَ أَقني بِالقَنا وَأُغني
أَقَرُّ عَينِ الفاقِدِ المُرِنِّ / عَسايَ أَنفي الضَيمَ أَو لَعَنّي
كَم صَبرُ خافي الشَخصِ مُستَجِنِّ / مُنطَمِرٍ مِنَ الأَذى في سِجنِ
مُرتَهَنٍ بِهِمَّةٍ تُعَنّي / يالَيتَها بِنَهضَةٍ فَدَتني
مِن قَبلِ أَن يَغلَقَ يَوماً رَهني / مَتى تَراني وَالجَوادُ خِدني
وَالنَصلُ عَيني وَالسِنانُ أُذني / وَأُمِّيَ الدِرعُ وَلَم تَلِدني
أَجُرُّ فَضلَ ذَيلِها الرِفَنِّ / ما اِحتَبَسَ الرِزقُ فَساءَ ظَنّي
وَلا قَرَعتُ مِن قُنوطٍ سِنّي / ياأَيُّها المَغرورُ لا تَهِجَّني
وَعُذ بِإِغضائِيَ وَاِستَعِذني / وَاِحذَر عِداءَ قاطِعٍ في ضِمني
يَنطَقُ عَنّي بِلِسانِ ضِغني / نَبَّهتُ يَقظانَ قَليلَ الأَمنِ
مُخَرَّقَ الثَوبِ بِطَعنِ اللُدنِ / يا دَهرُ سَيفي مَعقِلي وَحِصني
وَالخَوفُ يُغري طَلَبي فَخَفني / يا لَيتَ مَقدورَكَ لَم يُؤمِنّي
جَنَيتُ مِن قَبلُ وَسَوفَ أَجني / أَثني يَدي وَالعَزمُ أَن أُثَنّي
كَم قَد أَفَضنا مِن دُموعٍ وَدَماً
كَم قَد أَفَضنا مِن دُموعٍ وَدَماً / عَلى رُسومِ لِلدِيارِ وَدِمَن
وَكَم قَضَينا لِلبُكاءِ مَنسِكاً / لَمّا تَذَكَّرنا بِهِنَّ مَن سَكَن
مَعاهِداً تُحدِثُ لِلصَبرِ فَناً / إِن ناحَتِ الوُرقُ بِها عَلى فَنَن
تَذكارُها أَحدَثَ في الحَلقِ شَجاً / وَفي الحَشا قَرحاً وَفي القَلبِ شَجَن
لِلَّهِ أَيّامٌ لَنا عَلى مِنىً / فَكَم لَها عِندي أَيادٍ وَمِنَن
كَم كانَ فيها مِن فَتاةٍ وَفَتىً / كُلُّ لِقَلبِ المُستَهامِ قَد فَتَن
شَرِبتُ فيها لَذَّةَ العَيشِ حَساً / وَما رَأَيتُ بَعدَها مَرأً حَسَن
فَما اِرتَكَبنا بِالوِصالِ مَأثِماً / بَل بِعتُهُم رَوحي بِغَيرِ ما ثَمَن
وَعاذِلٍ أَضمَرَ مَكراً وَدَهاً / فَنَمَّقَ الغِشَّ بِنُصحٍ وَدَهَن
لاحٍ غَدا يَعرِفُ لِلقَلبِ لَحاً / إِن أَعرَبَ القَولَ بِعَذلي أَو لَحَن
يَزيدُني بِالزَجرِ وَجداً وَأَسىً / إِن كانَ ماءُ الوُدِّ مِنهُ قَد أَسَن
سَئِمتُ مِنهُ اللَومَ إِذ طالَ مَدىً / فَلَم أُجِبهُ بَل بَدَوتُ إِذ مَدَن
بِحَسرَةٍ تَشتَدُّ في السِرِّ قِراً / إِذ لَم تُذَلَّل بِزِمامٍ وَقَرَن
لا تَتَشَكّى نَصَباً وَلا وَجىً / إِذا دَجا اللَيلُ عَلى الرَكبِ وَجَن
كَم سَبَقَت إِلى المِياهِ مِن قَطاً / فَأَورَدَت بِاللَيلِ وَهوَ في قَطَن
حَثَّت فَأَعطَت في السَرى خَيرَ عَطاً / إِن حَنَّ يَوماً غَيرُها إِلى عَطَن
وَأَصبَحَت مِن بَعدِ أَينٍ وَعَياً / لِلمَلكِ الناصِرِ ضَيفاً وَعَيَن
مَلكٌ غَدا لِسائِرِ الناسِ أَباً / إِن سارَ في كَسبِ الثَناءِ أَو أَبَن
الناصِرُ المَلكُ الَّذي فاضَ جَداً / فَخِلتُهُ ذا يَزَنٍ أَو ذا جَدَن
مَلكٌ عَلا جَدّاً وَقَدراً وَسَناً / فَجاءَ في طُرقِ العُلى عَلى سَنَن
لا جورَ في بِلادِهِ وَلا عِداً / إِن عُدَّ في العَدلِ زَبيدٌ وَعَدَن
كَم بِدَرٍ أَعطى الوُفودَ وَلُهىً / وَكانَ يُرضيهِم كَفافاً وَلُهَن
جَنَيتُ مِن إِنعامِهِ خَيرَ جَنىً / وَكُنتُ مِن قَبلُ كَمَيتٍ في جَنَن
فَما شَكَيتُ في حِماهُ لَغباً / وَلَو أَطاقَ الدَهرُ غَبني لَغَبَن
دَعَوتُهُ بِالمَدحِ عَن صِدقٍ وَلاً / فَلَم يُجِب يَوماً بِلَم وَلا وَلَن
أَنظِمُ في كُلِّ صَباحٍ وَمَساً / كَأَنَّهُ لِصارِمِ الدَهرِ مِسَن
يامَلِكاً فاقَ المُلوكَ وَرَعاً / إِن شانَ أَهلَ المُلكِ طَيشٌ وَرَعَن
أَكسَبتَني بِالقُربِ مَجداً وَعُلاً / فَصُغتُ فيكَ المَدحَ سِرّاً وَعَلَن
إِن أولِكَ المَدحَ الجَميلَ فَحَراً / وَإِن كَبا فِكرُ سِوايَ أَو حَرَن
لا زِلتَ في مُلكِكَ خِلواً مِن عَناً / وَليسَ لِلهَمَّ لَدَيكَ مِن عَنَن
وَنِلتَ فيهِ ما تَرومُ مِن مِنىً / وَعِشتَ في عِزٍّ وَبَأسٍ وَمِنَن
وَيَومِ دَجنٍ مُعلَمِ البُردَينِ
وَيَومِ دَجنٍ مُعلَمِ البُردَينِ / سَماؤُهُ بِالغَيمِ في لَونَينِ
كَأَنَّها وَقَد بَدَت لِلعَينِ / فَيروزَجٌ يَلمَعُ في لَونَينِ
قَضَيتُ فيهِ بِالسُرورِ دَيني / وَسِرتُ أَفلي مَفرِقَ الشَعبَينِ
بِأَدهَمٍ مُحَجَّلِ الرِجلَينِ / سَبطِ الأَديمِ مُفلَقِ اليَدَينِ
خَصبَ العَطاةِ ماحِلِ الرُسغَينِ / وَسَربِ وَحشٍ مُذ بَدا لِعَيني
عارَضتُهُ في مُنتَهى السَفحَينِ / بِأَرقَطٍ مُخَطَّطِ الأُذنَينِ
ناقي الجَبينِ أَهرَتِ الشِدقَينِ / أَفطَسَ سَبطِ الشَعرِ صافِ العَينِ
يَنظُرُ في اللَيلِ بِجَمرَتَينِ / ذي كَحَلٍ سالَ مِنَ العَينَينِ
فَخَطَّ لامَينِ عَلى الخَدَّينِ / مُحَدَّدِ النابَينِ وَالظَفرَينِ
كَأَنَّما يَكشِرُ عَن نَصلَينِ / لَيسَ لَهُ عَهدٌ بِضَربِ قَينِ
رَقيقِ لَحمِ الزَندِ وَالساقَينِ / ذي ذَنَبٍ أَملَسَ غَيرِ شَينِ
فَخاتَلَ السَربَ بِخُطوَتَينِ / وَأَردَفَ الخَطوَ بِوَثبَتَينِ
فَكانَ فيها كَغُرابِ البَينِ / فَرَّقَها قَبلَ بُلوغِ الحَينِ
وَنالَ مِنها عَفَرَ المَتنَينِ / أَجيَدَ مَصقولِ الإِهابِ زَينِ
جَدَّلَهُ في مُلتَقى الصَفينِ / وَلَم يَحُل ما بَينَهُ وَبَيني
نِلتُ بِمُهري وَبِهِ كَفلَينِ / إِنَّهما لِلصَيدِ عُدَّتَينِ
لا يَحسُنُ اللَهوَ بِغَيرِ ذينِ /
لَئِن وَهى عِقدُ السَحابِ الثَمين
لَئِن وَهى عِقدُ السَحابِ الثَمين / فَلا عَدا رَبعَكِ يا مارِدين
مَدينَةٌ لَم تَرَ في جَوِّها / جَوراً وَلا في أَهلِها مارِدين
كَم شاهَدَت عَينايَ مِن أَهلِها / إِظهارَ مَعروفٍ وَإِضمارَ دين
أَفاضِلٌ في غَيِّهِم ما رَدوا / وَنِسوَةٌ في مِثلِهِ ما رَدين
لَولا الهَوى ما ذابَ مِن حَنينِهِ
لَولا الهَوى ما ذابَ مِن حَنينِهِ / صَبٌّ أَصابَتهُ عُيونُ عَينِهِ
مُتَيَّمٌ لا تَهتَدي عُوّادُهُ / إِلّا بِما تَسمَعُ مِن أَنينِهِ
أَصبَحَ يَخشى الظُبيَ في كِناسِهِ / وَلا يَخافُ اللَيثَ في عَرينِهِ
يَعتَذِرُ الرُشدُ إِلى ضَلالِهِ / وَيَقرَأُ العَقلُ عَلى جُنونِهِ
يا جيرَةَ الحَيِّ أَجيروا عاشِقاً / ما حالَ عَن شَرعِ الهَوى وَدينِهِ
باطِنُهُ أَحسَنُ مِن ظاهِرِهِ / وَشَكُّهُ أَوضَحُ مِن يَقينِهِ
لا تَحسَبوا ما ساحَ فَوقَ خَدِّهِ / مَدامِعاً تَسفَحُ مِن جُفونِهِ
وَإِنَّما ذابَ جَليدُ قَلبِهِ / فَطَرفُهُ يَرشَحُ مِن مَعينِهِ
لا بَلَغَ الحاسِدُ ما تَمَنّى
لا بَلَغَ الحاسِدُ ما تَمَنّى / فَقَد قَضى وَجداً وَماتَ مَنّا
وَلا أَراهُ اللَهُ ما يَرومُهُ / فينا وَلا بُلِّغَ سوءٌ عَنّا
أَرادَ يَرمي بَينَنا لِبَينِنا / فَجاءَ في القَولِ بِما أَرَدنا
أَبلَغَكُم أَنّي جَحَدتُ حُبِّكُم / أَصابَ في اللَفظِ وَأَخطا المَعنى
ظَنَّ حَبيبي راضِياً بِسَعيِهِ / فَشَنَّ غاراتِ الأَذى وَسَنّا
فَمُذ رَأى حِبّي إِلَيَّ مُحسِناً / أَساءَني فِعلاً وَساءَ ظَنّا
يا مَن غَدا لِلنَيِّرَينِ ثالِثاً / وَثانِيَ الغُصنِ إِذا تَثَنّى
وَمَن سَأَلنا مِنهُ مَنّاً بِالمُنى / فَمَنَّ بِالوَصلِ لَنا وَمَنّا
أَشمَتَني بِالصَدِّ بَعدَ شِدَّةٍ / وَمَن تَغَنّى في الهَوى تَهَنّا
فَعُد بِوَصلٍ وَاِغتَنِم طيبَ الثَنا / فَإِنَّ ذا يَبقى وَذاكَ يَفنى
إِن غِبتَ عَن عِياني
إِن غِبتَ عَن عِياني / يا غايَةَ الأَماني
فَالفِكرُ في ضَميري / وَالذِكرُ في لِساني
ما حالَ عَنكَ عَهدي / وَلا اِنثَنى عِناني
وَجَدي عَلَيكَ باقٍ / وَالصَبرُ عَنكَ فاني
ذلوا لنا من بعد فرط عزة
ذلوا لنا من بعد فرط عزة / وطاوعوا العشاق صاغرينا
وأصبحوا من غير حج موجب / محلقين ومقصرينا
وَلَيلَةٍ خَبَطتُ مِن ظُلَمائِها
وَلَيلَةٍ خَبَطتُ مِن ظُلَمائِها / بِنازِحِ الخَطوِ إِذا الخَطوُ دَنا
قَدِ اِنبَرى يَغتَرِفُ السَيرَ بِنا / في طُرُقٍ يَخبِطُ فيهِنَّ الهُدى
يَنهى الوَجى أَمثالَهُ عَنِ السَرى / وَساعَدَتهُ ميعَةٌ تَنهى الوَجى
وَرَوضَةٌ كَأَنَّها مِن حُسنِها
وَرَوضَةٌ كَأَنَّها مِن حُسنِها / تَبرُزُ في أَثوابِ سَعدٍ وَمُنى
قَد نَثَرَ اللَيلُ عَلى أَنوارِها / لَآلِئَ الطَلِّ وَأَفرادَ النَدى
بَكَت عَلَيها مُزنَةٌ فَاِبتَسَمَت / عَن لُؤلُؤٍ بَينَ فُرادى وَثَنى
وَحَولُها بَنَفسَجٌ كَأَنَّهُ / أَواخِرُ النيرانِ في جَزَلِ الغَضا