حَيَّ عنّي مُنحني الوادي وأثلَه
حَيَّ عنّي مُنحني الوادي وأثلَه / ورُبَى سَلْعٍ على النأي ورَمْلَهْ
فبه ملعبُ أنسٍ صرتُ مذْ / بانَ أهلوه مِنَ التبريح مُثْلَه
لا عدا بانَ اللَّوى مِن أدمعي / صيَّبٌ يسقيهِ مِن جفني ونَخْلَه
فلكمْ لي في ظلالِ البانِ مِن / موقفٍ بكَّيتُهُ وجداً وأهلَه
ولكمْ لي نحوَ سكانِ الحِمى / مِن حنينٍ كلَّما استغشيتُ ظِلَّه
حنَّةٌ أُعقِبُها مِن أَلَمٍ / أنَّةً لو أنّها تنقعُ غُلَّه
كيف أرجو راحةً مِن بعدِما / سدَّدَ التفريقُ نحوَ القلبِ نَصلَه
أو أُرى بعدَهمُ مبتسماَ / جَذِلاً والبينُ قد ازمعَ رحلَه
فوَّقَ البينُ اليهمْ سهمَهُ / ليتَه كفَّ عنِ الأحبابِ نَبْلَه
فكأنَّي بأُهيلِ المُنحنى / للنوى والبينِ قد شَدُّوا الأكِلَّهْ
لم يُبَقَّ الهجرُ لي مِن أدمُعي / لِودَاعِ القومِ والتفريقُ فَضْلَه
أيُّ صبرٍ يومَ تنأَى بهمُ / عيسُهمْ ينأَى عنِ الصبَّ المولَّه
أينُقٌ كم ذرعتْ مَرْتاً وكم / قطعتْ حَزْنَ الفلا وخداً وسَهْلَه
تَتهادى في البُرى مُرقِلَةً / كالحنايا تنهبُ الخرقَ وهَجْلَه
عُقِرَتْ كم مِن فلاةٍ جبتُها / بعدَها فوقَ شِمِلًّ أو شِمِله
ليس يثنيها زمامٌ كلَّما / جاذبتينهِ ولا ترهبُ صَلَّه
ترتمي كالهيَْقِ بي معنِقَةً / فوقَها حِدْنُ سِفارٍ لنْ يَملَّه
كلَّما أومضَ برقٌ خالَه / ثغرَ سلمَى حينَ حيَّتْه بِقُبْلَه
بارقٌ كالسيفِ أمضى مُصْلَتاً / يتراءَى أسهرَ المضنَى المُدَلَّه
ذكرَ العهُدَ بهِ لمّا انتضَى / سيفَهُ في حِندسِ الليلِ وسَلَّه
ورضَابٍ شَبِمٍ مُنَّيتُه / منه بعدَ البينِ في أيسرِ نَهْلَه
خَصِرٍ بُغْيَتُه في وِرْدِه / حبَّذاهُ منعَ التَّرحالُ عَلَّه
فعسى يُنقِذُه البعدُ وقد / ذاقَ منه ما كفاه ولعلَّه
اِنْ يمتْ مِن فرطِ وجدٍ وهوىً / هذه سنَّةُ أهلِ الحبَّ قبلَه
مغرمٌ يسأَلُ ربعاً دائراً / قد محاهُ دمعُهُ إلا أقلَّه
لا تلُمْهُ في غرامٍ نالَهُ / فخليلُ المرِء مَنْ أنجدَ خِلَّه
أَتُرَجَّي طمعاً أن يهتدي / في دجى الحبَّ مَنِ الشوقُ أضلَّه
ما سرتْ ريحُ الصَّبا مِن نشرِها / نحوَه إلا وقد راجعَ خبلَه
تنتجيهِ بحديثٍ حَس / أحسنتْ عن ظبيةِ الوعساءِ نقلَه
يا نسيماً هبَّ مِن روضِ الِحمى / حَيَّ مَنْ بانَ عنِ الجِزعِ وحلَّه
عثرَ الدهرُ بهِ بعدَهمُ / ليته قالَ وقد زلَّ لعاً لَه
غدروا مِن بعدِ عهدٍ أحكموا / عقدَهُ كيف تولَّى البعدُ حلَّه
شيمةٌ للدهرِ لا أُنكِرُها / عُرِفَتْ منه فما أجهَلُ فِعْلَه
كم دمٍ راحَ جُباراً في الهوى / عندَهُ أجراهُ في الوجدِ وطلَّه
هوَّنَ الحبَّ على أربابِهِ / فلكم يصحَبُ للعشّاقِ ابلَه
اِبِلاً ذَلَّلَها قهراً فكمْ / فوقَها للمتطَيها مِن مَذَلَّه
فسقَى الله على علاتِهِ / زمنَ الوصلِ حَيا الدمعِ ووَبْلَه