المجموع : 8
كيف ترقَى رُقِيَّك الأَنبياءُ
كيف ترقَى رُقِيَّك الأَنبياءُ / يا سماءً ما طاوَلَتْها سماءُ
لَمْ يُساوُوك في عُلاكَ وَقَدْ حا / لَ سناً مِنك دونَهم وسَناءُ
إنّما مَثَّلُوا صِفاتِك للنا / س كما مثَّلَ النجومَ الماءُ
أنتَ مِصباحُ كلِّ فضلٍ فما تَص / دُرُ إلا عن ضوئِكَ الأَضواءُ
لكَ ذاتُ العلومِ من عالِمِ الغَي / بِ ومنها لآدمَ الأَسماءُ
لم تَزَلْ في ضمائرِ الكونِ تُختَا / رُ لك الأُمهاتُ الأَباءُ
ما مضتْ فَترةٌ من الرُّسْلِ إِلّا / بَشَّرَتْ قومَها بِكَ الأَنبياءُ
تتباهَى بِكَ العصورُ وَتَسْمو / بِكَ علْياءٌ بعدَها علياءُ
وَبَدا للوُجُودِ منك كريمٌ / من كريمٍ آبَاؤُه كُرماءُ
نَسَبٌ تَحسِبُ العُلا بِحُلاهُ / قَلَّدَتْهَا نجومهَا الْجَوزاءُ
حبذا عِقْدُ سُؤْدُدٍ وَفَخَارٍ / أنتَ فيه اليتيمةُ العصماءُ
وُمُحَيّاً كالشَّمس منكَ مُضِيءٌ / أسْفَرَت عنه ليلةٌ غَرّاءُ
ليلةُ المولدِ الذي كَان للدِّي / نِ سرورٌ بيومِهِ وازْدِهاءُ
وتوالَتْ بُشْرَى الهواتفِ أن قدْ / وُلِدَ المصطفى وحُقّ الهَناءُ
وتَدَاعَى إيوانُ كِسْرَى ولَوْلا / آيةٌ مِنكَ ما تَدَاعَى البناءُ
وغَدَا كلُّ بيتِ نارٍ وفيهِ / كُرْبَةٌ مِنْ خُمودِها وَبلاءُ
وعيونٌ لِلْفُرسِ غارَتْ فهل كا / نَ لنِيرانِهِم بها إطفاءُ
مَوْلِدٌ كان منهُ في طالعِ الكُفْ / رِ وبالٌ عليهِمُ ووباءُ
فَهنيئاً به لآمِنَةَ الفَض / لُ الذي شُرِّفَتْ به حوَّاءُ
مَنْ لِحَوَّاءَ أنها حملَتْ أحْ / مدَ أو أنها به نُفَسَاءُ
يوْمَ نَالت بِوَضْعِهِ ابنَةُ وَهْبٍ / مِنْ فَخَارٍ ما لم تَنَلْهُ النِّساءُ
وَأَتَتْ قومَها بأفضلَ مما / حَمَلَتْ قبلُ مريمُ العذراءُ
شمَّتته الأَملاكُ إذ وضَعَتْهُ / وشَفَتْنَا بِقَوْلِهَا الشَّفّاءُ
رافعاً رأسَه وفي ذلك الرف / ع إلى كل سُؤْدُدٍ إيماءُ
رامقاً طَرْفه السَّماءَ ومَرْمَى / عينِ مَنْ شَأْنُهُ العُلُوُّ العَلاءُ
وتَدَلَّتْ زُهْرُ النُّجومِ إليهِ / فأضاءت بِضوئها الأَرجاءُ
وتراءت قصورُ قَيصَر بالرُّو / مِ يَرَاهَا مَنْ دَارُهُ البطحاءُ
وبَدَتْ فِي رَضَاعِهِ مُعْجِزَاتٌ / لَيْس فيها عنِ العيون خَفَاءُ
إذْ أَبَتْهُ لِيُتْمِهِ مُرْضِعاتٌ / قُلْنَ ما في اليتيمِ عنا غَنَاءُ
فأتتهُ من آلِ سعدٍ فتاةٌ / قد أبَتْهَا لِفَقْرِهَا الرُّضَعاءُ
أرْضَعتْهُ لِبَانَهَا فَسَقَتْهَا / وَبنِيها أَلْبَانَهُنَّ الشَّاءُ
أَصْبَحَتْ شُوَّلاً عِجافا وأمْسَتْ / ما بِها شائلٌ ولا عَجْفاءُ
أخْصَبَ العَيْشُ عِنْدَهَا بعدَ مَحْلٍ / إذ غَدا للنبيِّ منها غِذاءُ
يا لَها مِنَّةً لقدْ ضُوعِفَ الأَجْ / رُ عليها من جِنْسِها والجزَاءُ
وإذا سخَّرَ الإِلهُ أُناساً / لسعيدٍ فإِنهم سُعَداءُ
حَبَّة أَنْبَتَتْ سَنَابِلَ والعَص / فُ لَدَيْهِ يَسْتَشْرِفُ الضُّعَفَاءُ
وَأَتَتْ جَدَّهُ وقد فَصَلَتْهُ / وبِهَا مِنْ فِصَالِهِ البُرَحَاءُ
إذ أحاطتْ به ملائكةُ الل / هِ فظنَّتْ بأنهم قُرَنَاءُ
ورأى وَجْدَها به ومِنَ الوَج / دِ لهيبٌ تَصْلَى بهِ الأَحْشاءُ
فَارَقَتْهُ كُرْهَاً وكان لَدَيْهَا / ثاوِياً لا يُمَلُّ مِنْهُ الثّواءُ
شُقَّ عَنْ قَلْبِهِ وأُخْرِجَ مِنْهُ / مُضْغَةٌ عِنْدَ غَسْلِهِ سوداءُ
خَتَمَتْهُ يُمْنَى الأَمينِ وقد أُو / دِعَ ما لم تُذَع له أَنْبَاءُ
صانَ أَسْرَارَه الخِتَامُ فلا الفَضْ / ضُ مُلِمٌّ بِهِ وَلا الإِفضاءُ
أَلِفَ النُّسْكَ والعبادةَ والخَل / وةَ طِفلاً وهكذا النُّجَبَاءُ
وإذا حَلَّتِ الْهِدَايَةُ قَلْبَاً / نَشِطَتْ في العبادة الأَعضاءُ
بَعَثَ اللَّهُ عندَ مبعثهِ الشُّه / بَ حِراساً وضاقَ عنها الفضاءُ
تَطْرُدُ الجِنَّ عن مقاعدَ للسَّمْ / عِ كما تَطْرُدُ الذِّئابَ الرِّعاءُ
فَمَحَتْ آيةُ الكَهَانَةِ آيا / تٌ مِنَ الوحْيِ ما لَهنَّ امِّحاءُ
ورأَتْهُ خديجةٌ والتُّقَى وال / زُّهْدُ فيه سجيَّةٌ والحياءُ
وأتاها أن الغمامةَ والسر / حَ أَظَلَّتْهُ منهما أفياءُ
وأحاديث أنَّ وَعْدَ رسولِ ال / له بالبعثِ حانَ منه الوفاءُ
فدَعَتْهُ إلى الزواجِ وما أَحْ / سَنَ ما يبلغُ المُنَى الأَذكياءُ
وأتاهُ في بيتها جَبْرَئيلٌ / ولِذي اللُّبِّ في الأُمورِ ارْتياءُ
فأماطت عنها الخِمَارَ لتَدْري / أهُوَ الوحْيُ أم هو الإِغماءُ
فاختفى عند كشفِها الرأْسَ جِبْري / لُ فما عادَ أو أُعيدَ الغِطاءُ
فاستبانت خديجةٌ أنه الكنْ / زُ الذي حَاوَلَتْهُ والكِيميَاءُ
ثم قام النبيُّ يدعو إلى الل / هِ وفي الكُفرِ نَجْدَةٌ وإباءُ
أُمَمَاً أُشرِبَتُ قلوبُهُم الكُف / رَ فَدَاءُ الضَّلالِ فيهم عَيَاءُ
ورأينا آياتِه فاهتدَيْنَا / وإذا الحقُّ جاء زالَ المِراءُ
رَبِّ إِنَّ الهُدى هُداك وَآيا / تُكَ نورٌ تَهْدِي بها من تشاءُ
كم رأَيْنَا ما ليس يَعْقِلُ قد أُلْ / هم ما ليْس يُلْهَمُ العُقلاءُ
إذ أبى الفيلُ ما أتى صاحبُ الفي / لِ ولم ينفعِ الحِجا والذكاءُ
والجماداتُ أفصحت بالذي أُخ / رِسَ عنه لأَحمدَ الفُصحاءُ
ويْحَ قومٍ جَفَوا نَبِيَّاً بأرضٍ / أَلِفَتْهُ ضِبَابُها والظِّبَاءُ
وَسَلَوْهُ وَحَنَّ جِذعٌ إِليه / وَقَلَوْهُ وَوَدَّهٌ الغُرَباءُ
أخرَجوه منها وآوَاهُ غارٌ / وَحَمَتْهُ حَمامَةٌ وَرقاءُ
وَكَفَتْهُ بِنَسْجِها عنكبوتٌ / ما كَفَتْهُ الحمامةُ الحَصْداءُ
وَاختفى منهمُ على قُرْبٍ مَرْآ / هُ ومن شِدَّةِ الظهورِ الخَفَاءُ
وَنَحا المصطفى المدينةَ وَاشتا / قتْ إليه من مكةَ الأَنحاءُ
وَتغنّتْ بِمَدْحِهِ الْجِنُّ حتَّى / أطرَبَ الإِنسَ منه ذاك الغِناءُ
وَاقتفى إثْرَهُ سُراقَةُ فاستَهْ / وَتهُ في الأَرْضِ صافنٌ جَرْداءُ
ثم ناداهُ بعدَما سِيمَتِ الخَس / فَ العُلا وَقَد يُنْجِدُ الغريقَ النِّداءُ
فطوى الأَرضَ سائرا وَالسموا / تِ العُلا فوقَها له إِسراءُ
فصِفِ الليلةَ التي كان للمُخ / تارِ فيها على البُراقِ استواءُ
وترقى به إلى قابِ قَوْسَيْ / نِ وَتِلكَ السيادةُ القَعْساءُ
رُتَبٌ تَسْقُط الأَمانيُّ حَسْرَى / دونَها ما وراءهن وَرَاءُ
ثم وافَى يحدِّثُ الناسَ شُكْرَاً / إذ أتته من ربِّه النَّعْماءُ
وتَحَدَّى فارتابَ كلُّ مُريبٍ / أَوَ يَبْقَى مع السُّيُولِ الغُثاءُ
وَهْوَ يدعو إلى الإِلهِ وَإن شق / قَ عليه كفرٌ به وَازدِراءُ
وَيَدُلُّ الورَى على اللَّهِ بالتَّوْ / حيدِ وَهْوَ المَحَجَّةُ البَيْضاءُ
فَبِمَا رحمةٍ مِنَ اللَّهِ لانَتْ / صَخْرةٌ مِنْ إبائِهم صَمَّاءُ
وَاستجابَتْ له بنصرٍ وَفَتْحٍ / بعد ذاكَ الخضراء والغبراءُ
وَأَطاعَتْ لأَمْرِهِ العَرَبُ العَرْ / باء وَالْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلاءُ
وَتَوالَتْ للمصطفى الآيةُ الكبْ / رَى عليهمْ وَالغارةُ الشَّعْواءُ
فإذا ما تلا كتابا من الل / هِ تَلَتْهُ كَتِيبَةٌ خضراءُ
وَكفاهُ المستهزئينَ وَكم سا / ءَ نبِيَّاً من قومِه استهزاءُ
وَرَماهم بِدَعْوَةٍ من فِناءِ ال / بَيتِ فيهَا للظالمين فَنَاءُ
خمسةٌ كُلُّهم أُصيبوا بداءٍ / والرَّدَى من جنودِهِ الأَدوَاءُ
فدَهَى الأَسودَ بنَ مُطَّلِبٍ أَي / يُ عمىً مَيِّتٌ به الأَحياءُ
وَدَهَى الأَسودَ بنَ عبدِ يغوثٍ / أن سَقَاهُ كأسَ الرَّدَى اسْتِسْقَاءُ
وأَصابَ الوليدَ خَدْشَةُ سَهْمٍ / قَصَّرَتْ عنها الْحَيَّةُ الرَّقْطاءُ
وَقَضَتْ شَوْكَةٌ على مَهْجَةِ العا / صِي فللّهِ النَّقْمَة الشَّوْكاءُ
وَعَلا الحارثَ القُيُوحُ وَقد سا / لَ بِها رأسُه وَساء الوِعاءُ
خمسةٌ طُهِّرَتْ بِقَطْعِهِم الأَر / ضُ فَكَفُّ الأَذى بهم شَلَّاءُ
فُدِيَتْ خمسةُ الصَّحيفةِ بالخَم / سةِ إن كان بالكرام فِدَاءُ
فِتْيَةٌ بَيَّتُوا على فِعلِ خَيْرٍ / حَمِد الصبحُ أمرَهم وَالمَساءُ
يَا لأَمر أَتاهُ بعدَ هِشامٍ / زَمْعَةٌ إنه الفتَى الأَتَّاءُ
وَزُهَيْرٌ وَالْمُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ / وَأبو البَخْتَرِيِّ مِنْ حيث شاؤوا
نَقَضُوا مُبْرَمَ الصَّحيفةِ إذ شد / دَت عليهم من العِدا الأَنداءُ
أذْكَرَتْنَا بِأَكْلِهَا أكلَ مِنْسَا / ةِ سُلَيْمانَ الأَرْضَةُ الخَرساءُ
وَبهَا أخبَر النبيُّ وكم أخ / رَجَ خَبْئاً له الغُيُوبُ خِبَاءُ
لا تَخَلْ جانِبَ النبيِّ مُضَاماً / حينَ مَسَّتْهُ منهمُ الأَسْواءُ
كلُّ أمرٍ نَابَ النبيِّينَ فالشد / دَةُ فيه محمودةٌ وَالرّخاءُ
لو يَمسُّ النُّضَارَ هُونٌ مِنَ النا / رِ لما اختيرَ للنُّضَارِ الصِّلاءُ
كم يَدٍ عن نَبِيِّهِ كَفَّهَا الل / هُ وَفي الخَلْقِ كَثْرَةٌ وَاجتراءُ
إذ دعا وَحْدَهُ العبادَ وَأَمْسَتْ / مِنه في كلِّ مُقلَةٍ أَقْذاءُ
هَمَّ قومٌ بِقَتْلِهِ فأَبى السَّيْ / فُ وَفاءً وَفاءتِ الصَّفْواءُ
وَأبو جهلٍ إذ رأى عُنُقَ الفح / لِ إليه كأنه العنقَاءُ
وَاقتضَاهُ النبيُّ دَيْنُ الإِراشي / يِ وَقد سَاء بيعُهُ وَالشِّرَاءُ
وَرأى المصطفى أَتَاهُ بما لَمْ / يُنْجِ منه دونَ الوفاء النَّجَاءُ
هوَ ما قد رآهُ مِن قبلُ لكنْ / ما عَلَى مِثْلِهِ يُعَدُّ الخَطَاءُ
وَأَعَدَّتْ حَمَّالَةُ الحَطَبِ الفِه / رَ وَجَاءَتْ كأَنها الوَرْقاءُ
يومَ جاءَت غَضْبَى تقولُ أفي مِث / لِيَ مِنْ أحمدٍ يُقالُ الهِجَاءُ
وَتَولَّتْ وَمَا رأته وَمِنْ أَيْ / نَ تَرَى الشمسَ مُقْلَةٌ عمياءُ
ثم سَمّتْ له اليهوديَّةُ الشَا / ةَ وَكم سَامَ الشِّقْوَةَ الأَشقِيَاءُ
فأَذاعَ الذِّراعُ مَا فيه مَن شر / رٍ بِنُطْقٍ إخفاؤُهُ إبداءُ
وَبِخُلقٍ مِنَ النبيِّ كريمٍ / لَمْ تُقَاصَصْ بِجرحهَا العَجْماءُ
مَنَّ فَضْلاً عَلَى هَوَازِنَ إذْ كا / نَ له قبلَ ذَاكَ فيهِمِ رِبَاءُ
وَأتى السَّبيُ فيه أُختُ رَضَاعٍ / وَضَعَ الكُفْرُ قَدْرَهَا وَالسِّبَاءُ
فَحَبَاهَا بِرّاً تَوَهَّمَتِ النَّا / سُ به أنَّما السِّبَاء هِداءُ
بَسَطَ المصطفى لها مِن رِداءٍ / أيُّ فضل حَوَاهُ ذاكَ الرِّداءُ
فَغَدَتْ فيه وَهْيَ سيِّدةُ النِّسْ / وَةِ وَالسيِّدَاتُ فيه إمَاءُ
فتَنَزَّهْ في ذاتِه وَمَعَانيهِ / استماعاً إنْ عَزَّ مِنهَا اجتِلاءُ
وَاملأ السّمْعَ مِن محَاسِنَ يُمْلِي / هَا عليك الإنشَادُ وَالإِنْشَاءُ
كلُّ وَصْفٍ له ابْتَدَأتَ به استَوْ / عَبَ أخبَارَ الفضلِ مِنه ابتداءُ
سَيِّدٌ ضِحْكُهُ التَّبَسُّمُ وَالْمَش / يُ الهَوَيْنَا وَنَومُهُ الإِغفاءُ
مَا سِوَى خُلْقِهِ النسيمُ وَلا غَيْ / رَ مُحَيَّاهُ الرَّوْضَةُ الغَنَّاءُ
رحمةٌ كلُّهُ وَحَزْمٌ وَعَزْمٌ / وَوَقَارٌ وَعِصْمَةٌ وَحَيَاءُ
لا تَحُلُّ البأْسَاء مِنه عُرَا الصَّبْ / رِ وَلا تَسْتَخِفُّهُ السَّرَّاءُ
كَرُمَتْ نَفْسُهُ فما يخْطُرُ السُّو / ء عَلَى قَلْبِهِ وَلا الفحشَاءُ
عَظُمَتْ نِعْمَةُ الإِله عليه / فاستَقَلَّتْ لِذِكْرِهِ العُظَمَاءُ
جَهِلَتْ قومُهُ عليه فأَغْضَى / وَأخو الحِلْم دَأبُهُ الإِغْضَاءُ
وَسِعَ العَالَمِين عِلْمَاً وَحِلْمَاً / فهْوَ بحرٌ لم تُعْيِهِ الأَعبَاءُ
مُسْتَقِلٌّ دُنْيَاكَ أن يُنْسَبَ الإِم / ساكُ منها إليه والإِعطاءُ
شمسُ فضلٍ تَحَقَّقَ الظنُّ فيه / أنه الشمسُ رِفْعَةً والضِّياءُ
فإذا ما ضحا محا نورُه الظِّل / لَ وقد أثْبَتَ الظِّلالَ الضَّحَاءُ
فكأنَّ الغمامةَ استَوْدَعَتْهُ / مَنْ أظَلَّتْ مَنْ ظِلِّهِ الدُّفَفَاءُ
خَفِيَتْ عِنْدَهُ الفضائلُ وانجا / بَتْ به عن عقولِنَا الأهواءُ
أمَعَ الصُّبحِ للنجومِ تَجَلٍّ / أمْ مع الشمسِ للظلامِ بَقاءُ
مُعجزُ القَوْلِ والفِعَالِ كريمُ ال / خلقِ وَالخُلْقِ مُقْسِطٌ مِعْطاءُ
لا تَقِسْ بالنبيِّ في الفضل خَلْقَاً / فهو البحر والأنامُ إضاءُ
كلُّ فضل في العالَمين فمن فَض / لِ النبيِّ استعارَهُ الفُضَلاءُ
شُقَّ عَنْ صَدْرِهِ وشُقَّ لَهُ البَدْ / رُ وَمِنْ شَرْطِ كلِّ شَرْطٍ جَزاءُ
ورَمَى بالحَصَى فأَقْصَدَ جَيشاً / ما العَصَا عِنْدَه وَمَا الإِلقاءُ
ودعا للأنامِ إذ دَهَمَتْهُم / سَنَةٌ مِنْ مُحولِها شَهْباءُ
فاسْتَهَلّتْ بالغَيْثِ سَبْعَةَ أَيَّا / مٍ عليهم سحابةٌ وَطْفاءُ
تَتَحَرّى مَواضِعَ الرَّعْيِ وَالسَّقْ / يِ وحيث العِطاشُ تُوهَى السِّقاءُ
وأتى الناسُ يَشْتَكُونَ أذاها / وَرَخَاءٌ يُؤْذِي الأنام غلاءُ
فدعا فانجلى الغمام فقلت في / وصف غيث إِقْلاعَه استسقاءُ
ثم أَثْرى الثَّرَى فقرَّتْ عُيونٌ / بقُراهَا وَأُحْيِيَتْ أَحْيَاءُ
فترى الأرضَ غِبَّهُ كسماءٍ / أشْرَقَتْ مِنْ نُجومِهَا الظَّلْمَاءُ
تُخْجِلُ الدُّرَّ واليواقيتَ من نَوْ / رِ رُباها البَيْضَاءُ والحَمراءُ
لَيْتَهُ خَصَّنِي بِرُؤْيَةِ وَجْهٍ / زَالَ عن كلِّ من رآه الشّقاءُ
مُسْفِرٌ يَلْتَقِي الكَتِيبَةَ بَسَّا / ماً إذا أسْهَمَ الوُجُوهَ اللِّقاءُ
جُعِلَتْ مَسْجِدَاً له الأرضُ فاهْتز / زَ به للصلاةِ فيها حِرَاءُ
مُظْهِرٍ شَجّةَ الْجَبِينِ عَلَى البُرْ / ءِ كما أَظهرَ الهلالَ البَرَاءُ
سُتِرَ الحُسْنُ منه بالحسنِ فاعجَبْ / لِجَمِالٍ له الْجَمالُ وِقاءُ
فهْوَ كالزّهْرِ لاحَ من سَجَفِ الأك / مام والعودِ شُقَّ عنه اللّحاءُ
كَادَ أَنْ يُغشِيَ العُيونَ سناً مِنْ / هُ لِسِرٍّ فيه حَكَتْهُ ذُكاءُ
صانَهُ الحُسْنُ وَالسّكِينَةُ أَنْ تُظ / هِرَ فيه آثارها البأساءُ
وتَخَالُ الوجوهَ إنْ قابَلَتْه / أَلْبَسَتْهَا ألوانَهَا الحِرْبَاءُ
فإذا شِمْتَ بِشْرَهُ وَنَدَاهُ / أذْهَلَتْكَ الأنوارُ والأنواءُ
أَوْ بتقبيلِ راحةٍ كانَ لل / هِ وباللَّه أخذها والعطاءُ
تَتَّقِي بأْسَها الملوكُ وَتحْظَى / بالغِنَى من نَوَالِهَا الفُقَراءُ
لا تَسَلْ سَيْلَ جُودِها إنما يَك / فِيك مِنْ وكْفِ سُحْبها الأنداءُ
دَرَّتِ الشاةُ حينَ مرَّتْ عَلَيها / فلها ثَرْوَةٌ بها وَنَماءُ
نَبَعَ الماءُ أَثْمَرَ النخلُ في عا / مٍ بها سَبَّحَتْ بها الحصباءُ
أحْيَتِ المُرْمِلِينَ مِنْ مِوْتِ جَهْدٍ / أَعْوَزَ القَوْمَ فيه زادٌ وماءُ
فتغَدَّى بالصَّاعِ أَلْفٌ جِياعٌ / وتَرَوَّى بالصَّاعِ ألفٌ ظِمَاءُ
وَوَفَى قدرُ بَيْضَةٍ مِنْ نُضَارٍ / دَيْنَ سَلْمَانَ حِينَ حانَ الوفاءُ
كانَ يُدْعَى قِنّاً فأُعْتِقَ لَمَّا / أيْنَعَتْ مِنْ نَخيلِه الأَقْنَاءُ
أفلا تَعْذُرُونَ سَلْمَانَ لَمَّا / أَنْ عَرَتْهُ مِنْ ذِكْرِهِ العُروَاءُ
وَأَزالَت بِلَمْسِهَا كلَّ دَاءٍ / أكْبَرَتْهُ أطِبَّةٌ وَإِسَاءُ
وعُيُونٌ مَرَّتْ بها وَهْي رُمْدٌ / فأَرَتْهَا مَا لَمْ تَرَ الزَّرْقَاءُ
وأَعادَتْ عَلَى قَتَادَةَ عَيْنَاً / فَهْيَ حتى مماتِه النَّجْلاءُ
أَوْ بِلَثْمِ التُّرَابِ مِنْ قَدَمٍ لا / نَتْ حَياءً من مَشْيِهَا الصَّفْواءُ
مَوْطِئُ الأخمَصِ الَّذِي منه للقل / لبِ إذا مَضْجَعي أَقَضَّ وِطاءُ
حَظيَ المسجدُ الحرامُ بمَمْشا / ها ولم يَنْس حَظه إِيلِيَاءُ
وَرَمَتْ إذْ رَمَى بها ظُلَمَ اللي / لِ إلى اللَّه خوفُه والرَّجاءُ
دَمِيَتْ في الوَغَى لِتَكْسِبَ طِيباً / ما أراقتْ من الدَّمِ الشُّهداءُ
فَهْيَ قُطْبُ المحرابِ وَالْحَرْبِ كم دا / رت عليها في طاعة أَرحاءُ
وَأُرَاهُ لو لم يُسَكِّنْ بها قب / لُ حِراءً ماجَتْ بِهِ الدَّأْمَاءُ
عَجَباً للكُفّارِ زادوا ضلالاً / بالذي فيه للعقول اهتداءُ
والذي يسألون منه كتابٌ / مُنْزَلٌ قد أتاهم وارتقاءُ
أَوَ لم يَكْفِهِمْ من اللَّهِ ذِكْرٌ / فيه للناس رحمةٌ وشفاءُ
أَعجزَ الإِنسَ آية منه والجن / نَ فَهَلَّا يأتي بها البُلَغاءُ
كلّ يومٍ تُهدَى إلى سامِعِيه / مُعجِزاتٍ من لفظِه القُرَّاءُ
تَتَحَلَّى به المسامِعُ والأف / واه فَهْو الحُلِيُّ وَالحَلْوَاءُ
رَقَّ لَفْظاً وراق معنىً فجاءَتْ / في حُلاها وحَلْيِها الخَنْسَاءُ
وأرَتْنَا فيه غوامضَ فضلٍ / رِقَّةٌ مِنْ زُلالِهَا وَصَفاءُ
إنما تُجْتَلَى الوُجُوهُ إذَا ما / جُلِيَتْ عِنْ مِرْآتِهَا الأصْداءُ
سُوَرٌ منه أشْبَهَتْ صُوَراً مِن / نَا ومِثْلُ النَّظَائِر النُّظَراءُ
والأقاويل عندَهمْ كالتماثي / لِ فلا يُوهِمَنَّكَ الخطباءُ
كم أبانَتْ آياتُهُ من علومٍ / عن حُروفٍ أبانَ عنها الهجاءُ
فهْي كالحَبِّ والنَّوَى أعجبَ الزُّر / راعَ منهُ سنابلٌ وَزَكاءُ
فأطالوا فيه التردُّدَ وَالرَّي / بَ فقالوا سِحْرٌ وقالوا افتراءُ
وإذا البيِّنَاتُ لَمْ تُغْنِ شيئاً / فَالتماسُ الهُدَى بِهِنَّ عَناءُ
وإذا ضلَّتِ العُقول على عِلْ / مٍ فماذا تقوله الفُّصَحاءُ
قومَ عيسى عاملْتم قومَ موسى / بالذي عامَلَتْكُم الحُنفاءُ
صَدَّقوا كُتْبَكُمُ وكذَبْتُمْ / كُتبَهُمُ إنّ ذا لَبِئْسَ البَواءُ
لو جحدنا جُحُودَكم لاستويْنَا / أوَ للحقِّ بالضَّلالِ استواءُ
مَا لَكُم إِخْوَةَ الكِتابِ أُناساً / ليس يُرْعَى للحقِّ منكم إخاءُ
يَحْسُدُ الأولُ الأخيرَ وما زا / لَ كذا المُحْدَثُونَ وَالقُدَمَاءُ
قد عَلِمْتُم بِظلمِ قابيل هابي / لَ ومظلومُ الإِخْوَةِ الأَتْقِيَاءُ
وسمِعْتم بكَيْدِ أَبناءِ يعقو / بَ أَخَاهم وكلُّهم صُلَحَاءُ
حِينَ أَلْقَوْهُ في غَيابَةِ جُبٍّ / وَرَمَوْهُ بالإفْكِ وَهْوَ بَراءُ
فتأَسَّوْا بِمَن مَضَى إذْ ظَلَمتمْ / فالتَّأَسِّي لِلنَّفْسِ فيه عَزَاءُ
أتُرَاكُم وَفَّيْتُم حينَ خَانُوا / أم تُرَاكُمْ أَحْسَنْتُمُ إذْ أساؤُوا
بَلْ تَمَادَتْ عَلَى التَّجَاهُلِ آبَا / ءٌ تَقَفَّتْ آثَارِهَا الأَبناءُ
بَيَّنَتْهُ تَوْراتُهُمْ وَالأَناجِي / لُ وَهم في جُحُودِهِ شُرَكاءُ
إنْ تقولوا ما بَيَّنَتْهُ فما زَا / لَتْ بها عن عيونهم غشوَاءُ
أو تقولوا قد بَيَّنَتْهُ فما لِلْ / أُذْنِ عما تقوله صَمَّاءُ
عَرَفُوهُ وَأنْكَرَوهُ وَظُلمَاً / كَتَمَتْهُ الشَّهَادَةَ الشُّهَدَاءُ
أوَ نُورُ الإِلهِ تُطْفِئُهُ الأَفْ / واهُ وَهْوَ الذي به يُسْتَضاءُ
أوَلا يُنْكِرُونَ مَن طَحَنَتْهُم / بِرَحاها عِنْ أمْرِهِ الْهَيجاءُ
وَكَساهم ثَوْبَ الصَّغارِ وقد / طُلَّت دِماً منهم وصِينَتْ دِمَاءُ
كيف يَهدِي الإِله منهم قلوباً / حَشْوُها من حَبِيبِهِ الْبَغْضاءُ
خَبِّرونَا أهلَ الكِتَابَيْنِ من أَيْ / نَ أَتَاكُم تَثْليثكم والبَداءُ
مَا أتى بالعقِيدَتَيْنِ كتابٌ / واعتقادٌ لا نَصَّ فيه ادِّعاءُ
والدَّعاوَى ما لم تُقيموا عليها / بَيِّنَاتٍ أبناؤُها أَدْعِياءُ
ليت شعري ذِكرُ الثلاثةِ وَالوا / حِدِ نَقْصٌ في عَدِّكم أمْ نَماءُ
كيف وَحَّدْتُم إِلهاً نَفَى التَّو / حِيدَ عنه الآباءُ والأَبناءُ
أإِلهٌ مُرَكَّبٌ ما سَمِعْنَا / بإِلهٍ لذاتِهِ أَجْزَاءُ
أَلِكُلٍّ منهم نَصِيبٌ مِنَ المُل / كِ فَهَلَّا تَمَيَّزُ الأَنْصِبَاءُ
أم هُمُ حَلّلوُا بها شِرْكَةَ الأب / دَانِ أمْ هُمْ لبعضِهم كُفَلاءُ
أتراهم لحاجةٍ واضطرارٍ / خَلَطُوهَا ومَا بَغَى الخُلَطَاءُ
أهُوَ الرَّاكِبُ الحمارَ فيا عَجْ / زَ إِلهٍ يَمَسُّهُ الإِعْيَاءُ
أمْ جميعٌ عَلَى الحمار لقد جَل / لَ حِمَارٌ بِجَمْعِهِم مَشَّاءُ
أم سِواهم هُو الإِلهُ فما نِسْ / بَةُ عيسى إليه والإِنْتِمَاءُ
أم أردتُم بها الصفاتِ فلمْ خُص / صَتْ ثُلاثٌ بِوصفِه وَثُناءُ
أم هُو ابنٌ للَّه ما شاركته / في معاني النُّبُوَّةِ الأَنبياءُ
قتلَتْهُ اليهودُ فيما زَعَمْتُم / وَلأَمْواتِكم به إحياءُ
إنَّ قَوْلاً أَطْلَقْتُمُوهُ عَلَى الل / هِ تعالى ذِكْرا لقَوْلٌ هُراءُ
مِثْلَ مَا قَالَت اليهودُ وكلٌّ / لَزِمَتْهُ مقالَةٌ شَنعاءُ
إذْ همُ اسْتَقْرَؤُوا البَداءَ وكم سا / قَ وَبَالاً إِليهم اسْتِقْرَاءُ
وَأَرَاهم لم يجعلُوا الواحِدَ القَه / هارَ في الخَلْقِ فاعلاً ما يشاءُ
جَوَّزُوا النَّسْخَ مِثْلَما جوَّزُوا المس / خَ عَلَيْهِم لو أنهم فُقهاءُ
هُوَ إِلَّا أَن يُرْفَعَ الحكمُ بالحك / مِ وخَلْقٌ فيه وأمرٌ سَواءُ
ولحُكمٍ من الزمانِ انتهاءٌ / ولحُكم من الزمانِ ابتداءُ
فَسَلُوهم أكان في مسخِهِم نَسْ / خٌ لآيات اللَّه أم إنشاءُ
وَبَدَاءٌ في قَوْلِهمْ نَدِمَ الل / هُ عَلَى خَلْقِ آدمٍ أمْ خَطاءُ
أم مَحَا اللَّهُ آية الليل ذكراً / بعدَ سَهْوٍ ليوجَدَ الإِمْساءُ
أم بدا للإِلهِ في ذَبْحِ إِسْحَا / قَ وقد كان الأمر فيه مَضاءُ
أوَ ما حَرَّمَ الإِلهُ نِكَاحَ ال / أُختِ بعدَ التحليلِ فَهْوَ الزِّناءُ
لا تُكَذِّبْ إنَّ اليَهُودَ وقد زا / غُوا عن الحقِّ مَعْشَرٌ لُؤَماءُ
جَحَدُوا المصطفى وآمن بالطا / غُوتِ قومٌ همْ عندهمْ شُرَفاءُ
قتَلوا الأَنبياءَ وَاتَّخَذُوا العِج / لَ أَلا إنهم هم السُّفَهاءُ
وسَفيهٌ من ساءَه المنُّ والسَّلْ / وَى وأَرضاهُ الفُومُ وَالقِثَّاءُ
مُلِئَتْ بالخبيثِ منهم بُطُونٌ / فَهْيَ نَارٌ طِباقُها الأمعاءُ
لو أُرِيدُوا في حال سَبْتٍ بخيرٍ / كان سَبْتَاً لديهمُ الأَربِعاءُ
هُوَ يومٌ مُبارَكٌ قيلَ للتص / ريفِ فيه من اليهود اعتداءُ
فَبِظُلْمٍ منهمُ وكفْرٍ عَدَتْهُم / طَيِّبَاتٌ في تَرْكِهنَّ ابْتِلاءُ
خُدِعوا بالمنافقين وهل يَنْ / فُقُ إلَّا على السفيهِ الشَّقاءُ
واطمأنوا بقَوْلِ الَاحزاب إِخوا / نِهِمُ إِننا لكم أولياءُ
حالَفوهم وخالفوهم ولمْ أَدْ / رِ لماذا تخالَفَ الحُلفاءُ
أسلَمُوهم لأَوَّلِ الحَشْرِ لا مِي / عادُهم صادقٌ ولا الإِيلاءُ
سكَنَ الرُّعْبُ والخَرابُ قلوباً / وبُيُوتاً منهمُ نعاها الجَلاءُ
وَبِيَوْمِ الأحزابِ إِذْ زاغتِ الأَب / صَارُ فيهم وضلتِ الآراءُ
وتَعَدَّوْا إلى النبيّ حدوداً / كان فيها عليهم العُدَوَاءُ
وَنَهَتْهُم وما انتهت عنه قوم / فأُبيدَ الأَمَّارُ والنَّهاءُ
وتعاطَوْا في أحمدٍ مُنْكَرَ القَوْ / لِ وَنُطقُ الأَراذِلِ العَوْراءُ
كلُّ رِجْسٍ يَزِيدُه الخُلُقُ السُّو / ءُ سِفاهاً والمِلَّةُ العَوْجاءُ
فانظروا كيف كان عاقبة القوْ / مِ وَما ساق لِلْبَذِيِّ البَذَاءُ
وجَد السَّبَّ فيه سُمَّاً وَلم يَدْ / رِ إِذْ المِيمُ في مواضِعَ بَاءُ
كانَ مِن فيه قتلُه بِيَدَيْهِ / فهو في سوء فِعله الزَّبَّاءُ
أوْ هُوَ النحلُ قَرْصُهَا يَجْلُبُ الحَت / فَ إليها وما له إنْكَاءُ
صَرَعَتْ قومَهُ حبائِلُ بَغْيٍ / مَدَّها المكرُ منهم والدَّهاءُ
فأتتهم خيلٌ إلى الحرب تختا / لُ وللخيْلِ في الوغَى خُيَلاءُ
قَصَدَتْ فيهم القنا فقَوافِي ال / طعْنِ منها ما شأنها الإيطاءُ
وأثَارَتْ بأرضِ مكةَ نَقْعَاً / ظُنَّ أن الغُدُوَّ منها عِشاءُ
أحْجَمَتْ عندهُ الحجُون وأكْدى / عِنْد إعطائه القليلَ كَدَاءُ
وَدَهَتْ أَوْجُهاً بها وبيوتاً / مُلّ منها الإكفاءُ والإقواءُ
فَدَعَوْا أحْلَمَ البريَّةِ والعفْ / وُ جوابُ الحليمِ والإغْضاءُ
ناشدوه القُرْبَى التي من قُرَيْش / قطعَتْهَا التِّراتُ والشَّحْناءُ
فعَفا عَفْوَ قَادرٍ لم يُنَغِّصْ / هُ عليهم بما مضى إغراءُ
وإذا كان القطْع وَالوصلُ لل / هِ تَسَاوَى التَّقْرِيبُ وَالإِقْصاءُ
وسواءٌ عليه فيما أتاهُ / مِنْ سِواهُ المَلامُ وَالإطْراءُ
وَلَو انَّ انتقامَهُ لِهَوَى النَّف / سِ لَدَامَتْ قطيعةٌ وَجَفَاءُ
قام للَّه في الأُمورِ فأَرْضَى ال / لهَ منه تَبايُنٌ وَوَفاءُ
فِعْلُهُ كلُّهُ جَمِيلٌ وَهل يَنْ / صَحُ إلّا بمَا حَوَاهُ الإناءُ
أطْربَ السامعينَ ذِكْرُ عُلاهُ / يا لَرَاحٍ مَالَتْ بهَا النُّدَماءُ
النبيُّ الأميُّ أعلمُ مَنْ أس / نَدَ عنه الرُّوَاةُ وَالحكَماءُ
وَعَدَتْنِي ازْدِيَارَهُ العامَ وَجْنا / ءٌ وَمَنَّتْ بِوَعْدِها الوجْناءُ
أفلا أنْطَوِي لها في اقْتضائِي / ه لِتُطْوَى ما بَيْنَنا الأَفْلاءُ
بألُوفِ البَطْحاءِ يُجْفِلُهَا النِّي / لُ وقد شَفَّ جَوْفَهَا الإِظْماءُ
أنْكَرَتْ مِصْرَ فَهيَ تَنْفِرُ ما لا / حَ بِنَاءٌ لِعَيْنِهَا أوْ خَلاءُ
فأَقَضّتْ عَلَى مبَارِكها بِرْ / كَتهَا فالبُّوَيْبُ فالخَضْراءُ
فالقِبَابُ التي تَلِيها فبِئْرُ ال / نخْلِ وَالرَّكْبُ قائِلُونَ رِوَاءُ
وَغَدَتْ أَيْلَةُ وَحِقْلٌ وَقُرٌّ / خَلْفَها فَالمَغَارَةُ الفَيْحَاءُ
فعيونُ الأَقْصَابِ يَتبعُها النَّب / كُ وَيتْلو كُفَافَةَ العَوْجاءُ
حاوَرَتْهَا الحوراءُ شَوْقاً فينبو / عٌ فَرَقَّ اليَنْبُوعُ وَالْحَوْراءُ
لاحَ بالدَّهْنَوَيْنِ بَدْرٌ لها بَع / دَ حُنَيْنٍ وَحَنَّتِ الصَّفْرَاءُ
ونَضَتْ بَزْوَةٌ فرابغُ فالجُحْ / فَةُ عنها ما حاكه الإِنضاءُ
وأرَتْهَا الخَلاصَ بئْرُ عَليٍّ / فَعِقَابُ السَّوِيقِ فالخَلصاءُ
فهْيَ من ماء بئْرِ عُسفَانَ أو مِنْ / بَطْنِ مَرٍّ ظمآنةٌ خَمْصَاءُ
قَرَّبَ الزَّاهِرَ المساجِدُ منها / بخُطاها فالبُطءُ منها وَحاءُ
هذه عِدَّةُ المنازلِ لا ما / عدَّ فيه السّماكُ وَالعَوَّاءُ
فكأَني بها أُرَحِّلُ منْ مَك / كَةَ شمساً سماؤُها البَيْداءُ
مَوْضِعُ البَيْتِ مَهْبِطُ الوَحْي مأْوى ال / رسلِ حيثُ الأنوارُ حيثُ البَهاءُ
حيثُ فرضُ الطَّوَافِ والسَّعْيُ وَالحل / قُ وَرَمْيُ الجِمار وَالإِهداءُ
حَبَّذا حَبَّذَا معاهِدُ منها / لم يُغَيِّرْ آياتِهِنَّ البِلاءُ
حَرَمٌ آمِن وَبَيْتٌ حَرامٌ / وَمَقَامٌ فيه المُقامُ تَلاءُ
فَقَضَيْنَا بها مَناسِكَ لا يُح / مَدُ إلّا في فِعْلِهِنَّ القضاءُ
وَرَمَيْنَا بها الفِجَاجَ إلَى طَيْ / بَةَ والسَّيْرُ بالمطايا رِماءُ
فأصَبْنا عَنْ قَوْسِها غَرضَ القُر / بِ وَنِعْمَ الخَبِيئَةُ الكَوْمَاءُ
فرأينا أرضَ الحَبيبِ يَغُضُّ ال / طرفَ منها الضياءُ وَالْلأْلاءُ
فكأنَّ البَيْدَاءَ مِنْ حيثُما قا / بَلَتِ العَينَ رَوْضَة غَنَّاءُ
وكأَنَّ البِقاعَ زَرَّتْ عليها / طَرَفَيْها مُلاءَةٌ حَمْرَاءُ
وكأَنَّ الأَرجاء تَنشُر نَشْر ال / مِسْكِ فيها الجَنُوبُ وَالجِرْبِياءُ
فإذا شِمتَ أو شَمِمْتَ رُبَاها / لاحَ منها برقٌ وفاحَ كِباءُ
أيَّ نُورٍ وَأيَّ نَوْرٍ شَهِدْنا / يَوْمَ أَبْدَت لَنا القِبَابَ قُباءُ
قَرَّ منها دَمْعِي وفَرَّ اصْطبَارِي / فدُمُوعي سَيْلٌ وصَبْرِي جُفاءُ
فترى الرَّكْبَ طائرِينَ من الشَّوْ / قِ إِلى طَيْبَةٍ لَهُمْ ضَوْضاءُ
وكأَنَّ الزُّوَّارَ مَا مَسَّتِ البَأْ / ساءُ منهم خَلْقاً ولا الضَّرَّاءُ
كلُّ نفسٍ منها ابتهال وسؤْلٌ / ودُعاءٌ وَرَغْبَة وَابْتِغَاءُ
وَزَفيرٌ تَظُنُّ منه صُدوراً / صادحاتٍ يَعْتادُهُنَّ زُقاءُ
وَبُكَاءٌ يُغْرِيِهِ بالعين مَدّ / وَنجيبٌ يَحُثُّه اسْتِعلاءُ
وجُسومٌ كَأَنَّمَا رَحَضَتْهَا / منْ عظيم المَهَابَةِ الرُّحَضاءُ
وَوجُوهٌ كأَنَّما ألْبَسَتْها / منْ حياءٍ ألوانَها الحرْباءُ
ودموعٌ كأنّما أرسلتها / من جفونٍ سحابةٌ وطفاءُ
فَحَطَطْنا الرِّحالَ حيثُ يحَطُّ ال / وِزْرُ عنّا وترفع الحوجاءُ
وَقَرَأْنا السلامَ أكْرَمَ خلق ال / لَه مِنْ حيثُ يُسمَعُ الإقْراءُ
وذهلنا عند اللقاء وكم أَذْ / هَلَ صَبَّاً من الحَبيبِ لِقاءُ
وَوَجمنَا مِنَ المَهَابَةِ حتَّى / لا كلامٌ منا ولا إيماءُ
وَرَجَعْنا وَللقلُوبِ التفاتا / تٌ إليه وللجُسوم انْثِناءُ
وَسَمحْنا بما نُحِبُّ وقد يَس / مَحُ عند الضرورةِ البُخلاءُ
يا أبا القاسمِ الذي ضِمنَ إِقسا / مِي عليه مَدْحٌ لهُ وَثَنَاءُ
بالعلومِ التي عَليكَ مِن الل / هِ بلا كاتِبٍ لها إِمْلاءُ
ومسير الصَّبا بنصْرِك شَهْرا / فكأَنَّ الصَّبا لَدَيكَ رُخاءُ
وَعَلِيٍّ لمَّا تَفَلْتَ بِعَيْنَيْ / هِ وكلتاهما مَعاً رمْداءُ
فَغَدا ناظراً بِعَيْنَيْ عُقَابٍ / في غَزاةٍ لها العُقَابُ لِواءُ
وَبِرَيْحانَتَيْنِ طيبُهُما مِن / كَ الذي أودعتهُما الزَّهْراءُ
كُنْتَ تُؤْوِيهِمَا إليك كما آ / وَتْ من الخَطِّ نُقْطَتَيْهَا اليَاءُ
مِنْ شهيدَيْنِ ليس يُنْسِيَني الطَّف / فُ مُصابَيْهِما وَلا كَرْبَلاءُ
مَا رَعَى فيهما ذِمامَك مرؤو / سٌ وَقد خانَ عَهْدَكَ الرُّؤساءُ
أبْدَلوا الودَّ وَالحَفيظَةَ في القُرْ / بَى وَأَبدَتْ ضِبَابها النَّافِقاءُ
وَقَسَتْ منهم قلوبٌ عَلَى مَنْ / بَكَتِ الأرضُ فقدَهم والسماءُ
فابْكِهِمْ ما اسْتَطَعْتَ إنَّ قليلاً / في عَظيمٍ مِن المُصابِ البُكاءُ
كلَّ يوْمٍ وَكلُّ أَرْضٍ لِكَرْبي / منهمُ كَرْبَلا وَعاشورَاءُ
آلَ بَيْتِ النبيِّ إِنَّ فُؤادِي / ليسَ يُسْلِيهِ عَنْكم التَّأْسَاءُ
غيرَ أَنِّي فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى الل / هِ وَتَفْوِيضِيَ الأُمورَ بَراءُ
رُبَّ يومٍ بِكَربَلاءَ مُسيئٍ / خَفَّفَتْ بعض وِزْرِهِ الزَّوْراءُ
وَالأَعادِي كَأَنَّ كلَّ طَرِيحٍ / منهمُ الزَّقُّ حُلَّ عَنْه الوِكاءُ
آلَ بيتِ النبيِّ طبتُم فطابَ الْ / مَدْحُ لِي فيكُمُ وَطابَ الرّثاءُ
أنا حَسَّانُ مَدْحِكم فإذَا نُحْ / تُ عليكمْ فإنَّنِي الخنساءُ
سُدْتُمُ النّاسَ بالتُّقَى وَسِواكم / سَوَّدَتْهُ البَيْضاءُ والصَّفْراءُ
وَبِأصحابك الذين همُ بَعْ / دَكَ فينا الهُداةُ وَالأوْصِياءُ
أَحْسَنُوا بعدكَ الخِلافَةَ فِي الدي / نِ وَكلٌّ لِما تَوَلَّى إزَاءُ
أَغْنياءٌ نزاهَةً فُقَرَاء / عُلَمَاءٌ أَئمَّةٌ أُمَرَاءُ
زَهِدُوا في الدُّنَا فما عُرِفَ المَي / لُ إلَيْهَا منهم وَلا الرَّغْبَاءُ
أَرْخَصُوا في الوغَى نُفُوسَ مُلُوكٍ / حارَبُوها أسلابُها إغْلاءُ
كلُّهُمْ في أحكامه ذو اجتهادٍ / وَصَوابٍ وَكُلُّهمْ أَكفاءُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ وَرَضُوا عَنْ / هُ فأنَّى يَخطو إليهم خَطَاءُ
جاء قَوْمٌ مِنْ بَعْدِ قَوْمٍ بحَقٍّ / وَعَلَى المَنْهَجِ الحَنِيفِيِّ جاؤوا
ما لموسى وَلا لعِيسى حَوارِي / يُونَ في فَضْلِهم وَلا نُقَبَاءُ
بأَبي بَكْرٍ اِلذي صَحَّ لِلنَّا / سِ به في حياتك الإِقتِداءُ
والمُهَدِّي يَوْمَ السَّقِيفَةِ لَما / أرْجَفَ الناسُ أنه الدَّأْدَاءُ
أَنقذَ الدينَ بعدَ ما كان للد / دينِ عَلَى كلِّ كُرْبَةٍ إشْفَاءُ
أَنْفَقَ المالَ في رِضَاكَ وَلا مَن / نٌ وَأَعْطَى جَمَّاً وَلا إكْداءُ
وأبي حَفْصٍ الذي أظهر الل / هُ به الدينَ فارعَوى الرُّقباءُ
والذي تَقْرُبُ الأباعِدُ في الل / هِ إليه وَتَبْعُدُ القُرَباءُ
عُمَر بن الخطابِ مَنْ قَوْلُهُ الفَص / لُ ومَنْ حُكْمُهُ السَّوِيُّ السّواءُ
فَرَّ منه الشيطانُ إذْ كانَ فارو / قاً فلِلنَّارِ مِنْ سَنَاهُ انْبِراءُ
وَابْن عفَّانَ ذِي الأيادي التي طا / لَ إلى المصطفى بها الإِسْدَاءُ
حَفَر البِئْرَ جَهَّزَ الجَيْشَ أهْدَى الْ / هَدْيَ لما أنْ صَدَّهُ الأعْداءُ
وَأبَى أنْ يَطُوفَ بالبيتِ إذْ لمْ / يَدْنُ منه إلى النبيِّ فِناءُ
فَجَزَتْهُ عنها بِبِيعَةِ رِضْوا / نٍ يَدٌ مِنْ نَبِيِّهِ بَيْضَاءُ
أدَبٌ عنده تَضَاعَفَتِ الأع / مالُ بالترْكِ حَبَّذَا الأُدَباءُ
وَعَلِيٍّ صِنْوِ النبيّ وَمَنْ دِي / نُ فُؤادِي وِدادُهُ وَالوَلاءُ
وَوَزيرِ ابن عَمِّه في المعالي / ومِنَ الأهلِ تُسْعَدُ الوُزَراءُ
لم يَزِدْهُ كَشْفُ الغِطاءِ يَقِيناً / بَل هُوَ الشمْسُ ما عليه غِطاءُ
وبباقِي أصحابِكَ المُظْهِرِ التَّرْ / تيبِ فينا تَفْضِيلُهم والولاءُ
طَلْحَةِ الخَيْرِ المُرْتَضِيهِ رَفيقاً / وَاحداً يومَ فَرَّت الرُّفَقَاءُ
وَحَوارِيِّكَ الزُّبَيْرِ أبي القَرْ / مِ الذي أَنْجَبَتْ بِهِ أسماءُ
وَالصَّفِيَّيْنِ تَوْأَمِ الفضل سَعْدٍ / وسَعِيدٍ إنْ عُدَّتِ الأصْفياءُ
وابْنِ عَوْفٍ مَنْ هَوَّنَتْ نفسُه الدُّن / يَا بِبَذْلٍ يُمِدُّهُ إثْراءُ
والمُكَنَّى أبا عُبيْدَةَ إذْ يَعْ / زِي إليه الأمانةَ الأُمَناءُ
وَبِعَمَّيْكَ نَيِّرَي فَلَكِ المَج / دِ وكلٌّ أتَاهُ منك إتاءُ
وبأمِّ السِّبْطَيْنِ زَوْجِ عَلِيٍّ / وَبَنِيها وَمَنْ حَوَتْهُ العَبَاءُ
وَبِأَزواجكَ اللَّواتي تَشَرَّفْ / ن بأنْ صانَهُنَّ منك بِناءُ
الأمانَ الأمانَ إنَّ فُؤادِي / من ذُنوبٍ أَتَيْتُهُنَّ هَواءُ
قد تَمَسَّكْتُ مِنْ وِدَادِكَ بالحَب / لِ الذي اسْتَمْسَكَتْ به الشفَعاءُ
وَأبى اللَّهُ أنْ يَمَسَّنِيَ السُّو / ءُ بحالٍ وَلِي إليك الْتِجاءُ
قد رَجَوْناكَ للأُمورِ الّتي أب / رَدُها فِي فُؤَادِنا رَمْضاءُ
وَأَتَيْنا إليكَ أَنْضاءَ فَقْرٍ / حَمَلَتْنا إلى الغِنَى أَنْضاءُ
وانْطَوَتْ في الصُّدُورِ حاجاتُ نفسٍ / ما لها عَنْ نَدَى يَدَيْكَ انْطِوَاءُ
فأَغِثْنَا يَا مَنْ هُوَ الغَوثُ والغَيْ / ثُ إذا أَجْهَدَ الورَى اللّأْوَاءُ
وَالجَوَادُ الذِي به تُفْرَجُ الغُم / مَةُ عَنا وتُكْشَفُ الحَوْباءُ
يا رحيماً بالمؤمنين إذا ما / ذَهِلَت عن أبنائها الرُّحَماءُ
يا شفيعاً في المُذنبين إذا أش / فقَ مِنْ خَوفِ ذَنْبِهِ البُرَآءُ
جُدْ لعاصٍ ومَا سِوايَ هُوَ العا / صِي وَلكنْ تَنَكُّرِي اسْتِحْياءُ
وتَدَارَكْهُ بالعناية ما دا / مَ له بالذِّمامِ منك ذماءُ
أخَّرَتْهُ الأعمالُ والمالُ عَمَّا / قدَّمَ الصَّالحُونَ والأغنياءُ
كل يومٍ ذُنُوبُهُ صاعداتٌ / وعليها أنفاسُهُ صُعَدَاءُ
أَلِفَ البِطْنَةَ المُبَطِّئَة السَّيْ / رِ بدار بها البِطانُ بِطَاءُ
فَبَكَى ذَنْبَهُ بِقَسْوَةِ قَلْبٍ / نَهَتِ الدَّمْعَ فالبُكاءُ مُكاءُ
وغَدَا يَعْتِبُ القَضَاءُ ولا عذ / ر لعاص فيما يسوق القضاءُ
أوثقته من الذنوب دُيُونٌ / شَدَّدَتْ فِي اقْتِضائِها الغُرَماءُ
ما لَهُ حِيلَةٌ سِوَى حِيلَةِ المُو / ثَقِ إِمَّا تَوَسُّلٌ أَوْ دُعَاءُ
رَاجِياً أَنْ تعودَ أعمالُه السُّو / ءُ بِغُفْرَانِ اللَّهِ وَهْيَ هَباءُ
أَوْ تُرَى سَيِّئاتُهُ حَسَناتٍ / فيقَالُ اسْتحالتِ الصَّهْباءُ
كلُّ أمْرٍ تُعنَى به تُقْلَبُ الأعْ / يانُ فيه وتَعْجَبُ البُصَراءُ
رُبَّ عَيْنٍ تَفَلْتَ في مائها المِلْ / حِ فأضْحَى وَهْوَ الفُراتُ الرَّوَاءُ
آهِ مِما جَنَيْتُ إنْ كانَ يُغْنِي / ألِفٌ مِنْ عَظيمِ ذنْبٍ وهاءُ
أرْتَجِي التَّوْبَةَ النَّصُوحَ وفِي القَلْ / بِ نفَاقٌ وفي اللسانِ رِياءُ
ومتى يَسْتَقيمُ قَلْبِي ولِلْجِسْ / مِ اعْوِجَاجٌ مِنْ كَبْرتي وانْحِناءُ
كُنْتُ في نَوْمَةِ الشَّبابِ فما اسْتَيْ / قَظْتُ إِلَّا ولِمَّتي شَمْطاءُ
وتمادَيْتُ أَقْتَفي أَثَرَ القَوْ / مِ فطالَتْ مَسَافَةٌ واقْتِفَاءُ
فوَرا السائرينَ وهْوَ أمامِي / سُبُلٌ وَعْرَةٌ وأرضٌ عَراءُ
حَمِدَ المُدلِجونَ غِبَّ سُرَاهُم / وكَفَى مَنْ تَخَلَّف الإِبْطاءُ
رِحلةٌ لَمْ يَزَلْ يُفنِّدني الصَّي / فُ إِذَا مَا نَوَيْتُها والشِّتاءُ
يَتَّقِي حُرُّ وجْهِي الحَرَّ والبَرْ / دَ وَقَدْ عَزَّ مِنْ لَظى الاتِّقاءُ
ضِقْتُ ذَرْعاً مِمَّا جَنَيْتُ فَيوْمِي / قَمْطَرِيرٌ وليلَتي دَرْعاءُ
وَتَذَكَّرْتُ رَحْمَةَ اللَّهِ فالبِش / رُ لِوَجْهِي أنّى انْتَحَى تِلْقاءُ
فألحَّ الرَّجاء والخوفُ بالقَلْ / بِ ولِلْخَوفِ والرَّجا إِخْفاءُ
صَاحِ لا تأسَ إنْ ضَعُفْتَ عَنِ الطَّا / عةِ واسْتَأْثَرَتْ بها الأقوياءُ
إنَّ للَّهِ رَحمةً وأحَقُّ ال / ناسِ منه بالرَّحمةِ الضُّعَفَاءُ
فابقَ في العُرْجِ عندَ مُنْقَلَبِ الذَّوْ / دِ ففِي العَوْدِ تَسْبِقُ العَرْجاءُ
لا تَقُلْ حاسداً لِغَيْرِك هذَا / أثْمَرَتْ نَخْلَهُ ونَخْلِي عَفاءُ
وائْتِ بالمَسْتَطاع مِنْ عَمَل البر / ر فقدْ يُسْقِطُ الثِّمارَ الإِتاءُ
وبِحُبِّ النبيِّ فابْغِ رِضَى الل / هِ فَفِي حُبِّهِ الرِّضا والحِبَاءُ
يا نبيَّ الهُدَى اسْتِغَاثَةَ مَلْهو / فٍ أَضَرَّتْ بحالِه الحوْبَاءُ
يَدَّعِي الحُبَّ وهْوَ يأْمُرُ بالسُّو / ءِ ومَنْ لِي أنْ تَصْدُقَ الرَّغْبَاءُ
أَيُّ حُبٍّ يَصِحُّ منه وطَرْفِي / لِلْكَرَى واصِلٌ وطَيْفُكَ رَاءُ
ليت شِعرِي أَذَاكَ مِنْ عُظمِ ذَنْبٍ / أمْ حُظُوظُ المُتَيَّمِينَ حُظَاءُ
إنْ يكُنْ عُظْمُ زَلَّتي حَجْبَ رُؤْيَا / كَ فقدْ عَزَّ داءَ قلبي الدَّواءُ
كيف يَصدا بالذَّنْبِ قلبُ مُحِبٍّ / وله ذِكْرُكَ الجميلُ جِلاءُ
هذه عِلَّتي وأنت طبيبي / ليسَ يَخفَى عليك في القلبِ داءُ
ومِنَ الفَوْزِ أنْ أبُثَّكَ شكوَى / هِيَ شكوَى إليكَ وهْيَ اقْتضاءُ
ضُمِّنتها مَدَائح مُستطابٌ / فيك منها المَديحُ والإصغاءُ
قلما حاوَلتْ مَدِيحكَ إِلّا / سَاعَدَتْهَا مِيمٌ ودالٌ وحَاءُ
حقَّ لِي فيكَ أنْ أُسَاحِلَ قوْماً / سَلَّمَتْ منهم لَدَلْوِي الدِّلاءُ
إنَّ لِي غيرةً وقد زَاحَمَتْني / في معاني مَديحِكَ الشُّعراءُ
ولقلبي فيك الغُلوُّ وأنَّى / لِلِساني في مَدْحِكَ الغُلواءُ
فأَثِبْ خاطِراً يَلَذُّ له مَدْ / حُك عِلْماً بأَنه اللَّأْلاءُ
حاكَ مِنْ صَنْعَةِ القَرِيض بُرُوداً / لَكَ لم تحْكِ وشْيَها صَنْعَاءُ
أعجزَ الدُّرَّ نَظمُهُ فاستوتْ في / هِ اليَدَانِ الصَّناعُ والخَرْقَاءُ
فَارْضَهُ أفْصَحَ امرئٍ نطقَ الضَّا / دَ فقامتْ تَغَارُ منها الظاءُ
أبِذِكْرِ الآياتِ أُوفِيكَ مَدْحَاً / أيْنَ مِنى وأَيْنَ منها الوفَاءُ
أمْ أُمَارِي بهِنَّ قَوْمَ نَبِيٍّ / ساءَ ما ظَنَّهُ بِيَ الأغبياءُ
ولَكَ الأُمَّةُ التي غَبَطَتْهَا / بكَ لَمَّا أتيْتَها الأنبياءُ
لَمْ نَخَفْ بَعْدَكَ الضَّلالَ وفينا / وَارِثُوا نُورِ هَدْيِكَ العُلَماءُ
فانْقَضَتْ آيُ الَانبياءُ وَآيا / تُكَ في الناس ما لَهُنَّ انْقضاءُ
والكراماتَ منهمُ مُعجزاتٌ / حازَهَا مِنْ نَوَالِكَ الأولياءُ
إنَّ مِنْ مُعجزاتِكَ العَجزَ عَنْ وص / فِكَ إذْ لا يَحُدُّهُ الإحصاءُ
كيفَ يَسْتَوعِبُ الكلامُ سَجَايا / كَ وَهَلْ تَنْزِحُ البحار الرِّكَاءُ
ليسَ مِنْ غايَةٍ لِوَصْفِكَ أَبغي / ها وللْقَوْلِ غايَةٌ وانتهاءُ
إنما فضلُكَ الزَّمَانُ وآيا / تُكَ فيما نَعُدُّهُ الآناءُ
لَمْ أُطِلْ في تَعْدادِ مَدْحِكَ نُطْقي / ومُرادِي بذلك استقصاءُ
غير إنيَ ظمآنُ وَجْدٍ ومَا لي / بِقَليلٍ مِنَ الورودِ ارْتِواءُ
فسلامٌ عليك تَتْرَى مِنَ الل / هِ وَتَبْقَى به لَكَ البَأواءُ
وسلامٌ عليك منكَ فما غَي / رُك منه لكَ السلام كِفاءُ
وَسَلامٌ مِنْ كلِّ ما خَلَقَ الل / هُ لِتحْيا بِذِكْرِكَ الأملاءُ
وَصلاةٌ كالمِسْكِ تَحْمِله مِن / ني شمَالٌ إليكَ أَو نكْباءُ
وَسَلامٌ عَلَى ضَرِيحِكَ تخْضَل / لُ به منه تُرْبَةٌ وَعْساءُ
وَثَنَاءٌ قَدَّمْتَ بينَ يَدَيْ نَجْ / وَايَ إذْ لم يكن لَديَّ ثَراءُ
ما أَقَامَ الصلاةَ مَنْ عَبَدَ الل / هِ وقامتْ بِربِّهَا الأشياءُ
حَيَّ بُلْبَيْسَ مَنْزِلاً في العِمَارَهْ
حَيَّ بُلْبَيْسَ مَنْزِلاً في العِمَارَهْ / وَتَوَجَّهْ تِلْقَاءَ بِئْرِ عُمَارَهْ
فالبَتيَّاتِ فالحِرازِ فَتُبتي / ت َفشُبْرا البَيُّومِ فالخَمَّارَهْ
وإذا جِئْتَ حَاجِزاً بَيْنَ بَلبَي / سَ وَقليوبَ مِنْ خَرابِ فَزارَه
فارجِعِ السَّيْرِ بَيْنَ بَنْهَا وَأَت / ريبَ وكلٌّ لِشَاطِئ الْبَحْرِ جَارَه
وَإذَا ما خَطَرْتَ مِنْ جَانِبِ الرم / لِ بِفاقُوسَ فاقْصِدِ الخَطَّارَهْ
وَشَمَنْدِيلَ وهْيَ مَنْزِلَةُ الجي / شِ وَسَعْدَانَةٍ مَحَلِّ غِرَارَهْ
خَلِّنِي مِنْ هَوَى البَداوةِ إني / لَسْتُ أَهْوَى إِلَّا جَمالَ الحَضارَهْ
واقْرِ تِلْكَ القُرَى السلامَ فَإِن أَع / يَتْكَ منها عبارَةٌ فإشارَهْ
إنَّ قَلْبِي أَضْحَى إلى ساكِنِيهَا / باشتِياقٍ وَمُهْجَتِي مُسْتَطارَهْ
أَذْكَرَتْنا عَيْشاً قديماً نَزَعْنَا / هُ لِبَاساً كَالحُلَّةِ المُسْتَعَارَهْ
وزماناً في الحُسنِ وجْهَ عَلِيٍّ / ذا بَهاءٍ وبَهْجَةٍ وَنَضَارَهْ
صاحبٌ لا يزالُ بالجُودِ والإف / ضالِ طَلْقَ الْيَدَيْنِ حُلْوَ العِبارَهْ
كمْ هَدانا مِنْ فضلِهِ بِكِتابٍ / مُعْجِزٍ مِنْ عُلُومِهِ بِأَثارَهْ
وجهُهُ مُسْفِرٌ لِعَاقِبِهِ ما نح / تَاجُ في الجُودِ عِنْدَهُ لِسفارَهْ
يَدُهُ رُقْعَةُ الصَّباحِ فما أَغ / رَبَهَا مِنْ سلامَةٍ وَطَهارَهْ
يَذْكُرُ الوعْدَ في أُمورٍ ولا يَذْ / كُرُ جَدْوَى وَلو بِكلِّ إمارَهْ
إنما يَذْكُرُ العَطِيَّةَ منْ كا / نتْ عَطاياهُ تارَةً بعدَ تارهْ
سَيِّدِي أَنْتَ نُصْرَتِي كلما شَن / نَ عَلَيَّ الزَّمانُ بالفَقْرِ غارَهْ
شابَ رَأْسِي وما رَأسْتُ كأنِّي / زامِرُ الحَيِّ أَوْ صغيرُ الحارَهْ
وَابن عِمْرَانَ وَهْوَ شَرُّ مَتاعٍ / لِلْوَرَى في بِطانَةٍ وَظِهَارَهْ
حَسَّنَ القُرْبُ منكُمْ قُبْحَ ذِكْرَا / هُ كَتَحْسِينِ المِسْكِ ذكْراً لفارَهْ
فَهْوَ في المَدْحِ قَطْرَةٌ مِنْ سَحَابِي / وَهْوَ في الهَجْوِ مِنْ زِنَادِي شَرَارَهْ
ما لهُ مِيزَةٌ عَلَيَّ سِوَى أن / نَ لهُ بَغْلَةً وما لِي حِمَارَهْ
وَعِياظٌ تدْوَى الدَّوَاوينُ منه / لا بمعنىً كأنُّهُ طِنْجِهارَهْ
يَتَجَنَّى بِسوءِ خُلْقٍ عَلَى النا / سِ وَنَفْسٍ ظَلومَةٍ كَفَّارَهْ
لَمْ تُهَذِّبْهُ كلُّ قاصِرَةِ الطَّر / فِ أَجَادَتْ بأَخْدَعَيْهِ القصارَهْ
وَابنُ يَغْمورَ إذْ كساهُ منَ الدر / رَةِ دِرْعاً كأنَّه غَفَّارَهْ
طَبَعَتْ رَأْسُهُ دَماً وَبِسَاطِي / جلْدَةً أَوْ حَسِبتُهُ جُلَّنَارَهْ
وسليمانُ كلما قَرَعَ القَرْ / عَةَ طَنَّتْ كَأنَّها نُقَّارَهْ
وَقعاتٌ تُنْسي المُؤرِّخَ ما كا / نَ مِنْ سُنْبسٍ وَمِنْ زُنَّارَهْ
إنْ جَهِلْتُمْ ما حَلَّ في ساحلِ الشي / خِ مِنَ الصّفحِ فاسْألُوا البَحَّارَهْ
قَالتِ البَغْلَةُ التي أَوْقَعَتْهُ / أَنا ما لي على الغُبونِ مَرَارَهْ
إِنَّ هذا شَيْخٌ له بِجَوَارِي / هِ معَ الناس كلَّ يَوْمٍ صِهَارَهْ
قَلْتُ لا تَفْتَرِي عَلَى الشاعرِ الفِق / قِيهِ قالتْ سَلِ الفَقِيهَ عُمارَهْ
لو أتاهُ في عرْسِهِ شَطْرُ فَلْسٍ / لرأَى البَيْعَ رَجْلَة وشطَارَهْ
قلتُ هذَا شادُّ الدَّوَاوِينِ قالتْ / ما أَوَلّي هذا عَلَى الخَرَّارَهْ
قلتُ ذِي غَيْرَةُ الأُبَيْرَةِ أَلَّا / تَشْتَهِي أَنْ تُفَارِقَ الأَبَّارَهْ
قالتَ اَقْوَى وكيفَ أُغيرُ مِنِّي / عِنْدَ شيخٍ كَلٍّ بِغَيْرِ زِبَارَهْ
قلتُ ما تَكْرَهِينَ منه فقالت / أَيُّ بُخْلٍ فيه وأَيّ قَتَارَهْ
أنا في البيْتِ أَشْتَهِي كَفَّ تِبْنٍ / وَمِنَ الفُرْطِ أَشْتَهِي نُوَّارَهْ
وعَلِيقِي عليه أَرْخَصُ مِنْ ما / لِ المَوارِيثِ في شِرَا ابنِ جُبَارَهْ
سَرَق النِّصْفَ واشتَرى النِّصْف بالنِّص / فِ وَأَفْتَى بأَنَّ هذا تِجارَهْ
لا تَلوموا إذا وَقَعْتُ مِنَ الجَو / عِ فإنّي مِنَ الْخَوَى خَوَّارَهْ
ما كفَاهُ مِنَ الطَّوافِ بِبُلْبَي / سَ إِلى أَنْ يَطُوفَ بي السَّيَّارَهْ
آهِ مِنْ ضَيْعَتِي وما ذاكَ إِلَّا / أَنَّ ما لِي عَلَى الغُبُونِ مَرَارَه
أُكْمِلَتْ خِلْقَتي وَشَيبي وما لي / في حُجُورٍ اُخْتٌ وَلا فِي مِهَارَهْ
أَيُّ شِبْرِيَّةٍ أَلَذُّ وِطاءً / مِنْ رُكُوبي وأَيُّما شَبَّارَهْ
عَيَّرَتْنِي بها بِغالُ الطواحي / نِ وقالتْ تَمَّتْ عليكِ العِيَارَهْ
دُرْتُ حتى وَقَعْتُ عِنْدَ المنَاحِي / سِ فيا لَيْتَ أنني دَوَّارَهْ
وَلقدْ أَنْذَرْتُهُ فَرَأَيْتُهُ / جَاهِلِيَّاً لم تُغْنِ فيهِ النّذارَهْ
وَقَوَافِيَّ ليسَ فيها صِقالٌ / مِنْ نَدىً لا وليس فيها زَفَارَهْ
كلُّ عَذْرَاءَ ما تُرَدُّ مِنَ الكف / ءِ بِعَيْبِ وَلا زَوالِ بَكارَهْ
سِرْنَ مِنْ حُسْنِهِنَّ في الشَّرْقِ والغَرْ / بِ فَكُنَّ الكَواكِبَ السَّيَّارَهْ
لَنْ يَصِيدَهُنَّ النَّوال مَنْ بَحْرِ فِكْرِي / أَوَ يُصْطَادُ الدُّرَّ بالسِّنَّارَهْ
غَيْرَ أَنِّي أَعْدَدْتُهَا لِخَطَايَا / وَذُنُوبٍ أَسْلَفتهَا كَفَّارَهْ
أَوَ لَمْ تَدْرِ أَنَّ مَدْحَ عَلِيٍّ / مِثْلُ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَزِيَارَهْ
أَيُّهَا الصاحبُ المُؤَمَّلُ أَدْعُو / كَ دُعَاءَ استغاثَةٍ واستجارَهْ
أَثْقَلَتْ ظَهْرِيَ العِيالُ وَقد كن / تُ زَماناً بهم خَفيفَ الكَارَهْ
ولوَ اَنِّي وحْدِي لَكُنْتُ مُرِيداً / في رِباطٍ أَو عَابِداً في مَغَارَهْ
أحَسَبُ الزُّهْدَ هَيّناً وَهوَ حَرْبٌ / لسْتُ فيه ولا منَ النَّظَّارَهْ
لا تَكِلنِي إلى سِواكَ فَأخْيَا / رُ زَماني لا يَمْنَحُونَ خِيَارَهْ
وَوُجُوهُ القُصَّادِ فيه حَدِيدٌ / وَقلوبُ الأَجْوادِ فيه حِجَارَهْ
فإذَا فازَ كَفُّ حُرٍّ بِبِرٍّ / فَهْوَ إمَّا بِنَقْضَةٍ أَو نِشَارَهْ
إِنَّ بَيْتِي يقول قد طالَ عَهْدِي / بِدُخُولِ التَلِّيسِ لِي وَالشِّكَارَهْ
وطعامٍ قد كَانَ يَعْهَدُهُ النا / سُ مَتاعاً لهمْ ولِلسيَّارَهْ
فالكوانينُ ما تُعابُ مِنَ البَرْ / دِ بَطَبَّاخَةٍ وَلا شَكَّارَهْ
لا بِساطٌ ولا حَصِيرٌ بِدِهْلِي / زي وَلا مَجْلِسي ولا طَيَّارَهْ
ليس ذا حالُ مَنْ يُرِيدُ حيَاةً / لِعيالٍ ولا لِبَيْتٍ عِمَارَهْ
قلتُ إنَّ الوَزِيرَ أَسْكَنَ غَيرِي / فِي مَكاني ولي عليه إجَارَهْ
قِيلَ إنَّ الوزِيرَ لَنْ يَقْصِدَ الفَس / خَ فَلِمْ لا رَاجَعْتَ في الخَرَّارَهْ
أسقَطَتْهُ مِنْ ظَهْرِنَا فَأَرَتْنَا / جَيْبَهُ لازِماً لِبَطْنِ المَحَارَهْ
ثُمَّ شَدُّوهُ بالإِزَارِ فخِلْنا / هُ الْخَيالِيَّ مِنْ وَرَاءِ السِّتَارَهْ
لَمْ يُفَضِّلْ عليكَ غيرَكَ لكن / نَ عطاياهُ كَالكُؤوسِ المُدَارَهْ
فسأَغْدُو به سعيداً كأنّي / لاعْتِدَالِ الرَّبِيعِ للشَّمسِ دارَهْ
وَيَشُوقَ الأَضْيَافَ في بادَهَنْجٍ / مِنْ بعيدٍ قُرُونُهُ كالمَنَارَهْ
إنَّ بَيْتَاً يغْشَاهُ كلُّ فقِيرٍ / مِنْ عَلِيٍّ في ذِمَّةٍ وَخِفَارَهْ
صَرَفَ اللَّهُ السُّوءَ عنه وَآتا / هُ مِنَ المَجْدِ والعُلا مَا اختَارَهْ
ذُو يَراعٍ يَرُوعُ كَالسَّيْفِ إمَّا
ذُو يَراعٍ يَرُوعُ كَالسَّيْفِ إمَّا / بصَليلٍ عِداهُ أَوْ بِصَرِيرِ
ما رَأَى الناسُ قَبْلَهُ مِنْ يَراعٍ / لِوَزِيرٍ صَريرُهُ كالزَّئيرِ
فإذا سَطَّرَ الكتابَ أَرانا / بَحْرَ فضلٍ أمواجُهُ مِنْ سُطورِ
وإذا استخرجوهُ يَسْتَخْرجُ الدُّر / رَ نَفِيساً مِنْ بَحْرِهِ المَسْجورِ
نَظَرَتْ مُقْلَتِي إليهِ كأنّي / ناظِرٌ في بَدِيعِ زَهْرٍ نَضِيرِ
ثم شَرَّفْتُ مسْمَعِي بِتُؤَامٍ / وَفُرادَى مِنْ دُرِّهِ المَنثُورِ
لا تُطاوِلْهُ في الفخارِ فما غا / دَرَ في الفَخْرِ مُرْتَقَىً لِفَخُورِ
ذِكْرُهُ لَذَّةُ المَسامِعِ فاسْتَمْ / تِع به مِنْ لِسانِ كلِّ ذَكُورِ
ثَمَّ مَعْنىً وصورَةً فَهْوَ في الحا / لَيْنِ مِلْءُ العُيونِ مِلءُ الصُّدورِ
زُرْتُ أَبْوَابَهُ التي أَسْعَدَ الل / هُ بها كلَّ زائرٍ ومَزُورِ
كلُّ مَنْ زارَها يَعُودُ كما عُدْ / تُ بِفَضْلٍ مِنها وَأَجْرٍ كثيرِ
وَكَفانيَ سَعْيِي إليها لأُهْدَى / مِنه بالرُّشْدِ في جميع الأُمورِ
إنَّ مَنْ دَبَّرَ المَمالِكَ لا يَعْ / زُبُ عَنْ حُسْنِ رَأْيهِ تَدْبيرِي
كانَ رِزْقِي مِنْ جَدِّهِ وأبيه / أَيَّ رِزْقٍ مُيَسَّرٍ مَوْفورِ
وَإذا كانَ مِثْلُ ذَاك على الوا / رِثِ إنيَ عَبْدٌ لِعَبْدِ الشَّكُورِ
فارِسِ الخَيلِ العالِمِ العامِلِ ال / حبرِ الهمامِ الحُلاحِلِ النِّحْرِيرِ
لَمْ يَزَلْ مِنْ عُلومِهِ وَتُقاهُ / بين تاجٍ مِنْ سُؤدُدٍ وسَريرِ
أبَداً بِالصَّوابِ يَنْظُرُ في المل / كِ وَفي بَيتِ مالِهِ المَعْمُورِ
فَغَدا الجُنْدُ والرَّعِيَّةُ والما / لُ بخيرٍ مِنْ سَعْيهِ المَشْكُورِ
فأقَلَّ الأجنادِ في مصرَ يُزْرِي / مِنْ بِلادِ العِدا بأَوْفَى أمِيرِ
قُلْ لِمَنْ خابَ قَصْدُهُ في جميعِ ال / نَاسِ مِنْ آمِرٍ وَمِنْ مَأْمُورِ
يَمِّمِ الصاحِبَ الذِي يُتَرَجَّى / فَتْحُ ثَغْرٍ بهِ وسَدُّ ثُغُورِ
وَبَعِيدُ الأُمورِ مِثْلُ قَرِيبٍ / عندهُ وَالعسيرُ مِثْلُ يَسيرِ
آه مِمَّا لَقِيتُ مِنْ غَيْبَتِي عَن / هُ ومِنْ نِسْبَتِي إِلى التَّقْصِيرِ
كَثُرَ الشَّاهِدُونَ لِي أَنَّني مت / تُ وفي البُعدِ عنه قَلَّ عَذِيرِي
مَنْ لِشَيْخٍ ذِي عِلَّةٍ وعِيالٍ / ثَقَّلَتْ ظَهْرَهُ بِغَيرِ ظَهيرِ
أَثْقَلُوهُ وَكَلَّفوهُ مَسيراً / ومِنَ المُسْتَحيلِ سَيْرُ ثَبيرُ
فَهْوَ في قيدِهِمْ يُذادُ مِنَ السع / يِ لِتحصيلِ قُوتِهِمْ كالأَسيرِ
وعَتَتْ أُمُّهُمْ عليَّ وَلَجَّتْ / في عُتُوٍّ مِنْ كَبْرَتِي ونُفُورِ
وَدَعَتْ دونَهُمْ هَنالِكَ بِالوي / لِ لأَمْرٍ في نَفْسِها والثُّبورِ
حَسِبَتْ عِلَّتِي تَزُولُ فقالتْ / يا كَثِيرَ التَّهْوينِ وَالتَّهْوِيرِ
كُلُّ داءٍ لهُ دواءٌ فَعَجِّلْ / بَمُداوَاةِ داءِ عُضْوٍ خَطِيرِ
قُلْتُ مَهْلاً فما بِمِلحِ السَّقَنْقُو / رِ أُدَاوِي وَلا بِلَحْمِ الذُّرورِ
سَقَطَتْ قُوَّةُ المَرِيضِ التِي كا / نَتْ قديماً تُزادُ بالكافُورِ
وعَصانِي نَظْمُ القَرِيضِ الذي جَر / رَ ذُيُولاً عَلَى قَرِيضِ جَرِيرِ
وَازْدَرَتنِي بعضُ الوُلاةِ وقدْ أَص / بَحَ شِعْرِي فيهمْ كَخُبْزِ الشَّعِيرِ
وغَسَلْتُ الذي جَمَعْتُ مِنَ الشع / رِ بِفَيْضٍ عليه غسْلَ صُخورِ
ونَهَتْنِي عَنِ المَسِيرِ إليهمْ / شِدَّةُ البَأْسِ مِنْ سَخاً في مَسِيرِ
وَهَجَرْتُ الكِرامَ حتى شَكانِي / منهمُ كلُّ عاشِقٍ مَهْجورِ
وَكَزُغْبِ القَطا وَرائِي فِراخ / مِنْ إناثٍ أعُولُهُمْ وذُكُورِ
يَتَعاوَوْنَ كالذِّئَابِ وَيَنْقَض / ضونَ مِنْ فَرْطِ جُوعِهِمْ كالنُّسُورِ
وَفَتاةٍ ما جُهِّزَتْ بِجهازٍ / خُطِبَتْ للِدُّخولِ بعدَ شُهورِ
وَاقْتَضَتْنِي الشِّوارَ بَغْياً عَلَى مَنْ / بيتُهُ ليسَ فيهِ غير حَصِيرِ
هِذهِ السُّورَةُ التي أقْعَدَتْني / عنك آياتُها قُعُودَ حَسيرِ
أقْعَدَتْنِي بِقَريَةٍ أسْلَمَتْنِي / لِضَياعٍ مِنْ فاقَتِي وكُفُورِ
كلُّ يَوْمٍ مُنَغَّصٌ بٍطَعامٍ / أوْ رَفِيقٍ مُنَغِّصٍ بشُرُورِ
ورِفاقِي فِي خِدْمَةٍ طُولَ عُمْرِي / رِفْقَتي في الحِرانِ مثْلُ الحَميرِ
كلَّما رُمْتُ أُنْسَهُم ضَرَبُوا / مِنْ وَحْشَةٍ بينهُمْ وَبَيْنِي بِسُورِ
وأَبَوْا أنْ يُساعِدُونِي عَلَى قُو / تِ عِيالِي بُخْلاً بِكَيْلِ بَعِيرِ
فَسَيُغْنِيني الإلهِ عنهمِ بِجَدْوَى / خيْرِ مَولىً لَنا وخيرِ نَصِيرِ
صاحِبٌ يَبْلُغُ المُؤَمِّلُ منهُ / كلَّ ما رامَهُ بِغَيرِ سَفِيرِ
مِنْ أُناسٍ سادوا بَنِي الدِّينِ والدُّن / يا فما في الوَرَى لهُمْ مِنْ نَظِيرِ
سَرَّتِ الناظِرِينَ منهم وجوهٌ / وُصِفَتْ بالجَمالِ وَصْفَ البُدُورِ
وَرِثُوا الأرضَ مثلَ ما كَتَبَ الل / هُ تعالَى في الذِّكْرِ بعد الزَّبورِ
فَهُمُ القائمونَ في الزَّمَنِ الأو / وَلِ بالقِسْطِ وَالزَّمانِ الأخِيرِ
وَهُم المُؤْمِنُونَ والوارِثُوا الفِرْ / دوسِ والمُفْلِحُونَ في التفسيرِ
عَبَدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لهُ الدّي / نَ لِما في قلوبِهِمْ مِنْ نورِ
وأَحَبُّوا آلَ النبيِّ فكانوا / معهم في مَغِيبِهِمْ وَالحُضورِ
في مَقامٍ منَ الصَّلاحِ وَأمْنٍ / وَمقامٍ مِنَ النَّعِيمِ وَثيرِ
أَهْلُ بيتٍ مُطَهَّرينَ مِنَ الرِّجْ / سِ وَهُمْ أَغْنِيا عنِ التَّطْهِيرِ
حُجِبُوا بالأثاثِ عَنَّا وبالزي / يِ وأَخْفَوْا جَمَالَهمْ بالخُدُورِ
لَبِسُوا الزِّيَّ بالقلوبِ وَأَغْنَوْا / صِدْقَهُم عَنْ لِباسِ ثَوبَي زُورِ
وَأرَوْنا أهلَ التُّقَى في الزَّوايا / سَلَّمُوا في البَقا لأَهْلِ القُصُورِ
وأَتَوْا كلُّهُمْ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ / وأَتَى غيرُهمْ بِثَوْبٍ نَقيرِ
وحَكَتهُم ذُرِّيَّةٌ كالدَّرَارِي / مِنْ بُطُونٍ زَكِيَّةٍ وظُهورِ
يُطْعِمُونَ الطَّعامَ لا لِجَزاءٍ / يَتَرَجَّوْنَهُ وَلا لِشُكورِ
عَلِمَ اللَّهُ منهم ما جَهِلْنا / وَكَفَاهمْ شُكْرُ العليم الخَبِيرِ
ما أكلنا في ذا الصِّيامِ كُنافَه
ما أكلنا في ذا الصِّيامِ كُنافَه / آهِ وابُعْدَها علينا مسافَه
قالَ قَوْمٌ إنَّ العِمَادَ كَرِيمٌ / قُلْتُ هذا عندي حَدِيثُ خُرافَه
أنا ضَيفٌ لَهُ وَقد مُتُّ جوعاً / لَيتَ شِعْرِي لِمْ لا تُعدُّ الضِّيافَه
وهوَ إنْ يُطْعِمِ الطَّعامَ فما يُطْ / عِمُهُ إِلَّا بِسُمْعَةٍ أو مَخافَه
وهَوَ في الحَرِّ والخَرِيفِ وَفي البي / تِ يَجمَعُ الحُطامَ كالجَرَّافه
فاعلَمُوهُ عَني وَلا تَعْتِبُوني / إنَّ عِنْدِي في الصَّوْمِ بعضَ الحِرافَهْ
فَهْوَ إنْ لَمْ يُخرِج قليلاً إلى الحا / ئِطِ في لَيلَتي طَلَعْتُ القَرافَهْ
إنَّ خُلْقَ الشُّهودِ وًَالعُمَّالِ
إنَّ خُلْقَ الشُّهودِ وًَالعُمَّالِ / مِثْلَ خُلْقِ العُشَّاقِ والعُذَّالِ
كلُّ عَدْلٍ مُضايِقِ في وُصولٍ / كَعَذُولٍ مُضايِقِ في وِصالِ
لَسْتُ أَدْرِي معنَى التَّباغُّضِ / ما بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ غيرَ حُبِّ المالِ
فإذا زالتِ المطامِعُ منهمُ / أَذَّنَ الخُلْفُ بينهمْ بالزوالِ
سالَمتْنِي المُسْتَدَمُونَ وكانُوا / قدْ أَعَدُّوا سِلاَحَهُمْ لِقِتالِي
وَرَثى بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَقَدْ با / نَ لَكَ الآنَ شِدَّةُ الأهوالِ
وَرَأى ابنُ الأشَلِّ قد كانَ يبقى / كاتِباً مِثْلَ جَدِّهِ بالشِّمالِ
فالتَجا لِلْعَفَافِ مَنْ كانَ يَوْماً / لا له يَخْطُرُ العَفافُ ببالِ
وَلهُمْ أَعْيُنٌ تَغُضُّ عَنْ / العَيْنِ وَأيْدٍ تُمَدُّ عِنْدَ الغِلالِ
بأبي حَزْمُكَ الذي طَرَّق / الأَنْذَالَ منهم طَرائِقَ الأَبْدَالِ
لا تُوَطِّنْ قلوبَهُمْ بِهِجَاءٍ / إنها منْ سُطاكَ في بَلْبالِ
ما استوَى السِّيْفُ واللِّسَانُ مَضَاءً / أَتُساوَى حَقِيقةٌ بِمُحالِ
إنَّ قَوْلِي هَزْلاً وَفِعْلَكَ جَدَّاً / مِثْلُ نَبْلِ الحَصَى وَرَشْقِ النِّبَالِ
وَلَلَهْفِي وَلِعْتَ بالضَّرْبِ في / الرَّمْلِ لأَحْظَى بأسْعَدِ الأَشْكالِ
فحَمِدْتُ الطَّرِيقَ إذا أِشْهَدَتْ لِي / حينَ عايَنْتُها بِحُسْنِ مآلِ
وَغَدا الاجتماعُ يَضْمَنُ لِي / عَنْكَ بُلوغَ الرَّجاءِ وَالآمالِ
أنْبَتَ العِزُّ منكَ في بَيْتِ نَفْسِي / وَالغِنَى مِنْ يَدَيْكَ في بيتِ مالِي
وإذا كنتَ نُصرَةً لِيَ فِيما / أَرْتَجِيهِ فَذَاكَ عَيْنُ سُؤَالِي
لَيْتَ شِعرِي ما مُقْتَضَى حِرْماني
لَيْتَ شِعرِي ما مُقْتَضَى حِرْماني / دُونَ غَيْرِي والإلْفُ لِلرَّحْمنِ
أتَرَاني لا أَسْتَحِقُّ لِكَوْني / جامِعاً شَمْلَ قارِئي القرآنِ
أَمْ لِكَوْني في إثْر كلِّ صَلاةٍ / بيَ يُدْعَى لِدَوْلَة السُّلْطانِ
وَبِأَيِّ الأَسْبابِ يُعْطَى مَكانٌ / صَدَقاتِ السُّلطانِ دُونَ مَكانِ
حُمِلَتْ مِنْ عَطائِهِ أَلْفُ دِينا / رِ إِلَينا مِنْ بَعْدِها أَلْفانِ
ما أتاني منها ولا الدِّرْهَمُ الفَرْ / دُ وَهذا حقيقةُ العُدْوانِ
زَعَمَ ابنُ البَهاءِ أَنَّ عَطايا / الْمَلِكِ الصَّالحِ العَظِيمِ الشَّانِ
ما كَفَتْ سائِرَ المدارِسِ / أَوْ ضُمَّ إليها مِنْ مالِها دِرْهَمانِ
وَلَعَمْرِي لَقَدْ تَوَفَّرَ نِصْفُ / الْمالِ مِنها وَراحَ في النِّسْيانِ
إنْ أَكُنْ ما أقولُهُ مِنه دَعْوَى / فاطلُبُوني عليه بالبُرْهانِ
أوَ ما كانَ عِدَّةَ الفُقها / ألْفُ فَقِيهٍ مِنْ بَعِدِها مِئَتَانِ
فاحْسبُوها بَمُقْتَضَى الصَّرْفِ دِينا / راً وَرُبْعاً لِلْجِلَّةِ الأَعْيانِ
تَجِدُوها ألْفاً وخَمْسَ مِئاتٍ / غَيْرَ ما خَصَّها مِنَ يَدِ الوَزَّانِ
أنَا لا أنْسُبُ البَهاءَ عَلَى ذا / لِكَ إلاَّ لِقِلَّةِ الإِيمانِ
هُوَ وَلَّى أهْلَ الخيانَةِ فما / وَتَوَلَّى ال الخَوَّانِ
كُلَّما جاءَتِ الدَّنانيرُ / يَنْقَضُّ عليها البَهاءُ كالشَّيْطانِ
مَدَّ فيها يَدَ الخيانَةِ / فامْتَدَّ إليه بالذَّمِّ كلُّ لِسانِ
وَلَعَمْرِي لَوِ اتَّقَى اللهَ في / السِّرِّ اتَّقَتْهُ الأَنامُ في الإعْلانِ
وَعَلَى كلِّ حالَةٍ أَحْمَدُ / اللهَ الذَّي مِنْ سْؤَالِهِ أُعْفانِي
فَلَقَدْ حَلَّ في المَدارِسِ في / الأَخْذِ كَثْرَةُ الأَذَى وَالهَوانِ
وأُزِيلَتْ بالسَّبِّ أعْراضُ / مَنْ فيها فما قامَ الرِّبْحُ بالخُسرانِ
كيفَ أنْسَى قَوْلَ الشِّهَابِ جِهاراً / قَبَّحَ اللهُ كلَّ ذِي طَيْلَسانِ
خَدَعُونا واللهِ مَمَّا يَمُدُّو / نَ أَكُفَّا كَكِفَّةِ المِيزانِ
آهِ واضَيْعَةَ المَساكِينِ / إنْ وُلِّيَ أَمْرَ الطَّعامِ في رَمَضانِ
أَهَوَىً والمَشِيبُ قَدْ حالَ دونَهُ
أَهَوَىً والمَشِيبُ قَدْ حالَ دونَهُ / والتَّصَابي بَعْدَ المَشِيبِ رُعُوتَهْ
أَبَتْ النَّفْسُ أَنْ تُطِيعَ وقالَتْ / إنَّ حُبِّي لا يَدْخُلُ القِنِّينَهْ
كَيفَ أَعْصِي الهَوَى وطِينَةُ قَلْبِي / بالهَوَى قَبْلَ آدَم مَعْجُونَهْ
سَلَبْتُهُ الرُّقادَ بَيْضَةُ خِدْرٍ / ذاتُ حُسْنٍ كالدُّرَّةِ المَكْنُونَهْ
سُمْتُهَا قُبْلَةً تُسَرُّ بِها النَّفْسُ / فقالَت كذا أَكُونُ حَزِينَة
قُلْتُ لابُدَّ أَنْ تَسِيري إلَى الدَّ / ارِ فقالَتْ عَسَى أنَا مَجْنُونَهْ
قُلْتُ سِيري فَإنَّنِي لَكِ خَيْرٌ / مِنْ أَبٍ رَاحِمٍ وَأُمٍّ حَنُونَهْ
أَنَا نِعْمَ القَرِينُ إنْ كُنْتِ تَبْغِينَ / حَلاَلاً وَأنْتِ نِعْمَ الْقَرِينَهْ
قَالَتِ اضْرِبْ عَنْ وَصْلٍ مِثْلِي صَفْحاً / وَاضْرِبِ الخَلَّ أَوْ بَصِيرَ طَحِينَهْ
لا أَرَى أَنْ تَمَسَّنِي يَدُ شَيْخٍ / كَيْفَ أَرْضَى بِهِ لِطَشْتِي مَشِينَهْ
قُلْتُ إنِّي كَثِيرُ مَالِ فقالَتْ / هَبْكَ أَنْتَ المُبَارِزُ القاَرُونَهْ
سَيِّدِي لا تَخَفْ عَلَيَّ خُرُوجاً / في عَروضِي فَفِطْنَتِي مَوْزُونَهْ
كُلُّ بَحْرٍ إنْ شِئْتَ فِيهِ اخْتَبِرنِي / لا تُكَذِّبْ فَإنَّنِي يَقْطِينَهْ
عاشَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ البُوصِيريْ
عاشَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ البُوصِيريْ / وَحَياةُ الكِلاَبِ مَوْتُ الحَمِيرِ
عاشَ قَوْمٌ مُذْ قِبْلَ إنِّي قد مِتُّ / فماتُوا قَبْلِي بِوَخْزِ الصُّدُورِ
لَسْتُ مَمَّنْ يَمُوتُ أَوْ يَقْدمُونِي / وَأَبْكِي عَلَيْهِمُ في القُبُورِ
وَصَحِيحٌ بأَنَّني كُنتُ قَدْ مِتُّ / وأحْيانِيَ جُودُ هذَا الوَزِيرِ