المجموع : 25
إسأليني أجبك عن آلامي
إسأليني أجبك عن آلامي / علّ يجدي لديك شيئاً كلامي
لست اشكو لك السقام الذي بي / أنت تدرين قدر ذاك السقام
أنا والله صادق في ودادي / أبدي عهدي قوي ذمامي
لا يباهيك في الجمال مباهْ / لا يساميك في الكمال مسام
بك جنّ الأنام حبّاً ولكن / قد تغاضيت عن جنون الأنام
زوّدي الريح من أريجك بعضاً / إمنحيه للورد في الإكمال
إن يكن للرياض منك نصيب / فبكاء الطيور والأقلام
لم ينل منك وصلة ذو حياة / ليت شعري هل جدت للأرحام
ربما نالت النفوس مناها / منك لولا حوائل الأجسام
تجتليك الآمال لا بعيون / إنما تجتليك بالأفهام
قد تناءيت عن نُهى أقوامٍ / وتدانيت من نها أقوامِ
إن يحل بينك الزمان وبيني / فاطلبيني في مهبط الإلهام
أو دعيني أجدّ نحوك سعياً / أنا أولى بالجدّ والإقدام
أغتدي كل ذات حسن ورائي / فإذا شمتُ كنتِ أنت أمامي
خيّريني أني ارتضيت مقاماً / فعسى اهتدي لذاك المقامِ
هل كرهت العباد أخوان ودٍّ / فاصطفيت الليوث في الآجامِ
أم أنفتِ الذل الذي في الرعايا / أم تجنّبت قسوة الحكامِ
لم تصيبي ماذا تخافين منهم / أنت في منعةٍ من الأحكام
لم تريدي نعيق غربان أرضِ / فتمنّيت داعيات الحمامِ
أسأليها أي الأراك استطابت / واسأليها هل غيّرت أنغامي
أنا علّمتها الغناء فغنت / أنا ربيتها فهامت هيامي
أشبهتني في نغمتي وبكائي / واستمدت دموعها من غمامي
ودّعينا فيما الوداع كثير / في فراق يبقى إلى أعوامِ
إن تجودي على سوانا بسقيٍ / فاذكرينا إنّا إليك ظوامي
وإذا زرت من فروق ربوعاً / وتجلّيت فوق تلك الأكامِ
وكسوت الخليج منك شعاعاً / وأنرت البلاد بعد الظلامِ
فأقرأيها مني السلام عليها / ثم يأتيك بعد ذاك سلامي
كلما هب من فروق نسيم
كلما هب من فروق نسيم / الهب الشوق في الحشا الهابا
لو يفيد العتاب في الحظ شيئاً / كنت أوسعته عليك عتاباً
نحن في بلدة عديمة صحو / لا نرى في السماء إلا سحابا
استسرت نجومها في دجاها / وأخوك الهلاك في الأفق غابا
ما بها روضة ولا عندليب / غير أنّا بها سمعنا الغرابا
تتهادى على الوحول ونأوي / لبيوت تخالهن قبابا
لا نرى في الشتاء إلا صقيعاً / لا نرى في الربيع إلا ترابا
لهف نفسي على ليالٍ تقضت / رق فيها عهد الصفاء وطابا
أسفرت عن صباح بُعد طويل / لست أدري متى يكون اقترابا
يا أخا الود ما يصدك عنا / وبنا نائب من الدهر نابا
إن تكن جفوة فرأيك أعلى / أن نجافي على البعاد الصحابا
أدكرني وليس مثلك ينسى / حين تتلو هناك هذا الكتابا
لا تبالي إمّا استطال اغترابٌ
لا تبالي إمّا استطال اغترابٌ / جهل قوم ما النفي أمرٌ يعابُ
واصبري للزمان حيناً فإني / أرتجي أن يزول هذا السحابُ
نحن جند الصواب مهما انهزمنا / عن أعاديه فالصواب صوابُ
وصروف الزمان فيها اختلاف / فوز حزب تنكى به أحزابُ
أفسد الظلم أنفس الناس حتى / لو رأى الناس عادلاً لارتابوا
قد أجيعوا فالبعض يأكل بعضاً / غنمٌ بعضهم وبعض ذئاب
يا دياراً خلت فأمست خلاء
يا دياراً خلت فأمست خلاء / أحسن الله في بنيك العزاء
عودتنا الأحزان هذي الليالي / كم رثينا وكم أطلنا الرثاء
وإذا لم ترحم بنيك المنايا / كيف نرجو أن ترحم الشعراء
لو تجوز الشكاة في آلام يوماً / لشكا الناس كلهم حواء
جاءها آدم وجاءته شوقاً / ليتها لم تجئ ولا كان جاء
أبصرا ثم تُيما ثم خابا / شقيا كي يعلمانا الشقاء
هب لنا يا زمان راحة يوم / فإذا مرّ عد فهات لاعناء
نكتفي منك بالقليل من العد / ل وإن كنت لا تحب اكتفاء
رحم الله طاهرات جسوم / أصبحت في فلاتها أشلاء
ليس فيها صخر وكل قتيل / تارك بعدهُ لهُ خنساء
دهمتها جند النوائب حتى / ملأت من رفاتها الدهماء
اضرمت نارها عليها فما تب / صر أرضاً ولا تبين سماء
استطاب الردى نحيب الأعادي / ظن ذاك النحيب منها غناء
واليتاميى لما بكت أطربتهُ / فدهاها ليستزيد البكاء
أبداً يغتذي اللحوم ولا يش / رب عند الظلماء إلا الدماء
ظالم حكمه طويل بقاء / لا حبا الله ظالمين بقاء
ارحمي يا قلوب هذي الضحايا / فهي ترجوك لا تردي الرجاء
إن إخواننا الذي تردوا / قد دعونا فما أجبنا الدعاء
وإذا نحن ما استطعنا دراكاً / أفلا نستطيع يوماً وفاء
ليت شعري وهم ينادون يا رب / خلاصاً أما سمعت النداء
إن يبيدوا فقبلهم باد ناس / ليس في الناس من يرد القضاء
نرحم الشيخ وهو يندب حزناً / هل رأينا في خدرها العذراء
فهي تبكي أباً وتبكي أخاً ثم / م تكف البكاء منها حياء
طاب روضي وأثمرت أشجاري
طاب روضي وأثمرت أشجاري / فأعيدي الغناء يا أطياري
يا بنات الربيع جددن شجوي / وأعنّ الصبا على أوطاري
مصر أرضي والنيل نهري وهذا ال / قصر داري وكل قصر داري
أنا شمس في مشرق الحسن والمل / ك وللعاشقين نوري وناري
أتهادى بين الغصون فتنآ / د وتغضي نواظر الأزهار
والنسيم العليل في الرضو يستش / في بلثم الثرى على آثاري
مستمداً منه شذاً معطاراً / نافخاً فيه من شذاً معطار
وأكف الأوراق تنثر لي الدر / م فأمشي على غوالي النثار
وتظل السماء تحسد وجه ال / أرض أني سحبت فضل إزاري
فهي ترنو بأعين الليل حسري / وهي تبكي بأدمع الأسحار
إيه يا صبح هل أتيت بخير / طال رعبي من سيء الأخبار
أترى أنت رائعي بعد أمن / ومديلي من عزة لصغار
إن الليل من غلائه السو / د لستراً من أحكم الأستار
ومحياك في تباشيره الغر / م مذيع غوامض الأسرار
هدأت شرة الشبيبة واللي / ل وقد عاد حين عدت وقاري
أكذا ينقضي مع الصفو ليلي / ومع الهم يستجد نهاري
إن عمراً مقسماً بين ملك / وغرام لأتعب الأعمار
لي في دولة القلوب احتكام / هو في نجوة من الأوزار
علقت بي رغم الحوادث والده / ر وذاقت انسي وذاقت نفاري
تتلظى ولو أشاء لذابت / غير أني حبست عنها أواري
كره الناس لي الفناء فأبقوا / شبهي في هياكل من نضار
وأبوا أن تكون أشكال حسني / مثلت في الصخور والأحجار
أكرموني في حاضري وأحبوا / لي بقاء التكريم في الأدهار
ونزيل القبور مهما يكرم / في احتقار والقبر دار احتقار
عجباً قرت الرعية في أم / ني ولكن ما قر فيه قراري
وأفاد الملوك في دول الأر / ض اقتداري ولم يفدني اقتداري
وفككت الإسار عن كل عان / ثم أصبحت لا يفك إساري
ما لهذا الصبا يزيد جماحاً / وقصارى الصبا إلى أقصار
أبداً أجتلي الصفاء إذا استج / لت عيوني صفاء هذي البراري
ولقد أنظر البحار فأزدا / د أضطراباً من اضطراب البحار
هائجات في لجها مائجات / كالتحام الأقدار بالأقدار
تضرب الشط ثم ترتد عنه / كارتداد الخميس دون الحصار
وكأن الفضاء مرآة نفسي / وكأني أرى به أفكاري
كم مقام هناك تطلبه النف / س أشتياقاً وكم شفير هاري
مع جد مسيره لارتفاع / وشباب مصيره لانحدار
ليت شعري ماذا أعد لي الده / ر من الويل بين هذي الصواري
تتراءى مثل الردينية السم / ر تثنى في جحفل جرار
ساريات بين الشبيهين من أف / ق وماء لم تكتحل بغبار
مشرقات النجوم في دول الأف / لاك ماذا يثنيك دون السرار
قد هوى من سمائه القمر الطا / لع هذي قيامة الأقمار
ملأ الكون حين أسفر واستع / لى وكان المحاق في الأسفار
وكذا النيرات تبدو وتخفى / كالحباب الطافي بكأس العقار
لهف نفسي على حياء وفيّ / بزها طائعاً لرعي ذماري
في حشاء نار من الوجد ليست / من وقود جزل وزند واري
رام إطفاءها فلم يلق ما يط / فئها غير سيفه البتار
فجرى النصل في الحشاشة جري ال / سيل دراً في دافع التيار
يا قلوب العشاق مالك حيرى / المنايا كثيرة فاختاري
بلغوا الغاشم الذي رام حربي / فتخطى دياره لدياري
أنا لا استطيب ملكاً بذل / أنا لا أستلذ عيشاً بعار
ولئن غالني بلا أنصار / فسألقى الردى بلا أنصار
سلبته سوالب الحب خدناً / لا بذى خدعة ولا غدار
حث أسطوله وأقبل يسعى / في جبال على جبال جواري
وتراءت أنوار ملكي لعيني / ه فلم تبصرا من الأنوار
حسن اسكندرية المتبدي / ناب عن حسن رومة المتواري
وإذا أسهم بغير انتظار / وإذا غارة بلا إنذار
كان جبار معشر فتولى ال / لحظ إذلال ذلك الجبار
نبذ الصولجان والصارم العض / ب هياماً بدملج وسوار
يبتغي ما ابتغاه صاحبه أم / س وهيهات وصمة التكرار
يضمر الحب ثم يبدي صدوداً / رب سر يذاع بالأضمار
أيها الدهر كم تطيف عليّ ال / كأس جاوزت غاية الإسكار
هيئي يا أماه مجلس أنسي / وأعدي الصبوح لي يا جواري
ولتقم هذه القيان وتشدو / مطربات ضرباً على القيثار
فعسى نغمة تروح روحي / إن روحي ترتاح للأوتار
ليقم بين اكؤس الراح عرشي / ثابتاً أسه رفيع المنار
حاملاً فوقه رواء شباب / طيب المجتنى وغض البهار
ولتضيء في ظلام نفسي نجوم / مشرقات من الحباب الصغار
كلآل على السموط تبدت / أو دموع على خدود العذاري
هان عندي أن أخلع الهم والتا / ج جميعاً إذا خلعت عذاري
أضجرتني سياسة الناس حيناً / ولئن دام دام لي اضجاري
والذي هامت البرية فيه / زخرف من تصلف وفخار
أيها التاج ما لبستك إلا / وبرأسي بقية من خمار
فوداعاً يا مجلساً كنت شمساً / أتجلى فيه على الحضار
قد سلا كل من أحب بحبي / وتلهى عن جاره بجواري
وانتهت دولة الشباب كأن لم / تك كانت لم تبق من تذكار
وفراق الأحباب إن صدق الحب / م سبيل لمنزل الأنتحار
فزت يا قيصر ولكن بماذا / لا بدار نعمت أو ديار
هكذا كنت أيهذا الهمام
هكذا كنت أيهذا الهمام / خافقات من فوقك الأعلام
كل ساع وراءك اليوم يبكي / نعشك اليوم وحده بسام
نم هنيئاً لقد سهرت كثيراً / فتساليا بها جنودك ناموا
رقدة هذه كأنك فيها / والد حوله بنوه قيام
لا أرى مثل فقدك اليوم فقداً / كل أبطالنا به أيتام
ولئن تبت عن كلام البرايا / مثل ذا الصمت للبيب كلام
فر منك الحمام بين ملونا / وبمصر سطا عليك الحمام
غاظه الله لم يهادنك يوماً / وعلى الخصم تصبر الأخصام
والعدو الكريم يهجع في أم / ن إذا كان في عداه كرام
سوف تبكي الأقلام سيفك دهراً / رب سيف تبكي له الأقلام
الجبال التي وقفت عليها / لم ينل مثل مجدها الأهرام
قد تمنى لو فاز منك بما فا / زت فغنت له به الأعوام
ما تعالى إلا بضيم الاساري / وأساراك مثلهم لم يضاموا
ودعوا منك سيداً حين ساروا / ورأوا منك والداً ما أقاموا
لا أحب الوغى ولا أنا منه / كل ما يقتل النفوس حرام
غير أن الأنام تهوى المعالي / وبسمر الوشيج تعلو الأنام
وبلاد الفتى تعز عليه / وعظام الأباء فيها عظام
وعهود الصبا عهود غوال / وغرام الوفي ذاك الغرام
يوم تأتي فروق تلق ليوثاً / أكبرتها وراءك الآجام
تتثنى لديك تلك العوالي / حين ينجاب عنك ذاك الغمام
وتظل القبور تهتز شوقاً / في الفيافي وتهتف الأرمام
هي كانت من قبل هذا قبوراً / فإذا ما حللت فهي خيام
كلما هب من فروق نسيم / فهو من أهلها عليك سلام
يا ليالي ماذا نرى يا ليالي
يا ليالي ماذا نرى يا ليالي / خير حال أريت أم شر حال
أكذا يصبح الموالي عبيداً / أكذا يحكم العبيد الموالي
لا أمان فننتهي بالأماني / لا نوال فنكتفي بالنوال
حكمة قد أردتها رب فينا / فامتثلنا والخير في الأمتثال
إن هذا الجيل الأخير لجيل / جاء عاراً لسائر الأجيال
أعلمت الهوى الذي أخفيه
أعلمت الهوى الذي أخفيه / أي سر في القلب لم تعلميه
هو مأواك منذ كان وهل يح / جب شيء في البيت عن ساكنيه
استنيبي من مدمعي مستجد ال / وجد إني بمدمعي مجليه
هو شعري به يطيب أرتجالي / كل معنى يحير العقل فيه
ذوب نفس يجري على الخد دمعاً / أنا أفنيه والهوى ينميه
لا تعيبي ابتذاله فتهينيه / ولكن لصدقه أكرميه
أيها القلب لست تقبل نصحاً / فتجرع هذا الذي تبتغيه
كيف تشكو الهوى ولا تتقيه / والذي يشتكي الهوى يتقيه
كنت طفلاً فيه وما زلت طفلاً / وبنوه شابوا ونسل بنيه
الهوى آية وأنت كتاب / وأنا كاتب فمن موحيه
أيها النيل أنت تجري ودمعي / ليت شعري من سابق لأخيه
قد تنزهت جارياً عن سبيه / وتعالى مستقطراً عن شبيه
فاستفيضا ما شئتما لست أخشى / أن تفيضا يجريك ما يجريه
إن تخالفتما طباعاً وقصداً / فلكل شأن له يغنيه
أنت عذب تروي الذي تسقيه / وهو ملح يشوي الذي يسقيه
غير أني أجله عنك إن ال / أرض واديك والسماء واديه
يا سليل الرغام مهما تعالي / ت سليل العيون لا تحكيه
أيها الليل طل علي فإني / أجتلي في دجاك ما أجتليه
كم خيال أحبه تدنيه / وإذا الصبح زارني تقصيه
كم تلاق يظلني فيه جنح / منك يحمي المطلوب من طالبيه
كم محب عن أعين تخفيه / وحبيب لا عين تبديه
كم سعيد بوصلة تحييه / وشقي بهجرة ترديه
سادتي إن في الوجود نفوساً
سادتي إن في الوجود نفوساً / ظلمتها الأقدار ظلماً شديدا
هي تشقى من غير ذنب جنته / ولكم مذنب يعيش سعيدا
رحم الله أعيناً لم تشاهد / منذ كانت إلا ليالي سودا
تتمنى لو فتحت فتملت / من جمال الوجود هذا الشهودا
تتناجى حمائم الروض صبحاً / لا نراها ونسمع التغريدا
ويكون الربيع منا قريباً / فنظن الربيع منا بديدا
حين ترنو إلى الورود عيون / ليت شعري كم تستطيب الورودا
أبوي اللذين أوجدتماني / اتريدان شقوتي لن تريدا
عشتما في ظلال شمل جميع / أنا وحدي وجدت شملي بعيدا
وإذا كنت قد ولدت فقيداً / ليتني كنت قد فقدت وليدا
سادتي إننا صبرنا امتثالاً / ما ضجرنا ولا شكونا الجدودا
فانظروا نظرة الكرام إلينا / وارحموا أدمعاً تخد الخدود
كلما مر في التباعد يوم
كلما مر في التباعد يوم / جدّد الوجد في الفؤاد الوفيّ
أنا باق على الولاء مقيم / واحتفاظ الولاء دأب الولي
قد أطال الزمان شقوة حر / لست ترضى له بجد شقي
أجمل الصبر وهو للحر عجز / عل دهراً يأتي بأمرٍ جلي
بين صدق النهى وكذب الأماني
بين صدق النهى وكذب الأماني / وقف الرأي والهوى ينظران
للهوى جرأة وللرأي حكم / والبرايا لديهما شيعتان
يا نفوساً جنى الشباب عليها / قضي الأمر لديهما واستراح الجاثي
لست الحاك في زمان غرور / فلقد مر في الغرور زماني
والخيال الذي صبوت إليه / منذ عشرين حجة أصباني
خبر الناس أيها النيل عني / وأشهدا معه أيها الهرمان
المغاني التي بكيت عليها / باقيات تكلمي يا مغان
غازلتني عيون زهرك حيناً / وقماريك رددت ألحاني
وإذا أنت حال عهدك بعدي / فكما شئت مهجتي ولساني
يا ربوع الهوى بأية كأس / قد سقاني فيك الهوى من سقاني
بلبل مشتك وورد مصيخ / أنظروا كيف يهنأ العاشقان
أضحك الدهر معشراً جهلوه / وأنا مذ عرفته أبكاني
كلما قلت للمنى أدناني / جد حتى عن المنى أقصاني
ايها الشرف كيف حالك فينا / ينجلي نازل فيغشاك ثان
هدمتك الخطوب صرحاً فصرحاً / قوضت من علاك شم المباني
يظلم الناس بعضهم منذ كانوا / طال ظلم الأنسان للأنسان
وإذا كان في الحياة قليل / من نعيم فذاك للتيجان
والعقول التي نخال انارت / استسرت في ظلمة الأديان
طال ليلي وأظلما
طال ليلي وأظلما / قتل الليل أرقما
بات جفني مؤرقاً / غربه يمطر الدما
فارق الارض لحظه / وأعتلى يطلب السما
كلما اجتاز أنجماً / راح يرتاد أنجما
رب سر مكتم / لم نجده مكتما
حفظ السر كله / فإذا شئت ترجما
رحم الله مهجة / لم تجد منه أرحما
ابدأ تذكر الحمى / آه من ذكرها الحمى
أيها الناس مالكم / تبغضون الميتما
اتركوه يجد له / جنة أو جهنما
نظرات كأنها تتحرى
نظرات كأنها تتحرى / منفذاً للفؤاد بين الضلوع
نافذات إليه مثل رصاص ال / حرب لاقى مستحدثات الدروع
قد تأبت على مواضع فيه / ثم قرت في مستقر الخشوع
فهو دام ولا يمج نجيعاً / وكسير وما به من صدوع
كلما نزعها عاد كفي / بقليل من بعضه منزوع
أنت يا أيها الكتاب أميني
أنت يا أيها الكتاب أميني / غير أني أخاف حتى الأمينا
صنت سري في الحب عنك وعني / فاسترحنا وبات سري مصونا
كلما ضاقت القلوب بسر / فجرت منه في العيون عيونا
وصدور الأوراق أهون كشفاً / لمريد أن يستبين شؤونا
ليس في دولة المحاسن قلب / عالم بي إلا يظن الظنونا
ومحال في سنة الدهر أن يم / نع أمراً قد كان من أن يكونا
رب سر أودعته في قلوب / كزجاج الأقداح منها استبينا
قد طويت الكتاب عن أعين الخل / ق وأبقيت لي أنا المضمونا
أستطابت بعدي وقد خلت دهراً
أستطابت بعدي وقد خلت دهراً / أنها لا تطيق عني بعادا
واستنابت عن الخليل خليلاً / واستعاضت من الوداد ودادا
ليت شعري ذاك الفؤاد مقيم / أم أضاعت في البعد ذاك الفؤادا
أم كذا دأبها تحب وتسلو / أم لكره العباد تؤذي العبادا
إن تكن قد خلقت للتيه أهلاً
إن تكن قد خلقت للتيه أهلاً / فأنا قد خلقت للصبر أهلا
امتثلت الهوى فلا أتشكى / فيه ظلماً ولا أحاول عدلا
كن كما شئت خائناً أو وفياً / وإذا خنت كان ذلك فضلاً
أنت أولى بالعز في الحب مني / وأنا فيه بالتضرع أولى
كذب العاشق الذي ليس يفنى / قلبه لوعة ولا هو يبلى
ليس في هذه الخلائق شيء / منك أجلى في ناظري وأحلى
لك عندي عقدان دمعي وشعري / فتخير والدمع لا ريب أغلى
كدت أدعو الجمال ظلك في الار / ض ولكن لا يطبع النور ظلا
أيها النائم المطيل المناما
أيها النائم المطيل المناما / قد أتينا نهدي إليك السلاما
إستمع ما نقول بعدك عنا / علم الصامتين منا الكلاما
ما صبرنا على فراقك عاماً / كيف نرجو أن نصبر الأعواما
وداوم الأسى يزيل التأسي / وتمادي السقام ينمي السقاما
والقلوب التي تكون كراماً / في التداني في البعد تبقى كراما
والحبيب العظيم إن غاب أبقى / لأحبائه شجوناً عظاما
أوحشتنا شمائل معك غابت / هام فيها معاشروك هياما
يا صريع الزمان بعدك أضحت / حسنات الزمان فيك أثاما
فهو أبكى على وفائك مصراً / وهو أبكى على وفاك الشاما
وطناك اللذان عشت كريماً / فبهذا كهلاً وذاك غلاما
من يداوي لبنان عنك بصبر / من يعزي عن فقدك الأهراما
ما علمنا بين الورى لك خصماً / فأمنا عليك ألا الحماما
سل من غمده عليك حساماً / فتلقيت بالثبات الحساما
وتجلدت شيمة الحر لم تج / زع ولم تلف في اللقاء كهاما
أجهشوا بالدموع حولك من حز / ن فكفكفتها لهم بساما
هكذا عشب بينهم مقداماً / هكذا مت بينهم مقداما
خادعتنا الأيام حتى انخدعنا / قاتل الله هذه الاياما
قد أنارت لنا محياك حيناً / ثم أسفت على سناه الرغاما
كالهلال الذي بدا في سماه / ثم ساقت له الرياح الغماما
يا ضجيعاً في لحده منذ عام / نحن نبكي على ثراك قياما
إن تكن تحته بقايا عظام / منك إنا نجل تلك العظاما
لم نعز الأحياء عنك ولكن / قد حسدنا على لقاك الرماما
ما تغربت إذ ترحلت عنا / لتلاقي بعد الأنام أناما
أستطابوا ظل السكون فقروا / في مقام أسلاهم ذا المقاما
فتدانت من النفوس نفوس / حين بزت وراءها الأجساما
جاوزت موطن الفناء فحلت / موطناً لا تشك فيه الدواما
ذهبت شرة المطامع منهم / فاستقاموا في أمرهم واستقاما
فهم بعد خوف جور الليالي / إرتضوا من قضائها الأحكاما
كان سر الحياة عنهم خفياً / فاماطت عنه المنون اللثاما
كيف يأسى على القصور أناس / استعاضوا عنها هناك الرجاما
لك شكور في القلوب عهود / لست أخشى يوماً عليها انصراما
ما حميناك من عوادي المنايا / قد عجزنا لكن سنحيي الذماما
رُبّ فجر كالكأس قد أكفأوها
رُبّ فجر كالكأس قد أكفأوها / بعد ما طوّفت على الندمانِ
شُربت خمرها فلم يبق من آ / ثارها في الزجاج غير الدخان
تتراءى في جوفها قطرات / من بقايا النبيذ كالأرجوان
طال هذا البعاد جداً فمن لي
طال هذا البعاد جداً فمن لي / بسبيل تدنى إليك قليلاً
كلما قلتفي غد نتلاقى / حلف الدهر صادقاً أن يحولا
بي شوق نما فأضحى هياما / وهيام نما فأمسى غليلاً
قد أذاب البعاد جسمي حتى / فني الجسم ثم أبقى النحولا
عجباً كيف لا تكونين مثلي / عجبا كيف تصبرين طويلاً
كل ذي لوعة يريد مثيلاً / وأنا في الهوى أريد مثيلاً
إسهري الليل واذرفي مثل دمعي / واذكريني إذا ذكرت عليلا
لك يا مي خاطري ولساني / فاجعلي منهما رضاك بديلا
قد علمت الوفاء فيك ولكن / ليس يرتاح من أحب جميلا
يا غراماً في بدئه كان حلواً
يا غراماً في بدئه كان حلواً / كيف أصبحت بعد ذلك مرا
لم أزل فيك أشكر الوصل حتى / أزف البعد فإغتدى الوصل هجرا