القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : وَلِيّ الدِّين يَكَن الكل
المجموع : 25
إسأليني أجبك عن آلامي
إسأليني أجبك عن آلامي / علّ يجدي لديك شيئاً كلامي
لست اشكو لك السقام الذي بي / أنت تدرين قدر ذاك السقام
أنا والله صادق في ودادي / أبدي عهدي قوي ذمامي
لا يباهيك في الجمال مباهْ / لا يساميك في الكمال مسام
بك جنّ الأنام حبّاً ولكن / قد تغاضيت عن جنون الأنام
زوّدي الريح من أريجك بعضاً / إمنحيه للورد في الإكمال
إن يكن للرياض منك نصيب / فبكاء الطيور والأقلام
لم ينل منك وصلة ذو حياة / ليت شعري هل جدت للأرحام
ربما نالت النفوس مناها / منك لولا حوائل الأجسام
تجتليك الآمال لا بعيون / إنما تجتليك بالأفهام
قد تناءيت عن نُهى أقوامٍ / وتدانيت من نها أقوامِ
إن يحل بينك الزمان وبيني / فاطلبيني في مهبط الإلهام
أو دعيني أجدّ نحوك سعياً / أنا أولى بالجدّ والإقدام
أغتدي كل ذات حسن ورائي / فإذا شمتُ كنتِ أنت أمامي
خيّريني أني ارتضيت مقاماً / فعسى اهتدي لذاك المقامِ
هل كرهت العباد أخوان ودٍّ / فاصطفيت الليوث في الآجامِ
أم أنفتِ الذل الذي في الرعايا / أم تجنّبت قسوة الحكامِ
لم تصيبي ماذا تخافين منهم / أنت في منعةٍ من الأحكام
لم تريدي نعيق غربان أرضِ / فتمنّيت داعيات الحمامِ
أسأليها أي الأراك استطابت / واسأليها هل غيّرت أنغامي
أنا علّمتها الغناء فغنت / أنا ربيتها فهامت هيامي
أشبهتني في نغمتي وبكائي / واستمدت دموعها من غمامي
ودّعينا فيما الوداع كثير / في فراق يبقى إلى أعوامِ
إن تجودي على سوانا بسقيٍ / فاذكرينا إنّا إليك ظوامي
وإذا زرت من فروق ربوعاً / وتجلّيت فوق تلك الأكامِ
وكسوت الخليج منك شعاعاً / وأنرت البلاد بعد الظلامِ
فأقرأيها مني السلام عليها / ثم يأتيك بعد ذاك سلامي
كلما هب من فروق نسيم
كلما هب من فروق نسيم / الهب الشوق في الحشا الهابا
لو يفيد العتاب في الحظ شيئاً / كنت أوسعته عليك عتاباً
نحن في بلدة عديمة صحو / لا نرى في السماء إلا سحابا
استسرت نجومها في دجاها / وأخوك الهلاك في الأفق غابا
ما بها روضة ولا عندليب / غير أنّا بها سمعنا الغرابا
تتهادى على الوحول ونأوي / لبيوت تخالهن قبابا
لا نرى في الشتاء إلا صقيعاً / لا نرى في الربيع إلا ترابا
لهف نفسي على ليالٍ تقضت / رق فيها عهد الصفاء وطابا
أسفرت عن صباح بُعد طويل / لست أدري متى يكون اقترابا
يا أخا الود ما يصدك عنا / وبنا نائب من الدهر نابا
إن تكن جفوة فرأيك أعلى / أن نجافي على البعاد الصحابا
أدكرني وليس مثلك ينسى / حين تتلو هناك هذا الكتابا
لا تبالي إمّا استطال اغترابٌ
لا تبالي إمّا استطال اغترابٌ / جهل قوم ما النفي أمرٌ يعابُ
واصبري للزمان حيناً فإني / أرتجي أن يزول هذا السحابُ
نحن جند الصواب مهما انهزمنا / عن أعاديه فالصواب صوابُ
وصروف الزمان فيها اختلاف / فوز حزب تنكى به أحزابُ
أفسد الظلم أنفس الناس حتى / لو رأى الناس عادلاً لارتابوا
قد أجيعوا فالبعض يأكل بعضاً / غنمٌ بعضهم وبعض ذئاب
يا دياراً خلت فأمست خلاء
يا دياراً خلت فأمست خلاء / أحسن الله في بنيك العزاء
عودتنا الأحزان هذي الليالي / كم رثينا وكم أطلنا الرثاء
وإذا لم ترحم بنيك المنايا / كيف نرجو أن ترحم الشعراء
لو تجوز الشكاة في آلام يوماً / لشكا الناس كلهم حواء
جاءها آدم وجاءته شوقاً / ليتها لم تجئ ولا كان جاء
أبصرا ثم تُيما ثم خابا / شقيا كي يعلمانا الشقاء
هب لنا يا زمان راحة يوم / فإذا مرّ عد فهات لاعناء
نكتفي منك بالقليل من العد / ل وإن كنت لا تحب اكتفاء
رحم الله طاهرات جسوم / أصبحت في فلاتها أشلاء
ليس فيها صخر وكل قتيل / تارك بعدهُ لهُ خنساء
دهمتها جند النوائب حتى / ملأت من رفاتها الدهماء
اضرمت نارها عليها فما تب / صر أرضاً ولا تبين سماء
استطاب الردى نحيب الأعادي / ظن ذاك النحيب منها غناء
واليتاميى لما بكت أطربتهُ / فدهاها ليستزيد البكاء
أبداً يغتذي اللحوم ولا يش / رب عند الظلماء إلا الدماء
ظالم حكمه طويل بقاء / لا حبا الله ظالمين بقاء
ارحمي يا قلوب هذي الضحايا / فهي ترجوك لا تردي الرجاء
إن إخواننا الذي تردوا / قد دعونا فما أجبنا الدعاء
وإذا نحن ما استطعنا دراكاً / أفلا نستطيع يوماً وفاء
ليت شعري وهم ينادون يا رب / خلاصاً أما سمعت النداء
إن يبيدوا فقبلهم باد ناس / ليس في الناس من يرد القضاء
نرحم الشيخ وهو يندب حزناً / هل رأينا في خدرها العذراء
فهي تبكي أباً وتبكي أخاً ثم / م تكف البكاء منها حياء
طاب روضي وأثمرت أشجاري
طاب روضي وأثمرت أشجاري / فأعيدي الغناء يا أطياري
يا بنات الربيع جددن شجوي / وأعنّ الصبا على أوطاري
مصر أرضي والنيل نهري وهذا ال / قصر داري وكل قصر داري
أنا شمس في مشرق الحسن والمل / ك وللعاشقين نوري وناري
أتهادى بين الغصون فتنآ / د وتغضي نواظر الأزهار
والنسيم العليل في الرضو يستش / في بلثم الثرى على آثاري
مستمداً منه شذاً معطاراً / نافخاً فيه من شذاً معطار
وأكف الأوراق تنثر لي الدر / م فأمشي على غوالي النثار
وتظل السماء تحسد وجه ال / أرض أني سحبت فضل إزاري
فهي ترنو بأعين الليل حسري / وهي تبكي بأدمع الأسحار
إيه يا صبح هل أتيت بخير / طال رعبي من سيء الأخبار
أترى أنت رائعي بعد أمن / ومديلي من عزة لصغار
إن الليل من غلائه السو / د لستراً من أحكم الأستار
ومحياك في تباشيره الغر / م مذيع غوامض الأسرار
هدأت شرة الشبيبة واللي / ل وقد عاد حين عدت وقاري
أكذا ينقضي مع الصفو ليلي / ومع الهم يستجد نهاري
إن عمراً مقسماً بين ملك / وغرام لأتعب الأعمار
لي في دولة القلوب احتكام / هو في نجوة من الأوزار
علقت بي رغم الحوادث والده / ر وذاقت انسي وذاقت نفاري
تتلظى ولو أشاء لذابت / غير أني حبست عنها أواري
كره الناس لي الفناء فأبقوا / شبهي في هياكل من نضار
وأبوا أن تكون أشكال حسني / مثلت في الصخور والأحجار
أكرموني في حاضري وأحبوا / لي بقاء التكريم في الأدهار
ونزيل القبور مهما يكرم / في احتقار والقبر دار احتقار
عجباً قرت الرعية في أم / ني ولكن ما قر فيه قراري
وأفاد الملوك في دول الأر / ض اقتداري ولم يفدني اقتداري
وفككت الإسار عن كل عان / ثم أصبحت لا يفك إساري
ما لهذا الصبا يزيد جماحاً / وقصارى الصبا إلى أقصار
أبداً أجتلي الصفاء إذا استج / لت عيوني صفاء هذي البراري
ولقد أنظر البحار فأزدا / د أضطراباً من اضطراب البحار
هائجات في لجها مائجات / كالتحام الأقدار بالأقدار
تضرب الشط ثم ترتد عنه / كارتداد الخميس دون الحصار
وكأن الفضاء مرآة نفسي / وكأني أرى به أفكاري
كم مقام هناك تطلبه النف / س أشتياقاً وكم شفير هاري
مع جد مسيره لارتفاع / وشباب مصيره لانحدار
ليت شعري ماذا أعد لي الده / ر من الويل بين هذي الصواري
تتراءى مثل الردينية السم / ر تثنى في جحفل جرار
ساريات بين الشبيهين من أف / ق وماء لم تكتحل بغبار
مشرقات النجوم في دول الأف / لاك ماذا يثنيك دون السرار
قد هوى من سمائه القمر الطا / لع هذي قيامة الأقمار
ملأ الكون حين أسفر واستع / لى وكان المحاق في الأسفار
وكذا النيرات تبدو وتخفى / كالحباب الطافي بكأس العقار
لهف نفسي على حياء وفيّ / بزها طائعاً لرعي ذماري
في حشاء نار من الوجد ليست / من وقود جزل وزند واري
رام إطفاءها فلم يلق ما يط / فئها غير سيفه البتار
فجرى النصل في الحشاشة جري ال / سيل دراً في دافع التيار
يا قلوب العشاق مالك حيرى / المنايا كثيرة فاختاري
بلغوا الغاشم الذي رام حربي / فتخطى دياره لدياري
أنا لا استطيب ملكاً بذل / أنا لا أستلذ عيشاً بعار
ولئن غالني بلا أنصار / فسألقى الردى بلا أنصار
سلبته سوالب الحب خدناً / لا بذى خدعة ولا غدار
حث أسطوله وأقبل يسعى / في جبال على جبال جواري
وتراءت أنوار ملكي لعيني / ه فلم تبصرا من الأنوار
حسن اسكندرية المتبدي / ناب عن حسن رومة المتواري
وإذا أسهم بغير انتظار / وإذا غارة بلا إنذار
كان جبار معشر فتولى ال / لحظ إذلال ذلك الجبار
نبذ الصولجان والصارم العض / ب هياماً بدملج وسوار
يبتغي ما ابتغاه صاحبه أم / س وهيهات وصمة التكرار
يضمر الحب ثم يبدي صدوداً / رب سر يذاع بالأضمار
أيها الدهر كم تطيف عليّ ال / كأس جاوزت غاية الإسكار
هيئي يا أماه مجلس أنسي / وأعدي الصبوح لي يا جواري
ولتقم هذه القيان وتشدو / مطربات ضرباً على القيثار
فعسى نغمة تروح روحي / إن روحي ترتاح للأوتار
ليقم بين اكؤس الراح عرشي / ثابتاً أسه رفيع المنار
حاملاً فوقه رواء شباب / طيب المجتنى وغض البهار
ولتضيء في ظلام نفسي نجوم / مشرقات من الحباب الصغار
كلآل على السموط تبدت / أو دموع على خدود العذاري
هان عندي أن أخلع الهم والتا / ج جميعاً إذا خلعت عذاري
أضجرتني سياسة الناس حيناً / ولئن دام دام لي اضجاري
والذي هامت البرية فيه / زخرف من تصلف وفخار
أيها التاج ما لبستك إلا / وبرأسي بقية من خمار
فوداعاً يا مجلساً كنت شمساً / أتجلى فيه على الحضار
قد سلا كل من أحب بحبي / وتلهى عن جاره بجواري
وانتهت دولة الشباب كأن لم / تك كانت لم تبق من تذكار
وفراق الأحباب إن صدق الحب / م سبيل لمنزل الأنتحار
فزت يا قيصر ولكن بماذا / لا بدار نعمت أو ديار
هكذا كنت أيهذا الهمام
هكذا كنت أيهذا الهمام / خافقات من فوقك الأعلام
كل ساع وراءك اليوم يبكي / نعشك اليوم وحده بسام
نم هنيئاً لقد سهرت كثيراً / فتساليا بها جنودك ناموا
رقدة هذه كأنك فيها / والد حوله بنوه قيام
لا أرى مثل فقدك اليوم فقداً / كل أبطالنا به أيتام
ولئن تبت عن كلام البرايا / مثل ذا الصمت للبيب كلام
فر منك الحمام بين ملونا / وبمصر سطا عليك الحمام
غاظه الله لم يهادنك يوماً / وعلى الخصم تصبر الأخصام
والعدو الكريم يهجع في أم / ن إذا كان في عداه كرام
سوف تبكي الأقلام سيفك دهراً / رب سيف تبكي له الأقلام
الجبال التي وقفت عليها / لم ينل مثل مجدها الأهرام
قد تمنى لو فاز منك بما فا / زت فغنت له به الأعوام
ما تعالى إلا بضيم الاساري / وأساراك مثلهم لم يضاموا
ودعوا منك سيداً حين ساروا / ورأوا منك والداً ما أقاموا
لا أحب الوغى ولا أنا منه / كل ما يقتل النفوس حرام
غير أن الأنام تهوى المعالي / وبسمر الوشيج تعلو الأنام
وبلاد الفتى تعز عليه / وعظام الأباء فيها عظام
وعهود الصبا عهود غوال / وغرام الوفي ذاك الغرام
يوم تأتي فروق تلق ليوثاً / أكبرتها وراءك الآجام
تتثنى لديك تلك العوالي / حين ينجاب عنك ذاك الغمام
وتظل القبور تهتز شوقاً / في الفيافي وتهتف الأرمام
هي كانت من قبل هذا قبوراً / فإذا ما حللت فهي خيام
كلما هب من فروق نسيم / فهو من أهلها عليك سلام
يا ليالي ماذا نرى يا ليالي
يا ليالي ماذا نرى يا ليالي / خير حال أريت أم شر حال
أكذا يصبح الموالي عبيداً / أكذا يحكم العبيد الموالي
لا أمان فننتهي بالأماني / لا نوال فنكتفي بالنوال
حكمة قد أردتها رب فينا / فامتثلنا والخير في الأمتثال
إن هذا الجيل الأخير لجيل / جاء عاراً لسائر الأجيال
أعلمت الهوى الذي أخفيه
أعلمت الهوى الذي أخفيه / أي سر في القلب لم تعلميه
هو مأواك منذ كان وهل يح / جب شيء في البيت عن ساكنيه
استنيبي من مدمعي مستجد ال / وجد إني بمدمعي مجليه
هو شعري به يطيب أرتجالي / كل معنى يحير العقل فيه
ذوب نفس يجري على الخد دمعاً / أنا أفنيه والهوى ينميه
لا تعيبي ابتذاله فتهينيه / ولكن لصدقه أكرميه
أيها القلب لست تقبل نصحاً / فتجرع هذا الذي تبتغيه
كيف تشكو الهوى ولا تتقيه / والذي يشتكي الهوى يتقيه
كنت طفلاً فيه وما زلت طفلاً / وبنوه شابوا ونسل بنيه
الهوى آية وأنت كتاب / وأنا كاتب فمن موحيه
أيها النيل أنت تجري ودمعي / ليت شعري من سابق لأخيه
قد تنزهت جارياً عن سبيه / وتعالى مستقطراً عن شبيه
فاستفيضا ما شئتما لست أخشى / أن تفيضا يجريك ما يجريه
إن تخالفتما طباعاً وقصداً / فلكل شأن له يغنيه
أنت عذب تروي الذي تسقيه / وهو ملح يشوي الذي يسقيه
غير أني أجله عنك إن ال / أرض واديك والسماء واديه
يا سليل الرغام مهما تعالي / ت سليل العيون لا تحكيه
أيها الليل طل علي فإني / أجتلي في دجاك ما أجتليه
كم خيال أحبه تدنيه / وإذا الصبح زارني تقصيه
كم تلاق يظلني فيه جنح / منك يحمي المطلوب من طالبيه
كم محب عن أعين تخفيه / وحبيب لا عين تبديه
كم سعيد بوصلة تحييه / وشقي بهجرة ترديه
سادتي إن في الوجود نفوساً
سادتي إن في الوجود نفوساً / ظلمتها الأقدار ظلماً شديدا
هي تشقى من غير ذنب جنته / ولكم مذنب يعيش سعيدا
رحم الله أعيناً لم تشاهد / منذ كانت إلا ليالي سودا
تتمنى لو فتحت فتملت / من جمال الوجود هذا الشهودا
تتناجى حمائم الروض صبحاً / لا نراها ونسمع التغريدا
ويكون الربيع منا قريباً / فنظن الربيع منا بديدا
حين ترنو إلى الورود عيون / ليت شعري كم تستطيب الورودا
أبوي اللذين أوجدتماني / اتريدان شقوتي لن تريدا
عشتما في ظلال شمل جميع / أنا وحدي وجدت شملي بعيدا
وإذا كنت قد ولدت فقيداً / ليتني كنت قد فقدت وليدا
سادتي إننا صبرنا امتثالاً / ما ضجرنا ولا شكونا الجدودا
فانظروا نظرة الكرام إلينا / وارحموا أدمعاً تخد الخدود
كلما مر في التباعد يوم
كلما مر في التباعد يوم / جدّد الوجد في الفؤاد الوفيّ
أنا باق على الولاء مقيم / واحتفاظ الولاء دأب الولي
قد أطال الزمان شقوة حر / لست ترضى له بجد شقي
أجمل الصبر وهو للحر عجز / عل دهراً يأتي بأمرٍ جلي
بين صدق النهى وكذب الأماني
بين صدق النهى وكذب الأماني / وقف الرأي والهوى ينظران
للهوى جرأة وللرأي حكم / والبرايا لديهما شيعتان
يا نفوساً جنى الشباب عليها / قضي الأمر لديهما واستراح الجاثي
لست الحاك في زمان غرور / فلقد مر في الغرور زماني
والخيال الذي صبوت إليه / منذ عشرين حجة أصباني
خبر الناس أيها النيل عني / وأشهدا معه أيها الهرمان
المغاني التي بكيت عليها / باقيات تكلمي يا مغان
غازلتني عيون زهرك حيناً / وقماريك رددت ألحاني
وإذا أنت حال عهدك بعدي / فكما شئت مهجتي ولساني
يا ربوع الهوى بأية كأس / قد سقاني فيك الهوى من سقاني
بلبل مشتك وورد مصيخ / أنظروا كيف يهنأ العاشقان
أضحك الدهر معشراً جهلوه / وأنا مذ عرفته أبكاني
كلما قلت للمنى أدناني / جد حتى عن المنى أقصاني
ايها الشرف كيف حالك فينا / ينجلي نازل فيغشاك ثان
هدمتك الخطوب صرحاً فصرحاً / قوضت من علاك شم المباني
يظلم الناس بعضهم منذ كانوا / طال ظلم الأنسان للأنسان
وإذا كان في الحياة قليل / من نعيم فذاك للتيجان
والعقول التي نخال انارت / استسرت في ظلمة الأديان
طال ليلي وأظلما
طال ليلي وأظلما / قتل الليل أرقما
بات جفني مؤرقاً / غربه يمطر الدما
فارق الارض لحظه / وأعتلى يطلب السما
كلما اجتاز أنجماً / راح يرتاد أنجما
رب سر مكتم / لم نجده مكتما
حفظ السر كله / فإذا شئت ترجما
رحم الله مهجة / لم تجد منه أرحما
ابدأ تذكر الحمى / آه من ذكرها الحمى
أيها الناس مالكم / تبغضون الميتما
اتركوه يجد له / جنة أو جهنما
نظرات كأنها تتحرى
نظرات كأنها تتحرى / منفذاً للفؤاد بين الضلوع
نافذات إليه مثل رصاص ال / حرب لاقى مستحدثات الدروع
قد تأبت على مواضع فيه / ثم قرت في مستقر الخشوع
فهو دام ولا يمج نجيعاً / وكسير وما به من صدوع
كلما نزعها عاد كفي / بقليل من بعضه منزوع
أنت يا أيها الكتاب أميني
أنت يا أيها الكتاب أميني / غير أني أخاف حتى الأمينا
صنت سري في الحب عنك وعني / فاسترحنا وبات سري مصونا
كلما ضاقت القلوب بسر / فجرت منه في العيون عيونا
وصدور الأوراق أهون كشفاً / لمريد أن يستبين شؤونا
ليس في دولة المحاسن قلب / عالم بي إلا يظن الظنونا
ومحال في سنة الدهر أن يم / نع أمراً قد كان من أن يكونا
رب سر أودعته في قلوب / كزجاج الأقداح منها استبينا
قد طويت الكتاب عن أعين الخل / ق وأبقيت لي أنا المضمونا
أستطابت بعدي وقد خلت دهراً
أستطابت بعدي وقد خلت دهراً / أنها لا تطيق عني بعادا
واستنابت عن الخليل خليلاً / واستعاضت من الوداد ودادا
ليت شعري ذاك الفؤاد مقيم / أم أضاعت في البعد ذاك الفؤادا
أم كذا دأبها تحب وتسلو / أم لكره العباد تؤذي العبادا
إن تكن قد خلقت للتيه أهلاً
إن تكن قد خلقت للتيه أهلاً / فأنا قد خلقت للصبر أهلا
امتثلت الهوى فلا أتشكى / فيه ظلماً ولا أحاول عدلا
كن كما شئت خائناً أو وفياً / وإذا خنت كان ذلك فضلاً
أنت أولى بالعز في الحب مني / وأنا فيه بالتضرع أولى
كذب العاشق الذي ليس يفنى / قلبه لوعة ولا هو يبلى
ليس في هذه الخلائق شيء / منك أجلى في ناظري وأحلى
لك عندي عقدان دمعي وشعري / فتخير والدمع لا ريب أغلى
كدت أدعو الجمال ظلك في الار / ض ولكن لا يطبع النور ظلا
أيها النائم المطيل المناما
أيها النائم المطيل المناما / قد أتينا نهدي إليك السلاما
إستمع ما نقول بعدك عنا / علم الصامتين منا الكلاما
ما صبرنا على فراقك عاماً / كيف نرجو أن نصبر الأعواما
وداوم الأسى يزيل التأسي / وتمادي السقام ينمي السقاما
والقلوب التي تكون كراماً / في التداني في البعد تبقى كراما
والحبيب العظيم إن غاب أبقى / لأحبائه شجوناً عظاما
أوحشتنا شمائل معك غابت / هام فيها معاشروك هياما
يا صريع الزمان بعدك أضحت / حسنات الزمان فيك أثاما
فهو أبكى على وفائك مصراً / وهو أبكى على وفاك الشاما
وطناك اللذان عشت كريماً / فبهذا كهلاً وذاك غلاما
من يداوي لبنان عنك بصبر / من يعزي عن فقدك الأهراما
ما علمنا بين الورى لك خصماً / فأمنا عليك ألا الحماما
سل من غمده عليك حساماً / فتلقيت بالثبات الحساما
وتجلدت شيمة الحر لم تج / زع ولم تلف في اللقاء كهاما
أجهشوا بالدموع حولك من حز / ن فكفكفتها لهم بساما
هكذا عشب بينهم مقداماً / هكذا مت بينهم مقداما
خادعتنا الأيام حتى انخدعنا / قاتل الله هذه الاياما
قد أنارت لنا محياك حيناً / ثم أسفت على سناه الرغاما
كالهلال الذي بدا في سماه / ثم ساقت له الرياح الغماما
يا ضجيعاً في لحده منذ عام / نحن نبكي على ثراك قياما
إن تكن تحته بقايا عظام / منك إنا نجل تلك العظاما
لم نعز الأحياء عنك ولكن / قد حسدنا على لقاك الرماما
ما تغربت إذ ترحلت عنا / لتلاقي بعد الأنام أناما
أستطابوا ظل السكون فقروا / في مقام أسلاهم ذا المقاما
فتدانت من النفوس نفوس / حين بزت وراءها الأجساما
جاوزت موطن الفناء فحلت / موطناً لا تشك فيه الدواما
ذهبت شرة المطامع منهم / فاستقاموا في أمرهم واستقاما
فهم بعد خوف جور الليالي / إرتضوا من قضائها الأحكاما
كان سر الحياة عنهم خفياً / فاماطت عنه المنون اللثاما
كيف يأسى على القصور أناس / استعاضوا عنها هناك الرجاما
لك شكور في القلوب عهود / لست أخشى يوماً عليها انصراما
ما حميناك من عوادي المنايا / قد عجزنا لكن سنحيي الذماما
رُبّ فجر كالكأس قد أكفأوها
رُبّ فجر كالكأس قد أكفأوها / بعد ما طوّفت على الندمانِ
شُربت خمرها فلم يبق من آ / ثارها في الزجاج غير الدخان
تتراءى في جوفها قطرات / من بقايا النبيذ كالأرجوان
طال هذا البعاد جداً فمن لي
طال هذا البعاد جداً فمن لي / بسبيل تدنى إليك قليلاً
كلما قلتفي غد نتلاقى / حلف الدهر صادقاً أن يحولا
بي شوق نما فأضحى هياما / وهيام نما فأمسى غليلاً
قد أذاب البعاد جسمي حتى / فني الجسم ثم أبقى النحولا
عجباً كيف لا تكونين مثلي / عجبا كيف تصبرين طويلاً
كل ذي لوعة يريد مثيلاً / وأنا في الهوى أريد مثيلاً
إسهري الليل واذرفي مثل دمعي / واذكريني إذا ذكرت عليلا
لك يا مي خاطري ولساني / فاجعلي منهما رضاك بديلا
قد علمت الوفاء فيك ولكن / ليس يرتاح من أحب جميلا
يا غراماً في بدئه كان حلواً
يا غراماً في بدئه كان حلواً / كيف أصبحت بعد ذلك مرا
لم أزل فيك أشكر الوصل حتى / أزف البعد فإغتدى الوصل هجرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025