المجموع : 16
املإِ الأرضَ يا مُحمّدُ نُورا
املإِ الأرضَ يا مُحمّدُ نُورا / وَاغْمُرِ النّاسَ حِكمةً والدُّهورا
حجبتكَ الغيوبُ سِرّاً تجلى / يكشفُ الحُجْبَ كلَّها والسُّتورا
عَبَّ سيلُ الفسادِ في كلّ وادٍ / فتدفَّقْ عليه حتّى يغورا
جِئتَ ترمي عُبابَهُ بعُبابٍ / رَاح يَطوِي سُيولَهُ وَالبحورا
يُنقذُ العالمَ الغريقَ ويحمي / أُمَمَ الأرضِ أن تذوقَ الثُّبورا
زاخرٌ يَشملُ البسيطةَ مدّاً / ويَعُمُّ السَّبعَ الطِّباقَ هديرا
أنت معنى الوجودِ بل أنت سِرٌّ / جَهِلَ النّاس قبله الأكسيرا
أنت أنشأتَ للنُّفوس حَياةً / غَيَّرتْ كلَّ كائنٍ تغييرا
أنجب الدهر في ظلالك عصراً / نابه الذكر في العصور شهيرا
كيف تَجزِي جَميل صُنعِك دُنيا / كُنتَ بَعثاً لها وكنتَ نُشورا
وَلدتكَ الكواكِبُ الزُّهرُ فَجراً / هاشميَّ السَّنا وَصُبحاً منيرا
يَصدعُ الغيهبَ المُجَللَ بالوح / يِ المُلَقَّى ويَكشِفُ الدّيجورا
منطقُ القدرةِ التي تُرهقُ القا / درَ والعبقريَّ قُصورا
كُلُّ ذِمرٍ رَمَى النُّفُوسَ بوِترٍ / مِن حَظاياهُ رَدَّه موتورا
خَرَّتِ العُربُ من مَشارِفها العُل / يا تُوالِي هُوِيَّها والحدورا
بات فيها ملك البيان حريباً / يسلم الجند وَالحمى وَالثُّغورا
أنكرَ النّاسُ رَبَّهم وتَولَّوْا / يَحسبون الحياةَ إفكاً وَزورا
أين من شِرعةِ الحياةِ أُناسٌ / جعلوا البَغيَ شِرعةً والفجورا
تلك أربابُهم أتملك أن تن / فَع مِثقالَ ذرّةٍ أو تَضيرا
قهروها صِناعةً أعجبُ الأرْ / بابِ ما كان عاجزاً مقهورا
ما لدى اللاّتِ أو مُناة أو العز / زى غَنَاءٌ لمن يَقيسُ الأمورا
جاءَ دِينُ الهدى وَهبَّ رسولُ ال / لَهِ يَحمِي لواءَهُ المنشورا
ضَرَبَ الكُفرَ ضَربةً زلزلته / فَتداعى وَكان خطباً عسيرا
جَثمتْ حوله الحُصونُ وظنَّ ال / قومُ ظنَّ الغرورِ أن لن تطيرا
هَدَّها ذو الجلالِ حِصناً فحصناً / بالحصونِ العُلَى وَسُوراً فسورا
بالرسولِ الهادي وبالصفوةِ الأم / جادِ يَقضون حقَّه الموفورا
يُهرقون النّفوسَ تَلْقَى الرَّدَى المُهْ / راقَ مثل الغديرِ يَلقى الغديرا
إنّ في القتل للشعوبِ حياةً / وَارفاً ظِلُّها وخَيراً كثيرا
ليس مَن يركبُ الدّنيّةَ يَخشى / مَركبَ الموتِ بالحياةِ جديرا
أمِنَ الحقِّ أن تصُدَّ قُريشٌ / عن فتاها وأن تُطيلَ النّكيرا
سَلْ أبا جَهلها وَقوماً دعاهم / فاستجابوا جَهالةً وغرورا
أُولعوا بالأذى فألفوا رسولَ ال / لَهِ جَلْداً على البلاءِ صبورا
كُلما أحدثوا الذُّنوبَ كِباراً / وَجدوهُ لِكُلِّ ذنبٍ غفورا
ما بِهِ نَفْسُه فيغضبُ يُرضي / ها وَتُرضيهِ ناعماً مسرورا
إنّه اللّهُ لا سِواهُ وَدِينٌ / مَلَكَ النّفسَ وَاسترقَّ الشُّعورا
يَجِدُ النّاسَ وَالمقاديرَ فيهِ / وَيرى ما عداه شيئاً يسيرا
ما زكا سابقٌ من الرُّسلِ إلا / هو أزكى نَفْساً وأصفَى ضميرا
جاءه عمُّه يَقول أترضى / أن يُقيموك سيِّداً أو أميرا
وَيَصُبُّوا عليكَ من صفوةِ الما / لِ حَياً ماطراً وَغيثاً غزيرا
قال يا عمِّ ما بُعثتُ لدنيا / أبتغيها وما خُلِقتُ حَصورا
لو أتوني بالنّيرين لأعرض / ت أُريهم مطالبي والشُّقورا
إن يُشيروا بما علمتَ فإنّي / لأَدعُّ الهوى وأعصي المشيرا
دَونَ هذا دمي يُراقُ وَنفسِي / تُطعَمُ الحتفَ رائعاً محذورا
ما رأينا كالمطعمِ بن عديٍّ / جافياً واصلاً هَيوباً جَسورا
آثر الكُفر مِلّةً وأجارَ ال / دينَ مُستضعفاً يَدورُ شَطيرا
رَامَ بالطائفِ المُقامَ فأعيا / فانثنى يَطلبُ الأمانَ حَسيرا
وَكَّلَ اللّهُ بالنُّبوَّة منه / أسداً يَملأُ الفضاءَ زَئيرا
قائماً في السّلاحِ يَجمعُ حولَيْ / هِ شُبولاً تَحمِي الحِمَى وَنُمورا
يَمنعُ القومَ أن يصدّوا رسولَ ال / لَهِ عن بيتِه وَيَأبَى الخُفورا
نَقضَ الحِلفََ من قريشٍ فأمسَى / أسلمْتهُ العُرَى وكان مَريرا
عجباً للغويِّ يُعطيكَ منه / عَملاً صالحاً ورأياً فطيرا
ما رأينا من ظنِّ بالزرعِ شَرّاً / فحمَى أرضَهُ وصان البذورا
لو جَزَى الله كافراً أجرَ ما أح / سنَ يَوماً لَخِلتُهُ مأجورا
ظلَّ مُستخفِياً بغارِ حِراءٍ / يَعبدُ اللهَ عائذاً مُستجيرا
يَسمرُ القومُ في الضّلالِ ويُمسِي / للذي أطلعَ النُّجومَ سميرا
رَاكعاً ساجِداً يُسبِّحُ مَولا / هُ ويُزجِي التَّهليلَ والتّكبيرا
تَهتِفُ الكائناتُ يأخذُها الصّو / تُ تُحيِّي مكانَهُ المهجورا
نَالَ منها مَحلّةً لم ينلْها / صَوْتُ دواد حِينَ يَتلو الزَّبورا
نَبراتٌ قُدسيةٌ تَتَوالَى / نَغَماً رائعاً وتَمضِي زَفيرا
ربِّ طَالَ الخَفاءُ والدّينُ جَهرٌ / رَبِّ فاجعلْ مدَى الخفاءِ قصيرا
مَاجتِ الأرضُ حوله وتجلَّى ال / لَهُ يَنهَى بُركانَها أن يفورا
أُوذِيَ الدّينُ في الشِّعابِ وَردّتْ / يَدُ سعدٍ عَدوَّه مدحورا
رَقمتْ في الكتابِ أولَ سطرٍ / وأتمَّ الدَمُ المُراقُ السُّطورا
أدبر القومُ محنقين فلولا ال / لَهُ كادتْ رَحَى الوغَى أن تدورا
أَزمعَ الضّيفُ أن يَؤُمَّ سِواهُ / منزلاً كان صالحاً مبرورا
حَلّه الوحْيُ رَوضةً شَاعَ فيها / رَونقاً ساطعاً وفاحَ عَبيرا
ودعا الأرقمُ استجِبْ تلك داري / تَسَعُ الدّينَ مُحرَجاً محصورا
وافِها واجمعِ المصلّينَ فيها / عُصبةً إن أردتَ أو جُمهورا
وأتى ابنُ الخطابِ يُؤمنُ بالَّ / هِ ويختارُ دِينَهُ المأثورا
قال كلاَّ لن يعبُدَ اللّهُ سِرّاً / ويُرَى نُورُ دينهِ مستورا
اُخرُجوا في حِمَى الكتابِ أُسوداً / وَاطلعوا في سَنا النبيِّ بُدورا
ذلكم بَيتُكم فَصَلُّوا وطُوفُوا / لا تخافُنَّ مُشرِكاً أو كفورا
أجمعوا أمرهم وقالوا هو القت / لُ يُميطُ الأذَى ويَشفِي الصُّدورا
كذبوا ما دمُ الهِزبرِ أماني / يَ مَهاذيرَ يُكثِرونَ الهريرا
لا ورَبِّي فإنّما طَلبَ الكف / فارُ بَسْلاً وحاولوا محظورا
إنّ نفسَ الرسولِ أمنعُ جاراً / مِن طواغيتهم وأقوى مُجيرا
ما لهم هل رَمَى النبيُّ تُراباً / أم عَمىً في عُيونِهم مذرورا
ذَهلوا مُدّةً فلما أفاقوا / أنكروها دَهْياءَ عزّتْ نظيرا
يَنفُضون الترابَ مَن مَسَّ منّا / كُلَّ وجهٍ فَردَّهُ مَعفورا
أين كنّا ما بالُنا لا نَراهُ / ما لأوصالِنا تُحسُّ الفُتورا
أمِنَ الحادثاتِ ما يُذهلُ العا / قِلَ عن نفسِهِ ويُعمِي البصيرا
أين وَلّى لقد رمانا بِسحرٍ / فَسَكِرْنا وما شَرِبنا الخمورا
يا له مُصعَباً لوَ اَنّا أصبنا / هُ على غِرّةٍ لَخَرَّ عقيرا
رَاحَ في غِبطةٍ وَرُحنا نُعانِي / أملاً ضائعاً وَجَدَّاً عَثورا
خَيْبةٌ تترْكُ الجوانحَ حَرَّى / يا لها حَسرةً تُشَبُّ وتُورى
رَبِّ آتيتَه على القومِ نَصراً / فتباركَت حافظاً ونصيرا
أنت نجيتَه فهاجرَ يقضِي ال / حقَّ لا خائفاً ولا مذعورا
يَومَ ضَجّتْ جِبالُ مكّةَ ذُعراً / وَتَمنَّتْ هِضابُها أن تمورا
تتنزَّى أسىً وتُمسِكُها تم / نعُها من وَرائِه أن تسيرا
هِيَ لولاكَ لارتمتْ تقذفُ الصّخ / رَ وتُزجِي هَباءها المنثورا
هاجها من جَوى الفِراقِ وَحَرِّ ال / وجدِ ما هاجَ بيتَكَ المعمورا
كاد يهفو فَزِدْتَهُ مِنكَ رُوحاً / فَانْثَنى راجِحَ الجلالِ وَقورا
يا لها من مُحمّدٍ نظراتٍ / زَخَرتْ رَحمةً وجاشتْ سعيرا
نظراتٌ شجيّةٌ لا تَعدُّ ال / أهلَ أهلاً ولا تَرى الدُّور دورا
قال ما في البلاد أكرمُ من مك / كةَ أرضاً ولا أحبُّ عشيرا
فَاسْكُنِي يا هموم نَفِسيَ إن ال / لَهَ أمضى قضَاءَهُ المقدورا
إنني قد نَذرتُ للّهِ نفسي / والتقيُّ الوفيُّ يقضِي النُّذورا
نَقطعُ البِيدَ بعد صَحبٍ كرامٍ / قَطعوا غارِبَ العُباب عُبورا
كم رشيدٍ آذاه في اللهِ غاوٍ / زاده طائفُ الهوى تخسيرا
ضَرب الصّحبُ في البلادِ فأمسوا / لا يُصيبون صاحباً أو سجيرا
في ديارٍ لدى النجاشيِّ غُبْرٍ / ظلَّ فيها سَوادُهم مغمورا
وتَولَّى وللأمورِ مصيرٌ / يشترِي رَبَّهُ ويرجو المصيرا
يومَ يَمشِي الصِّدِّيقُ في نوره الزا / هي يُوالِي رواحه والبُكورا
يَنصُر الحقَّ ثائراً يمنعُ البا / طِلَ أن يستقرَّ أو أن يثورا
لا يُبالي غَيْظَ القلوبِ ولا يَحْ / فِلُ في اللهِ لائماً أو نذيرا
أقبلَ القومُ يسألون أتحتَ ال / تربِ أم جاورَ الطريدُ النُّسورا
نَفضوا الهَضْبَ والجِبال وشَقّوا ال / أرضَ طُرَّاً رِمالَها والصُّخورا
وَيحَ أسماءَ إذ يجيءُ أبو جه / لٍ عَلَى خدرها المصون مغيرا
صاحَ أسماءُ أين غَابَ أبو بك / رٍ أجيبي فقد سألنا الخبيرا
قَالتِ العلم عنده ما عَهِدْنا / أجَمَ الأُسْدِ تَستشيرُ الخدورا
فرماها بلطمةٍ تُعرِضُ الأجْ / يالُ عن ذكرِها صَوادفَ صُورا
قذَفتْ قُرطها بَعيداً ورضّتْ / من وُجوهِ النبيِّ وَجهاً نضيرا
غارَ ثَوْرٍ أعطاك ربُّكَ ما لم / يُعطِ من روعةِ الجلالِ القُصورا
أنت أطلعتَ للممالكِ دُنيا / ساطعاً نُورها وديناً خطيرا
صُنتَهُ من ذخائِر الله كَنزاً / كان من قبلُ عنده مذخورا
مَخفرُ الحقِّ لاجئاً يَتوقَّى / قام فيه الروحُ الأمين خفيرا
وقفتْ حوله الشّعوبُ حَيارى / من وراء العصورِ تدعو العصورا
يا حيارى الشعوب ويحكِ إنّ ال / حقَّ أعلى يداً وأقوى ظهيرا
لا تخافي فتلك دولته العُظ / مَى تناديك أن أعدِّي السريرا
جاءكِ المنقذُ المحرر لا يت / رك قيداً ولا يغادر نيرا
ورثَ المالكينَ والرُّسلَ الها / دين بالحق أولاً وأخيرا
الحكيمُ الذي يَهدُّ وَيبني / فيجيدُ البناءَ والتدميرا
والزعيمُ الذي يَسنُّ ويقضِي / لبني الدهرِ غُيَّباً وحضورا
تترامى الأجيالُ بين يديه / تتلقَّى النظامَ والدُّستورا
ليس في الناسِ سادةٌ وعبيدٌ / كَبُرَ العقلُ أن يَظلَّ أسيرا
خُلِقَ الكلُّ في الحقوق سواءً / ما قضى الله أمره مَبْتورا
كذبَ الأقوياءُ ما ظلمَ اللَ / هُ وما كان مُسرِفاً أو قَتورا
دَبَّرَ المُلكَ للجميع فَسوَّى ال / أمرَ فيه وأحكمَ التدبيرا
يا نصيرَ الضِعاف حَرِّرْ نفوساً / تتمنَّى الفكاكَ والتَّحريرا
ضجّتِ الكائناتُ هل من سفيرٍ / يتلافى الدُّنى فكنتَ السفيرا
رَبِّ آتيتنا هُدَاك وأنزلْ / تَ علينا كتابكَ المسطورا
فَلكَ الحمدُ وَافراً مُستمِراً / ولَك الفضلُ باقياً مذكورا
صَاحِبَ القائم المتوّجِ بالفُر / قانِ بُوركتَ صاحباً ووزيرا
أنتَ واليتهُ وعاديتَ فيه / من توخَّى الأذى وأبدى النفورا
أوَ لم تَتَخذْ أباك عدوّاً / وتُذِقْهُ الهوان كيما يحورا
إذ يقول النبيُّ لا تضربِ الشي / خَ وإن سبّني ودعه قريرا
إنما نِلتَ بالمساءةِ منه / والداً مُدبِراً وشيخاً ضريرا
ليت شعري أصبتَ حيّةَ وادٍ / تنفُث السُّمَّ أم أصبت حريرا
نَفثتْ سُمَّها فما هَزَّ رِضْوى / من وقار ولا استخفَّ ثَبيرا
خِفْتَ أن تُوقِظَ النبيَّ فما يُر / ضيكَ أن تضعفَ القُوى أو تخورا
أكرم الله رُكبتيك لقد أع / طاك سُبحانه فأعطى شَكورا
أيَّ رأسٍ حَملت يا حاملَ الإي / مانِ سمحاً والبِرَّ صَفْواً طَهورا
اتَّقِ اللهَ يا سراقةُ وانظر / هل ترى الأمر هيّناً ميسورا
أم تظنُّ الجواد تُمسكه الأر / ضُ وتلوي عنانه مسحورا
أم هو اللهُ ذو الجلالِ رماه / يُمسك الشرَّ راكضاً مستطيرا
غرّك القومُ فانطلقت تُرجّي / ه خسيساً من الجزاءِ حقيرا
وَضحَ الحقُّ فاعتذرتَ وأولا / كَ الرسولُ الأمين فضلاً كبيرا
فُزتَ بالعهدِ فَاغْتَنِمْهُ وَأَبْشرْ / بِسِوارَيْ كِسْرَى فُدِيتَ البشيرا
قُلْ لأهلِ النّياقِ أوتيتُ أجرِي / جَللاً فَابْتَغوا سِوَايَ أجيرا
ليس من رامَ رِفعةً أو سناءً / مِثلَ من رامَ ناقةً أو بعيرا
وأَتى بَعدهُ بُريدَةُ يرجو / أن يَنالَ الغِنَى وكان فقيرا
يركبُ اللّيلَ والنّهارَ وَيَطوِي ال / بِيدَ غُبْراً سُهولها والوعُورا
في رجالٍ من صحبهِ زَعموا الإغ / راءَ نُصحاً واسْتَحسنوا التَّغريرا
آثروا اللهَ والرسولَ ففازوا / وَارْتَضَوْها تجارةً لن تبورا
أسلموا وَارْتَأى بُريدةُ رأياً / ألمعيّاً وكان حُرّاً غَيورا
قال ما يَنبغِي لمثلِ رَسولَ ال / لَهِ أن يَأَلُوَ البلادَ ظُهورا
كيف تمشي بلا لواءٍ وقد أُو / تُيتَ من ربّكَ المقام الأثيرا
ليس لي من عمامتي ومن الرم / ح عَذيرٌ إذا التمست عذيرا
اخفقي يا عمامتي واعلُ يا رم / حي فقد خفت أن تعود كسيرا
ومشى باللواءِ بين يديه / يتلقَّى السنا البهيَّ فخورا
ما حديثٌ لأمّ معبدَ تسْتسْ / قيهِ ظمأى النفوسِ عذباً نميرا
سائلِ الشّاةَ كيف دَرّتْ وكانت / كزَّةَ الضَّرعِ لا تُرجّى الدُّرُورا
بركاتُ السَّمح المؤمَّلِ يَقرِي / أُممَ الأرضِ زائراً أو مزورا
مظهرُ الحقِّ للنبوّةِ سبحا / نكَ ربّاً فرد الجلال قديرا
يا حياةَ النُّفوسِ جِئتَ قُباءً / جِيئةَ الرُّوحِ تَبعثُ المقبورا
ارفعِ المسجدَ المباركَ وَاصْنَعَ / للِبرايا صَنِيعَك المشكورا
معقل يعصم النفوس ويأبى / أن يميل الهوى بها أو يجورا
أوصها بالصلاة فَهْيَ عِلاجٌ / أو سياجٌ يَذودُ عنها الشُّرورا
غَرسَ اللهُ دَوْحَةَ الدّينِ قِدماً / وقَضاها أَرومةً وجذورا
لو أردتَ النُّضارَ لم تَحملِ الأح / جارَ تُوهي القُوى وتَحنِي الظُّهورا
أرأيتَ ابنَ ياسرٍ كيف يَبنِي / أرأيتَ المُشيَّعَ الشِّمِّيرا
أرأيتَ البنَّاءَ يَسْتبِقُ القو / مَ صعوداً ويَزدهيهم سُؤورا
أرأيتَ الفَحلَ الأبيَّ جَنيباً / في يَد اللهِ والهِزبرَ الهَصورا
يَنصبُ النّحرَ للحجارةِ والطّي / نِ يُغِيرُ الحِلَى ويُغري النُّحورا
ما بنَى مِثلَهُ على الدَّهرِ غِرٌّ / رَاحَ يَبني خَوَرْنقاً أو سَديرا
يَجِدُ الحقُّ في البناءِ حُصوناً / ويَرى الطّيرُ في البناءِ وكورا
بُورِكَ الحيُّ حَيُّكم يا بني عم / رِو بن عَوْفٍ ولا يَزلْ مَمطورا
كُنتَ فيه الضّيفَ الذي يَغمُر الأن / فسَ والدُّورَ نِعمةً وحبورا
ما رأت مِثلكَ الديارُ ولا حي / يا لكَ القومُ في الضّيوفِ نظيرا
كَرِهُوا أن تَبِينَ عنهم فقالوا / أمَلالاً أزمعتَ عنّا المسيرا
قُلتَ بل يثربَ انتويتُ وما أَلْ / فَيْتُ نفسي بغيرها مأمورا
قريةُ تأكل القُرَى وتُريها / كيف تَلقى البِلَى وتشكو الدُّثورا
طَربَتْ ناقَتي إلى لابَتيْهَا / فَدَعُوا رَحْلَها وخَلُّوا الجريرا
رَحمةُ اللّهِ والسَّلامُ عليكم / آلَ عَوْفٍ كبيركم والصَّغيرا
يومَ بدرٍ وأنت أعلى مَقاما
يومَ بدرٍ وأنت أعلى مَقاما / إن ذكرنا من بعدِكَ الأيّاما
ما ذكرنا بِكَ القَواضبَ يَقْظَى / أنتَ أيقظتَها شُعوباً نِياما
غَرقتْ في الظّلامِ لا تحسبُ البغ / يَ ذميماً ولا الفُسوقَ حراما
تَكرهُ العدَل في الحقوقِ وترضى / حين يأبَى سَاداتها أن يُقاما
استقم يا سواد في الصف واعلم / أن للجيش في الحروب نظاما
يا لها يا سَوادُ طعنةَ سَهْمٍ / صادفتْ مِنكَ أريحيّاً هُماما
لو يريدُ الأذى بها لم تُطِقْها / مَن يعافُ الأذى ويأبَى العُراما
عَدّلَ الصفَّ فَاسْتَوى وقَضَى الأمْ / رَ على شِرعةِ الهُدى فَاسْتَقاما
إنّها شِرعةٌ لربِّكَ يُمضي / ها فتهدِي الشُّعوبَ والأقواما
تَمنعُ المرءَ ذا البراءةِ أن يُؤ / ذَى وتحمِي الضَّعيفَ من أن يُضاما
وَتُريهِ القَوِيَّ يُذعِنُ للحَق / قِ ويبغِي بِجانبَيْهِ اعْتصاما
قُلتَ أَوْجَعْتَني وقد جِئتَ بالح / قّ وبالعدلِ رحمةً وسلاما
القَصاصَ القَصاصَ إنّي أراهُ / يا إمامَ الهُداةِ أمراً لِزاما
قال هذا بَطْنِي لِبطنِكَ كُفؤٌ / فَاسْتَقِدْ إنَّ للضّعيفِ ذِماما
طابَتِ النَّفسُ يا سَوادُ وعادَ ال / آنَ بَرْداً ما كانَ مِنها ضَراما
واعتنقتَ الرَّسولَ بعدَ شَكاةٍ / فاعتنقتَ الخِلالَ غُرّاً وِساما
وابتدرتَ البطنَ المطهَّرَ لَثْماً / فابتدرتَ الخيراتِ شَتَّى عِظاما
هَا هُنا العدلُ والسَّماحةُ والإح / سانُ أعظِمْ بذا المقامِ مَقاما
أدّبَ اللّهُ عَبْدَهُ وَهَداهُ / وَاصْطفاهُ للمتَّقِينَ إماما
أيُّ دِينٍ كدينِهِ في عُلاهُ / أيُّ قومٍ كالمسلمينَ القدامى
أرأيتَ الضّعافَ في كلِّ أرضٍ / كيف أمسوا للأقوياءِ طعاما
حَرَّموا الطيباتِ بَغياً وظُلماً / وَاسْتحلُّوا الذُّنوبَ والآثاما
رَبِّ إن شِئتَ للشُّعوبِ حَياةً / فابعثِ المُسلِمينَ والإسلاما
إبعثِ النُّورَ في الممالكِ يهدِي / كُلَّ شَعبٍ غَوَى ويمحو الظّلاما
مَرحباً بالأحبَّةِ المُقبلينا
مَرحباً بالأحبَّةِ المُقبلينا / أطفِئُوا شَوقَكم وقَضُّوا الحنينا
أذِنَ اللَّهُ باللقاءِ وكانتْ / لوعةً للفِراقِ دَامتْ سِنينا
إنّ هَذِي دِياركُم فادخلوها / طَيِّباتٍ لمعشرٍ طيّبينا
ادخلوها بنعمةٍ وسلامٍ / وَاعْمرُوها بأهلِكم والبنينا
أقبلوا أقبلوا وَحيُّوا رسولَ ال / لَهِ مُستبشراً يَمدُّ اليمينا
صَافحوهُ مُحبَّبَ الوجهِ سَمْحاً / والزموهُ مُباركاً مَيمونا
وانظروا حوله الجنودَ أُلوفاً / بعد أن لم تكنْ تُدانِي المئينا
واذكروا خطبَكم وكيفَ ذَهْبتُمْ / خِيفةَ الضَّيْمِ في البلادِ عِزينا
تركبونَ العُبابَ يأخذُه الكِبْ / رُ فيأبَى عِنَانُه أن يَلينا
يَضربُ الموجُ في جوانبِهِ المو / جَ وتُزجِي السَّفينُ فيه السَّفينا
اتَّخذتم أرضَ النجاشيِّ داراً / وتَركتُمْ دِيارَكم والقَطينا
مَلِكٌ عادلٌ أقامَ عليكم / من كريمِ الجوارِ حِصْناً حَصينا
وَرَعاكم رَعْيَ الحفيِّ يُؤّدي / حقَّ أضيافهِ وَفِيّاً أمينا
وَجَدَ العارَ في هَدِيَّةِ عمروٍ / فأباها وَردَّ عَمْراً حزينا
قال يا ويلتا أأهدمُ مَجدِي / وأُعادِي أبُوَّتي الأَوَّلينا
أأبيعُ الضُّيوفَ يا عمروُ دَعْها / خُطّةً تجعلُ العزيزَ مَهِينا
إنها سُبَّةٌ على الدهرِ يَأبَى / كلُّ حُرٍّ مُهذَّبٍ أن تكونا
راعه جعفرٌ بقولٍ مُبينٍ / فرأى الحقَّ واضحاً واليقينا
وَدَرى أنَما السُّجودُ لغيرِ ال / لَهِ إثمٌ يَحيقُ بالسّاجدينا
وَاهْتَدى قَلبُه فآثَرَ دِينَ ال / حقِّ في مجمعِ القَساوسِ دِينا
دَلَفَ القومُ بالمصاحفِ لا يَدْ / رُونَ ماذا يُريدُ أن يَسْتَبينا
قال ما عندَكم أما قال عِيسَى / سوفَ يأتي مِن بعدهِ من يلينا
بَطَلَ الشِّركُ وانتهى الإفكُ هذا / خاتمُ الأنبياءِ والمرسلينا
كيف نَأبَى مُحمّداً وَهْوَ حقٌّ / أيقولُ الهُداةُ إنّا عَمِينا
رَبِّ إنّي آمنتُ فاغفِرْ ذنوبي / وَاهْدِني في عبادِكَ المؤمنينا
هكذا فاز بالكرامةِ حزبُ ال / لَهِ طوبَى لِحزبهِ المفلحينا
اُدْنُ يا جعفرٌ لك الرتَبُ العل / يا وكنتَ أمرأً بهن قَمِينا
وَخُذِ القُبلةَ التي هِيَ أَقْصَى / ما تُرجِّيهِ أنْفُسُ المتَّقينا
اُدنُ يا أشبهَ الرجالِ بأعلى ال / ناسِ قَدْراً وخيرهم أجمعينا
ولك العذرُ إن رقصتَ فَهذِي / نَشوةُ الحبِّ تأخُذُ المُخلِصينا
نادِ يا شاعرَ العُروبةِ واهتفْ / مرحباً بالأماجدِ الأكرمينا
هذه خيبرُ العصيّةُ دَانَتْ / لِسيوفِ البواسلِ الفاتحينا
نَصَر اللَّهُ جُندَهُ وحَباهُ / في لواءِ النبيِّ فَتْحاً مُبينا
فَخُذوا حقَّكم هَنيئاً مَرِيئاً / واشكروا اللَّهَ أكرمَ المُنعِمينا
طَلْحَةَ الخيرِ طَلحَة الجُودِ أبْشِرْ
طَلْحَةَ الخيرِ طَلحَة الجُودِ أبْشِرْ / صِرتَ تُدْعى بِطلحَة الفيّاضِ
نَفحةٌ بعد نفحةٍ وانتهاضٌ / في مجالِ السَّخاءِ بعدَ انْتِهاضِ
في حُنَيْنٍ يَدٌ وفي أُحُدٍ أُخْ / رَى وهذِي تَبوكُ ملأى الوفاضِ
مِن جَزُورٍ نحرتَها تُطعمُ الجي / شَ وتشفيهِ من أذىً وارْتِماضِ
ذاقَ من شِدّةِ الطوَى ما كفاهُ / وهو مُستحصِدُ العزيمةِ رَاضِ
حَزَبَتْهُ الأمورُ في طاعةِ الل / هِ فما هَمَّ مَرّةً باعتراضِ
عَالمٌ أنّ أفَضَلَ المقاديرِ ما شا / ءَ وخيرَ الأمورِ ما هو قاضِ
لَكَ في المسلمينَ يا ابْنَ عُبيدِ ال / لهِ بَرقٌ مُباركُ الإيماضِ
تَستهِلُّ الصنائِعُ الغرُّ إنْ لا / حَ وتَجرِي الصّلاتُ مِلءَ الحياضِ
هكذا المؤمِنُ الموفَّقُ يُغنِي / في مرُوآتِهِ غَناءَ المواضي
يَدفعُ الحادث الجليل ويَقْضِي ال / حقَّ سمحَ اليدينِ قبل التقاضي
وَفَدَ نَجرانَ إن أردتَ الرَّشادا
وَفَدَ نَجرانَ إن أردتَ الرَّشادا / فَاتَّقِ اللهَ واتَّبِعْ ما أرادا
وتأمّلْ فَتِلكَ حُجَّتُه البي / ضاء لم تُبقِ ظَلمةً أو سوادا
وَضَحَ الحقُّ وَانْجَلَى الشَّكُ فَانْظُرْ / إنّه النُّورُ قد أضاءَ البلادا
إنّهُ الدّينُ قَيِّماً يُصلِحُ الأم / رَ ويَنْفِي الأذى معاً والفَسادا
جِئتَ في زِينَةٍ وبَسْطَةِ حالٍ / تزدهيكَ الجِيادُ إذ تَتهادى
وهداياكَ من مُسُوحٍ وبُسُطٍ / زِيدَ فيها الفنُّ البديعُ وزادا
صَدقتْ صَنعةُ التصاويرِ فيها / وَهْيَ إفكٌ سَبيلهُ أن يُعادَى
ردَّها الصَّادِقُ الأمينُ تُقاةً / وقَضَى الأمرَ حِكمةً وسَدادا
ودعاهم إلى التي هِيَ أهْدَى / فأبَى الظالمونَ إلا عِنَادا
زَعموا أنّهم على الحقِّ ما حا / دوا ولكنَّه عن الحقِّ حادا
أيظنُّ المسيحَ عَبْداً وقد كا / ن إلهاً أتى يدينُ العِبادا
قال لا تكذبوا عليه وتُوبوا / وَاتْبَعوا الحقَّ مِلَّةً وَاعْتِقادا
إنّ عِيسَى صَلَّى الإلهُ عليهِ / كان للحقِّ قُوةً وعَتادا
هُوَ مِن رُوحِ ربِّهِ مُستفادٌ / وسَبيلُ المخلوقِ أن يُستفادا
كان في قومِه رسولاً رَضِيَّاً / يَتَّقِي رَبَّهُ ويَرْجُو المعادا
لا أبٌ كالذي زَعمتُمْ ولا ابنٌ / فدعوا الشِّركَ وَانْبِذوا الإلحادا
وَحِّدُوا اللهَ مالكم منه واقٍ / وَاحْذَرُوا الخيلَ والسُّيوفَ الحِدادا
ضَلَّ من يدَّعِي لِمَنْ هُوَ فَردٌ / في عُلاهُ الأبناءَ والأندادا
فتنتهم أعمالُه وَهْيَ مِنْ قُدرةِ / اللّهِ وشَرُّ الضَّلالِ أن يَتمادى
رُمِيتْ يَثْرِبٌ بوفدٍ جَمادٍ / هل رأى العالمون وَفدا جَمادا
عَدِمَ العقلَ فهو يُمعِنُ في الجه / لِ ويأبَى فما يُريدُ اتّئادا
أنزل اللهُ آيةً لو وعاها / راحَ بعد اللجاجِ يُلقِي القِيادا
لم يَكُنْ دُونَ أن يبيدَ مَحيصٌ / لَيْتَهُ بَاهَلَ النَّبيَّ فَبادا
مَنعتهم آجالهم فَتَفَادَوْا / ما يودُّ الحريصُ أن يَتفادى
وأتوا مُذعِنينَ يبغونَ صُلحاً / يَدفعُ الويلَ والخطوبَ الشِّدادا
سيّدُ الرسلِ أمّلوهُ ففازوا / إنّما أمَّلوا الكريمَ الجَوادا
اشترُوا مِنْهُ أنفُساً نَجِساتٍ / زادها البيعُ والشِّراءُ كَسَادا
حُلَلٌ لا تكونُ إن هِيَ عُدَّتْ / دُونَ ألفٍ ولا تَجِيءُ فُرادا
يَبعثُ القومُ مِثلَها من لُجَيْنٍ / يُعجِبُ النّاظِرينَ والنُّقّادا
سِرْ حَثيثاً أبا عُبيدةَ وَامْلأْ / أرضَ نَجرانَ هِمَّةً وَاجْتِهَادا
أنتَ أنتَ الأمينُ عزَّ بكَ الصُّن / عُ الذي يرفع الرِّجالَ وسادا
خَلُصَتْ للنبيِّ مِنكَ خِلالٌ / أفعمتْ نَفْسَهُ هَوىً وودادا
أخذوا العهدَ رَحْمَةً وسلاماً / بعد أنْ ضلَّ سَعْيُهُم أو كادا
يَبلغُ الحقُّ مُبتغاهُ وتزدا / دُ قُواهُ تَمادِياً واطِّرادا
وأضلُّ الرجالِ من لا يُلبِّي / دَاعِيَ اللهِ طائعاً إذ يُنادَى
أيها المُؤمنُونَ تُوبوا إلى الل / هِ وكونُوا لِدِينِهِ أوْتادا
أَرَغِبْتُمْ إذ أقبلَ الوفد في الدن / يا وكنتم من قبله زُهّادا
إنّ خيراً من ذلكم جَنَّةُ اللَ / هِ فلا تَعْدِلوا بِتَقواهُ زَادا
ما لِنَفْسٍ من غِبْطَةٍ أو سُرورٍ / بمتاعٍ تَخْشَى عليهِ النَّفادا
أَقْبِلُوا راشِدينَ فالأمرُ جِدُّ
أَقْبِلُوا راشِدينَ فالأمرُ جِدُّ / أيُّ نهجٍ للحقِّ لم يَبْدُ بَعْدُ
أقبلوا راشدين ما لثقيفٍ / وسواها ممّا قَضَى اللَّهُ بُدُّ
يا ابنَ غيلانَ مَرحباً جِئتَ في الرك / بِ وَحَادِي الهُدَى يَسوقُ ويَحْدُو
أين من قومِكَ الأُلى رَكبوا الغي / يَ فلم يَثنِهم عن الإثمِ رُشْدُ
قتلوا عروةَ الشَّهيدَ على أن / آثَرَ اللَّهَ فَهْوَ للشِّركِ ضِدُّ
جَاءَ إثرَ النبيِّ يَشهدُ أنَّ ال / لَهَ حقٌّ عالي الجَلالةِ فَرْدُ
وأتى قَوْمَهُ يظنُّ بهم خي / راً فمالوا عن السّبيلِ وصَدُّوا
هكذا أخبرَ النبيُّ ولكن / ليس للأمرِ حين يُقدَرُ رَدُّ
قال دَعْهم لمالكِ المُلْكِ وَاعْلَمْ / أنّهم قاتِلوكَ فالقومُ لُدُّ
غَرَّهُ رأيهُ فلم يَكُ حُبٌّ / غير حُبِّ الأذى ولم يَكُ وُدُّ
بُورِكَ الوفدُ إذ أتى الكوكبَ الدُّر / رِيِّ في نورِهِ يَروحُ ويغدو
يَتلَّقى السَّنا تَبينُ به السُّبْ / لُ وِضَاءً بعد الخفاءِ وتبدو
وَرد الدِّينَ صافياً ما يُضاهي / هِ لمن يَبْتَغِي السَّلامةَ وِرْدُ
وقَضَى أمرَهُ فَعادَ ومنه / حِيلةٌ أُحكمتْ ورأيٌ أَسدُّ
راح يُخفِي إيمانَهُ ويهدُّ ال / قومَ رُعباً وكلُّ واهٍ يُهدُّ
ليس للشركِ قُوَّةٌ تعصِمُ النف / سَ ولا فيهِ مَنْعَةٌ تُسْتَمَدُّ
قال يا قوم إنّه يتلظَّى / في إباءٍ ما ينقضِي منه وَقْدُ
سامنا خُطّةً تَشُقُّ علينا / وهو عالٍ في قومِهِ مُستَبِدُّ
نهدم اللاتَ صاغرِينَ ونُلغِي / ما درجنا عليهِ فالعيشُ رَغْدُ
هاجهم جَهلُهم فقالوا رُويداً / ما لنا بالذي تقولون عَهْدُ
قيل فالحربُ لا هَوادةَ فيها / فَاجْمَعوا أمرَكم إذن وَاسْتَعِدُّوا
وهفا الذّعرُ بالنفوسِ فلانوا / بعد حينٍ وللجَهالةِ حَدُّ
أقبلوا يرغبون في مِلّةِ الل / هِ فلم يُغنِهم إباءٌ وزُهْدُ
عَجِبُوا للأُلَى رَموهم بمكرٍ / هُوَ أقوى من مكرهم وأشدُّ
سألوهم أن يُسلِموا فأذاعوا / ما أسرُّوا وطاحَ بالهزلِ جِدُّ
رَضِيَ اللّهُ عنهمُ ورعاهم / هم جميعاً لملة الحقِّ جُنْدُ
وَفَدَ الفارسُ الذي تَفرُقُ الأب
وَفَدَ الفارسُ الذي تَفرُقُ الأب / طالُ مِنهُ وتَفزعُ الفُرسانُ
جاءَ عَمروٌ وأيُّ قَرمٍ كعمروٍ / حِينَ تُدعى القرومُ والشُّجعانُ
ماله في الرجالِ كُفؤٌ إذا ما / حَمِيَ الضربُ وَاسْتَحرَّ الطعانُ
رَاعَ صَمصامُه وشاعَ له في ال / أرضِ ذِكرٌ مُجلجِلٌ رنّانُ
قال يا قيسُ أنتَ سيّدُ قومٍ / ليس فيهم لغيرِكَ اليومَ شَانُ
أيَّما خُطَّةٍ أردتَ فلا مَعْ / دَلَ عنها وحيثما كنتَ كانوا
سِرْ معي ننظُر الذي رَاحَ يَنْهَى / أن تُقامَ الأصنامُ والأوثانُ
إنّه إنْ يَكُنْ نبيّاً فلن يَخْ / فَى علينا الدّليلُ والبُرهانُ
ومن الحقِّ أن يكونَ مُطاعاً / فعلينا الولاءُ والإيمانُ
قال يا عمروُ هل أصابكَ مَسٌّ / فتمادَى الهُراءُ والهَذيانُ
ما أنا بالذي يَلينُ عِناني / لابنِ أُنثَى إنْ لانَ مِنكَ العِنانُ
إن تكنْ مُذعِناً لمن فَتن النا / سَ فما بي لمثلِهِ إذعانُ
ذَهَبَ الفارِسُ الزبيديُّ فَرْداً / وتَقضَّى النداءُ والبُهتانُ
يطلب السّاحةَ التي يُطلَبُ الخي / رُ بأرجائِها ويُرجَى الأمانُ
مَهبطُ الوحيِ يَرتعُ الرّوحُ فيها / كلَّ حينٍ ويَسطعُ الفُرقانُ
رَضِيَ البرَّ والمُروءةَ ديناً / فَصَفتْ نَفسُه وطابَ الجنانُ
زالَ عنه الأذَى فما خطبُ قيسٍ / إنّ قيساً لثائرٌ حَرَّانُ
قال يا ويحَهُ أ آمره أم / رِي فَمِنْهُ الإباءُ والعِصْيانُ
لأُذِيقنَّهُ الجَزاءَ أليماً / فيرى موضِعي وكيفَ يُدانُ
هكذا تصنع الجهالةُ بالنا / سِ فتعمَى العقولُ والأذهانُ
وَمِنَ النّاسِ مُبصِرونَ يَرَوْنَ ال / حقَّ حقّاً ومِنهمُ عُميانُ
يا بَنِي الحارثِ بن كَعْبٍ سَلامُ
يا بَنِي الحارثِ بن كَعْبٍ سَلامُ / أَذْهَبَ الرِّجْسَ عَنكمُ الإسلامُ
جاءكم خالدٌ بدعوةِ حقٍّ / فاستجبتم ما عابكم إحجامُ
عَظُمَتْ نِعمةُ النبيِّ عليكم / فاعرفوا دِينَهُ وكيف يُقامُ
كلُّ ما تَكرَهُ النُّفُوسُ من البَغْ / يِ وَسُوءِ الصّنيعِ فيه حَرامُ
لا يحلُّ القتالُ إلا بحقٍّ / وَهْوَ حَقٌّ مؤكّدٌ وذِمامُ
أنتمُ القومُ ما عليكم مَلامُ / قُضِيَ الأمرُ واسْتَراحَ الحُسامُ
وعجيبٌ إذا بَدا الحقُّ طَلْقاً / أن تَضِلَّ العقولُ والأحلامُ
يا بَنِي الحارثِ بنِ كعبٍ نزلتم / في حِمَى اللهِ مَنزلاً لا يُرامُ
ها هُنا ها هنا يَطيبُ المقام / هذه يَثرِبٌ وهذا الإمامُ
أرأيتم عِزَّ النبوَّةِ فيما / عَرَفَ النَّاسُ أو رَأى الأقوامُ
لا النبيُّونَ أوّلَ الدهرِ نالوا / بعضَ هذا ولا الملوك العِظامُ
قالَ وهو العليمُ إذ كلَّمَ القو / مَ ومِنْ مثلهِ يَطيبُ الكلامُ
بِمَ كُنتم في الجاهليّةِ تستع / لون بالنصرِ حين يحمَى الصِّدامُ
فأجابوه ذلكم أنّنا كن / نا جميعاً تضمُّنا الأرحامُ
صادِقي البأسِ للقلوبِ اتّحادٌ / حِينَ تَمضي وللصُّفوفِ الْتِئَامُ
صَخْرَةٌ ما تَطيرُ أو تَتفرَّى / إن تَفرَّى الحصَى وَطَارَ الرَغامُ
ثم كنَّا لا نَبدأُ النّاسَ بالظل / مِ نَعافُ الذي يَعافُ الكِرَامُ
نَكرهُ الشَّرَّ قادرِينَ ونأبا / هُ وللشَّرِّ في النُّفوسِ اضْطِرامُ
قال حقّاً لقد صدقتم وما كا / نَ ليُرجَى للظالِمينَ دَوامُ
إنّ زيداً أميركم فَاعْرِفُوه / وَاسْتَقِيموا لكلِّ أمرٍ نظامُ
سُنَّة اللهِ ليس للقومِ بدٌّ / من رئيسٍ يُلْقَى إليه الزِمامُ
عُدْ بخيرٍ يا ابنَ الحصينِ ونُعمَى / إنّك اليومَ لَلرئيسُ الهُمامُ
يا أَبا العاصِ أيَّ أرضٍ تُريدُ
يا أَبا العاصِ أيَّ أرضٍ تُريدُ / إنّ ما تَبْتَغِي لَصَعْبٌ شَديدُ
سُدَّتِ السُّبلُ يا أبا العاصِ فَانْظُرْ / أينَ تمضِي إذنْ وأينَ تَحِيدُ
أرأيتَ الحديدَ يُزجيِهِ زَيْدٌ / مُستَطِيرَ السَّنا عليهِ الحَديدُ
إيهِ يا ابنَ الربيعِ تِلكَ جُنودٌ / تَتَهاوَى عن جَانِبَيْها الجُنُودُ
ليس للعيرِ غيرُها فَدَعِ العِي / رَ وَعُدْ سالماً وأنتَ حَميدُ
بَعُدَتْ مَكَّةٌ فلا تَرِدَنْها / وإلى يثربٍ فَثَمَّ الوُروردُ
جاء صِهرُ النبيِّ في نَابِ مَولا / هُ وللّيْثِ حُكمُهُ إذ يَصيدُ
رَامَ من زَيْنَبَ الجِوارَ فقالتْ / إنّ في ذَا الحِمَى يُجارُ الطَّرِيدُ
وَمَشَتْ تُخْبِرُ الرسولَ وترجو / عِندَهُ الخيرَ والفُؤادُ كميدُ
قال إنّي أجرتُهُ فله ما / شِئْتِ عِندي ومَالُهُ مَرْدُودُ
أَكْرِمِيهِ فما عَلَيكِ جُناحٌ / وَامْنَحِيْهِ الجَميلَ وَهْوَ بَعِيدُ
إنّه مُشْرِكٌ فأنتِ حَرامٌ / شِرعَةُ اللهِ فَلْيَكُنْ ما يُريدُ
قالَ قومٌ أَسْلِمْ يا أبا العاصِ تَغْنَمْ / مَالَ قومٍ هُمُ العَدُوُّ اللَّدُودُ
قالَ كلا فلستُ أبدأَ دِيني / بالتي يَأنفُ الشَّريفُ الرَّشيدُ
وَتَولَّى فجاءَ مَكّةَ ما يُجْ / حَدُ فيها مَقَامُهُ المشهودُ
قال يا قومُ ليسَ بي من جُحودٍ / إنّه مَالُكُم إليكم يَعودُ
فَخذوهُ فقد وَفَيْتُ وَرَبُّ ال / بيتِ سُبحانَهُ عَليَّ شَهيدُ
أَشْهَدُ الآنَ مُوقِناً مُطمئِنّاً / أنّه اللّهُ رَبُّنا المعبودُ
بَعَثَ الصَّادِقَ الأمينَ رِسولاً / يَهدِمُ الشِّركَ دِينهُ فَيَبيدُ
بِكتابٍ فيه الشّرائعُ تَهدِي ال / ناسَ أعلامُها وفيها الحُدودُ
ما حياةُ الشعوبِ في الشِّركِ فَوْضَى / الحياةُ الإيمانُ والتَّوحيدُ
يا أبا العاصِ عُدْتَ بَرّاً تَقِيّاً / فَهنيئاً لكَ المَعَادُ السَّعيدُ
اعتزلْ ما مَضَى لِنَفْسِكَ في دُنْ / يا الخطَايا فأنتَ خَلْقٌ جَديدُ
أنتَ صِهرُ النبيِّ لا الوُدُّ ممنو / عٌ ولا البابُ مُوصَدٌ مَسْدُودُ
زَالَ ما كان من حجابٍ فلا الإسْ / لامُ يَنْهَى ولا الكِتابُ يَذودُ
ليس من حاجَةٍ لم تُتَحْ لَكَ بع / دُ ولا ثَمَّ مَطلبٌ مَنْشُودُ
سَاعَفَتْكَ المُنى وطاب لك العي / شُ ألا هكذا تُواتِي الجُدودُ
مُت لِتَحيا وَلا تُرِدها حَياةً
مُت لِتَحيا وَلا تُرِدها حَياةً / تَصطَليها النُفوسُ مَوتاً فَظيعا
ضَيعَةُ النَفسِ في اِحتِفاظِكَ بِالنَف / سِ وَعارٌ عَلى الفَتى أَن يَضيعا
آيَةُ الحُرِّ أَن يُغامِرَ لِلمَج / دِ وَأَن يَطلُبَ المَحَلَّ الرَفيعا
يَستَبيحُ الحِمى المَنيعَ وَيَعتَد / دُ دِماءَ العِدى حِماهُ المَنيعا
ساهِرُ الهَمِّ وَالصَريمَةِ لا يَب / غي قَراراً وَلا يُريدُ هُجوعا
يَعلَمُ الحَيُّ أَنَّهُ عِصمَةُ الحي / يِ إِذا خافَ مِن مُلِمٍّ وُقوعا
صادِقُ العَزمِ لا يَضيقُ لَدى الإِق / دامِ ذَرعاً وَلا يُطيقُ رُجوعا
يُنكِرُ السُبلَ لا تَموجُ نُفوساً / حينَ يَمضي وَلا تَمُجُّ نَجيعا
شَرُّ ما تَجلِبُ الخُطوبُ عَلَيهِ / أَن يَرى شَعبَهُ الأَمينَ مَروعا
فَهوَ يَمضي مُجاهِداً لا يُبالي / صَرعَ الخَصمَ أَم تَرَدّى صَريعا
يَتَلَقّاهُ حاسِراً يَأخُذُ الأَس / يافَ غَصباً وَيَستَبيحُ الدُروعا
سائِلِ الناسَ أَيُّهُم صانَ نَفساً / وَاِبكِ حُرّاً صانَ النُفوسَ جَميعا
مِصرُ أَنتِ الحَياةُ وَالمَوتُ طُرّاً
مِصرُ أَنتِ الحَياةُ وَالمَوتُ طُرّاً / لِشَهيدٍ رَمَيتِهُ بِسِهامِكْ
ذَهَبَت نَفسُهُ لِنَفسِكِ زُلفى / وَتَقضَّى مَرامُهُ في مَرامِكْ
أَيُّ حَقٍّ مِن قَبلِ حَقِّكِ يُقضى / وَذِمامٍ يُصانُ قَبلَ ذِمامِكْ
باركَ اللَهُ في بَنيكِ وَطوبى / لِسَعيدٍ يَكونُ مِن خُدّامِكْ
نِعمَة العَيشِ مِن أَياديكِ عِندي / وَجَمالُ الحَياةِ مِن إِنعامِكْ
لَو بَذَلنا النُفوسَ فيكِ كِباراً / ما قَضَينا القَليلَ مِن إِكرامِكْ
هَذَّبَ اللَهُ مَنطِقي وَحباني / بِالصَفِيِّ الوَفِيِّ مِن أَقلامِكْ
قَلَمٌ تَحمِلُ الحَوادِثُ مِنهُ / مِثلَ ما تَحمِلينَ مِن آلامِكْ
لَم يَدَع مِن سَلامِها غَيرَ ما أَب / قَت إِغاراتُ جُندِها مِن سَلامِكْ
لا سَمَت في الوُجودِ أَعلامُ مُلكٍ / أَو يَكونَ السِماكُ مِن أَعلامِكْ
أَيُّها الجُندُ ظافِراً يَتَمَشّى
أَيُّها الجُندُ ظافِراً يَتَمَشّى / في الجَماهيرِ مُعجَباً مُختالا
يَومَ غابَ الحُماةُ وَاِستَصرَخَت مِص / رُ تُنادي الرِجالَ وَالأَبطالا
أَقَتَلتَ الكُماةَ في الحَربِ غُلباً / أَم قَتَلتَ النِساءَ وَالأَطفالا
أَنصِفي الظالِمينَ يا دَولَةَ الفا / روقِ مِنّا وَعَلِّمي الجُهّالا
عَلِّمينا الحَياةَ كَيفَ نُعاني / ها وَصوني النُفوسَ وَالآجالا
خَفِّفي القَتلَ إِنَّنا قَد عَيينا / وَلَقينا في ظِلِّكِ الأَهوالا
اقبِضي ظِلَّكِ المُحَبَّبَ عَنّا / وَاِجعَليها عُقوبَةً وَنَكالا
وَيكِ طالَت بِنا بُلَهنِيَةُ العَي / شِ فَمُتنا سَآمَةً وَمَلالا
لا تزيدوا نُفوسَنا مِن نَعيمٍ / زادَ أَنضاءَها أَذىً وَخَبالا
لا نُحِبُّ العَطاءَ نَمتاحُهُ مِن / كُم وَلا نَبتَغي لَدَيكُم نَوالا
كَفكِفوا جودَكُم وَرُدّوا عَلَينا / ما سَلَبتُم غُلُبَّةً وَاِغتِيالا
ما ذَكَرنا لَكُم مِنَ الخَيرِ شَيئاً / ما رَضينا لَكُم عَلى الدَهرِ حالا
نَذكُرُ الحُكمَ ظالِماً ما رَأَينا / فيهِ عَدلاً وَلا وَجَدنا اِعتِدالا
نَذكُرُ العَهدَ سَيِّئاً ما عَرَفنا / فيهِ حُرِّيَّةً وَلا اِستِقلالا
نَذكُرُ الشَرَّ وَالبَلاءَ جَميعاً / فَاِذكُروا عَهدَكُم وَشُدّوا الرِحالا
رَصِّعوا التاجَ بِالوَفاءِ وَحَلُّوا / بِحِلى الصِدقِ عِزَّهُ وَالجَلالا
لا تُريقوا دَمَ الضَعيفِ عَلَيهِ / وَاِنظُروهُ مِن فَوقِهِ كَيفَ سالا
أَكرِموا التاجَ إِنَّكُم إِن أَبيتُم / زادَ فينا مَهانَةً وَاِبتِذالا
طالَ عَهدُ اِحتِلالِكُم فَحَسِبنا / أَنَّ يَومَ الحِسابِ يُدعى اِحتِلالا
صَدَقَ اللَهُ وَعدَهُ فَاِرقُبوها / غارَةً تُعجِزُ الصَليبَ قِتالا
تُستَباحُ النُفوسُ عَن جانِبَيها / وَتَسيرُ الفُتوحُ فيها عِجالا
هَل مِنَ اللَهِ مَهرَبٌ أَو نَجاءٌ / حينَ يُزجي جُنودَهُ وَالرِعالا
يَأخُذُ البَرَّ وَالبِحارَ عَلَيكُم / وَيُريكُم نِزالَهُ وَالدِحالا
تِلكَ عُقبى الأَذى فَلا تُنكِرُوها / جاءَكُم يَومُكُم فَذوقوا الوَبالا
مَرحَباً بِالإِخاءِ في حَرَمِ اللَ
مَرحَباً بِالإِخاءِ في حَرَمِ اللَ / هِ وَأَهلاً بِقَومِنا الصالِحينا
حَيِّ آلَ المَسيحِ يا بَيتُ واقِضِ ال / حَقَّ عَن آلِ أَحمَدٍ أَجمَعينا
اكتبِ العَهدَ بَينَنا وَاِجعَلِ المُص / حَفَ خَيرَ الشُهودِ فيهِم وَفينا
حَسبُنا اللَهُ لا نُريدُ سِواهُ / مِن كَفيلٍ وَلا نُريدُ ضَمينا
إِن عَقَدنا عُرى الوَفاءِ لِمِصرٍ / وَجَعَلنا الإِخاءَ دُنيا وَدينا
فَهيَ لِلَهِ حُرمَةٌ مَن يَصُنها / يَحيَ في ظِلِّهِ الظَليلِ مَصونا
إِنَّ مَن عَقَّ مِن بَني النيلِ مِصراً / عَقَّ آباءَهُ وَخانَ البَنينا
رَبَّنا هَب لَها الجَزيلَ مِنَ الخَي / رِ وَوَفِّق أَبناءَها العامِلينا
ناشَدَتنا العَهدَ المَصونَ فَكُنّا / أُمَّةً بَرَّةً وَشَعباً أَمينا
مَكسويني كَتَبتَ لِلناسِ دَرساً
مَكسويني كَتَبتَ لِلناسِ دَرساً / عَدَّهُ الدَهرُ مِن كِبارِ عِظاتِهْ
فيهِ سِرٌّ لِلعالَمينَ عَجيبٌ / تَستَحي الكيمياءُ مِن مُعجِزاتِهْ
يَهَبُ الروحَ كُلَّ شَعبٍ رَميمٍ / لَعِبَ الدَهرُ وَالبِلى بِرُفاتِهْ
فَهوَ في نَضرَةِ الحَياةِ فَتِيٌّ / يَتَهادى الشَبابُ في خُطُواتِهْ
يُمعِنُ النَهضَةَ الأَبِيَّةَ تَشأى / غايَةَ المَضرحِيِّ في نَهضاتِهْ
تَسكُنُ العاصِفاتُ عَن جانِبَيهِ / وَتَطيرُ الجِبالُ في هَبَواتِهْ
وَإِذا ما رَمى الزَمانُ بِخَطبٍ / خَطَبَتهُ دَماً سِهامُ رُماتِهْ
يَطلُبُ العِزَّ باذِخاً تَتَهاوى / هِمَمُ الطالِبينَ عَن قَذَفاتِهْ
تِلكَ لِلشَعبِ قُوَّةٌ وَحَياةٌ / تَملَأُ الخافِقينِ مِن سَطَواتِهْ
ما عَهِدنا الخُطوبَ تَرحَمُ شَعباً / يَقَظاتُ الخُطوبِ مِن غَفَلاتِهْ
يَفتِكُ الظُلمُ بِالضِعافِ وَتَنجو / مُهَجُ الأَقوِياءِ مِن فَتَكاتِهْ
مَنَعَ اللَيثَ أَن يُضامَ وَيُؤذى / ما تَخافُ الذِئابُ من وَثَباتِهْ
يا شَهيداً شَجا المَشارِقَ طُرّاً / ما شَجا الغَربَ من ضَجيجِ نُعاتِهْ
وَسَجيناً لَم يطعَمِ القوتَ حَتّى / طَعمَ المَوتَ مِن أُكُفِّ سُقاتِهْ
يَنصَبُ النَفسَ لِلعَذابِ وَيَلقى / ما يُذيبُ النُفوسَ مِن سَكَراتِهْ
إِذ يَرى قَومَهُ أَعَزَّ وَأَعلى / وَحَياةَ البِلادِ فَوقَ حَياتِهْ
أَنتَ لِلحُرِّ سُنَّةٌ وَكِتابٌ / يَستَفيدُ المِثالَ مِن صَفَحاتِهْ
صَفَحاتٍ تُؤتي النُفوسَ هُداها / بِالسَنا المُستَفيضِ مِن كَلِماتِهْ
فيهِ روحُ اليَقينِ لِاِبنِ هُمومٍ / يَستَزيدُ الزَمانُ مِن نَكَباتِهْ
صادِقِ العَزمِ وَالمُروءَةِ يَهوي / كُلُّ عالي الذُرى أَمامَ ثَباتِهْ
فيهِ عِزُّ الذَليلِ يُلقي عَلَيهِ / عِظَةَ الدَهرِ مِن أَجَلِّ ثِقاتِهْ
فيهِ ما يَنفَعُ المَمالِكَ مِن مَأ / ثورِ آياتِهِ وَمِن بَيِّناتِهْ
فيهِ ما يَدفَعُ المَهدِّدَ عَنها / وَيَرُدُّ المُسيءَ عَن سَيِّآتِهْ
هِدَّةُ البَرِّ كُلُّها مِن قُواهُ / وَجَحيمُ البِحارِ مِن مُنشَآتِهْ
قُل لِأَلفٍ مِنَ الأَئِمَّةِ يَقضي / أَلفَ شَهرٍ في صَومِهِ وَصَلاتِهْ
أَيُّ دينٍ لِصائِمٍ أَو مُصَلٍّ / في مُروآتِهِ وَفي مَكرُماتِهْ
دينُ حُرٍّ يَموتُ في السِجنِ جوعاً / وَيَرى العارَ أَن يَعيشَ لِذاتِهْ
نَكبَةٌ زُلزِلَت لَها دَولَةُ الحَق / قِ وَلِلحَقِّ دَولَةٌ مِن حُماتِهْ
لَو يَرى الناسُ ما أَرى حينَ أَودى / لَشَرعتُ الصِيامَ يَومَ وَفاتِهْ
أطلِقُوا قَيْدَها وحُلّوا العقالا
أطلِقُوا قَيْدَها وحُلّوا العقالا / أَخَشيتُمْ كِفاحَها والنّضالا
تلك غاراتُها فَفِرّوا سِراعاً / أو فذوقوا سُيوفَها والنِّبالا
غارةٌ بعد غارةٍ ورِعالٌ / في السَّنا المُستطيرِ تُزجِي رعالا
نَحن أبطالُها نزيد أُولى النَّج / دةِ مجداً ونُكرمُ الأبطالا
نَصدُقُ الكرَّ كلَّ أشوسَ ضافي ال / دِرعِ يمشي إلى الوغى مُختالا
نأخذُ الفارسَ الكميَّ صِراعاً / حين يأبى الكماةُ إلا احتيالا
لا نَدِبُّ الضَراءَ يوماً ولا نط / لبُ سِلماً ونحن نبغي القتالا
ما عَرَفْنا رَفْعَ الكتابِ ولا كُنْ / نا كمزُجي الجِمالِ تُخفي الرِّجالا
يومَ تمشي الوئيدَ تحملُ للزّب / باء موتاً معبَّأً ونَكالا
عاجلت بعلَها اغتيالاً فما تب / صرُ إلا البُعولَ تَردِي عِجالا
غرّه المَينُ والخداعُ فلاقَى ال / حتفَ عُرساً وجاور التُربَ آلا
نحن قومٌ نرى الخيانةَ والغد / رَ أذىً واغلاً وداءً عُضالا
نَتداعَى إلى الكريهةِ ضاحي / نَ نَحُلُّ الرُّبَى ونعلو الجبالا
لا ترانا إلى قرارةِ وادٍ / نتحامَى الوغَى ونخشَى الدِّحالا
وترى القومَ في الأخاديدِ يستخ / فونَ ذُعراً وقد أثاروا الصِّلالا
يملأون الظلامَ هَوْلاً فإن وضحَ الصب / حُ تولَّوا عن جانبيهِ انسِلالا
أبشرِي مصرُ إنّنا الذّادةُ الحا / مونَ ننفِي الأذَى ونشفِي الخبَالا
نحن صُنَّا محارمَ النّيلِ طُرّاً / وأَبَيْنا لِعزّهِ أن يُنالا
ورمينا قُوَى المُغيرينَ فيهِ / بقوىً لا تزيدُ إلا اشْتِعالا
إرثُ آبائِنا وذُخرُ بَنينا / نَفتديهِ ولا نرى أن يُذالا
زَعموا الحقَّ أن نعيشَ أذلّا / ءَ نُعاني الأذى ونشكو الوَبالا
إنّما الحقُّ أن نسودَ وأن نص / دعَ هذي القُيودَ والأغلالا
ملكوا النّيلَ عنوةً أم أرادوا / أن يكونوا على بَنيهِ عيالا
لن ينالوه مأرباً جاهليّاً / يُعجِز العارفين والجُهّالا
هم أقاموا مُشاغبين مُكبِّي / نَ على الظُّلمِ أربعين طوالا
هل يرى العادلون أنَّا خُلِقْنا / مغنماً طيِّباً وصَيْداً حلالا
ظلموا العدلَ ما لهم أن يُقيموا / إنّما العدلُ أن يشدُّوا الرِّحالا
الجلاءَ الجلاءَ يا أمّةَ السك / سونِ عن مصرَ والزِّيالَ الزّيالا
انفِروا أيها الجنودُ خِفافاً / تعصِفُ الرِّيحُ خلفكم أو ثقالا
يا بني النّيلِ نَجدةً تَمنعُ النّي / لَ وتنفِي الهُمومَ والأوجالا
يا بني النّيلِ زأرةً تملأ الغي / لَ دَويِّاً وتُفْزعُ الرِّئبالا
يا بني النّيلِ نظرةً تَنفذُ السُّو / رَ وتَفِري السُّتورَ والأقفالا
يا بني النيلِ حِكمةً تَرأبُ الصَّد / عَ وحزماً يَسُدُّ هذي الخِلالا
أيُّ شعبٍ بمثل ما نحن فيه / نال حُرّيةً أو استقلالا
إنّ هذا لِواؤُنا فاعرفوه / تعرفوا الحقَّ عالياً والجلالا
هو نُورٌ من السّماواتِ قُدْسِي / يٌ يُفيضُ الهُدَى ويمحو الضَّلالا
رحمةُ الله للكنانةِ يُزجي / ها وروحٌ يُحيي به الآمالا
نتلقّاه باليمينِ ونلقَى / في سناه جبريلَ أو ميكالا
ربّ هيِّئ لمصرَ شعباً وفيَّاً / وتدارَكْ مصيرَها والمآلا
أيها القائدُ العظيم تقدَّمْ
أيها القائدُ العظيم تقدَّمْ / أنت بالحرب والكتائب أعلمْ
يطلُع النّصرُ من لوائك فجراً / في دياجي الوغى إذا النّقعُ أظلمْ
رُبَّ هولٍ لبِستَ من صنعةِ الحر / بِ موشّىً بالمشرفيّةِ مُعَلمْ
تتهاوَى النّفوسُ عن جانبيهِ / غيرُ نفسٍ فيه تُصانُ وتُعصَمْ
إيه عزّامُ أنت للحقِّ ركنٌ / في يد اللهِ ثابتٌ ليس يُهدَمْ
يطمعُ الحادثُ المُضلَّلُ فيهِ / ثمّ يعتادُه الرّشادُ فَيُحجِمْ
ابعثِ الطّرفَ في جنودك واسأل / أين حامي اللّواءِ في كلّ مأزِمْ
أين من يمنعُ الذّمارَ ويغشى / لُجَجَ الموتِ والوغَى تتضرَّمْ
كلُّهم نُصرةٌ لمصرَ ومجدٌ / لِبَنِيها فَاسْعَدْ بجيشكَ وَانْعَمْ
أنت علَّمتهم وسوف تراهم / من شُيوخِ الوغى فنعم المُعلِّمْ
أنت أعددتَ للبلادِ حياةً / ليس من دُونها مَفازٌ ومغنَمْ
ضلَّ من يَحسبُ الرجالَ سواءً / أفضلُ الناس من أعدَّ ونظّمْ