المجموع : 38
أَصبَحَت أَوجُهُ القُبورِ وَضاءَ
أَصبَحَت أَوجُهُ القُبورِ وَضاءَ / وَغَدَت ظُلمَةُ القُبورِ ضِياءَ
يَومَ أَضحى طَريدَةً لِلمَنايا / فَفَقَدنا بِهِ الغِنى وَالغِناءَ
يَومَ ظَلَّ الثَرى يَضُمُّ الثُرَيّا / فَعَدِمنا مِنهُ السَّنا وَالسَناءَ
يَومَ فاتَت بِهِ بَوادِرَ شُؤمٍ / فَرُزينا بِهِ الثَرى وَالثَراءَ
يَومَ أَلقى الرَدى عَلَيهِ جِراناً / فَحُرِمنا بِهِ الجَدا وَالجِداءَ
يَومَ أَلوَت بِهِ هَناتُ اللَيالي / فَلَبِسنا بِهِ البَلى وَالبَلاءَ
لَبِسَ الماءُ وَالهَواءُ صَفاءَ
لَبِسَ الماءُ وَالهَواءُ صَفاءَ / وَاِكتَسى الرَوضُ بَهجَةً وَبَهاءَ
فَكَأَنَّ النِهاءَ صِرنَ رِياضاً / وَكَأَنَّ الرِياضَ عُدنَ نِهاءَ
وَكَأَنَّ الهَواءَ صارَ رَحيقاً / وَكَأَنَّ الرَحيقَ صارَ هَواءَ
وَتَخالُ السَماءَ بِاللَيلِ أَرضاً / وَتَرى الأَرضَ بِالنَهارِ سَماءَ
جَلَّلَتها الأَنواءُ زَهراً وَصُفراً / يَومَ ظَلَّت تُنادِمُ الأَنواءَ
فَتَراها ما بَينَ نَوءٍ وَنَورٍ / تَتَكافا تَبَسُّماً وَبُكاءَ
وَتَظَلُّ الأَشجارُ تَتَّخِذُ الحُسنَ / قَميصاً أَوِ الجَمالَ رِداءَ
لَبِسَت حينَ أَثمَرَت خُلُداتٍ / وَإِكتَسَت حينَ أَورَقَت سيراءَ
وَتَرى السَروَ كَالمَنابِرَ تَزهى / وَتَرى الطَيرَ فَوقَها خُطَباءَ
لَيسَ حَدُّ الحُسامِ أَكفى وَأَغنى
لَيسَ حَدُّ الحُسامِ أَكفى وَأَغنى / مِن أَخٍ ذي كِفايَةٍ وَغِناءِ
وَأَخو المَرءِ عِصمَةٌ في بَلاءِ / يَعتَريهِ وَزينَةٌ في الرَخاءِ
بِرُكوبِ المُقَبَّحاتِ جِهاراً
بِرُكوبِ المُقَبَّحاتِ جِهاراً / يَفسُدُ الجاهُ وَالمُروءَةُ تَخرَب
فَاِجعَلِ الجَدَّ بِالنَهارِ شِعاراً / وَاِلهُ بِاللَيلِ ما بَدا لَكَ وَاِلعَب
كَم تَسَربَلتُ مِن رِداءِ ظَلامٍ / ضَحِكَ اللَهوُ فيهِ إِذ هُوَ قَطَّب
وَرَأَيتُ الهُمومَ بِاللَيلِ أَدهى / وَكَذاكَ السُرورَ بِاللَيلِ أَعذَب
قُم بِنا نُذعِرُ الهُمومَ بِكَأسٍ
قُم بِنا نُذعِرُ الهُمومَ بِكَأسٍ / وَالثُرَيّا لِمَفرِقِ اللَيلِ تاجُ
وَقَدِ اِنجَرَّتِ المَجَرَّةُ فيهِ / كَسَبيبٍ يَمُدُّهُ نَسّاجُ
قُلتُ وَالراحُ في أَكُفِّ النَدامى
قُلتُ وَالراحُ في أَكُفِّ النَدامى / كَنُجومٍ تَلوحُ في أَبراجِ
أَمُداماً فَرَطتُم لِمُدامٍ / أَم زُجاجاً سَبَكتُمُ في زُجاجِ
وَكَأَنَّ النُجومَ وَاللَيلَ داجِ / نَقشَ عاجٍ يَلوحُ في سَقفِ ساجِ
لَيسَ ريحُ التُفّاحِ عِندي بِريحِ
لَيسَ ريحُ التُفّاحِ عِندي بِريحِ / لا وَلَكِنَّهُ صَديقٌ لِروحي
حُمرَةَ الخَدِّ وَاِخضِرارَ عِذارٍ / فَمَليحٌ يَطوفُ حَولَ مَليحِ
لَيسَ يَنفَكُّ لِلغَمامِ أَيادٍ
لَيسَ يَنفَكُّ لِلغَمامِ أَيادٍ / تَتَكافا وَأَنعُمٌ تَتَجَدَّد
فَتَرى رَعدَهُ يَشُقُّ حَريراً / وَسَنى بَرقِهِ يُطَرِّزُ مِطرَد
وَتَرى لِلزَمانِ غُصناً وَريقاً / يَملُكُ الطَرفَ إِذ يَقومُ وَيَأوَد
أَنبَتَ الأَرضَ عَسجَداً وَلُجَيناً / فَالرَوابي مُكَلَّلٌ وَمُقَلَّد
وَجَرى الريحُ سَجسَجاً وَرُخاءً / فَالمَناهي مُسَلسَلٌ وَمَسرَد
وَسَبى العَينَ لُؤلُؤٌ وَعَقيقُ / نُظِما في زُمُرُّدٍ وَزَبَرجَد
فَتَرى ثَمَّ مُضحِكاً يَتَجَلّى / وَتَرى ثَمَّ وَجنَةً تَتَوَرَّد
قَطَراتُ النَدى أَحادٌ وَمَثنى / مِثلَ دُرٍّ مُنظِمٍ وَمُبَدَّد
وَكَأَنَّ الشَقيقَ كَأسُ عَقيقٍ / طَرَحَ المِسكُ في قَرارَتِها نَدّ
فَتَرى النَجدَ في رِداءٍ مُوَشّى / وَتَرى الوَهدَ في قَميصٍ مُعَمَّد
وَعَلَيهِ مِنَ البِهارِ عِطافٌ / وَمِنَ الوَردِ وَالشَقائِقِ مُجسَد
وَتَرى النورَ مِثلَ مَضحَكِ خودٍ / وَتَرى الغُصنَ مِثلَ شارِبِ أَمرَد
وَبِحافاتِها البَنَفسِجُ يَحكي
وَبِحافاتِها البَنَفسِجُ يَحكي / أَثَرَ القَرضِ في خُدودِ العَذارى
يَركَبُ الأُقحُوانَ فيها نَهاراً
يَركَبُ الأُقحُوانَ فيها نَهاراً / فَتَرى دِرهَماً عَلى دينارِ
فُرِشَت فَوقَها فَرائِدُ طَلٍّ / عَلِقَت بِالنَباتِ وَالأَشِجارِ
وَتَدَلَّت عَلى الغُصونِ فَجاءَت / كَشُنوفِ الكَواعِبِ الأَبكارِ
رَقَبَت غَفلَةَ الرَقيبِ فَزارَت
رَقَبَت غَفلَةَ الرَقيبِ فَزارَت / تَحتَ لَيلٍ مُطَرَّزٍ بِنَهارِ
فَتَعَجَّبتُ مِن سُراها فَقالَت / غَيرُ مُستَطرَفٍ سُرى الأَقمارِ
ثُمَّ مالَت بِكَأسِها فَسَقَتني / جُلُّنارِيَّةً عَلى جُلُّنارِ
أَصبَحَ الوَردُ في الغُصونِ يُحاكي
أَصبَحَ الوَردُ في الغُصونِ يُحاكي / أَوجُهَ الحورِ في مَقاطِعَ خُضرِ
مِثلُ فُرسانِ غارَةٍ يَعتَليهِمُ / لُمَعٌ مِن دِماءِ سَحرٍ وَنَحرِ
وَيَلوحُ النَهارُ أَسفَلَ مِنهُ / فَهوَ كَالرِجلِ في عَمائِمَ صُفرِ
بَينَ نُبذٍ مِنَ الشَقائِقِ يَحكي / غِلمَةَ الدُرِّ في مَطارِفَ حُمرِ
كَم سُرورٍ زُرِعتُ بَينَ النَدامى
كَم سُرورٍ زُرِعتُ بَينَ النَدامى / وَهُمومٌ طَرَدتُ بَينَ الكُؤوسِ
وَتَلوحُ النُجومُ في ظُلمَةِ اللَي / لِ كَعاجٍ يَلوحُ في آبُنوسِ
ضُفتُ عَمراً فَجاءَني بِرَغيفٍ
ضُفتُ عَمراً فَجاءَني بِرَغيفٍ / زادَني أَكلُهُ عَلى الجوعِ جوعا
ثُمَّ وَلّى يَقولُ وَهوَ كَئيبٌ / لَهفَ نَفسي عَلى الرَغيفِ أُضيعا
كانَ خَدّاعَةَ الضُيوفِ وَلَكِن / رُبَّما أَصبَحَ الخَدوعُ خَديعا
كُنتُ أَنزَلتُهُ مَحَلّاً رَفيعا / فَغَدا ذَلِكَ الرَفيعُ وَضيعا
عَجَباً مِنهُ إِذ أُبيحَ حِماهُ / كَيفَ لَم يَمتَنِع وَكانَ مَنيعا
آفَةُ السِرِّ مِن جُفو
آفَةُ السِرِّ مِن جُفو / نٍ دَوامٍ دَوامِعِ
كَيفَ يَخفى مَعَ الدُمو / عِ الهَوامي الهَوامِعِ
ما رَأَينا أَخا هَوى / سِرُّهُ غَيرَ ذائِعِ
إِنَّ نيرانَ حُبِّهِ / بادِياتُ الطَوالِعِ
كَيفَ أَسلو وَأَنتَ حِقفٌ وَغُصنٌ
كَيفَ أَسلو وَأَنتَ حِقفٌ وَغُصنٌ / وَغَزالٌ لَحظاً وَقَدّاً وَرِدفا
قالَ لي صاحِبي وَقَد صَفَعَتهُ
قالَ لي صاحِبي وَقَد صَفَعَتهُ / نَفَحاتُ الكُروسِ مَن في وَصيفِ
لَعَنَ اللَهُ لَيلَةً بِتُّ فيها / مَع رَفيقي كَأَنَّنا في الكَنيفِ
أَيَهَذا الوَضيعُ كَم تَتَنَبَّل
أَيَهَذا الوَضيعُ كَم تَتَنَبَّل / لَو تَواضَعتَ كانَ أَبهى وَأَجمَل
أَنتَ كَلبٌ فَلا تَغَسَّل كَثيراً / يَنجُسُ الكَلبُ كُلَّما يَتَغَسَّل
لا يَغُرَّنَّكُم عُلُوُّ لَئيمٍ
لا يَغُرَّنَّكُم عُلُوُّ لَئيمٍ / فَعُلُوٌّ لا يَستَحِقُّ سِفالُ
فَطُفُوُّ الغَريقِ فيهِ فُضوحٌ / وَاِرتِفاعُ المَصلوبِ فيهِ نِكالُ
لَستَ مِن عاشِقٍ أَضَلَّ سَبيلاً
لَستَ مِن عاشِقٍ أَضَلَّ سَبيلاً / فَسَقى دَمعُهُ الهُطولَ طَلولا
بَرَدَ اللَيلُ حينَ هَبَّت شَمالاً / فَجَعَلتُ الصِلاءَ فيها الشُمولا
في هِلالٍ كَأَنَّهُ حَيَّةُ الرَملِ / أَصابَت عَلى اليَفاعِ مَقيلا
باتَ في مِعصَمِ الظَلامِ سِواراً / وَعَلى مَفرِقِ الدُجى إِكليلا