المجموع : 19
أَجملَ اللَهُ في فؤادِكَ صَبرا
أَجملَ اللَهُ في فؤادِكَ صَبرا / وَجزى مِنَّةً وَأَعظمَ أَجرا
وَسَقى تُرْبَ مَن فَقَدتَ سَحابا / لا دُموعاً فَذاكَ أَندى وَأَطرى
انَّ أَمراً دَهاكَ أعظمُ أَمرٍ / مَن تَلقَّاهُ لا يُعظِّمُ أَمرا
غَيرَ أَنَّ المَريضَ يَرجو دَواءً / فَإِذا لَم يَنلْهُ فَالصَّبرُ أَحرى
إِنَّ حَقّاً عَلى الطَبيعةِ إِن تَحْ / زَنَ وَالعَقلُ بِالنَتيجةِ أَدرى
لَو يفيدُ البُكاءُ وَالنَّوحُ شَيئاً / لَأَقامَتْ خَنساءُ قَبلَكَ صَخرا
كُلُّ ما في الوُجودِ وَهمٌ فَلا نر / حَمُ زَيداً وَلا نُغبِّطُ عَمرا
يَطمَعُ المَرءُ في الحياةِ طَويلاً / وَهْوَ في المَوتِ أَو عَنِ المَوتِ فِتْرا
وَحياةُ الدُّنيا تُسمَّى حَياةً / مِثلَما تُحسَبُ المَجَرَّةُ نَهرا
هَكَذا النَّاسُ عاثِرٌ إِثرَ كابٍ / كلُّ عَينٍ بِدَمعةِ البينِ شَكرَى
رُبَّ باكٍ لِضَربةٍ صادَفتَني / وَهْوَ قَد شَكَّ أَن تُفاجيهِ أُخرى
كُلُّ مُستضحِكٍ سَيُبكيكَ وَالبا / كي سيُبكَى فَالكُلُّ قَتلى وَأَسرى
نحنُ وَالدَّاءُ وَالدَّواءُ مِن الأَر / ضِ تُراباً وَالكُلُّ لِلأَرضِ طُرّا
وَحياةُ الدُّنيا طَريقٌ إِلى الأُخْ / رَى فَخُذْ زادَها الَّذي هُوَ أَمرى
يا طَريقَ البَقا إِذا كُنتَ خَيراً / فَلَكَ الفَضلُ كُلَّما زِدتَ قِصْرا
طالَما عالَجَ الزَّمانَ رِجالٌ / فَاِبتَلاهم بِأَحرُفٍ لَيسَ تُقرا
حيلَةٌ تَركُها سَبيلٌ إِلَيها / وَسقامٌ برَفضنا الطِبَّ يَبرا
لَستَ أَهلاً لَأَن تُعزّى بِما جِئْ / نَا بِهِ أَنتَ فَوقَ ذَلِكَ قَدرا
عِندَنا ما لَديكَ فَالبَعضُ مِمَّا / بِكَ وَالبَعضُ مِن دَمٍ راحَ هَدرا
لَو أَطَعنا الدُّموعَ مُبتَدِراتٍ / ما وَقَفنا عَليكَ نُنشِدُ شِعرا
قَد عَهِدناكَ تُوسِعُ النَّاس حِلماً / وَعَهِدناكَ تُوسِعُ النَّاس زَجرا
وَعَهِدناكَ كُلَّما اتَّسَعَ الخَطْ / بُ حَوالَيكَ كُنتَ أَوسَعَ صَدرا
أَنتَ بَحرٌ وَالحُزنُ جَمرةُ نارٍ / مِن رَأى جَمرَةً تُسخِّنُ بَحرا
قَد عَركتَ الخطوبَ شَفعاً وَوَترا / وَعَرَفتَ الأَيَّامَ بَطناً وظَهرا
وَلِمثلي عَلَيكَ نُصحٌ وَقَد كا / نَ فَهَذا مِمَّا تَخيَّرتُ ذُخرا
وَإِذا ما سَلِمتَ هانَ فَقد أَغْ / نَيْتَ عَمَّن يَكونُ عَبراً وغَبرا
أفِرَاقاً حَسِبتها أم لِقاءَ
أفِرَاقاً حَسِبتها أم لِقاءَ / وَقْفةٌ بالأُبَيرِقَينِ مساءَ
كُنتُ منها على رَجاءٍ فَلمَّا / حَضَرتْني قَطَعتُ ذاكَ الرَّجاءَ
طالما كُنتُ واثقاً بِصفاءٍ / فأنا اليومَ لستُ أرجو صفاءَ
لا يَظُنُّ الصحيحُ فجأةَ سُقمٍ / وإذا اعتَلَّ لا يَظُنُّ شِفاءَ
يا بني عَمِّنا رُوَيداً علينا / أوَلَسْنا جميعُنا غُرَباءَ
إن نكُ اليومَ في البِلادِ افترقنا / فقريباً نُفارِقُ الدَنْياءَ
يَرِدُ البُؤْسُ والنعيمُ على المَرْ / ءِ وكلٌّ يروحُ من حيثُ جاءَ
عاشَ قومٌ رَغْداً وقومٌ وَبالاً / ثم ماتوا طُرّاً فراحوا سَواءَ
أيها العائفُ الكفَافَ تَمنَّى / لو دامَ الزمانُ خُبزاً وماءَ
وإذا أحسَنَ الزمانُ فلا تَغْ / ترَّ واعلَمْ بأنهُ قد اساءَ
والذي يَعلمُ الحقيقةَ لا يُبْ / لَى بداءٍ ولا يُعالِجُ دَاءَ
كَأَبيها وشيخنا ابن الشرابيْ / يِ الذي صحَّ أنَّ فيهِ الشِفاءَ
صاحبُ القولِ والفَعالِ رشيداً / باطنُ الرأْيِ حَسْبَما يَتَراءَى
سَلِمَتْ عينُهُ ولا شكَّ فيها / فَهْيَ ممَّا يُسِلّمُ الأعضاءَ
أيُّها اللابسُ السَوادَ ولا بدْ / عَ إذا كُنتَ تقتفي الخُلفاءَ
أنتَ في أرضنا خليفةُ عيسى / ولكَ المُلكُ يومَ تأتي السماءَ
خلقَ اللهُ فيكَ روحاً من اللُطْ / فِ وجِسماً منَ البَها حيثُ شاءَ
فإذا قُلتَ أوْ فعلتَ فذاكَ ال / جوهرُ الفردُ يفتِنُ الحُكمَاءَ
لا تَسْلني حقَّ الثَّناءِ وتأتي / كلَّ يومٍ بما يُطِيلُ الثَّناء
ليسَ عندي الا سَوادُ مِدادٍ / هل يكافي تلك اليدَ البيضاءَ
ما مَدَحْناكَ بل صَدَقناكَ إذ قُلْ / نا بكَ الحَقَّ واكتفَيْنا الخَطاءَ
وبماذا الفتَى يَمُنُّ على البدْ / رِ إذا قالَ إنَّهُ قد أضاءَ
أيُّ ذنبٍ تُرَى وأيَّةُ زَلَّه
أيُّ ذنبٍ تُرَى وأيَّةُ زَلَّه / للمُحِبِّ الذي تحلَّلتَ قَتْلهْ
كلُ ما ترتضيهِ سَهْلٌ ولكن / عَثَراتُ الآمالِ لَيستْ بسَهْلهْ
يا لقومي لَقد سباني غزالٌ / تَقتلُ الأُسدَ من عِذارَيهِ نملَهْ
علَّمَ الخطَّ باقلٌ منهما يا / قوتَ دمعي في الرَّبْعِ وهْوَ ابنُ مُقلَهْ
ذابلُ الجَفْنِ فاترُ الطرْفِ لابِدْ / عَ ففي خدِهِ من النارِ شُعلَهْ
هُوَ دائِي ولا أقول الدوا من / هُ لئلا يقولَ حُبّي لعلَّهْ
يا مرِيضَ الجفونِ ليسَ عليها / حَرَجٌ تتَّقيهِ في كلِّ مِلّهْ
إنَّ فيها لفترةً وَأَرَى لح / ظكَ في مُهجتي يُرَدِّدُ رُسْلهْ
نَقَلَ الثَغْرُ عن صِحاح الثنايا / أنَّهُ الجوهريُّ فاختَرْتُ نَقْلهْ
وحكى قوسُ حاجِبَيكَ عنِ الرِّي / شِ من الهُدْبِ أنَّ لحظكَ نَبْلَهْ
إنَّ قلبي لغيرُ منصرفٍ عن / كَ فويلاهُ كسرُهُ مَن أحَلَّهْ
صِلْ ولا يمَنَعَّكَ اليومَ عني / سُوءُ حالي فالحال تُحسَبُ فضلَهْ
ضاعَ صبرِي وإنهُ صِلَةُ المو / صولِ عِندي فهل عَرَفتَ مَحَلَّهْ
كيفَ تقوى على بوارِحِ وجدٍ / مُنَتَهى الجمعِ أَضلُعٌ جمعُ قِلَّهْ
ليس للشوقِ من خِتامٍ فأستخْ م / لِص منهُ وأدمُعي مُستهِلَّهْ
سلبَتْني الأيّامُ ماليَ حتى / سلبتني القريضَ إلا أقَلَّهْ
وبنفسي بقيَّةٌ صُنتُها من / هُ إلى مُلتقَى الذي بَقِيتْ لهْ
وبماذا تُرَى الفتى يلتقي البح / رَ ولو كانَ فوق كفِّيهِ دِجْلَهْ
كعبةٌ حَجَّتِ القوافي إليها / طائفاتٍ برُكنها مُستظلَّهْ
إنَّ وضْعَ القريضِ بين يديهِ / وإلى بابهِ المُؤَيَّدِ حَمْلهْ
شاعرٌ يَنِظمُ القوافي عُقوداً / دُونَها في الرؤُوس عَقْدُ الأكِلَّهْ
وهوَ قاضٍ يقومُ بالقِسطِ بين الن / ناس قد أحكمَ الخِطابَ وفَصْلَهْ
راحمٌ في سِوَى القَضاءِ رأُوفٌ / يبتغي عفوَهُ وينصُرُ عَدْلهْ
صحَّ نحوُ ابنِ حاجبٍ عنْدَهُ واع / تلَّ خطُّ ابنِ مُقلةٍ أيَّ عِلَّهْ
والفتاوى لأَحمديَّاتهِ الغر / راءَ لا خيريَّاتِ صاحبِ رَمْلهْ
طالما طالَ فاصلاً بيَراعٍ / تشتهي أن تكونَهُ كّلُّ نَصْلَهْ
سوَّد الطِرسَ فاستنارَ فذياَّ / ك سَوادُ العيونِ يَهْدِي الأضِلَّهْ
يا إمامَ الكِرامِ في خير مِحرا / بٍ من الخيرِ خيرهُ لك قَبْلَهْ
أنتَ نَدْبٌ لهُ التُقَى سُنَّةٌ وال / عدلُ فرضٌ واللهُ يَعلمُ نَفْلَهْ
رَحَلتْ ناقتي إليكَ وقلبي / قبلَها فَهْيَ رحلةٌ بعدَ رحلَهْ
ورِضاكَ المُنى وحَسْبيَ طَلٌّ / منهُ إن كنتُ لا أُصادِفُ وَبْلَهْ
لِمَنِ الدَّمعَ بعدَ هذا تَصوُنُ
لِمَنِ الدَّمعَ بعدَ هذا تَصوُنُ / وعلامَ الصبرُ الجميلُ يكونُ
كلُّ حُزنٍ بحَسْبِ كلِّ فقيدٍ / وبحَسْبِ الأحزان يبكي الحزِينُ
وبحسبِ البلاءِ صبرٌ بهِ القلْ / بُ على حَمْل ما بهِ يستعينُ
يُخلَقُ النَّاسُ للشَّقاءِ فما أسْ / عَدَ من لم يُخْلقْ فذاك أمينُ
طالما جَدَّتِ الرّجالُ على الدُّن / يا فغارَت ضِحْكاً عليهِ المَنُونُ
قد أعدّتْ لدهرِها وهْيَ لا تطْ / معُ في يومها فبئِسَ الجُنونُ
كلُّ حَيٍّ يرجو الحياةَ ولو في ال / موتِ وهماً فماتَ وهْوَ ضنينُ
قد أطالت فينا الظُنونُ الأمانيْ / يَ وعندَ القضاءِ صحَّ اليقينُ
عِلّةُ الموتِ لا تُداوى ولا تَح / مِي الرُّقَى منهُ والقنا والحُصونُ
ولَعلّ الدواءَ منهُ سَقامٌ / ولَعلَّ الفِرارَ منهُ كمينُ
ما تُرَى من حِماهُ شَرْبةُ ماءٍ / يَتّقي مَن قَضاهُ كافٌ ونُونُ
حيلةٌ أعيتِ الأنامَ فمات ال / شيخُ عجزاً كما يموتُ الجنينُ
نشتكي شِدّةَ الحياةِ ولا نر / ضى كما لا يرضى الخَلاصَ السجينُ
كلُّنا في الحياةِ يطلبُ أرضاً / شاكَلَتهُ فنحنُ ماءٌ وطينُ
أيها العمرُ طُلْ أوِ اقصُرْ فإني / للمنايا مهما أطلتَ رَهينُ
كلُّ أمرٍ لا بُدَّ منهُ أراهُ / كان قبلاً فلم أخَفْ إذ يكونُ
راحةُ المرءِ تركُ دُنياهُ طَوعاً / فَهْوَ كُرْهاً لتركها سَيَدينُ
خَبّرينا يا أرضُ كيفَ سُلَيما / نُ وعادٌ وأينَ تلكَ القُرونُ
كنتِ مِلكاً لهم فصاروا تُراباً / منكِ ملْكاً لنا بهِ نستهينُ
إِلْفُ هذِي الحياةِ جَدّدَ في الأن / فُسِ أُنساً بها فطالَ الحنينُ
وأنِسْنا بعضاً ببعضٍ فكانت / وَحْشةٌ في القلوبِ حين نَبِينُ
أيها الرَّاحلُ الذي زادُهُ التق / وَى إلى اللهِ والعَفافُ هَجينُ
أنتَ في التُرْب قد دُفِنتَ ولكن / لكَ طيَّ القُلوبِ شخصٌ دفينُ
إن تكن نمتَ نومةَ الدهرِ فالنو / مُ علينا قد حرَّمتهُ الجُفُونُ
ولئن كُنتَ قد بَليتَ فلا يَب / لَى اشتياقٌ ولا تَرِثُّ شُجونُ
يا لكَ اللهُ هل سمعتَ نُواحاً / في الليالي لهُ الصَفاةُ تَلينُ
إن يكن لم تُصب ثَراكَ الغوادي / كُلَّ يومٍ فقد سقَتْهُ العُيونُ
كنتَ لا تُخلِفُ الرَّجاءَ كريماً / وكريماً خابت لَدَيكَ الظنونُ
نحنُ نَبغي لكَ الحياةَ فهل تَر / ضى بدُونٍ وكيفَ يُرضِيكَ دُونُ
كنت في الأرض زاهداً مطمئناً / لم تَبِعْ دارَها وأنتَ غبينُ
لا يُبالي بأُرجُوانٍ وخَزٍّ / من كَسَاهُ عقلٌ وعِرضٌ ودِينُ
قد جمعتَ الدَّارَينِ هذِهْ تولَّت / ها بنانُ اليُسرَى وتلكَ اليمينُ
ومِنَ الناسِ جاهلٌ وحكيمٌ / ومِنَ الدارِ ناصحٌ وخَؤونُ
بين ضربِ الطُلَى وطعنِ الصدورِ
بين ضربِ الطُلَى وطعنِ الصدورِ / تَنزِلُ المَكرُماتُ حولَ غديرِ
وعلى صَهْوةِ السوابقِ تُبنى / من عَجَاجٍ للمجد شُمُّ القصورِ
إنَّما الفضلُ بالكَرامةِ والإق / دامِ والحَزْم في اعتراكِ الأُمورِ
مثلما سادَ في الوَرَى حَمَدُ المح / مودُ حَمْدَ المؤَمَّلِ المشكورِ
طارفٌ عن تليدِ جَدٍّ قديمٍ / وَرِثَ المكرُماتِ إرثَ الجديرِ
لَقَّبوهُ الصغيرَ وهْوَ عليٌّ / إذ رأَوهُ دُونَ الإمام الكبيرِ
فئةٌ تَصلُحُ العُلى والعطايا / والسرايا لهم ونحرُ الجَزورِ
لِسَريرِ العُلَى رِجالٌ وإلا / ضاقَ بالجالِسِينَ مَتْنُ السريرِ
أنتَ منهم وفَوْقَهم أيُّها الصا / في كمالاً لِصَفْوةِ التكريرِ
حَسَبٌ فوقَ ذلك المجدِ قد زا / دَ كأبياتِ الشِعرِ بالتشطيرِ
ضاقَ عنك الثَّناءُ شرحاً فما تُو / صَفُ إلا بمثلِ رمزِ المُشيرِ
فوقَ أهلِ القرِيضِ علماً فمن أرْ / ضاكَ منهم فذاكَ فوقَ جريرِ
طالما تَنِظِمُ القوافيي من الشِع / رِ طباقاً بمالكَ المنثورِ
شاعرٌ يَخلُقُ المعاني ويَرضَى / من فصيح الألفاظِ بالمشهورِ
لا تَلُمْني إذا اقتصرتُ فقد كلْ / لَفتُ نفسي إليك عزمَ الجسورِ
مَوقِفٌ هائلٌ وسيفٌ كليلٌ / وكِلا الجانبينِ داعي القُصورِ
بين رِئم الحِمَى وآرامِ رامَهْ
بين رِئم الحِمَى وآرامِ رامَهْ / حَربُ بدرٍ فهل علينا مَلامَهْ
قد طلبتُ النِّضالَ حتى تَلاقَيْ / نا فلَمَّا رَنَا طلبتُ السَلامَةْ
أين سيفي من لحظِ مَن يَقطعُ السَّيْ / فَ بلحظٍ لهُ كقَطعِ القُلامَهْ
يَتَّقي العينَ أن تَراهُ وَ يَخشَى / عينَهُ كلُّ فارسٍ تحتَ لامهْ
مَن لِمِثلي بمثلِ ظَبْيٍ حَمَاهُ / سَيفُ جفنٍ يعلو على رُمحِ قامَهْ
إنما الهَجْرُ للمُحِبّينَ موتٌ / ليتَ شِعري متى تكونُ القيامَهْ
لِيَ ذُلٌّ أقامَ عِزّاً لديهِ / ذُلُّ نفسٍ لعِزِّ نفسٍ إِقامَهْ
و إذا لم أَعرِف كَرامةَ نفسي / كيفَ أرجو ممَّن سِوايَ كَرامَهْ
ما أَنا والحِسانَ تُضحِكُ رَيحا / نَ عِذرٍ من عارِضَيَّ ثَغَامَهْ
كُلُّ فنٍّ لهُ رِجالٌ وفي كُلْ / لِ رِجالٍ مَن يستحِقُّ الإِمامَهْ
كإِمام القُضاةِ مولى الموالي / كَعْبةِ الفضلِ العالمِ العَلاَّمَهْ
الَّذي قامَ في طَرابُلُسِ الشا / مِ فكانت في وَجنةِ الشامِ شَامَهْ
عَلَمٌ دَلَّتِ البَنانُ عليهِ / عِندَ إِقبالِهِ فتِلكَ العَلامَهْ
عَجِبَ الناظرونَ للبحرِ منهُ / فوقَ سرجٍ والبدرِ تحتَ عِمامَهْ
هيبةٌ في وَداعةٍ وانبِساطٌ / في وَقارٍ ورِقَّةٌ في شهامَهْ
لا تَنالُ المُدامُ منهُ ولا يَلْ / قَى الغَواني بمُهجةٍ مُستهامَهْ
نَصَبَتْ عينَهُ رقيباً عليهِ / منهُ نفسٌ لنفسِها لَوَّامَهْ
ليسَ يحتاج في الفِعالِ إلى العُذ / رِ ولا تَعقُبُ الفِعالَ النَدامَهْ
عَقَدَتْ في القَضاءِ صُلحَ أعادي / هِ وأَنْسَتْ حُبَّ الصديقِ استقِامَهْ
تُرهِبُ النَّفسَ نظرةٌ منهُ إِجلا / لاً وتُحيى القُلوبَ منهُ ابتِسامَهْ
رامَ تقبيلَ كفِّهِ كلُّ ثَغْرٍ / ولَدَيهِ تَطأمنَتْ كُلُّ هامَهْ
بَعُدتْ غايةُ الإِمام ولم أَظ / فرْ بعينٍ كعينِ ذاتِ اليَمامَهْ
يَسبِقُ الفعلُ منهُ قولي فما أُد / ركُهُ لو رَكبتُ مَتْنَ النَعامَهْ
حَسْبُكَ اللهُ يا محمَّدُ قد أَو / عيتَ ما ضاقَ عنهُ غَورُ تِهامَهْ
ليتَ مُعطِيكَ ذلكَ الفضلَ أعطا / نا لهُ أَلْسُناً بهِ قَوَّامَهْ
لا تلوميهِ في الهَوَى واعذرِيهِ
لا تلوميهِ في الهَوَى واعذرِيهِ / هل يُفيدُ المَلامُ مَن لا يَعيهِ
للهوى كالمَلام داعٍ فإنْ قُل / تِ بتركِ الداعي إذَنْ فاترُكيهِ
حَدَقُ الغيدِ فاتناتٌ وإلاّ / فَجَمادٌ فُؤادُ من تلتقيهِ
والهوى في القُلوبِ شَرْطٌ فإن لم / يَكُ بالمُشتَهى فبالمكروه
كُلُّنا يبتغي من العَيشِ ضَرْباً / وسُرورُ الفتى بما يبتغيهِ
إنما نحنُ في اختِلافِ عُقولٍ / مِثلَما نحنُ في اختلافِ وُجوهِ
رُبّما طابَ للفتَى ما كَرِهنا / وَهْوَ منّا وعافَ ما نشتهيهِ
لو تَساوى المذاقُ لم يَكُ في الد / دُنيا خسيسٌ ولم تَقُمْ بالنبيهِ
صُنتُ نفسي عن جاهلٍ صانَ عنّي / نفسَهُ يشكوني كما أشتكيه
وإذا لم ألقَ السفيهَ بحِلمٍ / ضاعَ حِلمي فكنتُ عينَ السفيهِ
كانَ للعلمِ دولةٌ عندَ قومٍ / عَرَفوهُ فأكرَموا عارفيهِ
ليسَ فينا من يَقبَلُ العلمَ عَفْواً / فإذا بِعتَهُ فَمن يشتريهِ
قد هجونا بني الزَمانِ فنِلنا / حَظَّ هجوٍ لأنّنا مِن بنيهِ
سيفُ أهل الشِعرِ الهِجاءُ ولكِنْ / قَلَّ من هذا السيفُ يقطعُ فيهِ
علّمتني تجاربُ الدَّهرِ ما لا / كنتُ أدرِي من آلهِ وذَويِهِ
وتركتُ القَرِيضَ أنتهِزُ الفُر / صةَ حتى رأيتُ من يقتضيهِ
صِفَةٌ أصْفَتِ القَريحةَ حتّى / سَهَّلت في البديعِ نظمَ البَديهِ
مُعجِزاتٌ في الفِعلِ مُمكِنةٌ في ال / قَولِ لكن بعيدةُ التشبيه
إنما نائبُ الوزير وزيرٌ / قامَ بالفضل وهْو لا يدَّعيهِ
عُمدةُ العاجزِ الكلامُ ولِلفَعْ / عَالِ فِعلٌ عن قولهِ يُغنيهِ
كَلَّفَ الناسَ وصفَهُ وهْوَ لو كُلْ / لِفَهُ ما استطاعَ أنْ يُحصيهِ
يَسَعُ المُلكَ صدرُهُ مثلَ عَينٍ / وَسِعتْ كُلَّ فَدفَدٍ تجتليهِ
كاتبٌ يقطعُ السُيوفَ يَراعٌ / في يديهِ وليسَ ضَرْبٌ يَليهِ
زاهدٌ يلبَسُ السوادَ ويمشي / في بَياضٍ لديهِ مِشْيةَ تِيهِ
وإذا غابَتِ الصحائفُ عنهُ / حَضَرَتْهُ صَفائحٌ تقتفيهِ
عَلِمَ السيفُ أنَّهُ يكِسبُ البِي / ضَ فِرِنْداً فجاءَهُ يجتديهِ
طالما أخجَلَ الكِرامَ كريمٌ / أكثرَ اللهُ في الوَرَى حاسِديهِ
عَجِبوا من صَغيرِ ما لاحَ من أفْ / عالهِ والكبيرُ لا يُرضيهِ
ليسَ يكفي الأميرَ ما قد كفى الرا / جي فيُعطيه فوقَ ما يرتجيهِ
ذاكَ يرجو بحَسْبِ مِقدارِهِ وَهْ / وَ عَلى قَدْرِ نفسِهِ يُعطيهِ
يَفخَرُ الغيثُ إذ يُشَبَّهُ في الجُو / دِ بهِ مُنكِراً على واصفِيهِ
ذاك يجري بالماء حيناً وهذا / بِنُضارٍ يَدومُ للسائليهِ
من لزَهرِ الرُّبى بحُسنِ مُحيّا / هُ وزُهرُ النُجومِ لا تَحْكيهِ
يُطبَعُ السيفُ من مَضاءِ يديهِ / وتُصاغُ الحُلِيُّ من لَفْظِ فيهِ
يا عِماداً لدَولةٍ مَن تُصافي / هِ تُصَفيّهِ قبلَ أن تَصطفيهِ
أنتَ مَن ينبغي لهُ الشِعرُ لكنْ / لكَ حَقٌّ ما كُلُّ شِعرٍ يَفيهِ
طالَ شوقي لطُولِ هذا البِعادِ
طالَ شوقي لطُولِ هذا البِعادِ / فتُرَى هل لِذاكَ من مِيعادِ
كُلّما أقبَلَ الرَجاءُ ثناهُ الدْ / دَهرُ عَنّا فكلُنا في الطِرادِ
خَمِدَت نارُ ذلكَ الحَيِّ ويلا / هُ ومن لي من جمرِها برَمادِ
واستقَرَّت تلك الأباطِحُ من رَكْ / ضِ المطايا ومن صهيلِ الجِياد
هكذَا الدهرُ لا يَدومُ ولو دا / مَ لكُنَّا في عهدِ مَن قبلَ عادِ
وكما لا يَدُومُ حالُ صلاحٍ / عِندَهُ لا يدومُ حالُ فَسادِ
ليتَ هذا الزَمانَ يَعرِفُ منا / ما عَرَفْناه فيهتدي في انتقادِ
لم تُصبْنا أيدي العُداةِ بِسَهمٍ / فرَمانا بأعيُنِ الحُسَّادِ
أيُّها الراحلُ الذي ضَرَبَ الأطنا / بَ بينَ القُلوبِ والأكبادِ
ما سَمعنا براحلٍ أوْحشَ الأح / بابَ عِندَ ارتحالِهِ والأعادي
رُبمّا أنكَرَ العِدَى منكَ أمراً / يَتَمنَّوْنَ هل لهُ من مَعادِ
عَلِموا أنَّ ذاك قد كانَ تأدي / بَ أبٍ فانثَنَوا عنِ الأحقادِ
ضاقَ ذَرْعُ البِلادِ بَعدَكَ حتى / لا مُناخٌ لناقةٍ في البِلادِ
فكأنَّ البِلادَ جسمٌ بدُونِ الر / روحِ أو مُقلةٌ بدُونِ السَوادِ
أُوقِدَت يا كُلَيبُ بعدَك نارٌ / سالَ منها في الحيِّ قلبُ الجَمادِ
وانتَضَى القومُ بعدَكم كلَّ سيفٍ / كانَ في عهدِ سيفكُمْ كالنِّجادِ
إنما أنتَ واحدٌ غيرَ أنّي / لَسْتُ أُعطيكَ منزِلَ الآحادِ
كُنتَ دهراً فبِنتَ لم تغُننا منْ / كَ ولا عنكَ كثْرةُ الأعدادِ
لكَ خَوفٌ لو صادَفَ العينَ في الحُلْ / مِ لَصارَتْ تَخافُ طيبَ الرُقادِ
لم تَحُطَّ الأيَّامُ منكَ سِوى ما / حَطَّ برْيُ المُدَى من الأطوادِ
قد طلبنا إدراكَ شأوِكَ بالوصْ / فِ كصَرْحٍ بَغاهُ ذو الأوتادِ
فبماذا يبالغونَ وهم لا / يبلُغونَ الإنصافَ بعدَ الجِهادِ
أنتَ بينَ الكِرامِ دُرَّةُ تاجٍ / وإزاءَ الخُطوبِ صَخْرةُ وادِ
وعلى الرَوْضِ أنتَ زَهرُ ربيعٍ / وعلى الزَهرِ أنتَ صَوْبُ عِهادِ
تَفخَرُ الناسُ بالجُدودِ ولكنْ / أنتَ فَخْرُ الآباءِ والأجدادِ
وبكَ المنتمي يُباهِي ولو باِبْ / نِ أبيهِ يُدعى كمثلِ زيادِ
أنت أهلُ القريضِ تُنشَدُ منهُ / كلَّ بيتٍ يَهِمُّ بالإنشادِ
يَفْخَرُ الشِعرُ عِزَّةً بكَ حتّى / يستحي إنْ كتبتَهُ بالمدادِ
ليسَ يُثني عليكَ ما جاز أن يُثْ / نَى على من سِواكَ بينَ العِبادِ
كلُّ شعرٍ ثوبٌ على قَدَر اللا / بِسِ كالثوبِ فصَّلَتْهُ الأيادي
تلكَ أيّامنا عليها السَلامُ
تلكَ أيّامنا عليها السَلامُ / أجفَلتْ من زَوالِها الأيامُ
أوهَمَتْنا طُولَ الحياة علينا / بَعْدَها إنَّ ساعةَ الصبرِ عامُ
يا خليليَّ لا تَلُوما فمن لا / مَ بما لا مَلامَ فيه يُلامُ
طالَ شوقٌ على فُؤادٍ ضعيفٍ / قبلَ شوقٍ ممَّا بَراهُ السَقامُ
أَسَهرُ الليلَ والعُيونُ نيامٌ / كرقيبٍ في حَيِّ قومٍ يُقَامُ
إنّ عيني بِلُجَّةٍ من دُموعي / غَرِقتْ والغريقُ كيفَ يَنامُ
يا بُرَيقَ الحِمى نَعِمتَ صَباحاً / أينَ أهلُ الحِمَى وأينَ الخِيامُ
هل أصابَ الحيا رُبوعَ المُصلَّى / وهَلِ اخضَرَّ بعدَ ذاكَ البَشامُ
طالمَا راع قَبلكَ الدَهرُ ثغراً / بِدَهاءٍ فلاحَ منهُ ابتِسامُ
ولَكَم شَبَّ في الزَمانِ ضِرامٌ / ولَكَم شابَ في الزمانِ غُلامُ
كلُّ حالٍ سينقضي ليسَ للدهْ / رِ دَوامٌ وليسَ فيهِ دَوامُ
رُبَّما عاهَدَ الفَتَى اليومَ لكنْ / لم يُعاهِدْ غَداً فأينَ الذِمامُ
حالَ عهدي ولم يَحُلْ عهدُ وُدّي / بكِرامٍ وهم عليّ كِرامُ
ذاكَ عِقدٌ تناثَرَ الدُرُّ منهُ / وعلى اللهِ بعدَ ذاكَ النِظامُ
أيها الجيرةُ الذينَ تَوَلَّوا / هل لكم جِيرةٌ سِوانا تُرامُ
حَملَتْ من سَلامِنا لكُمُ الرِّي / حُ ولكنْ ضاعَتْ وضاعَ السَلامُ
مَشهَدٌ يَقصُرُ القَنا دُونَ أدنا / هُ فماذا تَنالُهُ الأقلامُ
بينَ قلبِ المُحِبِّ والأحداقِ
بينَ قلبِ المُحِبِّ والأحداقِ / كلُّ حربٍ قامَتْ على كلِّ ساقِ
فتنةٌ طالما أصابَتْ فكادَتْ / تَبلُغُ الرُوحُ من جَراها التَراقي
قد دَهَى سِحرُها المُحِبينَ حتى / عِيلَ صبرٌ وقيلَ هل من راقِ
أثخَنَتْهُمْ ظُلماً فتاهت ولم تَمْ / نُنْ ولم تَفْدِ بعدَ شَدِّ الوِثاقِ
يا مِراض الجُفُونِ لم تتركي من / نا صحيحاً وما لَنا منكِ راقِ
عَجَباً كيفَ يَقتُلُ العبدُ حُراً / عامداً غيرَ آثِمٍ باتّفاقِ
ضِقتُ ذَرْعاً ففَرَّ صبري وفيهِ / أثَرٌ من تَزاحُم الأشواقِ
وتَركتُ القَريضَ بالشامِ حتى / ساقَني نحوَهُ إمامُ العِراقِ
عَلَمٌ ينتمي إلى عُمَرَ الفا / روقِ في نِسبةٍ وفي أخلاقِ
عَرَفتْهُ أسماعُنا قبلَ تَعري / فٍ فكادت تراهُ كالآماقِ
شائعُ الفضل شخصُهُ حلَّ في الزَو / راءِ والذِكرُ سارَ في الآفاقِ
كم له في العيُونِ من حَسَراتٍ / ولهُ في الآذانِ من عُشَّاقِ
شاعرٌ يَنظِمُ اللآلي من اللف / ظِ بِسِمْطٍ من المعاني الدِقاقِ
ما وَثِقنا بِسحرِ بابلَ حتى / فَتَنَتْنا بسِحرها المِصْداقِ
هزَّني بالقريض لُطفاً ولكن / هزَّ جذعاً من الأوراقِ
تكثُرُ الخيلُ في المرابضِ إن عُد / دت ولكن تَقِلُّ عندَ السِباقِ
لم أكن شاعراً فصِرتُ بتقري / ظٍ أتاني كالطوقِ في الأعناقِ
إنَّ ذاك القَليلَ غيرُ قليلٍ / من إمام القريضِ عبدِ الباقي
أيها السيّدُ الكريمُ لقد أب / دعتَ حتى في الرِفقِ بينَ الرِفاقِ
تستطيعُ الثَّنا عليَّ ولكن / ذاك عندي عليكَ غيرُ مُطاقِ
فاتَني شأوُكَ البعيدُ فما أُد / رِكُهُ لو رَكِبتُ مَتْنَ البُراقِ
إنَّ هذِهْ صحيفةُ الشَّوق منِّي / فاتَّخِذهَا صحيفة الميثاقِ
إن تَحُلْ بَيننا النَوَى لم تَحُلْ إنْ / شئتَ بين الأقلامِ والأوراقِ
طالَ ميِعادُنا فَخِلْناهُ دَهرا
طالَ ميِعادُنا فَخِلْناهُ دَهرا / هكذا الشَّوقُ يجعَلُ اليومَ شَهْرا
طالَ ميعادُ بَينِنا ونَسينا / أنَّ في دَهرنَا مَعَ العُسرِ يُسرا
قد حَلُمنا فأثمَرَ الحِلمُ صَبراً / وصَبرنا فأَثْمرَ الصَّبرُ شُكرا
لاحَ وَجهُ المُنَى ومن قَطعِ اللي / لِ فلا بُدَّ أن يُصادِفَ فَجْرا
جاءَ في الفُلْكِ من يَقِلُّ عليِه / فَلَكُ النَجْمِ وَهْوَ أوسَعُ صَدْرا
ليسَ بِدعاً في البحرِ أن يَحمِل الفُل / كَ ولكنْ في الفُلكِ يَحمِلُ بحرا
هُوَ بحرُ العُلُومِ مَن خاضَ فيهِ / ذاقَ ماءَ الفُراتِ واصطادَ دُرّا
ظَلَّ يُلقِي في قلبِهِ العِلمُ مَدّاً / وعلى وَجهِهِ السَكينةُ جَزْرا
بِيدَيهِ العَصا التي حيثُ ألقا / ها لكَيدٍ تلقَّفَتْ منهُ سِحرا
بينَ أغنامِهِ يَهِشُّ بها الرا / عي وفيها لهُ مآربُ أُخرَى
عالمٌ عاملٌ أديبٌ لَبِيبٌ / كاتبٌ خاطبٌ من الغَيثِ أجرَى
فِكرُهُ أعجَلَ اليَراعَ ففاضتْ / أسطُرٌ منهُ كُلَّما خَطَّ سَطْرا
قَلَمٌ ينفِثُ المِدادَ على الطِرْ / سِ وإنّي أراهُ يَعصِرُ خَمْرا
قَصُرَ الشِّعرُ دُونَ منَ يَغلِبُ الشِّع / رَ ولو أمطَرَتْ لنا السُّحْبُ شِعرا
هُوَ أدرى بعَجْزِنا عن ثَناهُ / فَهْوَ يَعفُو عَنّا ويَقبَلُ عُذرا
يا خَطيباً لهُ فُصُولُ خِطابٍ / قد ألانَت منَ المَنابِرِ صَخْرا
أينَ قُسٌّ من حَبْرِ عَصرٍ هُوَ المظْ / لومُ إن قِيسَ بالأيَّمِةِ طُرَّا
طابَ فيكَ الثَناءُ فاستَنْجَدَ النُّط / قُ يراعاً واستَنْجد النظمُ شَطرا
هذهِ النَظْرةُ التي كُنتُ أرجو / منكَ قِدْماً حتى قَضَى اللهُ أمرا
ذَهَبَ العُمرُ في التَعَلُّلِ بالآ / مالِ والدهرُ ليسَ يُخلِفُ عُمرا
لاحَ صُبحُ المَشيبِ في مَفرقِ كا / نتْ لهُ ظُلمةُ الشَّبابِ أبَرَّا
ذاكَ ضيفٌ لا يُستَحَبُّ لهُ الأُنْ / سُ ولكنْ بهِ الكَرامةُ أحرَى
مِن أقاصي الدُّنيا إلى الحَرَم الأَق / صَى بِكَ اللهُ أيُّها البَدرُ أسرَى
قد تَنَقَّلتَ في المَنازلِ حَتَّى / صَدَقَ الشِبْهُ إذْ دَعَوناك بَدرا
إنْ تأخَّرتَ مُدةً فالقَوافي / آخِرُ الشِّعرِ وَهْيِ أعلاهُ قَدْرا
قد تَوالَتْ مُقَدَّماتُ قِياسٍ / كُنتَ منها نَتيجةً حينَ تُقرَا
أنتَ فوقَ الذي أراهُ فعِندي / خَبَرٌ لا يُحِيطُ بالحَقِّ خُبرا
ضاقَ هذا الثَّناءُ عنكَ وضاقت / هِمَّتي عنهُ فاشتَكَتْ منهُ حَصْرا
إنّني قاصرٌ ضَعِيفٌ ومثِلي / يَبتغي من مَسافةِ الطُّرْقِ قِصْرا
هكذا هكذا وإلا فلا لا
هكذا هكذا وإلا فلا لا / ليسَ كُلُّ الرِّجالِ تُدعى رِجالا
هكذا من وَفَى وبرَّ وصافَى / فاعلاً في غدٍ كما أمسِ قالا
جادَ قومٌ بالمَكرُماتِ لِساناً / ففتلنا منَ الهَباءِ حِبالا
زرعوا الوعدَ في أراضي مِطالٍ / فحصدنا من المُحالِ مُحالا
ما لخُرْشيدَ في الكِرامِ مثالٌ / مَن تُراهُ للشَّمسِ يبغي مِثالا
حافِظُ العَهدِ للصَّديقِ أمينٌ / صادقٌ يُتبِعُ المَقالَ فَعالا
ناظِرُ المالِ نظرةٌ منهُ تُغني النْ / نَاسَ حتَّى تكونَ للنَّاسِ مالا
هِيَ إكسيرُنا الذي حيثما صا / دَفَ صُفراً إلى النُّضارِ استحالا
ضابطٌ كلَّ ما تولَّى بعينٍ / منهُ تطوي أبصارُها الأميالا
ويمينٍ تكون كلُّ يمينٍ / عند أَعمالِها لديها شِمالا
ويحَ بيروتَ ما اعتراها من الغَمْ / مِ الذي عمَّ سهلَها والجِبالا
لو دَرَى ماؤُها بما هيَ فيهِ / جفَّ أو صخرُها لَذابَ وسَالا
غابَ عنها مَن ذِكرُهُ دامَ فيها / وثَناهُ يطولُ ما الدَّهرُ طَالا
ذاكَ شمسٌ حلَّت زماناً فغابت / وكذا الشَّمسُ نَزْلةً واُنتقالا
إنَّ عبدَ العزيزِ رأسٌ تولَّى / من ذويهِ الأعضاءَ والأوصالا
مَلِكٌ يقهرُ الأُلوفَ إذا قا / مَ ويُعطِي الأُلوفَ رِزقاً حَلالا
أيُّ شُكرٍ بهِ أَقومُ لقَومٍ / حمَّلوني من الجميلِ جِبالا
هم لعَمري من أحسنِ النَّاسِ فِعلاً / جعلوني من أحسنِ النَّاسِ حالا
طَفَحَ الأنسُ فوقَ ساحاتِ جِلَّقْ
طَفَحَ الأنسُ فوقَ ساحاتِ جِلَّقْ / فتغنَّى الهَزارُ والدَّوحُ صَفَّقْ
صارَ فيها نهرٌ من الماءِ يجري / وخليجٌ من السُّرورِ تَدفَّقْ
يُخلَقُ السَّعدُ في العِبادِ لبعضٍ / بعدَ حينٍ والبعضُ في السَّعد يُخلَقْ
إنَّ من كان للمواهبِ أهلاً / عند مَوْلاهُ فهوَ يُعطَى ويُرزَقْ
ومَجالُ الأرزاقِ كالبحر من خا / ضَ ولم يعرِفِ السِباحةَ يَغرَقْ
لو تساوت خلائقُ اللهِ طرّاً / لم يكن بعضُها عن البعضِ يُفرَقْ
رُبَّ فَرْدٍ منها يفوقُ أُلوفاً / وأُلوفٍ بواحدٍ ليسَ تَلحَقْ
والكريمُ الذي يُجدِّدُ مجداً / ليسَ من مجدهِ بإرثٍ تعلَّقْ
والذي مجده يزيد جديداً / كلما زاد عمرهُ وتَعتَّقْ
أنتَ يا رُكنَ قومِنا أهلُ هذا / وهْوَ من بينِ أهلهِ بكَ أليَقْ
كلُّ نفسٍ تهواكَ عن خَبَرٍ وال / أُذنُ من قبل نظرةِ العين تَعشَقْ
نَظَرتْ مقلةُ الخليفةِ يوماً / نَظْرةً في الصَّوابِ أجلَى وأصدقْ
فأفادَتْكَ رُتبةً في المعالي / أنتَ أولى بها وأوفَى وأوفَقْ
ليسَ أهلاً لزينةٍ كلُّ شخصٍ / لَبِسَ الثَّوْبَ والحِلَى وتَمنطَقْ
والمعالي تَزينُ بعضاً وبعضٌ / تقتضي شَيْنَ عِرضِهِ فيُمزَّقْ
أيُّها الكاملُ الصّفِاتِ اللَّواتي / جَمَعت من لطائفٍ ما تفرَّقْ
لكَ سِرٌّ مقيَّدٌ وثناءٌ / سائرٌ في جَوانبِ الأرضِ مُطلَقْ
ولِسانٌ يجري على منهَجِ الصِدْ / قِ ومالٌ في طاعةِ اللهِ يُنفَقْ
ولكَ الهِمَّةُ التِّي حينَ تَمضي / ليسَ يَعصِي عن فتحها كلُّ مُغلَقْ
هِيَ نارٌ ليست تصيرُ رَماداً / وهْيَ سيفٌ بهِ الصَّدا ليسَ يَعلَقْ
ولقد قُلتُ للذي رامَ مدحاً / لكريمٍ يُرضى بهِ ويُصدَّقْ
هاكَ مْن بالمديحِ وضعاً وطبعاً / قد تَحلَّى مثلَ الحمامِ المُطوَّقْ
أوحشَ القُطرَ حينما غابَ لكن / مَوكِبُ الأُنسِ حينما عادَ أطبَقْ
فرأتهُ العيونُ في الشَّامِ لمَّا / أرَّخُوهُ كالبدرِ غابَ وأشرَقْ
واحِدٌ في الحِمَى فدَتهُ أُلوفُ
واحِدٌ في الحِمَى فدَتهُ أُلوفُ / هُوَ ربُّ الحِمَى ونحن ضَيوفُ
حيثما سارَ فالسُّعودُ جُنودٌ / من حَوالَيهِ والأمانُ رَديفُ
وإذا زارَ فالخريفُ ربيعٌ / وإذا غابَ فالرَّبيعُ خريفُ
وإذا جادَ مُنعِماً فَهْوَ نِيلٌ / وإذا حلَّ بُقعةً فَهْيَ ريفُ
يَجمَعُ الرَّأيَ فِكرُهُ عن يقينٍ / مِثلما تجمَعُ الكلامَ الحُروفُ
وكأنَّ الطُّروسَ منهُ جُيوشٌ / وكأنَّ السُّطورَ فيها سيوفُ
وكأنَّ الدُّنيا لديهِ غُلامٌ / قامَ في بابهِ فطابَ الوقوفُ
وكأنَّ الزَّمانَ بينَ يَديهِ / مُحرِمٌ بالبيتِ الحَرامِ يَطوفُ
راشدُ السَّعْي في المَكارمِ راعٍ / يَرتَعُ الذِّئبُ عندهُ والخَروفُ
وتكادُ الأشعارُ تَسعى إليهِ / وحدَها لو نشا لهُنَّ وَظيفُ
نِعَمٌ عِندَهُ ثِقالٌ رَواها / من ثَنائي عليهِ بحرٌ خفيفُ
تلكَ غيثٌ وذاكَ رَوضٌ لدَيها / يزدَهي زهرُهُ وتدنو القُطوفُ
كيفَ هذي الدُّنيا وهذا الزَّمانُ
كيفَ هذي الدُّنيا وهذا الزَّمانُ / كلَّ يومٍ يُقالُ ماتَ فُلانُ
يَجذِبُ البعضُ بعضنا فبأيدي / كلِّ مَيْتٍ لكلِّ حيٍّ عِنانُ
إِنَّما دارُنا التي نحنُ فيها / دارُ حربٍ فليس فيها أمانُ
إن نزلنا أرضاً فنحنُ غُبارٌ / أو شَبَبْنا ناراً فنحنُ دخانُ
لم نَزَلْ بين فُرقةٍ واجتماعٍ / كلَّ يومٍ للهِ في الخَلْقِ شانُ
غَرَبَ النَّيِّرانِ في الشَّرقِ عنَّا / فاستمَّرتْ في الظُّلمةِ الأجفانُ
فجعةٌ أكمَدَ النَّهارَ دُجاها / فتبَاكَى النَّيروزُ والمِهرَجانُ
غَضِبتْ بعدها الخُيولُ على اللج / مِ كما أنكرَ القَناةَ السِّنانُ
وعَلَتْ رَنَّةُ النُّواحِ وسالتْ / دُرَرُ الدَّمعِ بينها المَرْجانُ
أيُّها الرَّاحلانِ عنَّا رُويداً / قد أذابت قلوبَنا الأشجانُ
إن تولاَّكُما البِلَى فلَعمري / ليسَ تَبلَى الهمومُ والأحزانُ
هكذا الحُبُّ في حياةٍ وموتٍ / دامَ فيهِ تألُّفٌ واقتِرانُ
فسلامٌ عليكما كلما هبْ / بَ نسيمٌ وصافحتهُ الجِنانُ
وسقَى ذلكَ الترابَ سحابٌ / يَمطُرُ العَفْوُ مِنهُ والرُّضوانُ
شابَ شِعري نظيرَ ما شابَ شَعري
شابَ شِعري نظيرَ ما شابَ شَعري / فبياضُ العِذار بيَّضَ عُذري
كان لي في الشبابِ ليلٌ ولكن / أيُّ ليلٍ يكون من غير فجرِ
ولقد قصَّرَت طِوالُ الليالي / هِمَّتي فانتشا من الطُّول قِصرِي
كنتُ صخراً لَدى الشَّباب ولكنْ / صِرتُ لمَّا فَقَدتُهُ أُختَ صخرِ
طالَ صبري على الحوادثِ حتَّى / صارَ جاري دمي عُصارةَ صبرِ
ضَرَبتني فألَّمتْ لا كضربٍ / دارَ في النَّحوِ بينَ زيدٍ وعمرِو
ضاقَ صدري وما شكوتُ لأنِّي / لم أنَلْ بالشَّكوى سِوَى ضيقِ صَدْريِ
وتمنيَّتُ طيبَ نفسٍ فقالوا / عند شيخِ الإسلامِ ذلك فادْرِ
لُذْ بأنفاسهِ الشَّريفةِ واغنَمْ / بَرَكاتٍ لهُ من العرشِ تَجري
واستَلِمْ رُكنهُ الذي لكَ منهُ / يومُ عيدٍ تليهِ ليلةُ قَدْرِ
طورُ علمٍ لربِّه يَتَجلَّى / كلَّ يومٍ عليه من دون سِترِ
أطعَمَ المَنَّ لفظُهُ كلَّ سَمْعٍ / وعَصاهُ تلقَّفتْ كلَّ سِحْرِ
قطرةٌ مِن نَداهُ بحرٌ ويومٌ / مَن رِضاهُ أجلُّ مِن ألفِ شهرِ
ولنا منهُ نظرةٌ هيَ تِبْرٌ / تِبرُنا عندهُ قُلامَةُ ظُفَرِ
بحرُ علمٍ يَسقي شراباً طهوراً / عندهُ صارَ جَدولاً كلُّ بحرِ
يَغمُرُ اليُمْنُ منهُ مُلكاً كبيراً / لكبيرٍ في الأرضِ مالكِ أمرِ
مَلِكٌُ عندهُ لذي العلمِ جاهٌ / كصنيعِ الرَّسولِ مع آلِ بدرِ
عبدُ عبدِ العزيز عبدٌ عزيزٌ / يزدهي عِزَّةً على كلِّ حُرِّ
كلُّ قلبٍ لم ينصرفْ عن وَلاهُ / باتَ وَهْوَ الأمينُ مِن كلِّ كسرِ
هذهِ الدولةُ التِّي يشتهيها / كلُّ أهلِ الزَّمانِ مِن كلِّ عصرِ
إن تكنْ كلُّ دولةٍ بيتَ شعرٍ / فهْيَ حرفُ الرَّوِيِّ مِن كلِّ شعرِ
ليسَ نفسٌ لا تعرِفُ البُخلَ إلاّ / نفسُ عبد العزيزِ كَنزي وذُخري
ذاكَ لولاهُ ما نطقتُ بحمدٍ / لكريمٍ ولا دريتُ بشُكرِ
عندَنا في مدينةِ الشَّمسِ بُرجٌ
عندَنا في مدينةِ الشَّمسِ بُرجٌ / بُرجُها عندَهُ ضئيلٌ حقيرُ
ليسَ للشَّمسِ في السَّماءِ نظيرٌ / ولهذا في الأرضِ ليسَ نظيرُ
أعظَمُ المُعجزاتِ أيسَرُ شيءٍ / منهُ باعُ المُلوكِ عنهُ قصيرُ
آيةٌ في صحيفةِ الدَّهرِ مِنها / كلُّ حرفٍ يقولُ جلَّ القديرُ
قد بَناها مُحمَّدٌ شيخنا المُفْ
قد بَناها مُحمَّدٌ شيخنا المُفْ / تِي مقاماً لِلحَقِّ فيهِ اُستَقاما
ذاكَ بابٌ بالفتحِ أرَّختُ بادٍ / فادخُلوا مَرحباً وقولوا سلاما
سَعدُ غندورَ الصَّالحُ اليومَ أمسَى
سَعدُ غندورَ الصَّالحُ اليومَ أمسَى / في ضريحٍ بحُكمِ ربِّ البرايا
إن تكنْ مِن مؤرِّخيهِ فحرِّرْ / صارَ سعدُ السُّعودِ سَعدَ الخَبايا