المجموع : 30
لَكَ رُوحِي فَاصْنَعْ بِها مَا تَشاءُ
لَكَ رُوحِي فَاصْنَعْ بِها مَا تَشاءُ / فَهْيَ مِنِّي لِناظِرَيْكَ فِداءُ
لا تَكِلْنِي إِلَى الصُّدُودِ فَحَسْبِي / لَوْعَةٌ لا تُقِلُّها الأَحْشَاءُ
أَنَا وَاللهِ مُنْذُ غِبْتَ عَلِيلٌ / لَيْسَ لِي غَيْرَ أَنْ أَرَاكَ دَوَاءُ
كَيْفَ أُروِي غَلِيلَ قَلْبِي وَلَمْ يَبْ / قَ لِعَيْنِي مِنْ بَعْدِ هَجْرِكَ مَاءُ
فَتَرَفَّقْ بِمُهْجَةٍ شَفَّهَا الْوَجْ / دُ وَعَيْنٍ أَخْنَى عَلَيْهَا الْبُكاءُ
أَنا رَاضٍ بِنَظْرَةٍ مِنْكَ تَشْفِي / بَرْحَ قَلْبٍ هاجَتْ بِهِ الأَدْوَاءُ
نَظْرَةٌ رُبَّمَا أَماتَتْ وَأَحْيَتْ / وَمِنَ الْخَمْرِ عِلَّةٌ وَشِفَاءُ
لا تَخَلْ نَمَّةَ الْوُشاةِ صَلاحاً / فَهْيَ داءٌ تَدْوَى بِهِ الْحَوْبَاءُ
وَمِنَ الناسِ مَنْ تَراهُ سَلِيماً / وَبِهِ لِلْحُقُودِ داءٌ عَياءُ
فَاحْذَرِ النَّاسَ ما اسْتَطَعْتَ فَإِنَّ الن / ناسَ إِلاَّ أَقَلَّهُمْ أَعْدَاءُ
وَاخْتَبِرْنِي تَجِدْ صَدِيقاً حَمِيماً / لَم تُغَيِّرْ وِدادَهُ الأَهْوَاءُ
صادِقاً في الَّذِي يَقُولُ وَإِنْ ضا / قَتْ عَلَيْهِ بِرُحْبِها الدَّهْنَاءُ
أَيْنَ أَيَّامُ لَذَّتِي وَشَبَابِي
أَيْنَ أَيَّامُ لَذَّتِي وَشَبَابِي / أَتُراهَا تَعُودُ بَعْدَ الذَّهابِ
ذَاكَ عَهْدٌ مَضَى وَأَبْعَدُ شَيْءٍ / أَنْ يَرُدَّ الزَّمانُ عَهْدَ التَّصَابِي
فَأَدِيرَا عَلَيَّ ذِكْراهُ إِنِّي / مُنْذُ فارَقْتُهُ شَدِيدُ المُصَابِ
كُلُّ شَيءٍ يَسْلُوهُ ذُو اللُّبِّ إِلَّا / ماضِيَ اللَّهْوِ فِي زَمانِ الشَّبابِ
لَيْتَ شِعْرِي مَتَى أَرَى رَوْضَةَ الْمَن / يَلِ ذَاتَ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ
حَيْثُ تَجْرِي السَّفِينُ مُسْتَبِقَاتٍ / فَوْقَ نَهْرٍ مِثْل اللُّجَيْنِ الْمُذابِ
قَدْ أَحَاطَتْ بِشَاطِئَيْهِ قُصُورٌ / مُشْرِقَاتٌ يَلُحْنَ مِثْلَ الْقِبابِ
مَلْعَبٌ تَسْرَحُ النَّوَاظِرُ مِنْهُ / بَيْنَ أَفْنانِ جَنَّةٍ وَشعابِ
كُلَّما شَافَهَ النَّسِيمُ ثَراهُ / عَادَ مِنْهُ بِنَفْحَةٍ كَالْمَلابِ
ذَاكَ مَرْعَى أُنْسِي وَمَلْعَبُ لَهْوِي / وَجَنَى صَبْوَتِي وَمَغْنَى صِحابِي
لَسْتُ أَنْسَاهُ ما حَيِيتُ وَحاشَا / أَنْ تَرانِي لِعَهْدِهِ غَيْرَ صَابِي
لَيْسَ يَرْعَى حَقَّ الْودادِ وَلا يَذْ / كُرُ عَهْداً إِلَّا كَريمُ النِّصَابِ
فَلَئِنْ زالَ فَاشْتِيَاقِي إِلَيْهِ / مِثْلُ قَوْلِي باقٍ عَلَى الأَحْقَابِ
يا نَدِيمَيَّ مِنْ سَرَنْدِيبَ كُفَّا / عَنْ مَلامِي وَخَلِّياني لِمَا بِي
كَيْفَ لا أَنْدُبُ الشَّبابَ وَقَدْ أَصْ / بَحْتُ كَهْلاً في مِحْنَةٍ وَاغْتِرابِ
أَخْلَقَ الشَّيْبُ جِدَّتِي وَكَسَانِي / خِلْعَةً مِنْهُ رَثَّةَ الْجِلْبَابِ
وَلَوَى شَعْرَ حاجِبَيَّ عَلَى عَيْ / نَيَّ حَتَّى أَطَلَّ كَالْهُدَّابِ
لا أَرَى الشَيءَ حِينَ يَسْنَحُ إِلَّا / كَخَيالٍ كَأَنَّنِي في ضَبابِ
وَإِذَا مَا دُعِيتُ حِرْتُ كَأَنِّي / أَسْمَعُ الصَّوْتَ مِنْ وَرَاءِ حِجابِ
كُلَّمَا رُمْتُ نَهْضَةً أَقْعَدَتْنِي / وَنْيَةٌ لا تُقِلُّها أَعْصابِي
لَم تَدَعْ صَوْلَةُ الحَوَادِثِ مِنِّي / غَيْرَ أَشْلاءِ هِمَّةٍ فِي ثِيَابِ
فَجَعَتْنِي بِوالِدَيَّ وَأَهْلِي / ثُمَّ أَنْحَتْ تَكُرُّ فِي أَتْرَابِي
كُلَّ يَوْمٍ يَزُولُ عَنِّي حَبِيبٌ / يا لِقَلْبِي مِنْ فُرْقَةِ الأَحْبَابِ
أَيْنَ مِنِّي حُسَيْنُ بَلْ أَيْنَ عَبْدُ اللَّ / هِ رَبُّ الْكَمالِ وَالآدَابِ
مَضَيَا غَيْرَ ذُكْرَةٍ وَبَقَاءُ الذ / ذِكْرِ فَخْرٌ يَدُومُ لِلأَعْقَابِ
لَمْ أَجِدْ مِنْهُما بَدِيلاً لِنَفْسِي / غَيْرَ حُزْنِي عَلَيْهِما وَاكْتِئَابِي
قَدْ لَعَمْرِي عَرَفْتُ دَهْرِي فَأَنْكَرْ / تُ أُمُوراً مَا كُنَّ لي في حِسابِ
وَتَجَنَّبْتُ صُحْبَةَ النَّاسِ حَتَّى / كَانَ عَوْناً عَلَى التُّقاةِ اجْتِنابِي
لا أُبالِي بِما يُقالُ وَإِنْ كُنْ / تُ مَلِيئاً بِرَدِّ كُلِّ جَوابِ
قَدْ كَفَاني بُعْدِي عَنِ النَّاسِ أَنِّي / في أَمانٍ مِنْ غِيبَةِ الْمُغْتَابِ
فَلْيَقُلْ حَاسِدِي عَلَيَّ كَمَا شَا / ءَ فَسَمْعِي عَنِ الْخَنَا في احْتِجَابِ
لَيْسَ يَخْفَى عَلَيَّ شَيْءٌ وَلَكِنْ / أَتَغابَى والْحَزْمُ إِلْفُ التَّغَابِي
وَكَفَى بِالْمَشِيبِ وَهْوَ أَخُو الحَزْ / مِ دَلِيلاً إِلى طَرِيقِ الصَّوابِ
إِنَّما الْمَرْءُ صُورَةٌ سَوْفَ تَبْلَى / وَانْتِهاءُ الْعُمْرانِ بِدْءُ الخَرابِ
لا أُجازِيكَ بِالَّذِي خُضْتَ فِيهِ
لا أُجازِيكَ بِالَّذِي خُضْتَ فِيهِ / مِنْ حَدِيثٍ وَلا أَمُضُّكَ عَتْبَا
غَفَرَ اللهُ لِي إِذَا كَانَ صِدْقاً / وَعَفَا اللهُ عَنْكَ إِنْ كَانَ كِذْبَا
أًدِرِالْكَأْسَ يا نَدِيمُ وَهاتِ
أًدِرِالْكَأْسَ يا نَدِيمُ وَهاتِ / واسْقِنِيها عَلَى جَبِينِ الْغَدَاةِ
شَاقَ سَمْعِي الْغِنَاءُ فِي رَوْنَقِ الفَجْ / رِ وسَجْعُ الطُّيُورِ فِي الْعَذَباتِ
أَيُّ شَيءٍ أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنْ كَأْ / سٍ مُدارٍ عَلَى بِساطِ نَباتِ
هُوَ يَوْمٌ تَعَطَّرَتْ طَرَفَاهُ / بِشَمالٍ مِسْكِيَّةِ النَّفَحَاتِ
باسمُ الزَّهْرِ عاطِرُ النَّشْرِ هَامِي ال / قَطْرِ وَانِي الصَّبَا عَلِيلُ الْمَهَاةِ
مَسْرَحٌ لِلْعُيُونِ يَمْتَدُّ فِيهِ / نَفَسُ الرِّيحِ بَيْنَ مَاضٍ وَآتِ
فامْتَثِلْ دَعْوَةَ الصَّبُوح وبادِرْ / فُرْصَةَ الدَّهْرِ قَبْلَ وَشْكِ الْفَواتِ
وتَدَرَّجْ مَعِي إِلَى رَوْضَةِ الْمَنْ / يَل ذاتِ النَّخِيلِ والثَّمَراتِ
فَهْيَ مَرْعَى الْهَوَى وَمَغْنَى التَّصَابِي / ومَراحُ المُنى ومَسْرَى الْحَيَاةِ
أَلِفَتْهَا النُّفُوسُ فَهْيَ إِلَيْهَا / مِنْ أَلِيمِ الأَشْوَاقِ فِي حَسَرَاتِ
تَبْعَثُ اللَّهْوَ والسُّرُورَ وَتَمْحُو / مِنْ فُؤادِ الْحَزِينِ كُلَّ شَكاةِ
بَيْنَ نَدْمَانَ كَالْكَواكِبِ حُسْناً / ورَعَابِيبَ كالدُّمَى خَفِراتِ
يَتَساقَوْنَ بِالْكُؤُوسِ مُداماً / هِي كَالشَّمْسِ فِي قَمِيصِ إِيَاةِ
في أَبارِيقَ كَالطُّيُورِ اشْرَأَبَّتْ / حَذَرَ الْفَتْكِ مِنْ صِيَاحِ الْبُزَاةِ
حانِيَاتٍ عَلَى الْكُؤُوسِ مِنَ الرَّأْ / فَةِ يُرْضِعْنَهُنَّ كَالأُمَّهاتِ
لا تَرَى الْعَيْنُ بَيْنَهُمْ غَيْرَ صَبٍّ / بِسَماعٍ أَوْ هائِمٍ بِفَتاةِ
ومُغَنٍّ إِذَا شَدَا خِلْتَ أَنَّ الْ / أَرْضَ ظَلَّتْ تَدُورُ بِالْفَلَواتِ
مَلَكَ السَّمْعَ والفُؤَادَ بِلَحْنٍ / يَفْتِنُ الْغِيدَ دَاخِلَ الْحُجُرَاتِ
يَبْعَثُ الصَّوْتَ مُرْسَلاً فَإِذا مَا / غَضَّ مِنْهُ اسْتَدَارَ بَينَ اللَّهَاةِ
غَرِدٍ يُبْطِلُ الْحَدِيثَ ويُنْسِي / رَبَّةَ الْحُزْنِ لَوْعَةَ الذُّكُرَاتِ
تِلْكَ واللهِ لَذَّةُ الْعَيْشِ لا سَوْ / مُ الأَمَانِي فِي عالَمِ الْخَطَرَاتِ
آهِ مِنْ غُرْبَةٍ وَفَقْدِ حَبِيبٍ
آهِ مِنْ غُرْبَةٍ وَفَقْدِ حَبِيبٍ / أَوْرَثَا مُهْجَتِي عَذاباً مَكِيثَا
لا تَسَلْنِي عَمَّا أُقاسِي فَإِنِّي / بَيْنَ قَوْمٍ لا يَفْقَهُونَ حَدِيثا
هُوَ مَا قُلْتُ فاحْذَرَنْهَا صَبَاحَا
هُوَ مَا قُلْتُ فاحْذَرَنْهَا صَبَاحَا / غَارَةً تَمْلأُ الْفَضَاءَ رِمَاحَا
تَتْرُكُ الْمَاءَ لا يَسُوغُ لِظَامٍ / وتَرُدُّ الدَّمَ الْحَرَامَ مُباحَا
لا تَرَى بَيْنَها سِوَى عَبْقَرِيٍّ / يَأْلَفُ الطَّعْنَ نَجْدَةً وَارْتِيَاحَا
لَهِجٌ بِالْحُروبِ لا يَأْلَفُ الْخَفْ / ضَ ولا يَصْحَبُ الْفَتَاةَ الرَّدَاحَا
مِسْعَرٌ لِلْوَغَى أَخُو غَدَوَاتٍ / تَجْعَلُ الأَرْضَ مَأْتَماً وصِيَاحَا
لا يُرَى عَاتِباً عَلَى شِيَمِ الدَّهْ / رِ وَلا عَابِثاً وَلا مَزَّاحَا
يَفْعَلُ الْفَعْلَةَ الَّتي تَبْهَرُ النَّا / سَ وتَرْنُو لَهَا الْعُيُونُ طِمَاحا
لا كَمَنْ يَسْأَلُ الْوُفُودَ عَنِ الأَنْ / باءِ عَجْزَاً وَيَرْقُبُ الأَشْبَاحَا
فَاعْتَبِرْ أَيُّهَا الْمُجَاهِرُ بِالْقَوْ / لِ وَلا تَبْعَثَنْ عَلَيْكَ نُواحَا
إِنَّ في بُرْدَتَيَّ هَاتَيْنِ لَيْثاً / يَقصُ الْقِرْنَ أَوْ يَفُلُّ السِّلاحَا
سَدِكَاتٍ بِالرُّمْحِ مِنْهُ بَنانٌ / تَمْلأُ الأَرْضَ والسَّماءَ جِرَاحَا
أَنَا مِنْ مَعْشَرٍ كِرامٍ عَلَى الدَّهْ / رِ أَفَادُوهُ عِزَّةً وصَلاحَا
فَرَعُوا بِالْقَنَا قِنَانَ الْمَعَالِي / وَأَعَدُّوا لِبَابِهَا مِفْتَاحَا
عَمَرُوا الأَرْضَ مُدَّةً ثُمَّ زَالُوا / مِثْلَمَا زَالَتِ الْقُرُونُ اجْتِياحَا
وَأَتَتْ بَعْدَهُمْ عَليَّ لَيَالٍ / لا أَرَى في سَمائِهَا مِصَباحَا
فَسَقَاهُمْ مُنَزِّلُ الْغَيْثِ سحْلاً / يَجْعَلُ النَّبْتَ لِلْعَراءِ وِشَاحَا
كَرَمُ الطَّبْعِ شِيمَةُ الأَمْجَادِ
كَرَمُ الطَّبْعِ شِيمَةُ الأَمْجَادِ / وَجَفَاءُ الأَخْلاقِ شَأْنُ الْجَمَادِ
لَنْ يَسُودَ الْفَتَى ولَوْ مَلَكَ الْحِكْ / مَةَ مَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الأَجْوَادِ
وَلَعَمْرِي لَرِقَّةُ الطَّبْعِ أَوْلَى / مِنْ عِنادٍ يَجُرُّ حَرْبَ الْفَسَادِ
قَدْ يَنَالُ الْحَلِيمُ بِالرِّفْقِ مَا لَيْ / سَ يَنَالُ الْكَمِيُّ يَوْمَ الْجِلادِ
فاقْرُنِ الْحِلْمَ بِالسَّماحَةِ تَبْلُغْ / كُلَّ مَا رُمْتَ نَيْلَهُ مِنْ مُرَادِ
وَضَعِ الْبِرَّ حَيْثُ يَزْكُو لِتَجْنِي / ثَمَرَ الشُّكْرِ مِنْ غِرَاسِ الأَيَادِي
وَاحْذَرِ النَّاسَ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّ الن / نَاسَ أَحْلاسُ خُدْعَةٍ وتَعَادِي
رُبَّ خِلٍّ تَرَاهُ طَلْقَ الْمُحَيَّا / وَهْوَ جَهْمُ الضَّمِيرِ بِالأَحْقَادِ
فَتَأَمَّلْ مَواقِعَ اللَّحْظِ تَعْلَمْ / مَا طَوَتْهُ صَحَائِفُ الأَكْبَادِ
إِنَّ فِي الْعَيْنِ وَهْوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ / لَدَلِيلاً عَلَى خَبَايَا الْفُؤَادِ
وَأُناس صَحِبْتُ مِنْهُمْ ذِئَاباً / تَحْتَ أَثْوَابِ أُلْفَةٍ وَوِدَادِ
يَتَمَنَّوْنَ لِي الْعِثَارَ ويَلْقَوْ / نِي بِوَجْهٍ إِلَى الْمَوَدَّةِ صَادِي
سَابَقُونِي فَقَصَّرُوا عَنْ لَحَاقِي / إِنَّما السَّبْقُ مِنْ خِصَالِ الْجَوَادِ
أَنَا مَا بَيْنَ نِعْمَةٍ وحَسُودٍ / والْمَعَالِي كَثِيرَةُ الْحُسَّادِ
فَلْيَمُوتُوا بِغَيْظِهِمْ فاحْتِمَالُ الْ / غَيْظِ موْتٌ لَهُمْ بِلا مِيعَادِ
كَيْفَ تَبْيَضُّ مِنْ أُنَاسٍ وُجُوهٌ / صَبَغَ اللُّؤْمُ عِرْضَهُمْ بِسَوَادِ
أَظْهَرُوا زُخْرُفَ الْخِدَاعِ وأَخْفَوْا / ذَاتَ نَفْسٍ كَالْجَمْرِ تَحْتَ الرَّمَادِ
فَتَرَى الْمَرءَ مِنْهُمُ ضَاحِكَ السِّن / نِ وَفِي ثَوْبِهِ دِماءُ الْعِبَادِ
مَعْشَرٌ لا وَلِيدُهُمُ طَاهِرُ الْمَهْ / دِ وَلا كَهْلُهُمْ عَفِيفُ الْوِسِادِ
حَكَمُوا مِصْرَ وَهْيَ حَاضِرَةُ الدُّنْ / يَا فَأَمْسَتْ وَقَدْ خَلَتْ فِي الْبَوَادِي
أًصْبَحَتْ مَنْزِلَ الشَّقَاءِ وَكَانَتْ / جَنَّةً لَيْسَ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ
وَقَعُوا بَيْنَ رِيفِهَا وَقُرَاهَا / بِضُرُوبِ الْفَسَادِ وَقْعَ الجَرَادِ
في زَمَانٍ قَدْ كَانَ لِلظُّلْمِ فِيهِ / أَثَرُ النَّارِ فِي هَشِيمِ الْقَتَادِ
حِينَ لَمْ يُرْحَمِ الْكَبِيرُ وَلَمْ يُعْ / طَفْ عَلَى الأُمَّهَاتِ والأَوْلادِ
تَحْتَ رِجْزٍ مِنَ الْعَذَابِ مُهِينٍ / وَمُبيرٍ مِنَ الأَذَى رَعَّادِ
تِلْكَ آثارُهُمْ تَدُلُّ عَلَى مَا / كَانَ مِنْهُمُ مِنْ جَفْوَةٍ وَتَبَادِي
لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ الْمَعَالِيَ لِلْفَخْ / رِ كَمَنْ يَطْلُبُ الْعُلا لِلزَّادِ
وَقَلِيلاً مَا يَصْلُحُ الْمَرْءُ لِلْجَدْ / دِ إِذَا كَانَ سَاقِطَ الأَجْدَادِ
فَاعْتَصِمْ بِالنُّهَى تَفُزْ بِنَعِيمِ الدْ / دَهْرِ غَضَّاً فَالْعَقْلُ خَيْرُ عَتَادِ
إِنَّ فِي الْحِكْمَةِ الْبَلِيغَةِ لِلرُّو / حِ غِذَاءً كَالطِبِّ لِلأَجْسَادِ
أَنَسِيمٌ سَرَى بِنَفْحَةِ رَنْدِ
أَنَسِيمٌ سَرَى بِنَفْحَةِ رَنْدِ / أَمْ رَسُولٌ أَدَّى تَحِيَّةَ هِنْدِ
أَطْرَبَتْنِي أَنْفَاسُهُ فَكَأَنِّي / مِلْتُ سُكْرَاً مِنْ جُرْعَةٍ مِنْ بِرَنْدِي
وَأَخُو الْوَجْدِ لا يَزَالُ طَرُوباً / يَتْبَعُ الشَّوْقَ بَيْنَ سَهْلٍ وَفِنْدِ
طَالَ شَوْقِي إِلَى الدِّيارِ وَلَكِنْ / أَيْنَ مِنْ مِصْرَ مَنْ أَقَامَ بِكَنْدِي
حَبَّذَا النَّيلُ حِينَ يَجْرِي فَيُبْدِي / رَوْنَقَ السَّيْفِ وَاهْتِزَازَ الْفِرِنْدِ
تَتَثَنَّى الْغُصُونُ فِي حَافَتَيْهِ / كَالْعَذَارَى يَسْحَبْنَ وَشْيَ الْفِرِنْدِ
قَلَّدَتْهَا يَدُ الْغَمَامِ عُقُوداً / هِيَ أَبْهَى مِنْ كُلِّ عِقْدٍ وَبَنْدِ
كَيْفَ لا تَهْتِفُ الْحَمَامُ عَلَيْهِ / وَهْيَ تُسْقَى بِهِ سُلافَةَ قَنْدِ
هُوَ مَرْمَى نَبْلِي وَمَلْعَبُ خَيْلِي / وَحِمَى أُسْرَتِي وَمَرْكَزُ بَنْدِي
كُلَّمَا صَوَّرَتْهُ نَفْسِي لِعَيْنِي / قَدَحَ الشَّوْقُ فِي الْفُؤَادِ بِزَنْدِ
لِي بِهِ صَاحِبٌ عَلَيَّ عَزِيزٌ / مِثْلُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الشَّوْقِ عِنْدِي
أَتَمَنَّاهُ غَيْرَ أَنَّ فُؤَادِي / مِنْ إِسَارِ النَّوَى مُحَاطٌ بِجُنْدِ
فَاهْدِ مِنِّي لَهُ تَحِيَّةَ صِدْقٍ / وَتَلَطَّفْ بِحَالَتِي يَا أَفَنْدِي
أَنَا وَاللهِ مُغْرَمٌ بِهَواهُ / حَيْثُمَا دُرْتُ بَيْنَ هِنْدٍ وَسِنْدِ
إِنَّ شَوْقِي إِلَيهِ أَسْرَعُ شَأْواً / مِنْ سُلَيكٍ وَالْوَصْلُ فِي بُطءِ فِنْدِ
أَسْأَلُ الدَّهْرَ نِعْمَةَ الْقُرْبِ مِنْهُ / وَهْوَ كَزٌّ بِنِعْمَةٍ لَيْسَ يُنْدِي
لَوْ سِوَى الدَّهْرِ رَامَ غَبْنِي لأَصْحَرْ / تُ مُشِيحاً بِالنَّصْلِ فَوْقَ سَمَنْدِ
لَسْتُ أَقْوَى عَلَى الزَّمَانِ وَإِنْ كُن / تُ أَفُلُّ الْعِدا بِقُوَّةِ زَنْدِي
مَا لِقَلْبِي مِنْ لَوعَةٍ لَيْسَ يَهْدَا
مَا لِقَلْبِي مِنْ لَوعَةٍ لَيْسَ يَهْدَا / أَوَ لَمْ يَكْفِ أَنَّهُ ذَابَ وَجْدَا
وَسَمَتْنِي بِنَارِهَا الْغِيدُ حَتَّى / تَرَكَتْنِي فِي عَالَمِ الْحُبِّ فَرْدَا
فَضُلُوعِي مِنْ قَدْحَةِ الزَّنْدِ أَوْرَى / وَدُمُوعِي مِنْ صَفْحَةِ الْغَيْمِ أَنْدَى
مَا عَلَى الْبَرْقِ لَوْ تَحَمَّلَ عَنِّي / بَعْضَ مَا خَفَّ مِنْ سَلامٍ فَأَدَّى
أَيُّهَا السَّاهِرُونَ حَوْلَ وِسَادِي / لَسْتُ مِنْكُمْ أَوْ تَذْكُرُوا لِيَ نَجْدَا
وَعُهُودَاً لَمْ يَتْرُكِ الدَّهْرُ مِنْهَا / لأَخِي صَبْوَةٍ ذِماماً وَعَهْدَا
وَنَسِيمَاً إِذَا سَرَى ضَوَّعَ الآ / فَاقَ مِسْكَاً وَعَطَّرَ الْجَوَّ نَدَّا
لا تَخُوضُوا فِي غَيْرِهِ مِنْ حَدِيثٍ / فَهْوَ حَسْبِي وَأَيُّ مَاءٍ كَصَدَّا
هِيَ أُحْدُوثَةٌ تُسَاقُ وَلَكِنْ / رُبَّمَا اسْتَوْجَبَتْ ثَنَاءً وَحَمْدَا
آهِ مِنْ لَوْعَةٍ أَطَارَتْ بِقَلْبِي / شُعْلَةً شَفَّتِ الْجَوانِحَ وَقْدَا
كُلَّمَا قُلْتُ قَدْ تَنَاهَى غَرَامِي / عَادَ مِنْهُ مَا كَانَ أَصْمَى وَأَرْدَى
يَا رَفِيقِي إِذَا عَرَانِيَ خَطْبٌ / وَنَصِيرِي إِذَا خَصِيمٌ تَصَدَّى
أَصْبَحَتْ حَاجَتِي إِلَيْكَ فَخُذْ لِي / بِحُقُوقِي مِنْ ظَالِمٍ قَدْ تَعَدَّى
وَجَدَ الْقَلبَ خَالِياً فَاحْتَوَاهُ / وَرَأَى النَّفْسَ طَوْعَهُ فَاسْتَبَدَّا
وَكَذاكَ السُّلْطَانُ إِنْ ظَنَّ بِالأُمْ / مَةِ عَجْزَاً سَطَا عَلَيْهَا وَشَدَّا
فَأَقِلْنِي مِنْ عَثْرَةِ الحُبِّ إِنْ أُو / تِيتَ حُكْمَاً أَوْ قُلْ لِقَلْبِيَ يَهْدَا
فَمِنَ الْعَارِ غَضُّ طَرْفِكَ عَنَّي / إِنَّ خَيْرَ الصِّحَابِ أَنْفَعُ وُدَّا
وَبِنَفْسِي حُلْوُ الشَمائِلِ مُرُّ الْ / هَجْرِ يُحْيِي وَصْلاً وَيَقْتُلُ صَدَّا
ذُو قَوَامٍ أَعْدَى مِنَ الرُّمْحِ لِيناً / وَلِحَاظٍ أَمْضَى مِنَ السَّيْفِ حَدَّا
كَانَ قَلْبِي وَدِيعَةً عِنْدَ عَيْنَيْ / هِ فَآلَى بِالسِّحْرِ أَلَّا يُرَدَّا
مَا عَلَى قَوْمِهِ وَإِنْ كُنْتُ حُرَّاً / أَنْ دَعَتْنِي لَهُ الْمَحَبَّةُ عَبْدَا
غُصْنُ بَانٍ قَدْ أَطْلَعَ الْحُسْنُ فِيهِ / بِيَدِ السِّحْرِ جُلَّنَاراً وَوَرْدَا
مَا هِلالُ السَّماءِ مَا الظَّبْيُ مَا الْوَرْ / دُ جَنِيَّاً ما الْغُصْنُ إِذْ يَتَهَدَّى
هُوَ أَبْهَى وَجْهاً وَأَقْتَلُ أَلْحَا / ظَاً وَأَنْدَى خَدَّاً وَأَلْيَنُ قَدَّا
فَدَعِ اللَّوْمَ يَا عَذُولُ فَإِنِّي / لَسْتُ أَبْغِي مِنَ الْعَواذِلِ رُشْدَا
لا تَخَلْنِي عَلَى غَرَاتِكَ سَهْلاً / أَنَا أَدْرَى بِلَوْعَتِي مِنْكَ جِدَّا
لَسْتُ أَقْوَى عَلَى الصُّدُودِ وَإِنْ كُنْ / تُ عَلَى سَوْرَةِ الْحَوَادِثِ جَلْدَا
إِنْ تَكُنْ رَحْمَةٌ فَنَفْسِيَ أَوْلَى / أَوْ تَكُنْ ضَلَّةٌ فَرَبِّيَ أَهْدَى
غَادَةٌ كَالْمَهَاةِ تَهْفُو بِخَصْرٍ
غَادَةٌ كَالْمَهَاةِ تَهْفُو بِخَصْرٍ / تَحْتَ بَنْدٍ كَمِعْصَمٍ فِي سِوارِ
تِلْكَ عَمْرِي هِيَ الْحَيَاةُ فَلا تُؤْ / ثِرْ عَلَيْهَا جَلائِلَ الأَوْطَارِ
فَاقْسِمِ الْعُمْرَ بَيْنَ جَدٍّ وَهَزْلٍ / وَوَقَارٍ طَوْرَاً وَخَلْعِ عِذَارِ
وَاسْعَ تَبْلُغْ مَا رُمْتَهُ مِنْ نَفِيسٍ / فَالْمَسَاعِي مَدَارِجُ الأَحْرَارِ
قَدْ يَنَالُ الْفَتَى إِذَا كَانَ شَهْمَاً / مُبْتَغَاهُ فِي ضَحْوَةٍ مِنْ نَهَارِ
حَبَّذَا الرَّاحُ فِي أَوَانِ الْبَهَارِ
حَبَّذَا الرَّاحُ فِي أَوَانِ الْبَهَارِ / وَاقْتِرانُ الْكُؤُوسِ بِالنُّوَّارِ
وَرَنِينُ الأَوْتَارِ فِي فَلَقِ الصُّبْ / حِ وَسَجْعُ الطُّيُورِ فِي الأَوْكَارِ
بَيْنَ جَوٍّ مَعَ الْغَمَائِمِ سَارٍ / وَفَضَاءٍ مَعَ الْجَدَاوِلِ جَارِي
مَنْظَرٌ يَفْتِنُ الْعُقُولَ وَيَجْلُو / صَفَحَاتِ الْقُلُوبِ وَالأَبْصَارِ
إِنَّ عَصْرَ الشَّبَابِ فِينَا مُعَارٌ / وَاللَّيَالِي تَرُدُّ كُلَّ مُعَارِ
فَاسْرَحَا وَامْرَحَا فَقَدْ آذَنَتْنَا / نَسَمَاتُ الصَّبَا بِخَلْعِ الْعِذَارِ
وَاغْنَما صَفْوَةَ الرَّبِيعِ بِدَاراً / فَالأَمَانِي مَعْقُودَةٌ بِالْبِدارِ
هُوَ فَصْلٌ تَخْتَالُ فِيهِ غُصُونُ الرْ / رَوْضِ فِي حِلْيَةٍ مِنَ الأَزْهَارِ
مَائِساتٍ مِثْلَ الْعَذَارَى عَلَيْهِنْ / نَ ثِيَابٌ دُرِّيَّةُ الأَزْرَارِ
غَمَزَتْهَا يَدُ الصَّبَا فَتَلَوَّتْ / رَاقِصَاتٍ عَلَى غِنَاءِ الْقَمَارِي
رَشَفَتْ خَمْرَةَ النَّدَى مِنْ كُؤُوسِ الزْ / زَهْرِ حَتَّى تَمَايَلَتْ مِنْ خُمَارِ
فَانْتَبِهْ يَا نَدِيمُ وَاسْتَصْبِحِ السَّا / قِي بِكَأْسٍ تَفِيضُ بِالأَنْوَارِ
وَاسْقِيَانِي وَغَنِّيَانِي بِلَحْنٍ / يَبْعَثُ النَّفْسَ مِنْ إِسَارِ الْوَقَارِ
فَلَقَدْ آذَنَ الشَّتَاءُ بسَيْرٍ / وَاسْتَهَلَّتْ طَلائِعُ النُّوبَهارِ
وَاسْتَدَارَ النَّهَارُ حَتَّى تَساوَتْ / كَفَّتَاهُ بَيْنَ الدُّجَى وَالنَّهَارِ
مَنْ لِقَلْبِي بِشَادِنٍ
مَنْ لِقَلْبِي بِشَادِنٍ / لَمْ يُمَتَّعْ بِحَظِّهِ
قَدْ سَبَانِي بِطَرْفِهِ / وَشَجَانِي بِلَفْظِهِ
كُلُّ شَيءٍ سَيَرْعَوِي / غَيْرَ قَلْبِي وَلَحْظِهِ
أَنْتَ مِنِّي مَا بَيْنَ فِكْرٍ وَلَفْظِ
أَنْتَ مِنِّي مَا بَيْنَ فِكْرٍ وَلَفْظِ / فَمَتَى يَشْتَفِي بِقُرْبِكَ لَحْظِي
غِبْتَ عَنِّي مَدَى ثَلاثٍ فَزَادَتْ / حَسَرَاتِي وَغَابَ أُنْسِي وَحَظِّي
فَأَجِبْ دَعْوَتِي وَلا تَنْسَ وَعْدَاً / لَكَ بِالْوَصْلِ لا يَزالُ بِحِفْظِي
إِنَّ قَلْبِي وَهْوَ الأَبِيُّ دَهَتْهُ
إِنَّ قَلْبِي وَهْوَ الأَبِيُّ دَهَتْهُ / فُرْقَةٌ صَيَّرَتْهُ نَهْبَاً مُشَاعَا
لا تَرَى غَيْرَ وَاقِفٍ يَسْفَحُ الدَّمْ / عَ وَسَاهٍ لا يَسْتَطِيعُ زَمَاعَا
وُصْلَةٌ قَرَّبَتْ بِعَادَاً وَبَيْنٌ / مِنْ حَبِيبٍ أَجَدَّ فِيهِ اجْتِمَاعا
كُنْتُ أَخْشَى الْوَدَاعَ حَتَّى إِذَا مَا / فَارَقُونِي أَمْسَيتُ أَرْجُو الْوَدَاعَا
هَتَفَ الدِّيكُ سُحْرَةً
هَتَفَ الدِّيكُ سُحْرَةً / فَاصْطَبَحْنَا لِهَتْفِهِ
بِشَرَابٍ كَعَيْنِهِ / وَكَبَابٍ كَعُرْفِهِ
أَيُّ قَلْبٍ عَلَى صُدُودِكَ يَبْقَى
أَيُّ قَلْبٍ عَلَى صُدُودِكَ يَبْقَى / أَوَ لَمْ يَكْفِ أَنَّنِي ذُبْتُ عِشْقَا
لَمْ تَدَعْ مِنِّيَ الصَّبَابَةُ إِلَّا / شَبَحاً شَفَّهُ السَّقَامُ فَدَقَّا
وَدُمُوعاً أَسَالَهَا الْوَجْدُ حَتَّى / غَلَبَتْ أَدْمُعَ الْغَمَامَةِ سَبْقَا
فَتَصَدَّقْ بِنَظْرَةٍ مِنْكَ تَشْفِي / دَاءَ قَلْبٍ مِنَ الْغَرَامِ مُلَقَّى
كَانَ أَبْقَى مِنْهُ الْغَرَامُ قَلِيلاً / فَأَذَابَ الصُّدُودُ مَا قَدْ تَبَقَّى
لا تَسَلْنِي عَنْ بَعْضِ مَا أَنَا فِيهِ / مِنْ غَرَامٍ فَلَسْتُ أَمْلِكُ نُطقَا
سَلْ إِذَا شِئْتَ أَنْجُمَ اللَّيْلِ عَنِّي / فَهْيَ أَدْرَى بِكُلِّ مَا بِتُّ أَلْقَى
نَفَسٌ لا يَبِينُ ضَعْفَاً وَجِسْمٌ / سَارَ فِيهِ الضَّنَى فَأَصْبَحَ مُلْقَى
فَتَرَفَّقْ بِمُهْجَةٍ شَفَّهَا الْوَجْ / دُ فَذَابَتْ وَأَدْمُعٍ لَيْسَ تَرْقَا
إِنْ يَكُنْ دَأْبُكَ الصُّدُودَ فَقَلْبِي / عَنْكَ رَاضٍ وَإِنْ غَدَا بِكَ يَشْقَى
فَعَلَيْكَ السَّلامُ مِنِّي فَإِنِّي / مُتُّ شَوْقاً وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
رَبِّ خُذْ لِي مِن الْعُيُونِ بِحَقِّي
رَبِّ خُذْ لِي مِن الْعُيُونِ بِحَقِّي / وَأَجِرْنِي مِنْ ظَالِمٍ لَيْسَ يَبْقِي
قَدْ تَوَقَّيْتُ مَا اسْتَطَعْتُ مِنَ الْحُبْ / بِ وَلَكِنْ مَاذَا يَرُدُّ التَّوَقِّي
وَتَرَفَّقْتُ بِالْفُؤَادِ وَلَكِنْ / غَلَبَتْ لَوْعَةُ الصَّبَابَةِ رِفْقِي
لا تَلُمْنِي عَلَى الهَوَى فَغُمُوضُ ال / حَقِّ عُذْرٌ يَرُدُّ كُلَّ مُحِقِّ
سَلْ دمُوعِي فَهُنَّ يُنْبِئْنَ عَمَّا / فِي ضَمِيرِي وَيَعْتَرِفْنَ بِصِدقِي
كَيْفَ لِي بِالنَّجَاةِ مِنْ شَرَكِ الْحُبْ / بِ سَلِيماً وَالْحُبُّ مَالِكُ رِقِّي
قَدْ تَلَقَّيْتُ لَوْعَتِي مِنْ عُيُونٍ / عَلَّمَتْنِي دَرْسَ الْهَوَى بِالتَّلَقِّي
وَرَشَوْتُ الْهَوَى بِلُؤْلُؤِ دَمْعِي / وَالرُّشَا وُصْلَةٌ لِنَيْلِ التَّرَقِّي
فَلَعَلِّي أَفُوزُ يَوْماً بِوَصْلٍ / أَتَوَلَّى بِهِ إِمَارَةَ عِشْقِ
لَيْسَ لِي غَيْرَ خَالِك الْحَجَرِ الأَسْ
لَيْسَ لِي غَيْرَ خَالِك الْحَجَرِ الأَسْ / وَدِ فِي كَعْبَةِ الْمَحَاسِنِ قِبْلَهْ
فَأَثِبْنِي عَلَى الْجَمَالِ زَكَاةً / وَزَكَاةُ الْجَمَالِ فِي الْخَدِّ قُبْلَهْ
كُلُّ صَعْبٍ سِوَى الْمَذَلَّةِ سَهْلُ
كُلُّ صَعْبٍ سِوَى الْمَذَلَّةِ سَهْلُ / وَحَيَاةُ الْكَرِيمِ فِي الضَّيْمِ قَتْلُ
لَيْسَ يَقْوَى امْرُؤٌ عَلَى الذُّلِّ مَا لَمْ / يَكُ فِيهِ مِنْ صِبْغَةِ اللُّؤْمِ دَخْلُ
إِنَّ مُرَّ الْحِمَامِ أَعْذَبُ وِرْدَاً / مِنْ حَيَاةٍ فِيهَا شَقَاءٌ وَذُلُّ
أَنَا رَاضٍ بِتَرْكِ مَالِي وَأَهْلِي / فَالْعَفَافُ الثَّرَاءُ وَالنَّاسُ أَهْلُ
لا يَلُمْنِي عَلَى الْحَفِيظَةِ قَوْمٌ / غَرَّهُمْ مَنْظَرُ الْحَيَاةِ فَضَلُّوا
أَلِفُوا الضَّيْمَ خَشْيَةَ الْمَوْتِ وَالضَّيْ / مُ لَعَمْرِي فَجْعٌ خَسِيسٌ وَثُكْلُ
كَيْفَ لا أَنْصُرُ الرَّشَادَ عَلَى الْغَيْ / يِ وَعَقْلِي مَعِي وَفِي النَّفْسِ فَضْلُ
إِنَّمَا الْمَرْءُ بِاللِّسَانِ وَبِالْقَلْ / بِ فَإِنْ خَابَ مِنْهُمَا فَهْوَ فَسْلُ
قَدكِ يَا نَفْسُ فَالتَّصَبُّرُ إِلَّا / فِي لِقَاءِ الْحُرُوبِ غَبْنٌ وَجَهْلُ
فَابْعَثِيهَا شَعْوَاءَ يَحْكُمُ فِيهَا / مُنْصُلٌ صَارِمٌ وَرُمْحٌ مِتَلُّ
هو إِمَّا الْحِمَامُ أَوْ عِيشَةٌ خَضْ / رَاءُ فِيهَا لِمَنْ تَفَيَّأَ ظِلُّ
إِنَّ مُلْكَاً فِيهِ فُلانٌ وَزِيراً / لَمُبَاح لِلْخَائِنِينَ وَبِلُّ
أَهْوَجٌ أَحْمَقٌ شَتِيمٌ لَئِيمٌ / أَغْتَمٌ أَبْلَهٌ زَنيمٌ عُتُلُّ
صَغُرَتْ رَأْسُهُ وَأَفْرَطَ فِي الطُّولِ / شَوَاهُ وَعُنْقُهُ فَهْوَ صَعْلُ
أَبْرَزَتْ قُدْرَةُ الطَّبِيعَةِ مِنْهُ / شَكْلَ لُؤْمٍ إِنْ كَان لِلُّؤمِ شَكْلُ
هَدَفٌ لِلْعُيُوبِ فِي كُلِّ عُضْوٍ / مِنْهُ سَهْمٌ لِلطَّاعِنِينَ وَنَصْلُ
نَسَلَتْهُ مِنِ استِهَا أُمُّ سُوءٍ / مَا لَهَا غَيْرَ طَائِفِ اللَّيْلِ بَعْلُ
كُنْ كَمَا شِئْتَ يَا فُلانُ وَمَا شَا / ءَتْ رِجَالٌ فَأَنْتَ لِلُّؤْمِ أَهْلُ
لَيْسَ تُغْنِي الأَلْقَابُ عَنْ كَرَمِ الأَصْ / لِ فَمَجْدُ الْفَتَى عَفَافٌ وَعَقْلُ
أَنْتَ مِنْ عُنْصُرٍ لَوِ اتَّكَأَ الذَّرْ / رُ عَلَيْهِ لآدَهُ مِنْهُ حِمْلُ
نَازَعَتْكَ الْيَهُودُ وَاخْتَلَفَتْ فِي / كَ النَّصَارَى فَأَنْتَ لا شَكَّ بَغْلُ
إِنَّ بَيْتَ الْوَزَّانِ لَمْ يَزِنُوا شَيْ / ئاً وَلَكِنَّ فِيهِمْ عَلَى ذَاكَ ثِقْلُ
كَثُرُوا عِدَّةً وَلَوْ أَحْصَنَ الْبَا / بَ أَبُوهُمْ عَنِ الزُّنَاةِ لَقَلُّوا
لَوْ عَزَوْنَا كُلَّ امْرِئٍ لأَبِيهِ / مِنْ فرَاخِ الْوَزَّانِ لَمْ يَبْقَ نَسْلُ
كُلُّ وَغْدٍ أَهْدَى إِلَى اللُّؤْمِ مِنْ بَا / زِ وَلَكِنْ مِنَ الْحِمَارِ أَضَلُّ
قَدْ تَغَذَّى بِاللُّؤْمِ إِذْ هُوَ طِفْلٌ / وَتَمَادَى فِي الْغَيِّ إِذْ هُوَ كَهْلُ
لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ تَحْمَدُ الْعَيْنُ رُؤْيَا / هُ وَلا مِنْهُمْ إِلَى النَّفْسِ خِلُّ
أَدْرَكُوا فِي الْعُيُوبِ أَبْعَدَ خَصْلٍ / كُلُّ حَيٍّ لَهُ بِمَا شَاءَ خَصْلُ
كَيْفَ لا تَشْمَلُ الدَّنَاءَةُ قَوْمَاً / نَشَأُوا فِي الصَّغَارِ حِينَ اسْتَهَلُّوا
هُمْ لَعَمْرِي أَذَلُّ مِنْ قَدَمِ الْنَّعْ / لِ نُفُوساً وَالنَّعْلُ مِنْهُمْ أَجَلُّ
كُنْتُ لا أُحْسِنُ الْهِجَاءَ وَلَكِنْ / عَلَّمَتْنِي صِفَاتُهُمْ كَيْفَ أَتْلُو
كُلُّ شَيءٍ يَفْنَى وَلَكِنْ هِجَائِي / فِيكَ بَاقٍ مَا عَاقَبَ السَّيْفَ صَقْلُ
حَيِّ مَغْنَى الْهَوَى بِوَادِي الشَّآمِ
حَيِّ مَغْنَى الْهَوَى بِوَادِي الشَّآمِ / وَادْعُ بِاسْمِي تُجِبْكَ وُرْقُ الْحَمَامِ
هُنَّ يَعْرِفْنَنِي بِطُولِ حَنِينِي / بَيْنَ تِلْكَ السُّهُولِ وَالآكَامِ
فَلَقَدْ طَالَمَا هَتَفْنَ بِشَدْوِي / وَتَنَاقَلْنَ مَا حَلا مِنْ هُيَامِي
وَلَكَمْ سِرْتُ كَالنَّسِيمِ عَلِيلاً / أَتَقَرَّى مَلاعِبَ الآرَامِ
فِي شِعَارٍ مِنَ الضَّنَى نَسَجَتْهُ / بِخُيُوطِ الدُّمُوعِ أَيْدِي الْغَرَامِ
كُلَّمَا شِمْتُ بَارِقاً خِلْتُ ثَغْراً / بَاسِماً مِنْ خِلالِ تِلْكَ الْخِيَامِ
وَالْهَوَى يَجْعَلُ الْخِلاجَ يَقِينَاً / وَيَغُرُّ الْحَلِيمَ بِالأَوْهَامِ
خَطَرَاتُ لَهَا بِمِرْآةِ قَلْبِي / صُوَرٌ لا تَزُولُ كَالأَحْلامِ
مَا تَجَلَّتْ عَلَى الْمَخِيلَةِ إِلَّا / أَذْكَرَتْنِي مَا كَانَ مِنْ أَيَّامِي
ذَاكَ عَصْرٌ خَلا وَأَبْقَى حَدِيثاً / نَتَعَاطَاهُ بَيْنَنَا كَالْمُدَامِ
كُلَّمَا زَحْزَحَتْ بَنَانَةُ فِكْريَ / عَنْهُ سِتْرَ الْخَيَالِ لاح أَمَامِي
يَا نَسِيمَ الصَّبَا فَدَيْتُكَ بَلِّغْ / أَهْلَ ذَاكَ الْحِمَى عَبِيرَ سَلامِي
وَاقْضِ عَنِّي حَقَّ الزِّيَارَةِ وَاذْكُرْ / فَرْطَ وَجْدِي بِهِمْ وَطُولَ سَقَامِي
أَنَا رَاضٍ مِنْهُمْ بِذُكْرَةِ وُدٍّ / أَوْ كِتَابٍ إِنْ لَمْ أَفُزْ بِلِمَامِ
هُمْ أَبَاحُوا الْهَوَى حَرِيمَ فُؤَادِي / وَأَذَلُّوا لِلْعَاذِلِينَ خِطَامِي
أَتَمَنَّاهُمُ وَدُونَ التَّلاقِي / قُذُفَاتٌ مِنْ لُجِّ أَخْضَرَ طَامِي
صَائِلُ الْمَوْجِ كَالْفُحُولِ تَرَاغَى / مِنْ هِيَاجٍ وَتَرْتَمِي بِاللُّغَامِ
وَتَرَى السُّفْنَ كَالْجِبَالِ تَهَادَى / خَافِقَاتِ الْبُنُود وَالأَعْلامِ
تَعْتَلِي تَارَةً وَتَهْبِطُ أُخْرَى / فِي فَضَاءٍ بَيْنَ السُّهَا وَالرَّغَامِ
هِيَ كَالدُّهْمِ جَامِحَاتٌ وَلَكِنْ / لَيْسَ يُثْنَى جِمَاحُهَا بِلِجَامِ
كُلُّ أُرْجُوحَةٍ تَرَى الْقَوْمَ فِيهَا / خُشَّعَاً بَيْنَ رُكَّعٍ وَقِيَامِ
لا يُفِيقُونَ مِنْ دُوَارٍ فَهَاوٍ / لِيَدَيْهِ وَرَاعِفُ الأَنْفِ دَامِي
يَسْتَغِيثُونَ فَالْقُلُوبُ هَوَافٍ / حَذَرَ الْمَوْتِ وَالْعُيُونُ سَوَامِي
فِي وِعَاءٍ يَحْدُونَهُ بِدُعَاءٍ / لِجَلالِ الْمُهَيْمِنِ الْعَلَّامِ
ذَاكَ بَحْرٌ يَلِيهِ بَرٌّ تَرَامَى / فِيهِ خُوصُ الْمَضِيِّ مِثْلَ النَّعَامِ
فَسَوَادِي بِمِصْرَ ثَاوٍ وَقَلْبِي / فِي إِسَارِ الْهَوَى بِأَرْضِ الشَّآمِ
أَخْدَعُ النَّفْسَ بِالْمُنَى وَهْيَ تَأْبَى / وَخِدَاعُ الْمُنَى غِذَاءُ الأَنَامِ
فَمَتَى يَسْمَحُ الزَّمَانُ فَأَلْقَى / بِشَكِيبٍ مَا فَاتَنِي مِنْ مَرَامِ
هُوَ خِلٌّ لَبِسْتُ مِنْهُ خِلالاً / عَبِقَاتٍ كَالنَّوْرِ فِي الأَكْمَامِ
صَادِقُ الْوُدِّ لا يَخِيسُ بِعَهْدٍ / وَقَلِيلٌ فِي النَّاسِ رَعْيُ الذِّمَامِ
جَمَعَتْنَا الآدَابُ قَبْلَ التَّلاقِي / بِنَسِيمِ الأَرْوَاحِ لا الأَجْسَامِ
وَبَلَغْنَا بِالْوُدِّ مَا لَمْ يَنَلْهُ / بِحَيَاةِ الْقُرْبَى ذَوُو الأَرْحَامِ
فَلَئِنْ لَمْ نَكُنْ بِأَرْضٍ فَإِنَّا / لاِتِّصَالِ الْهَوَى بِدَارِ مُقامِ
وَائْتِلافُ النُّفُوسِ أَصْدَقُ عَهْدَاً / مِنْ لِقَاءٍ لَمْ يَقْتَرِنْ بِدَوَامِ
أَلْمَعِيٌّ لَهُ بَدِيهَةُ رَأْيٍ / تُدْرِكُ الْغَيْبَ مِنْ وَرَاءِ لِثَامِ
وَقَرِيضٌ كَمَا وَشَتْ نَسَمَاتٌ / بِضَمِيرِ الأَزْهَارِ إِثْرَ الْغَمَامِ
هَزَّنِي شِعْرُهُ فَأَيْقَظَ مِنِّي / فِكْرَةً كَانَ حَظُّهَا فِي الْمَنَامِ
سُمْتُهَا الْقَوْلَ بَعْدَ لأْيٍ فَبَضَّتْ / بِيَسِيرٍ لَمْ يَرْوِ عُودَ ثُمَامِ
فَارْضَ مِنِّي بِمَا تَيَسَّرَ مِنْهَا / رُبَّ ثَمْدٍ فِيهِ غِنىً عَنْ جِمَامِ
وَلَوْ أَنِّي أَرَدْتُ شَرْحَ وِدَادِي / وَاشْتِيَاقِي لَضَاقَ وُسْعُ الْكَلامِ
أَنَا أَهْوَاكَ فِطْرَةً لَيْسَ فِيهَا / مِنْ مَسَاغٍ لِلنَّقْضِ وَالإِبْرَامِ
وَإِذَا الْحُبُّ لَمْ يَكُنْ ذَا دَوَاعٍ / كَانَ أَرْسَى قَوَاعِداً مِنْ شَمَامِ
فَتَقَبَّلْ شُكْرِي عَلَى حُسْنِ وُدِّ / رُحْتُ مِنْهُ مُقَلَّدَاً بِوِسَامِ
أَتَبَاهَى بِهِ إِذَا كَانَ غَيْرِي / يَتَبَاهَى بِزِينَةِ الإِنْعَامِ
دُمْتَ فِي نِعْمَةٍ تَرِفُّ حُلاهَا / فَوْقَ فَرْعٍ مِنْ طِيبِ أَصْلِكَ نَامِي