المجموع : 23
وعَدتْ باستراقةٍ للّقاء
وعَدتْ باستراقةٍ للّقاء / وبإهداء زوْرةٍ في خفَاءِ
وأطالَتْ مَطْلَ المُحب إلى أنْ / وجَدتْ خُلْسَةً من الأعداء
ثم غارتْ من أن يُماشيَها الظلْ / لُ فزارتْ في ليلةٍ ظَلماء
ثُمّ خافَتْ لمّا رأتْ أنجمَ الّلي / لِ شَبيهاتِ أعيُنِ الرُّقبَاء
فاستنَابَتْ طيفاً يُلمُّ ومَن يَمْ / لكُ عَيْناً تَهُمُّ بالإغفاء
هكذا نَيْلُها إذا نوَّلتْنا / وعَناءٌ تَسَمُّحُ البُخلاء
يَهْدِمُ الإنتهاءُ باليأسِ منها / ما بناه الرّجاءُ بالإبتداء
وقليلُ الإحسانِ عندي كثيرٌ / لو تَوقَّعْتُه من الحَسناء
فمتى للغليلِ يا صاح يَشْفي / مَن شكا ظَمْأةً إلى ظَمياء
هو جَدّى المَوسومُ بالغَدْرِ في الحُبْ / بِ متى ما اتَّهمْتُه بالوفاء
كلّما مال مَن أُحبُّ لادُنا / ئىَ لَجّ الزّمانُ في إقصائي
ولَعَهْدي واسْمي إلى أُذْنِ أسما / ء لحُبّي كالقُرْطِ في الإسماء
قبلَ تَعتادُ من عِذارى طُلوعاً / كُلَّ يومٍ بَيضاءُ في سَوداء
حين أغدو لا للحبيبةِ من ده / رِي ولا للشّبيبةِ استخْفائي
لست أُنسىَ يومَ الرّحيلِ وقد غَرْ / رَدَ حادي الرّكائبِ الأنضاء
وسُليَمْى مَنَّتْ بِردِّ سلامي / حين جَدَّ الوداعُ بالإيماء
سفَرتْ كي تُزوِّدَ الصَّبَّ منها / نظْرةً حين آذنتْ بالتّنائي
وأَرتْ أنها من الوَجْدِ مثْلي / ولها للفراقِ مثْلُ بُكائي
فَتباكَتْ ودمعُها كسقيطِ الطْ / طلِ في الجُلَّنارةِ الحَمراءِ
وحكى كُلّ هُدْبةٍ لي قَناةً / أنهَرتْ فَتْقَ طعنةٍ نَجلاء
فتَرى الدمعتين في حُمرةِ اللّوْ / نِ سَوداءً وما هُما بسَواء
خَدها يَصْبُغُ الدّموعَ ودمْعي / يَصبُغُ الخَدَّ قانياً بالدِماء
خَضَب الدّمعَ خَدَّها باحمرارٍ / كاختضابِ الزجاجِ بالصّهباء
يا صَفيّي من الأخلاِّء والعَي / شُ حَرامٌ إلاّ مَع الأصفياء
لا تَسَلْني من أين أقبلَ سُقْمي / وأَبِنْ لي من أين أبغي شِفائي
مَن عذيري وهل عَذيرٌ من الأيْ / يامِ مهما أَفرطْنَ في الإلتواء
من زمانٍ جَفا فأضحَتْ ولم تَظْ / لِمْ بنوهُ أشباهَه في الجَفاء
وكرامٍ مثْلِ الأهِّلةِ أيا / مَ سِرارٍ فما لَها من تَراء
وقَرَاري على وُعودِ الأماني / وارتقابي لها صباحَ مَساء
واعتِلاقي بعَزْمةٍ ثُمّ لا أدْ / ري أمامي خيرٌ لها أم ورائي
ومَبيتي مؤُرَّقاً طُولَ لَيلي / واقتْضائي مَدائحَ الكُبَراء
وهُمُ مُعرِضون عنّي وآبى / أنا إلاّ أُكرومَتي وحَيائي
ذا امتعاضٍ أُخفي اختلالي عنِ الرَّا / ئي كإخفاءِ واصلٍ للرّاء
فأَعِد نَظْرةً بعَينكّ تُبصرْ / عَجَباً إنْ عَرَفْتَ عُظْمَ ابتلائي
كيف حالي ما بينَ دَهْرٍ وشِعْرٍ / ذاك والى هَدْمي وهذا بنائي
في زمانٍ لم يُبْقِ في قَرْضِ شعْرٍ / طائلاً من غنىً ولا مِن غَناء
ما عدا غَيْظَ حاسدٍ كلّما استُح / سِنَ شعري معْ قلّة الإجداء
ما تَرى اليومَ والمُعسكرُ يا صا / حِ مَضَمَّ للنَّاس رَحْبُ الفناء
أنّني منه في ذُرا مَعشرٍ غُرْ / رٍ وأبناء دولةٍ غَرّاء
نازِلاً وسْطَهم وإن كنتُ منهم / عند قَصْدِ التّقريبِ والإدناء
مثْلَ ما في القرآنِ من سورةِ النّا / سِ يُرَى بعدَ سُورةِ الشُعراء
لا التفاتٌ ولا سؤالٌ عنِ الحا / لِ ولا نَظْرةٌ من الإرعاء
ذو انكسارٍ في كسْرِ مُخلقةٍ طَلْ / ساءَ مَحطوطةِ المطا وقصْاء
وهْي غبَراءُ مَن رآني وصَحبي / تحتها خالَنا بني غَبراء
وأُراها ما طنَّبتْ مثْلَ ذي الغَب / راء كَفُّ امرىءٍ على الغَبراء
شاب منهم سَوادهُا غيرَ مَظْلو / مٍ بطُلِ الإصباح والإمساءِ
تَركتَهْا الأيامُ لو نصعَ الّلو / نُ كآلٍ يلوُج في بَيْداء
تَتَراءى للناظرِينَ خيالا / فهْي وسَطَ الهواء مثْلُ الهواء
كلّما مَسّها من الشّرقِ ضّوءٌ / خِفْتُ وشْك اختلاطِها بالهَباء
هذه حالتي وفي مثْلِ هذي / حَلّتي إن حلَلْتُ معْ نُظرَائي
ولكَم ناقصٍ قصيرِ يدِ الفَضْ / لِ وحاشا معاشرَ الكُرماء
حاجِبٌ دون حاجِبِ الشمسِ عنه / ظِلُّ مَبنيّةٍ له قَوراء
لائقٌ أن يقالَ فيه وفيها / واللّيالي مُعتادَةُ الإعتداء
ما حَكَوا في النّواةِ والمَعقليّ ال / مُبْتَنى عن حُرَيبٍ الفَأفاء
كلُّ قومٍ أفاضَ قومٌ عليهم / خِلعاً ذاتَ بهجةٍ وبَهاء
كنسيجِ الرياضِ وشّتْه بالأن / وا رِ صُبْحاً أناملُ الأنواء
غيْرَ أنّا من كلِّ ما خَلَع النّا / سُ وأسنَوا من بُردَةٍ ورِداء
قد قنَعِنا بخِلعةٍ ذاتِ تَلْمي / ع قليل أوخرقة بيضاء
حُلوةِ القَدِّ رَحْبةِ الذَّيْلِ بَرد الصْ / صَيفِ في حِضنِها وحَرُّ الشِّتاء
جَيبُها في ضلوعِها والعُرَا في الذْ / ذيْلِ إن نُشِرّتْ غداةَ اكتِساء
ثُمّ من بعدِ أن تُزرَّرَ يُكسا / ها الفتَى وهو أظرَفُ الأشيْاء
مَلْبَسٌ للحُلولِ يُخلَعُ للرِح / لةِ عند استماعِ رَجْع الحُداء
إن أقامُوا عَلا الرؤوسَ وإن را / موا مَسيرا عَلا على الأمطاء
رَكّبتْه الأيدي كَتركيبِ بَيْتٍ / من قَريضٍ مُناسبِ الأجْزاء
ذو عَروضٍ وذو ضُروبٍ ولا عَي / بَ لَها لاحِقٌ من الإقواء
وهْى حَدْباءُ في فَتاءٍ منَ السِنْ / نِ قريبٍ لافي أوانِ فَتاء
حَدِبٌ قَلْبُها علينا وقد يُمْ / تع أيضاً تَحَدُّبُ الحَدباء
غيرَ أنْ لا تقومُ إن هي لم تُمْ / سِكْ بشُعْثٍ مَشْجوجةِ الأقفاء
عَوْجةٌ لي على الجبالِ أُتيحَتْ / بعدَ عَهْدٍ قد طالَ بالزَّوراء
تَرَكتْني مُعانِياً لمَعانٍ / وأعادتْ أعادياً أصدقائي
رَنّقت مَشْربي وقد كان عَيْنٌ الشْ / شَمْسِ والماء دونه في الصّفاء
بعد عهْدي بعِيشتي وهْي خَضْرا / ءُ تثَنّى كالبانةِ الغَنّاء
وأموري كأنّها أَلفِاتٌ / خَطّهُنّ الوَلىُّ في الاستواء
لِوليّ الدينِ المُقدَّمِ سَبْقٌ / إنْ تبَارَتْ خيْلُ العُلا في الجِراء
لنجيبٍ في دَهْرِه ابنِ نجيبٍ / وبلوغُ الغاياتِ للنُّجباء
صارمُ الرّأي يُخجِلُ البيضَ والسُّم / رَ بحَدِّ اليراعةِ الرَّقْشاء
طالعٌ في ثَنّيةٍ رحبَةِ الذِر / وةِ للفضلِ صَعْبةِ الرَّقْشاء
ناثرٌ ما يزالُ في الطِّرس دُرّاً / حَسدَتْ حُسنَها نجومُ السّماء
فحَنتْ قَدَّها لِلَقْطٍ منَ الأُفْ / قِ إليها كوَاكبُ الجوزاء
لو بنو مُقلةٍ رأوْهُ لأضحَى / ولَقَلّوا لمَجْدهِ من فِداء
بعزيزَيهمُ السّمَّيينِ يُفْدَى / من عيونٍ لهم ومن آباء
ولآلَى أبو عَليٍ يَميناً / مُظهراً للوليّ صِدْقَ الوَلاء
لا إلى مُقْلةٍ أبى لو عَلمْتُم / بل إلى مُقلةٍ تَراهُ انتمائي
دَرَجوا ثمّ جاءَ مَن هو أعلَى / دَرَجاً فلْيدُمْ قرينَ العَلاء
ولنا في الوَليِّ مُسْلٍ عن الوَسْ / ْمىِّ فلْيبقَ عادِم الأكفاء
كفْؤُكّفِ الولِيِّ لم يُرَ للكُت / تابِ يوماً في الحُدْث والقدماء
يا ولياً يرَوِّضُ الطرسَ طُولَ الدْ / دَهْرِ فَضلاً بَقِيتَ للأولياء
هكذا ماطِرَ الأناملِ طَلّاً / للقراطيس وابِلاً للرّجاء
نعْمَ ذُخرُ الآمالِ عمْرُك فابقَ الدْ / دَهرَ للمُرتجي أَمَدَ البقاء
زِنتَ وجهَ الدّهرِ الذي شانَهُ النّق / صُ فلا زلْتَ غُرّةَ الدَّهماء
أنت لولاك كان للناسِ في الأف / واهِ ذِكْرُ الكريمِ كالعَنقاء
لك منّي في الصّدْرِ حُسنُ ولاءٍ / رَشْحُه ما بقيتُ حُسْنُ ثناء
دُرُّ لَفْظٍ في تبْرِ مَعْنىً مَصوغٍ / فتقرَّطْهُ يا أخا العلياء
فَحُلِيُّ الرّجالِ صَوْغُ يدِ الفكْ / رِ وصَوغُ الأيدي حُلِيُّ النِّساء
عَفْوَ طبْعٍ جاءتْك فاجْتلِها حس / ناء بكراً فالحُسنُ للاجتلاء
من مُواليك للفضائلِ حُبّاً / وموُالي أسلافِك السُّعَداء
ووِدادُ الأحرارِ في الدّهرِ من أش / رَفِ إرْثِ الآباء للأَبْناء
يَذخرُ الدّهرُ منك في خَللِ الأي / ْيامِ عَضبْاً ذا رَوْنَق ومَضاء
وليِومٍ يُعِدُّك المُلْكُ ذي جَدْ / دٍ وجِدِّ وذي سناً وسَناء
قُلْ لَمنْ ظَلَّ فضُلهُ وهْو جَمٌ / عن مديحٍ يُصاغُ ذا اسِتغناء
فإذا ما بَعْثتُ بابنةِ فكْري / لك جاءتْ تَمشي على استِحيْاء
إن كَساكَ المديحَ فِكري فكم قد / أمطَرتْ ديمةٌ على الدأْماء
كيف أُهدِي لكُ الثّناءَ وأوصا / فُك فُتْنَ الأوهامَ عُظْمَ اعتلاء
وأنا منك في القياسِ وإنْ فا / قَ بني الدّهرِ خاطري في الذَّكاء
مثْلَما في الحسابِ من واضعِ الشّط / رنْجِ بالبُعْدِ تابِعُ السِيَماء
هجر الرَّاءَ واصلُ بنُ عَطاءِ
هجر الرَّاءَ واصلُ بنُ عَطاءِ / في خِطابِ الورى من الخُطَباءِ
وأنا سوف أَهجُرُ القافَ والرّا / ءَ معَ الضّادِ من حُروفِ الهِجاء
كلُّ هذا لبُغْضِيَ القَرْضَ إذْ أحْ / وجَ مثْلي إليك بعدَ غَناء
يا ابنَ حَمْدٍ وما سعَيْتَ لحَمْد / ما أعَقَّ البنينَ للآباء
قد طَلْبنا قَرْضاً من المالِ نَزْراً / ما طلَبْنا قَرْضاً من الأعضاء
فماذا وقد أَعدْتَ رسولي / بانكسارٍ يَمْشي على استِحياء
ومطَلْتَ المَطْلَ الشّديدَ وآنَي / تَ وآذيتَ أيّما إيذاء
كنتَ تَجْزِي مثْلاً بمثْلٍ منَ الما / ل ويَبْقى عليك رِبْحُ الثّناءَ
عجَباً منك ما نَشِطتَ لهَذا / وهْو أيضاً من نَفْسِ بابِ الرِّباء
قال لم آمَنِ الحوادثَ فيه / فتراني مُخاطراً بالثّراء
صدَقَ الشّيخُ دون أن يُخرِج الفلْ / سَين من كفِه سُقوطُ السّماء
فاستُرِ الرقْعة الرّقيعةَ إمّا / لا وإلاّ فَرُدَّها في خفَاء
فكأنّي قَطّعتُ من حُرِّ وجْهي / ثُمّ سَطَّرتُها بماء بُكائي
قد بذلْنا فيها الحياء ولم تَنْ / جَحْ وهذا نهايةٌ في الشّقاء
كان فيما مضَى حَيائيَ منكم / فأنا اليوم من حيَائيَ حاء
قد كَتبنا إليكَ نَطلُبُ دِينا / رَيْن والرَّهْنُ قائمٌ بالإزاء
فعسى ما تَبيّنُ الياءُ والنُّو / نُ فَصحّفْتَها بلا استِقصاء
قلتَ هذا قد جاء يَطْلُبُ دارَيْ / نِ ومَن لي أنا بدُور العطاء
وتَحيّرتَ ثمّ قلتَ لعَمْري / إنّ ذا في حماقةِ الشُّعراء
فانتبِذْ باباً للخواطرِ واعَلمْ / أنّنا عارفون بالأشياء
ربّما كنتَ تُنزِلُ الضيّف في الدّا / رِ ولكنّه نور في الكِراء
سَيفُ عَينَيك عازمُ الانتضاء
سَيفُ عَينَيك عازمُ الانتضاء / ما يُرَى قاتلاً سوى الأبرياء
ولهذا تَضرَّجَتْ وجناتٌ / لك أضحَتْ مصَبَّ تلك الدّماء
إنَّ تَقبيلَ صُحْنِ خَدّك نُسْكٌ / فهْو إحدى مصارعِ الشهداء
يا غلاماً أضحى دليلَ وجودِ ال / خَصْرِ منه ثَباتُ عَقْدِ القَباء
عاقِداً من دلالهِ طَرَفَ الأص / داغِ يرنُو بمقلةٍ كحلاء
كلّما سَدَّ طعنةً في فؤاد / قال خُذها نَجلاءَ من خَوصاء
صادِقُ الفَتْكِ من بني التُرك مايطْ / مَعُ منه العُشّاقُ في الإبقاءِ
يَكسِرُ الجَفْنَ كلّما رام قتلى / وكذاك الأبطالُ يومَ اللِّقاء
أَيُّ ذمٍ لو كان فِعْلُك بالأح / بابِ هذا يا ريمُ بالأعداء
كيف يَسخو لنا بفعْلِ وفاءٍ / ذو لِسانٍ خالٍ من اسْمِ الوفاء
قاسم طول دهره القول ما بي / ن جفاء للصب واستجفاء
غير أنْ لا يزالُ سَيْلُ دُموعي / حاملاً للجَفاءِ حمل الجفاء
كيف يَصحو من سَكْرةِ التّيهِ بدرٌ / ما خلا فُوهُ قَطُّ من صَهْباء
قَمَرٌ لا أُطيقُ أُقمرُ منه / نظْرةٌ خوفَ أعيُنِ الرُّقَباء
ما يحاذيه زُجُّ طَرفيَ إلا / لم يَقُمْ كفُّ من الأعداء
أيّها الآمرِي بصّدِيَ عنه / كيف صدُّ العطشانِ عن صَدّاء
كم مُقامٍ تكادُ نارُ حياتي / تَنطفِي عنده بماء حيائي
هِمْتُ في واديَيْ عتابٍ وعِشْق / مذْ أُتيحَتْ عيناهُما لبلائي
رقَّ قلبي بحيث جامدُ خدٍّ / يَتَرَامَى إليه بالأهواء
أبداً بالحسانِ أهذِي ولا حسْ / وَ إذا ما تأمَّلوا في ارتِغائي
وإنِ ارتَبْتَ يا غلامُ بأمري / فاتْلُ وصْفي في سُورة الشُعَراء
لي لسانٌ عنانهُ بيدِ اللّهْ / وِ وقلْبٌ قد ذلَّ بعد إباء
لا تُكِذِّبْ إنِ ادّعيتُ سُلْواً / فصحيحٌ إلى العزاءِ اعتزائى
لم يدعْ في فؤادِيَ الدَّهرُ سُؤْراً / لهوى أغَيدٍ ولا غَيدْاء
أنا قِرْنُ الزّمان ما بَرِحَتْ نَفْ / سي مع النّائباتِ في هَيجْاء
قائداً عسكرَ القوافي إلى سُل / طان دهرٍ قد لجَّ في الاعتداء
طالباً للغنى وحَسْبُ غنىً في الدْ / دَهْرِ يُرجى منَالُه بعناء
كُلَّ يومٍ مُصَبَّحٌ أنا منه / بكؤوسٍ من الهمومِ مِلاء
واقفٌ حائرٌ وقُوفَ أخي العلْ / لَةِ بين الشِّفاء والإشفاء
حاقرُ الابتداءِ لو كنتُ منه / عارفاً ما يكونُ في الانتهاء
جَهَّلتَنْي الأكدارُ والماءُ ممّا / يُبْصَرُ القَعْرُ منه عند الصّفاء
كم إلى كم تُرى أُطوّفُ في الآ / فاق فوق الرّكائبِ الأنضاء
قَلقاً أُسرِعُ التّحوُّلَ في الآ / فاقِ والارتماءَ في الأرجاء
مثْلَ ظلِّي مُشرِّقاً في رواحٍ / كُلَّ يومٍ مُغرِّباً في اغتداء
مُمْسياً بين ناقةٍ ونَقاةٍ / من فَلاةٍ دَوّيّةٍ يَهْماء
مُبدلاً ساعدَ المليحةِ عَبْلاً / بذِراعِ المَطيّةِ الفَتْلاء
وطنُ قد عَمْرتُه من ظُهورِ ال / عيسِ ما إن أَمَلُّ فيه ثَوائي
وتَرْكتُ الأوطانَ تَهْوي لكي تظ / فَر بي إن عُدِدْن في الإفلاء
غيرَ أنّي قدِ اقتَنْيتُ من الغُرْ / بةِ يا صاحِ من خليلٍ صَفائي
كلّما غَيّبَ الحوادثُ عنّي / وجْهَ رأْيٍ ولم تُقمْه إزائي
عَرَّفَاني عواقبي وبمْرآ / تَين يُسطاعُ رؤيةُ الأقفاء
فأشارا عليّ نُصْحاً وقالا / ومن الرُّشدِ طاعةُ النُّصحاء
صاحِ إن أصبح الزّمانُ وأمسى / مائلاً ليس عُودُه ذا استواء
فارْجُ خيراً فكلُّ سَهْمٍ سديدٍ / خارجٌ من حنيّةٍ عوجاء
يُلصقُ الكفَّ بالثرى والثّريا / فَقْدُها أو وجودُها للثّراء
فارتَدِ اللّيلَ واسحَبِ الذَّيل منه / فوق صحْنِ الفلاةِ سحْبَ الرداء
إن سَئمتَ الأسفار يا صاحِ بُهْماً / فاخنَتمْها بسَفرةٍ غَرّاء
سائراً في عِصابةٍ لم يُلاموا / إن تحاشَوا مَنازلَ اللؤماء
كلُّ سارٍ سَرى لمعْراج سُؤْلٍ / يَبتغيه على بُراقِ رجاء
بمطايا مثْلِ الحنايا لها الرَّكْ / بُ سهامٌ قد سُدّدَتْ للمَضاء
والأكفُّ الأفواقُ والجدُلُ أو / تارُ منها والسّيرُ مثْلُ الرِماء
وسَعيدٌ لها هو الغَرضُ الأقْ / صى لنيلِ الغِنى ونيْلِ الغَناء
ماجدٌ تُصبحُ الوفودُ إليه / كلما استُقبلوا سدادَ الفضاء
فإذا توخّوا الركائب حلّوا / في فسيحٍ رحْبٍ من الأفناء
فهمُ يشتكون ضِيقَ الفلا عن / هم ولا يَشتْكون ضِيقَ الفِناء
حاوَلُوا الكَسْبَ من جزيلِ ثراء / فيه فاستبضَعوا جميلَ ثَناء
ويسيرٌ على نَداهُ لوفْدِ ال / حمْدِ جوداً تَبديلُ نُونٍ براء
أصبُحُوا عامدِينَ من عمْدةِ الدّي / ن كريماً فرْداً من الكُرماء
اسْمُهُ وصْفُ مَن يَراهُ وما الأو / صافُ إلاّ تَوابعُ الأسماء
أصبح الأصلُ طاهراً فغدا الفَرْ / عُ سَعيداً من ذلك الانتماء
وإذا ما الأطهارُ كانتْ أُصولاً / لم تُفرّعْ منها سوى السعَداء
أيُّها الأوحَدُ الّذي مثْلُه العن / قاءُ في العزّ لا بَنو العَنقاء
طبْت فَرْعاً إذ طاب أصْلاً أبوك ال / قْرمُ ذو المكرُماتِ والآلاء
وبلوغُ العلياء امتَعُ للأب / ناء في ظلّ عيشةِ الآباء
فاسْلمَا أسبغَ السلامةِ في ظلْ / لِ العُلا وابْقيا أمَدَّ البَقاء
أنتُما ذلك الذي نَطق القُرْ / آنُ عنه من دَوحةِ العلياء
أصلُها ثابتٌ كما ذكَر اللّ / هُ تعالى وفَرعُها في السّماء
من قَبيلٍ بالشّرْعِ يُدْلُون سَجْل ال / حَقِّ عَزْماً بلا رِشاءِ ارْتشاء
هُم أَجَلُّ الحُكّام في دولةِ الإس / لامِ والجاهليّةِ الجَهْلاء
هَرِمٌ كان قبل أن هَرِم الدّه / رُ له في العبادِ فَضلُ القَضاء
قبل ذا الدّينِ كان ذلك دِيناً / لَهمُ ظاهراً بغَيرِ خَفاء
فنَشأتُم عليه طَبْعاً ولا يُشْ / بِهُ طَبْعاً تَكلُّفُ الأشياء
مَن رأى ما رأيتُ في ليلة العي / د وهُم واقفون عند التّرائي
عقَدتُ في الشروق كفُّ الثريّا / ستّةً قد طلعْنَ عند العشاء
حين خطَّ الهلالُ في المغرب نوناً / من ثلاثينَ قد سَبقْن ولاء
قلتُ هذا لصَوْمِ ستّةِ شَوّا / لٍ مُثيراً قد بان بالإيماء
أيْ إذا صُمْتَها فقد صُمْتَ عاماً / كاملَ النُّسك بينَ ماضٍ وجاء
هِيَ عِيرٌ مقْطورةٌ فَصَلَتْ لِلْ / لهِ مَذخورةٌ ليومِ الجزّاء
فتغَنّمْ عِلاوةً لرسولِ اللْ / لهِ نيطَتْ من سُنْةٍ بَيضاء
فقْه دهْرٍ أبداهُ من طُولِ ما عِنْ / دك يُلفَى تَناظُرُ الفُقَهاء
واللّيالي ما أهلّتْ في زمانٍ / قبلَ هذا لولاك للإفتاء
أنت أهدَيتَها بزُهْرِ مَعالي / كَ فأبدَتْ أمثالَها للرّائي
إنّما أنتَ مُذْ طلَعْتَ عليها / غُرّةٌ أُهدِيَتْ إلى دَهْماء
صُمْ وأفطِرْ ما كُرِّرَ الصّوم والفِطْ / رُ عزيزاً تَعيشُ في النَّعْماء
ما سَقَتْ خدَّ روضةٍ دّمْعَ قَطْرٍ / ساجمٍ عَينُ دِيمةٍ وَطْفاء
يا أبا الفَتْحِ دعوهٌ تَملأ الأرْ / ضَ فُتوحاً من يُمْنِ ذاك النّداء
لك فَتْحانِ للَّهى بالْلُها جوُ / داً وللمُشكلات بالآراء
فابْق في العزّ مُغْنياً حُلَلَ الأيْ / يامِ بين الإجدادِ والإبلاءِ
نائباً عن أبيك في بَثِ نورٍ / يَمْلأُ الأرضَ دائماً بالضّياء
ما رأى النّاسُ هكذا كُلَّ يومٍ / عن ذُكاءٍ نيابة بن ذُكاء
عشْ لِنْصرِ الهُدى بخَفْضِ الهَوادي / من أعادٍ والرّفعُ للأولياء
في نعيمٍ باقٍ بغَيرِ انقطاعٍ / وقَضاءٍ عَدْلٍ بغَيرِ انقضاء
جَذلاً في بني أبيك مُقيماً / في الذي شئْتَ من سناً وسَناء
فلأنتُم ولا افترقْتُم نُجومٌ / وُضعوا منه في سماءِ عَلاء
قد تَعالَتْ تلك الأكُفُ عنِ الأك / فاء بل عن نَواظرِ النّظراء
لا ينالُ الأقوامُ إلاّ نُزولَ الرْ / رزِق منها أو ارتقاءَ الدُّعاء
قُل لذُخْرِ الإسلامِ يا أيها الفا / رِجُ عنه للكُرْبةِ السّوداء
يا غماماً من الندى وهْو بالرَيْ / يِ وبالبِشْرِ كاشفُ الغَمّاء
طودُ حِلم لكن يهبُّ هُبوبَ الرْ / رِيح جوداً إذا احتَبى للحِباء
كاملُ الفَضْلِ والنهى وهْو ينْمى / هل رأَيتُم تكاملاً في نماء
وأخو سيرةٍ إذا وصَفوها / للرّعايا حَسناءَ لا خَشْناء
أوْطأته عُليا فزارةَ من قَب / لِ حَصى الأرض مفرِقَ الجوزاء
ورِعُ النّفسِ ما رأى اللهُ حُوباً / قطّ منه يدورُ في حَوباء
كأُويسٍ إذا دعا في تُقاه / وإياسٍ إذا قضىَ في الذّكاء
قلْ لِمنْ صار جاهُه ذا نِصابٍ
قلْ لِمنْ صار جاهُه ذا نِصابٍ / كاملٍ وهْو واجِبُ الالتفاتِ
واجبٌ أن تَخافَ جَيْشَ أبي بَكْرٍ / إذا كنتَ مانعاً للزّكاة
قَرّبا لي يا صاحبيّ بعيدا
قَرّبا لي يا صاحبيّ بعيدا / وذَراني حتّى أَهيمَ وحيدا
ليس خَطْباً لو تُسعِداني عظيماً / أن تَعوجا لمُغْرَمٍ وتَعودا
ما تَجاوزْتُما المعاهِدَ إلاّ / إن تَناسَيْتُما بهِنّ العُهودا
فاحْبِسا العيسَ لا أَجَلْنَ نُسوعاً / تحتَ رَكْبٍ ولا حَملنَ قُتودا
بَلِّغاني منازلَ الحَيِّ أسألْ / ها متى فارقَتْ دُماها الغِيدا
واستَدِلاّ على الحمى نَشْرَ مِسكٍ / من مَجَرِّ الحسانِ فيه البُرود
وانْشُدا في ديارِهم تَجِدا لي / ثَمّ قلباً من الهوى مَعْمودا
إنّما أَصبحَ الفؤادُ فَقيداً / يومَ لم يَتْبَعِ الغرامُ فقيدا
أنشدَتْنا وُرْقُ الحمائمِ عند الصْ / صُبْحِ من شِعْرِها القديمِ قَصيدا
قَوّمَتْ وزْنَها وإن لم تُعلَّمْ / من عَروضٍ طويلَها والمديدا
وتَغنّتْ بكلِّ مَنظومةٍ عَجْ / ماءً تَجلو معنىً وتَحْلو نَشيدا
ما ابتدَتْها لكنْ إذا درسَ الشَّو / قُ فؤادي كان الحَمامُ مُعيدا
ظَلْتُ أهوى القدودَ وهْي من الأغ / صانِ تَعلو ما ظَلَّ يَحكي القدودا
أنكرتْ أنّني أَبِيتُ مَشوقاً / وكفَى الصَّبَّ بالنّجومِ شُهودا
يَشهَدُ النّجمُ أنّ طَرْفيَ طُولَ الْ / لَيلِ يُمسي بسَيْرهِ مَعْقودا
كلّما زادَ سِر وجْدي ظُهوراً / لابنةِ العامريِّ زادَتْ جُحودا
سال وادٍ مِنّى على النّحْرِ لمّا / قال وَشْكُ النّوى لعَينيّ جُودا
وكأنَّ الحبيبَ يومَ وداعي / ودُموعي للبَيْنِ تَحْكِي الفَريدا
عَلَّقَ العِقدَ فوق خَدِّي وأوصَى / أن يُخلَّى كذاك حتّى يَعودا
مَوقِفٌ ضَمَ شائقاً ومَشوقاً / لفِراقٍ وجازِعاً وجَليدا
ووُجوهاً غرائبَ الحُسْنِ بِيضاً / خَشِيَتْ رِقْبةً فأبدتْ صُدودا
من مَهاةٍ تُديرُ في النُقبِ عَيناً / وغزالٍ يَمُدُّ في الحَلْيِ جِيدا
رشَأٌ راقَني وأعمَلْتُ فِكْري / كيف أَصطادُه فكنتُ المَصيدا
حُبُّ تلك الخدودِ عَفَّرَ منّا / حين ساروا وسْطَ الطُّلولِ الخُدودا
وليالٍ جُعلْن بِيضاً وسُوداً / جعلَتْ عارِضَيَّ بِيضاً وسودا
مُستزيداً لِما أتانيَ منها / ولِعَهْدِي بِما مضَى مُستَعيدا
قلتُ للغيثِ حين أخلَى من الأرْ / ضِ وأبلَى بعد الخُلُوِّ زرودا
حين سار الخليطُ منها انتِجاعاً / كرَّ في إثْرِهم يُعفّي الجَديدا
شُقْتَهم نائياً وجُرْتَ أخيراً / فلعَمْري أَسأْتَ بُخْلاً وجُودا
لو تَعلَّمْتَ من يمينِ سديدِ الدْ / دولةِ الجُود لاغْتديْتَ سديدا
ولخَلَّفْتَ حين سِرْتَ ثناءً / ولأصبحْتَ كيف دُرْتَ حميدا
ماجِدٌ شُرِّفَتْ معاليهِ حتّى / جاوزتْ في عُلُوِّهنّ الجُدودا
جَلّ نَفْساً وجَلّ أَصْلاً فحاز ال / مجْدَ طُرّاً طريفَه والتّليدا
شادَ مجداً واللّهُ قِسمةَ عَدْلٍ / قَسَم النّاسَ سَيِّداً ومَسودا
جمع اللّهُ فيه ما لا يَرى النّاسُ / شبيهاً فيه له ونَديدا
أدباً كاملا وأَصْلاً كريماً / وندىً شامِلاً وبأْساً شديدا
يَحفَظُ الدِّينَ والمروءةَ في كُلْ / لِ مُقامٍ حِفْظَ العِقالِ الشَّرودا
وهما جانبانِ حِفْظُهما إلْ / لا لقَومٍ لا بُدَّ من أن يَؤودا
حَسَنُ العَهْدِ ليس يَرضَى بأنْ نَفْ / قِدَ يوماً إحسانَه المَعْهودا
فهْو يزدادُ من أخيهِ دُنُوّاً / كلّما نال من عُلاهُ مَزيدا
يَشمَلُ الآمِلين بالكرمِ الغَمْ / رِ وظِلُّ العُلا يكونُ مَديدا
كلّما حاذَروا طَوارقَ دهْرٍ / أَيقظُوهُ وباتُوا رُقودا
وإذا ما انتَدى رأيت وقوراً / يُمسِكُ الأرضَ حِلْمُه أن تَمِيدا
فعَوالي الآراء منه نُجومٌ / بات للمُلْكِ كلّهنّ سُعودا
وبيُمناهُ للخلافةِ ماضٍ / يَنثُرُ الدُّرَّ جائداً ومُجيدا
قلَمٌ ما يزالُ يُردِي عَدُوّاً / بشَبا حَدّهِ ويُعْلي وَدودا
اصطفاهُ بيتُ النّبوّةِ كي ين / طِقَ عنه مُؤيَّداً تَأْيِيدا
فهْو تُوحَي إليه آياتِ مَغْزا / هُ فيُبْدي إلى الكتابِ سُجودا
واذا سَدَّد الكُماةُ قَناهم / بين آذانِ خَيلِهم تَسْديدا
واستُلِذَّ الردى ويَعتَدُّ قومٌ / عدمَ النّفْسِ في المعالي وُجودا
بين سُمْرٍ في الرَّوعِ يَحشِين أَحشا / ءً وبِيضٍ منهم يَرِدْن الوَريدا
نَفَرٌ تحسَبُ القِسِيَّ ضُلوعاً / لهمُ الدّهرَ والدُّروعَ جُلودا
كلُّ ذِمْرٍ يُطاوِلُ الرُّمحَ باعاً / فهْو ما إنْ يَصِيدُ إلاّ الصِّيدا
وغلامٍ إذا بدا فوق مُهْرٍ / خِلْتَهُ فوق مَتْنِه مُوْتودا
رَدّ أرماحَهم بأُنبوبةٍ عَجْ / فاءَ مَبرِيّةٍ وفَضَّ الجُنودا
وكفَى كلَّ خُطّةٍ من ليالٍ / ذِكْرُ أهوالِها يُشيبُ الوَليدا
بلسانٍ إذا جَرى ذي بيانٍ / يَرقُبُ الخَلْقُ وعْدَه والوعيدا
تارةً يُطْفِيءُ الحروب وطَوْراً / للأعادي يَزيدُهنّ وُقودا
يَنتضيهِ للمُلْكِ كفُّ بليغٍ / يَدعُ الطِّرْسَ منه روضاً مَجودا
كم على النُّجبِ من معاشرُ أَنجا / بٍ يَقودون للمَطالبِ قُودا
والمطايا نَواحلٌ قد طَوتْها ال / بيدُ ضُمْراً ممّا طَوين البِيدا
حاملاتٌ إلى ذُراهُ وفوداً / في ذُراها أو راجعاتٌ وفودا
نظَموا العيسَ في الأزمّةِ نَظْمَ الدْ / دُرِّ في السِلْكِ نُضِّدتْ تَنْضِيدا
جَعلوها قلائدَ البِيدِ لا يُخْ / لون منهنّ جِيدَها تقْليدا
كلّما ألقتِ الفلاةُ عُقوداً / في ذُراها منهم كسَوها عُقودا
وإذا أَبدأوا إليه أَعادوا / صَدَراً ليس يَنْقَضي ووُرودا
فتَراهم كأنّهم نَفَسُ الحَيْ / يِ دواماً مُردَّداً تَرْديدا
قاصِدي ماجدٍ إذا قصَدوه / بَلَغوا من نَواله المَقْصودا
ورَّثَتْهُ العلا مُلوكٌ كرامٌ / مَهّد الدّهرُ مُلْكَهم تَمْهيدا
وهمُ القومُ سائدون جُدوداً / للبرايا وصاعدونَ جُدودا
كُلّما جَرَّدوا ظُبيً من غُمودٍ / بُدِّلَتْ من طُلي المُلوكِ غُمودا
وإذا دبّروا الممالك بالرأْ / يِ وقد همَّ كائدٌ أَن يكيدا
شَدَّدوا الأمرَ والمُدبِّرُ يُلْفَى / كاسْمِهِ حين يُسْلَبُ التّشْديدا
يا أَبا عبد اللهِ قد مَرَّ لي عن / ك زمانٌ أَصبحتُ فيه مَذودا
صَحَّ فيه وُدِّي وإن مَرِضَ الجِس / مُ وما حِدْتُ عن هواك مَحيدا
مَرْضةٌ وسْطَ غُربةٍ في بلادٍ / تركتْني من بينِ صَحْبِي فَريدا
فإذا ما نظَرْتُ لم أر حَولي / عائداتي إلاّ هُموماً حُشودا
كنتُ كالماء لي وكنتُ أنا الظّمْ / آنَ يَلْقَى سَبيلَه مَسْدودا
وإليك ارتحلْتُ من قَطَنِي النّا / زِحِ أزْجي بالشِّعْرِ حَرْفاً وخُودا
لم أزُرْ غيرَكم ولو لم أجِدْ ما / ءً تَيمّمْتُ بالفلاةِ صَعيدا
والّذي بيننا يَجِلُّ عنِ الإذْ / كارِ فاحفَظْ ذاك الذّمامَ الوكيدا
بي عَناءٌ ولى لديك اعِتناءٌ / لم يَزلْ لي إذا طَلبْتُ عَتيدا
هاكها عذْبةَ المقاطعِ يَحْكِي / كلٌّ بَيتٍ منهنّ ثَغْراً بَرودا
فاتّخِذْها لجِيدِ عُلياكَ عِقْداً / لا تَرى في نظامهِ تَعْقيدا
وانتقِدْها انتقادَ صَفْحٍ فكم جُوْ / وِزَ صَفْحاً ما لم يَكُنْ مَنْقودا
كم تَرى لي ما لا أقولُ مُجِيداً / فتَرى من تَكَرُّمٍ مُستَجِيدا
فأعِدْ بالعنايةِ النّظرَ العا / ليَ واردُدْ بالغَيظِ عنّي الحسودا
وتغَنّمْ صَوماً جديداً أتَى نَح / وك يَسعَى شَوقاً ويوماً سَعيدا
هو صومٌ وافَى ووجْهُك عِيدٌ / هل رأيتُمُ صَوماً يُفارِقُ عِيدا
فالْقَ أمثالَ ذاك وابقَ بلا مِثْ / لٍ جَزيلَ اللُّها مُفيتا مُفيدا
أضحَتِ الأرضُ جنّةً بك للنّا / سِ سُروراً فلا عَدِمْتَ الخُلودا
كلّما اشتَقْتُ يا خَليلَيَّ نَجْدا
كلّما اشتَقْتُ يا خَليلَيَّ نَجْدا / عَنَّ صَرْفُ الزّمانِ فازدَدْتُ بُعْدا
كلَّ يومٍ أزيدُ بالقلبِ إقْبا / لاً عليه يَزيدُ بالوجْهِ صَدّا
فمتى نَلْتَقي ونحن على ذا / أَيَّ قُرْبٍ رُمْنا إلى البُعْدِ أَدّى
قد بلَونا الهوى وكان شديداً / ولَقِينا النّوى فكان أَشَدّا
ووصَلْنا الحنينَ لو جَرَّ نَفْعاً / وأَدَمْنا البكاءَ لو كان أَجْدى
وقطَعْنا البلاد سَهْلاً وحَزْنا / وَبرَيْنا الرِّكابَ حَلاً وشَدّا
وانتظَرْنا الزّمانَ يوماً فيَوْماً / واعتنَقْنا الخطوبَ وَفْداً فَوفْدا
كُلُّ شَيءٍ لَقِيتُه دونَ نَجْدٍ / حين يَمَّمْتُه ولم ألْقَ نَجدا
غُربةٌ لم تدَعْ من العزْمِ فَضْلاً / ونوىً لم تدَعْ معَ العيسِ جَهْدا
غَرْبةُ الجَدِّ أَينَما أَتوجَّهْ / من تمادِي أيّامِها أَلْقَ سَعدا
إنْ تَعدَّى بها الزّمانُ علينا / فعلَى كم هذا الزّمانُ تَعَدّى
لا تَلُمْهُ فاللّومُ ينجَحُ في الحُرْ / رِ وكان الزمانُ مُذْ كان وَغْدا
يَصِلُ المالَ بالهوانِ لراجي / هِ وكان الهوانُ للحُرِّ طَردا
وأخو الهِمّةِ الأبيّةِ فيه / من بنيهِ يَختارُ عِزّاً وجُهدا
أيّها الرّاكبُ المُغِذُّ مُجِدّاً / وأَراه لعهدِ نجدٍ مُجِدّا
قُلْ لنجدٍ عنّا سقَى اللّهُ نجداً / قولَ مَن ضَمَّ منه في القلبِ وَجدا
أَنت والسّاكنوك فيما عَهِدْنا / هِجْتُما لي جوىً أعادَ وأَبدا
فإذا ذُمَّتِ العهودُ فإنِّا / ما ذمَمْنا منهم ولا منكَ عَهدا
فرعَى اللّهُ ذلك العهدَ عَهدا / وأَرى اللّهُ ذلك الحَيَّ سَعدا
وكسا اللّهُ ذلك العهَدَ رَوْضاً / وكسا اللّهُ ذلك الرَّوضَ وَرْدا
رُبَّ مُستَجهلِ العواذلِ فيه / بتُّ منه بمقلةٍ ليس تَهدا
قَمرٌ بِتُّ ساهراً فيه حتّى / كدْتُ أُفْني له الكواكبَ عَدّا
لو بخَدِّي منه يكون غليلي / لأبتْ مُقلتايَ أن تَتندّى
لم يكن قبلَ يُنجِزُ الوَعْدَ حتّى / أَنجَز الدهرُ منه للبَيْنِ وَعدا
جاء يومَ الوداعِ يُنشِدُ فيه / ما ترَى العيسَ في الأزِمّةِ تُحْدى
وبدا للنّوَى به مثْلُ ما بي / كم هوىً كان لازِماً فتعَدّى
وتقاضَيتُه وداعاً ولَثْماً / ليكونا لنا سلاماً وبَردا
فتأبَّى واعتادَه خجَلٌ أَل / هبَ منّي ومنه قلباً وخَدّا
ثُمَّ ولّى كالغصْنِ في مَرَحٍ يَفْ / تِلُ منّي ومنه جِيداً وقَدّا
بعد ما أَنفذَ الحشا بجفونٍ / سحَر القلبَ طَرْفُها حين ردّا
فكأنَّ الأستاذَ قابلَ عينَيْ / هِ بسِحرِ البيانِ منه فَأعْدى
الأديبُ الذي حوىَ الفضلَ طُرّاً / والرْئيسُ الّذي علا الخَلْقَ مَجدا
والجوادُ الّذي كفَى الفضلَ رِفْداً / والغمامُ الذي سقى الأرضَ عِدّا
كُلُّ مَن مَدَّ في الفصاحةِ باعاً / حَدَّ منها له ذوو الفَهْمِ حَدّا
وأَبو إسماعيلَ إن قال فَصْلاً / ببني إسماعيلَ طُرّاً يُفَدّى
أَجمَعتْ في البسيطةِ العُرْبُ والعُجْ / مُ على أَنّه تَوحَّد فَردا
لم تكُنْ يَعرُبٌ لِيُعْرِبَ عنها / معه النّاسُ أو يَعُدُّوا مَعَدّا
هو أَهدَى فِكْراً وأَشرَفُ ألفا / ظاً وأعلَى رأياً وأثقَبُ زَنْدا
ذو كلامٍ تقولُ يُختارُ لفظاً / عنده لو تَراه يَشتارُ شُهدا
الأجلُّ الأجلُّ يختارُ منه / حين يختاره الأسدّ الأسدّا
إن يشأْ عند ذاك يَنثُرُ دُرّاً / أو يشَأْ بعد ذاك يَنظِمُ عِقْدا
بِدَعٌ لم تَدعْ لوُسْعِ بليغٍ / صَرْفَ حَرْفٍ له بآخرَ نَقدا
مُعجِزاتٌ للنّاطِقين فلولا / ما لَهُ من ديانةٍ لتَحَدّى
يَبْتَني رُتبةً على كلِّ حالٍ / لِوَلّيٍ لها ويَكْبِتُ أَعدا
ويُمِدُّ الوزيرَ منها بنَصْرٍ / فيكونُ الرُّكنَ الأعزَّ الأشَدّا
فبِها زادَهُ على النّاسِ قُرْباً / وبها خَصَّهُ من النّاسِ وُدّا
وبإصْفائهِ إذا القومُ خانوا / وبتَدبيرِه إذا الأمرُ جَدّا
وبآرائه إذا ما استُضيئتْ / وبأقلامِه إذا ما استمَدّا
مَأثُراتٌ ما إن يُرَى حين تَتْلو / لك فيها نِدّاً ولا منك بُدّا
أيّها الماجِدُ الّذي فاقَ مَجْداً / والفتى الواهبُ الّذي طابَ وِرْدا
لي بسامي عُلاك إدْلالُ مثْلِي / إذ تلَقّيتُ في اعتمادِك رُشدا
لا بأنّي عَمِلتُ فيك قصيداً / بل بأَنّي أَعملْتُ نحوَك قَصدا
أنا مِمّن عشا إلى ضَوء آدا / بِك في العالمِين حتّى تَهَدّى
واقتدَى بالّذي رُوِي لك من شِعْ / رِك حتّى صار المُجِيدَ المُفَدّى
وسما طَرْفُه إليك من الشّو / قِ ولكنْ كانتْ لياليهِ نُكدا
فتعاطَى لك السُّرَى بعدَ لأْيٍ / وتجافَى لك الكرَى واستعَدّا
حمَل الحمدَ نحوَ بابِك فوق ال / عيسِ حتّى هدَى إليك وأَهْدى
يَفتِكُ الدّهرُ بي لأدنَى مَعاشٍ / رَخُصتْ مُهجتي على الدّهرِ جِدّا
فاغتَنِمْها من فُرصةٍ وانتهِزْها / تَستدِمْ لي ما ساعدَ العُمْرُ حَمدا
وتدارَكْ نَفْسي بها من يَدِ الأيْ / يامِ من قَبْلِ أن تَفوتَكَ فَقْدا
واصطَنِعْني بها فلم أر كالحُرْ / رِ تَراه لدى الصَّنيعةِ عَبدا
وارْعَ ما بيننا منَ الأدبِ المُدْ / ني وإنّ كنتَ أنت أعلى وأَهْدى
وابْقَ حتّى تكونَ مع كُّلِّ مولىً / لك عَوْناً على الزّمانِ وَردّا
وتَمتّعْ بلذّةِ العيشِ رَغْدا / وتعَجّلْ في عَهْدِ دُنياكَ خُلْدا
وإذا ما أعارَك اللّهُ منه / ثوبَ عُمْرٍ أمِنْتَ أن يُستَرَدّا
أنت للعيِد وهْو للنّاسِ عيدُ
أنت للعيِد وهْو للنّاسِ عيدُ / صاحبٌ مُسعِدٌ ويومٌ سعيدُ
إنّما تَسعَدُ الأنامُ لعَمْرِي / بالّذي تَستمِدُّ منك السُّعود
وعلى ذاك فاغتنِمْه نزيلاً / فهْو بينَ الأنامِ يومٌ جَديد
لك فيه وبَعْدَه كلَّ يوم / فَرحٌ طارِفٌ وعزٌّ تليد
ولك الدّهرُ إنْ رضِيتَ غلامٌ / ولك النّاسُ ان قَنِعْتَ عَبيد
كعبةٌ أنت والفِناءُ مَطافُ / واليدُ الرُّكنُ والحجيجُ الوُفود
فتحاياكَ مِدْحةٌ وثناءٌ / وضحاياك كاشِحٌ وحَسود
ومَساعيك للزَّمانِ حُلِيٍّ / وأياديك للكرامِ قُيود
عَرصاتُ كأنّها عرَفاتٌ / مِلْؤُها العُرْفُ والفَعالُ الحَميد
واسعاتٌ معَ اتّساعِ العطايا / فهْي بِيدٌ تُطوَى إليها البِيد
يا أَميناً للدّولتَيْن فكُلٌّ / لِذُراها برأيه التّشْييد
ماجِدٌ خصَّهُ بكُلِّ عَلاءٍ / واصطفاه ربُّ العلاء المَجيد
فيه حَزْمٌ وفيه للخَطْبِ عزْمٌ / فهوْ في عسكَريْنِ وهْو وحيد
كيف لا تَحْتمي جوانبُ مُلْكٍ / وله دونَهُنَّ هذي الجُنود
ثاقبُ الرأي لم يَخِبْ قاصدٌ منْ / هُ بحالٍ ولم يَفُتْ مَقْصود
في يدِ الدّولةِ العزيزةِ منه / أَبدَ الدّهرِ سَهْمُ رأيٍ سديد
فبِه لا يَزالُ يُصْمَى عَدُوٌّ / وبه لا يزالُ يُحمَي وَدود
وأَمامَ الإمامِ يُضْحي ويُمسي / بحُسامينِ وهْو عنه يَذود
قَلَمٍ يَقلِمُ الخطوبَ ورأْيٍ / بِهما يُبْدِيءُ العُلا ويُعيد
في نَواصي كِلَيْهِما للبرايا / كلُّ نُجْحٍ لمَطْلبٍ مَعْقود
قَلّدَتْه يدُ الخليفةِ تَخْصي / صاً وفخْرٌ في مِثْلِه التَّقْليد
وتَناهَى له إلى الأمَد الأق / صَى من النُّصح فهْو لا يَستَزيد
والمَراضي المُسترشِديّةُ لا يُد / رِكُ غاياتِهنَّ إلاَّ رَشيد
كم وفَى الّرأْيُ منه للقوم دَيْناً / حين ذُمّتْ من الرّجالِ العُهود
وكفَى المُلْك كلُّ طارقِ خَطْبٍ / كشفَتْ سِرَّها إليه الغُمود
وشَفاهُ مِمّا شكاهُ فأَمْسَوا / وهمُ دون ما أَرادوا هُمود
بين باغ والرُّمحُ حَشْو حَشاهُ / وعَدُوٍّ وَريدُه مَوْرود
ففَداهُ مَنْ لا يَنالُ مَداهُ / في عُلاهُ وللمعالِي حُدود
يا ابنَ عبدِ الكريم يا مَنْ غدا عِقْ / داً من المكرماتِ والدّهرُ جِيد
بك أمسَتْ لَيْلاتِيَ السّودُ بِيضاً / في زمانٍ أيّامُه البِيضُ سُود
أنا أشكو إليكَ يا مُشتكَي الأح / رار دَهْراً في خُلْقِه تَنْكِيد
قَبضَتْ خَطْويَ الهمومُ فمِنْ قل / بي لرِجْلي في منزلي تَقْييد
وعلى أنَّني أُقِلُّ حُضوري / فلك القَصْدُ بالهَوى والقَصيد
وفِراري إليكَ إن راب يومٌ / وبِلالي عليك إنْ جَفّ عُود
لك شُكْري وليس كلُّ لِسانٍ / ناشرٍ شُكْرَ مثْلِه مَحْمود
شمِلَ الغيثُ كلَّ عُودٍ بسُقْيا / هُ ولكنْ ما طاب إلاّ العُود
فأعِدْ نظرةً إلى عُلَقي أُخْ / رى وللفضل مُبْديءٌ ومُعيد
قبلَ أنْ يَبعُدَ القريبُ من الدّا / رِ يُقَرّب من المَرامِ البعيد
فإذا عشْتَ فالدّيارُ جِنانٌ / لذوي الفضْلِ والحياةُ خُلود
زِدْ بأيّامِك ابتهاجاً ومنها ال / عِيدُ باليُمْنِ واحدٌ مَعْدود
عيدُ نَحْرٍ وافاك عُطْلاً ومن رِفْ / دِك وافَى في النّحْرِ منهُ عقود
وافدٌ لا يزالُ بالسّعْد منه / صَدرٌ ليس يَنْقَضِي ووُرود
أنت في الدَّهر لا تزالُ مُقيماً / وهْو يَمضي مُردَّداً ويعود
أبداً تَستَجِدُّ منهُ بُروداً / تَكْتَسيهنّ حين تَبلَى بُرود
فالْقَ أمثالَهُ فَمِثلَك لم يَلْ / قَ وإن راقَه الجُموع الحُشود
هل رأى العيدُ قَطُّ قبلَك مَولىً / كُلُّ معنىً في جودِه مَوْجود
وجْهُه المُستَهلُّ والأنملُ العَشْ / رُ ففي كُلِّ لحظةٍ منه عِيد
ناحِراً للعُداةِ حتّى لوَحْشِ ال / بيد أيضاً بلَحْمِهم تَعْييد
يَقتُلُ الحاسِدين قَتْلاً نَداهُ / ويُرجّى قِراهُ نَسْرٌ وسِيد
فله في مواقفِ الجُود بَأْسٌ / وله في مَواقِف البأْس جُود
عشْ عزيزاً مُحقِّقاً ما تُرجِّي / في اللّيالي مُبلَّغاً ما تُريد
رائياً في ابْنكَ النّجيب من الآ / مال ما قد رأَتْه فيكَ الجُدود
كيف لا يَفْرِسُ المعاليَ شِبْلٌ / رشّحَتْه لَهُنّ تلك الأُسود
يا أبا عبدِ اللهِ دام لك اللّ / هُ مُعِيناً وحاطَك التّأييد
كلّما أمَّل الحسودُ لِنُعْما / ك انتِقاضاً أُتيحَ منها مَزيد
فوق وُسْعِ الورى بلَغْتَ من العِزْ / ز وللمجدِ بَعدُ فيك وُعود
هاكَ عَهدي فَلا أَخونُكَ عَهداً
هاكَ عَهدي فَلا أَخونُكَ عَهداً / يا مَليحاً لَدَيهِ أَمَسيَتُ عَبدا
لا وَحَقِّ الهَوى سَلوَتُكَ يَوماً / وَكَفى بِالهَوى ذِماماً وَعَقدا
إِنَّ قَلبي يَضيقُ أَن يَسَعَ الصَب / رَ لِأَنّي فَنَيتُ عَظماً وَجِلدا
وَفُؤادي لا يَعتَريهِ هَوى الغَي / رِ لِأَنّي مَلَأتُهُ بِكَ وَجدا
يا مَهاةَ الصَريمِ عَيناً وَجيداً / وَأَخا الوَردِ في الطَروَةِ خَدّا
وَشَقيقَ الخَنساءِ في الناسِ قَلباً / وَقَضيبَ الأَراكِ ليناً وَقَدّا
كَيفَما كُتتَ لَيسَ لي عَنكَ بُدٌّ / فَأَبِعني وُدّاً وَإِن شِئتَ صَدّا
وَمَلَكتَ الفُؤادَ مِنِّيَ كُلا / فَاِتلِفَن ما أَورَدتُ هَزلاً وَجِدا
يا لَيالي الوَصلِ كَم لَك عِندي / خَلَواتٌ مَعَ الغَزالِ المُفَدّى
كَم جَنَينا ثِمارَكَ وَهيَ عِندي / مِن يَدٍ كانَ شُكرُها لا يُؤَدّى
فَسَقَتكَ الدُموعَ مِن وابِلِ الغَي / ثِ مَديدَ البِحارِ جَزراً وَمَدّا
وبكَتْكِ دماً عُيوني من دمْ / عي بديلاً فهُنّ أغزرُ وِرْدا
هل لِماضيكَ عَودةٌ فلقد آ / نَ جَمالُ الحبيبِ أَن يَتَبدّى
أحضَر اللّيلُ منك عِقْداً وثَغْرا
أحضَر اللّيلُ منك عِقْداً وثَغْرا / حين وَلّى ليُعقِبَ الوَصْلَ هَجْرا
وأَردْتُ اختلاسَ قُبلةِ تَودي / عٍ وكُلٌّ في ناظري كان دُرّا
فتَحيَّرْتُ أحسَبُ الثَّغْرَ عِقْداً / من سُلَيمى وأحسَبُ العِقْدَ ثَغْرا
ولثَمتُ الجميعَ قَطْعاً لِشَكّي / وكذا يَفعَلُ الّذي يتَحَرّى
ولعَمْري ما الدُّرُّ كالثّغْرِ من سَلْ / مى ولكنْ طَرْفي أساء فغُفْرا
سحَر الطّيفُ ناظِريَّ فلمّا / نفَث الصُّبحُ حَلَّ ذاك السِّحرا
مَن رأَى قَطُّ بين ماءٍ ونارٍ / لخيالٍ في آخِر الّليلِ مَسْرى
مثْلَ طيفٍ قد زارني منك وَهْناً / وفؤادي حَرّانُ والعينُ عَبرى
بأبي مَن إذا تَقدَّمُ رِجْلٌ / لي إلى وَصْلِه تأخّرُ أُخرى
وإلى وجهِه إذا سافَرَ النّا / ظِرُ منّي خاف الغَيورَ فَورّى
كلّما عاد منه عندَ ادِّكارٍ / بَحّر الشّوقُ مُقْلتي فيه بَحرا
يومَ وافَى يَجُرُّ للحسنِ جَيشاً / قال لي قائل سَلِ اللهَ صَبرا
قلتُ دَعْني فجفْنُه الآن يَنضو / سيفَ لحظٍ فيقتلُ الصّبَّ صَبْرا
يا غزالاً إذا تَبسّمَ قُلنا / رَوضةٌ أَصبحتْ تُفتِّقُ زَهرا
ذابَ قلبي لثَغْرِه هل رأيتُمْ / بَرَداً قبلَهُ يُذوِّبُ جَمرا
لستُ أَنساهُ حين لاح لعيني / وهْو كالظّبْيِ يَنصِبُ الجيدَ ذُعرا
في نِطاقٍ مُفصَّلٍ من عيونٍ / وقلوبٍ كَسْوها منه الخَصرا
قلتُ كم ذا تُديرُ مُرِّ عِتابٍ / قال خيرُ الخُمورِ ما كان مُرّا
قلتُ يا رِيمُ إن يكن فُوكَ كأْساً / والثّنايا الحَبابَ والرّيقُ خَمرا
فأَدِرْه كُؤوسَ لثْمٍ عسى تَعْ / دو المطايا فأَجهَلُ الحالَ سُكرا
إن أَحسّتْ بسَيرِكم عَبراتي / لم تَدعْ للرّفاقِ في الأرضِ عَبرا
يا سحابَ الجفونِ جُودي بقطرِ الدْ / دَمعِ منّى صَدْراً من القلبِ قَفرا
أَصبحَ الحَيُّ مُنجدِينَ وأَمسَوا / ليس منهمْ بالغَورِ إلاّ الذِّكْرى
مُودِعينَ السُّجوفَ بِيضاً وسُمْراً / لهمُ والأكُفَّ بِيضاً وسُمرا
كُلُّ بيضاءَ إن نظرتَ إليها / نَسجَ الظَّعْنُ دونها الشَّمسَ سِترا
فسقَى اللهُ يومَ ساروا صباحاً / ساقَ حُرٍ إلى البُكا ساقَ حُرّا
غاض دَمعي كدمعِه وقديماً / كان لولا العِدا دموعيَ غُزرا
إنّما كنتُ في المَدامعِ منّى / ذاخِراً عسكراً من الدّمعِ مَجرا
راجِياً بالبكاء قطْعَ طريقِ الرْ / رَكْبِ يوماً إن أصبحَ الحَيُّ سَفرا
وعَد الدّمعُ إن أَرادوا بأحبا / بي مَسيراً أن يَجعلَ البَرَّ بَحرا
وأبَى أن يفيِ فقلتُ وحتّى / أنت يا دَمعُ قد تَعلّمتَ غَدرا
قسماً لا رجعتُ من بعدِ يَومي / غيرَ ذُخرِ الإسلامِ أَحفَظُ ذُخرا
غُرّةٌ للزّمانِ في الوجهِ منه / مَن رأَى قبلَهُ زماناً أَغَرّا
خَضِلُ الكَفِّ عادِمُ الكفْء خِرقٌ / يَفِرُ العِرْضَ دائماً لا الوَفْرا
سابِقٌ بالنّوالِ فالوْفدُ منه / بدَلَ المَدحِ يَنظِمونَ الشُكرا
فارِسٌ في مَواقفِ الجودِ ثَبْتٌ / تَقتُلُ المالَ كَفُّه والفَقرا
جاعِلٌ للوفودِ في الكَفّ يُسراً / يَتلقّاهمُ وفي الوجهِ بِشرا
فتراهُ إذا بدا من بَعيدٍ / للفتى بِشْرُهُ يُصحَّفُ يُسرا
كم نضا رأْيَه فثقّفَ عُوجاً / من رجالٍ به وقَوَّم صُعرا
كَيدُه للعدوِّ لا الطّعْنُ خَلْساً / يَتَّقي مثلَه ولا الضّرْبُ هَبرا
مَعرَكٌ يَصرعُ العِدا لا قَنا المُرْ / رانِ فيه ولا صفائحُ بُصْرى
ليثُ غابٍ تُريكَ منه لساناً / وبياناً كفّاه ناباً وظُفرا
وبكُتْبِ الأيّامِ يُفْدَى كِتابٌ / جاء منهُ يقبِّلُ الخَتْمَ نحرا
شمعةٌ تَحسدُ الشّموعُ سناها / ولهذا دموعُها الدَّهرَ تَتْرى
ذو وقارٍ يُبدي التّواضعَ دِيناً / ويَهُزُّ الأعطافَ راجيهِ كِبرا
لا يُحابي في حُكْمِه بل يُسَوِّي / بالورى نفسَه العظيمةَ فَخرا
لو عرَفْنا في الجودِ حُجْراً لكُنّا / قد ضرَبْنا عليه منه حَجرا
ماجِدٌ نَمتري سحائبَ عَشْراً / من يدَيه تُسْمَى أناملَ عَشرا
مَن يَقِسْهُ في مَجدِه بأبيه / لم يَخفْ في القياسِ نَقْضاً وكَسرا
يا ابنَ مَن زِنتَهُ وزانَكَ حقّاً / كَرماً باهِراً ونَفْساً ونَجرا
والكريمُ الأَغرُّ لا تَقبَلُ العل / ياءُ منه إلاّ الكرامَ الغُرّا
يا بني طاهرٍ بكمْ بَشّر اللّ / هُ على عهدهِ النّبِيَّ طُهرا
بين عَينَيْ عَينَيهِ قد بانَ منكمْ / كامِنُ النُّورِ للنّبِيِّ فَسُرّا
ورآه مُبشِّراً بكُم جا / ءَ فأَعطَى هُنَيدةَ للبُشْرى
فكأنّ النّبيَّ صلَّى عليه اللّ / لهُ رَبُّ العُلا وسلَّم تَتْرى
قد رأَى يوم ذاكَ كيفَ تَفِرّو / نَ جميعاً لدِينهِ اليومَ نَصرا
ففَداكَ الزّمانُ يا خيرَ أَهلي / هِ إذا الحادثاتُ قَدَّمْن نَذرا
بوجوهٍ من أَولياءَ وحُسّا / دٍ كخَلْطِ النِّثارِ بيضاً وصُفرا
أَيُّها اللائمُ المُخَطّي ومَحْوِي / عن بياضِ الفلا من العيسِ سَطرا
كم إلى كم أَجوزُ بحْرَ الفيافي / جاعلاً جَسْرتي عليه جِسرا
طامعاً في فُضولِ عيشٍ أَحُثُّ ال / عيسَ والعُمْرُ شَطْرُه الغَضُّ مَرّا
مثلَ عَوراءَ وهْي حَولاءُ تَلقَى ال / وِتْرَ شَفْعاً وتَملِكَ الشّفْعَ وِترا
عَزْمةٌ لم تَقِفْ من الدَّهرِ يَوماً / ونوىً لم تَدَعْ منَ الأرضِ شبرا
وزمانٌ ثنَى رجائيَ مَيْتاً / في مُلوكِ الوَرى وقَلبيَ قَبرا
لاعِبٌ بالمُلوكِ قد طرحَ الفِرْ / زانَ دَهراً لكنْ أساءَ القَمرا
كم تَمرَّسْتُ بعدَ قومٍ بقَومٍ / حِقَباً والأَخيرُ ما زال سِرّاً
كان دَهْري ليلاً فقيراً إلى أنْ / أَطلَعَ اللهُ للوَرى فيه بَدرا
عجَباً لي وللزّمانِ وجَدّي / والفتَى دائماً يُراشُ ويُبْرى
غِبتُ عنكْم ليلَ الشّبابِ على نُسْ / خةِ أقطارِه فَضّيعْتُ عُمرا
وإلى خِدْمتي لكم عُدْتُ لمّا / فَجّر الشّيبُ في الذّوائبِ فَجرا
كَمُضِلٍّ رَدَّ النّهارُ عليه / جَوهراً في الظّلامِ عنه استَسَرّا
قلتُ لمّا حطَطْتُ رَحْلِي إليه / حين أَهْوَى الحادي يَحُلُّ الضَّفرا
كان عَزْمي أنْ أَهجُرَ النّاسَ طُرّاً / فإذا بي نَزْلتُ بالنّاسِ طُرّا
خلَق اللهُ من لساني حُساماً / ثُمَّ أَجرَى مديحَكمْ فيه أُثْرا
دَأْبيَ الشُكْرُ ما حَيِيتُ لأنّي / ما أَعُدُّ الكُفْرانَ إلاّ كُفرا
فَبُرودُ الإحسانِ تَخلُقُ طَيّاً / إن طَوَوْها وليس تَخْلُقُ نَشرا
وإليك الغداةَ فاجتَلِها مِن / خِدْرِ فكْري يا عُمدةَ الدّين بكرا
وارْعَها فهْي كالمُوَصّاةِ للحس / ناءِ تَرضَى منك الكَفاءةَ مَهرا
من قَوافٍ إذا نَزلْنا بأَملا / كٍ أَقامتْ تُقرىَ النّوالَ وتُقْرا
لو حكَى الدّهرُ بعضَهنّ بقاءً / عاش من بعدِ عُمْرِه الدَّهرُ دهرا
يا سماءً رفيعةً من سَماحٍ / ليس يُخْلِي من قَطْرِها الدَّهرَ قُطرا
لم أَجِدْ من بني الزّمانِ نَجيباً / فلَعْمري قد كِدْتُ أُوهَمُ أَمرا
ثُمّ لمّا أيتُكمْ صَحَّ عِنْدي / أنّ للهِ في الخليقةِ سِرّا
نحنُ إهلالُنا بوَجهِكَ لليُمْ / نِ كَفانا وأنت من بَعدُ أدرى
اِفتتاحٌ سَعْدٌ بوَجْهِ أبى الفَتْ / حِ سعيدٍ والمَجدُ بالحُرِّ أحرى
فتَهَنَّ الشّهرَ الشّريفَ الّذي وا / فاك يُهدِي إليك حَمْداً وأجرا
أنت لم تَحْوِ مِثْلَك الخَلْقُ شَخْصاً / وهْو لم يَحْوِ مثْلَه العامُ شَهرا
يا كريماً سَهْلَ الخليقةِ سَمْحاً / ولقد تَخلُقُ الخَليقة وَعرا
أرأيت الهلالَ كيف تَبدَّي / خافياً يَتركُ النّواظِرَ حَسْرى
كسِوارٍ في مِعْصَمٍ من فتاةٍ / يَكْتَسِي فَضْلَ كُمِّها ثُمَّ يَعْرى
ثُمّ لمّا دَنا من الغَرْبِ جِدّاً / رمَقَتْهُ العيونُ يُمنَى ويُسرى
هكذا كلّما تَواضَعَ ذو قَدْ / رٍ من النّاسِ كان أرفعَ قَدرا
فابقْ يا أشرفَ البريّةِ طُرّاً / نَسَباً يَبهَرُ الملوكَ وصِهرا
ساكناً في بنى أبيكَ تُحاكِي / قَمَراً وُسِّطَ النُّجومَ الزُّهرا
وأبوكُمْ مُمَتّعٌ بعُلاكم / ما حَذا الصَّومُ في الأنامِ الفِطرا
قد تَولّى أبو الرَّجا
قد تَولّى أبو الرَّجا / عَمَلاً كان حَرَّرَه
وابْنُ وَزّانِكمْ أَتى / بعدَ ما شَقَّ مَبْعَره
فتَولَّى مَكانَهُ / فَحّةٌ منه مُنكَره
ثمّ لمّا تَنكَّروا / وجَرتْ منه مَشْوَره
سكتَ النّاسُ عنْهما / فهما الزَّوْجُ والمَرَه
خُذِ القلَمَ العالي إليك مُوقِّعاً
خُذِ القلَمَ العالي إليك مُوقِّعاً / خِلالَ فُصولي بالّذي يَمْتري شُكْري
وأَجْرِ اليدَ البيضاءَ في صَفَحاتِها / لِيُعجَبَ من نَظْمي ونَثْرِكَ بالدُّرّ
فمِفتاحُ آمالي أنامِلُك الّتي / تَحُلُّ بها من مَطْلَبي عُقَدَ الدَّهْر
وما أنا إلاّ سائرُ المدحِ فيكمُ / فما لي على أَبوابكمْ واقفَ الأَمر
وقد كنتُ أَروَى والثِّمادُ مَوارِدي / فما ليَ أَظْما بعدَ قُرْبى منَ البحر
فَعلَتْ هذِه الجفونُ الضَّواري
فَعلَتْ هذِه الجفونُ الضَّواري / بقلوبِ الرجالِ فِعْلَ القَماري
ظلَمتْ أُمُّ ذا الغزالِ وجارتْ / حين جاءتْ به على الأقمار
يا حياتي وأنتَ ضِدُّ حياتي / وقَراري وأنت غَيثُ قَراري
يا سَخيّاً بكلِّ ما لا يُريدُ الصْ / صَبُّ من جَفوةٍ ومن نَأْي دار
إن دَهراً نأَى بشَخْصِك عنّا / لَمُسِرٌّ عداوةَ الأغمار
بكَ عَيْشي إذا أردْتَ ومَوتي / قد جعَلْناك فيهما بالخِيار
ليس لي من دُنُوِّ دارِك إلاّ / ما لقلبي من خُطّةِ الاِخْتيار
بدَنٌ تحت قَبضةِ السُّقمِ مُلقىً / وفؤادٌ في مِخْلَبِ الاِفتكار
إنّ بينَ الإزارِ خَصْراً حكاني / فكأنّ الزُّنّارَ في الزُّنّار
صنَمٌ غيرَ أنّه يَفْتِنُ الكُلْ / لَ من المسلمينَ والكُفّار
رَبِّ خُذْ من طَرفْهِ السَّحّارِ / وامتَحِنْهُ بحُرقةِ الاِنتظار
وبوَجْدٍ كوَجْدِ حُسّادِ مَوْلا / يَ أبي نَصْرٍ الكريمِ النِّجار
الخليعِ العِذارِ جوداً وبأساً / لا كما قد عَهِدْتَ خَلْعَ العِذار
وأخو السَّبقِ في مدىً لا يُرى في / ه لغيرِ الرّجالِ من مِضْمار
مُزِجَتْ خَمرةُ الشّبيبةِ منه / بمِزاجَيْ سكينةٍ ووَقار
غيرَ ما رائحٍ بنَشوةِ إعْجا / بٍ ولا مُغْتدٍ بسُكْرِ يَسار
وسجايا لو مسّتِ الماءَ باعوا / منه وَزْنَ القِطْميرِ بالدِّينار
حيث فرْعُ السّناء غيرُ قَصيرٍ / ورداءُ البهاء غيرُ مُعار
وكأنّ الحديثَ عنه عطايا / هُ فما إن تُزادُ في إسفار
ففِداءٌ لأحمدَ النّاسُ إلاّ / أهلَه من حوادثِ الأقدار
رَوِحّا ساعةً مُتونَ القِلاصِ
رَوِحّا ساعةً مُتونَ القِلاصِ / واخْطِفا وَقفةً بتلك العِراصِ
أَوَما تُبصِرانِ أنّ خُطاها / ما تَراها العيونُ فَرْطَ ارْتِقاص
فأَمِيلا الرِّكابَ فالماءُ عِدٌّ / للمطايا بالجِزْعِ والعُشْبُ واص
فلَنا بالكثيبِ مَلْعَبُ ظَبْيٍ / مُطْمِعِ العينِ مُؤْيِسِ الاِقْتِناص
قَنَصٌ طَرْفُه أَشدُّ سهاماً / حين تَلْقاهُ من يَدِ القَنّاص
ذاتُ ليلٍ منَ الذّوائبِ داجٍ / ضَلَّ فيه قلبي ضَلالَ العِقاص
حِجْلُها حينَ نالَ للبطْنِ شِبْعاً / لم يَزُلْ عن وِشاحهِا المِخْماص
أَقبلتْ في أَوانسٍ بعُيونِ ال / وَحْشِ أَصبحْنَ راقعاتِ الخَصاص
بقُدودٍ كأنّهنَّ رماحٌ / ركَزوها للحُسْنِ في أَدعاص
كيفَ يَغْدو ليَ البعيدُ مُطيعاً / وفؤادي يظَلُّ لي وهْو عاص
يا خليليَّ من سَراةِ بني الأَقْ / يالِ والغُرِّ من بني الأعياص
واسِياني فللأخِلاء قِدْماً / بالتّواسي في النّائباتِ تَواص
طاوِعاني أَسكُبْ دُموعيَ سَكْباً / في رُباهُمْ فالصَّبْرُ مِمّا يُعاصي
إن تَرَيْني صَلِيتُ جَمرةَ خَطْبٍ / سَبَكتْني باللّيلِ سَبْكَ الخِلاص
فالمُلمّاتُ للرِّجالِ مَحَكٌّ / فارِقٌ بينَ تبْرِها والرَّصاص
قلتُ لمّا فشَتْ جُروح اللّيالي / في فؤادي وعَزَّ نَيلُ القِصاص
من زمانٍ أَضحَى لئيمُ شِباعِ الرْ / رَهْطِ أهلهِ كريمَ الخِماص
كُلَّ يومٍ لرَيْبِه في فوادي / وَخْزةٌ مثْلُ قَصّةِ المِقْراص
هَوِّنِ الأمرَ واستَعنْ بمُعينِ الدْ / دينِ يَقتَصُّ منهُ أَيَّ اقْتِصاص
وإذا استُنْصِرَ الهُمامُ أَبو نَصْ / رٍ أَطاعَتْ لنا اللّيالي العَواصي
كيف أَشكو خطْباً ومُختَصُ مُلْكِ ال / أَرضِ أَضحى بالقُربِ منه اختِصاصي
كنتُ أَبغي الخَلاصَ من يدِ دهري / فدعا الدَّهرُ من يدي بالخَلاص
لم أَدَعْ بِغْيةً من الدَّهرِ إلاّ / نالها في ظلالِه استِخْلاصي
مَلِكٌ أَوجُه الوفودِ إليه / من أَداني بلادِها والأقاصي
ذو ندىً يَستهِلُّ كالدِيمةِ السّكْ / بِ وبِشْرٍ كالكَوكبِ الوبّاص
وبَنانٌ تُريكَ للقلَمِ النّا / حل فَضْلاً على القَنا العَرّاص
في اللُّبابِ اللُّبابِ من كرمِ الأح / سابِ يُلْفَي وفي المُصاصِ المُصاص
خَيلُ أَيّامهِ غدَتْ تَعقِدُ الإق / بالَ منها كفُّ العُلا في النَّواصي
مَلَكَ المَجدَ كُلّه ولَعَهْدي / بالمعالي مَقْسومةَ الأشْقاص
جُودُه جُودُ من يُميِّز فَهْماً / بينَ أهلِ الكمالِ والنُّقّاص
يَشمَلُ الخَلْقَ بالنّوالِ ويُبْدِي / لذوي الفَضْلِ مَوضعَ الاِخْتصاص
فهْو كالبحرِ الحَيا لعُمومِ النْ / نَاسِ منه والدُّرُّ للغَوّاص
لكَ أَزكَى الأخلاقِ يا أَشرفَ الأَم / جادِ طُرّاً وأكرَمَ الأعياص
أنت مثْلُ النِّصابِ تَمَّ لِراجٍ / ومُلوكُ الزّمانِ كالأوقاص
فعلَيْكَ الزَّكاةُ ليسَتْ عليهمْ / أَيُّ فَضْلٍ يَجيءُ من ذي انْتِقاص
ففَداكَ امْرؤٌ له بَطْنُ كَفٌ / يُخْرَجُ الرَفدُ منه بالمِنْماص
تَسهَرُ اللّيلَ للمعالي وتُمْسي / عنده قَينةٌ وأَسْوَدُ شاص
يا مُبِرّاً على بني الدَّهْرِ فَضْلاً / مِثْلَ شَخْصٍ عالٍ على أَشْخاص
وغَماماً يَسيلُ بالدَّمِ وادي / هِ إذا ما عَلاهُ بَرْقُ الدِّلاص
مُغْلِيَ الحَمْدِ بالنَّدى مُرْخِصَ الآ / جالِ في البأْسِ أَيّما إرْخاص
وإذا ما امتطَى له الكَفَّ سَيفٌ / قالَ للقِرْنِ لاتَ حين مَناص
لا يَخيطُ الكَرى جُفونَ أعادي / هِ على الأمْنِ بالمَحَلِّ القاصي
كم رَماهُم بكُلِّ أَبيضَ قَضّا / بٍ صَقيلٍ وأَسْمَرٍ رَقّاص
أعجلتْهم جِيادُه أن يَلُوذوا / بحِيادٍ عن نَهْجِها أو حِياص
بينما الخَيلُ في العيون طُيوفاً / إذْ رَماها البَياتُ بالأشْخاص
فثَنْتهم صَرْعَى بكُلِّ مَكَرٍّ / أُقِعصوا فيه أيَّما إقْعاص
مارَسُوا طَعْنَ كُلِّ ذِمْرٍ لعَيْنِ الش / شَمسِ عِزّاً برمْحِه بَخّاص
وكأنّ النُّسورَ عندَ اشْتباكِ السْ / سُمْر طَعْناً يَلُحْنَ في أقفاص
أيُّهذا المَولَى وَجُودُك قِدماً / من سُروحِ الرّجاء يَحمي القَواصي
قد قَدِمْنا وتَرحلونَ وهذا / أسَفٌ جاعِلٌ بِريقي اغْتِصاصي
فانْظُروا نظْرةَ اعتناءٍ إلينا / فِعْلَ قومٍ على المَعالي حِراص
أنا مُستَبضِعٌ لأعلاقِ مَدْحٍ / من قرافٍ غُرٍّ غَوالٍ رِخاص
أرتَجِي منكَ ما يُرجَّى منَ الغَيْ / ث إذا سَحَّ وهْو داني النَّشاص
كنتَ بحرَ الندى فلَم يُعيِني في / كَ على لُؤلُؤِ المديح مَغاصي
بَلِّغوا السّائلينَ عنّي على النَّأ / ي من القاطِنينَ والشُّخّاص
أنّني اليومَ من ذُرا أحمدَ بنِ ال / فضلِ أصبحتُ للسّماكِ أُناصي
نازِلٌ منه عند مَولىً كريمٍ / عن مَعاني عَبيدِه فَحّاص
أَرِدُ الغَمْرَ من بحارِ نَداهُ / بعدَ ما طالَ للثَّمادِ امْتِصاصي
ناشِراً بُردةَ القَريضِ لدى مَن / يَشْتري غالياً بلا اسْتِرْخاص
كعبةٌ للعلاء طُفْتُ عليها / صادِقاً في الهَوى بغَيرِ اختِراص
حامداً مُخلصاً صَرفْتُ إليها / وجْهَ لا آفِكٍ ولا خَرّاص
وصلاةُ الرّجاء أكثَرُ ما تُشْ / رَعُ أيضاً بالحَمْدِ والإخْلاص
فاصطنعْني فَفِيّ مَوضعُ صُنْعٍ / واخْتَصِصْنا فنَحْنُ أهلُ اخْتِصاص
والبَسِ الدَّهرَ طالعاً كُلَّ يومٍ / في قَشيبٍ مِن بُرْدِه بَصّاص
مُعقِياً فيه للجَميلِ حديثاً / تَتَهاداه ألسُنُ القُصّاص
عشْ عزيزاً في ظلِّ مُلْكٍ مُقيمٍ / آمنٍ أهلُه من الإشْخاص
في ازديادٍ وفي اطّرادٍ وأعدا / ؤك في الاْنتِقاصِ والانتِكاص
زِدْ عُلُوّاً في كلِّ يومٍ ورِفْعَهْ
زِدْ عُلُوّاً في كلِّ يومٍ ورِفْعَهْ / يا شهاباً من أَيمَنِ الشُّهْبِ طَلْعَهْ
يا شهاباً للدّينِ أصبحَ منه / واحدٌ فاكتفَى وللأُفْق سَبْعه
وهْو من دونها المُدْبِّرُ للمُلْ / كِ إذا جادَ رأْيُه بالأشِعّه
يَقِظٌ ما يزالُ يُمْسي بجَفْنٍ / للعُلا ما لجَنْبه الدَّهرَ ضَجْعه
ماجدٌ للسُّؤالِ في مِسْمَعَيْهِ / لم تَزَلْ لَذّةٌ وللعَذْلِ لَذْعه
أَطلقَت كَفُّه لسانَ القوافي / بعدَما شَدَّه اللِّئامُ بنَسْعَه
أَنطَقتْني بشُكْرِهنَّ أيادي / ه وفي الطّوقِ للحمامةِ سَجْعه
مدْحَةٌ بعد مِدحةٍ أَنتَقيها / وكذا الفَرْضُ رَكْعةٌ بعدَ رَكْعه
مُذْ تَحلَّى بذِكْرِه الشِّعْرُ أَضحَتْ / صَنعةُ الشِّعْرِ وهْي أَشرفُ صَنعه
هل تَرى ما رأَى من الرّأْيِ سُلطا / نُ الوَرى صادعاً حشا الخَصْمِ صَدْعه
خَلعَتْ كَفُّه على القومِ أَلوا / ناً وكُلٌّ فيه لعَمْرُك رِفْعه
وأَبَى أن يكونَ إلاّ سَوادَ ال / قلبِ منه عليك للعزِّ خِلْعه
ثَوبُ صَفْوٍ من الهَوى لم يُطَرَّزْ / بمَشوبَيْنِ من رِياءٍ وسُمْعه
باهِرٌ بالضِّياء يُعْشي عُيونَ ال / خَلق طُرّاً لوْ قد بدَتْ منه لَمْعه
وقَميصٌ لا تستطيعُ يَدُ الدَّهْ / ر ولا صَرْفُه له عنك نَزْعه
مُحكَمُ النَّسْجِ لا يَزالُ غَنيّاً / جَدُّه أن يُشانَ منه برُقْعه
وإذا كان خِلْعةُ القَلْبِ منه / سُنّةً كان خِلْعُة الكَفِّ بِدْعه
وإذا ما الحَديثُ كان مُعاداً / لا يكادُ اللّبيبُ يُرعيهِ سَمْعه
وسوى مَن يكونُ رَيّانَ يَشْفي / غُلّةً منه نَيلُ أَوّلِ كَرعه
فوقَتْك الرَّدى نفوسُ أُناسٍ / لم ينالوا من كأْسِ قُربِكَ جُرْعه
يا غديراً ملآْنَ ما إن يُبالي / جادَ أو لم يَجُدْهُ للغَيثِ دُفْعه
خُلِقَتْ أَنفُسٌ لجُودٍ وبأْسٍ / ونُفوسٌ لرَيّةٍ ولشَبْعه
رُتَبٌ لم تُبِتْ حَسودَك إلاّ / ساهراً ما تَخيطُ عَينَيْهِ هَجْعه
ما لشانِيكَ يَلْتظي من غُرورٍ / وله آخِراً تُرَقَّبُ قَمْعه
كُلّما رامَ منه للرّأسِ رَفْعاً / زادَ خَفْضاً كأنّه نارُ شَمْعه
ساجلَتْ فضْلَكَ الكُفاةُ ولكنْ / غَرَبٌ عُودُهمْ وعُودُكَ نَبْعه
فُقْتَ كُلاًّ فانت للجوِّ نَجمٌ / ومُباري عُلاكَ في القاعِ فَقْعه
كان فَضْلُ الورَى كآيةِ لَيلٍ / فمَحاها عنك النّهارُ بمَتْعه
لم يَقِسْكَ اللّبيبُ بالبَدْرِ نُوراً / مَن رأَى دُرّةً تُقاسُ بوَدْعَه
إنّما أَنت والغزالةُ قَدْراً / مثلُ ياقوتةٍ إلى جَنْبِ جَزْعه
بهَرتْ أعينَ الورَى لشهابِ الدْ / دَين من نُورِ وَجْهِه الطّلْقِ سَطْعه
فَتْحةٌ للدّواةِ بينَ يدَيْهِ / عند خَطْبٍ صَعْبٍ يُلَمُّ ووَضْعه
هي نُصْحاً للمُلْكِ فَتْحٌ كفَتْح / وهْي نَصراً للدِّينِ قَلْعٌ لقَلْعه
وإذا ما أَعارَ كافورةَ القر / طاسِ يوماً من مِسكةِ النِّقْسِ رَدْعه
سَلَّم الأُمّةُ التّقدُّمَ في الفَضْ / لِ إليه من غيرِ تَحكيمِ قُرْعه
قَلَمٌ ناحلٌ بيُمْناهُ أَمضَى / من سُيوفٍ بيضٍ بأيمانِ شِجْعه
ذو ائْتلاقٍ معْ أَنّه الوَدْقُ جُوداً / تَشْهَدُ العَينُ أَنّه البَرْقُ سُرْعه
جَدَعَ الأنفَ ماكراً وقَصيرٌ / قَبلَهُ نالَ ثأْرَ مَلْكٍ بجَدْعه
ويُريكَ القرطاسَ مُبْيَضَّ خَدٍّ / ثُمَّ بالسِّرِّ منه مُسْوَدُّ دَمْعه
مُعْجِزٌ آمنَتْ به فُضَلاءُ الدْ / دَهْرِ طُرّاً له وللفَضْلِ شِرْعه
كم بأقلامه ثَنى غَرْبَ جَيْشٍ / وبأعلامِه جلا كَرْبَ وَقْعه
رُبَّ غُرٍّ من غِلمةٍ وجيادٍ / أَن أَتتْه من صارخِ الحَيِّ فَزْعه
كُلُّ وَرْدٍ وأَدهمٍ مثْل ليلٍ / لمعَتْ قطعةٌ من الصُّبْحِ قِطْعه
جِيدُه مثْلُ نَخْلةٍ غيْرَ أنّ ال / وَجْهَ يُبدي عن غُرّةٍ مثْلِ طَلْعه
سبَقَ البرقَ حين جاراه لكنْ / عَلِقت منه بالقوائمِ لُمْعه
يا أخا فَضْلٍ اعتدَى صَرْفُ دَهْرٍ / قَرع القلبَ منه باليأْسِ قَرْعه
ثِقْ منَ اللهِ بالإدالةِ واعلَمْ / أنّ للدَّهرِ رُقْيةً بعدَ لَسْعه
واعتصِمْ في الورَى بحَبْلِ كريمٍ / ليس للذّمِّ منه في العرضِ رَتْعه
وَاغْدُ مُستَبضِعاً إليه ثَناءً / فثناءُ الكرامِ أَربَحُ سِلْعَه
يا هُماماً للأكرمينَ إماماً / طُبعَتْ نَفسُه على الجُودِ طَبْعه
اِقْرِ راجيكَ من عُلاكَ نَصيباً / فلَدى الشُّهْبِ للمساكينِ قَصْعه
أَنَفاً لي وللعهودِ المَواضي / أن تَراني أُبدي لغَيرِك خَضْعه
فَوِّقِ القولَ لي وقَرطِسْ مَرامي / فكفَتْني من مثْلِ قَوسِك نَزْعه
مُدَّ فَوقي من ظلِّ جاهِك ذَيلاً / واسْقِ أَرضي من سُحْبِ كَفّك هَمْعه
تابِعِ الرِفد تَنعَقِدْ حُرمَةُ الرّا / ضعِ منه فما تُحَرِّمُ رَضْعه
ولْيَزِدْ عَودُه على البَدْءِ نُوراً / مثْلما بعْدَ غُرّةِ الشّهْرِ دُرْعه
مَنكِبُ الأرضِ من نِثارِ الغَوادي / يَكتسي الرَّوضَ دَفعةً بعدَ دَفْعه
قد أَتانا مُصَبِّحاً وغُرابُ الْ / لَيلِ فيلَونه من الصُّبْحِ بُقْعه
مَلكٌ للربيعِ ذو رايةٍ خَضْ / راءَ ما كَعَّ من دون لُقْياكَ كعّه
عاقدٌ للرُّبا أَكاليلَ رَوْضٍ / ولها من جواهرِ النَّوْرِ رَصْعه
فاتّقانا بخُوطِه بدَلَ الخَطْ / طِيّ يُولي قِرْنَ الأسى منه صَرْعه
وبسَيفٍ من مائهِ كُلُّ وادٍ / وبتُرْسٍ من عُشْبها كُلُّ تَلْعه
بسلاحٍ به أَشَرْنَ إلينا / وقَتلْنَ الهمومَ والحَرْبُ خُدْعه
فابْقَ واسلَمْ حتّى تَرَى للرّبيعِ الطْ / طَلْقِ في المُلكِ هكذا أَلفَ رَجْعه
في بنيكَ الغُرِّ الأكارمِ يا أَصْ / لاً لمَجْدٍ لا شَذَّبَ اللهُ فَرعه
تُتحفُ الدَّهْرَ طَربةً بعدَ أُخْرى / وأَعاديك فَجعةً بعدَ فَجْعه
أَصبحَ المُلْكُ وهْو دارُ قَرار / لك عِزّاً وللعدا دارُ قُلْعه
لكَ في كُلِّ مَجْمَعٍ من دُعائي / ما يُقيمُ الخَطيبُ في كُلِّ جُمعه
لك ذِكْرٌ بكُلِّ أَرْضٍ مُقيمٌ / وندىً يَذْرَعُ العُلا أَيَّ ذِرْعه
ما خَلتْ منهما كما ليس تَخْلو / من سَنا الشّمسِ أو دُجى اللّيلِ بُقْعه
ففَداكُمْ من الرّدى كُلُّ نِكْسٍ / حين لم يُؤْتَ بالمدائحِ مُتْعه
طَلّق الجُودَ كفُّه عدَدَ الأن / جُمِ لم تَقتَنعْ له بالهَقْعه
فَهْو في دِين جُودِه عادِمُ الرُّخْ / صةِ أَن يُعقِبَ الطّلاقَ برَجْعه
أَسعَدُ النّاسِ أَسعَدٌ والذّي يَرْ / جوهُ فانقَعْ به غليلَكَ نَقْعه
كلُّ مَن شام منه بارقَ بِشْرٍ / ليسَ يَرضَى سوى غِنَى الدَّهرِ نُجْعه
دام رَبُّ العَرش العظيمِ مُديماً / عُمْرَكمْ في ظلالِ عِزٍّ ومِنْعه
جامعاً شَملَكُم وذلك أَوْلى / شَمْلِ مُلْكٍ أَن يُخْلِدَ اللهُ جَمْعه
قلتُ لمّا قالوا غدا رأْسُ شمسِ ال
قلتُ لمّا قالوا غدا رأْسُ شمسِ ال / مُلْكِ فَرداً يَطوِي مُتونَ الفَيافي
لم نُرِدْ كُلَّ ذا بهِ عَلِمَ اللّ / هُ اعتِقادي وما علَى اللهِ خاف
لكن الآنَ حيث كان فَصبْراً / وارْجُ خَيراً فاللهُ للعَبْدِ كاف
إنّما كان عُقْدةً رأْسُه قا / رَنَ شَمساً فآذنَتْ بانْكِساف
وإذا الرّأسُ فارقَ الشّمسَ فاعلَمْ / بُدِّلَ الاِنكسافُ بالاِنْكِشاف
أَتُراها تَظُنُّني الطَّيفَ لُطْفاً
أَتُراها تَظُنُّني الطَّيفَ لُطْفاً / فَتراني وليسَ تَرفَعُ طَرْفا
كُلّما زُرتُها تَخالُ خَيالاً / زار منّي فَتَكْسِرُ الطَّرْفَ ظَرفا
عَجِبتْ أنّني وقد نَزَفَتْني / في اكْتِئابي لَواعجُ الشّوْقِ نَزفا
أَتبدَّى للعَينِ شَخْصاً ولا أُو / جَدُ شَيئاً إنْ أَلْمسَتْنِيَ كَفّا
جَلَّ سُقْمي ودَقَّ جِسْمي نُحولاً / فهْو يَخْفَى وما بِه ليس يَخْفَى
أَيُّها النّائمونَ عن سَهَرِ الصّبْ / بِ إذا هَوَّم الخَلِيُّ وأغْفَى
ما عرفْتُ الرُّقادَ بالعَينِ طَعْماً / فَصِفوهُ أعرِفْهُ بالأُذْنِ وَصْفا
سَلَبتْنيهِ ظَبيةٌ تَركَتْني / مُقْلتاها ما عِشْتُ للوَجْدِ حِلْفا
غادَةٌ وَرْدُ خَدِّها وَسْطَ شَوْكٍ / مِن قَنا قَومِها إذا شِئْتُ قَطْفا
وهْي بَيضاءُ تُلبِسُ الوُشْحَ غُصْناً / من أَراكٍ وتُودِعُ الأُزْرَ حِقفَا
تتَجلّى شَمساً وتَنفَحُ مِسْكاً / وتَثنّى خُوطاً وتَنظُر خِشْفا
رمَتِ العَينُ جَمرةَ الخدِّ منها / بحصَى الدُّرِّ غُدوةَ البَيْنِ خَذْفا
ثُمّ سارَتْ وفي الجَوانحِ منّي / خُرَقٌ غادرَتْ فؤاديَ رَضْفا
فتَبِعْتُ الغادينَ أَخطَفُ آثا / رَ مَطاياهمُ بِخَدَّيَّ خَطْفا
فَسقَى عَهدهَا وإن نقضَتْه / خِلْفُ مُزْنٍ لم يَخْشَ راجيهِ خُلْفا
جارةٌ جاورتْ وجارَتْ ولم أُلْ / فَ قديماً أَرضَى مَع الجَوْرِ إلْفا
هي قَيسيّةٌ ونحن يَمانو / نَ ولا غَرْو أن نَبِرَّ ونُجْفَى
أَشبهَتْ عَيْنَها سُيوفَ رجالٍ / في الوغَى يومَ تَنسِفُ الهامَ نَسْفا
وهْي منّي تَقتَصُّ عن قَتْلِ قَومي / قَومَها إن رنَتْ قِصاصاً مُوفَّى
رُبَّ حَيٍّ عِداً قَرعْنا قَناهمْ / بقَنانا والشّرُّ أنْفى
وصُدورُ الرِّماحِ أعيَتْ قَديماً / كُلَّ مَن سامَنا منَ النّاسِ خَسفا
تُصبِحُ الحادثاتُ مَوتورةً مِنْ / نا فما تَستَطيعُ أن تَتَشفّى
وإذا رَنّقت خَلائقَ قَومٍ / ظَلَّ أخلاقُنا بها تَتَصَفّى
يُحمَدُ العاجزونَ في نُوَبِ الدَّهْ / رِ إذا ما عصَفْنَ بالناسِ عَصْفا
ويَزيدُ النّارَ القَويّةَ وَقْداً / كُلُّ رِيحٍ بها الضّعيفةُ تُطْفا
فأقِيما بها الهَواديَ وَسْطَ الْ / بِيدِ حتّى تُصَفَّ للسّيْرِ صَفّا
ودَعاها تَطْوِي وتَنْشُرُ وَخْداً / من مُتونِ الفَلا العريضةِ صُحْفا
سَطْرُ عِيسٍ إلى بَياضِ فَلاةٍ / نقلَتْه الحُداةُ حَرْفاً فحَرْفا
ناحلاتِ الأشباحِ مثْلِ المَداري / وهْي تَفْلي شَعْراً من اللّيْلِ وَحْفا
قطَعتْ عَرْضَ كلِّ خَرْقٍ مَخوفٍ / يَملأ المِسْمَعَيْنِ شَدْواً وعَزْفا
قادحاتِ الحصَى كأنّ خُطاها / تَقذِفُ الجَوَّ منه بالشُّهْبِ قَذْفا
مُسرِعاتٍ حتّى تَخالَ فُوَيْقَ ال / أرضِ منها طَيْراً يَمُرُّ مُسِفّا
يَحلِفُ المَرءُ إنّها لا تَمَسُّ ال / أرضَ من فَرْطِ خِفّةِ الوَطْءِ خُفّا
فاستقَلّتْ وللحُداةِ ارْتِجازٌ / خَلْفَها وهْي تَخْطِفُ الخَطْوَ خَطْفا
برِجالٍ على الرِّحالِ نَشاوَى / للسُّرى تُلزِمُ القُتودَ الأكُفّا
فِتْيةٍ من بني الرّجاءِ كرامٍ / قَصدوا من مُؤيِّدِ الدِّينِ كهْفا
فطِلابُ العُلا لدى ابْنِ عَليٍّ / لِعليلِ الآمالِ يا صاحِ أَشْفى
مَلِكٌ يَقْتَفي الكرامَ ويَغْدو / عنْدَه الوفْدُ بالكَرامةِ يُقْفَى
أَلجَمَ الدَّهْرُ بالثُّريّا لنا اللّيْ / لَ إليه حتّى امتطَيْناهُ طِرْفا
قلتُ للرَّكْبِ يَخْبِطونَ اعْتِسافاً / حينَ خافوا للدَّهْرِ خَبْطاً وعَسْفا
اِصْرِفُوا أوجُهَ المَطيِّ إليه / ثُمّ لا تَحذَروا من الدَّهْرِ صَرْفا
واجْعَلوا عندهُ الأزمّةَ عُقْلاً / واغْرِفوا كيف شِئْتُمُ البحرَ غَرْفا
عندهُ عِلّةُ المَسائل والسّا / ئلِ بالفَضْلِ والَتفضُّلِ تُشْفى
مَعْلَمُ العِلْمِ عادَ منه جَديداً / بَعدما كانَ رَسْمُه قد تَعفَّى
يَجْتلي السَّمْعُ منه أبكارَ أَفْرا / دٍ إذا شاءَ زَفَّها لك زَفّا
وإذا ما انْتَضَى له الفِكْرُ رأْياً / خِلْتَه رافعاً عنِ الغَيْبِ سِجْفا
ذو بيانٍ يَحكي الكواكبَ زُهْراً / وبنانٍ تَحكي السّحائبَ وُطْفا
عَمَّ إنعامُه وتَكْفي جَليلَ الْ / خَطْبِ أقلامُه وإنْ كُنَّ عُجْفا
كُلَّما نَمّقَتْ بيُمْناهُ سَطْراً / زادَتِ المُلْكَ قُوّةً وهْي ضَعْفَى
ولها دَمعةٌ تُميتُ وتُحيي / وهْي في الطِّرسِ رَطبةٌ لم تَجَفّا
وكأنّ الكتابَ سِلْكٌ عليه / دُرَرُ النُّطْقِ منه تُرصَفُ رَصْفا
كَلِماتٌ خُلِقْنَ منه على الأع / داء سَيْفاً عَضْباً وللمُلْكِ زَغْفا
كلّما أَطمَع المُعاديَ فَتْحٌ / عكَستْه عليه فارتَدَّ حَتْفا
يا صَفيّاً لدَولةِ المَلِكِ الأعْ / ظَمِ أصفَى له الوَلاءَ وأَضْفى
وصَدوقاً يُري الأمورَ بعَيْنَي / هِ مَليكَ الدُّنيا إذا شاءَ كشْفا
فَتراهُ للمُلْكِ وهْو كَلوءُ الدْ / دَهْرِ يَرعاهُ ناظِراً مُستَشِفّا
ويَعُمُّ الدُّنيا بإشْراِقه مِنْ / ه سَناً بالبلادِ والنّاسِ حَفّا
أَشرَقتْ ثُمّ أشرَقَتْ فعلَيْها / لا نُجودٌ ولا تَهائمُ تَخْفَى
فِعْلَ نَدْبٍ وافى السّياسةِ طَبٍّ / مازجٍ للأنامِ لُطْفاً وعُنْفا
وقديمِ العلاءِ مِن بَيْتِ مَجْدٍ / لم يَجِدْ فيه مُنشِدُ الدَّهْرِ زَحْفا
رُبَّ عُرْفٍ ما زالَ يَحمِلُ عنه الرْ / ركْبُ ذِكْراً كأنّه المِسْكُ عَرفا
عَوَّد البَسْطَ كَفّهُ طاعةَ الجُو / دِ فلم يَستَطعْ لها العَذْلُ كَفّا
خَلَفٌ عَدّهُ الزّمانُ نَجيبياً / من بَنيهِ وغَيْرَه عَدَّ خَلْفا
ففَداهُ مِن الرَّدى كُلُّ نِكْسٍ / يَدَّعي نِسبةَ العُلا وهْو يُنفَى
وضَع النَّقْصُ منه فازْدادَ كِبْراً / ويَزيدُ التّصغيرُ في الاِسْمِ حَرْفا
يا حَسوداً قد عَيَّ بالمجدِ حِمْلاً / أَلْقِ عِبءَ العَلاء وانْجُ مُخفِّا
وصريعاً للخطْبِ بالبُعْدِ منه / عنْده اسْتَكْفِ حادثَ الدَّهرِ تُكْفَا
خلَقَ اللهُ من حُسَيْنٍ أخي الإح / سانِ شَخْصاً على المكارمِ وَقْفا
جِئْتُه وافداً فأَغْنَى ومُشْتا / قاً فأَدنَى وزائراً فتَحفَّى
وبدا لي فقُلتُ لم أَرَ كاليو / مِ هُماماً أقَلَّ كُفْؤاً وأَكْفَى
آخِرٌ يَفضُل الأوائلَ مَعنىً / مثْلما يَفضُلُ الرَّويُّ الرِّدْفا
فهْو أَوفَى الأنامِ عِرْفانَ ذي فَضْ / لٍ وأَوْفاهُمُ لذي الفَضْلِ عُرْفا
صاغَ بِرّاً وصُغْتُ شُكْراً ولكنْ / ظَلَّ قَولي لفِعْلِه يَتَقَفّى
فيَصوغُ العَلياءَ للجِيدِ طَوْقاً / وأَصوغُ الثّناءَ للأُذْنِ شِنْفا
أَيُّهذا الّذي كَبِرْتَ عنِ الوَصْ / فِ فعَطْفاً على الأصاغِرِ عَطْفاً
ما لِمَدْحي لدَيْكَ قَدْرٌ ولكنْ / كرَمُ الطّبْعِ هَزَّ لي منك عِطْفا
وعُهودٌ قَدُمْنَ لي في مُوالا / تِكَ يَعطِفْنَ لي فؤادَكَ عَطْفا
وودادٌ من دَمعةِ الماءِ أضحَتْ / وهْي حَيْرَى في مُقْلةِ الغَيمِ أَصْفى
كم بأبوابِكَ الرَّفيعةِ يُلْفَى / طالِبُ الجاهِ والنّوالِ ويُكْفَى
من عُفاةٍ لهمْ عَطاؤكَ يُجْنَى / وعُتاةٍ عنهمْ بحِلْمِكَ يُعْفَى
لا خلَتْ منك دَولةٌ زادَها اللّ / هُ جَمالاً مذْ عُدْتَ للضِّعْفِ ضِعْفا
مُسبَغاً ظِلُّكَ الظّليلَ عليها / وعلَينا ما حَنّتِ النِّيبُ مُضْفَى
وإذا ما خلَعْتَ ألْفاً منَ الأع / وامِ في العِزّ عُدْتَ تَلبَسُ ألفا
نَقّبوهُنَّ خِشيةَ العُشّاقِ
نَقّبوهُنَّ خِشيةَ العُشّاقِ / أوَ لم تَكْفِ فتْنةُ الأحداقِ
إنّ في الأعينِ المِراضِ لَشُغْلاً / للمُعَنّى عن الخدودِ الرِّقاق
كُلُّ ما فاتَ في اللّيالي المَواضي / فهْو في ذِمّةِ اللَّيالي البَواقى
جئْنَ كالدّارِعينَ للحَرْبِ لا يُبْ / دِينَ إلاّ عنِ السُّيوفِ الرِّقاق
عَلِمَ اللهُ كيف لُطْفُك للخَلْ / قِ فأعطاكِها على اسْتِحْقَاق
أَكرَمَتْنا فَرُبَّ أخْلاقِ بُرْدٍ / مُلئتْ من مَكارمِ الأخلاق
فعَجيبٌ لو عِشْتُ بعدَ التَّنائي / وعَزيزٌ لو مُتُّ قبلَ التّلاقي
كنتِ روحي الّتي بها العيشُ حتّى / رُعْتِ نَفْسي فُجاءةً بالفِراق
بأبي أنتِ ما أنا اليومَ إلاّ / نِضْوُ جِسْمٍ ما رُوحُه فيه باق
أيُّها الرّاكِبُ المُيمِّمُ كَرْما
أيُّها الرّاكِبُ المُيمِّمُ كَرْما / نَ مُجِدّاً على الجيادِ العِتاقِ
قٌلْ لِمولايَ إن وصَلْتَ إليه / سالماً قولَ عَبْدِه المُشْتاق
حُوشيَتْ نَفْسُك الكريمةُ أنْ تَلْ / قَى من الوَجْدِ مثْلَ ما أنا لاق
يا قريباً من الفؤادِ وإن كا / نَ بَعيدَ المَحلِّ في الآفاق
قُلْ لِمَنْ لا يُفارِقُ القلبَ ذِكْرا / هُ وإن كان راعَني بالفِراق
مَدْمَعي مُسْعِدي على البَيْنِ ما عِشْ / تُ ونَفْسي تُثارُ يومَ التَّلاقي
عجَبي منكَ حيثُ إنّك في قَلْ / بي وقَلْبي إليك بالأشواق
جَمالٌ ولكنْ أينَ منكَ جَميلُ
جَمالٌ ولكنْ أينَ منكَ جَميلُ / وحُسْنٌ وإحسانُ الحسانِ قَليلُ
ولكنّ لي حُبّاً تقَادَمَ عَهْدُه / فليس إلى الإقصار عنه سَبيل
سَجِيّةُ نَفْسٍ ما تَحولُ فتَرعَوي / على أنّ حالاتِ الزّمانِ تَحُول
سقَى اللهُ أرضاً ما تَزالُ عِراصُها / يُجَرُّ عليها للسَّحابِ ذُيول
يَبيتُ بها قلبي ولَحظُكِ والصَّبا / جَميعاً وكُلٌّ يا أُمَيمُ عَليل
وما تَفْتَأُ الحسناءُ تَفْتِكُ إن رنَتْ / بلَحْظٍ يَقُدُّ القلبَ وهْو كَليل
فللّهِ عَيْنا مَن رأَى مثْلَ سَيْفِها / لوَ انّ به غيرَ المُحبِّ قَتيل
وحَيْرانُ أمّا قلبُه فهْو راحِلٌ / غَراماً وأمّا حَبُّه فحُلول
ألمَّ به ساري الخيالِ ببَلْدةٍ / وأُخْرَى بها أهْلُ الحبيبِ نُزول
ونحن نَجوبُ البِيدَ فوقَ ركائبٍ / تَراها معَ الرَكْبِ العِجالِ تَجول
فلو وقَفوا في ظلِّ رُمْحٍ ونَوَّخوا / لضَمّهُمُ والعِيسَ فيه مَقيل
وماذا يُريدُ الطّيفُ منّا إذا سَرَى / وفي الصَّدْرِ منّي لَوعةٌ وغَليل
وخَدِّيَ من صِبْغِ الدُّموعِ مُورَّدٌ / وطَرْفيَ باللّيلِ الطّويل كَحيل
تَأوَّبَني هَمٌّ كما خالَط الحَشا / من البيضِ مَطْرورُ الغِرارِ صَقيل
لِفُرقَةِ قَومٍ ضَمَّنا أمسِ رِحلةٌ / ويُفْرِدُهمْ عنّي الغداةَ قُفول
وإنّي إذا قالوا مَتى أنت راحِلٌ / فقد حانَ للمُسْتَعْجِلينَ رَحيل
وقَضّى لُباناتِ المَقامِ مُودِّعٌ / ولم يَبْقَ إلاّ أن تُزَمَّ حُمول
لكالطّائرِ المَقْصوصِ منه جَناحُه / له كُلَّ صُبْحٍ رَنّةٌ وعَويل
يرَى الطّيرَ أسراباً تَطيرُ وما لَه / إلى ألْفِه النّائي المَكانِ وُصول
ويَذكُرُ فَرْخَيهِ ببَيْداءَ بَلْقَعٍ / تَشُق على مَن جابَها وتَطول
وتُضحي جِبالُ الثّلْجِ من دونِ عُشّه / وريحٌ كوقْعِ المَشْرفيِّ بَليل
فما هو إلاّ ما يُقلِّبُ طَرْفَه / ويَعروه داءٌ في الضُّلوعِ دَخيل
فحالي كتلك الحالِ واللهُ شاهدٌ / ولكنّ صَبْرَ الأكرمينَ جميل
فهل حامِلٌ عنّى كتابَ صَبابتي / إلى ساكني أرضِ العراقِ رَسولُ
فواللهِ لم أكتُبْه إلاّ وعَبْرتي / معَ النِّقْسِ منِّي في البَياضِ تَجول
لِيَهْنِ الرّجالَ الأغنياءَ مُقامُهمْ / وإنَّ عناءَ المُقْتِرينَ طويل
وإنّي لأُمْضي للعُلا حَدَّ عَزْمةٍ / بها من قراعِ النَّائباتِ فُلول
وما قَصَّرتْ بي هِمّةٌ غيرَ أنّه / زمانٌ لِما يَرْجو الكرامُ مَطول
وقَلَّ غَناءُ الطِّرْفِ والقِدْحِ كُلّما / يَضيقُ مَجالٌ أو يَضيقُ مُجِيل
وقالوا تشَبَّثْ بالرّجاءِ لعلّه / يُديلُك من رَيْبِ الزّمانِ مُديل
ويَكْفُلُ عُمْرُ المَرءِ يوماً بحَظِّهِ / فقلتُ وهل لي بالكَفيلِ كَفيل
عسى أحمدٌ يا دَهْرُ يَرْثي لأحمدٍ / فيُدرَكَ من بَيْنِ الحوادثِ سُول
فما يَلتقي يوماً على مثْلِ مِدْحَتي / وجودُ يدَيِه سائلٌ ومَسول
منَ القومِ أمّا وجهُه لعُفاتِه / فطَلْقٌ وأمّا رِفدُه فجَزيل
يَفيضُ لنا ماءُ النّدى من يَمينِه / وفي وجههِ ماءُ الحياءِ يَجول
ويَبْسُطُ للدّنيا وللدّينِ راحةً / تَفاخَرُ أقلامٌ بها ونُصول
ويَستَمْطِرُ الجَدْوَى كما انهلَّ واكفاً / من المُزْنِ مَحلولُ النِّطاقِ هَطول
وفي نَسْخِ ما يُمليهِ ما يَغلطُ الحَيا / فَيعرِضُ في بَعْضِ البلادِ مُحول
فيا أيُّها المَولَى الّذي ظِلُّ عَدْلِه / على الخَلْقِ طُرّاً والبِلادِ ظَليل
ويا أيُّها الفَرْعُ الّذي بلَغ العُلا / بما كَرُمَتْ في المجدِ منه أُصول
لأنتَ الوزيرُ ابنُ الوزيرِ نَباهةً / إذا مَسَّ قوماً آخَرينَ خُمول
وغَيثٌ وفي صَدْرِ المَطالبِ غُلّةٌ / ولَيثٌ وأطرافُ الأسِنّةِ غِيل
أَعِنّي على دَهرٍ تَعرَّضَ جائرٍ / فمالك في العَدْلِ العميمِ عَديل
فكلُّ حريمٍ لم تَحُطْهُ مُضَيَّعٌ / وكُلُّ عزيزٍ لا تُعِزُّ ذَليل
وهاهو قد هَزَّ الشّتاءُ لِواءه / بجِيْشٍ له وَطْءٌ عليَّ ثقيل
ويَذْكرني منسيُّه أو مُضاعُه / وفي ضِمنها غَيثٌ بحيثُ يَصول
أَخِفُّ إليها كُلَّ يومٍ وليلةٍ / وأَسألُ عنها والحَفيُّ سَؤول
وقد كاد تَأْخيرُ الجوابِ يُريبُني / فيَظْهرُ في رَوْضِ الرَّجاءِ ذُبول
أَمرْتَ بإنجازِ الأُمورِ فلِمْ أَرَى / حَوائلَ دَهْرٍ دونَهُنَّ تَحول
مَنِ الدَّهْرُ حتّى يَجْسُرَ اليومَ أنّه / إذا قلتَ قولاً ظلَّ عنه يَميل
ألم يك من لُؤْمٍ بهيماً وقد غدا / لمجدِك فيه غُرَّةً وحُجول
طَلعْتَ لآفاقِ المكارمِ طَلْعةً / على حينَ أقمارُ العَلاءِ أُفول
وأنت الّذي لا يُنكِرُ المَجْدُ أنّه / لأحسنِ ما قال الكِرامُ فَعول
فما يَمنَعُ الحظَّ اليسيرَ التِماسُه / وجُودُك للحظِّ الكبير بَذول
أَفي هذه الأقلامِ عاصٍ وطائعٌ / وفيهنّ أيضاً عالِمٌ وجَهول
وإلاّ فماذا يقْصِدُ القلَمُ الَّذي / سَمحْتَ بما أَبغيهِ وهْو بَخيل
وغيرُ جميلٍ أن يَضِنَّ ورَبُّه / لأعظَمِ ما يَرجوُ العفاة مُنيل
فلا والّذي حَجَّ المُلَبّونَ بَيْتَه / على ناجِياتٍ سَيْرُهُنَّ ذَميل
ولا والّذي يُبقِيك للمجدِ والعُلا / مدَى الدَّهْرِ ما هَبّتْ صَباً وقَبول
يَميناً لئن أعطَيْتَ أو كنتَ مانعاً / لَما عنك لي إلاّ إليكَ عُدول
وأنْ لم تَزُلْ حتّى تُوقّع لي بِها / تَرانيَ عن هذا المكانِ أَزول
وأنّ عليك اليومَ تَصْديقَ حَلْفَتي / فأنت بشَرْعِ المَكْرُمات تَقول
لِيعلمَ كُلٌّ عندك اليومَ مَوضِعي / وللفضلِ عند العارِفين قَبول
بَقِيتَ ولا أبقَى أعاديَكَ الرَّدى / وغالَ الّذي يَشنا عَلاءكَ غُول
فلا بَرِحَتْ حُسّادُ علْياكَ تَنتهي / إلى عثَراتٍ ما لَهُنَّ مُقيل
لأنت لباغي العُرْفِ وحْدَك مُفْضِلٌ / وسائرُ أملاكِ البلادِ فُضول
فمِنْكَ مِثالٌ في الأُمورِ ومنْهمُ / لأَمْرِك فيها بالرُّؤوسِ مثُول
طَليعةُ إقبالٍ جلَتْ لكَ وجْهَها / وأوّلُ ما يَهْدي الخَميسَ رَعيل
تَركْتَ ملوكَ الأرضِ طُرّاً وكُلُّهمْ / إلى كلِماتي بالمَسامعِ مِيل
قَوافٍ مَعانيها لِطافٌ دقيقةٌ / وقائلها سَبْقاً بهِنَّ جليل
هَزَزَن وأطْرَبنَ الكِرامَ كأنّما / تَهُبُّ شَمالٌ أو تَهُزُّ شَمول
إليك فخُذْها إنّها بِنْتُ ساعةٍ / كما كَرَّ رَجْعَ النّاظِرَيْنِ عَجول
سَليلةُ فِكْرٍ زاحمَتْها هُمومُه / فجاءك فيها الحُسْنُ وهْو ضَئيل
وقد رُضْتُ بالفِكْرِ القريضَ رياضةً / كما قِيدَ في ثَنْيِ الزِّمامِ ذَلول
ولا تَستزيدُ الحالَ إن كنتُ مُقصِراً / ولا يَستغيثُ السَّمْعُ حين أُطيل
سَلْ صدورَ الرِّكابِ ماذا الحَنينُ
سَلْ صدورَ الرِّكابِ ماذا الحَنينُ / وعَليْها تلك الظِّباءُ العِينُ
نحن أوْلَى بأنْ نَحِنَّ غراماً / لخليطٍ تَواعَدوا أنْ يَبينوا
حيث عَهْدي به يَجولُ وِشاحٌ / للغواني غداً يجولُ وَضين
يا مطايا الأحبابِ أنتُنَّ للعُشْ / شاقِ مثْلُ اسْمِكُنَّ والطّاءُ نُون
ليت أنّا منَ اللّيالي عَلِمنْا / ما لنا في ضَميرِها مكنون
كلّما عنَّ لي حبيبٌ وَفِيٌّ / عَنَّ من دونهِ زمانٌ خَؤون
قلْ لأحبابيَ الّذين سَبَوْني / فوجودي شَكٌّ ووَجْدي يقين
أنتُمُ والزّمانُ حينَ تخونو / نَ يَفي أو تَفونَ حينَ يخون
عانَدتْنا فيهمْ صروفُ اللّيالي / وفنونٌ من اللّيالي الجُنون
لا تسَلْ أنْ أَقُصَّ ما كان منها / وأجِرْ إنْ أطقْتَ مِمّا يكون
كم تُرجَّي تَعَلُّلاً بالأماني / أنْ سيُقْضَى لصَعْبِه تَهْوين
فيكَ يا دهرُ مُقْعدي ومُقيمي / أمَلٌ جامحٌ وحَظٌّ حَرون
طَرْفيَ الدّهرَ مُقْفِرٌ من وفيٍّ / وفؤادي من حبِّه مَسْكون
قلتُ للبائعي سَفاهاً برُخْصٍ / وهْو لو كان يَفْطُنُ المَغْبون
لا بفِعلٍ تُرضَى ولا بمقَالٍ / هبْكَ زَيْفاً ما فيك أيضاً طَنين
كلُّ هذا وبي من الحبِّ ما بي / يا ابنةَ القومِ والحديثُ شُجون
سأَلَتْني ما لي خَفِيتُ نُحولاً / كيف لي أن يُبِينَ ما لا يَبين
جملةُ الأمرِ أنّني فيكِ مُضْنىً / روحهُ بالمُنى لديكِ رَهين
كنتُ مثْلَ الخيالِ إذ أنا خِلْوٌ / رُبّما تَهْتدي إليّ العُيون
فأنا اليومَ من نُحوليَ مُلْقىً / حيثُ لا تَهْتدي إليّ الظُّنون
وكأنّي للمُلْكِ سِرٌّ يَمينُ الدْ / دِينِ من عِزّه عليه الأمين
مَلَكَ المجْدَ كُلَّه والمعالي / مَنْ له النُّصحُ باللُّها مَقْرون
ناصِرٌ كُلّما انْتضاهُ حُسامٌ / ناصحٌ كُلّما ارتآه مُبِين
يُؤْمَنُ المرءُ ثُمّ يُؤْمَلُ جُوداً / هو ذاك المأمولُ والمَأمون
ظلَّ فوقَ الأحرارِ ظِلاًّ ظليلاً / وهْو دونَ الأسرارِ حِصْنٌ حَصين
ليس يُخْلى ومن يُمْنِ جَدٍّ وجِدٍّ / رأْيُه أو رُواؤه المَيْمون
ليس يُدرَى إذا انْتَدى يومَ فَخْرٍ / فَلْكٌ ما يَضُمُّه أَو عَرين
كُلّما ازدادَ رِفعةً زاد لُطْفاً / والقَنا كلّما تَطولُ تَلين
قلْ لمَنْ أصبحَ الأكابرُ طُرّاً / ولهمْ منه باليَمينِ اليَمين
وإذا أقسمَ الفَتى لا يَراهُ / فَرَقاً منه في يَمينٍ يَمين
بانَ قِدْماً مَحلُّ مجدِك حتّى / لم يَزِدْ في وُضوحهِ التَّبْيِين
وارتضاكَ السُّلطانُ نُصْحاً فأضحَى / من نواصي العُلا لك التَّمكين
وأتاك التَّشْريفُ منه فوافَى / وله أنت زائنٌ ومَزين
خلعَتْ من صُدورِ قومٍ قلوباً / خِلْعةٌ حُسْنُها بيُمْنٍ ضَمين
مَن رأى في البدورِ حتّى رأَيْنا / والمعالي لهنَّ حِينٌ يَحين
مثْلَ بَدْرٍ أوفَى على مَتْنِ ليلٍ / وبصُبْحٍ قد شُقَّ منه الجَبين
ذي حُليٍّ كأنّه حينَ يَجْري / فُلْكُ بحرٍ من عَسْجدٍ مَشْحون
مُمسِكٌ للعِنانِ في الكفِّ منه / مَن بإمساكِ عسجدٍ لا يَدين
عَزَّ مقْدارُ تِبْرِه عند كفِّ / عنْدَها الدَّهْرَ كُلُّ تِبْرٍ يَهون
ومُذالٌ عليه غَيْرُ مُذالٍ / مُذْهَبٌ ساطعُ الشُّعاعِ مَصون
مُعشِبٌ وهْو مُعلَمٌ ببَهارٍ / من رياضٍ تَوشَّحَتْها الحُزون
أَخضرُ اللَّونِ مُكْتَسيهِ كَساهُ / كُسوةً لم يكنْ لها تَكوين
إنّما اخضرَّ حينَ أسبلَ فيه / عارِضٌ واكفُ العَزالى هَتون
عارِضٌ للجيوشِ عارِضُ مُزْنٍ / فمَعاني الجمالِ فيه فُنون
جُنْدُه فوق قَطْرِه حينَ يُحصَى / كَثْرةً إذ يَضُمُّهمْ تَدْوين
سار في موكبِ الجلالةِ والخَلْ / قُ شُخوصٌ عُيونُهمْ لا شَفون
والنّدى من أَمامِه راكبٌ يَحْ / جُبُ والشَّأْوُ في العطاء بَطين
وغلامٌ وراءه في يدَيْه / زَنْدُ بأسٍ للنّارِ فيه كُمون
مَشْرَفيٌّ كأنّما الغِمْدُ منه / بَطْنُ لَيلٍ فيه الصّباحُ جَنين
ومِجَنٌّ شَبيهُ أُفْقِ سَماءٍ / بمَصابيحها لها تَزْيين
وقَرينانِ من رماح طِوالٍ / مثْلما سايرَ القرينَ القرين
بسِنانَيْنِ أغْلفَيْنِ ولكنْ / بهما قَلْبُ مَن قَلاكَ طَعين
في غِشاءيْنِ أَصفَريْنِ صَقيلَيْ / نِ يقولُ المُشاهِدُ المُسْتَبِين
أَورَثا حاسدِيك ما عكَسوهُ / فلثَوْبَيْهما بهِ تَلْوين
رُتَبٌ من عُلاً بدَتْ وهْيَ عُنوا / نٌ ويأتي من بَعْدِه المَضْمون
يا هُماماً فاقَ السّماءَ سُمُوّاً / بعدَ هذا من السَّعادةِ سِين
بِكَ تُزْهَى الأعمالُ لا أنت بالأع / مالِ فالعَيْنُ أَنت وهْيَ الجُفون
ففِداءٌ لراحتَيْكَ الورَى طُرْ / راً جَواداً برُوحِه وضَنين
كعبةٌ أَنت للعَلاءِ وإنْ لَم / تَك في قُربِكَ الصَّفا والحَجون
وكريمٌ من السّماءِ مُعانٌ / وعلى الدّهرِ للعُفاةِ مُعِين
كم طوَتْ ما طَوتْ بيَ الأرضُ حتّى / بَلّغتْني ذُراه حَرْفٌ أَمون
فلقد صُغْتُ من مديح سِواراً / تكْتَسيهِ للدِّينِ مِنكَ يَمينِ
إنّما النّاسُ إصبَعٌ من شِمالٍ / يا أخا المَجْدِ حيثُ أَنت اليَمين
كيف يَبْغي الوُصّافُ وَصْفَكَ حقّاً / وهْو فَوقٌ منَ العَلا وهْيَ دُون
حَسُنَتْ في العُلا صِفاتُك جِدّاً / فهْيَ لا يُبْتَغَى لها التّحْسين
بَلِّغا لي أَبا عليٍّ مَقالاً / وهْو منّي بكلِّ شكرٍ قَمين
أَنّ حُبّي له مدَى الدّهرِ مَفْرو / ضٌ وحُبّي مَعاشراً مَسْنون
كم تَمنَّيْتُ عَودةً لي إليه / والأماني على اللّيالي دُيون
والفتَى عُرْضةً وللدَّهرِ حُكْمٌ / والمُنَى غَفْلةً وللشّيء حِين
يا مَكينَ الملوكِ دَعوةَ مَنْ كا / نَ له عندهُ مَكَانٌ مكين
كُنْ كعَهْدي في الوُدِّ فاليومَ فوقَ ال / عَهْدِ في الجودِ لي بكَ المَظْنون
لك منّي مدَى الزّمانِ ثَناءٌ / كُلُّ دارٍ من نَشْرِه دارِين
أَنت في حَلْبةِ الكرامِ هِجانٌ / حيثُ يُمسي الغَمامُ وهْو هَجين
كُلَّ يومٍ للمُلْكِ ما عِشتَ فيه / معَ ضوء الصّباح فَتْحٌ مُبِين
ففِداءٌ لِما وَطئتَ من الأرْ / ض حسودٌ إذا سُرِرْتَ حزين
مِن فتىً مالُه إذا شاء ذُخراً / في رقاب الورى له مَخْزون
عَصْرُه للوليِّ مِنَنٌ مِنَ اللّ / هِ عليه وللأعادي مَنون
فلْتدُمْ للعلا وللمَجْدِ ما صي / غَتْ لوَرْقاءَ في الغُصونِ لُحون
وأُديرتْ كأسْ النَّسيمِ معَ الصُّبْ / حِ فمالَتْ بالسُّكرِ منها الغُصون
فسِواهُ بالضّادِ والظّاء للحُرْ / رِ ضَنينٌ بماله وظَنين
فإذا أُلجيءَ المُضافُ إليه / فهْو منه بنَصْرهِ التَّمكين